الفصل الثاني
جاء اليوم المشؤوم اليوم الذي سأذهب فيه الى
محكوميتي ،وأغادر منزلنا عروساً.
الجميع يبكي باستثناء عبد العزيز ، لا طقوس للفرح
أبدا ،لاشيء سوى الدموع .
ألبستني أمي ثوبي الأبيض والدموع تنفجر من بين
عينيها،وكأنها تلبسني كفني .
سرحت راما شعري ووضعت لي من أحمر الشفاه
خاصتها.
سراب :هههههه أخشى ان تكرهينه يا راما
راما: كوني متأكدة أنني سأقوم برميه،لا ألوان بعد الآن
سراب : بل أنت الألوان كلها يا عزيزتي إياك أن تفقدي بريقك
فربما يكون مصيرك أجمل ،فقط صلي كثيراً
راما : لمن تتركيني يا سراب أرجوك أن لا تذهبي
سراب :هدى أعظم مما تعتقدين إبقي إلى جوارها لن تدعكِ تضيعين أبداً
راما : ستأتين إلى زيارتنا كثيراً أليس كذلك ؟
سراب : سأفعل، أرجوكِ اعتني بسماح جيداً
حان وقت الوداع حملت سماح بين ذراعي ، دفنت رأسي في شعرها ، أريد أن أحزن رائحتها في رئتي
جاءت تحضنني وهي تهمس في أذني
هدى : ليتك رحلتي
عانقتها بقوة وقلت
سراب:أحبك هدى
والآن دور عناق سميحة ، التي لم تتوقف عن البكاء
أبدًا .
عانقتني عناقاً وكأنه لا عناق بعده وفعلاً كان الأخير.
"أول يوم في بيت الزوجية "
وصلنا منزلنا كان يفترس ملامحي بخبث
يرتدي بدلة بيضاء بقميص أسود وربطة عنق حمراء
كرهت هذه الألوان كثيرا
أمسك بي بدأت أرتجف
هاشم : لما انت خائفة يا حلوتي ؟
التزمت الصمت وانا أنظر للأرض
هاشم : الخجل جميل لكن إياك وأن تطيليه لأنني
سأغضب حينها ولا أنصحك أبدا بإغضاب هاشم .
اقترب مني اكثر بدأت أشتم رائحته الكريهة وبدأ
جسدي يعتصف ، وضع فمه على عنقي ، إعتصفت كل أعضائي وأبعدته عني بقوة ، تفجرت ملامح وجهه
بالغضب صفعني ، ووقعت أرضاً
هاشم : هذا مجرد تحذير فقط إنهضي هيا
لم أنهض وبقيت متسمرة في الأرض وانا أبكي
أمسك بوجهي بقوة ثم صفعه صفعة أخرى ومن ثم ثبت ذراعي على الأرض
وبدأ يأخذ مايريد دون أي رحمة أو شفقة تم اغتصابي .
لم أنم ليلتها ،بقيت في الحمام أحاول تنظيف
جسدي من القذارة التي حلت به إلا أن الماء لم تفي بالغرض لأنني الى الآن أشعر أن قذارته لم تغادر
جسدي .
كان منزله كبيراً وموحشاً جداً لا روح فيه
هاشم كان رجلاً ثرياً ومتزوجاً من صبيحة التي أنجبت
له ثلاثة أبناء وبنت واحدة.
لا أدري إن كان هاشم قد أخبر صبيحة وأولاده بزواجه مني .
إعتاد هاشم أن يضربني كل ليلة ثم يحصل على مايريد ويغط في نومٍ عميق ويتركني أعتصف ألما.
لا أدري كيف سوّلت له نفسه أن يتزوج فتاة بعمر
السابعة عشر وهو قد شارف على الستين ، أليس عنده
ضمير .
بالطبع لا يعرف معناه أساساً .
بدأت الأيام تأكل بعضها البعض ولا شيء يتغير سوى أنني أصبح أكثر تعاسة .
يقضي هاشم يوما عندي ، ويوماً عند زوجته الأولى .
لم أستطع أبدًا أن أتقبله بل كنت ازداد قرفا وكرها له
يلعب القمار كل ليلة لكنه لا يعود خاسرا أبدًا
بعد زواجي منه بثلاثة أشهر جاء مع ضيفه مساء الى
المنزل دخل لعندي وهو يحمل معه أكياسا
هاشم : أخرجي ما في هذا الكيس
فتحته وأخرجت ما بداخله ، كان فستانا أحمر اللون ، بلا أكمام يصل طوله الى الركبة بنقشة سوداء جميلة ، لا يمكنني أن أنكر أن الفستان قد فتنني جماله
هاشم : ها ما رأيك
سراب : إنه جميل
هاشم :إفتحي باقي الأكياس اذا
الكيس الثاني كان بداخله حذاء أسود بقماش مخمليّ وكعب عالي
والكيس الثالث كان يحوي على مساحيق التجميل مع عطر برائحة فاتنة .
سراب : هل هذه الأشياء لي ؟
هاشم : نعم كلها لك انت ، هل أحببتها ؟
سراب : نعم أحببتها جداً
هاشم : اذا إرتديها والحقيني الى الأسفل .
سراب : أين تقصد الى الأسفل ؟
هاشم :إرتدي هذا الفستان الجميل وضعي المساحيق على وجهك الفاتن واتبعيني سأعرفك على شريكي
الجديد .
سراب : بهذه الملابس مستحيل !
هاشم : لا يرفض لهاشم طلب يا سراب أحذرك.
سراب : لن أخرج أمام ضيفك بهذه الملابس
المكشوفة ألا تغار!؟
هاشم : ههههه سأكون معك فلما أغار ؟
سراب : هاشم هل جننت ؟ لن أرتديه أبدا
امسك برأسي بقوة
هاشم هذا الضيف مهم للغاية وأريده أن يعود إليّ
دائما
سترتديه وتلاطفيه أيضاً
شعرت أن هواء الغرفة انتهى ،وأصبح كل شيء يدور
من حولي ،لم أعد أميز إن كان الذي سمعته مجرد
هوالس أم أنه حقيقة
سقطت أرضا، فلم أعد أقوى على حمل جسدي .
إقترب مني وقال بصوت جديّ للغاية:
هاشم :معك نصف ساعة فقط لتكوني جاهزة، واذ لم تفعلي يا سراب ستكون ليلتك الأخير .
ثم خرج من الغرفة وطرق الباب بقسوة
بدأت أضحك بقوة لم أعد أستطيع السيطرة على
نفسي ثم بدأت البكاء وأنا أطرق رأسي أرضاً ، نظرت
إلى عقارب الساعة أمامي إنها ثلاثون دقيقة فقط
عليّ أن أفعل شيئا ،إستجمعت قواي ونهضت ، أعدت أغراضه إلى أكياسها ورميتها خارج الغرفة ثم أغلقت
الباب بإحكام وأقفلته ثلاث مرات .
دخلت إلى الحمام توضأت إرتديت ملابس الصلاة
وبدأت أصلي ناسية العالم الخارجي .
شعرت بخبطات قوية على الباب ،لكنني لم أكترث
شعرت بملامحه تشتاظ غضبا ، كان يصرخ ويتوعد
ليخيفني ،إلا أنني كنت أصلي فحسب.
أمضيت ليلتي في الغرفة دون أخرج أبدًا
وأمضى هيثم ليلته وهو يطرق الباب ويصرخ
في الساعة الرابعة فجراً سمعت باب المنزل أغلق
بشدة
خرج هاشم من المنزل يائسا غاضبا بعد أن باءت خطته في الفشل .
تنفست الصعداء ثم رحت في نوم عميق
استيقظت وكنت قد عزمت أمري أنني مغادرة هذا
المنزل القذر وعائدة الى منزلنا مهما كان الظلم
الذي سأتعرض له من طرف أبي ألا أنه يبقى أرحم من القذارة .
لكن المشكلة أن منزلنا بعيد جداً عني ويحتاج سفراً
لمدة ساعات وأنا لا أملك النقود للسفر .
أمسكت الهاتف وأنا أحاول استذكار رقم والدي
أسعفتني ذاكرتي أخيراً وطلبت الرقم
عبدالعزيز : الو
سراب :هذه انا سراب يا أبي كيف حالك
عبدالعزيز باستغراب : سراب ؟ ما الأمر لما تتصلين
سراب :يجب أن تأتي لتأخذني حينها سأخبرك بكل
شيء
عبد العزيز بغضب: هل جننتي؟
سراب : أبي هناك أمر خطير عليك أن تعرفه
عبدالعزيز بإنفعال : مهما كانت خطورته لا منزل لك
إلا منزل هاشم بعد الآن ،تذكري ذلك جيداً يا سراب
سراب : لكن يا أبي هاشم يريدني أن أعرف رجالا غيره
أغلق عبد العزيز الهاتف ليجعل من سراب أشلاء
من يحوي المرء إن خذلته عائلته ؟ من يسعفه ؟ من يحميه ؟
سأحميني أنا سراب عائلة نفسي من الآن يتوجب عليّ
أن أخرج الى الدنيا عليّ أن أتعرف على كل الطرق ،
على كل الوسائل التي قد تنقذ سراب من الوحل .
في مساء اليوم جاء هاشم الى المنزل
كنت مستلقية على الأريكة أمام التلفاز لم أتحرك من مكاني ولم أعطيه أيّ انتباه .
هاشم :أيتها السافلة من تظنين نفسك ؟
لم أجبه كأنني لم أسمعه
إستفزه هدوئي فركض نحوي وأمسك عنقي بقوة
وبدء يخنقني وهو يكزّ أسنانه، قاطباً جبينيه بلؤم
كان منظره مقرفاً للغاية
بدأت أختنق وبدء الأكسجين ينفذ من جسدي أردت
ذلك بشدة ، أردت أن ينهيني ، لكنه توقف وقال
هاشم: صدقيني يا سراب لن أرحمك في المرة القادمة لن أتردد في قتلك
سراب :اذا اقتلني من الآن لن أطيعك أبدًا
صفعني بقوة
هاشم : إن أطعتني ستتغير حياتك تماماً ستصبحين
أميرة يا سراب ستحسدك كل الفتيات على حياتك
إنفجرت ضاحكة وقلت :
لا أحب أن يحسدني أحد ميؤوس مني لا تحاول
أصبحت حياتي مع هاشم مشحونة بالتوتر
يأتي غاضباً ويخرج غاضباً لم ييأس من المحاولة في
إقناعي كل يوم .
وكنت دائما ثابتة لا أتزحزح.
كان يأتي في الأسبوع إليّ ثلاثة أيام يمضين كأنهن
ثلاثة قرون ، حفظت مواعيد قدومه تماماً ، حفظت
أيامه وساعاته .
في أحد الأيام إستجمعت شجاعتي وارتديت ملابسي وخرجت
اه يا الهي لقد شعرت بأشعة الشمس تتسرب الى
جسدي لقد مضى وقت طويل منذ آخر مرة خرجت بها من المنزل ربما خمسة أشهر أو ستة لم أعد أذكر ،أو
لنقل لم أعد أحسب الأيام
كانت السماء صافية للغاية ولم يكن يعكر صفوها
أيّ سحابة .
كنت أمشي بلا وجهة أتحسس الأماكن من حولي
محلات في كل مكان هنا للأحذية وهنا ألبسة ساحرة ، وهنا مأكولات ،وهناك آخر الرصيف مكتبة ضخمة
وعلى مقربة من شارع منزل هاشم جذبني متجر كبير كتب على بابه ( هنا سبيلك للتغير مع إنجي لا شيء
مستحيل )
جذبني ما كتب كثيرا ماذا تقصد بالتغير ؟ ومن إنجي ؟
لافتة المكان تحوي على صور فتيات فاتنات الجمال بقصات شعر جميلة للغاية وألوان زاهية وفاتنة .
ساقتني قدماي دون أن أشعر وكأنه مغناطيس فتحت الباب ودخلت
كان ساحرا للغاية صالون كبير مطليٌ باللون الوردي كل شيء من حولي وردي مرايا في كل مكان وأدوات كثيرة
تقدمت نحوي فتاة ترتدي تنورة قصيرة وقميص أبيض طويلة القامة كانت تبدو أنيقة جدا
سيلين: تفضلي كيف يمكنني مساعدتك يا آنسة
سراب بتلكؤ: اه انا أسفة ربما دخلت بالخطأ الى هنا
سيلين : ها حسنا
سراب :لكن هل بإمكاني أن أعرف هذا المكان ماذا
بالضبط
ضحكت سيلين وقالت باستغراب :
أحقاً لا تعرفين ؟أليس واضحاً إنه صالون للتجميل
سراب :تجميل ؟
سيلين :انت لست من المنطقة أليس كذلك
سراب :نعم انا لست من هنا لكن إن كنت لا تمانعين هل بإمكانني الدخول لأشاهد أكثر
سيلين :بالطبع تفضلي
النساء في كل مكان.
تجلس هناك واحدة تسبل شعرها وواحدة تصبغ لونه وأخرى تقصه
أعجبني المكان كثيرا
كانت مرتي الأولى في رؤية صالون التجميل
سيلين :هل أعجبك المكان ؟
سراب :نعم كثيراً هل هو لك ؟
سيلين ضاحكة : لا إنني أعمل هنا
سراب :وفي ماذا تعملين ؟
سيلين : في كل شيء ،القص ،الصبغة
تسريح العرائس ،المكياج والخ..
سراب : وكيف تعرفين كل هذا
سيلين :ههه لقد تعلمته ماذا تحبين أن أغير فيك ؟ ما رأيك بلون جميل على شعرك ؟
سراب :لا شكراً لك ، ربما في وقت آخر
جاء صوت أنثوي من الوراء :
سيلين ماذا تفعلين ؟
إلتفت كانت إمرأة في الأربعين أنيقة للغاية ، كانت
تبدو قوية ثابتة ،تملك نظرة ساحرة ،شعرها قصير
ومرتب متوسطة القامة بجسد أنثوي ممتلئ وقع
حبها في قلبي من أول نظرة لا أدري لما لكنني
فحسب أحببت أن أبقى أنظر إليها.
سيلين : مدام إنجي إنني أعرف الآنسة هنا على
المكان إنها جديدة على هذه المنطقة
إنجي : أهلا بك يا صغيرة ،سيلين إتبعيني لدينا عمل
سيلين : سأعتذر منك الآن .
مضت إنجي وخلفها سيلين لا أدري من أين خرج هذا
الصوت من داخلي وكيف خرج إلا أنني صرخت
سراب :مدام إنجي هل يمكن أن تغيريني ؟
إلتفتت نحوي مبتسمة : أيّ نوع من التغير؟
سراب :إجعليني قوية
نظرت إلي إنجي بإندهاش ثم قالت : كم عمرك ؟
سراب : لست متأكدة لكن أعتقد أنني بدأت في الثامنة عشر حديثاً
إنجي :إتبعيني إلى مكتبي
دخلنا مكتب إنجي الأنيق جداً
إنجي : ماهي قصتك
سراب :لا قصة لديّ ،أريد أن أصنعها الآن
إنجي :مشكلتك أنك تنتقين كلماتك بذكاء وأنا أحب
الاذكياء ،ستغيرك أنجي.
سراب :حقاً هل ستعلميني مثل سيلين؟
إنجي:ربما تصبحين افضل
عدت الى المنزل ارقص من الفرح لا أصدق أنني سأبدء شيئا لمستقبلي
لكن سرعان ما بدء الخوف يسيطر علي
ماذا ان كشفني هاشم ؟ماذا ان اتى يوما في غير
موعده
سراااب إهدئي لا تفكري بسواد
لا تهتميّ إلى أين سيقُودك الطريق ، بل ركّزي على
الخطوة الأولى ، فهي أصعب خطُوة يجب أن تتحملي مسؤوليتها ، وما إن تتخذي تِلك الخطوة دعي كل
شيء يجري بشكل طبيعي ، وسيأتي ما تبقَى مِن تلقاء نفسه ، لا تسيري مع التيَار ، بل كُوني
أنتِ التيار."
إستيقظت صباحاً قمت بتنظيف المنزل
حضرت الطعام قبل قدوم هاشم
دخل كعادته عابسا
تناول طعامه وهو يرمقني بنظرات غريبة
هاشم : لما تبدين هادئة للغاية اليوم ؟
سراب : لا شيء لكن ليس من المعقول أن نبقى
نتشاجر
هاشم: هل أفهم انك ستوافقين على عرضي
سراب : بالطبع لا
هاشم : بلهاء غبية اسبقيني الى غرفة النوم
انتهى يومي معه لم أصدق أخيرا سيأتي غدا لأذهب
الى إنجي
نهضت نشيطة متحمسة تناولت فطوري وارتديت
فستانا أسود اللون بأكمام مزهرة جميلة دخلت
الصالون وتوجهت لمكتب إنجي لكنني لم أجدها
سيلين : لم تأتي بعد لا تزال الساعة التاسعة
سراب : متى تأتي ؟
سيلين : في الساعة العاشرة
سيلين كانت تبدو غاضبة ومنزعجة ليست كما أول
مرة رأيتها بها
جلست أنتظر قدوم إنجي بفارغ الصبر حتى أتت
إنجي : اهلا سراب دعيني بداية أعرفك على العاملين في المكان ،إتبعيني
انجي : هذه لمياء عمرها خمس وعشرون هي عندنا
منذ خمس سنوات وهي مسؤولة عن قسم الألوان
بالكامل
لمياء فتاة سمينة بعض الشيء قصيرة القامة عيناها صغيرتان مستديرتان لم ترحني ملامح وجهها
لمياء : اهلا بك
سراب : شكراً
إنجي : هذه رنا عمرها عشرون عاما مسؤولة عن قسم
التصفيف وهي هنا منذ عامين
رنا : سأكون سعيدة بوجودك بيننا
سراب : أشكرك
إنجي : وهذه سيلين وقد تعرفت عليها سابقا وهي
مسؤولة عن قسم العرائس
يا فتيات هذه سراب ستنضم إلينا أرجوا أن تكنّ
لطيفات معها
رنا خذي سراب وعلميها على أماكن أدواتنا وأماكنها.
رنا: حاضر
بدأت الألوان تدخل الى حياتي أربعة أيام أقضيها في
المركز كأنها ثوانٍ
كنت أركز بكل حواسي على العمل أردت أن أتعلم
بسرعة قالت لي إنجي أن إستيعابي قوي وذهني
قابل للتعلم
كنت اشتاق سميحة وأخواتي كثيرا
اشتاق صغيرتي سماح اشتاق رائحتها وجمالها
اشتاق لراما ولحظاتنا معا
اشتاق لدفء شيماء ومشاغبة هدى
اشتاق لسميحة ووجباتها
كم اشتقت اليك يا امي إشتقت للسلام الذي تهديني إياه
طلبت من هاشم أن يأخذني لزيارتهم
لكنه رفض رفضا قاطعاً قائلا :
هاشم : لا عائلة لك ولا منزل إلا هذا المنزل ، لا تحلمي بزيارتهم أبدا إلا اذا اصبحتي مطيعة .
فقدت الأمل من زيارتهم إلا أنني كنت أرسم لشيئ آخر بعيد المدى في ذهني .
لحظاتي التعيسة مع هاشم لا يمكن وصفها أبداً
لا أعرف كيف أصبر نفسي لقضاء الليالي معه إلا أنه
كان يتوجب علي أن أصمد فلا حل لديّ .
أما عن أيامي الجديدة في المركز فكانت سعادتي
تزداد كلما تعلمت شيئا جديداً
لكن علاقتي مع الفتيات لم تكن جيدة لا أدري لماذا لم يتقبلوني أو أن إحداهن قد أمرتهن بذلك وعلى
الأغلب إنها سيلين.
سراب : هل يمكنني أن أسالك شيئا ؟
سيلين : لا
سراب :لما كل هذا الجفاء ؟
سيلين : قلت لا ،أي لا تسألي
سراب : أنا أريدك صديقة
سيلين: وأنا لا أريد هل يمكن ان تنتبهي لعملك
وتتركيني أركز في عملي
سراب : ما هو خطأي ؟
سيلين : لأنك متنمقة وانا لا أحب التنمق هل ارتحتي
الآن ؟
سراب :تنمق!؟ ماذا يعني ؟
قطبت حاجبيها بتأفف ومضت بعيدا عني
دخلت إلى غرفة استراحتنا وفوجئت بوجود رنا جالسة تضم ركبتيها إليها وهي تبكي
هرعت إليها
سراب : رنا مابك؟هل انت بخير ؟
رنا : أرجوكِ غادري
سراب : لماذا تبكين ؟
رنا : قلت غادري
دخلت سيلين مسرعة
سيلين : سراب غادري واتركينا وحدنا
خرجت من الغرفة اغلقت الباب خلفي لكن فضولي
منعني من أن ابتعد اقتربت من الباب استرق السمع
سيلين: بكاؤك هذا يجلب الفضيحة
رنا : انت من فعلت هذا بي لن اسامحك
سيلين: حقاً ؟ ألم تكوني بالغة راشدة أتحمليني
المسؤولية الآن؟
رنا:لقد دمرتي حياتي
سيلين : مازلتي تحمليني المسؤولية
توقفي عن البكاء سيفضح أمرك اخرسي
ابتعدت عن الباب وانا قلقة للغاية من الذي يحصل
يا ترى ما الذي حصل مع رنا وبماذا ورطتها سيلين ؟
بدأت إنجي تنادينا
انجي : يافتيات اين انتن؟
سراب :نعم سيدة انجي
انجي : الصالون ممتلئ بالزبائن أين الفتيات
سراب : لا أدري بماذا يمكنني المساعدة
انجي :اتبعيني
من بعد ذلك اليوم غابت رنا عن المركز لاكثر من
اسبوعين دون أن تخبر أحد
كنت قلقة للغاية فآخر مرة رأيتها بها لم تكن بخير
أبدا
أخبرتنا إنجي أنها ستذهب للسؤال عنها
وعندما عادت كان لونها مخطوفاً دخلت دون أن
تنطق بأي كلمة تبعتها للمكتب
سراب : سيدة إنجي ما هي أخبار رنا ؟
إنجي : سراب اذهبي للعمل
سراب :ارجوك اخبريني
إنجي : يا فتيااااات رنا ماتت
سراب : ماذا!؟
إنجي : لقد فارقت الحياة منذ أسبوع سكتة قلبية هذا ما قالته عائلتها
وقع هذا الخبر عليّ كالصاعقة لم اصدق ما سمعته
كيف ؟سكتة قلبية ؟ لا أصدق
انا متأكدة ان سيلين وحدها من تعرف الحقيقة .
انقلب المركز رأسا على عقب أغلقت انجي المركز
أسبوعا كاملا حدادا من أجل رنا
وبعد عودتنا أبدًا لم نعد كما نحن لذلك
اضطرت إنجي لإحضار المزيد من الفتيات
انضمت إلينا رؤى وجميلة أختان جميلتان علاقتهما
معا تذكرني كثيرا بعلاقتي مع راما وشيماء كانا
منسجمتان للغاية كلما رأيتهما معا كلما اشتقت
لأخواتي
بدأت أجني المال من عملي أخيرا كان مبلغا زهيدا
إلا أنني كنت سعيدة
مضى على انتسابي لهذا المكان ستة أشهر والى الآن لم يكشف هاشم أمري
تعلمت كل شيء تقريبا وإنجي بدت واثقة بي جدا
كونت صداقة رائعة مع رؤى وجميلة لكنني ابدا لم
أخبر تفاصيل حياتي لأحد .
في أحد الأيام استيقظت كعادتي للتجهز للذهاب الى المركز تناولت فطوري وبدأت أرتدي ملابسي شعرت بقفل الباب يفتح ، تملكني الخوف إنه ليس موعد
هاشم سمعت صوته من الأسفل يناديني
عدت لملابس المنزل سريعا ونزلت اليه
سراب : اهلا
هاشم : احزمي ملابسك سنذهب
سراب :الى أين ؟
هاشم :سنغادر المكان
سراب : نغادر ؟ الى أين ؟
هاشم : لا تسألي كثيرا
سراب :يجب أن تخبرني يا هاشم
صرخ بأعلى صوته
هاشم :اذهبي واحزمي اغراضك دون نقاش
حزمت أغراضي والقلق ينتابني
خرجنا على الطريق السريع حتى وصلنا الى منزل كبير
دخلنا كان منزلنا انيقاً بأثاث فخم والوان جميلة
دخلنا الى الصالون قدمت إلينا إمرأة في الخمسين من عمرها
هاشم : حضرت سيدة الجميع
رمقته بنظرة استياء ثم بدأت تنظر إلي بتمعن
صبيحة : اذا هذه هي
هاشم :اعتبريها جهلة مسن يا عزيزتي صدقيني انا
نادم للغاية
صبيحة بسخرية : ألا ترى أنها كبيرة عليك
هاشم :اعتبريها صدقة والدها كان سيرميها في
الشارع لو لم أحسن إليهم
سراب :يرمي من ؟يرميني أنا
انت من كنت سترمينا في الشارع لو لم أتزوجك
هاشم : سراب اخرسي
صبيحة : دعها تتكلم يا هاشم لا نجهل فصولك أبدا
هاشم : صدقيني يا عزيرتي انا ل…..
صبيحة مقاطعة اياه : لا تتكلم يا هاشم
يا هناء تعالي خذي سراب الى الاعلى
صعدت مع مدبرة المنزل هناء وأدخلتني الى غرفة
تحوي على سرير وخزانة
هناء : هذه غرفة الضيوف المسافرين لدينا يمكنك ان ترتاحي فيها
سراب : هل السيدة في الأسفل هي زوجة هاشم
هناء : نعم إنها السيدة صبيحة
سراب : ألم تكن تعلم سابقا بزواجه مني ؟
هناء : لا لقد علمت حديثا ، علي أن أخرجك اذا احتجتي لشيء نادني
سراب : شكرا لك
غادرت هناء وبقيت مع أفكاري مالذي سيحدث الآن ؟ هل سيطلقني هاشم ؟
أم سيتركني ؟ ربما سأعود لمنزل أبي هل سأكون
سعيدة حينها ؟ يا الهي أردت العودة لكن ليس الآن لم أحقق شيئا بعد
غلبني النعاس فنمت دون أن أشعر
استيقظت على صوت صبيحة
صبيحة:استيقظي علينا أن نتكلم
نهضت سريعا وجلست امامها
سراب : تفضلي
صبيحة : هل تريدين الطلاق؟
سراب : ها؟
صبيحة:أتريدين الطلاق من هاشم ؟
سراب : نعم أريده
صبيحة:لكنك ستعودين للرجل الذي باعك وربما
يعاود بيعك في رهان آخر
جرحني ما قالته كثيراً لذلك لم أستطع أن أتفوه بأي كلمة
صبيحة : انا أعرف الكثير يا سراب يظن هاشم انني
غافلة عن أعماله إلا أنني أعرف ما يفعل من أصغر
تفصيل إلى أكبره حتى أنني أعرف أنه أراد استغلالك
قلت باستغراب: من أين عرفتي ؟
صبيحة:لايهم المهم أنك حافظتي على نفسك
سراب: حسناً لقد أخبرك هاشم
صبيحة :وهل تظنينه أخبرني عن إنجي أيضا؟
سراب بصدمة:كيف عرفتي ؟
صبيحة:قلت لك صبيحة تعرف كل شيء
سأتركك تفكري ليوم كامل ما اذا كنت تريدين العودة الى أبيك أو البقاء هنا
سراب :أريد العودة
صبيحة :لو كنت مكانك لما عدت وانا ضعيفة ليتم
أكلي مجدداً لكنت جربت طريقاً آخر فكري جيدا
يا سراب.
خرجت صبيحة وبقيت مع أفكاري مشتتة
شعرت أنني وحدي تماماً، وكأنني آخر من بقي حياً على وجه الأرض. لا أستطيع وصف شعور الوحدة
التامة هذه. أردت فقط أن أتبخّر في الجو وألّا أفكر
في أي شيء.
لم أنم ليلتها وأنا أفكر في قراري
وأفكر في كلام صبيحة وما قالته كيف علمت بإنجي ولكن الأهم من ذلك صبيحة ماذا تريد مني ؟
أتى الصباح أخيرا وأتت معه هناء لتخبرني أن أنزل الى الفطار
نزلت لطاولة الفطار
كانت تجلس صبيحة على رأس الطاولة وبجانبها
يجلس ثلاثة شباب
سراب : صباح الخير
صبيحة : أهلا سراب تفضلي هذه سراب
وهذا رائد ابني الكبير وهذا جمال وهذا ثائر
كانوا يرمقوني بنظرة قرف وكأنهم يحملوني
مسؤولية زواج أبيهم لم أستطع تناول الطعام بسبب نظراتهم إستأذنت الصعود
صبيحة : سراب ابقي علينا أن نتحدث
سراب : سأنتظرك في الغرفة في الأعلى
صبيحة:حسنا سألحق بك
صعدت الى الغرفة انتظرها وكنت قد اتخذت قراري
دخلت صبيحة بعد دقائق
صبيحة : ها يا سراب ماذا قررتي
سراب :أريد الطلاق من هاشم لا يمكنني أن أبقى
زوجته
صبيحة :اذا تريدين العودة الى عائلتك؟
وهل تعتقدين أن والدك سيقبل عودتك؟
التزمت الصمت ثم قلت :
سراب :أنت بالضبط ماذا تريدين مني ؟
صبيحة : اممم يبدو أنك ذكية سأعرض عليك عرضاً
يخدمك ويخدمني
سراب :إنني أسمعك
صبيحة:عليك أولا أن تبقي زوجة هاشم
سراب :مستحيل
صبيحة :اسمعيني للآخر ستبقين لمدة وجيزة فقط
لتنفيذ مهمة
سراب : مهمة !؟ أي مهمة ؟
صبيحة : أرجوك أن تسمعيني للآخر دون أن تقاطعيني
سراب : حسنا
صبيحة :هاشم قبل زواجه مني لم يكن يمتلك فلساً
واحداً وكنت أنا من عائلة ثرية .
تزوجنا وقمت بمساعدته ،وتأمينه على أموالي ليعمل بها ،على شرط أن يبقى كل شيء مسجلا باسمي .
في كل مرة كان يحاول أن يلعب من ورائي كنت أعيد
الأمور إلى نصابها
لكنني في الآونة الأخيرة ، أشعر أن هاشم يلعب لعبة كبيرة من ورائي وعليك أنت اكتشافها.
سراب :وكيف ذلك؟
صبيحة:وحدك من يستطيع ذلك
فقدت مؤخرا أوراق شركة التصدير وانا متأكدة ان
هاشم من أخفاها انه يخطط لأمر كبير من ورائي
ساعديني لأساعدك
سراب : اكملي الطرف الذي ينفعني
صبيحة :إن أنهيتي المهمة بنجاح ،سأعطيك مبلغاً
تعيشين به باستقلالية بالاضافة الى حريتك من هاشم وبهذا يمكنك أن تعيشي دون سيطرة أي احد .
فكرت قليلا في كلامها بذلك يمكنني إنقاذ أخواتي وأمي من هيمنة عبد العزيز وأضمن لنفسي حياة دون
أي ظلم أو سيطرة
سراب : انا موافقة ،أخبريني بالذي علي فعله
أنهت صباح حديثها معي وخرجت
فكرت مليّا بالذي قالتله ، لن أجعل الخوف يسيطر
عليّ أبداً ،حتى لو اتسخت قليلاً ،لا بأس بقليل من
التضحية من أجل الجميع ،سأتذكر دائما أن مسؤولية
راما وسماح وهدى على عاتقي لن أسمح ابدا أن يمروا بالذي مررت به .
جاء هاشم مساءاً لعندي دخل الغرفة وقد بدت على ملامح وجهه علامات الإمتعاض والانزعاج جلس
أمامي وهو ينظر إليّ نظرات غريبة ثم قال :
هاشم : أريد أن أخبرك شيئاً
سراب :ماذا هناك ؟
هاشم : سأطلقك
سراب :تطلقني ؟ لماذا ؟
هاشم : ألم تريدي العودة لعائلتك سأعيدك
سراب : لكنني لا أريد الطلاق منك
هاشم وقد بدت عليه علامات الاستغراب
هاشم: كم مرة أخبرتني أنك أرغمتي على الزواج مني وأنك تكرهينني مالذي تغير الآن؟
سراب :صحيح لقد أرغمت ،لكنني لا أريد العودة ،انا
مرتاحة معك .
هاشم : لا فائدة من هذا الكلام الآن ،لأنني لم أعد
أريدك ولست مرتاحاً معك ابدا .
سراب : أرجوك ،لا تطلقني سأفعل كل ما تريد .
فتح عينيه على وسعهما وقال :
هاشم : كل شيء !دون استثناء؟!
سراب: كل شيء
هاشم : حسناً أمهليني بعض الوقت لأفكر
خرج من الغرفة وقد بدا على ملامح وجهه الرضا
علمت أنه ذاهب لإقناع صبيحة ،وخطة صبيحة تمشي تماما كما خطط لها .
"في غرفة صبيحة "
بعد ساعة كاملة من محاولة هاشم في إقناع صبيحة
هاشم : أرجوك يا صبيحة كما قلت لك هي مسكينة ،والدها ظالم للغاية إن عادت ربما يقوم برميها في
الشارع هل سيكون ضميرك مرتاحاً؟
صبيحة : امم سأوافق ولكن بشرط
هاشم : قولي يا حبيبتي
صبيحة : أن تبقوا أمام عيني
هاشم : هل تريديني أن أسكنها معك ؟!
صبيحة : نعم
هاشم : كما تريدين يا سيدة النساء
خرج هاشم من الغرفة ويعلوا وجهه ملامح الانتصار
والخبث
تنهدت صبيحة وهي تتوعد له بكل خير .
فما حضرته له صبيحة عظيم للغاية.
محكوميتي ،وأغادر منزلنا عروساً.
الجميع يبكي باستثناء عبد العزيز ، لا طقوس للفرح
أبدا ،لاشيء سوى الدموع .
ألبستني أمي ثوبي الأبيض والدموع تنفجر من بين
عينيها،وكأنها تلبسني كفني .
سرحت راما شعري ووضعت لي من أحمر الشفاه
خاصتها.
سراب :هههههه أخشى ان تكرهينه يا راما
راما: كوني متأكدة أنني سأقوم برميه،لا ألوان بعد الآن
سراب : بل أنت الألوان كلها يا عزيزتي إياك أن تفقدي بريقك
فربما يكون مصيرك أجمل ،فقط صلي كثيراً
راما : لمن تتركيني يا سراب أرجوك أن لا تذهبي
سراب :هدى أعظم مما تعتقدين إبقي إلى جوارها لن تدعكِ تضيعين أبداً
راما : ستأتين إلى زيارتنا كثيراً أليس كذلك ؟
سراب : سأفعل، أرجوكِ اعتني بسماح جيداً
حان وقت الوداع حملت سماح بين ذراعي ، دفنت رأسي في شعرها ، أريد أن أحزن رائحتها في رئتي
جاءت تحضنني وهي تهمس في أذني
هدى : ليتك رحلتي
عانقتها بقوة وقلت
سراب:أحبك هدى
والآن دور عناق سميحة ، التي لم تتوقف عن البكاء
أبدًا .
عانقتني عناقاً وكأنه لا عناق بعده وفعلاً كان الأخير.
"أول يوم في بيت الزوجية "
وصلنا منزلنا كان يفترس ملامحي بخبث
يرتدي بدلة بيضاء بقميص أسود وربطة عنق حمراء
كرهت هذه الألوان كثيرا
أمسك بي بدأت أرتجف
هاشم : لما انت خائفة يا حلوتي ؟
التزمت الصمت وانا أنظر للأرض
هاشم : الخجل جميل لكن إياك وأن تطيليه لأنني
سأغضب حينها ولا أنصحك أبدا بإغضاب هاشم .
اقترب مني اكثر بدأت أشتم رائحته الكريهة وبدأ
جسدي يعتصف ، وضع فمه على عنقي ، إعتصفت كل أعضائي وأبعدته عني بقوة ، تفجرت ملامح وجهه
بالغضب صفعني ، ووقعت أرضاً
هاشم : هذا مجرد تحذير فقط إنهضي هيا
لم أنهض وبقيت متسمرة في الأرض وانا أبكي
أمسك بوجهي بقوة ثم صفعه صفعة أخرى ومن ثم ثبت ذراعي على الأرض
وبدأ يأخذ مايريد دون أي رحمة أو شفقة تم اغتصابي .
لم أنم ليلتها ،بقيت في الحمام أحاول تنظيف
جسدي من القذارة التي حلت به إلا أن الماء لم تفي بالغرض لأنني الى الآن أشعر أن قذارته لم تغادر
جسدي .
كان منزله كبيراً وموحشاً جداً لا روح فيه
هاشم كان رجلاً ثرياً ومتزوجاً من صبيحة التي أنجبت
له ثلاثة أبناء وبنت واحدة.
لا أدري إن كان هاشم قد أخبر صبيحة وأولاده بزواجه مني .
إعتاد هاشم أن يضربني كل ليلة ثم يحصل على مايريد ويغط في نومٍ عميق ويتركني أعتصف ألما.
لا أدري كيف سوّلت له نفسه أن يتزوج فتاة بعمر
السابعة عشر وهو قد شارف على الستين ، أليس عنده
ضمير .
بالطبع لا يعرف معناه أساساً .
بدأت الأيام تأكل بعضها البعض ولا شيء يتغير سوى أنني أصبح أكثر تعاسة .
يقضي هاشم يوما عندي ، ويوماً عند زوجته الأولى .
لم أستطع أبدًا أن أتقبله بل كنت ازداد قرفا وكرها له
يلعب القمار كل ليلة لكنه لا يعود خاسرا أبدًا
بعد زواجي منه بثلاثة أشهر جاء مع ضيفه مساء الى
المنزل دخل لعندي وهو يحمل معه أكياسا
هاشم : أخرجي ما في هذا الكيس
فتحته وأخرجت ما بداخله ، كان فستانا أحمر اللون ، بلا أكمام يصل طوله الى الركبة بنقشة سوداء جميلة ، لا يمكنني أن أنكر أن الفستان قد فتنني جماله
هاشم : ها ما رأيك
سراب : إنه جميل
هاشم :إفتحي باقي الأكياس اذا
الكيس الثاني كان بداخله حذاء أسود بقماش مخمليّ وكعب عالي
والكيس الثالث كان يحوي على مساحيق التجميل مع عطر برائحة فاتنة .
سراب : هل هذه الأشياء لي ؟
هاشم : نعم كلها لك انت ، هل أحببتها ؟
سراب : نعم أحببتها جداً
هاشم : اذا إرتديها والحقيني الى الأسفل .
سراب : أين تقصد الى الأسفل ؟
هاشم :إرتدي هذا الفستان الجميل وضعي المساحيق على وجهك الفاتن واتبعيني سأعرفك على شريكي
الجديد .
سراب : بهذه الملابس مستحيل !
هاشم : لا يرفض لهاشم طلب يا سراب أحذرك.
سراب : لن أخرج أمام ضيفك بهذه الملابس
المكشوفة ألا تغار!؟
هاشم : ههههه سأكون معك فلما أغار ؟
سراب : هاشم هل جننت ؟ لن أرتديه أبدا
امسك برأسي بقوة
هاشم هذا الضيف مهم للغاية وأريده أن يعود إليّ
دائما
سترتديه وتلاطفيه أيضاً
شعرت أن هواء الغرفة انتهى ،وأصبح كل شيء يدور
من حولي ،لم أعد أميز إن كان الذي سمعته مجرد
هوالس أم أنه حقيقة
سقطت أرضا، فلم أعد أقوى على حمل جسدي .
إقترب مني وقال بصوت جديّ للغاية:
هاشم :معك نصف ساعة فقط لتكوني جاهزة، واذ لم تفعلي يا سراب ستكون ليلتك الأخير .
ثم خرج من الغرفة وطرق الباب بقسوة
بدأت أضحك بقوة لم أعد أستطيع السيطرة على
نفسي ثم بدأت البكاء وأنا أطرق رأسي أرضاً ، نظرت
إلى عقارب الساعة أمامي إنها ثلاثون دقيقة فقط
عليّ أن أفعل شيئا ،إستجمعت قواي ونهضت ، أعدت أغراضه إلى أكياسها ورميتها خارج الغرفة ثم أغلقت
الباب بإحكام وأقفلته ثلاث مرات .
دخلت إلى الحمام توضأت إرتديت ملابس الصلاة
وبدأت أصلي ناسية العالم الخارجي .
شعرت بخبطات قوية على الباب ،لكنني لم أكترث
شعرت بملامحه تشتاظ غضبا ، كان يصرخ ويتوعد
ليخيفني ،إلا أنني كنت أصلي فحسب.
أمضيت ليلتي في الغرفة دون أخرج أبدًا
وأمضى هيثم ليلته وهو يطرق الباب ويصرخ
في الساعة الرابعة فجراً سمعت باب المنزل أغلق
بشدة
خرج هاشم من المنزل يائسا غاضبا بعد أن باءت خطته في الفشل .
تنفست الصعداء ثم رحت في نوم عميق
استيقظت وكنت قد عزمت أمري أنني مغادرة هذا
المنزل القذر وعائدة الى منزلنا مهما كان الظلم
الذي سأتعرض له من طرف أبي ألا أنه يبقى أرحم من القذارة .
لكن المشكلة أن منزلنا بعيد جداً عني ويحتاج سفراً
لمدة ساعات وأنا لا أملك النقود للسفر .
أمسكت الهاتف وأنا أحاول استذكار رقم والدي
أسعفتني ذاكرتي أخيراً وطلبت الرقم
عبدالعزيز : الو
سراب :هذه انا سراب يا أبي كيف حالك
عبدالعزيز باستغراب : سراب ؟ ما الأمر لما تتصلين
سراب :يجب أن تأتي لتأخذني حينها سأخبرك بكل
شيء
عبد العزيز بغضب: هل جننتي؟
سراب : أبي هناك أمر خطير عليك أن تعرفه
عبدالعزيز بإنفعال : مهما كانت خطورته لا منزل لك
إلا منزل هاشم بعد الآن ،تذكري ذلك جيداً يا سراب
سراب : لكن يا أبي هاشم يريدني أن أعرف رجالا غيره
أغلق عبد العزيز الهاتف ليجعل من سراب أشلاء
من يحوي المرء إن خذلته عائلته ؟ من يسعفه ؟ من يحميه ؟
سأحميني أنا سراب عائلة نفسي من الآن يتوجب عليّ
أن أخرج الى الدنيا عليّ أن أتعرف على كل الطرق ،
على كل الوسائل التي قد تنقذ سراب من الوحل .
في مساء اليوم جاء هاشم الى المنزل
كنت مستلقية على الأريكة أمام التلفاز لم أتحرك من مكاني ولم أعطيه أيّ انتباه .
هاشم :أيتها السافلة من تظنين نفسك ؟
لم أجبه كأنني لم أسمعه
إستفزه هدوئي فركض نحوي وأمسك عنقي بقوة
وبدء يخنقني وهو يكزّ أسنانه، قاطباً جبينيه بلؤم
كان منظره مقرفاً للغاية
بدأت أختنق وبدء الأكسجين ينفذ من جسدي أردت
ذلك بشدة ، أردت أن ينهيني ، لكنه توقف وقال
هاشم: صدقيني يا سراب لن أرحمك في المرة القادمة لن أتردد في قتلك
سراب :اذا اقتلني من الآن لن أطيعك أبدًا
صفعني بقوة
هاشم : إن أطعتني ستتغير حياتك تماماً ستصبحين
أميرة يا سراب ستحسدك كل الفتيات على حياتك
إنفجرت ضاحكة وقلت :
لا أحب أن يحسدني أحد ميؤوس مني لا تحاول
أصبحت حياتي مع هاشم مشحونة بالتوتر
يأتي غاضباً ويخرج غاضباً لم ييأس من المحاولة في
إقناعي كل يوم .
وكنت دائما ثابتة لا أتزحزح.
كان يأتي في الأسبوع إليّ ثلاثة أيام يمضين كأنهن
ثلاثة قرون ، حفظت مواعيد قدومه تماماً ، حفظت
أيامه وساعاته .
في أحد الأيام إستجمعت شجاعتي وارتديت ملابسي وخرجت
اه يا الهي لقد شعرت بأشعة الشمس تتسرب الى
جسدي لقد مضى وقت طويل منذ آخر مرة خرجت بها من المنزل ربما خمسة أشهر أو ستة لم أعد أذكر ،أو
لنقل لم أعد أحسب الأيام
كانت السماء صافية للغاية ولم يكن يعكر صفوها
أيّ سحابة .
كنت أمشي بلا وجهة أتحسس الأماكن من حولي
محلات في كل مكان هنا للأحذية وهنا ألبسة ساحرة ، وهنا مأكولات ،وهناك آخر الرصيف مكتبة ضخمة
وعلى مقربة من شارع منزل هاشم جذبني متجر كبير كتب على بابه ( هنا سبيلك للتغير مع إنجي لا شيء
مستحيل )
جذبني ما كتب كثيرا ماذا تقصد بالتغير ؟ ومن إنجي ؟
لافتة المكان تحوي على صور فتيات فاتنات الجمال بقصات شعر جميلة للغاية وألوان زاهية وفاتنة .
ساقتني قدماي دون أن أشعر وكأنه مغناطيس فتحت الباب ودخلت
كان ساحرا للغاية صالون كبير مطليٌ باللون الوردي كل شيء من حولي وردي مرايا في كل مكان وأدوات كثيرة
تقدمت نحوي فتاة ترتدي تنورة قصيرة وقميص أبيض طويلة القامة كانت تبدو أنيقة جدا
سيلين: تفضلي كيف يمكنني مساعدتك يا آنسة
سراب بتلكؤ: اه انا أسفة ربما دخلت بالخطأ الى هنا
سيلين : ها حسنا
سراب :لكن هل بإمكاني أن أعرف هذا المكان ماذا
بالضبط
ضحكت سيلين وقالت باستغراب :
أحقاً لا تعرفين ؟أليس واضحاً إنه صالون للتجميل
سراب :تجميل ؟
سيلين :انت لست من المنطقة أليس كذلك
سراب :نعم انا لست من هنا لكن إن كنت لا تمانعين هل بإمكانني الدخول لأشاهد أكثر
سيلين :بالطبع تفضلي
النساء في كل مكان.
تجلس هناك واحدة تسبل شعرها وواحدة تصبغ لونه وأخرى تقصه
أعجبني المكان كثيرا
كانت مرتي الأولى في رؤية صالون التجميل
سيلين :هل أعجبك المكان ؟
سراب :نعم كثيراً هل هو لك ؟
سيلين ضاحكة : لا إنني أعمل هنا
سراب :وفي ماذا تعملين ؟
سيلين : في كل شيء ،القص ،الصبغة
تسريح العرائس ،المكياج والخ..
سراب : وكيف تعرفين كل هذا
سيلين :ههه لقد تعلمته ماذا تحبين أن أغير فيك ؟ ما رأيك بلون جميل على شعرك ؟
سراب :لا شكراً لك ، ربما في وقت آخر
جاء صوت أنثوي من الوراء :
سيلين ماذا تفعلين ؟
إلتفت كانت إمرأة في الأربعين أنيقة للغاية ، كانت
تبدو قوية ثابتة ،تملك نظرة ساحرة ،شعرها قصير
ومرتب متوسطة القامة بجسد أنثوي ممتلئ وقع
حبها في قلبي من أول نظرة لا أدري لما لكنني
فحسب أحببت أن أبقى أنظر إليها.
سيلين : مدام إنجي إنني أعرف الآنسة هنا على
المكان إنها جديدة على هذه المنطقة
إنجي : أهلا بك يا صغيرة ،سيلين إتبعيني لدينا عمل
سيلين : سأعتذر منك الآن .
مضت إنجي وخلفها سيلين لا أدري من أين خرج هذا
الصوت من داخلي وكيف خرج إلا أنني صرخت
سراب :مدام إنجي هل يمكن أن تغيريني ؟
إلتفتت نحوي مبتسمة : أيّ نوع من التغير؟
سراب :إجعليني قوية
نظرت إلي إنجي بإندهاش ثم قالت : كم عمرك ؟
سراب : لست متأكدة لكن أعتقد أنني بدأت في الثامنة عشر حديثاً
إنجي :إتبعيني إلى مكتبي
دخلنا مكتب إنجي الأنيق جداً
إنجي : ماهي قصتك
سراب :لا قصة لديّ ،أريد أن أصنعها الآن
إنجي :مشكلتك أنك تنتقين كلماتك بذكاء وأنا أحب
الاذكياء ،ستغيرك أنجي.
سراب :حقاً هل ستعلميني مثل سيلين؟
إنجي:ربما تصبحين افضل
عدت الى المنزل ارقص من الفرح لا أصدق أنني سأبدء شيئا لمستقبلي
لكن سرعان ما بدء الخوف يسيطر علي
ماذا ان كشفني هاشم ؟ماذا ان اتى يوما في غير
موعده
سراااب إهدئي لا تفكري بسواد
لا تهتميّ إلى أين سيقُودك الطريق ، بل ركّزي على
الخطوة الأولى ، فهي أصعب خطُوة يجب أن تتحملي مسؤوليتها ، وما إن تتخذي تِلك الخطوة دعي كل
شيء يجري بشكل طبيعي ، وسيأتي ما تبقَى مِن تلقاء نفسه ، لا تسيري مع التيَار ، بل كُوني
أنتِ التيار."
إستيقظت صباحاً قمت بتنظيف المنزل
حضرت الطعام قبل قدوم هاشم
دخل كعادته عابسا
تناول طعامه وهو يرمقني بنظرات غريبة
هاشم : لما تبدين هادئة للغاية اليوم ؟
سراب : لا شيء لكن ليس من المعقول أن نبقى
نتشاجر
هاشم: هل أفهم انك ستوافقين على عرضي
سراب : بالطبع لا
هاشم : بلهاء غبية اسبقيني الى غرفة النوم
انتهى يومي معه لم أصدق أخيرا سيأتي غدا لأذهب
الى إنجي
نهضت نشيطة متحمسة تناولت فطوري وارتديت
فستانا أسود اللون بأكمام مزهرة جميلة دخلت
الصالون وتوجهت لمكتب إنجي لكنني لم أجدها
سيلين : لم تأتي بعد لا تزال الساعة التاسعة
سراب : متى تأتي ؟
سيلين : في الساعة العاشرة
سيلين كانت تبدو غاضبة ومنزعجة ليست كما أول
مرة رأيتها بها
جلست أنتظر قدوم إنجي بفارغ الصبر حتى أتت
إنجي : اهلا سراب دعيني بداية أعرفك على العاملين في المكان ،إتبعيني
انجي : هذه لمياء عمرها خمس وعشرون هي عندنا
منذ خمس سنوات وهي مسؤولة عن قسم الألوان
بالكامل
لمياء فتاة سمينة بعض الشيء قصيرة القامة عيناها صغيرتان مستديرتان لم ترحني ملامح وجهها
لمياء : اهلا بك
سراب : شكراً
إنجي : هذه رنا عمرها عشرون عاما مسؤولة عن قسم
التصفيف وهي هنا منذ عامين
رنا : سأكون سعيدة بوجودك بيننا
سراب : أشكرك
إنجي : وهذه سيلين وقد تعرفت عليها سابقا وهي
مسؤولة عن قسم العرائس
يا فتيات هذه سراب ستنضم إلينا أرجوا أن تكنّ
لطيفات معها
رنا خذي سراب وعلميها على أماكن أدواتنا وأماكنها.
رنا: حاضر
بدأت الألوان تدخل الى حياتي أربعة أيام أقضيها في
المركز كأنها ثوانٍ
كنت أركز بكل حواسي على العمل أردت أن أتعلم
بسرعة قالت لي إنجي أن إستيعابي قوي وذهني
قابل للتعلم
كنت اشتاق سميحة وأخواتي كثيرا
اشتاق صغيرتي سماح اشتاق رائحتها وجمالها
اشتاق لراما ولحظاتنا معا
اشتاق لدفء شيماء ومشاغبة هدى
اشتاق لسميحة ووجباتها
كم اشتقت اليك يا امي إشتقت للسلام الذي تهديني إياه
طلبت من هاشم أن يأخذني لزيارتهم
لكنه رفض رفضا قاطعاً قائلا :
هاشم : لا عائلة لك ولا منزل إلا هذا المنزل ، لا تحلمي بزيارتهم أبدا إلا اذا اصبحتي مطيعة .
فقدت الأمل من زيارتهم إلا أنني كنت أرسم لشيئ آخر بعيد المدى في ذهني .
لحظاتي التعيسة مع هاشم لا يمكن وصفها أبداً
لا أعرف كيف أصبر نفسي لقضاء الليالي معه إلا أنه
كان يتوجب علي أن أصمد فلا حل لديّ .
أما عن أيامي الجديدة في المركز فكانت سعادتي
تزداد كلما تعلمت شيئا جديداً
لكن علاقتي مع الفتيات لم تكن جيدة لا أدري لماذا لم يتقبلوني أو أن إحداهن قد أمرتهن بذلك وعلى
الأغلب إنها سيلين.
سراب : هل يمكنني أن أسالك شيئا ؟
سيلين : لا
سراب :لما كل هذا الجفاء ؟
سيلين : قلت لا ،أي لا تسألي
سراب : أنا أريدك صديقة
سيلين: وأنا لا أريد هل يمكن ان تنتبهي لعملك
وتتركيني أركز في عملي
سراب : ما هو خطأي ؟
سيلين : لأنك متنمقة وانا لا أحب التنمق هل ارتحتي
الآن ؟
سراب :تنمق!؟ ماذا يعني ؟
قطبت حاجبيها بتأفف ومضت بعيدا عني
دخلت إلى غرفة استراحتنا وفوجئت بوجود رنا جالسة تضم ركبتيها إليها وهي تبكي
هرعت إليها
سراب : رنا مابك؟هل انت بخير ؟
رنا : أرجوكِ غادري
سراب : لماذا تبكين ؟
رنا : قلت غادري
دخلت سيلين مسرعة
سيلين : سراب غادري واتركينا وحدنا
خرجت من الغرفة اغلقت الباب خلفي لكن فضولي
منعني من أن ابتعد اقتربت من الباب استرق السمع
سيلين: بكاؤك هذا يجلب الفضيحة
رنا : انت من فعلت هذا بي لن اسامحك
سيلين: حقاً ؟ ألم تكوني بالغة راشدة أتحمليني
المسؤولية الآن؟
رنا:لقد دمرتي حياتي
سيلين : مازلتي تحمليني المسؤولية
توقفي عن البكاء سيفضح أمرك اخرسي
ابتعدت عن الباب وانا قلقة للغاية من الذي يحصل
يا ترى ما الذي حصل مع رنا وبماذا ورطتها سيلين ؟
بدأت إنجي تنادينا
انجي : يافتيات اين انتن؟
سراب :نعم سيدة انجي
انجي : الصالون ممتلئ بالزبائن أين الفتيات
سراب : لا أدري بماذا يمكنني المساعدة
انجي :اتبعيني
من بعد ذلك اليوم غابت رنا عن المركز لاكثر من
اسبوعين دون أن تخبر أحد
كنت قلقة للغاية فآخر مرة رأيتها بها لم تكن بخير
أبدا
أخبرتنا إنجي أنها ستذهب للسؤال عنها
وعندما عادت كان لونها مخطوفاً دخلت دون أن
تنطق بأي كلمة تبعتها للمكتب
سراب : سيدة إنجي ما هي أخبار رنا ؟
إنجي : سراب اذهبي للعمل
سراب :ارجوك اخبريني
إنجي : يا فتيااااات رنا ماتت
سراب : ماذا!؟
إنجي : لقد فارقت الحياة منذ أسبوع سكتة قلبية هذا ما قالته عائلتها
وقع هذا الخبر عليّ كالصاعقة لم اصدق ما سمعته
كيف ؟سكتة قلبية ؟ لا أصدق
انا متأكدة ان سيلين وحدها من تعرف الحقيقة .
انقلب المركز رأسا على عقب أغلقت انجي المركز
أسبوعا كاملا حدادا من أجل رنا
وبعد عودتنا أبدًا لم نعد كما نحن لذلك
اضطرت إنجي لإحضار المزيد من الفتيات
انضمت إلينا رؤى وجميلة أختان جميلتان علاقتهما
معا تذكرني كثيرا بعلاقتي مع راما وشيماء كانا
منسجمتان للغاية كلما رأيتهما معا كلما اشتقت
لأخواتي
بدأت أجني المال من عملي أخيرا كان مبلغا زهيدا
إلا أنني كنت سعيدة
مضى على انتسابي لهذا المكان ستة أشهر والى الآن لم يكشف هاشم أمري
تعلمت كل شيء تقريبا وإنجي بدت واثقة بي جدا
كونت صداقة رائعة مع رؤى وجميلة لكنني ابدا لم
أخبر تفاصيل حياتي لأحد .
في أحد الأيام استيقظت كعادتي للتجهز للذهاب الى المركز تناولت فطوري وبدأت أرتدي ملابسي شعرت بقفل الباب يفتح ، تملكني الخوف إنه ليس موعد
هاشم سمعت صوته من الأسفل يناديني
عدت لملابس المنزل سريعا ونزلت اليه
سراب : اهلا
هاشم : احزمي ملابسك سنذهب
سراب :الى أين ؟
هاشم :سنغادر المكان
سراب : نغادر ؟ الى أين ؟
هاشم : لا تسألي كثيرا
سراب :يجب أن تخبرني يا هاشم
صرخ بأعلى صوته
هاشم :اذهبي واحزمي اغراضك دون نقاش
حزمت أغراضي والقلق ينتابني
خرجنا على الطريق السريع حتى وصلنا الى منزل كبير
دخلنا كان منزلنا انيقاً بأثاث فخم والوان جميلة
دخلنا الى الصالون قدمت إلينا إمرأة في الخمسين من عمرها
هاشم : حضرت سيدة الجميع
رمقته بنظرة استياء ثم بدأت تنظر إلي بتمعن
صبيحة : اذا هذه هي
هاشم :اعتبريها جهلة مسن يا عزيزتي صدقيني انا
نادم للغاية
صبيحة بسخرية : ألا ترى أنها كبيرة عليك
هاشم :اعتبريها صدقة والدها كان سيرميها في
الشارع لو لم أحسن إليهم
سراب :يرمي من ؟يرميني أنا
انت من كنت سترمينا في الشارع لو لم أتزوجك
هاشم : سراب اخرسي
صبيحة : دعها تتكلم يا هاشم لا نجهل فصولك أبدا
هاشم : صدقيني يا عزيرتي انا ل…..
صبيحة مقاطعة اياه : لا تتكلم يا هاشم
يا هناء تعالي خذي سراب الى الاعلى
صعدت مع مدبرة المنزل هناء وأدخلتني الى غرفة
تحوي على سرير وخزانة
هناء : هذه غرفة الضيوف المسافرين لدينا يمكنك ان ترتاحي فيها
سراب : هل السيدة في الأسفل هي زوجة هاشم
هناء : نعم إنها السيدة صبيحة
سراب : ألم تكن تعلم سابقا بزواجه مني ؟
هناء : لا لقد علمت حديثا ، علي أن أخرجك اذا احتجتي لشيء نادني
سراب : شكرا لك
غادرت هناء وبقيت مع أفكاري مالذي سيحدث الآن ؟ هل سيطلقني هاشم ؟
أم سيتركني ؟ ربما سأعود لمنزل أبي هل سأكون
سعيدة حينها ؟ يا الهي أردت العودة لكن ليس الآن لم أحقق شيئا بعد
غلبني النعاس فنمت دون أن أشعر
استيقظت على صوت صبيحة
صبيحة:استيقظي علينا أن نتكلم
نهضت سريعا وجلست امامها
سراب : تفضلي
صبيحة : هل تريدين الطلاق؟
سراب : ها؟
صبيحة:أتريدين الطلاق من هاشم ؟
سراب : نعم أريده
صبيحة:لكنك ستعودين للرجل الذي باعك وربما
يعاود بيعك في رهان آخر
جرحني ما قالته كثيراً لذلك لم أستطع أن أتفوه بأي كلمة
صبيحة : انا أعرف الكثير يا سراب يظن هاشم انني
غافلة عن أعماله إلا أنني أعرف ما يفعل من أصغر
تفصيل إلى أكبره حتى أنني أعرف أنه أراد استغلالك
قلت باستغراب: من أين عرفتي ؟
صبيحة:لايهم المهم أنك حافظتي على نفسك
سراب: حسناً لقد أخبرك هاشم
صبيحة :وهل تظنينه أخبرني عن إنجي أيضا؟
سراب بصدمة:كيف عرفتي ؟
صبيحة:قلت لك صبيحة تعرف كل شيء
سأتركك تفكري ليوم كامل ما اذا كنت تريدين العودة الى أبيك أو البقاء هنا
سراب :أريد العودة
صبيحة :لو كنت مكانك لما عدت وانا ضعيفة ليتم
أكلي مجدداً لكنت جربت طريقاً آخر فكري جيدا
يا سراب.
خرجت صبيحة وبقيت مع أفكاري مشتتة
شعرت أنني وحدي تماماً، وكأنني آخر من بقي حياً على وجه الأرض. لا أستطيع وصف شعور الوحدة
التامة هذه. أردت فقط أن أتبخّر في الجو وألّا أفكر
في أي شيء.
لم أنم ليلتها وأنا أفكر في قراري
وأفكر في كلام صبيحة وما قالته كيف علمت بإنجي ولكن الأهم من ذلك صبيحة ماذا تريد مني ؟
أتى الصباح أخيرا وأتت معه هناء لتخبرني أن أنزل الى الفطار
نزلت لطاولة الفطار
كانت تجلس صبيحة على رأس الطاولة وبجانبها
يجلس ثلاثة شباب
سراب : صباح الخير
صبيحة : أهلا سراب تفضلي هذه سراب
وهذا رائد ابني الكبير وهذا جمال وهذا ثائر
كانوا يرمقوني بنظرة قرف وكأنهم يحملوني
مسؤولية زواج أبيهم لم أستطع تناول الطعام بسبب نظراتهم إستأذنت الصعود
صبيحة : سراب ابقي علينا أن نتحدث
سراب : سأنتظرك في الغرفة في الأعلى
صبيحة:حسنا سألحق بك
صعدت الى الغرفة انتظرها وكنت قد اتخذت قراري
دخلت صبيحة بعد دقائق
صبيحة : ها يا سراب ماذا قررتي
سراب :أريد الطلاق من هاشم لا يمكنني أن أبقى
زوجته
صبيحة :اذا تريدين العودة الى عائلتك؟
وهل تعتقدين أن والدك سيقبل عودتك؟
التزمت الصمت ثم قلت :
سراب :أنت بالضبط ماذا تريدين مني ؟
صبيحة : اممم يبدو أنك ذكية سأعرض عليك عرضاً
يخدمك ويخدمني
سراب :إنني أسمعك
صبيحة:عليك أولا أن تبقي زوجة هاشم
سراب :مستحيل
صبيحة :اسمعيني للآخر ستبقين لمدة وجيزة فقط
لتنفيذ مهمة
سراب : مهمة !؟ أي مهمة ؟
صبيحة : أرجوك أن تسمعيني للآخر دون أن تقاطعيني
سراب : حسنا
صبيحة :هاشم قبل زواجه مني لم يكن يمتلك فلساً
واحداً وكنت أنا من عائلة ثرية .
تزوجنا وقمت بمساعدته ،وتأمينه على أموالي ليعمل بها ،على شرط أن يبقى كل شيء مسجلا باسمي .
في كل مرة كان يحاول أن يلعب من ورائي كنت أعيد
الأمور إلى نصابها
لكنني في الآونة الأخيرة ، أشعر أن هاشم يلعب لعبة كبيرة من ورائي وعليك أنت اكتشافها.
سراب :وكيف ذلك؟
صبيحة:وحدك من يستطيع ذلك
فقدت مؤخرا أوراق شركة التصدير وانا متأكدة ان
هاشم من أخفاها انه يخطط لأمر كبير من ورائي
ساعديني لأساعدك
سراب : اكملي الطرف الذي ينفعني
صبيحة :إن أنهيتي المهمة بنجاح ،سأعطيك مبلغاً
تعيشين به باستقلالية بالاضافة الى حريتك من هاشم وبهذا يمكنك أن تعيشي دون سيطرة أي احد .
فكرت قليلا في كلامها بذلك يمكنني إنقاذ أخواتي وأمي من هيمنة عبد العزيز وأضمن لنفسي حياة دون
أي ظلم أو سيطرة
سراب : انا موافقة ،أخبريني بالذي علي فعله
أنهت صباح حديثها معي وخرجت
فكرت مليّا بالذي قالتله ، لن أجعل الخوف يسيطر
عليّ أبداً ،حتى لو اتسخت قليلاً ،لا بأس بقليل من
التضحية من أجل الجميع ،سأتذكر دائما أن مسؤولية
راما وسماح وهدى على عاتقي لن أسمح ابدا أن يمروا بالذي مررت به .
جاء هاشم مساءاً لعندي دخل الغرفة وقد بدت على ملامح وجهه علامات الإمتعاض والانزعاج جلس
أمامي وهو ينظر إليّ نظرات غريبة ثم قال :
هاشم : أريد أن أخبرك شيئاً
سراب :ماذا هناك ؟
هاشم : سأطلقك
سراب :تطلقني ؟ لماذا ؟
هاشم : ألم تريدي العودة لعائلتك سأعيدك
سراب : لكنني لا أريد الطلاق منك
هاشم وقد بدت عليه علامات الاستغراب
هاشم: كم مرة أخبرتني أنك أرغمتي على الزواج مني وأنك تكرهينني مالذي تغير الآن؟
سراب :صحيح لقد أرغمت ،لكنني لا أريد العودة ،انا
مرتاحة معك .
هاشم : لا فائدة من هذا الكلام الآن ،لأنني لم أعد
أريدك ولست مرتاحاً معك ابدا .
سراب : أرجوك ،لا تطلقني سأفعل كل ما تريد .
فتح عينيه على وسعهما وقال :
هاشم : كل شيء !دون استثناء؟!
سراب: كل شيء
هاشم : حسناً أمهليني بعض الوقت لأفكر
خرج من الغرفة وقد بدا على ملامح وجهه الرضا
علمت أنه ذاهب لإقناع صبيحة ،وخطة صبيحة تمشي تماما كما خطط لها .
"في غرفة صبيحة "
بعد ساعة كاملة من محاولة هاشم في إقناع صبيحة
هاشم : أرجوك يا صبيحة كما قلت لك هي مسكينة ،والدها ظالم للغاية إن عادت ربما يقوم برميها في
الشارع هل سيكون ضميرك مرتاحاً؟
صبيحة : امم سأوافق ولكن بشرط
هاشم : قولي يا حبيبتي
صبيحة : أن تبقوا أمام عيني
هاشم : هل تريديني أن أسكنها معك ؟!
صبيحة : نعم
هاشم : كما تريدين يا سيدة النساء
خرج هاشم من الغرفة ويعلوا وجهه ملامح الانتصار
والخبث
تنهدت صبيحة وهي تتوعد له بكل خير .
فما حضرته له صبيحة عظيم للغاية.