الفصل الثالث والعشرين

الفصل الثالث والعشرون
**********
أوراق اللعب أصبحت الآن مكشوفة للجميع
ولعبته هى الورق
كل شئ أصبح واضح وضوح الشمس
ولكن قبل أن يبدأ اللعب عليه أن يكون فى مركز قوة عليه أن يقف فى المواجهة قويا كعادته لا حزينا مشتت
ويبدو أن إقامته بالمشفى ستساعده كثيرا خاصة مع وجود همس التى أصرت على ملازمته وإصرارها جاء على هواه
وقت جيد للابتعاد عن كل الضغوط والمواقف التى مرا بها الفترة الأخيرة
الزيارت لم تكف ورقية على رغم غضبها منه ولكن يبقى قلبها يؤلمها إن اشتكى أحدهم
هي دائما الغاضبة ........الحليمة
بعد إصابة جاسم وجدت أميمة تدخل مصطحبة طفلها لتخبرها بثقة
ده ابن جاسم يا طنط
والغريب أنها لم تجد من همس دهشة ولا غضب إلى أن أخبرتها بما حدث فى مكتبه ومجيئ أميمة
ولكن الوقت ليس وقت حساب
الوقت وقت دعاء لأجله
ورغم أنه استرد صحته ولكن وقت العتاب لم يحن بعد
...............
راحة يشعر بها بعدما أخبره كريم بنتيجة التحليل وهو يرى بعينيه فرحة همس والنشاط الذى بدا عليها
_مبسوطة طبعا بعد ما نتيجة التحليل ظهرت
أمسكت بكفه مبتسمة: طبعا مبسوطة وفرحانة جدا بس يارب متكونش مخبى عليا حاجة تانية
تشبث بكفها أكثر : أنتى اللى مخبية عليا يا همس ساكتة ليه يا حبيبتى أنا عاوز اسمعك
عاوز أعرف ليه الكلب ده كان عاوز يأذيكى ليه اللى خلاه يعمل كده
عادت للخلف تنظر إليه للحظات قبل أن تتحلى بالشجاعة لتخبره بكل شئ
عاجلا أم آجلا سيعلم حتما سيعلم واتخذت قرارها حاولت .......حقا حاولت التحكم فى مشاعرها وهى تحكى وتخبره بكل شئ
وطوال حكيها وهو صامت يسمع ولكن وجهه غاضب كقلبه المشتعل
يعنى الكلب ده قدر يضحك على لين ويستغلها
- لين هى كمان غلطت يا جاسم وضعفها خلاه يقدر يسيطر عليها
- وانتوا كمان غلطوا يا همس كان لازم تكونوا قريبين منها أكيد فى ثغرة قدر يدخلها منها نقطة ضعف استغلها بقذراته وبرضه مش هشيل عنها المسؤلية فى اللى حصلك
واقسم بالله الكلب ده ما هسيبه وهعلمه الأدب هو واللى معاه
قامت من كرسيه نحوه تجلس قبالته على سريره خائفة: جاسم عشان خاطرى بلاش سيبك من الموضوع ده خالص كفاية اللى
حصل أنا لحد دلوقتى مش عارف مين ممكن يكون سبب اللى حصلك
- الحكاية مش محتاجة حيرة ولا علامات استفهام
خلافاتى فى شغلى كتير بس مفيش فيهم مشكلة توصل صاحبها أنه عاوز يقتلنى غير سارى الرويدى مفيش حد فى الدنيا دى له مصلحة أنه يخلص منى غيره
- بس ده فى السجن
ثم استطردت قائلة: ولا ممكن يكون له ناس تساعده
- اه طبعا سارى ده عمره ما يعمل حاجة بايده حتى لو كان بره السجن له رجالته اللى تنفذ
أوامره ووجوده فى السجن مش هيمنعه أنه يقتلنى وطبعا مفيش دليل على اتهامى
- المهم أنك بخير دلوقتى الحمد لله
- الحمد لله........بس قوليلى الولد ده كان هنا امتى؟
- من كام يوم لما انت اتعورت جت هنا وقعدت تعيط وكانت يا عينى هتموت عليك وجت على ماما رقية وقالتلها أنه ابنك وتخيل بقى روكا وذهولها لما تسمع كلمة زى دى كانت مصدومة ومش قادرة تصدق
أنا عارف أن الحكاية مش سهلة بس أفوق من اللى حصلى ده وأكيد هقعد معاكم انتوا الاتنين وهفهمكم كل حاجة باذن الله
************
الأمر مريب...... خطر يحدق بهم الآن الأعين ستسلط عليهم والشرطة لن تتوقف حتى تلقى بهم جميعا خلف القبضان
همس سابقا كانت تراوغ ...تبحث عنهم تجمع كل شئ عنهم لكن الآن الأمر أصبح خطر بحق
كشفت أوراقها الآن
مقال نشر باسمها فى الجريدة أدلة وصور تفصيلية لطقوسهم
صور جريئة لايعلمون كيف توصلت لها عندما فأجأتهم بوجودها استطاعوا تحطيم هاتفها فكيف استحوذت على تلك الصور
وصفعة تعقبها صفعة حتى انسال خط دم قاتم من جانب شفتيه وهو يواجه سيده الغاضب وصوته يشبه الصراخ وهو يهجم عليه يمسك برقبته
- انت السبب فى كل ده كل اللى حصل بسببك أنت وبسبب غباءك وغرورك وأنا غلطت لما سكت كان لازم اقتلها بايدى كان لازم اتاكد أنها ماتت
وكان لازم اقتلك بعدها كان لازم أنت تكون القربان ونشرب من دمك .........بس إحنا فيها
دفعه بقوة ليتراجع للخلف يشعر بالخزى لما حدث يعرف أنهم لن يتركوه
حتما ستكون نهايته سيكون قربان لألهتهم البغيضة
لم يكن يوما مؤمنا بما يفعلوه الأمر لم يكن يهمه على أى حال ولكن قدره وطمعه هما من أوصاله لهنا مذلولا خاضغا ......على مشارف الموت
صداقة بدأت بينه وبين متعهد لحفلاتهم الذى دعاه لإحدى الحفلات الخاصة بهم وحفلة ورائها حفلة وهو يستمتع بحفلاتهم المثيرة بالنسبة إليه
خمر وفتيات فى متناول يده دون مانع
الأمر أعجبه ليجد نفسه محل ترحيب خاص والاقتراب يزداد والثقة تتعالى حتى بدأ دوره الذى تأهل له تجنيد شباب وفتيات من كل الأعمار من كل المستويات الإجتماعية طالما كانوا مطابقين لمواصفاتهم ضائعين .........ضعفاء يسهل الاستحواذ على عقولهم أجسادهم وهو بدأ المهمة والثمن عالى مرتفع
ومكانته تزداد توهجا وقربا منهم حتى أوقعه حظه العاثر فى محاولته ضم لين إليهم
منذ ارتبط بهمس ووقعت عيناه عليها وهو يخطط ويتتوق لضمها إليهم
فتاة جامعية من عائلة محافظة وعرض الأمر عليهم ونال الموافقة وضع الخطة جعل الشك يتسلل إليها من ناحية عائلتها وهمس
حتى جاءت همس وقضت على كل شئ
قضت على مكانته
قضت على طموحه فى الحصول على المزيد من الأموال والنعم الذى حرم منه ولكن بقيت
أمامه فرصة لينقذ نفسه من الموت المحتم فرصة ليقضى عليها
ليتخلص من نقطته السوداء وكابوسه المزعج
انا مستعد أجيبها لحد هنا
وصوته أوقف سيده ليلتف إليه بغضب :أنت لسه عاوز تلعب علينا تانى عاوز تنقذ نفسك من الموت بكذبة تانية بس الأمر منتهى
الأوامر جت بتصفيتك وأنا لازم أنفذها

حاول استجماع ثقته وقدرته على الإقناع ليقترب منه: ولو خلصتك من الاتنين هتقتلنى برضه
عقد سيده حاجبيه بشك :أنت لسه عاوز تضحك علينا تانى عاوزانا نسمع كلامك ونمشى وراك لحد ما نلاقى كل اللى بنخططله ضاع ........انتهى
- ولو الحكاية كلها طلعت مجرد فرقعة لو جبت همس ولين لحد هنا والحكاية تتطلع مجرد زوبعة فى فنجان
صحفية مبتدئة عاوزة تلفت النظر ......عاوزة شهرة على حساب ناس أشراف
اقترب الرجل منه وعقله يحاول استساغة الأمر : قصدك إيه وإزاى كل ده ممكن يحصل
ويبدو أن الأمر استحوذ على اهتمام سيده والذى بدوره يخشى غضب أسياده الكبار وإن نجح عدى فى مخططه سيستعيد هو الآخر مكانته ورضاءهم عليه
وهو كالكلب يلهث وراء عظمة تلقى إليه من سيده وفرحته أن يحظى بفرصة ........فرصة واحدة ستنقذه من الموت
هنجيب لين هنا وبكره همس هى كمان هتيجى ووقتها الاتنين هيكونوا تحت رحمتنا وأنا هقوم بالواجب معاهم والمرة دى هصورهم وهتبقى فضيحة للأستاذة الصحفية لما الصور تنتشر
والناس تعرف أن هى وأختها فى أحضان راجل واحد تخيل كده إزاى هتحس بالكسرة
ولو كانت هى معاها صور أو أى حاجة عننا هتختفى وكل الزوبعة دى هتطير فى الهواء وتبقى أودام الناس كدابة وغشاشة وإحنا كده هنبقى فى السليم

حك الرجل ذقنه بتفكير فى اقتراح عدى
فى الظاهر فكرة لابأس بها وسينقذ نفسه من جحيم سيلقى به ولكن القول شئ والتنفيذ شئ آخر
- وأنت إزاى هتجيب البنت الصغيرة دى لحد هنا
- دى لعبتى بقى
قام من مكانه صارخا : انت لسه عاوز تخدعنى وعاوزنى اثق فيك بعد كل اللى حصل

اقترب منه جاثيا على ركبتيه راكعا تحت قدميه : المرة دى لازم تثق فيا أنا ليا تار عندها حياتى ممكن تضيع وهى السبب عشان كده لازم أذلها لازم تدفع تمن كل اللى حصل

- يبقى لازم أعرف هتعمل ايه ولو الموضوع كان يستحق هساعدك ولو لا .........متحاولش
تهرب عشان وقتها مش هتلاقى مكان تستخبى فيه من العذاب اللى هيطولك
*************
ملامحه غاضبة عيناه تقرأ السطور وتتطالع الصور بعصبية وغيظ ألقى الجريدة على أقرب كرسى وهو يلتف إليها زاعقا : أنتى لو قاصدة تموتى نفسك مش هتعملى كده .......
اقتربت منه بهدوء تربت على كتفه لتهدئته : جاسم ممكن تهدى .........أنا مش شايفة أن فى خطر
- أنتى مجنونة يا همس مفيش خطر إزاى ..........لما تنشرى تحقيق بالشكل ده وأدلة
وصور لمكان مريب زى ده ........يبقى إزاى مش خطر أنتى كده بترمى نفسك فى النار
نسيتى اللى حصلك قبل كده معداش على بالك
نسيتى الكلب اللى اسمه عدى ده عمل فيكى إيه

ابتعلت ريقها وهى تبتعد عنه متجهة نحو نافذة الشرفة تتطالع السماء بألم ذكرى تمر من أمامها كأنها بالأمس القريب
جسدها يؤلمها كأنه مازال يعانى من جروحه وألم روحها أقوى وأعنف
مسحت وجهها محاولة إبعاد ذكرى هذا اليوم عن عقلها
- مش هنسى يا جاسم مستحيل أنسى كل اللى شفته مش ناسية نور اللى دمها راح هدر مش هنسى أنى كنت بستنى الموت وبتمناه عشان أهرب من الوجع .......أهرب من كلب عاوز يعتدى عليا واتنين غيره مكتفين إيدى
مش هنسى ياجاسم .........مستحيل أنسى
التفت إليه لتكمل بانفعال : وبعد كل ده عاوزنى اسكت اسيب واحدة غيرى تشوف اللى أنا شفته
اسيب أم قلبها يتحرق على بنتها ولا ابنها لما يضيع بسبب الكلاب دى
هو يقدر غضبها يقدر كل ما مرت به هو أدرى الناس بوجعها وهو أكثرهم تفهما لما تشعر به الان

اقترب منها يتلمس كتفها بهدوء ليبث فى قلبها السكينة لتشعر بقربه لتشعر أنه معها
- حبيبتى أنا عارف اللى حسيتى بيه مش قليل عارف أنك موجوعة .........بس أنا خايف عليكى ........خايف ليأذوكى ........الناس دى مش لوحدهم أكيد وراهم ناس كتير لو دول اتقبض عليهم هيجى غيرهم وغيرهم الموضوع
مش سهل ولا اللى زى دول هيأثر فيهم أنك تبلغى عن عدى واللى معاه دول عبيد قرش يا همس يروح عشرة يجى غيرهم ألف مش هتفرق
لكن فى ناس ممكن فى الرجلين زى لين ونور ........زى شباب كتير ضايعين مش لاقين نفسهم والشر طريقه سهل مش هيتعبوا فيه ولا هيحسوا بخطره بسرعة ........طريقهم ضلمة ملامحه ضايعة
- يبقى ليه اسكت وانا عارفة ان فى غيرهم ممكن يضيع
- أنا مش عاوزك تسكتى ......انا عاوزك فى امان فى غيرك ممكن يعمل اللى بتحاولى تعمليه بس أنتى لازم تكونى بعيد فى بوليس فى ناس تقدر تجيبهم لكن انتى لا ......... ومش هسمحلك ترمى نفسك فى النار وانا واقف اتفرج عليكى ومتخافيش أنا مش هسكت ولاهسيبهم يعدوا منها بس بلاش تتدخلى عشان خاطرى

اخفضت رأسها تشعر بحيرة تناقض بين اختيار قلبها وتصميم عقلها على المضى قدما فيما تفعله وهو يعلم ..........عيناها الهاربة
حركة كفيها المتوترة تدل على حيرتها وبيده يقوى اختيارها لاجله

رفع ذقنها إليه لتواجهه أصابعه تتلمس وجنتها وشفتيها وهو يبتسم :همس ........أنا بحبك وحبى ليكى يخلينى أخاف عليكى أكتر من روحى إحنا مرينا بحاجات كتير أوى بقيت حاسس أنك حتة منى ........بتجرى فى دمى ........ كأنك الهواء اللى
بتنفسه عشان اقدر اعيش تفتكرى لو كل ده راح منى هقدر اعيش هقدر اكمل حياتى انا وقتها هموت يا همس

رفعت اصابعها بسرعة تقاطعه بذعر : بعد الشر عليك متقولش كده ده انا كنت بموت بعد اللى حصلك
- خلاص يبقى حبيبتى هتسمع كلامى
حاولت مقاطعته : بس يا جاسم ........
- همس انا مرفضتش انك تكملى شغلك فى الصحافة بس ابعدى عن الموضوع ده بالذات وخلاص كفاية عليكى لحد كده
اللى كنتى عاوزة تعمليه خلاص عملتيه نشرتى الخبر بالصور مع أنى مش عارف انتى وصلتى للصور دى مع انهم كسروا موبيلك

ضحكت قائلة : ابدا كل الحكاية انى خفت حد يكشفنى وانا هناك مصطفى زميلى فى الجرنال ساعدنى ببرنامج على الموبيل يخليه يقدر يتحكم فى جهازى وهو فى مكانه وكان متابعنى وكل اللى اصوره يستلمه هو وطبعا لما الذاكرة
رجعتلى روحتله وخدت الصور ووديتها للاستاذ اسعد رئيس التحرير بالمقال اللى انت شفته
ضحك متعجبا بعدما أكملت وهو يضرب كفا بكف : إيه يا بنتى جو المخابرات والاكشن ده متجوز شارلوك هولمز وانا معرفش
ضحكت مقهقهة : مش عاجبك ولا ايه وهو احنا اتجوزنا يا حبيبى
واقترابه أربكها تراجعت للخلف وهو يقترب وعلى شفتيه ابتسامة ماكرة وقبل أن تهرب
وجدت كفيه يضمان خصرها بتملك وصوته هامسا : طيب ايه رايك نتجوز بقى
محاولة واهية لابعاده : جاسم مينفعش كده
وعيناه يتاملان عيناها شفتيها يشعر بضربات قلبها بجوار صدره تتزايد واقتراب وجهه يزيد ومقاومتها أصبحت منعدمة
انحنى إليها يتلمس شفتيها بنعومة وملمسها الناعم يجذبانه أكثر وأكثر حتى وجد نفسه يلتهمهما باشتياق بعشق ذابا فيه للحظات
ابتعدا عن نطاق العالم حولهما .........عالم آخر خاص بهما عالم انساهم كل وجع وحزن

وهى منصاعة إليه مستسلمة للمساته لهمسته لعشق يبثها إياها وشفتيه تغزوان وجهها......... عنقها
حاولت إبعاده .......مقاومته ابتعد وهو يشتاق وحوار أعينهم أعمق وأجمل
همس..........أنا بحبك اوى
رفعت كفيها نحو كتفيه ثم عادت ورفتعهما نحو وجنته مبتسمة وأنا كمان بحبك اوى اوى
ابتسم بخبث يتلمس كفيها :كده يبقى نتجوز ونتلم بقى
انا مجرد ما اخرج من هنا هكلم مهندس ديكور يظبط الشقة فى اسرع وقت
- اسرع وقت يبقى هتبقى اى كلام لاطبعا ده بيتى ولازم اعمله على ذوقى
- يا ستى اعملى اللى نفسك فيه مش هقولك لا بس هو اسرع عرفيه انتى محتاجة إيه وهو يعمله
المهم اننا نتجوز وخلاص اصل انا كده هخلل
******
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي