الفصل26

دلف بها إلى غرفة النوم وضعها على الفراش برفق ثم جلس يتأمل ملامحها بحب واضح، أطرقت عيناها خجلا من نظراته الموجه إليها التي تشعرها بالخجل دائماً ، فحص ملامحها من عيناها لوجنتيها لشفاها ، ثم أمسك بيدها وانحنى ليطبع عليها قبلة رقيقة ، ثم وضع رأسه على قدميها واضعا يدها على رأسه ، فنظرت إليه و وجدت يدها تتحرك على شعره بلطف لتتعمق أكثر بتمرير أصبع يديها بين خصل شعرها وقالت بنبرة هادئة :
-شكرا لك يا جان على ما فعلته اليوم
ليرد عليها بحب :
-أقل شيء افعله من أجلك يا أديل

ثم رفع رأسه إليها وقد لاحت ابتسامة جانبية على ثغرة عندما رأى ابتسامتها الرقيقة على ثغرها ، مسح على وجنتها برفق ثم أقترب منها يأخذ قبلة رقيقة من شفاها ، و ها قد بدأت حياتهم الزوجية لتصبح زوجته الذي طالما حلم بها ، ودائماً ما يرى مستقبلهم معا في خياله


حياة تعجب لها القلب ، تبعدك عن من تحب وتقربك من الذي لا تحبه ، ثم تقابل حبيبك ثانية وتجبرك أن تقضي معه وقت ممتع ولكن لمدة محدده ، تعجب القلب واحتار العقل في التفكير ، و يخاف القلب أن يجرح شخص دون قصد ، نتحكم في كل شيء عدا الحب النابع من القلب ، القلب هو الذي يتحكم بنا في تصرفاتنا ، ليتك يا القلب بيدي مثلما الحب الذي يسكن داخلك وتتحكم به ..

ذهب الليل سريعاً ليأتي الصباح وتنبعث إشاعة الشمس الغرفة من خلف زجاج الشرفة ، عبس وجهه أديل من ضوء الشمس القوي فأدارت نفسها لتعطي لها ظهرها ، واضعة الوسادة فوق رأسها وتابعت نومها ، دخل جان الغرفة رآها لا زات نائمة فجلس جوارها وسحب الوسادة وضعها جانباً ثم قبلها على رأسها بحنان ثم مسح على شعرها بلطف ، استيقظت أديل بوجه عابس ثم نظرت إليه بفزع مما تعجب جان وهدأ من روعها ثم تساءل :
-ما بكِ ؟!
رخت أعصابها منظمة أنفاسها بهدوء ثم تلاشت النظر إليه خجلا منه وقالت بصوت منخفض :
-لا شيء فقط كابوس
ليبتسم جان ثم ضمها إليه جاذبا رأسها إلى صدره فأغمضت عيناها بأمان تام ، وتستمع إلى حديثه :
-لا كابوس بعد اليوم
ثم ابتعد عنها لينظر إليها لكن أدارت وجهها خجلا متشبثة في الغطاء بقوة ، نظر إلى يدها المتشبثة ثم عاد بالنظر إليها وقال بمداعبة :
-حبيبي يبدو عليه الخجل
عضت على شفاها السفلى ثم سحبت الغطاء من عليها ولكن وضعته ثانية مسرعة عندما رأت نفسها ترتدي منامة قصيرة تظهر جسدها ، وقامت برفع الغطاء إلى صدرها وطلبت منه أن يغادر الغرفة حتى تبدل ثيابها ، فغمز بوقاحة قائلا :
-سأساعدك في تبديل ثيابك
لتضربه على كتفه فقبل يدها الذي ضربته بها ثم نهض ليغادر الغرفة ، زفرت بهدوء ثم نهضت تبحث عن الروب حتى وجدته لترتدي ثم دلفت إلى الحمام ، فيما مدد جان على الأريكة ينظر إلى السماء من خلف زجاج الشرفة ، يفكر بأوجين كيف كانت حالها الليلة الماضية ؟! ..

........لم يشعر بها لأنه لم يحبها ، لم يعلم أنها قضت ليلة طويلة حزينة صعبة على قلبها تحملها ، ولتنسى هذا الألم قامت بشراء الكثير من الخمر وجلست على أرض الغرفة تشرب الكثير والقمر الأبيض ينظر إليها من خلف زجاج النافذة المفتوح أستارها ، نظرت إلى ذاك القمر بثمل وتحدثت معه كثيرا ، كانت تحب الليل كثيراً ، الليل الذي كانت فيه تضع رأسها على الوسادة براحة بال وتفكر في الحبيب الذي أختاره قلبها ، كانت تعشق ذاك القمر حانت تنظر إليه وتخبره أن يوما ما سترقص مع حبيبها أمامك وتخبره بـ حبها لذاك الرجل الذي تزوج من فتاة أخرى الليلة الماضية ، الليل الأن بالنسبة لها صعب مؤلم ، تضع رأسها على الوسادة وتتذكر أصعب أيام مضت عليها كسرت قلبها ، وتتخيل ليلة جان مع أديل ، يبدو أنها كانت ليلة مثالية له لن تتعوض ثانية ..

أغمض عيناه متعجبا من نفسه لأنه يفكر بها ومهتم لأمرها ، ولكن لماذا ؟؟ ، الأخرى داخل الغرفة تمشط شعرها المبلل أمام المرآة وتفكر في أوجين ، هي فتاة مثلها وتشعر بها ، ذاك الاحساس البشع شعرت أديل به عندما علمت بزواج جان منها ، تركت الفرشاة وتنهدت بألم قائلة :
-أسفه يا أوجين .. ولكن هو سيكون لكِ في النهاية
ثم خرجت مغلقة الباب خلفها ففتح جان عيناها فيما خرجت أديل إلى الصالة لتجد جان على هذا الوضع فوقفت مكانها تفرك في يديها بتوتر ، نهض من مكانه ينظر إليها بمرح ثم تقدم نحوها والتفت حولها يتطلع إليها بأعجاب ، ثم انحنى ليطبع قبلة على عنقها ، وتفاجأت بأنه يحملها على ذراعيه ودلف بها إلى المطبخ ، ثم نظر حوله قائلا بمرح :
-لنحضر الفطار معا
ثم وضعها على الأرض برفق ، وها قد بدأ المرح والرقص معا وهم يحضرون الفطار ، وصنعت عصير الفراولة الذي يحبه جان ، ثم أشارت إليه تطلب منه أن يتذوق ، شرد في عينيها الجميلتين للحظات ثم أمسك بيدها وقام بوضع سبابتها داخل كوب العصير ، فارتفع حاجبيها في دهشة فيما تذوق جان العصير من سبابتها ليخبرها أنه رائع حقا ، فتذكرت ذاك الموقف الذي فعله من قبل ، ثم جلسوا وكان يطعمها بيده وجاءت تتناول شيء حادق منعها بالقبض على معصمها فنظرت إليها مضيقة عيناها قليلا متسائلة ، قال بغزل :
-ذلك الفاه لا يتذوق أشياء مثل هذه أبدا
ارتسمت ابتسامة على ثغرها فهي معتادة على ذاك الحديث الذي يشبه الشعر من فم ذاك العاشق ، ثم تساءلت :
-وما الذي يتذوقا إذا ؟!
تفاجأت بأنه أقترب منها ليأخذ قبلة من شفاها استمرت للحظات ليست قليلة ، ثم أبتعد عنها ببطء هامسا أمام شفاها :
-يتذوق قبلاتي فقط
أطرقت رأسها تخرج تهنيده قوية من صدرها فيما تناول جان قطعة من الجبنة وهو ينظر إليها بابتسامة ، بعد أن ابتلع الطعام قال :

-اليوم سنقضي اليوم في نزهه داخل مدينة الحب .. باريس


وضع يده المبللة على وجنتها لتستيقظ بوجه عابس ثم وضعت الغطاء على وجهها وهي تقول بنعاس :
-اتركني أرجوك .. لا أريد أن أذهب إلى المدرسة اليوم
سحب الغطاء من عليها ثم حملها على ذراعيه ودلف بها إلى الحمام ، ثم أوقفها أمام المرحاض واضعا ذراعه حول خصرها ، ثم وضع الماء على وجهها لتشهق جين وتحاول أن توقفه عم يفعله ولكن بلا جدوى ، ثم تناول فرشاة الأسنان ليضع عليها المعجون ، أمرها أن تفتح فاها ليقوم بغسل أسنانها ، فنظرت إليه بنظرة طفلة تترجى والدها أن يتركها اليوم لكن مُصر على أن عن تذهب إلى المدرسة ، أخذت الفرشاة بزهق وبدأت تغسل أسنانها ، فتبسم لها ثم خرج مغلقا الباب خلفه ..

أول من مسك بيده هاتفه ليهاتف صديقة أرنو ، انتهت المكالمة ولم يجيب عليه فضغط على الهاتف يذم شفتيه ، ثم نظر إلى الهاتف وبدأ في كتابة رسالة له " صديقي العزيز لن أقصد أبدا مضايقتك .. أرجوك ارني تحدث معي " ، عقب وصول الرسالة تفقدها أرنو ثم أغلق الهاتف و وضعه كما كان وكأنه لم يرى شيئا ، وتعجبت والدته لأنه لم يذهب إلى الشغل اليوم ، انتظر جوزيف لدقائق وعاد بالاتصال عليه ولكن بلا جدوى ..

خرجت جين وهي تتأوب من قلة النوم ثم دلفت إلى الغرفة الصغيرة لتبدل ثيابها بـ زي المدرسة ، ثم خرجت و وقفت تمشط شعرها لترفعه على هيئة ذيل حصان ثم نظرت حولها لم تجد جوزيف فتعجبت ، حسبت أنه في الحمام ثم تناولت الحقيبة التي قد حضرتها وضعتها على كتفها ثم خرجت ، هبطت الدرج وهي تحاول بالاتصال على صديقتها جوليا التي لم تجيب عليها ، مما تعجبت جين الأثنان دائماً يذهبن إلى المدرسة أول يوم معا ، استمعت إلى صوت جوزيف يناديها من المطبخ فدخلت بلهفة ، رأته يحضر لها فطار فضحكت ضحكة خفيفة وقالت بمزاح :
-أنت تقوم بدور الام
أبتسم ثم توقف عن ما يفعله لينظر إليها بحب قائلا :
-نعم .. أفعل أي شيء من أجل لؤلؤتي الصغيرة
أطرقت عيناها لبرهه ثم تقدمت نحوه لتقف بجواره متشبثة في ذراعه مستنده برأسها على كتفه العريض وقالت بترجي ممزوج بالخوف :
-لا تتركني يا جوزيف .. لقد شعرت بالأمان معك
لاحت ابتسامة على ثغره ثم حرر ذراعه من تشبثها ليحيط كتفها ويضمها إلى صدره بحنان ثم قبلها على رأسها ، جلست معه تتناول الفطار ولا زالت تحاول الاتصال بصديقتها وهو يتصل بصديقة ولا أحد منهم يجيب على الأخر ، استاءت جين و وضعت الهاتف داخل الحقيبة ثم أنهت طعامها واستعدت للذهاب ، خرج جوزيف معه لتجد مجهز لها سيارة بسائق خاص بها ، و ومعها بقبله رقيقة على وجنتها فتبسمت له وقامت برفع جسدها لتقبل وجنته ثم استقلت السيارة ، ظل واقفاً حتى غادرت ثم استقل سيارته متجه نحو الشركة سريعاً ، متمسكا بأمل أن يكون أرنو هناك ..

لكن خاب أمله عندما وصل وسأل عنه وأخبروه أنه لم يأتي اليوم ، دلف إلى المكتب وجلس على مقعده الخاص يأنب نفسه على ما فعله ، ولا شيء أصعب من عتاب النفس ، حقا مؤلم يجرح القلب ، ويجعلك لا شيء أمام من جرحته بكلماتك ..

دلفت تالة إلى المكتب كالإعصار تتحدث بتذمر :
-لماذا فعلت هذا مع أرنو ؟! .. أنه صديقك المقرب
نظر إليها بعصبية وصاح بها :
-لا تتحدث معي الأن يا تالة
أغلقت باب المكتب و وقفت في مواجهته وتحدثت بتأفف :
-يجب أن تذهب إلى أرنو بنفسك
ضرب على المكتب بقبضة يده ثم اشعل سيجارة وأخذ يزفر الدخان بعصبية ثم تحدث في حيرة :
-لا أحد غيرنا يمتلك تلك الورقة يا تالة
تنهدت في حيرة هي الأخرى ثم قالت بهدوء :
-محتمل أن يكون شخص ما دخل المكتب .. محتمل أن يكون فيليب شخصياً
رفع عيناه ينظر إلى الكاميرا التي تقع فوقه تماماً ، وعلى الفور فتح الحاسوب وفتح مخزون الكاميرا قبل يومين ، وأخذ يسرع الفيديو و وقفت تالة جواره ، حتى وقف عند وقت عندما أعطى أرنو له الورقة وجلس معه يتحدثان ثم خرج ، وأسرع الفيديو حتى دخلت جين و وقفت تتحدث معه أمام طاولة الاجتماع والذي وقتها قامت بتصوير الورقة ، ولكن أسرع جوزيف الفيديو فلم يشك بها مطلقا ، حتى انتهى الفيديو وأغلق الحاسوب ، ثم نظر إليها للحظات وقال بحسم :
-سأذهب إليه .. ستأتين معي ؟
لتجيب عليه بتأكيد :

-تسألنني ؟! .. بالتأكيد سوف أتي معك
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي