الفصل 31
الفصل الواحد والثلاثون
مرت الأيام في بلدة والدتهم الحبيبة، رأوا حب الجميع نحوهم، حب ينبض من قلوب محبة، حبا صادقا، حنانا محى القلق الذي كان يستبد داخله، ليطمئن قلبه تجاه أهله، تأكد من حبهم تجاههم، والأهم من هذا أن الله عوضه حنان والده ووالدته بحنان عمه وخالته، لم يشعر بمثل هذا الحنان والخب من قبل، للمرة الأولى يشعر أنه ينال قسطا من الحب، لترسم الابتسامة على وجهه، ابتسامة حب واطمئنان لم تزر قلبه منذ سنوات، وعندما حانت لحظة عودتهم لمنزلهم مرة أخرى، ليري الحزن يطغى على ملامح جدتهم، كانت حزينة لفراقهم مرة أخرى، ليطمئنوها أنهم سيأتون لها في أيام أجازتهم، ليغادروا بعد توديعهم بالدموع الحزينة لفراقهم، وبعد عودتهم لمنزلهم الذي استقروا فيه مع عائلتهم الحبيبة، كانت حياتهم تسير بطريقة رائعة، تلاحظ صغيرته تغيره الملحوظ ونظرات الاطمئنان التي أصبحت لا تفارق محياه،
تقرر أن تجلس لجواره مقررة الحديث معه، لكنها تتراجع وتطوق رقبته من الخلف بحنان أخوي،
رؤى: مالك يا أبيه، حاساك متغير عن قبل منسافر
يسحبها من يدها ويجلسها على المقعد من أمامه،
محمد : أنا فعلا متغير يا رؤى، الأول كنت خايف وقلقان، لكن اللي شفته الأيام اللي فاتت طمني، مكنتش عارف إننا هنكون محبوبين من الكل، كنت خايف إنهم يكونوا بس عاوزينا عشان حاجة تانية، حاجات كانت مخوفاني مش أكتر، المهم دلوقتي كل حاجة خلاص خلصت، أنا ارتحت، ومطمن عليكي كمان لأن ربنا بعت لك أم وأب هيكونوا أحن عليكي مني كمان
رؤى : مش هلاقي حد يكون أحن عليا منك يا أبيه، انت كنت ليا أب، وأم، وأخ، وصديق، انا هفضل ادعي ربنا عشان يرزق كل بنت بأخ زيك كدة
يربت على خدها: ربنا يبارك فيكي يا حبيبتي، ويرزقك بالزوج الصالح اللي يحميكي ويحافظ عليكي
رؤى: لا لسة بدري يا أبيه هفضل قاعدة في أرابيزك أنا مش هتخلص مني بسهولة، وبعدين أنا قررت إن هتجوز انا وانت في يوم واحد اومال اسيبك لوحدك
تنطلق ضحكاته بشدة على صغيرته: يا سلام يعني عشان مش عاوزة تتجوزي الا معايا عشان متسيبينيش لوحدي، لا كتر خيرك، لا يا ختي ملكيش دعوة بيا، وبعدين ده انا هجوزك لعريس كدة يكون عمولة
رؤى : عمولة ! ازاي يعني!
محمد: يعني هنقيه لك على الفرازة عريس اقدر اطمن أنه هيحافظ عليك ويصونك وكفاية كدة عليكي يلا عشان تروحي كليتك ومتتأخريش، أناعاوز التقدير ميقلش فاهماني
تومئ برأسها بطاعة،
رؤى : حاضر يا أبيه متقلقش
ثوان وكانا يهبطان معا للأسفل لتناول الإفطار مع عائلتهم الرائعة، كانت هنا سعيدة للغاية بهذا الاجتماع، فمانت تجلس بجوار رفيقتها تلتصق بها خوفا من تركها، كانت علاقتهم غريبة للغاية، لكن كان الجميع سعداء بهذه العلاقة، دقائق قليلة وكانوا يستعدون للمغادرة، ليوقفهم أخيها قبيل ذهابهم،
سليم: استني يا هنا احنا هناخدكم معانا في الطريق، خلاص خلصنا
هنا : ماشي يا أبيه بس يلا عشان منتأخرش
ينهضوا معا مستأذنين للمغادرة، وبعد دقائق كانوا قد وصلوا للجامعة، وغادرا ملاهما لمقر الشركة الجديد الذي سيكون مقرهم الذي سيبنون فيها حياتهم العملية
✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍
كانت تشعر وكأن هناك شبح يطاردها، كانت تشعر بالهواء يثقل رئتيها، ظلت أنفاسها متسارعة بطريقة غير عادية، ظلت الأحداث تتوارد لخاطرها، الماضي يتجدد معها بكافة أحداثه، تذكرت حالتها عقب ماحدث معها في الماضي، هل آن الأوان لتعاقب على أخطائها الماضية، أخطاء هي من تسببت بها، بل والأدهى من ذلك مافعلته يوم الحادث، لتقرر معرفة ملابسات الأمر قبل أن تتخذ قرارها، في هذا الوقت كانت ابنتها تستعد للذهاب لجامعتها، تستوقفها
شمس : انتِ خارجة يا جنى!
جنى : لا يا ماما أنا رايحة الكلية، حضرتك ناسية إني بدرس ولا ايه
تتلكأ في الحديث ولكنها تقرر سؤالها
شمس: طيب هو انتِ هتقابلي صحبتك اللي اسمها رؤى، يعني قصدي هتيجي الكلية النهاردة
تتعجب من اهتمام والدتها الزائد برفيقتها الجديدة، فهذا ليس من طبعها، مما أثار التعجب الشديد داخلها
جنى : غريبة دي أول مرة بتسألي عن حد من صحابي! والأغرب إنك كنتِ رافضة إنها تكون صديقة ليا! مش غريب الوضع الجديد ده!
ظهر التوتر عليها، كمن أذنب أو ارتكب جرم والخوف ينهش قلبه من اكتشاف جرمه،
شمس: لا لأ هو عادي يعني بس حابة اعرف يعني انتِ هتقابلي مين وكدة
جنى : رغم إني مش مقتنعة بس تمام، انا همشي عشان عندي محاضرة، سلام
تتركها وتغادر لجامعتها وتتركها والقلق يكاد يقتلها، لتقرر محادثة شخص ما،
شمس : الو أيوة اسمع بقول لك انت متأكد إن الولاد كانوا موجودين في العربية في اليوم ده
......: ..........
شمس : طب ازاي اللي انت بتقوله ده محصلش
......: ..............
شمس : هما عايشين، بقولك انت لازم تعرف ليا ايه أصل الحكاية، هستني اتصالك، يلا سلام
تغلق الهاتف والقلق يزداد داخلها كل لحظة تمر عليها
✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍
مرت دقائق قليلة وكانوا قد وصلوا لمقر عملهم، وجدوه مجهزا بالكامل، والفضل يعود لكلا من رفيقيهم "أحمد" " حسام"
فقد استطاعوا تجهيز المكان بالكامل بالضغط على العمال حتى تمكنوا من إتمام العمل بشكل جيد، دخلوا من باب مقر الشركة الجديدة، كانا في انتظارهما أصدقائهم لشرح كافة الأمور التي تخص العمل، مرت الساعات وتمكنوا من فهم العمل بالكامل، فقد كانوا يتميزون بالذكاء الذي مكنهم من فهم كافة الأمور، خاصة لخبرة "سليم" في إدارة الأعمال بالخارج،
ليبدأ الحديث بإعجاب واضح بعقليتهم الكبيرة...
أحمد : بس براڤوا عليكم فهمتم كل حاجة بسرعة، شكل الشغل هيبقى عالي جدا
يؤمن على حديثه مؤكدا حديثه...
حسام: يا ابني انت مستهون بيهم ولا ايه، بعدين سلم كان نااااار، صراحة كان عامل برة شغل عالي جدا
يتحدث ببعض الخجل، محاولا الانسجام في الحديث...
سليم : مش للدرجة دي وبعدين ده شغلنا اللي احنا هنتباهي بيه بعد كدة، وبعدين يا صاحبي دي حياتنا دلوقتي عشان نقدر نقف على رجلينا ونكون نفسنا ولا ايه
كان الإعحاب يتراقص في عينيه، لقد اكتسب صحبة حقيقية...
محمد : صراحة انا فعلا معجب بيكم وبالعلاقة بينكم، وسليم عاجبني تفكيره جدا، شاب زيه كان ممكن ينحرف زي كتير من الشباب الأغنية، بس اللي عجبني أكتر تمسكك بدينك واجتهادك في عملك، أنا بصراحة فرحان جدا إني اتعرفت عليكم
أحمد : انت كمان شخصية جميلة جدا يا محمد وتستحق تكون معانا، مش لازم نحكم على طبقة معينة إنها كلها سيئة، كل مكان زي فيه حلو فيه وحش، الفرف بينهم باللي بيتمسك بدينه وقيمه، وتربيته الصح
حسام : كلامك صح انا عندك مثال اهه مليش حد في الدنيا دي غير أحمد وطنط ناهد، بس فضلوا معايا لخد ما انا اهه قدامك ربنا كرمني بزوجة محترمة وبنوتة رائعة بحمد ربنا عليهم، ربني عوضني بعيلة وكرمني بأخ لو كان اخويا ابن امي وابويا مكنش هيعمل معايا كدة
أحمد : هنسيب المهم ونقلبها دراما، يلا بينا على شغلنا احنا يا فالح عشان العطلة دي، وسيب البهوات دول يخبطوا شوية، لما نشوف هيعملوا ايه، قوم يلا قوم
كان يقولها وهو يقوم بدفعه للخارج، ليرد عليه بنبرة تميل للمزاح،
حسام : خلاص يا سي السيد، برحة عليا وخليك حنين
أحمد : غور جتك القرف
لينفجرا ضحكا على مشاكستهم التي لا تخلوا من طرفات حسام المستفزة
محمد : صراحة أنا معجب بيهم جدا، ربنا يبارك فيهم، المهم دلوقتي ايه الخطوة الجاية؟
سليم: بص يا سيدي دلوقتي الشغل هيكون علينا احنا الاثنين، انت هتمسك قسم وانا القسم التاني، ولما نشوف هنستقر على ايه لأن رائف لحد دلوقتي مصمم ميقفلش الفرع اللي برة خاصة إن له مكانته هناك
محمد : غريبة بس رائف ليه منزلش مع مراته، انا لسة معرفوش بس الوضع غريب شوية!
ينظر له سليم ثم يتحدث معه بعد تنهيدة ثقيلة: رائف حالته حالة أنا هحكي لك يمكن نلاقي له حل
........................................... بس دي كل الحكاية
محمد بتفكير بعد ما استمع إليه: بقول لك هي لها حل واحد الغيرة يا صاحبي، انت تتفق معاه ينزل في الأجازة اللي اخنا هنسافر فيها للبلد عند جدي، وبعدين سيب الباقي لوقته أكون ظبط لك الدنيا
سليم بتعجب : ظبط إيه بالضبط !
يبتسم ابتسامة تميل للذكاء كثيرا، ليسرد له ما ينوي فعله، وهذه نفس الخطة التي كانت تدور بعقله هو الآخر، ليتفقوا على محادثته في أسرع وقت حتى يتمكنوا من إتمام الأمر، ليأكد له أن هذا الأمر هو ماكان يربد تنفيذه
سليم: ده نفس اللي كنت بفكر فيه، لكن مش عارف هنعمله ازاي
محمد : شوف احنا نستغل الوقت اللي هنسافر فيه للبلد، وقتها هنتفق على شوية حاجات كتير، هبقي افهمها لك، بس خليني اكلم رائف الأول انت عارف إني معرفوش وهو كمان ممكن يضايق
ضحكة شديدة: مين رائف! يا ابني رائف ده النسخة المسخرة من حسام، حسام جنبه ملاك
محمد : بس برده لازم تكلمه الغول، لما نرجع البيت نكلمه
سليم : خلاص تمام
كانت في طريقها من بوابة الجامع، تنظر يمينا ويسارا تحاول العثور على المكان الذي يحلسون فيه، مرت دقائق قليلة ووجدتهم في مكانهم المعتاد على إحدى المقاعد بانتظار بدأ المحاضرة الأولى، وكان رفاقها القدامى بانتظارها للقدوم نحوهم، لكنها تخطتهم باتجاه آخر، اتجاه هداها الله إليه، لينظرا لها بفرحة عارمة من خطوتها تلك، فهي تعد بداية الهداية، ليتعجب رفاقها القدامى من تصرفها، والأغرب من هذا جلوسها لجوار من كانت تعدهم أعدائها،
تجلس لجوارهم بابتسامة نقية، ووجه خالي من الصبغات الملونة، والتي للمرة الأولى تظهر بهذا النقاء، لتبادرهم بالتحية
جنى: ازيكم يا بنات، معلش اتأخرت شوية، ماما كانت فاتحة ليا تحقيق على لبسي وطريقتي وهكذا
تحدثها هنا بتعجب: تحقيق ليه! هي تكره إن بنتها تتغير للأحسن! بصراحة يا جنى والدتك غريبة
تعلم حيدا صدق حديثها، فهي دونا تشعر أن والدتها تخفي أمرا خطيرا
جنى : عندك حق بس اعمل لها ايه، انا اللي هو بنتها معرفش هي بتفكر ازاي
تضيق عينيها من هذه الشخصية الغريبة فقد اعتقدت أنها مجرد امرأة من الطبقة الغنية التي تحقد على الفقراء، بل وتنظر لهم نظرة دونية، لكنها تقرر صرف انتباههم عن هذا الحديث حتى لا تستاء رفيقتهم
رؤى: كفايا يا هنا، قولي لي يا جنى قررتي هتعملي ايه في موضوع اللبس، اللي انتي اشترتيه!
جنى: أيوة كانوا كويسين جدا، بدأت البس منهم اهه،
لتشير نحو الثياب التي ترتديها
هنا : بس صراحة حلوين عليكي يا جوجو، شفتي بقيتي مزة حلوة ازاي
رؤى: حتى في دي بتحدفي شمال، يا هنا يا حبيبتي كدة العريس اللي هيجي لك هيطفش منك
تنظر لها بغيظ: ليه يا اختي، ده انا قمر وبعدين انا مش هتجوز أي حد عادي كدة، ده انا هختاره عموله على مزاجي
رؤى: عمولة! ااه ابقي قابليني يا اختي
تنظر لهم بفرحة من مناوشتهم البريئة، مناوشات لم تتطرق لشيء محرم، لتحاول الاندماج معهم بالحديث قدر الإمكان، تشعر بالحب الكبير نحوهم، لا تدري لماذا هم خصيصا
جنى: يا جماعة اهدوا بس، وبعدين هنخسر بعض عشان خاطر عريس منعرفوش، فكروا فيها شوية كدة
ينظران لها بتفكير، ثم ينفجران بالضحك معا، ليقررا الاتحاه لحضور محاضراتهم
✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍
على الحانب الآخر كانوا ينظرون نحوهم بتعجب، خاصة هو، كان يشعر بوجود خطب ما، منذ متى وهي ترافقهم، منذ أيام مضت كانتا هم ألد أعدائها، هنالك خطب ما، ليبدأ جميع من حوله يتساءلون عن حقيقة الأمر
......: نادر هو في ايه انا مش فاهم حاجة
نادر: عندك حق الوضع مش مريح نهائي، من إمتي و"جنى " بتحب رؤى
هند : فعلا غريب، لكن الأغرب إنها راحت تقعد معاهم ومبصتش علينا حتى، في حاجة غير طبيعية
ينظر لهم نادر بشك مما يحدث، ليعود له حديثها معه في الفترة الماضية،
نادر: عندكم حق بس انا لازم اعرف هي عاوزة ايه بالظبط منهم، لو اللي فبالي صح مش هسمح لها
......: قصدك ايه يا نادر انت عارف في ايه!
نادر : شاكك ..
✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍
انتهي الفصل رأيكم ايه
مرت الأيام في بلدة والدتهم الحبيبة، رأوا حب الجميع نحوهم، حب ينبض من قلوب محبة، حبا صادقا، حنانا محى القلق الذي كان يستبد داخله، ليطمئن قلبه تجاه أهله، تأكد من حبهم تجاههم، والأهم من هذا أن الله عوضه حنان والده ووالدته بحنان عمه وخالته، لم يشعر بمثل هذا الحنان والخب من قبل، للمرة الأولى يشعر أنه ينال قسطا من الحب، لترسم الابتسامة على وجهه، ابتسامة حب واطمئنان لم تزر قلبه منذ سنوات، وعندما حانت لحظة عودتهم لمنزلهم مرة أخرى، ليري الحزن يطغى على ملامح جدتهم، كانت حزينة لفراقهم مرة أخرى، ليطمئنوها أنهم سيأتون لها في أيام أجازتهم، ليغادروا بعد توديعهم بالدموع الحزينة لفراقهم، وبعد عودتهم لمنزلهم الذي استقروا فيه مع عائلتهم الحبيبة، كانت حياتهم تسير بطريقة رائعة، تلاحظ صغيرته تغيره الملحوظ ونظرات الاطمئنان التي أصبحت لا تفارق محياه،
تقرر أن تجلس لجواره مقررة الحديث معه، لكنها تتراجع وتطوق رقبته من الخلف بحنان أخوي،
رؤى: مالك يا أبيه، حاساك متغير عن قبل منسافر
يسحبها من يدها ويجلسها على المقعد من أمامه،
محمد : أنا فعلا متغير يا رؤى، الأول كنت خايف وقلقان، لكن اللي شفته الأيام اللي فاتت طمني، مكنتش عارف إننا هنكون محبوبين من الكل، كنت خايف إنهم يكونوا بس عاوزينا عشان حاجة تانية، حاجات كانت مخوفاني مش أكتر، المهم دلوقتي كل حاجة خلاص خلصت، أنا ارتحت، ومطمن عليكي كمان لأن ربنا بعت لك أم وأب هيكونوا أحن عليكي مني كمان
رؤى : مش هلاقي حد يكون أحن عليا منك يا أبيه، انت كنت ليا أب، وأم، وأخ، وصديق، انا هفضل ادعي ربنا عشان يرزق كل بنت بأخ زيك كدة
يربت على خدها: ربنا يبارك فيكي يا حبيبتي، ويرزقك بالزوج الصالح اللي يحميكي ويحافظ عليكي
رؤى: لا لسة بدري يا أبيه هفضل قاعدة في أرابيزك أنا مش هتخلص مني بسهولة، وبعدين أنا قررت إن هتجوز انا وانت في يوم واحد اومال اسيبك لوحدك
تنطلق ضحكاته بشدة على صغيرته: يا سلام يعني عشان مش عاوزة تتجوزي الا معايا عشان متسيبينيش لوحدي، لا كتر خيرك، لا يا ختي ملكيش دعوة بيا، وبعدين ده انا هجوزك لعريس كدة يكون عمولة
رؤى : عمولة ! ازاي يعني!
محمد: يعني هنقيه لك على الفرازة عريس اقدر اطمن أنه هيحافظ عليك ويصونك وكفاية كدة عليكي يلا عشان تروحي كليتك ومتتأخريش، أناعاوز التقدير ميقلش فاهماني
تومئ برأسها بطاعة،
رؤى : حاضر يا أبيه متقلقش
ثوان وكانا يهبطان معا للأسفل لتناول الإفطار مع عائلتهم الرائعة، كانت هنا سعيدة للغاية بهذا الاجتماع، فمانت تجلس بجوار رفيقتها تلتصق بها خوفا من تركها، كانت علاقتهم غريبة للغاية، لكن كان الجميع سعداء بهذه العلاقة، دقائق قليلة وكانوا يستعدون للمغادرة، ليوقفهم أخيها قبيل ذهابهم،
سليم: استني يا هنا احنا هناخدكم معانا في الطريق، خلاص خلصنا
هنا : ماشي يا أبيه بس يلا عشان منتأخرش
ينهضوا معا مستأذنين للمغادرة، وبعد دقائق كانوا قد وصلوا للجامعة، وغادرا ملاهما لمقر الشركة الجديد الذي سيكون مقرهم الذي سيبنون فيها حياتهم العملية
✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍
كانت تشعر وكأن هناك شبح يطاردها، كانت تشعر بالهواء يثقل رئتيها، ظلت أنفاسها متسارعة بطريقة غير عادية، ظلت الأحداث تتوارد لخاطرها، الماضي يتجدد معها بكافة أحداثه، تذكرت حالتها عقب ماحدث معها في الماضي، هل آن الأوان لتعاقب على أخطائها الماضية، أخطاء هي من تسببت بها، بل والأدهى من ذلك مافعلته يوم الحادث، لتقرر معرفة ملابسات الأمر قبل أن تتخذ قرارها، في هذا الوقت كانت ابنتها تستعد للذهاب لجامعتها، تستوقفها
شمس : انتِ خارجة يا جنى!
جنى : لا يا ماما أنا رايحة الكلية، حضرتك ناسية إني بدرس ولا ايه
تتلكأ في الحديث ولكنها تقرر سؤالها
شمس: طيب هو انتِ هتقابلي صحبتك اللي اسمها رؤى، يعني قصدي هتيجي الكلية النهاردة
تتعجب من اهتمام والدتها الزائد برفيقتها الجديدة، فهذا ليس من طبعها، مما أثار التعجب الشديد داخلها
جنى : غريبة دي أول مرة بتسألي عن حد من صحابي! والأغرب إنك كنتِ رافضة إنها تكون صديقة ليا! مش غريب الوضع الجديد ده!
ظهر التوتر عليها، كمن أذنب أو ارتكب جرم والخوف ينهش قلبه من اكتشاف جرمه،
شمس: لا لأ هو عادي يعني بس حابة اعرف يعني انتِ هتقابلي مين وكدة
جنى : رغم إني مش مقتنعة بس تمام، انا همشي عشان عندي محاضرة، سلام
تتركها وتغادر لجامعتها وتتركها والقلق يكاد يقتلها، لتقرر محادثة شخص ما،
شمس : الو أيوة اسمع بقول لك انت متأكد إن الولاد كانوا موجودين في العربية في اليوم ده
......: ..........
شمس : طب ازاي اللي انت بتقوله ده محصلش
......: ..............
شمس : هما عايشين، بقولك انت لازم تعرف ليا ايه أصل الحكاية، هستني اتصالك، يلا سلام
تغلق الهاتف والقلق يزداد داخلها كل لحظة تمر عليها
✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍
مرت دقائق قليلة وكانوا قد وصلوا لمقر عملهم، وجدوه مجهزا بالكامل، والفضل يعود لكلا من رفيقيهم "أحمد" " حسام"
فقد استطاعوا تجهيز المكان بالكامل بالضغط على العمال حتى تمكنوا من إتمام العمل بشكل جيد، دخلوا من باب مقر الشركة الجديدة، كانا في انتظارهما أصدقائهم لشرح كافة الأمور التي تخص العمل، مرت الساعات وتمكنوا من فهم العمل بالكامل، فقد كانوا يتميزون بالذكاء الذي مكنهم من فهم كافة الأمور، خاصة لخبرة "سليم" في إدارة الأعمال بالخارج،
ليبدأ الحديث بإعجاب واضح بعقليتهم الكبيرة...
أحمد : بس براڤوا عليكم فهمتم كل حاجة بسرعة، شكل الشغل هيبقى عالي جدا
يؤمن على حديثه مؤكدا حديثه...
حسام: يا ابني انت مستهون بيهم ولا ايه، بعدين سلم كان نااااار، صراحة كان عامل برة شغل عالي جدا
يتحدث ببعض الخجل، محاولا الانسجام في الحديث...
سليم : مش للدرجة دي وبعدين ده شغلنا اللي احنا هنتباهي بيه بعد كدة، وبعدين يا صاحبي دي حياتنا دلوقتي عشان نقدر نقف على رجلينا ونكون نفسنا ولا ايه
كان الإعحاب يتراقص في عينيه، لقد اكتسب صحبة حقيقية...
محمد : صراحة انا فعلا معجب بيكم وبالعلاقة بينكم، وسليم عاجبني تفكيره جدا، شاب زيه كان ممكن ينحرف زي كتير من الشباب الأغنية، بس اللي عجبني أكتر تمسكك بدينك واجتهادك في عملك، أنا بصراحة فرحان جدا إني اتعرفت عليكم
أحمد : انت كمان شخصية جميلة جدا يا محمد وتستحق تكون معانا، مش لازم نحكم على طبقة معينة إنها كلها سيئة، كل مكان زي فيه حلو فيه وحش، الفرف بينهم باللي بيتمسك بدينه وقيمه، وتربيته الصح
حسام : كلامك صح انا عندك مثال اهه مليش حد في الدنيا دي غير أحمد وطنط ناهد، بس فضلوا معايا لخد ما انا اهه قدامك ربنا كرمني بزوجة محترمة وبنوتة رائعة بحمد ربنا عليهم، ربني عوضني بعيلة وكرمني بأخ لو كان اخويا ابن امي وابويا مكنش هيعمل معايا كدة
أحمد : هنسيب المهم ونقلبها دراما، يلا بينا على شغلنا احنا يا فالح عشان العطلة دي، وسيب البهوات دول يخبطوا شوية، لما نشوف هيعملوا ايه، قوم يلا قوم
كان يقولها وهو يقوم بدفعه للخارج، ليرد عليه بنبرة تميل للمزاح،
حسام : خلاص يا سي السيد، برحة عليا وخليك حنين
أحمد : غور جتك القرف
لينفجرا ضحكا على مشاكستهم التي لا تخلوا من طرفات حسام المستفزة
محمد : صراحة أنا معجب بيهم جدا، ربنا يبارك فيهم، المهم دلوقتي ايه الخطوة الجاية؟
سليم: بص يا سيدي دلوقتي الشغل هيكون علينا احنا الاثنين، انت هتمسك قسم وانا القسم التاني، ولما نشوف هنستقر على ايه لأن رائف لحد دلوقتي مصمم ميقفلش الفرع اللي برة خاصة إن له مكانته هناك
محمد : غريبة بس رائف ليه منزلش مع مراته، انا لسة معرفوش بس الوضع غريب شوية!
ينظر له سليم ثم يتحدث معه بعد تنهيدة ثقيلة: رائف حالته حالة أنا هحكي لك يمكن نلاقي له حل
........................................... بس دي كل الحكاية
محمد بتفكير بعد ما استمع إليه: بقول لك هي لها حل واحد الغيرة يا صاحبي، انت تتفق معاه ينزل في الأجازة اللي اخنا هنسافر فيها للبلد عند جدي، وبعدين سيب الباقي لوقته أكون ظبط لك الدنيا
سليم بتعجب : ظبط إيه بالضبط !
يبتسم ابتسامة تميل للذكاء كثيرا، ليسرد له ما ينوي فعله، وهذه نفس الخطة التي كانت تدور بعقله هو الآخر، ليتفقوا على محادثته في أسرع وقت حتى يتمكنوا من إتمام الأمر، ليأكد له أن هذا الأمر هو ماكان يربد تنفيذه
سليم: ده نفس اللي كنت بفكر فيه، لكن مش عارف هنعمله ازاي
محمد : شوف احنا نستغل الوقت اللي هنسافر فيه للبلد، وقتها هنتفق على شوية حاجات كتير، هبقي افهمها لك، بس خليني اكلم رائف الأول انت عارف إني معرفوش وهو كمان ممكن يضايق
ضحكة شديدة: مين رائف! يا ابني رائف ده النسخة المسخرة من حسام، حسام جنبه ملاك
محمد : بس برده لازم تكلمه الغول، لما نرجع البيت نكلمه
سليم : خلاص تمام
كانت في طريقها من بوابة الجامع، تنظر يمينا ويسارا تحاول العثور على المكان الذي يحلسون فيه، مرت دقائق قليلة ووجدتهم في مكانهم المعتاد على إحدى المقاعد بانتظار بدأ المحاضرة الأولى، وكان رفاقها القدامى بانتظارها للقدوم نحوهم، لكنها تخطتهم باتجاه آخر، اتجاه هداها الله إليه، لينظرا لها بفرحة عارمة من خطوتها تلك، فهي تعد بداية الهداية، ليتعجب رفاقها القدامى من تصرفها، والأغرب من هذا جلوسها لجوار من كانت تعدهم أعدائها،
تجلس لجوارهم بابتسامة نقية، ووجه خالي من الصبغات الملونة، والتي للمرة الأولى تظهر بهذا النقاء، لتبادرهم بالتحية
جنى: ازيكم يا بنات، معلش اتأخرت شوية، ماما كانت فاتحة ليا تحقيق على لبسي وطريقتي وهكذا
تحدثها هنا بتعجب: تحقيق ليه! هي تكره إن بنتها تتغير للأحسن! بصراحة يا جنى والدتك غريبة
تعلم حيدا صدق حديثها، فهي دونا تشعر أن والدتها تخفي أمرا خطيرا
جنى : عندك حق بس اعمل لها ايه، انا اللي هو بنتها معرفش هي بتفكر ازاي
تضيق عينيها من هذه الشخصية الغريبة فقد اعتقدت أنها مجرد امرأة من الطبقة الغنية التي تحقد على الفقراء، بل وتنظر لهم نظرة دونية، لكنها تقرر صرف انتباههم عن هذا الحديث حتى لا تستاء رفيقتهم
رؤى: كفايا يا هنا، قولي لي يا جنى قررتي هتعملي ايه في موضوع اللبس، اللي انتي اشترتيه!
جنى: أيوة كانوا كويسين جدا، بدأت البس منهم اهه،
لتشير نحو الثياب التي ترتديها
هنا : بس صراحة حلوين عليكي يا جوجو، شفتي بقيتي مزة حلوة ازاي
رؤى: حتى في دي بتحدفي شمال، يا هنا يا حبيبتي كدة العريس اللي هيجي لك هيطفش منك
تنظر لها بغيظ: ليه يا اختي، ده انا قمر وبعدين انا مش هتجوز أي حد عادي كدة، ده انا هختاره عموله على مزاجي
رؤى: عمولة! ااه ابقي قابليني يا اختي
تنظر لهم بفرحة من مناوشتهم البريئة، مناوشات لم تتطرق لشيء محرم، لتحاول الاندماج معهم بالحديث قدر الإمكان، تشعر بالحب الكبير نحوهم، لا تدري لماذا هم خصيصا
جنى: يا جماعة اهدوا بس، وبعدين هنخسر بعض عشان خاطر عريس منعرفوش، فكروا فيها شوية كدة
ينظران لها بتفكير، ثم ينفجران بالضحك معا، ليقررا الاتحاه لحضور محاضراتهم
✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍
على الحانب الآخر كانوا ينظرون نحوهم بتعجب، خاصة هو، كان يشعر بوجود خطب ما، منذ متى وهي ترافقهم، منذ أيام مضت كانتا هم ألد أعدائها، هنالك خطب ما، ليبدأ جميع من حوله يتساءلون عن حقيقة الأمر
......: نادر هو في ايه انا مش فاهم حاجة
نادر: عندك حق الوضع مش مريح نهائي، من إمتي و"جنى " بتحب رؤى
هند : فعلا غريب، لكن الأغرب إنها راحت تقعد معاهم ومبصتش علينا حتى، في حاجة غير طبيعية
ينظر لهم نادر بشك مما يحدث، ليعود له حديثها معه في الفترة الماضية،
نادر: عندكم حق بس انا لازم اعرف هي عاوزة ايه بالظبط منهم، لو اللي فبالي صح مش هسمح لها
......: قصدك ايه يا نادر انت عارف في ايه!
نادر : شاكك ..
✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍
انتهي الفصل رأيكم ايه