الفصل الحادي والعشرون2

هى بالفعل تحتاج للوحدة تحتاج للهدوء ولو قليلا المكان من حولها هادئ صامت إلا من أصوات الطيور المغردة أغمضت عيناها فاتحة ذراعيها تستنشق هواء صافى بارد ينعش قلبها وجسدها ..........لم تشعر بالوقت الذى مر عليها قبل أن تشعر بمن يلامس كتفها فتحت عيناها معتقدة أنه جاسم ولكنها فؤجئت بحسام يقف خلفها اعتدلت مبتعدة عنه متسائلة : خير يا حسام
تأملها قليلا ثم عاد مقتربا منها: أنا شفتك طالعة حبيت أسالك عن مرات عمى عاملة إيه دلوقتى
- الحمد لله أحسن بابا بيقول أن الحالة مستقرة بس هتفضل يومين فى المستشفى عشان يبقى مطمئن عليها
صمت قليلا ثم عاد واقترب ثانية : وأنتى يا همس..........لسه مصممة على جوازك من اللى اسمه جاسم ده
عقدت جبينها غاضبة: حسام ........لحد كده وكفاية أنت عاوز إيه بالظبط أنت راجل متجوز ومراتك إنسانة محترمة ........تصدق دى خسارة فيك أنت بنى آدم خاين عمرك ما هتتغير هتفضل كده مش هتفوق غير لما تلاقى نفسك لوحدك .............أبعد عنى وآنساني طلعنى من دماغك أنا عمرى ما كنت ليك ولا عمرى هكون ليك أنت مجرد ابن عمى وبس
اتسعت عيناه للحظة محاولا استيعاب حديثها فغمغم قائلا: أنتى ..........أنتى فاكرة كل حاجة يا همس
- أيوه فاكرة ........فاكرة كل حاجة فاكرة خيانتك وغرورك وأنت فاكر أنك ممكن تعيش حياتك بالطول والعرض وفى الآخر ترجع تلاقينى مستنياك بس صدقنى أنت مبقتش فارق معايا أنا كنت صغيرة عيلة كانت بتفرح بكلمتين لكن دلوقتى لا ولا تفرق معايا عشان أنا حبيت بجد اللى حصل كان سبب أنى أعرف جاسم وأحبه واتعلق بيه فلو سمحت ابعد عنى خلينا ولاد عم وأخوات وبس راعى ربنا فى مراتك دى متستهلش منك ابدا كل اللى بتعمله فيها

عاد واقترب مجددا لتبتعد هى بخوف ونظرته لا تبشر بالخير أبدا : من كام سنة وفى نفس المكان أنهيتى كل حاجة سيبتينى رغم أنك عارفة أنى كنت بحبك إزاى اتجوزت وحاولت أعيش ومقدرتش .......... شفتك بتتخطبى لعدى وأنا عارف و متأكد أنك عمرك ما حبتيه وبعد كل ده بتعيدى نفس الكلام وبتقولى أنك بتحبى راجل غيرى بعد كل ده وبتحبى راجل غيرى بس أنا عارف أنك كدابة ..........أيوه أنتى كدابة أنتى بتقولى كده عشان تكسرينى عشان اللى عملته زمان مش كده يا همس قولى أنى صح قولى أنك لسه بتحبينى ..........ردى عليا انطقى
صرخت به : أنت غبى وهتفضل غبى قولتلك أنت مجرد ابن عمى وبس أنا لا حبيت ولا هحب غير جاسم ولا أنت ولا مية راجل ممكن يحلوا محله
وإلى هنا وفقد السيطرة على نفسه هجم عليها ممسكا بذراعها: أنتى كدابة يا همس أنتى بتحبينى أنا ..........وأنا مش هسيبك لراجل غيرى أبدا
قبل أن يقترب أكثر وجد نفسه يلقى بعيدا عنها نظر نحوها وجد جاسم يقف حائلا بينه وبين همس التى اقتربت تمسك بذراعه محتمية به لكنه ابتعد عنها متجها نحوه: من ساعة ما شفتك وأنا حاسس أنك وراك حاجة بس توصل بيك القذارة أنك تتهجم على مراتى ده أنت تبقى الجانى على روحك
قالها واقترب منه أكثر يمسك بعنقه ليقف أمامه يطالعه بكراهية : أنا لو شفت عينك جت عليها ولا حاولت تكلمها لا هيهمنى أهلك ولا هيهمنى حد وهيكون آخر يوم فى عمرك أنت فاهم
قالها كلمته الأخيرة صارخا به وهو ينفضه بعيدا لينظر إليهما للحظة ويغادر مسرعا

التف جاسم نحو همس التى تقف خلفه دامعة العينان اقترب منها أكثر يضم وجهها وبأصابعه يمسح دموعها: بتعيطى ليه دلوقتي
- كنت خايفة أوى............أوعى تسيبنى يا جاسم أنا مليش غيرك
- أنا عمرى ما هسيبك ولا هبعد عنك بس ليه تعملى فيا كده لما أنتى فاكرة كل حاجة ليه خبيتى عليا ..........ليه لما سألتك عنه قولتى أنك مش فاكرة
ومازالت متشبثة بذارعه باكية : عشان مش عاوزة افتكر أى حاجة قبلك ..........مش عاوزة أعيش اللى حصلى تانى يا جاسم اللى شفته فى اليوم ده صعب أوى صعب أوى يتحكى ............وحسام ده أنا مفيش بينى وبينه حاجة والله لو كنت جيت من شوية كنت هتسمعنى وأنا بتخانق معاه صدقنى يا جاسم والله
- حبيبتى أنا مصدقك من غير ما تحلفى ثم أنا كمان سمعت كل حاجة كل اللى دار بينكم بس عاوزة الحق فضلت واقف مستنى عاوز أعرف إيه حكايته وليه ديما كارهنى كده على أد ما كان نفسى أدخل من بدرى وأرميه من هنا على أد ما كان نفسى اسمع كلامك عنى
- لسه مش متأكد منى يا جاسم
- من يوم ما حبيتك وأنا متأكد منك ومن كل حاجة جواكى ليا.........بس مش هنكر هبقى فرحان وأنا بسمعك بتتكلمى عنى وعن حبك ليا
بس اللى أنا عاوز أعرفه ليه خبيبتى عليا وعلى والدتك إيه اللى مخبياه ياهمس
أخفضت رأسها بخزى لا يخصها ولكن يخص شقيقتها وإن أباحت وتحدثت ستشوه صورة أباها أمام الجميع خاصة جاسم

أبدا يا جاسم أنا بس مكنتش مستوعبة اللى حصل وكنت بحاول ارتب ورقى زى ما بيقولوا .........
- يعنى مش عاوزة تحكيلى إيه اللى حصلك وإيه جابك من القاهرة لاسكندرية
- هتعرف كل حاجة فى وقتها يا جاسم أنا مليش غيرك احكيله ولا بقيت عاوزة غيرك خلاص
************
فتحت باب شقتهم بهدوء معتقدة أن إخواتها خلدوا للنوم ولكنها فوجئت بسيف يجلس على أحد الأرائك يدخن بشراهة انتبه إليها وهى تفتح الباب فاقتربت منه متسائلة: أنت لسه صاحى ليه افتكرتك نمت
تنهد وعاد للخلف بإرهاق : مكنش ينفع أنام قبل ما أسمع منك وأعرف كل حاجة يا همس لازم أعرف إيه اللى حصل وإزاى كلب زى ده يقدر يغفلنا كلنا ويلف على الحيوانة اللى جوه دى من ورانا .............إحنا كنا فين ياهمس إزاى مخدتش بالى منه إزاى
قالها وجسده يندفع للأمام بغضب مكملا: احكيلى يا همس اللى حصل ده حصل إزاى ومين نور دى اللى اتقتلت احكى يا همس
عادت للخلف مستندة برأسها على حافة الأريكة مغمضة العينان تعود لشهور مضت متذكرة لكل لحظة قائلة
أنت عارف أختك مجنونة وأى قضية تشدنى كنت أروح وراها لو هى فين وفى يوم لقيت بنت صغيرة داخلة عليا المكتب كانت مرتبكة وخايفة وقلقانة بتبص حواليها زى ما يكون حد مراقبها سألت عليا وجت واتكلمت معايا
قالتلى أن فى ناس بيعملوا حفلات موسيقى غريبة زى الروك اند روك فى الأول كانت بتروح مع أصحابها بيحضروا الحفلات دى وخلاص بس بعد كده لقيت أنهم بيختاروا مجموعة معينة من الشباب ويروحوا بيهم مكان تانى وهى كانت من ضمن المجموعة دى
المكان كان غريب مقبض ناس شكلها غريب وبيعملوا حاجات أغرب .........خمرة ومخدرات وكل حاجة قذرة ممكن تتخيلها البنت وقتها قدرت تخرج من المكان كانت حاسة ان فى حاجة غلط خصوصا مع الطقوس اللى كانوا بيعملوها لما جت وحكتلى اتاكدت أن دول من عبدة الشيطان يمكن الحكاية دى كانت مختفية من سنين بس واضح أنهم رجعوا تانى ومع كل العشوائية والهرجلة اللى إحنا فيها المجال كان متاح أودامهم قدروا يسيطروا على شباب كتير
سألها باهتمام : هى دى نور اللى قولتى عليها؟
- أيوه نور ساعدتنى أدخل وسطهم بعد ما اتنكرت طبعا ولبست زيهم ولبست باروكة ولبست عدسات المهم أنى غيرت ملامحى ومصطفى ساعدنى فى الحكاية دى
وصورتهم نور كانت بعيدة عنى عشان محدش ياخد باله أننا مع بعض بس فى لحظة لقيت رجالة عاملة زى البادى جارد بياخدوها عرفت أنهم كشفوها مشيت وراهم خفت عليها بس شفت لين
شفتها ماشية مع عدى يا سيف حسيت أن الأرض بتتهز بيا حسيت أنى فى دوامة وبقيت بين نارين اروح وراء نور ولا ألحق لين اللى كان شكلها مش طبيعى زى المتخدرة مكنتش متخيلة أبدا أنهم يقتلوها مكنتش أعرف أن الروح رخيصة أوى كده يا سيف
هز رأسه بأسف : والهانم كانت فين وإيه اللى وداها هناك وعدى الكلب ده إيه علاقته بالناس دى
تنهدت مكملة:عدى واحد منهم ومهمته أنه يضم أكبر مجموعة شباب وبنات وكانت لين ضحية من ضمنهم قدر يضحك عليها كان بيشحنها من ناحيتى ويقولها أن ماما وبابا ديما بيفضلونى عليها ...........سمعته وكان قلبى بيتحرق فضلت ساكتة وأنا بسمعه بيملى عقلها بسمه وحقده ولما حسيت أنها ممكن تستسلمه مقدرتش فتحت الباب ودخلت لقيتهم .........
ابتعلت ريقها مكملة برعشة فى جسدها كلما تذكرت ثم عادت لتكمل : لقيتهم فى السرير بس لين كانت مغيبة مكنتش واعية والكلب ده كان قادر يسيطر عليها ساعة لما شافنى مقدرش يعرفنى بسرعة
صرخت .........فضلت أضرب فيها وشديتها من جنبه ضربتها بالقلم رشيت عليها مياه تفوق وهو واقف جبان مش قادر يتصرف فضلت افوق فيها لحد ما فاقت ولما شافتنى صرخت وفضلت تعيط وفجأة لقيت اتنين دخلوا يعرفوه أنهم قتلوا نور
محدش فيهم خد باله منى غير لما هجمت عليه وضربته بس أنا مهما كنت مدربة تفتكر كنت هقدر أقاوم ..............الاتنين دول كتفونى عشان هو يقدر يكسر عينى بس مقدرش عليا والله يا سيف مقدرش عليا كان عاوز يعتدى عليا ياسيف كان فاكر أنه هيقدر ولما فشل معايا ضربنى ..........فضل يضرب فيا وأنا شايفة لين بتهرب افتكرت أنها هتعمل حاجة هتصرخ هتبعدهم عنى بس هى كانت جبانة هربت وانا فى لحظة مقدرتش أقاوم حسيت أن قلبى بيوجعنى اتخنقت. مش قادرة أخد نفسى
وانا خلاص حاسة أنى بفارق الدنيا سمعته وهو بيقولهم شكلها ماتت حضروا العربية هنرميها على الطريق الصحراوى نوديها أبعد مكان وبعدها غبت عن الدنيا لحد لما جاسم لاقانى وفوقت لقيت نفسى فى المستشفى مش عارفه انا مين ولا انا فين ولا ايه اللى جرالى
ضرب سيف كفيه بغضب : يعنى كان داخل بيتنا عشان يضحك على الغبية دى وفى الآخر يعمل فيكى كده وبجاحته ماشى معانا يدور وقلبه محروق أوى عليكى .
عاد واستطرد متسائلا: همس أنتى متأكدة أن مفيش حاجة حصلت بينه وبين لين
ابتسمت بثقة: متأكدة يا سيف ..........هو أنت مخدتش بالك أن اختفيت ليه معاها النهاردة قبل ما نروح
عقد حاجبيه مجيبا: قلتى أنك هتجيبى قهوة عشان مصدعة حتى رفضتى جاسم يروح معاكى
- مكنش ينفع حد يجى معايا .........أنا خدتها قسم النسا فى المستشفى وخليت دكتورة هناك تكشف عليها واتاكدت يا سيف...........الحمد لله لين زى ما هى
اتسعت عيناه مذهولا:ازاى عملتى كده من غير ما حد ياخد باله
رفعت كتفها مجيبة: عادى أنتوا كنتوا مشغولين بماما وكانت فرصة كويسة أنى اطمئن على أختى عشان لما ماما تفوق تبقى هى كمان مطمئنة
ابتسم بحزن قائلا: بعد كل ده وبتقولى أختك يا همس
قامت من مكانها مغادرة: رغم كل حاجة هى أختى غلطت أكيد ليها عقاب ولازم تتعاقب بس مستحيل اسيبها تضيع تانى يا سيف مش هسيبها ابدا
ابتسم بتهكم : إحنا مش ملايكة يا همس عشان تنسى كل اللى حصل منها
ابتسمت بدورها مجيبة: ولا إحنا شياطين يا سيف وأنا مش ممكن أنسى اللى حصلى بس برضه مش هقدر أنسى أمنا أبونا كفاية عليهم وجع لحد كده ............أنا هدخل أنام تعبانة وحاسة أنى ممكن أنام أسبوع بحاله
*******
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي