الفصل 29

الفصل التاسع والعشرون
"بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم"
أول حاجة حابة انوه عليها إن الرواية لسة فيها أحداث كتير.. يعني مش هقدر اختصرها فهتنزل بالترتيب زي ما انا مخططاها.. وفي كذا نقطة حابة اناقشها.. فلو مضايقين ممكن نخلي الرواية جزئيين
بعد عودتهم للبلدة حاملين الأنباء السارة للجميع.. لينشرح قلب الجميع خاصة الأم المكلومة التي فقدت طفلتها.. وحرمت من أبنائها.. ليعود لها الأمل مرة أخرى .. كان الجميع يعد العدة لاستقبال الأحباب الغائبون.. الأحباب المفقودين.. كانوا يقومون بتجهيز الذبائح والموائد لإطعام الجميع.. احتفالا بعودة الغوالي..
.... مش مصدقة يا حاج صالح الفرحة مش سايعاني.. يعني خلاص هشوف ولاد بنتي قبل ما اموت..
لتنساب الدموع من عينيها فرحا..
كنت مفكرة مش هشوفهم تاني يا صالح.. بس ربنا عالم بوجع قلبي رأف بيا..
صالح: ربنا غفور رحيم يا حنان.. انتي لما تشوفيهم هتحسي بالفخر.. محمد راجل وقدر يربي أخته أحسن تربية .. وأخلاقه عالية.. هما على بكرة هيكونوا هنا إن شاء الله
حنان: مش مصدقة حاسة إن قلب هيقف من الفرحة.. طيب هما عاملين ايه حلوين..
يبتسم لرؤية الفرحة تذور زوجته بعد كل هذا الحزن الذي كان يظلل عينيها...
صالح: أحلى مما تتخيلي.. رؤى كلها حنين.. بكرة تشوفيها
يختم حديثه معها عندما أخبره ولده بوجود أحدهم بانتظاره..
✍✍✍❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️❣️

كانوا في منزلهم يجمعون مقتنياتهم.. كان يفكر بشرود لايدري لما يشعر بالاضطراب.. بداخله فرحة لا ينكرها.. لكنه قلق من القادم.. خائف من مشاعر تتفاقم داخله.. يقطع سيل أفكاره دخول أخته تحدثه بقلق من حالة الشرود التي تلازمه منذ عودتهم لجمع متعلقاتهم..
تقترب منه بقلق من تغيره الملحوظ: أبيه محمد خلصت لم الحاجة بتاعتك..
يلتفت برأسه تجاهها.. يجد القلق يرتسم على وجهها.. يعلم شدة فرحتها لوجود عائلتهم.. لا يريد أن يحزنها بقلقه الذي يسيطر على أفكاره..
محمد : قربت خلاص يا حبيبتي خلصت.. متقلقيش أنا كويس
كانت نظراتها تحكي الكثير والكثير.. لتحاول مجاراته بالحديث علها تتمكن من إخراج الألم الكامن داخله..
رؤى : أبيه هو حضرتك مدايق من اللي حصل.. يعني حاسة إنك تايه وفي قلق كبير مالي عنيك.. إحساسي بيك عمره ما كذب.. شكلك مبسوط وفي نفس الوقت حساك حزين.. ليه كل ده هو حضرتك زعلان وعاوز ترجع لجميلة تاني وزعلت لما رفضت شريف..
ينظرلها بابتسامة تحمل الحب داخلها.. فطفلته نضجت وأصبحت فتاة كبيرة ذات عقل ناضج..
محمد : لا موضوع جميلة ده عاوزك تمسحيه من دماغك خالص.. أنا قلقي فده طبيعي لأن احنا بين يوم وليلة حياتنا اتحولت 180 درجة فلازم اقلق من اللي جاي.. الوضع كله متغير يعني بين يوم وليلة وضعنا اتغير.. خايف شوية من التغير ده أكيد.. خصوصا ان في موضوع كنت ناسيه خالص .. مخليني قلقان
تضيق عيناها بتعجب شديد: موضوع ايه ده!
محمد : هتعرفيه بعدين لأنك لازم ولابد إنك تعرفيه..
كان يختتم حديثه وهو يغلق الحقيبة.. ويخبرها بضرورة نزولهم للأسفل.. فسليم وهنا بانتظارهم بالسيارة.. يستعدان للمغادرة مغلقين باب منزلهم الصغير الذي آواهم في أيام صعاب.. فكان كالدرع الحامي لهم من شرور البشر.. ليتجهو مع أبناء عمهم للذهاب لبلدة والدتيهما.. راجين من الله السلامة..
يقابله سليم مساعدا إياه بحمل الحقائب.. ليستقرا بجوار بعضهما البعض بالأمام.. والفتاتان بالخلف..
سليم : كدة كل حاجة تمام يا محمد.. أنا عاوزك متقلقش إن شاء الله أنا وانت مع بعض هنرجع شغل أهلنا أحسن من الأول
ينظر بنظرة حب لرفيق طفولته الذي عاد ليبث الحياة به من جديد..
محمد : صح بإذن الله.. نرجع من الاقصر وهنبدأ على طول.. عشان الدنيا تمشي معانا تمام بأمر الله.. وان شاء الله يومين تلاتة يالكتير ونرجع عشان دراسة البنات..
يومئ برأسه موافقا إياه: صح عندك حق مش لازم نتأخر عشان ميتأخروش في دراستهم.. بس انا حاسك قلقان كدة
محمد : يعني شوية كدة بس .. تقدر تقول الموضوع مقلق مش أكتر..
✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍
كانت تسير الأمور بهير ووصلوا جميعا لبلدتهم الأم.. لم يتوقعوا هذا الترحيب الحار الذي قابلهم به الجميع.. فكانت فرحة حقيقية.. كان الجميع مصف على جانب المنزل من الأمام.. والنساء يقفن بالخلف متراصين بجوار بعضهم البعض.. وفرقة تعزف بالمزمار البلدي كعادة بلاد صعيد مصر الجميلة.. والأشجار الحميلة تتوزع بين المنازل بعضها البعض..
لتعبر السيارة وسط الصفوف المهللة بعودتهم.. ليتقدم جدهم وأخوالهم فرحين باستقبالهم.. وتتجه الفتيات للداخل مع" "فاطمة" باتجاه النساء.. لتنحني على يد والدتها تقبلها وتحتضنها بحنان وحب شديد.. تأخذها والدتها بأحضانها بحنان شديد.. وفرحة بعودة الغائب.. فكانت فرحة حقيقية نابعة من القلب لتصل للقلب.. تنساب دمعات الواقفين جيعا تأثرا بهذا المشهد..
فاطمة: وهي تقبل يد والدتها.. وحشتيني اوي يا أمي.. وحشتيني..
حنان: بدموع كالشلال.. وانتي وحشتيني يا ضي عيني.. بعدك كان صعب يا بنتي.. صعب والغالية كمان سابتني.. صح كنت زعلانة من بعدها.. بس كانت عايشة على وش الدنيا.. وجيتي انتي كمان وبعدتي مزعتوا قلبي وراكوا
فاطمة: أنا أسفة متزعليش حقك عليا.. بس كان صعب عليا وانا كنت شاكة ان اخويا هو السبب.. مكنتش قادرة اواجه حد
لكن كنت غلطانة حقك عليا حرمت نفسي من حضنك ..
حنان : خلاص يا نور عيني كفايا عتاب كدة .. تعالي فين الغاليين!

تنهض وهي تجذب ملا من هنا ورؤي.. تشير نحوهما بالتعريف

فاطمة: دي "رنا" بناي الكبيرة.. ودي "هنا "بنتي الصغيرة.. اما دي فدي الغالية "رؤي" بنت حنين

تنهض نحوها محتضنة إياها بعاطفة شديدة..

حنان: اااااه يا بنت الغالية تعالي في حضني ردي ليا روحي من تاني..

تبادلها الاحضان بفرحة لهذا الحب والعاطفة الصادقة النابعة من القلوب..

وتفعل المثل مع كلا من هنا ورنا.. ثم دقائق وكانت تعرفهم بزوجة اخيها وطفلتهم

حنان : شوفي يا فاطمة دي ...

تقاطعها: منار" وحشتيني اوي يا صاحبتي

تحتضنها سامحة لعبراتها بالتحرر من محجرها..

منار: وانتي كمان وحشتيني اوي يافاطمة .. شوفي دي حنين بنتي..

تنظر لموضع يدها وتري فتاة صغيرة جميلة تنظر لها بتعجب شديد..

فاطمة: وهي تشير بيدها.. دي بنت حسن " حنين" سماها حنين!

كانت تومئ براسها دلالة نعم.. تتحه لتحمل الصغيرة مقبلة إياها.. لتعود منار وتؤشر لها على "ورد" زوجة حامد

ودي ورد مرات حامد ابن عمك

ورد: ازيك يا فاطمة حمدلله علي سلامتك نورتي بلدك من تاني

بعد انتهائهم من الترحيب بهم.. اخذوهم للغرف المعدة لهم من اجل ان ينالوا قسطا من الراحة.. وبعدها دخل الشباب لتحية جدتهم.. وانتهي اللقاء الحار باجتماعهم على مائدة الطعام بعد زمن طويل
✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍
#################################

كانت تجلس بغرفتها.. والصغار ملتفون حولها ككل ليلة.. لتقص عليهم قصة المساء.. وفي هذه المرة كان زوجها الحبيب يجلس بجوارها.. في البداية قرر هو قص قصة ما حتى يتمكنوا من الذهاب لغرفتهم باكرا.. لكنهم رفضوا محتجين بكون قصص والدتهن افضل

احمد : إيه رايكم احكي لكم انا قصة حلوة احلي من بتاعة ماما..

نور : لا يا بابا حضرتك قصصك بتخوف.. ماما بتحكي قصص حلوة

سما : وبابا قصصه حلوة يا نور..

ينظر لها بابتسامة تتحول لصدمة عندما تكمل حديثها

بس ماما بتحكي احلي..

تنفجر ضحكا علي تعابيره المنصدمة.. وتنظر له بحنان

نجلاء: خلاص يا حبيبي انا هحكي لهم القصة.. وهخلص بسرعة..

احمد : قولي والله دول العيال القرود دول بيعاندوني.. الله يرحم تعالي يابابا احكي لنا حدوتة.. تعالي نام جنبي يبابا..

هااه كل ده راح فين !

نجلاء: خلاص يبابا لما اخلص انا موافقة انك انت تحكي ليا الحدوتة
بنظرات عاشقة.. احمد : عنيا احلي حدوتة

لتعاود النظر للصغارها بحياء مهما طالت مدة زواجها سيظل ملازما إياها

نجلاء: قصتنا النهاردة اسمها" عشق يتحدى القدر"

..................
انتهت بعد مدة بسيطة من سرد القصة، ليبدأ الصغار الأسئلة اللامتناهية، وبعد فترة بدأوا يتثاءبون للنوم، أخذهم والدهم لغرفتهم وساعدهم بالنوم، وبعد وقت قليل عاد لها وهو يجلس لجوارها بهدوء، وبدأ حديثهم الذي يفضي كلا منهما للآخر،
ساعدها بهدوء واسترخاء شديد، كانت تعتقد أنه سيمل من هذا الأمر، ولكنه كان بقمة سعادته، أثناء هذا الوقت أتاه اتصال هاتفي مفاجئ، ضيق عينيه بتعجب شديد، لتنظر له بتعجب، أجاب قائلا،
أحمد: السلام عليكم، ازيك يا مروان، ايه يا ابني هو انا مش لسة مكلمك من شوية!
على الجانب الآخر، مروان: أحمد في حاجة حصلت ولازم تعرفها، انت فين دلوقتي؟
ازداد التعجب من نبرته بالحديث: أنا في البيت يا ابني في ايه!
مروان: بتردد قليلا، أحمد نيهال انتحرت...
صدمة كبيرة هل هكذا تكون نهايتها، بعد كل هذا الفجور والظلم الذي تسببت به للجميع،
أحمد: إيه ! ازاي ده حصل وامتى!
مروان: النهاردة لسة الخبر واصل لي، اللي كانوا معاها في الحبس تطاولت معاهم بالكلام فضلوا يضربوا فيها لحد مكنتش قادرة تتنفس، نقلوها المستشفى بس كانت اتوفت

أحمد : طيب انتوا هتعملوا ايه دلوقت! المفروض هتتدفن!
مروان بهدوء: المفروض حد من أهلها يستلمها، لكن.. مفيش حد منهم موجود..
تبادل النظرات مع زوجته بهدوء مقررا إخبارها.. انتابها القلق الشديد من هذه المحادثة، لتسأله بقلق خوف من أن يكون حدث أمر ما
تسائلت بقلق يأكل عظامه كالنار التي تأكل ما حولها،
نجلاء: أحمد في ايه! نروان ماله حد جراله حاجة؟
ينظر لها بنظرات يملأها القلق والخوف من تأثير هذا الخبر الصادم
أحمد: لا مروان مفيش فيه حاجة، بس... نيهال ماتت في السجن، ناس جوا ضربوها ومروان بيقول إن مفيش حد يستلم جثتها..و...
تنظر له بأسف: ربنا يرحمها.. بس عندي طلب..
رغم تعجبه من الأمر إلا أنه انتظر إكمال حديثها
استلم جثتها وادفنها، عشان خاطري اكرم دفنها عشان خاطر بنتها متجيش تتهمك بالتقليل منها في يوم من الأيام
تعجب أصابه بل الذهول الشديد من تصرفها.. يعلم طيبتها وحسن خلقها، لكن لهذه الدرجة
أحمد: نجلاء انتِ بتقولي ايه! انا عارف إنك طيبة بس مش للدرجة دي ده انا كنت هموتها من الوجع اللي كنت حاسس بيه عشان اللي عملته فيكي...
نجلاء: أحمد يا حبيبي عارفة إنك مستغرب بس هي دلوقتي بين ايدين ربنا، هو اللي هيحاسبها مش احنا، لكن دلوقتي إكرام الميت دفنه، وبعدين نور ممكن تتأثر بعدين.. حتى لو متعرفهاش بس برده احنا بنعامل ربنا مش بنعامل البشر
ينظر بحب يكفي الكون: انتِ نعمة من نعم ربنا عليا ، عشان خاطرك هاخدها ادفنها..
يرفع الهاتف محدثا رفيقه: مروان أنا اللي هستلم جثتها وادفنها
ثم يغلق الهاتف، بل يغلق صفحة سيئة ملئت حياتهم بالندوب والحزن، وهذه هي نهاية الجميع، ليس منا من سيخلد، الجسد فانٍ، والجمال فانٍ، ولن يبقى سوى العمل الطيب العمل الخالص لوجه الله تعالى

✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍
انتهي الفصل ولو قصير هنكتب واحد كمان بس بكرة
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي