الفصل 21
ثم غادر المكتب ليستند جوزيف بظهره إلى المقعد مغمض عيناه بإرهاق واضح ، دخلت تالة و وقفت خلف المكتب قائلة :
-كل شيء جاهز لتصوير غلاف المجلة الجديد .. من سيكون البطل ؟!
قال بلؤم :
-تعلمين جيدا من سيكون البطل
تنحنحت بخفة وهي تومئ بالموافقة ، ثم جلست على المقعد المجاور إلى المكتب قائلة :
-لن اتي إلى الشركة غدا .. لأكون جاهزة لحضور حفلة البالية
-حسنا .. حسنا .. أعلم .. والأن انهي شغلك اليوم
ارتسمت ابتسامة على شفاها وسرعان ما اختفت عندما دخلت جين ، وجلست على المقعد المقابل إلى تالة ، فنظرت تالة إليها بغيظ اما جين فكانت شاردة في حديث فيليب ، ثم تركتهم تالة وخرجت فنظرت إلى جوزيف بابتسامة مضطربة وتساءلت باهتمام :
-صحيح تصدر بعض من انتاج الشركة إلى قرى معينة ؟!
-نعم .. هم لا يقدرون على شراء تلك العطور ومستحضرات التجميل .. وأنا اوفرها لهم بأقل تكلفة
حركت رأسها بخفة ثم نهضت من مكانها و وقفت أمام النافذة ويبدو عليها الحزن الشديد وتذكرت حديث فيليب ، لم تصدق أن جوزيف يفعل هذا ، شركته من الشركات الكبيرة المعروفة في العالم ولم يفعل هذا من أجل المحافظة على سمعة العائلة والشركة ، فيما كان يتأملها جوزيف وهي لم تنتبه إلى النظرات الحب تلك ، وطال شرودها ليتساءل جوزيف :
-ما بكِ يا جين ؟! .. بماذا تفكرين ؟!
نظرت إليه وقالت عكس ما في داخلها :
-أخبرتني صديقي بموعد العام الدراسي .. واتساءل كيف اذهب إلى المدرسة وأنا متزوجة ..
عقد حاجبيه بينما هي شعرت بالاشمئزاز متابعة :
-مدرسة .. نعم مدرسة فانا فتاة صغيرة كيف اتزوج واذهب إلى المدرسة يا جوزيف ..
تقدمت نحو المكتب بخطوات بطيئة وهي تقول ببعض من الذهول :
-فتاة أخرى تتزوج ولا زالت قاصر .. وتنجب أطفالا .. يذهبون إلى الروضة وهي لا زالت تتعلم .. شيء بشع
ثم جلست على المقعد المجاور إلى المكتب مستنده بجبينها على انامل يدها ، فنهض جوزيف من مكانه و وقف خلفها واضعا يده على شعرها بحنان ، ثم انحنى ليهمس في أذنها :
-لا تحملين هم غيرك يا جين .. وأنتِ لست فتاة متزوجة .. فقط زواج على الورق
استدارت برأسها ليصطدم انفها بأنفه فشهقت بلهفه ، بينما امسك جوزيف بيدها لينهضها ، ثم وضع يده على وجنتها برقة وتحدث بجدية :
-أنتِ فتاة صغيرة .. ولكن تمتلكين عقل كبير عاقل يدرك كل شيء
ابتسمت بشغف وقد نست كل شيء يزعجها وتساءلت :
-حقا يا جوزيف ؟!
-حقا .. حقا كبيرة
ضحكت ضحكة خفيفة فضمها إلي صدره وشاركته بالعناق ثم تنهدت بارتياح لتشعر بنشوة داخل صدرها ، كل شيء يهون طالما الصغيرة في أحضان ذاك العاشق ، ثم قالت :
-شكرا لك
ارتدت منامة ودري قصيرة تبين مفاتن جسدها و وضعت مساحيق التجميل الخفيفة ، ثم خرجت لتجد جان ممدد على الفراش يشاهد التلفاز ، فجلست على المقعد المجاور للشرفة واضعة قدم فوق الأخرى لتظهر قدميها محاولة إغراءه كما أخبرتها والدتها ، ثم نظرت إلى جان الذي لا يعير إليها أي اهتمام ، فنظرت إلى التلفاز ولفت نظرها مجلة بجواره ، فتصنعت انها تود قرأتها ، ونهضت من مكانها متجه نحو التلفاز ، و وقفت أمامه تأخذ المجلة ليراها جان ثم اغمض عيناه فيما فتحت اوجين صفحات المجلة والتفتت متجه نحو المقعد لتجلس عليه ، ثم نظرت إليه من أعلى المجلة لترى اغمض عيناه ، فجزت على اسنانها بغيظ وعندما فتح عيناه نظرت إلى المجلة ، فيما نظر جان إليها بجمود ثم عاد بالنظر إلى التلفاز ، وبعد لحظات قليلة أغلقت المجلة ثم نهضت لتقف أمام الشرفة تارة وتتمشى في الغرفة تارة أخرى ..
ولكن لم يعطي لها اهتمام محاولاتها فشلت ، وسأمت من الذي تفعله ، أخفض صوت التلفاز قليلا ثم وضع رأسه على الوسادة مستعدا للنوم ، مما أثار غضب أوجين ثم دلفت إلى المرحاض مغلقة الباب خلفها بقوة ليرفع رأسه وينظر إلى الباب ثم زفر بسأم ، بينما مسحت اوجين مساحيق التجميل بالماء والمناديل ثم بدلت المنامة ببيجامة وخرجت لتمدد بجواره ، وأخذت تتنهد بصوت مستمع بفضل الغضب الذي تشعر به ، وايضا تشعر بدقات قلبها تؤلمها كثيرا ، وذهبت إلى النوم وهي بهذه الحالة ..
لم يستطيع جان النوم تلك الليلة وكان قلبه يخبره بشيء ما ، يشعر بوجود أديل يشعر بقربها منه ، قريبة بقلبها الذي يحتوي عشقا ، وعقلها المنشغل به ، يستنشق عبيرها في كل مكان ، وفقط ينقصه اللقاء بها ، فقط اللقاء ، فتاته الفاتنة اذا عادت إليه سيكون كل شيء بخير ، سينتظر هو يشعر بنسماتها الهادئة هنا ..
نهض من مكانه وخرج إلى الشرفة ينظر إلى النجوم المتناثرة بعمق ، كأنه على متن قارب ويقوم بإتباع النجوم الذي ستوصله إلى حبيبته ، وجد نفسه يبتسم بارتياح للمرة الاولى بعد فقده لأديل ، ثم جلس على المقعد وظل يفكر بها وينظر إلى النجوم حتى غلبة النعاس ليذهب إلى النوم ..
شرفت الشمس سريعا لتملئ المكان بالبهجة ، وتنظر إلى الأشجار و الورود ، استيقظت أوجيني ونظرت جوارها لم تجده ، فتوقعت انه داخل المرحاض ، ثم نهضت ترتدي حذائها ومضت من جوار الشرفة وهي تنظر إليها ، وتوقفت عن السير عندما رأته ، ثم غيرت مسارها وخرجت إلى الشرفة و وقفت تنظر إليه بتأمل ، ومسحت بظهر يدها على وجنته برفق ، ثم مسحت على شعره وخللت أصبع يديها بين خصل شعره للحظات من التأمل في ذاك النائم ، وتلومه بنظراتها على عدم حبه لها ، ولماذا لم يشعر بها ؟! ، لماذا لم يعشقها مثل ما عشق الخادمة ؟! ، حقا حياة لا تعطي لأحد كل ما يتمنى ..
استيقظ جان على مداعباتها لشعره ، فسحبت يدها ونظر إليها بنعاس وتبادلوا الصباح ، ثم تساءلت بفضول :
-لما نعست هنا ؟!
تنحنح بخفة ثم أجاب عليها وهو ينهض :
-كنت جالسا وغلبني النوم
ثم دخل الغرفة ثم المرحاض ، فجلست أوجين مكانه ولكن نهضت ثانية عندما سمعت صوت دقات الباب ، فخرجت مهرولة إلى الباب وقامت بفتحه ، لتجد المندوب يعطي لها تذكرتين مسرح البالية ، فشكرته ثم دخلت لتعود بالمال وأعاطته إليه ثم أغلقت الباب ، و وقفت تنظر إلى التذاكر ثم عادت إلى الغرفة ، وانتظرت حتى خرج جان الذي يمسح على شعره المبلل ، فقالت :
-لقد وصلت تذاكر المسرح
وقف يمشط شعره قائلا :
-حسنا .. اتمنى لكِ مشاهدة ممتعة
نهضت لتقف خلفه وتساءلت متعجبة :
-ألن تأتي معي ؟!
وضع الفرشاة بعنف ثم زفر بنفاذ صبر قائلا :
-لا .. لن أتي معك
حدقت به في ذهول ثم قالت بنبرة بكاء :
-ولكن أخبرتني انك ستأتي معي .. وقمت بشراء تذكرتين
التفت لينظر إليها بجمود صامتا ، مما جعلها تغضب اكثر و وجدت نفسها تبكي وقالت بعصبية ممزوجة بنبرة العتاب :
-لماذا تفعل بي هذا ؟! .. لماذا لا ترغب بي لهذه الدرجة البشعة
صاح بعصبية :
-لأنني لن أحبك .. و توقفي عن حبي أوجين
صرخت في وجهه ببكاء :
-لن اتوقف عن حبك جان .. فهذا ليس بيدي .. مثلك تماما فأنت لا تستطيع ان تتوقف عن حب أديل
ثم دلفت إلى المرحاض تبكي وتشهق ، ثم فتحت صنبور المياه و وضعت رأسها أسفل الماء لتشعر بالبرودة ويهتز جسدها قليلا ، فيما تناول جان التذاكر ونظر إليها بتأمل ثم تنهد بعمق وفكر أن يذهب معها
صعدت جين الطابق الرابع من الشركة ، وأخذت تمضي في الردهة وتنظر إلى الغرف المفتوحة ، لتجد العمال يعملون بجد وضمير ، وقفت أمام غرفة ورأت العمال يضعون العطر في زجاجات متوسطة الحجم ، فدقت على الباب لينظرن إليها ، ثم دخلت وتناولت زجاجة عطر صغيرة وتساءلت :
-لماذا تضعون العطر في زجاجات مختلفة ؟!
لتجيب عليها إحدى العاملات :
-جوزيف بك يصدر الزجاجات المتوسطة الحجم إلى بعض القرى .. والزجاجات الصغيرة إلى قرى أخرى .. حتى يستطيعون شرائها
حركت رأسها بالفهم ثم تركت الزجاجة وخرجت ثم تناولت الهاتف من الحقيبة واتصلت على فيليب ، وأجاب عليها لتقول بحده :
-انت كاذب .. جوزيف يصدر زجاجات صغير بسعرها المناسب .. وليس مثل ما قلت
-نعم أعلم هذا .. ولكن لم يدخل مادة مسرطنة إلى الشركة
عقدت بين حاجبيها بعدم فهم متسائلة :
-ماذا تقصد ؟!
-اقصد أن جوزيف يمتلك مكانا أخر خاص بما أخبرتك به
استندت بظهرها إلى الحائط مغمضة العينين ويبدو عليها الحيرة الشديدة ، فيما قال فيليب :
-جوزيف وارنو هم من يعلمون بهذا المكان .. والأن أخبريني بما هو جديد
فتحت عيناها وقالت بصوت مبحوح :
-لا شيء .. فقط نصور المجلة الجديدة و ..
قاطعها بضحكة عالية ثم توقف عن الضحك وقال بحنق :
-تمازحينني يا فتاة .. اود أن أعلم ما هو العطر الجديد .. اريد الورقة الصفراء التي تمتلك الخطوات
ثم انهى معها المكالمة ، فنظرت إلى الهاتف ثم هبطت الدرج متجه نحو مكتب جوزيف بخطوات سريعة ، وهي تخبر نفسها انها ستخبره بكل شيء ، وعندما وصلت إلى المكتب توقفت ، تذكرت تهديد فيليب وهو أن أخبرته سيبلغ عنه الشرطة ، زفرت بنفاذ صبر ثم دخلت لتجده واقفا أمام طاولة الاجتماع ، فيما التفت جوزيف برأسه لينظر إليها ثم تبسم ، ومد ذراعه بمجرد ان اقتربت منه أحاط خصرها وقبلها على وجنتها برقة ، فنظرت إليه بابتسامة خجل وكادت أن تتحدث ولكن دخل ارنو ، ثم تنحنح وقال :
-أسف لم أعلم ..
ابتعد عن جين وقال مقاطعا لحديثه :
-لا تتحدث معي برسمية يا رجل
اومأ برأسه ثم قال :
-حسنا .. جئت لأخبرك انني سأذهب إلى المصنع الثاني
حرك رأسه موافقا ليغادر ارنو ثم التفت جوزيف إلى جين التي تنظر إليه باضطراب ، عندما استمعت إلى كلمات ارنو ، والمصنع الثاني هو الذي أخبرها فيليب به ، وقف أمامها واضعا يده على وجنتها وقال مبتسما :
-اليوم سنذهب إلى مكان نسهر فيه
ثم غمز لها وتقدم نحو المكتب ليجلس على المقعد يفحص بعض الأوراق ، بينما نظرت جين إلى الطاولة التي تقف أمامها ولفت نظرها ورقة صفراء ، الذي أخبرها فيليب بها فتناولت تلك الورقة بهدوء وقامت بفحصها سريعا ، ثم وضعتها ونظرت إلى جوزيف المنشغل في الأوراق وهي تخرج هاتفها من الحقيبة ، ثم فتحته وكتمت الصوت ثم بدأت بتصوير الورقة عدة صور لتبدو واضحة ، ثم جلست على المقعد وارسلت الصور إلى فيليب ..
ليصدر هاتفه صوت رسالة فقام بفحصها واندهش من هذه الصور ، لم يتوقع أن جين سترسل له الصور بهذه السرعة ، ثم قبض يده بقبضة النصر وشعر بالارتياح ..
***
-اليوم سنذهب إلى مكان نسهر فيه
ثم غمز لها وتقدم نحو المكتب ليجلس على المقعد يفحص بعض الأوراق ، بينما نظرت جين إلى الطاولة التي تقف أمامها ولفت نظرها ورقة صفراء ، الذي أخبرها فيليب بها فتناولت تلك الورقة بهدوء وقامت بفحصها سريعا ، ثم وضعتها ونظرت إلى جوزيف المنشغل في الأوراق وهي تخرج هاتفها من الحقيبة ، ثم فتحته وكتمت الصوت ثم بدأت بتصوير الورقة عدة صور لتبدو واضحة ، ثم جلست على المقعد وارسلت الصور إلى فيليب ..
ليصدر هاتفه صوت رسالة فقام بفحصها واندهش من هذه الصور ، لم يتوقع أن جين سترسل له الصور بهذه السرعة ، ثم قبض يده بقبضة النصر وشعر بالارتياح ..
وضعت الهاتف في الحقيبة بعد أن حذفت الصور ثم نظرت إلى جوزيف في حيرة ، ثم تنهدت قائلة :
-سأذهب إلى المنزل .. انتظرك
بدأت في ترتيب فستان كارولين التي ستقدم به عرض الليلة ، بينما كانت كارولين جالسة أمام المرآة وفتاة تضع لها مساحيق التجميل ، ثم وقفت أديل خلفها تنظر إليها في المرآة بابتسامة واسعة لتبادلها كارولين بنفس الابتسامة ، وبعد دقائق قليلة انتهت الفتاة وخرجت لترتدي كارولين الفستان بمساعده من أديل ، ثم نظرت أمام المرآة متسائلة :
-أأبدو جميلة ؟!
لتقول أديل بابتسامة واسعة :
-رائعة .. تشبهين فراشة مميزة
التفتت لتنظر إليها بسعادة متمته بالشكر فيما دق روبير الباب وآذنت بالدخول ، ليدخل فاختفت ابتسامة كارولين وزفرت بسأم ، بينما صفر روبير وهو يحوم حولها ثم قال بإعجاب :
-تبدين رائعة .. حقا رائعة يا كير
تساءلت بنبرة ساخرة :
-حقا؟!
-كل شيء جاهز لتصوير غلاف المجلة الجديد .. من سيكون البطل ؟!
قال بلؤم :
-تعلمين جيدا من سيكون البطل
تنحنحت بخفة وهي تومئ بالموافقة ، ثم جلست على المقعد المجاور إلى المكتب قائلة :
-لن اتي إلى الشركة غدا .. لأكون جاهزة لحضور حفلة البالية
-حسنا .. حسنا .. أعلم .. والأن انهي شغلك اليوم
ارتسمت ابتسامة على شفاها وسرعان ما اختفت عندما دخلت جين ، وجلست على المقعد المقابل إلى تالة ، فنظرت تالة إليها بغيظ اما جين فكانت شاردة في حديث فيليب ، ثم تركتهم تالة وخرجت فنظرت إلى جوزيف بابتسامة مضطربة وتساءلت باهتمام :
-صحيح تصدر بعض من انتاج الشركة إلى قرى معينة ؟!
-نعم .. هم لا يقدرون على شراء تلك العطور ومستحضرات التجميل .. وأنا اوفرها لهم بأقل تكلفة
حركت رأسها بخفة ثم نهضت من مكانها و وقفت أمام النافذة ويبدو عليها الحزن الشديد وتذكرت حديث فيليب ، لم تصدق أن جوزيف يفعل هذا ، شركته من الشركات الكبيرة المعروفة في العالم ولم يفعل هذا من أجل المحافظة على سمعة العائلة والشركة ، فيما كان يتأملها جوزيف وهي لم تنتبه إلى النظرات الحب تلك ، وطال شرودها ليتساءل جوزيف :
-ما بكِ يا جين ؟! .. بماذا تفكرين ؟!
نظرت إليه وقالت عكس ما في داخلها :
-أخبرتني صديقي بموعد العام الدراسي .. واتساءل كيف اذهب إلى المدرسة وأنا متزوجة ..
عقد حاجبيه بينما هي شعرت بالاشمئزاز متابعة :
-مدرسة .. نعم مدرسة فانا فتاة صغيرة كيف اتزوج واذهب إلى المدرسة يا جوزيف ..
تقدمت نحو المكتب بخطوات بطيئة وهي تقول ببعض من الذهول :
-فتاة أخرى تتزوج ولا زالت قاصر .. وتنجب أطفالا .. يذهبون إلى الروضة وهي لا زالت تتعلم .. شيء بشع
ثم جلست على المقعد المجاور إلى المكتب مستنده بجبينها على انامل يدها ، فنهض جوزيف من مكانه و وقف خلفها واضعا يده على شعرها بحنان ، ثم انحنى ليهمس في أذنها :
-لا تحملين هم غيرك يا جين .. وأنتِ لست فتاة متزوجة .. فقط زواج على الورق
استدارت برأسها ليصطدم انفها بأنفه فشهقت بلهفه ، بينما امسك جوزيف بيدها لينهضها ، ثم وضع يده على وجنتها برقة وتحدث بجدية :
-أنتِ فتاة صغيرة .. ولكن تمتلكين عقل كبير عاقل يدرك كل شيء
ابتسمت بشغف وقد نست كل شيء يزعجها وتساءلت :
-حقا يا جوزيف ؟!
-حقا .. حقا كبيرة
ضحكت ضحكة خفيفة فضمها إلي صدره وشاركته بالعناق ثم تنهدت بارتياح لتشعر بنشوة داخل صدرها ، كل شيء يهون طالما الصغيرة في أحضان ذاك العاشق ، ثم قالت :
-شكرا لك
ارتدت منامة ودري قصيرة تبين مفاتن جسدها و وضعت مساحيق التجميل الخفيفة ، ثم خرجت لتجد جان ممدد على الفراش يشاهد التلفاز ، فجلست على المقعد المجاور للشرفة واضعة قدم فوق الأخرى لتظهر قدميها محاولة إغراءه كما أخبرتها والدتها ، ثم نظرت إلى جان الذي لا يعير إليها أي اهتمام ، فنظرت إلى التلفاز ولفت نظرها مجلة بجواره ، فتصنعت انها تود قرأتها ، ونهضت من مكانها متجه نحو التلفاز ، و وقفت أمامه تأخذ المجلة ليراها جان ثم اغمض عيناه فيما فتحت اوجين صفحات المجلة والتفتت متجه نحو المقعد لتجلس عليه ، ثم نظرت إليه من أعلى المجلة لترى اغمض عيناه ، فجزت على اسنانها بغيظ وعندما فتح عيناه نظرت إلى المجلة ، فيما نظر جان إليها بجمود ثم عاد بالنظر إلى التلفاز ، وبعد لحظات قليلة أغلقت المجلة ثم نهضت لتقف أمام الشرفة تارة وتتمشى في الغرفة تارة أخرى ..
ولكن لم يعطي لها اهتمام محاولاتها فشلت ، وسأمت من الذي تفعله ، أخفض صوت التلفاز قليلا ثم وضع رأسه على الوسادة مستعدا للنوم ، مما أثار غضب أوجين ثم دلفت إلى المرحاض مغلقة الباب خلفها بقوة ليرفع رأسه وينظر إلى الباب ثم زفر بسأم ، بينما مسحت اوجين مساحيق التجميل بالماء والمناديل ثم بدلت المنامة ببيجامة وخرجت لتمدد بجواره ، وأخذت تتنهد بصوت مستمع بفضل الغضب الذي تشعر به ، وايضا تشعر بدقات قلبها تؤلمها كثيرا ، وذهبت إلى النوم وهي بهذه الحالة ..
لم يستطيع جان النوم تلك الليلة وكان قلبه يخبره بشيء ما ، يشعر بوجود أديل يشعر بقربها منه ، قريبة بقلبها الذي يحتوي عشقا ، وعقلها المنشغل به ، يستنشق عبيرها في كل مكان ، وفقط ينقصه اللقاء بها ، فقط اللقاء ، فتاته الفاتنة اذا عادت إليه سيكون كل شيء بخير ، سينتظر هو يشعر بنسماتها الهادئة هنا ..
نهض من مكانه وخرج إلى الشرفة ينظر إلى النجوم المتناثرة بعمق ، كأنه على متن قارب ويقوم بإتباع النجوم الذي ستوصله إلى حبيبته ، وجد نفسه يبتسم بارتياح للمرة الاولى بعد فقده لأديل ، ثم جلس على المقعد وظل يفكر بها وينظر إلى النجوم حتى غلبة النعاس ليذهب إلى النوم ..
شرفت الشمس سريعا لتملئ المكان بالبهجة ، وتنظر إلى الأشجار و الورود ، استيقظت أوجيني ونظرت جوارها لم تجده ، فتوقعت انه داخل المرحاض ، ثم نهضت ترتدي حذائها ومضت من جوار الشرفة وهي تنظر إليها ، وتوقفت عن السير عندما رأته ، ثم غيرت مسارها وخرجت إلى الشرفة و وقفت تنظر إليه بتأمل ، ومسحت بظهر يدها على وجنته برفق ، ثم مسحت على شعره وخللت أصبع يديها بين خصل شعره للحظات من التأمل في ذاك النائم ، وتلومه بنظراتها على عدم حبه لها ، ولماذا لم يشعر بها ؟! ، لماذا لم يعشقها مثل ما عشق الخادمة ؟! ، حقا حياة لا تعطي لأحد كل ما يتمنى ..
استيقظ جان على مداعباتها لشعره ، فسحبت يدها ونظر إليها بنعاس وتبادلوا الصباح ، ثم تساءلت بفضول :
-لما نعست هنا ؟!
تنحنح بخفة ثم أجاب عليها وهو ينهض :
-كنت جالسا وغلبني النوم
ثم دخل الغرفة ثم المرحاض ، فجلست أوجين مكانه ولكن نهضت ثانية عندما سمعت صوت دقات الباب ، فخرجت مهرولة إلى الباب وقامت بفتحه ، لتجد المندوب يعطي لها تذكرتين مسرح البالية ، فشكرته ثم دخلت لتعود بالمال وأعاطته إليه ثم أغلقت الباب ، و وقفت تنظر إلى التذاكر ثم عادت إلى الغرفة ، وانتظرت حتى خرج جان الذي يمسح على شعره المبلل ، فقالت :
-لقد وصلت تذاكر المسرح
وقف يمشط شعره قائلا :
-حسنا .. اتمنى لكِ مشاهدة ممتعة
نهضت لتقف خلفه وتساءلت متعجبة :
-ألن تأتي معي ؟!
وضع الفرشاة بعنف ثم زفر بنفاذ صبر قائلا :
-لا .. لن أتي معك
حدقت به في ذهول ثم قالت بنبرة بكاء :
-ولكن أخبرتني انك ستأتي معي .. وقمت بشراء تذكرتين
التفت لينظر إليها بجمود صامتا ، مما جعلها تغضب اكثر و وجدت نفسها تبكي وقالت بعصبية ممزوجة بنبرة العتاب :
-لماذا تفعل بي هذا ؟! .. لماذا لا ترغب بي لهذه الدرجة البشعة
صاح بعصبية :
-لأنني لن أحبك .. و توقفي عن حبي أوجين
صرخت في وجهه ببكاء :
-لن اتوقف عن حبك جان .. فهذا ليس بيدي .. مثلك تماما فأنت لا تستطيع ان تتوقف عن حب أديل
ثم دلفت إلى المرحاض تبكي وتشهق ، ثم فتحت صنبور المياه و وضعت رأسها أسفل الماء لتشعر بالبرودة ويهتز جسدها قليلا ، فيما تناول جان التذاكر ونظر إليها بتأمل ثم تنهد بعمق وفكر أن يذهب معها
صعدت جين الطابق الرابع من الشركة ، وأخذت تمضي في الردهة وتنظر إلى الغرف المفتوحة ، لتجد العمال يعملون بجد وضمير ، وقفت أمام غرفة ورأت العمال يضعون العطر في زجاجات متوسطة الحجم ، فدقت على الباب لينظرن إليها ، ثم دخلت وتناولت زجاجة عطر صغيرة وتساءلت :
-لماذا تضعون العطر في زجاجات مختلفة ؟!
لتجيب عليها إحدى العاملات :
-جوزيف بك يصدر الزجاجات المتوسطة الحجم إلى بعض القرى .. والزجاجات الصغيرة إلى قرى أخرى .. حتى يستطيعون شرائها
حركت رأسها بالفهم ثم تركت الزجاجة وخرجت ثم تناولت الهاتف من الحقيبة واتصلت على فيليب ، وأجاب عليها لتقول بحده :
-انت كاذب .. جوزيف يصدر زجاجات صغير بسعرها المناسب .. وليس مثل ما قلت
-نعم أعلم هذا .. ولكن لم يدخل مادة مسرطنة إلى الشركة
عقدت بين حاجبيها بعدم فهم متسائلة :
-ماذا تقصد ؟!
-اقصد أن جوزيف يمتلك مكانا أخر خاص بما أخبرتك به
استندت بظهرها إلى الحائط مغمضة العينين ويبدو عليها الحيرة الشديدة ، فيما قال فيليب :
-جوزيف وارنو هم من يعلمون بهذا المكان .. والأن أخبريني بما هو جديد
فتحت عيناها وقالت بصوت مبحوح :
-لا شيء .. فقط نصور المجلة الجديدة و ..
قاطعها بضحكة عالية ثم توقف عن الضحك وقال بحنق :
-تمازحينني يا فتاة .. اود أن أعلم ما هو العطر الجديد .. اريد الورقة الصفراء التي تمتلك الخطوات
ثم انهى معها المكالمة ، فنظرت إلى الهاتف ثم هبطت الدرج متجه نحو مكتب جوزيف بخطوات سريعة ، وهي تخبر نفسها انها ستخبره بكل شيء ، وعندما وصلت إلى المكتب توقفت ، تذكرت تهديد فيليب وهو أن أخبرته سيبلغ عنه الشرطة ، زفرت بنفاذ صبر ثم دخلت لتجده واقفا أمام طاولة الاجتماع ، فيما التفت جوزيف برأسه لينظر إليها ثم تبسم ، ومد ذراعه بمجرد ان اقتربت منه أحاط خصرها وقبلها على وجنتها برقة ، فنظرت إليه بابتسامة خجل وكادت أن تتحدث ولكن دخل ارنو ، ثم تنحنح وقال :
-أسف لم أعلم ..
ابتعد عن جين وقال مقاطعا لحديثه :
-لا تتحدث معي برسمية يا رجل
اومأ برأسه ثم قال :
-حسنا .. جئت لأخبرك انني سأذهب إلى المصنع الثاني
حرك رأسه موافقا ليغادر ارنو ثم التفت جوزيف إلى جين التي تنظر إليه باضطراب ، عندما استمعت إلى كلمات ارنو ، والمصنع الثاني هو الذي أخبرها فيليب به ، وقف أمامها واضعا يده على وجنتها وقال مبتسما :
-اليوم سنذهب إلى مكان نسهر فيه
ثم غمز لها وتقدم نحو المكتب ليجلس على المقعد يفحص بعض الأوراق ، بينما نظرت جين إلى الطاولة التي تقف أمامها ولفت نظرها ورقة صفراء ، الذي أخبرها فيليب بها فتناولت تلك الورقة بهدوء وقامت بفحصها سريعا ، ثم وضعتها ونظرت إلى جوزيف المنشغل في الأوراق وهي تخرج هاتفها من الحقيبة ، ثم فتحته وكتمت الصوت ثم بدأت بتصوير الورقة عدة صور لتبدو واضحة ، ثم جلست على المقعد وارسلت الصور إلى فيليب ..
ليصدر هاتفه صوت رسالة فقام بفحصها واندهش من هذه الصور ، لم يتوقع أن جين سترسل له الصور بهذه السرعة ، ثم قبض يده بقبضة النصر وشعر بالارتياح ..
***
-اليوم سنذهب إلى مكان نسهر فيه
ثم غمز لها وتقدم نحو المكتب ليجلس على المقعد يفحص بعض الأوراق ، بينما نظرت جين إلى الطاولة التي تقف أمامها ولفت نظرها ورقة صفراء ، الذي أخبرها فيليب بها فتناولت تلك الورقة بهدوء وقامت بفحصها سريعا ، ثم وضعتها ونظرت إلى جوزيف المنشغل في الأوراق وهي تخرج هاتفها من الحقيبة ، ثم فتحته وكتمت الصوت ثم بدأت بتصوير الورقة عدة صور لتبدو واضحة ، ثم جلست على المقعد وارسلت الصور إلى فيليب ..
ليصدر هاتفه صوت رسالة فقام بفحصها واندهش من هذه الصور ، لم يتوقع أن جين سترسل له الصور بهذه السرعة ، ثم قبض يده بقبضة النصر وشعر بالارتياح ..
وضعت الهاتف في الحقيبة بعد أن حذفت الصور ثم نظرت إلى جوزيف في حيرة ، ثم تنهدت قائلة :
-سأذهب إلى المنزل .. انتظرك
بدأت في ترتيب فستان كارولين التي ستقدم به عرض الليلة ، بينما كانت كارولين جالسة أمام المرآة وفتاة تضع لها مساحيق التجميل ، ثم وقفت أديل خلفها تنظر إليها في المرآة بابتسامة واسعة لتبادلها كارولين بنفس الابتسامة ، وبعد دقائق قليلة انتهت الفتاة وخرجت لترتدي كارولين الفستان بمساعده من أديل ، ثم نظرت أمام المرآة متسائلة :
-أأبدو جميلة ؟!
لتقول أديل بابتسامة واسعة :
-رائعة .. تشبهين فراشة مميزة
التفتت لتنظر إليها بسعادة متمته بالشكر فيما دق روبير الباب وآذنت بالدخول ، ليدخل فاختفت ابتسامة كارولين وزفرت بسأم ، بينما صفر روبير وهو يحوم حولها ثم قال بإعجاب :
-تبدين رائعة .. حقا رائعة يا كير
تساءلت بنبرة ساخرة :
-حقا؟!