الفصل 20

وضعت رأسها على صدره وهي تشعر بالقلق والخوف من مقابلة ذاك المجهول غدا ، فيما اطفأ جوزيف المصباح المجاور للفراش واغمض عيناه ليذهب إلى النوم بعد لحظات تاركا صغيرته مستيقظة منشغلة بالتفكير به ، تود أن يذهب الليل سريعا لتعود إلى المدينة وتقابل ذاك المعتوه لتعلم منه كل شيء


نبحث عن الحرية في قلب من نحب ، واذا افترق العشاق يشعرن أن حريتهم تقيدت ، تقيدت مع شخص أخر ، ولكن الحرية من الممكن أن تكون مكاناً رائعاً بعيدا عن ضجيج الحياة ، الحرية بأيدينا فأشعر بالحرية في كل مكان حتى لو كنت متقيد ..

ذهبت إلى كارولين ومعها ملف الجامعة الذي سحبته حتى تبتعد عن كيفن ، جلست معها وأخبرتها بكل شيء ثم اعطت لها الملف لتنظر إليه ، ثم أخبرتها انها ستقدم لها في جامعة بعيدة وايضا ستسكن بعيدا بالقرب من الجامعة الجديدة ، ثم خرجت كارولين إلى التدريب للعرض الأخير ، بينما بدأت أديل في ترتيب الغرفة وتنظيم المرآة لتجد مجلة مفتوحة ، واغلقتها ، ليلفت نظرها أسم عائلة أورليان على الغلاف ، فأخذت المجلة وقرأت بالهمس :
-تم زواج الابن الاصغر لعائلة اورليان من ابنة عمه ..
ازدردت لعابها بصوت مستمع وأخذت تفتحت المجلة صفحة صفحة بلهفة ، حتى وجدت صورة جان و أوجين ، فوضعت يدها على فاها تبكي بصوت مستمع
..........يتبع


الفصل الحادي عشر ..
...........
-تم زواج الابن الاصغر لعائلة اورليان من ابنة عمه ..
ازدردت لعابها بصوت مستمع وأخذت تفتحت المجلة صفحة صفحة بلهفة ، حتى وجدت صورة جان و أوجين ، فوضعت يدها على فاها تبكي بصوت مستمع وتعالت شهقاتها المؤلمة ، شعرت بجسدها يهتز فاستندت بيديها على المرآة وبدأت بالسعال القوي التي شعرت وكأنه ذبح صدرها ، كانت منتظرة زواجه ولكن ليس بهذه السرعة ، بمجرد أن غادرت أديل تزوج أوجين ! ، ما هذا الهراء ؟! ، لهذه الدرجة لم يفكر بها ، لم يفكر في ألمها ، افكار كثيرة مثل هذه ترددت في رأسها ولم تجد إجابة سوى انها لم يكن يحبها لدرجة أن يتألم في بعدها مثل ما تشعر به تماما ..

تجهل ما حدث له في بعدها ، قلت في السابق ليت القلب يشعر بقلب الطرف الأخر لكانت الحياة أجمل ، دخلت كير تبحث عن شيئا ما وجدت أديل على هذا الوضع ، فاتسعت عيناها بهلع وركضت إليها ماسكة ذراعيها ورأت يديها حمراء ترتعش ، فأمسكت بيديها تلك وتساءلت بنبرة خوف :
-ما بكِ ؟! .. ماذا حدث ؟!
حركت رأسها بالنفي على انها لا تستطيع أن تتحدث الأن ، فأخذتها إلى الفراش وجلبت لها كوب ماء ، ثم مسحت على ذراعها بحنان قائلة :
-اهدئي أديل .. وبدلي ثيابك سأوصلك إلى المنزل
نفذت رغباتها وذهبت إلى الغرفة لتبدل ثيابها ثم استقلت معها السيارة ، وحالفهم الصمت حتى وصلت إلى منزل أديل البسيط ، ثم صفت السيارة بجوار الباب ونظرت إلى أديل قائلة :
-أديل أصبحتِ صديقتي . والقلب لن يرتاح ألا اذا فضفض .. وانا لم اجبرك على الحديث
نظرت إليها بابتسامة رغم ما تشعر به من حزن وألم ، ثم عزمت عليها أن تجلس معها اليوم و وافقت كير على ذاك الاقتراح ، ودلفت معها إلى المنزل وتعرفت على جدتها ، وتركتهم أديل وذهبت إلى السوق لتقوم بشراء بعض الخضار ، وتذكرت جان الذي جاء السوق من أجل أن يراها فقط ، وضعت يدها على الطماطم للحظات حتى نظر إليها البائع متعجبا ، ثم قامت بأخذ الطماطم ثم ذهبت تتجول في المدينة ، حتى رأت شاب وفتاة يعزفان ويغنون سويا ، فوقفت تستمع إليهم بابتسامة حزينة على ثغرها ..
" الشاب : أنتِ في قلبي ولكن لم أعد أريد رؤيتك ، لقد حان الوقت لكي نودع بعضنا ، سأحتفظ بذكرياتنا في ذاكرتي ، لكن لم يعد هنالك مستقبل بيننا ، ( " الفتاة : تظن حقا أنني عانيت مما حصل ، لا تقلق يا عزيزي ، أنت وأنا لم يعد بإمكاننا الإكمال مع بعض ، إذن لن أخرب حياتي ، كل شيء يطير ويذهب ، كل شيء يطير ويذهب ، كل شيء ما عدا قلبي من أجل عيناك الجميلتان ، لقد كان صعبا علي أن أعترف لك بذلك ، لم أخذ أي شيء بجدية ، لكن لا تلومني من اجل جميع أخطائي ، كان يجب أن تنتهي علاقتنا لكي نتفق في النهاية ، أنت في قلبي ..

لاحت ابتسامة جانبية على شفتيها وانتظرت حتى انتهت الأغنية وصفقت الجميع لهم ، بينما غادرت أديل وكلمات الأغنية عالقة في رأسها وكأنها لا زالت تستمع إليهم ، وعقب وصولها إلى المنزل ، دلفت إلى المطبخ و وقفت تعد الطعام ومعها كارولين تتعلم منها طريقة الطعام التي تقوم بإعداده ، وأديل تقص عليها لما كانت حزينة اليوم


ذهب جان إلى مدينة باريس مع زوجته و وصلوا إلى المنزل الثاني لجوزيف والذي يطل على برج باريس المعروف ، و وضع جان الحقائب في الغرفة الذي كان يمتلكها أثناء وجوده في باريس ، ثم فتح الشرفة وخرج يستنشق رائحة الهواء بعمق ثم فتح راحة يده ليجد قلب بأجنحة قام بشرائه ، لأنه يصف حالة قلبه الذي يود أن يكون له أجنحة حتى يذهب إلى حبيبته ، خرجت أوجيني و وقفت بجواره فوضع القلب في جيب سرواله ثم تنحنح بخفة ..

نظرت إليه مقطب جبينها وقالت :
-سأذهب إلى العرض النهائي للبالية
قال دون أن ينظر إليها :
-اذهبي حيث شئتِ
-ستأتي معي .. أرجوك يا جان
تنهد بصوت مستمع ثم وافق أن يذهب معها ودلف إلى الغرفة ، فنظرت أمامها بعمق للحظات ثم هبطت دموعها على وجنتيها ، ثم أطرقت عيناها وشهقت بخفة ، وعندما استمعت إلى باب الشرفة ينفتح مسحت دموعها على الفور ، بينما وقف جان يمد يده بالهاتف خاصتها ويخبرها ان والدتها كانت تتصل بها ، فأخذت الهاتف دون ان تنظر إليه ودخل بينما اتصلت أوجيني بوالدتها ، وانتظرت حتى أجابت عليها وبعد تبادل السلام تساءلت عن جان ، فقالت بنبرة بكاء :
-سيذهب معي إلى حفل البالية
-حسنا يا ابنتي .. لا تستسلمي أبدا
حركت رأسها موافقة وقالت بجدية :
-أعلم أن كل شيء في بدايته صعب يا أمي .. وأنا لن أسأم أبدا لأنني أحبه
وقف توماس خلف والدته واستمع إلى حديثها مع أوجين :
-وهو ايضا سيحبك يا ابنتي .. فقط انصتِ لي .. وانجبي منه ولدا ليكون لكل نصف ثروة عمك دانييل
غضبت أوجين من حديثها كثيرا فهي لم تفكر بهذه الطريقة ، أما توماس فأخذ الهاتف من يد والدته لتنهض ملتفته إليه بلهفة وهو يحدث شقيقته بعنف :
-لم أسمح لكي أن تنجبي طفل من ذاك الحقير
ثم انهى المكالمة دون أن يستمع إلى حديثها و وبخته والدته على ما قاله ، فتحدث بعصبية بالغة :
-ابنتك لن تصغى إليكِ .. هي تحب جان ولا تستطيع أن تخدعه من أجل المال .. وأنا كنت سأقتله ثم ادمر حياة جوزيف ..
ثم أشار إلى القصر وكل شيء حوله متابعا بنبرة شر :
-وكل شيء هنا كان سيكون ملكي وباسمي دون شريك

ثم تركها وغادر و سيفعل كل شيء لينول مراده حتى لو سيقتل شقيقته مع زوجها ، والدته من تسببت في هذا ، هي السبب في خسارة ورث زوجها من والده واحتضنهم دانييل بك وأخذهم إلى منزله الكبير ، و وفر شغل لشقيقة ليربي أبنائه الصغار ، ولكن لويز كانت تغار كثيرا من زوجة دانييل والذي كانت تعاملها بود وحب ، ومع ذلك تكرهها ، وغرزت الكرهة والغيرة في قلب ابنها توماس ، حيث كانت تخبره دائما أن جان و جوزيف أفضل منه ويملكون الكثير من الأموال ، وعندما توفيت والدتهم لم تحزن عليها كثيرا ، بل وعاملة ابنائها بقسوة حتى لاحظ دانييل بك وقام بطردها في السابق

لعدة سنوات قليلة ، وعندما كبروا الشباب عادت إلى القصر بعد أن قدمت اعتذار إلى دانييل بك ، ولكن لا زالت لويز تطمع في كل شيء والحقد يملئ قلبها ولم تتغير أبدا

وصلت جين إلى المطعم الذي أخبرت ذاك المجهول به ، ووقفت تبحث عنه حتى رآها ونهض متجه نحوه و وقف يمد يده إليها مرحبا به ، فنظرت إليه بلهفة ثم دققت بالنظر إليه وتشبهت عليه قائلة في دهشة :
-لقد رايتك في منزل جوزيف
ضم يده إليه ثم أشار إلى الطاولة الذي كان يجلس أمامها ، فتقدمت نحوها وجلست على المقعد المقابل له ، وأخذت تنظر إليه بجمود ، بينما تحدث فيليب :
-جوزيف قام بطردي من الشركة بعد خدمتي له
لترد عليه بثقة :
-يبدو انك فعلت شيئا ما ضايقه
تعجب من حديثها ثم وضع يده على ظرف متوسط الحجم وقال بجدية :
-اود أن أعلم كل شيء عن الشركة وما الجديد
-قصدك التجسس ..
اومأ برأسه تأكيدا فابتسمت ساخرة ثم قالت :
-عفوا .. لقد أخترت الشخص الخطأ
-ستفعلين كل ما اطلبه منكِ مدام جين ..
ثم وضع يديه على الطاولة وجاء يتحدث قاطعة النادل وطلب منه قهوة وعصير ليمون ، ثم تحدث ببرودة أعصاب :
-العطور الذي تصنع بواسطة شركة جوزيف داخلها مادة مسرطنة .. وايضا مساحيق التجميل
ازدردت لعابها بصوت مستمع وقالت بصوت مبحوح بفضل تأثير الصدمة :
-لا أصدق هذا .. والجميع يشكرن في الشركة وانتاجها
قام بفتح الظرف واخرج منها تقرير واعطى إليها ، وهو تقرير من طبيب معالج يكتب به أن المريض تعرض لسرطان جلدي بسبب العطور ، والفتيات ايضا بفضل العطور و مساحيق التجميل ، ثم رفعت عيناها إليه وتساءلت :
-ولما أنت متيقن ان هذا حدث بسبب عطور الشركة ؟!
-لأنني أعلم كل شيء .. جوزيف يضع تلك المادة في بعض العطور لتكثر من الكمية ويقوم بإصداره بمناطق معينة بعيدا عن المدن ولكن بسعر أقل
ثم تناول ورقة من الظرف واعطاها إليها لتقم بفحصها ، و وجدت إمضاء جوزيف على ورقة اعتراف على ما أخبرها به فيليب ، فأغمضت عيناها بقوة وتركت الورقة ، ثم نظرت إليه باضطراب متسائلة :
-ماذا تريد ؟!
أخذ الأوراق وضعها داخل الظرف بينما جاء النادل و وضع المشروبات ثم غادر ، فتناولت القليل من عصير الليمون لتهدأ من روعها ، بينما أخبرها فيليب أن كل ما يطلبه منها تفعله حتى لا يبلغ الشرطة على جوزيف ، اومأت رأسها بخفة ثم تناولت الحقيبة ونهضت لتغادر ، ولفت نظرها فتاة يبدو عليها لا زالت صغيرة وفي يد رجل يبدو عليه في سن الثلاثينات واقفا يصافح بعض الرجال ، تقدمت جين بخطوات بطيئة حتى وقفت خلف الفتاة ، ثم ربتت على كتفها لتلتفت وتنظر إليها ، فتساءلت بفضول :
-زوجك ؟!
قالت بصوت ضعيف :
-نعم زوجي
ثم أطرقت رأسها بحزن فمسحت على كتفها بحنان ثم تركتها وذهبت ، و عانقت نفسها بذراعيها بقوة ، ما ذنب فتاة لا زالت قاصر أن تتحمل مسؤولية منزل و زوج واطفال ؟! ، لماذا لم تكمل تعليمها ومن المحتمل أن تكون فتاة لها بصمة في الحياة ، من حق الفتيات ان يعيشن أفضل حياة على الأطلاق ، وأن يكملن تعليهم وايضا يختارون الرجل المناسب لهم ، ليت الاب والأم يفهمن ذلك وانهم يعذبن ابنتهم بالزواج وليسوا سعداء ..

أخرجت تلك الأفكار من رأسها ثم استقلت سيارة أجرة إلى الشركة ، وعقب وصولها ذهبت إلى ساحة التصوير لتقابل جوليا الذي أخبرتها بموعد العام الدراسي الجديد ، تقدم بيير نحوهم و وقف ينظر إلى جين مما لاحت جوليا وتركتهم وذهبت ، فوقف بيير أمام جين متأملا ملامحها الحزينة وتساءل :
-ماذا حدث معك ؟!
أخبرته بكل شيء حدث ، ليندهش بيير من حديثها ، ثم تساءلت بنبرة خوف وقلق :
-ماذا أفعل الأن يا بيير ؟ .. اذا لم اتعاون معه سيبلغ الشرطة عن جوزيف
زفر بهدوء ثم قال بحده :
-لا تدافعي عن مجرم يا جين
حدقت به في حده ثم تحدثت بتذمر :
-جوزيف ليس مجرما يا بيير .. ولا تتحدث عنه بهذه الطريقة مرة أخرى
كادت أن تذهب ولكن امسك بمعصمها لتنظر إليه بغضب واضح ، فقال ليصلح ما قاله :
-لم أقصد ولكن فقط قلقت عليكِ من ذاك المجهول .. من يكون ؟!
-لا استطيع أن أخبرك اذا علم سيقدم الورق إلى الشرطة ..
ثم سحبت يدها من يده وتنهدت بعمق ثم تابعت بجدية :

-سوف أخبره بمعلومات ليس لها قيمة .. حتى اتأكد من صحة الأوراق


-أرنو هذا الاعلان ينتهى في خلال يومين من فضلك
قذف تلك الكلمات من فمه وهو يمسح على شعره بإرهاق ، فلم يرتاح اليوم بمجرد أن وصل إلى باريس ذهب إلى الشركة ليتابع أعماله ، فقال ارنو :
-لا تقلق .. كل شيء سينتهي في معاده
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي