22
الفصل الثاني والعشرون
صفا سليم سيارته أمام المشفى ثم ترجل منها وسار بخطوات واسعة يدلف لداخل، وصعد إلى حيث العناية لكي يطمئن على حالة شقيقه.
ارتدا ملابس التعقيم ودلف العناية برفق، ليجد شقيقه نائم محتضن زوجته تبسم في هدوء ثم غادر ثانيا العناية بخطوات بطيئة لكي لا يُقظهم ثم سار بخطواته يبحث عن الطبيب الذي يُتابع شقيقه ليعلم منه بأن أسر يتماثل الشفاء مؤشرات المخ والأعصاب سليمة لم يتاذى وهم مُسيطرين على حالة الصرع، ياخذ علاجًا يساعد على تخفيف النوبة الصراعية.
غادر سليم المشفى ثم قاد سيارته متوجهًا إلى الفيلا لكي يجلس مع والدته ويتحدث معهًا عن ماضٍ والده الذي عرفه وعن حقيقته الخفية التي لم يكن يعلم عنها شيء.
وفي غضون دقائق معدودة كان يدلف بسيارته داخل حديقة الفيلا، ثم صف السيارة وترجل منها، وهم بخطواته ليولج داخل الفيلا وعيناه تبحث عن وجود والدته.
كانت خديجة جالسة في غرفتها بعدما تركت حياة نائمة واطمنت من خفض حرارة جـ سدها، ظلت قابعة بغرفتها تنتظر عودة سليم ومن حين لآخر تنظر من خلف ستائر شرفتها تتفقد عودته، لتتنفس الصعداء عندما وجدته يصف السيارة ويترجل منها، تركت غرفتها لتلقي به وهي حزينة على غيابة عن المنزل ولم تتوقع منه أن يترك زوجته في أول أيام لها في هذا المنزل تقضي ليلتها وحيدة دون زوجها وتُصاب بالحمى، كما أنه لأول مرة يبيت خارج المنزل وهذا ما اقلقها يكفي الوضع الذي به شقيقه، نُجى من الموت بمعجزة الهية.
عندما لم يجد والدته بالأسفل، صعد إلى حيث غرفتها لتلتقي به واقفة على أعتاب غرفتها تنتظر قدومه، اقترب منها يقبل جبينها قائلا:
-صباح الخير يا أمي
ردت خديجة باقتضاب:
-صباح الخير يا سليم
تركته و دلفت غرفتها وهي تقول بجدية:
-تعال في اوضتي عايزاك
لحق بوالدته ثم أغلق الباب وتقدم بخطواته منها ينظر لها بغرابة وقبل أن تفتح خديجة فاها، اخرج سليم الصورة التذكارية القديمة وقربها إليها متسألا:
-عارفة حاجة عن الصورة دي
دققت خديجة النظر داخلها ثم التقطها من ابنها وعادت تطالعه بدهشة ثم قالت:
-اللي على اليمين باباك وهو شاب
ثم ضيقت حاجبيها ودققت النظر ثانيا، تسأل سليم عن الشخصين الآخرين ولكنها هزت رأسها نافية فلم تعرفهم ولكنها نظرت لابنها مُندهشة وقالت في تسال:
-جايب الصورة دي منين؟ دي باين عليها قديمة أوي
زفر سليم أنفاسه بضيق والدته لم تعرف شيئًا عن ماضي والده وإلا كانت علمت بالأشخاص الواقفين جوار والده.
رد بضيق :
-لاقيتها في الفيلا القديمة
-وانت بقى سبت مراتك لوحدها وفضلت في الفيلا القديمة لصبح
لم يشعر بالوقت بسبب المفاجأة الغير متوقعة ولم يدرك خطأه إلا عندما استرسلت خديجة حديثها قائلة بلوم:
-مراتك تعبانة من امبارح بالليل وحاولت أكلمك كتير ماردتش عليه
هتف بقلق :
-حياة تعبانة مالها؟
-كان عندها سخونية عالية وعملت لها كمدات طول الليل وهي بتترعش طول الليل، يادوب غمضت عنيها
ترك سليم غرفة والدته بخطوات واسعة وهو يشعر بالذنب بسبب ما مرت به حياة من تعب وهو بعيدًا عنها
❈-❈-❈
أقبليني... ستكوني الملكة
لا وقت للهروب
بصوت هسيس يأتي من بعيد ويقترب منها ببطء شديد
انتفض جـ سدها في رُعب وظل يهتز برجفة قوية، وجدت ماردًا مُخيف يرتدي رداء أسود كاحل ويغطي رأسه بالقنسلوة وملامح وجهه لم يظهر منها شيئًا سوا بؤبؤة عيناه الواسعتين الجاحظتين التي تكاد تخرج من محجرها باللون الأحمر الممزوج بالأزرق
خرج صوته بغلظة يناديها أن تخضع له وتُسلمه نفسها بأرادتها فلم يعد وقتًا للفرار، لقد انتهى وقت القرار، هي الآن مسلوبة الأرادة، عقلها رافض الاستيعاب
تُريد الصراخ ولكن لسانها مُلجم، مُقيد، مُنعقد لن يبوح ولن يهتف ولم يعد قادرًا على الحراك.
جـ سدها مُتصلب يتعرق بغزارة يشتعل مثل الحمم البركانية ثم تنخمد الشُعلة ثانيًا بين لحظة وأخرى يتبدل حالة جسدها من برودة صقيع لجمر متوهج
والصوت يزذاذ وتلك المرة ملفوف حول المارد من الجانبين أطفالا صغار مرتدون ملابس سوداء أيضًا ووجههم مُغطا، يهللون ويهتفون بأسم الملك "غاون" غاون"غاون"
يتقدمون من حياة يلتفون حولها ويقتربون منها ممددون بذراعيهما التي طالت إليها وامتدت يقدمون على حملها وهم ويهتفون باسم ملكهم "غاون"
هتف "غاون" بغلظته التي لم يتحملها بشرًا وقال مجلجلا بصوته الاشج :
-لا تقاومي حياة... بسببكِ أنتِ خسرت المملكة الملكة ليليث زوجتي وأنتِ ستحلين محلها، هذا أنتقام غاون..
حملوها الأطفال الصغار ورُفع جـ سدها عن الفراش ولكن هبط فجأة عندما أنفتح باب غرفتها
وولج سليم داخل الغرفة، رحل كل من كان معهًا بالغرفة، طالعت وجه سليم بفزع وخوف تُريد البوح بما يحدث لها ولكن لا زال لسانها معقودًا عن الكلام.
اقترب منها سليم بخطوات مُتلهفة ثم جـ سى بجوارها على الفراش يضع كفه يلامس وجهها بحنان وهمس لها بقلق:
-حياتي مالك، فيكي أيه؟
قبل وجنتها وقال مُعتذرًا عن غيابه:
-انا أسف يا حياتي، انشغلت عنك، بس انا جنبك يا قلبي ومش هسيبك، قوليلي حاسة بأية؟
قبضت حياة بقبضة يديها الصغيرتين على قميص سليم تتمسك به في خوف وفزع، ضمها لصـ دره بحنان وظل يُمـ سد على كتفها وظهرها يُطمئنها بوجوده وظن انها لم تقدر على الحديث بسبب حرارة جـ سدها العالية وصوت أنينها الخافت، اشعره بالعجز والتقصير في حقها فهي ليس لديها شيء بما يحدث معه ومع عائلته الآن، يشعر بالالم الذي وغز قلبه بسبب رؤيتها على تلك الحالة، فهو بين نارين نار الماضي والحاضر، قيود تجذبه للماضي ولن يستطيع التحرر منها .
فلا أحد يُحب قيوده التي وقع بها رغما عنه، كل شيء حوله يتهالك، لا يعلم إلى متى سيظل مُحتفظًا وحده بقيود والده إلى متى سيدفع ثمن أخطاء لم يقترفها إلى متى ستجرف به الرياح؟
يطالع جـ سد حياة المتشبث به بخوف، هو حقًا لن يستطيع أاذيتها، يعلم بأن المافيا لن تتركه على قيد الحياة بعد علمهم بأن شقيقه هو الذي تم أصابته وهو هدفهم، تذكر المذكرات الخاصة بوالده وقرر أن يعود ثانيًا ليقرا ما تركه والده له لعله يفهم الدوامة التي تسحبه معه في قاع المحيط اما ان ينجو وأما ان يغرق وينتهي أمره..
❈-❈-❈
تابع سراج العمل داخل شركة السعدني بدلا عن سليم المُنشغل بمرض شقيقه، لكن لا يعلم الذي يُخطط له سليم ولم يخبر أحد به.
هاتفته فريدة تخبره بأنها ستذهب مع والديها إلى المنصورة بسبب زيارة عمها، زوجته تحضتر وشقيقه يُيد مقابلته.
وافقها سراج الرأي واعتذر منها عن سبب انشغاله بعمله، بسبب الوضع الحالي للشركة، لم تغضب منه فهي تعلم مدا الصداقة القوية التي بينهما وأسر بظروف صحية، تمنعه من ممارسة عمله، بينما سليم منشغل بكل ما وقع على عاتقه بين عشية وضُحاها.
بعدما أغلق سراج الهاتف مع خطيبته، صوب أنظاره على الحاسوب وباشر بنفسه الايميلات الخاصة الذي كان يطلع عليها سليم بنفسه، ليتفاجئ بايميل مُرسل من نيويورك لا ينتمي لاي شركة يتعاملون معها، جخظت عيناه بصدمة عندما قرأ مضمونة، نهض واقفًا يغادر المكتب بلا الشركة بأكملها، يريد أن يلتقي بـ سليم الان لمعرفة ما سبب هذا الإيميل ومن الجهة المسؤلة عن أرسالة..
استقل سراج سيارته وقرر الذهاب إلى سليم مباشرة لاخباره بما قرءه، يُريد تفسيرًا بما يحدث معه الآن وبالاخص بعد الحادث الذي تعرض له أسر.
بعد مرور خمسة عشر دقيقة صفا سراج سيارته وترجل منها مسرعًا، سار بخطوات واسعة أشبه بالركض ثم وقف أمام الباب يسترد أنفاسه بهدوء ثم رفع انامله يضغط زر الجرس، لتاتي الخادمة بعد لحظات تفتح له الباب تستقبله بترحاب، دعته بالجلوس إلى غرفة الصالون وذهبت لاعلام سليم بوجوده.
جلس سراح يهز قدمه بتوتر وهو يطالع الباب ينتظر ظهور سليم، الذي عندما أخبرته الخادمة بوجود سراج، انتابه القلق، ترك حياة برفقة والدته وذهب لمقابلة سراج.
عندما لمح قدومه نهض عن مقعده في توتر واقترب منه
هتف سليم مرحبا به :
-أهلا يا سراج
تلفت سراج حوله بقلق ثم جذب سليم من ساعده وهو يهتف بتوتر :
-لا اهلا ولا سهلا، تعالى نتكلم في المكتب
-في ايه؟
قالها سليم بقلق بعد تصرف سراج الغريب، دلفوا المكتب، ووقف سراج في مقابلة سليم يخبره بريبة الايميل الذي قرءه وجعله قلق بهذا الشكل...
صرخ سراج منفعلا :
-عاوز افهم المقصود أيه وليه حياتكم في خطر ومين الجهة اللي بتهددك يا سليم، في سر جواك مش راضي تقوله، عرفني في ايه؟ لازم تعرف انك مش اخو أسر وبس لا انت اخويا الكبير ومثلي الأعلى.
خارت قوته وهوى بجسده على الاريكة التي خلفه ثم نكس بوجهها أرضا ووضع كفيه يحاوط رأسه في يأس وقال:
-نفسي يا سراج أخرج السر اللي عشت سنين احافظ عليه، نفسي ارتاح، نفسي اغمض عيني وانام بدون قلق وكوابيس وخوف من الجاي، نفسي افرح من قلبي مش اشيل هم بكرة، نفسي في حاجات كتير ومش قادر اخرجها.
انحنى سراج أمامه ووضع كفه على ظهره قائلا:
-وأنا روحت فين، عرفني في أية واوعدك مافيش مخلوق هيعرف باللي دار بينا دلوقتي
زفر أنفاسه بهدوء ثم نهض عند مقعده وأمسك سراح من كتفه وقال:
-تعال معايا، هتعرف كل حاجة بس مش هنا
سار بجواره مغادرين الفيلا، استقل سليم سيارته وجلس سراج بالمقعد المجاور له لينطلق سليم يشق طريقه حيث وجهته المنشودة، يُريد ازاحت الحمل الذي يثقل صدره، يريد أن يشارك احد همومه..
❈-❈-❈
في المنصورة.
عندما وصل فاروق وعائلته المنصورة، قرر الذهاب أولا لمنزل شقيقه، اصطحب زوجته معه ثم ترك فريدة وأمل بمنزلهم الذي لا زال موجودًا.
تنهدت أحلام وسارت بجانب زوجها وهي تهتف في حزن:
-مش قادرة يا ابو حياة ابص في وشها، قلبي بيتقطع كل ام افتكر حصل ايه لحياة
ربت على كتفها بحنو وقال بطيبة قلب :
-أحنا أهل يا ام حياة، حقك عليا أنا، اللي عملته أم طارق كبير اوي وربنا يمهل ولا يهمل، وأحنا قلوبنا عامرة بوجود ربنا، ربنا يتولاها في بلاءها
-مش قادرة أسامح من قلبي
قالتها بحزن ثم أنهمرت دموعها كلما تذكرت ما أصاب ابنتها على يد زوجة عمها وكل ذلك عندما رفضت حياة الزواج من ابنها طارق، سعت بكل الطرق لكي تهدم حياتها عن طريق الدجل والشعوذة.
حاوطها فاروق من كتفها وقال بحنو فهو يعلم انها أم ولن تنسى من تسبب بالاذي لإحدى بناتها :
-خلاص يا ام البنات مش هغصب عليكي تيجي معايا، مدام مش قادرة ولا مستعدة دلوقتي مش هلومك ولا هجبرك، روحي خليكي مع البنات وانا هشوف اخويا واطمن عليهم ومش هتاخر
هزت رأسها بالموافقة فهي حزينة على كل ما مرت به ابنتها من معاناة ولن تصفح بهذه البساطة لأنها تعلم بأن ابنتها لازالت تُعاني من داخلها، فكل ما مر عليها ترك جُرحًا بقلبها ولن تتماثل الشفاء بعد.
عادت أحلام لمنزلها وظلت تنتظر عودة زوجها اما فاروق فأكمل طريقه في الذهاب لمنزل شقيقه الأكبر"شريف"
وقف فاروق يطرق باب الشقة، ليجد طارق هو الذي يفتح له الباب، فلم يصدق طارق نفسه
ارتمى بأحضان عمه الذي التقفه بحنو وظل يربت على ظهره لتعلوا شهقات طارق الذي يبكي
-وحد الله يا بني
ابتعد طارق عن أحضان عمه ودعاه للدخول، ولج فاروق لداخل وهو يحاوط طارق بكتفه :
-عامل ايه يا طارق يا بني؟
مح دموعه المنسالة على وجنته وقال بصوت خافت؛
-الحمدلله يا عمي بخير
-يارب دايما بخير يا حبيبي
ثم قال بتسال:
-انت جيت أمته من سفرك
اجابه بأسى:
-من يومين
تنهد فاروق بحزن عميق على حالة ابن شقيقه الذي ضعف جسده وهزلت روحه، كانه يرا كهلا لا شابًا في ريعان الشباب، همس داخله يردد:
-لا حول ولا قوة الا بالله
غادر شريف غرفة زوجته ليرا شقيقه، اقترب منه فاروق يعانقه بشوق جارف، قال شريف بأسف وحزن:
-واحشتني يا اخويا، حقك عليا
ابتعد برفق وهو يبتسم له ثم قبل راسه بود:
-حقك عليا أنا، غصب عني انشغلت عنك، في ظروف كده هقولك عليها، بس طمني الأول على ام طارق، عامله ايه دلوقتي
قال بياس :
-زي ما هيه
-ربنا يشفيها ويعافيها ويقومها بالسلامة يا رب العالمين
قال بتنهيدة يأس:.
-يارب
اصطحبه شريف لغرفة زوجته الممددة على الفراش شاحبه الوجه هذيلة الجـ سد، ساكنة تمامًا فقط بؤبؤة عينيها الجاحظتين هي التي تدور بالغرفة، صوتها يكاد يكون مسموعًا، وخز ينخر عظامها، ألم يقتلها في الدقيقة مائة مرة، السرطان ياكل من أوصالها، وهي لا تستطيع مقاومته بعدما تمكن منها، الجلسات الكيماوي لم يعد يجد نفعًا في حالتها المُتأخرة، يهاجمها المرض سريعًا فمنذ أن علمت باصابتها بسرطان العظم وهي في المرحلة الأخيرة، منذ شهرين وهي على هذا الوضع.
وعندما علم طارق لم يتأخر في العودة لكي يكون جانبها في أخر لحظات حياتها، فعلت به الكثير وكان يود الهرب ولكن قلبه النقي لم يقدر على التخلي عن مسئوليته فهما حدث منها فهي ستظل والدته وهذه حقيقة لن يتخاذل عنها.
أشفق فاروق على حالتها تلك فهذه السيدة المُتسلطة زوجة شقيقه، صاحبة الكلمة المسموعة، ذا الجبروت والقوة هكذا هزمها المرض، هذه نهايتها ستموت بسبب مرض لا دخل لنا به، قال بصوت حزين على وضعها يحاول مؤاستها:
-الف سلامة عليكي يا ام طارق، ربنا يعفو عنك
طالعته بنظرة ندم وحسرة على ما فعلته بالماضي وهذا عدل ربنا فيما كانت تنوي فعله في حياة، كانت تُريد موتها بالنهاية وتدمير سمعتها وشرفها وحياتها بأكملها، هذا عدل الله في الأرض، فماذا عن عدله في السماء، سوف يقتص منها على كل ما فعلته بتلك المسكينة التي لا حول لها ولا قوة من أمرها..
(ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار)
لم تهتف إلا بصوت خافت جملة واحدة تتردد دائما على لسانها:
-قول لحياة تسامحني... روحي متعلقة بكلمة منها
جف حلق فاروق وقال لكي يطمئنها:
-حياة مسامحه يا ام طارق
هزت رأسها بخفة وقالت وعينيها تذرف الدموع:
-لا.. حياة بتواجه مصير مالهاش ذنب فيه، حياة تعبانة
الشيخ مبروك ماقدرش يبعد عنها الجن، خاف ياذيه
اقترب طارق من والدته يريد تفسيرًا لحديثها، قبض على كف طارق وقالت بصوت مُتقطع:.
-سامحني يا بني الدجال ماعرفش يفك السحر، حياة دلوقتي في خطر بتواجه لوحدها
شعر فاروق بغصة داخل حلقة ووخزة بصدره فلن يتحمل رؤية ابنة تعاني ولن يقبل للايام القاسية ان تعود، وهم مغادرة منزل شقيقه بقلق على أبنته وقال بخوف؛
-لازم اوصل الشيخ عبدالله وأخده معايا مصر، علاج حياة عنده
اغمض طارق عيناه باسى وهو يودع عمه، وبعدما ترك فاروق المنزل، سار طارق غاضبًا إلى غرفته ليترك دموعه العنان، لعنة السحر والداجالين ستظل تلاحقهما وكل هذا بسبب والدته، لا يعلم كيف سيسامحها على كل هذا الكم من الكره والحقد لزوجة عمه وبناتها..
صفا سليم سيارته أمام المشفى ثم ترجل منها وسار بخطوات واسعة يدلف لداخل، وصعد إلى حيث العناية لكي يطمئن على حالة شقيقه.
ارتدا ملابس التعقيم ودلف العناية برفق، ليجد شقيقه نائم محتضن زوجته تبسم في هدوء ثم غادر ثانيا العناية بخطوات بطيئة لكي لا يُقظهم ثم سار بخطواته يبحث عن الطبيب الذي يُتابع شقيقه ليعلم منه بأن أسر يتماثل الشفاء مؤشرات المخ والأعصاب سليمة لم يتاذى وهم مُسيطرين على حالة الصرع، ياخذ علاجًا يساعد على تخفيف النوبة الصراعية.
غادر سليم المشفى ثم قاد سيارته متوجهًا إلى الفيلا لكي يجلس مع والدته ويتحدث معهًا عن ماضٍ والده الذي عرفه وعن حقيقته الخفية التي لم يكن يعلم عنها شيء.
وفي غضون دقائق معدودة كان يدلف بسيارته داخل حديقة الفيلا، ثم صف السيارة وترجل منها، وهم بخطواته ليولج داخل الفيلا وعيناه تبحث عن وجود والدته.
كانت خديجة جالسة في غرفتها بعدما تركت حياة نائمة واطمنت من خفض حرارة جـ سدها، ظلت قابعة بغرفتها تنتظر عودة سليم ومن حين لآخر تنظر من خلف ستائر شرفتها تتفقد عودته، لتتنفس الصعداء عندما وجدته يصف السيارة ويترجل منها، تركت غرفتها لتلقي به وهي حزينة على غيابة عن المنزل ولم تتوقع منه أن يترك زوجته في أول أيام لها في هذا المنزل تقضي ليلتها وحيدة دون زوجها وتُصاب بالحمى، كما أنه لأول مرة يبيت خارج المنزل وهذا ما اقلقها يكفي الوضع الذي به شقيقه، نُجى من الموت بمعجزة الهية.
عندما لم يجد والدته بالأسفل، صعد إلى حيث غرفتها لتلتقي به واقفة على أعتاب غرفتها تنتظر قدومه، اقترب منها يقبل جبينها قائلا:
-صباح الخير يا أمي
ردت خديجة باقتضاب:
-صباح الخير يا سليم
تركته و دلفت غرفتها وهي تقول بجدية:
-تعال في اوضتي عايزاك
لحق بوالدته ثم أغلق الباب وتقدم بخطواته منها ينظر لها بغرابة وقبل أن تفتح خديجة فاها، اخرج سليم الصورة التذكارية القديمة وقربها إليها متسألا:
-عارفة حاجة عن الصورة دي
دققت خديجة النظر داخلها ثم التقطها من ابنها وعادت تطالعه بدهشة ثم قالت:
-اللي على اليمين باباك وهو شاب
ثم ضيقت حاجبيها ودققت النظر ثانيا، تسأل سليم عن الشخصين الآخرين ولكنها هزت رأسها نافية فلم تعرفهم ولكنها نظرت لابنها مُندهشة وقالت في تسال:
-جايب الصورة دي منين؟ دي باين عليها قديمة أوي
زفر سليم أنفاسه بضيق والدته لم تعرف شيئًا عن ماضي والده وإلا كانت علمت بالأشخاص الواقفين جوار والده.
رد بضيق :
-لاقيتها في الفيلا القديمة
-وانت بقى سبت مراتك لوحدها وفضلت في الفيلا القديمة لصبح
لم يشعر بالوقت بسبب المفاجأة الغير متوقعة ولم يدرك خطأه إلا عندما استرسلت خديجة حديثها قائلة بلوم:
-مراتك تعبانة من امبارح بالليل وحاولت أكلمك كتير ماردتش عليه
هتف بقلق :
-حياة تعبانة مالها؟
-كان عندها سخونية عالية وعملت لها كمدات طول الليل وهي بتترعش طول الليل، يادوب غمضت عنيها
ترك سليم غرفة والدته بخطوات واسعة وهو يشعر بالذنب بسبب ما مرت به حياة من تعب وهو بعيدًا عنها
❈-❈-❈
أقبليني... ستكوني الملكة
لا وقت للهروب
بصوت هسيس يأتي من بعيد ويقترب منها ببطء شديد
انتفض جـ سدها في رُعب وظل يهتز برجفة قوية، وجدت ماردًا مُخيف يرتدي رداء أسود كاحل ويغطي رأسه بالقنسلوة وملامح وجهه لم يظهر منها شيئًا سوا بؤبؤة عيناه الواسعتين الجاحظتين التي تكاد تخرج من محجرها باللون الأحمر الممزوج بالأزرق
خرج صوته بغلظة يناديها أن تخضع له وتُسلمه نفسها بأرادتها فلم يعد وقتًا للفرار، لقد انتهى وقت القرار، هي الآن مسلوبة الأرادة، عقلها رافض الاستيعاب
تُريد الصراخ ولكن لسانها مُلجم، مُقيد، مُنعقد لن يبوح ولن يهتف ولم يعد قادرًا على الحراك.
جـ سدها مُتصلب يتعرق بغزارة يشتعل مثل الحمم البركانية ثم تنخمد الشُعلة ثانيًا بين لحظة وأخرى يتبدل حالة جسدها من برودة صقيع لجمر متوهج
والصوت يزذاذ وتلك المرة ملفوف حول المارد من الجانبين أطفالا صغار مرتدون ملابس سوداء أيضًا ووجههم مُغطا، يهللون ويهتفون بأسم الملك "غاون" غاون"غاون"
يتقدمون من حياة يلتفون حولها ويقتربون منها ممددون بذراعيهما التي طالت إليها وامتدت يقدمون على حملها وهم ويهتفون باسم ملكهم "غاون"
هتف "غاون" بغلظته التي لم يتحملها بشرًا وقال مجلجلا بصوته الاشج :
-لا تقاومي حياة... بسببكِ أنتِ خسرت المملكة الملكة ليليث زوجتي وأنتِ ستحلين محلها، هذا أنتقام غاون..
حملوها الأطفال الصغار ورُفع جـ سدها عن الفراش ولكن هبط فجأة عندما أنفتح باب غرفتها
وولج سليم داخل الغرفة، رحل كل من كان معهًا بالغرفة، طالعت وجه سليم بفزع وخوف تُريد البوح بما يحدث لها ولكن لا زال لسانها معقودًا عن الكلام.
اقترب منها سليم بخطوات مُتلهفة ثم جـ سى بجوارها على الفراش يضع كفه يلامس وجهها بحنان وهمس لها بقلق:
-حياتي مالك، فيكي أيه؟
قبل وجنتها وقال مُعتذرًا عن غيابه:
-انا أسف يا حياتي، انشغلت عنك، بس انا جنبك يا قلبي ومش هسيبك، قوليلي حاسة بأية؟
قبضت حياة بقبضة يديها الصغيرتين على قميص سليم تتمسك به في خوف وفزع، ضمها لصـ دره بحنان وظل يُمـ سد على كتفها وظهرها يُطمئنها بوجوده وظن انها لم تقدر على الحديث بسبب حرارة جـ سدها العالية وصوت أنينها الخافت، اشعره بالعجز والتقصير في حقها فهي ليس لديها شيء بما يحدث معه ومع عائلته الآن، يشعر بالالم الذي وغز قلبه بسبب رؤيتها على تلك الحالة، فهو بين نارين نار الماضي والحاضر، قيود تجذبه للماضي ولن يستطيع التحرر منها .
فلا أحد يُحب قيوده التي وقع بها رغما عنه، كل شيء حوله يتهالك، لا يعلم إلى متى سيظل مُحتفظًا وحده بقيود والده إلى متى سيدفع ثمن أخطاء لم يقترفها إلى متى ستجرف به الرياح؟
يطالع جـ سد حياة المتشبث به بخوف، هو حقًا لن يستطيع أاذيتها، يعلم بأن المافيا لن تتركه على قيد الحياة بعد علمهم بأن شقيقه هو الذي تم أصابته وهو هدفهم، تذكر المذكرات الخاصة بوالده وقرر أن يعود ثانيًا ليقرا ما تركه والده له لعله يفهم الدوامة التي تسحبه معه في قاع المحيط اما ان ينجو وأما ان يغرق وينتهي أمره..
❈-❈-❈
تابع سراج العمل داخل شركة السعدني بدلا عن سليم المُنشغل بمرض شقيقه، لكن لا يعلم الذي يُخطط له سليم ولم يخبر أحد به.
هاتفته فريدة تخبره بأنها ستذهب مع والديها إلى المنصورة بسبب زيارة عمها، زوجته تحضتر وشقيقه يُيد مقابلته.
وافقها سراج الرأي واعتذر منها عن سبب انشغاله بعمله، بسبب الوضع الحالي للشركة، لم تغضب منه فهي تعلم مدا الصداقة القوية التي بينهما وأسر بظروف صحية، تمنعه من ممارسة عمله، بينما سليم منشغل بكل ما وقع على عاتقه بين عشية وضُحاها.
بعدما أغلق سراج الهاتف مع خطيبته، صوب أنظاره على الحاسوب وباشر بنفسه الايميلات الخاصة الذي كان يطلع عليها سليم بنفسه، ليتفاجئ بايميل مُرسل من نيويورك لا ينتمي لاي شركة يتعاملون معها، جخظت عيناه بصدمة عندما قرأ مضمونة، نهض واقفًا يغادر المكتب بلا الشركة بأكملها، يريد أن يلتقي بـ سليم الان لمعرفة ما سبب هذا الإيميل ومن الجهة المسؤلة عن أرسالة..
استقل سراج سيارته وقرر الذهاب إلى سليم مباشرة لاخباره بما قرءه، يُريد تفسيرًا بما يحدث معه الآن وبالاخص بعد الحادث الذي تعرض له أسر.
بعد مرور خمسة عشر دقيقة صفا سراج سيارته وترجل منها مسرعًا، سار بخطوات واسعة أشبه بالركض ثم وقف أمام الباب يسترد أنفاسه بهدوء ثم رفع انامله يضغط زر الجرس، لتاتي الخادمة بعد لحظات تفتح له الباب تستقبله بترحاب، دعته بالجلوس إلى غرفة الصالون وذهبت لاعلام سليم بوجوده.
جلس سراح يهز قدمه بتوتر وهو يطالع الباب ينتظر ظهور سليم، الذي عندما أخبرته الخادمة بوجود سراج، انتابه القلق، ترك حياة برفقة والدته وذهب لمقابلة سراج.
عندما لمح قدومه نهض عن مقعده في توتر واقترب منه
هتف سليم مرحبا به :
-أهلا يا سراج
تلفت سراج حوله بقلق ثم جذب سليم من ساعده وهو يهتف بتوتر :
-لا اهلا ولا سهلا، تعالى نتكلم في المكتب
-في ايه؟
قالها سليم بقلق بعد تصرف سراج الغريب، دلفوا المكتب، ووقف سراج في مقابلة سليم يخبره بريبة الايميل الذي قرءه وجعله قلق بهذا الشكل...
صرخ سراج منفعلا :
-عاوز افهم المقصود أيه وليه حياتكم في خطر ومين الجهة اللي بتهددك يا سليم، في سر جواك مش راضي تقوله، عرفني في ايه؟ لازم تعرف انك مش اخو أسر وبس لا انت اخويا الكبير ومثلي الأعلى.
خارت قوته وهوى بجسده على الاريكة التي خلفه ثم نكس بوجهها أرضا ووضع كفيه يحاوط رأسه في يأس وقال:
-نفسي يا سراج أخرج السر اللي عشت سنين احافظ عليه، نفسي ارتاح، نفسي اغمض عيني وانام بدون قلق وكوابيس وخوف من الجاي، نفسي افرح من قلبي مش اشيل هم بكرة، نفسي في حاجات كتير ومش قادر اخرجها.
انحنى سراج أمامه ووضع كفه على ظهره قائلا:
-وأنا روحت فين، عرفني في أية واوعدك مافيش مخلوق هيعرف باللي دار بينا دلوقتي
زفر أنفاسه بهدوء ثم نهض عند مقعده وأمسك سراح من كتفه وقال:
-تعال معايا، هتعرف كل حاجة بس مش هنا
سار بجواره مغادرين الفيلا، استقل سليم سيارته وجلس سراج بالمقعد المجاور له لينطلق سليم يشق طريقه حيث وجهته المنشودة، يُريد ازاحت الحمل الذي يثقل صدره، يريد أن يشارك احد همومه..
❈-❈-❈
في المنصورة.
عندما وصل فاروق وعائلته المنصورة، قرر الذهاب أولا لمنزل شقيقه، اصطحب زوجته معه ثم ترك فريدة وأمل بمنزلهم الذي لا زال موجودًا.
تنهدت أحلام وسارت بجانب زوجها وهي تهتف في حزن:
-مش قادرة يا ابو حياة ابص في وشها، قلبي بيتقطع كل ام افتكر حصل ايه لحياة
ربت على كتفها بحنو وقال بطيبة قلب :
-أحنا أهل يا ام حياة، حقك عليا أنا، اللي عملته أم طارق كبير اوي وربنا يمهل ولا يهمل، وأحنا قلوبنا عامرة بوجود ربنا، ربنا يتولاها في بلاءها
-مش قادرة أسامح من قلبي
قالتها بحزن ثم أنهمرت دموعها كلما تذكرت ما أصاب ابنتها على يد زوجة عمها وكل ذلك عندما رفضت حياة الزواج من ابنها طارق، سعت بكل الطرق لكي تهدم حياتها عن طريق الدجل والشعوذة.
حاوطها فاروق من كتفها وقال بحنو فهو يعلم انها أم ولن تنسى من تسبب بالاذي لإحدى بناتها :
-خلاص يا ام البنات مش هغصب عليكي تيجي معايا، مدام مش قادرة ولا مستعدة دلوقتي مش هلومك ولا هجبرك، روحي خليكي مع البنات وانا هشوف اخويا واطمن عليهم ومش هتاخر
هزت رأسها بالموافقة فهي حزينة على كل ما مرت به ابنتها من معاناة ولن تصفح بهذه البساطة لأنها تعلم بأن ابنتها لازالت تُعاني من داخلها، فكل ما مر عليها ترك جُرحًا بقلبها ولن تتماثل الشفاء بعد.
عادت أحلام لمنزلها وظلت تنتظر عودة زوجها اما فاروق فأكمل طريقه في الذهاب لمنزل شقيقه الأكبر"شريف"
وقف فاروق يطرق باب الشقة، ليجد طارق هو الذي يفتح له الباب، فلم يصدق طارق نفسه
ارتمى بأحضان عمه الذي التقفه بحنو وظل يربت على ظهره لتعلوا شهقات طارق الذي يبكي
-وحد الله يا بني
ابتعد طارق عن أحضان عمه ودعاه للدخول، ولج فاروق لداخل وهو يحاوط طارق بكتفه :
-عامل ايه يا طارق يا بني؟
مح دموعه المنسالة على وجنته وقال بصوت خافت؛
-الحمدلله يا عمي بخير
-يارب دايما بخير يا حبيبي
ثم قال بتسال:
-انت جيت أمته من سفرك
اجابه بأسى:
-من يومين
تنهد فاروق بحزن عميق على حالة ابن شقيقه الذي ضعف جسده وهزلت روحه، كانه يرا كهلا لا شابًا في ريعان الشباب، همس داخله يردد:
-لا حول ولا قوة الا بالله
غادر شريف غرفة زوجته ليرا شقيقه، اقترب منه فاروق يعانقه بشوق جارف، قال شريف بأسف وحزن:
-واحشتني يا اخويا، حقك عليا
ابتعد برفق وهو يبتسم له ثم قبل راسه بود:
-حقك عليا أنا، غصب عني انشغلت عنك، في ظروف كده هقولك عليها، بس طمني الأول على ام طارق، عامله ايه دلوقتي
قال بياس :
-زي ما هيه
-ربنا يشفيها ويعافيها ويقومها بالسلامة يا رب العالمين
قال بتنهيدة يأس:.
-يارب
اصطحبه شريف لغرفة زوجته الممددة على الفراش شاحبه الوجه هذيلة الجـ سد، ساكنة تمامًا فقط بؤبؤة عينيها الجاحظتين هي التي تدور بالغرفة، صوتها يكاد يكون مسموعًا، وخز ينخر عظامها، ألم يقتلها في الدقيقة مائة مرة، السرطان ياكل من أوصالها، وهي لا تستطيع مقاومته بعدما تمكن منها، الجلسات الكيماوي لم يعد يجد نفعًا في حالتها المُتأخرة، يهاجمها المرض سريعًا فمنذ أن علمت باصابتها بسرطان العظم وهي في المرحلة الأخيرة، منذ شهرين وهي على هذا الوضع.
وعندما علم طارق لم يتأخر في العودة لكي يكون جانبها في أخر لحظات حياتها، فعلت به الكثير وكان يود الهرب ولكن قلبه النقي لم يقدر على التخلي عن مسئوليته فهما حدث منها فهي ستظل والدته وهذه حقيقة لن يتخاذل عنها.
أشفق فاروق على حالتها تلك فهذه السيدة المُتسلطة زوجة شقيقه، صاحبة الكلمة المسموعة، ذا الجبروت والقوة هكذا هزمها المرض، هذه نهايتها ستموت بسبب مرض لا دخل لنا به، قال بصوت حزين على وضعها يحاول مؤاستها:
-الف سلامة عليكي يا ام طارق، ربنا يعفو عنك
طالعته بنظرة ندم وحسرة على ما فعلته بالماضي وهذا عدل ربنا فيما كانت تنوي فعله في حياة، كانت تُريد موتها بالنهاية وتدمير سمعتها وشرفها وحياتها بأكملها، هذا عدل الله في الأرض، فماذا عن عدله في السماء، سوف يقتص منها على كل ما فعلته بتلك المسكينة التي لا حول لها ولا قوة من أمرها..
(ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار)
لم تهتف إلا بصوت خافت جملة واحدة تتردد دائما على لسانها:
-قول لحياة تسامحني... روحي متعلقة بكلمة منها
جف حلق فاروق وقال لكي يطمئنها:
-حياة مسامحه يا ام طارق
هزت رأسها بخفة وقالت وعينيها تذرف الدموع:
-لا.. حياة بتواجه مصير مالهاش ذنب فيه، حياة تعبانة
الشيخ مبروك ماقدرش يبعد عنها الجن، خاف ياذيه
اقترب طارق من والدته يريد تفسيرًا لحديثها، قبض على كف طارق وقالت بصوت مُتقطع:.
-سامحني يا بني الدجال ماعرفش يفك السحر، حياة دلوقتي في خطر بتواجه لوحدها
شعر فاروق بغصة داخل حلقة ووخزة بصدره فلن يتحمل رؤية ابنة تعاني ولن يقبل للايام القاسية ان تعود، وهم مغادرة منزل شقيقه بقلق على أبنته وقال بخوف؛
-لازم اوصل الشيخ عبدالله وأخده معايا مصر، علاج حياة عنده
اغمض طارق عيناه باسى وهو يودع عمه، وبعدما ترك فاروق المنزل، سار طارق غاضبًا إلى غرفته ليترك دموعه العنان، لعنة السحر والداجالين ستظل تلاحقهما وكل هذا بسبب والدته، لا يعلم كيف سيسامحها على كل هذا الكم من الكره والحقد لزوجة عمه وبناتها..