مرسال الغرام الجزء الثاني

AsmaaHemeda`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2024-07-22ضع على الرف
  • 6K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

1

عندما علم صقر بأن تلك الطفلة هي إبنة انچيل نظر إليها صقر بحسرة : أنت متچوزة؟!
أجابته أنچيل مسرعة بنفي :No, i'm devorced
لا، إنني مطلقة.
همس معلقة : قلبتي ليه يا مزة؟!
صقر : تتچوزيني؟!
أنچيل دون تردد : لما لا؟
Why not
وعد بتصفيق : أهلاً.
ريان : هو دِه حديت نتحدتوا فيه على الباب إكده .
ريان موجهًا حديثه لوعد وأنچيل : خدي أنيتا وادخلوا چوه.
أنچيل : ليه أدخل چوه.
وعد لأنچيل : خلي بالك الجوز دول على آخرهم، وأشارت إلى صقر و ريان، كلمة كمان وأنا وأنتي هيتقرا علينا في مقابر الحواويش أو في البلابيش أيهما أقرب.
انجيل :I'don't understand you
أنا لا أفهمك.
أشارت وعد إلى نفسها :Me ,انا؟ أنچيل :Yes , نعم.
ريان بحزم : جُلت چوه .
فُزِعت الفتيات الثلاثة من صراخ ريان، و هرولت كل واحدةً منهن في إتجاه.
اتجه كل من ريان والصقر وماجد إلى ما يسمى بقاعة الرجالة أو المُندرة، وهذه مخصصة لتجمعات الرجال فقط، لمنح الحريم بعضاً من الخصوصية، دخل الرجال الثلاثة إلى المُندرة، ففي أثناء قدوم ماجد من مطار برج العرب، قام بالإتصال بأحد الرجال الذين يعملون لدى أخواله و أوصاه بإرسال واحدةً من النساء لتنظيف الدوار لكونه مغلق منذ فترة وحدث ما أراده ماجد، جلس ريان على أحد المقاعد واضعًا ساقًا فوق الأخرى في شموخٍ وكبرياء، وفعل الصقر بالمثل.
(قلود أوي)
وجلس ماجد في المقعد المجاور لإبن عمه ريان.
ريان : دلوك أنچيل ما تعرفش حاچة عن اتفجنا ولا باللي حُصل زمان ولا باللي اخوي الله يرحمه عِمْله، موافجتها دي على غش تعتبر باطلة.
ماجد متدخلا في الحديث : صجر أنت مسبجلكش الچواز جَبْل سابِج؛ يعني ما حدش عنديك هيوافج على جِصة إنك تتچوز واحدة سبج لها الچواز، وكمان خوچاية.
صقر بانفعال : ليه و آني عيل إصغير إياك مستني حد يجرر عني؟! ويجولي أعمل إيه وما عملش ايه! آني أعمل اللي شايفه صُح، وما حدش ليه حاچة عِندي.
ماجد : أنا عامل عليك؟
صقر : مليكش صالح.
ريان: بردك انچيل لازمن تِعرف كل حاچة، ونخيرها إذا كانت عتكمل ولا لاه.
صقر : وهي إيش دراها بعوايدنا واتفجنا، وبعدين أنت ايه اللي عيخوفك،؟ مش أنتم ناويين على خير ومش هتهينوا بتنا، وأنت خابر إننا ما هنهينوش حريمنا، يا، يا ريو.
قالها صقر ساخراً.
ريان : عجولك ماعوزش تريجة وحديت مالهوش عازة، إوعاك تكون فاكر إكمننا على أرضك يبجى تعمل ما بدالك، لاه أنت ما تعرِفش أخرى، أبسطها أجولك إحنا شيلنا يدنا؛ طالما لوي درع، وطالما ما فرِجش إمعاك تتچوز مطلجة، يبجى بت عمك أولى، وهي إكده ولا إكده ما عِملتش حاچة حرام؛ دي كانت متچوزة على سنة الله ورسوله، واضح كمان إن چوازك من مطلجة ده ما كانش إفبالك، وإبتسم ريان بجانب فمه ابتسامة ساخرة،:لكن دي انجيل عاد.
(بمعنى ما تعملهمش عليا أنا فقسك ).
ثواني ووجدوا انجيل تدخل المُندرة وبيدها صينية تقديم عليها ثلاثة أكواب من المياه الغازية التي احضرها ماجد عند قدومهم، أثناء مروره على إحدى الاستراحات في الطريق، فالدوار خاوي منذ فترة، كما جلب العديد من المعلبات والحلويات لأنيتا وبعض من عبوات الطعام سريعة التحضير.
جز ريان على أسنانه فبالطبع تلك فكرة بلوة حياته وعد، فمن أين لانچيل أن تعلم أن العروس عليها تقديم مشروب الضيافة للخطيب.
توعدها ريان في سره فإذا كان هذا السائد في الإسكندرية حيث اختطفا، ولكنه مرفوض عندهم في الصعيد.
وقفت وعد خلف أحد الجدران المطلة على المُندرة بحيث تكون مراقِبة وغير ملتقَطة، تشاهد احتقان الدماء بوجه ريان بتسلية، وهي تحدث نفسها : مش كنت عامل لي فيها عبيط قابل يا ريو.
وما إن دخلت انجيل المندرة حتى اخفض الصقر بصره على استحياءٍ، بينما أخذت انجيل تتهادى في سيرها حتى تبرز مفاتنها.
فمال ماجد على ريان : مين دي؟ وينها الشاويش انجيل.
ريان : شاويش إيه بجى؟! ما احنا متجرطاسين على رأي البلوة التانية.
ريان بتجهم :what are you doing anjel ?
ماذا تفعلين انجيل ؟
أنچيل بتلقائية : بضايف الكتكوت حجي.
لطمت وعد خداها هامسةً : الله يخرب بيتك أنت حافظة مش فاهمة، الله يخيبك ده أنا هتنفخ.
بينما جحظت أعين الثلاث رجال مرددين كالكورال :الكتكوت حجك!
تأكد حدس ريان بأن فكرة تقديم مشروب الضيافة هذا فكرة تلك المصيبة، وللحق مصيبة لذيذة، فانچيل تتحدث الصعيدية ولكن من أين لها بالكتكوت حقها. فهي حتى ربما لا تعلم معناها.
ريان بصخب : واه چرى لك أيه يا انجيل؟! من ميتى وأنت إكده بتتمرجعي و تتمسخري؟!
والصقر أيضآ ليس بالهين فمغزى حديث ريان يدل على أنها ليست سهلة المنال، فان تغاضى عن كونها أجنبية ولكنه مازال رجلاً شرقياً مصرياً صعيدياً وليس أي صعيدي بل إنه الصقر.
انشرح صدره لكونها متحفظة، ولكن ماذا الكتكوت حقها؟!
الصقر بهمس : الكتكوت يا وجعة مجندلة، الصجر بجى كتكوت؟!
استمع ريان لما قاله صقر فنظر إليه ساخراً، فقد كان يتشدق بريو فماذا بشأن الكتكوت حقها؟!
انجيل بريبة : وعد هي اللي جالت لي لازمن أضيف الكتكوت حجي.
لم يكن ريان بحاجة إلى تأكيدها، فهو استنبط من وراء ذلك.
ريان : دجيجة، شوفي دجيجة وتكوني خفيتي.
فتلاشت أنچيل وكأنها لم تكن موجودة بالأصل.
صقر وما زال على استحيائه : مالهوش عازة واچبكم وصل، چهزوا حالكم عشان هننجل على الدوار عندي.
ريان كان من الممكن أن يصدر قرارا بعدم انتقالهم إلى دوار الصقر، وأن إتفاقهما مازال سارياً، وهو زواج ماجد بابنة عم صقر، وزواج صقر من انجيل ما دامت راغبة، ولكن بانتقالهم إلى دوار صقر سيستطيع محاصرة مصيبته الأزلية، ما دامت أمام صقر زوجته، فلا مانع من اللعب ما دامت هي من بدأت واستفزته.
ولكن لن يبدي مهادنة لصقر حتى لا يفهم الأمر على نحوٍ خاطئ.
ريان : مالوش عازة، طالما انجيل ممنعاش چوازها منيك، فاتفجنا ساري، يا، يا كتكوت.
قالها ريان بسخرية.
صقر : واه إتحشم أنت التاني، إيه كتكوت دي،؟! آني الصجر.
ريان مقلداً إياه :واه ماكانش ده موجفك من هبابة؟! ولا الصجر دي على ناس ناس.
قهقها كلاً من ريان وماجد عندما رأوا احتقان وجه صقر من شدة الحرج والغضب في نفس الوقت.
الصقر بغضب : خلصنا عاد.
كتم ريان وماجد ضحكاتهم بعد رؤيتهم لمدى حرجه، وليس امتثالاً لأوامره، ولكن لم يستطع ريان الكتمان أكثر من دقيقة، وبدأ في القهقهة مجدداً وتبعه ماجد وأخيراً الصقر نفسه، والفتاتان تقفان خلف الجدار كل واحدةً منهن سارحةً في إبتسامة كتكوتها أعني رجلها، فكلاهما وسيمان كلاً منهما على طريقته.
بعدما تعب الثلاثة من كثرة الضحك وتهادت قهقهتهم.
أجاب ريان : على جولك يا صقر، آني مرحب بدعوتك، دجيجة عخليهم يچهزوا حالهم.
سار ريان ناحية باب المندرة فرأى الفتاتين تصطدمان ببعضهما في محاولة للمغادرة، قبل أن يضبطن بالجرم المشهد ( التلصص).
بعد أن توارى ريان عن عيون صقر وماجد ذاهباً لإخبار الفتيات بالاستعداد، وجدهما على تلك الحالة من التخبط، فالمكان المختبيئتين به على هيئة ممر في نهايته غرفة محكمة الغلق، ويفضي إلى الصالة والمندرة.
اندفعت انجيل بإتجاه الغرفة بينما اصطدمت بلوته به، فأمسك بها من الخلف كما يقبض المخبر على الخارجين عن القانون، وهو يشير إليها بسبابته ألا تصدر صوتاً، فحبست أنفاسها وبخطوة واسعة كان يقبض على أنچيل من ملابسها بنفس الطريقة و التقط الأخرى على نفس المنوال، وهو يرج كلاً منهما ذهاباً و إياباً.
ريان : على فين يا مصيبة أنتِ وهي؟! حسابكم إمعاي بعدين.
وعد : وأنا مالي يا لمبي؟!
أنچيل بجدية :Why you are ungry rayan
لماذا انت غاضب ريان ؟
ريان :دلوك ظبطي؟! والمسخرة اللي كانت من شوية دي كان عفريتك؟!
وعد : ما تحرقش في دمك انت عشان الشوجر، وأنا هعرفها غلطها.
ريان محملقاً بها : والله ، صدقتك أنا كده إذا كان أنتي أس البلاوي.
وعد وهي تلاعب حاجبيها : لا الصعيدي يوكل.
ريان محاولاً كبح إبتسامة تجاهد للظهور على صغره؛ لشقاوتها.
ريان بجدية مصطنعة : چهزوا حالكم عشان هننجل في دوار صقر.
وعد : أيون يعني أعمل إيه؟! أحضر شنطتي مثلاً، ما اللي خطفونا ما بلغونيش قبلها عشان أحضر شنطة هدومي، مش أصول خطف الصراحة.
ريان موجهاً حديثه إلى انجيل : روحي أنت چهزي حالك أنت و أنيتا.
غادرت انجيل وتركت وعد لحالها معه.
وعد : بتسيبيني وتخلعي؟! ليكي روقة.
ريان وهو يتقدم منها بعدما كان قد رفع قبضته عنها.
ريان : بقى الصعيدي يوكل، و بالنسبة للحلاوة بالقشطة وانحرافك اللي كان هيبقى على إيدي في إسكندرية كان إيه؟!
وعد بعد تقدمه منها أصبحت محاصرة بينه وبين باب الغرفة المغلقة خلفها : يا باشا أنت طلقة بكل حالاتك، بس بلاش زنقة الاتوبيسات دي الله يكرمك.
ريان مقلداً كلماتها السابقة :عندك حق الإنسان مننا دعيف.
تركها ريان عائداً الى الصقر وماجد.
ريان : اجعد يا صجر، اشرب الساجع إبتاعك عجبال ما يچهزوا.
صقر : وادي جعدة.
بدأ صقر في ارتشاف مشروبه وهو يتردد في قول ما يريد ولكنه لم يستطع الكتمان.
صقر : ما دام إحنا متفجين، ما نشيعوا الليلة نچيبوا المحامي عشان يكتب لي أنا وانچيل، ونچيبوا المأذون يعجد لماچد وسوسن، ونخلصوا منيه الموال ده.
(البت أكلت دماغه، يا عيني على الحلو لما تمرمطه النسوان).
ريان نافراً : ما ترسى، متسربع على إيه؟! وبعدين ليه محامي انجيل مسلمة وورجها معها، أبوي خلص لها كل حاچة إهناك، بس ما حدش يعرف إنها أسلمت غير السفارة؛ لأنها طلبت استخراج أوراق لها بإسم أبوي كإسم مستعار، بكده ورجها يثبت إنها مسلمة مصرية، يعني حتى في المجلس ما حدش هيعرف يتحدت إمعاك على أساس إنك إتچوزت خوچاية.
إن وافق ريان على حديث صقر بشأن إتمام الزواج الليلة، فمعناه أن كل شيء سينتهي سريعاً وهذا ما لا يريده.
تفاجىء صقر لكونها مسلمةًو لكنها مفجأة لاقت إستحسان منه .
صقر متحمحماً : مش مسألة سربعة، وأنت بتجول إنها مسلمة و ورجها چاهز، يبجى هنستنوا ليه عاد، ده هيبجى كتب كتاب، ويبجى نعملوا ليلة كبيرة على مهلنا.
ريان بعد ما استحسن الفكرة، ما دام لا زال هناك ليلة كبيرة، فلا ضير في ذلك.
ريان : خلاص عتحدت ويا أبوي، ولو وافج، نكتبوا الليلة وبعدين نشوفوا جصة الدخلة دي.
وبعد قليل خرج الجميع متجهين إلى الخارج.
ريان لصقر : عربيتك ما هتكفيش الكل.
اشار ماجد حيث السيارة التي استأجرها سابقاً : آني أچرت دي لسبوع.
ريان : خلاص اركب أنت مع انجيل و أنيتا عربية صجر، وآني ووعد هنحصِلكم.
اتجاه كلاً من ريان ووعد إلى السيارة الأخرى، فاستوقفهم صقر وهو يمد يده إلى ريان : تلفوناتكم، الرچالة اللي چابوكم إهنه سلموها لي،.
برغم ما حدث من رضوان أخو ريان، إلا أن الصقر يستطيع التمييز بين معادن الرچال، فريان لن ينكس وعده.
مدت وعد يدها لتلتقط هاتفها.
ريان : يدك چارك.
وعد وهي تتراجع هامسة : ليه يعني في الجيش.
التقط ريان الهواتف يدسهم في جيبه.
اتجه كلا منهم إلى السيارات فمدت وعد يدها تفتح الباب الخلفي لتجلس بالمقعد الخلفي.
ريان : إيه بتعملي أنتي؟!
وعد : هكون بعمل إيه؟! بركب.
ريان : هتركبي في المجعد ورا؟! ليه أمال سواج الهانم آني إياك؟!.
اغلقت وعد الباب بحدة متأفأفة، لما الجدال؟ وهو محق، وتقدمت لتركب بجواره في الأمام.
مدت أنچيل يدها لتفتح الباب الأمامي لتجلس إلى جوار كتكوتها.
ماجد مع تبادل الأدوار في موقف مماثل عند السيارة الأخرى : ايه بتعملي انتي؟!
انجيل :هكون بعمل ايه؟! بركب.
ماجد :هتركبي جدام؟! ليه أمال؟! جالوا لك عني وائل.
الصقر : وائل من ماچد ما فرجتش كتير.
ماجد : ما بلاها أنت يا الكتكوت حجها.
(الجبهتين طارو ).
صقر رافعا وجهه إلى السماء : صبرني يا رب، عشان آني چبت أخري.
ماجد زاجرا انجيل : إنتي وأنيتا ورا.
اغلقت انجيل الباب الأمامي بحدة متوجهة إلى الخلف.

في مكان آخر لم نذهب إليه من قبل.
دوار عبد الحميد الزيدي عم صقر وزوجته حفيظة والدة سوسن فهي إمرأة قوية الشخصية سليطة اللسان، وقد ساءت معاملتها لابنتها، بعد ما وجدت بين ملابسها عقد زواجها من ابن أخو قاتل عمها، ودون علمهم، والأخرى لم تجد ما تدافع به عن نفسها، فهي حقا مخطئة في حق نفسها أولا وعائلتها ثانياً، بعدما أوهمها رضوان بالحب و تلاعب بعقلها حتى وقعت في عشقه بعد مطاردته لها في كل مكان، فهي كانت بعامها الأول في كلية الصيدلة جامعة سوهاج، ولكن بعد علم والدتها بزواجها سرا من ولد نصار، و بالطبع أخبرت كبيرهم صقر الزيدي ابن عمها، منعتها من أن تخطو بقدمها خارج غرفتها، ناهيك عن الإهانة والضرب المبرح، فقد دمرت سوسن نفسها بنفسها، ويحل لوالدتها ما تفعله خاصة بعدما أقنعها رضوان بضرورة زواجهما لفترة حتى لا تتمكن امها من إجبارها على الزواج بأبن خالها الذي يعشقها منذ الصغر وهي لا تبادل، وبعدها سيقوم رضوان بعمل ترتيباته لأخذها معه إلى الخارج، وهي لم تعارض فهي ليست مرتبطة بمصر، أبوها وقد توفى وأمها إمرأة قاسية القلب منذ زمن لكونها جبرت على الزواج من عبد الحميد وهي عاشقة لآخر، فما ذنب ابنتها في ذلك الجفاء ولما كانت الأم تريد أن تلقى إبنتها نفس المصير، فجفاء أمها كان سبباً في وقوعها في براثن عشق زائف، ولكنها بعدما وضعت رقبتها تحت سيفه ، ظهر هو الآخر على حقيقته بعد ما صارحها بأن عشقه المزعوم ليس سوى إنتقاما من عائلة قاتل عمه والمتسببة في شتات شمل عائلته، وهجرة والده إلى الخارج.
و بالرغم من أن عمه هو البادئ ولكن رضوان كان يرث العرق التعصبي من عمه لا رحمة عليه ولا شفاعة.
ذبلت سوسن وضاعت أحلامها في حياة تعوضها عن قسوة ما مرت به، ولا تعرف هل القدر انتقم لها بموت رضوان أم انتقم منها على ثقتها به.
حفيظة وهي تقتحم الغرفة على سوسن بوجه متجهم وتقترب منها وهي تلقي بفستان وردي اللون بوجهها : جومي يا شملولة، حضري حالك عشان واد عمك جال إنه هيخلص موضوعك الليلة إياك تطلع روحك خليني اخلص من عارك.
فلقد هاتف صقر زوجة عمه بعدما ترك ريان ليقنع زوجته باستضافته لهم في دواره وتطوع ماجد لحل تلك المعضلة بزواجه من سوسن.
لم تفهم سوسن ما علاقة الفستان بتنفيذ حكم الإعدام فيها على ما فعلت فإذا أرادوا قتلها والخلاص من عارها لما الفستان إذن، لا يهم ستفعل ما تؤمر فبكل الأحوال قد فكرت في الانتحار عدة مرات ولكنها عدلت عنه فإن أخطأت بزواجها من رضوان، فلن يكون مصيرها الموت كافرة و بسببه أيضا، فستبقى ليفعلها غيرها فإن ماتت على يد والدتها القاسية أو يد الصقر، ففي كلا الحالتين خلاصها.
قامت من فراشها بعد خروج حفيظة جسدا بلا روح لترتدي ما قذف في وجهها وليكن ما يكون فهي غير عابئة.

أما صقر فكان يقود السيارة وهو يسترق النظرات في المرآة الخلفية لتلك الصعيدية وارد الخارج بزي باربي.
ولكن هذه الانجيل ألا تستحي؟! فهو كلما رفع بصره إلى المرآة وجدها شاخصة فيه تأكله نظراتها، وهي تتشرب ملامحه بهيام.
صقر لنفسه : اثبت يا صجر، خبرك إيه؟!
ماجد : بتقول حاجة يا صجر؟!
صقر : بجول هنتدلوا المركز نچيبوا الشبكة ميتى؟ ولا أجول لك آني هتحدت ويا واحد جواهرچي معرفة يبعت لنا وإحنا ننجوا.
ماجد : مش جصة بخل، بس شبكة إيه؟ وبتاع إيه؟ ما أنت خابر اللي فيها.
صقر : ما آني جلت كل حاچة لازمن تتم بالأصول؛ عشان الناس كلامها كتير، وشبكتك هدية مني لبت عمي ولو إنها ما تستاهلش بعد عملتها دي، لكن أمر الله عاد.
ماجد : اللي تشوفه.
ماجد الأمر برمته لا يعنيه، فهو المجبور بإرادته على تلك الزيجة ولا مجال للتراجع.
أما أنچيل فهي في قمة سعادتها بعد حديثه هذا، حقا لا تعرف معنى شبكة ولكن ما استشفته أنها هدية وقيمة أيضا، فمما عايشته من قبل من مع والد ابنتها والذي كان يسلبها أموالها ويسيء معاملتها، جعلت روحها كالأرض البور و أي تصرف منه سيرويها فهي عطشة لرجل يحتويها وتشعر في كنفه بالأمان.
أما عند ريان وهو يقود السيارة.
وعد بضجر : ممكن أفهم أنت اخدت تليفوني ليه؟! أنا عاوزة أطمن على أختي.
ريان بمشاكسة : هاديهلك بس لما نوصلوا، ونطلعوا جاعتنا.
وعد بجحوظ : جاعتنا ؟! ده باينه هيبقى ربراب متطافح، لا لا إحنا ما اتفقناش على كده.
ريان : واه مش إنتي مراتي عاد يا أم سيف؟!
وعد بنسيان :سيف مين؟!
ريان: الله إنتي دايما كده تنسي سيف وشاهندة.
وعد وهي على وشك البكاء مما أوقعت فيه نفسها : منك لله يا زين يا ابن أم زين، أشوف فيك تلت أيام ورا بعض.
بعد ما يقارب النصف ساعة قد وصلت السيارتين إلى داخل الحديقة بدوار الصقر، و عندها فتح الغفير لسيده البوابة.
ارتجل صقر من السيارة وهو يتصبب عرقا من نظراتها الجريئة.
(شكلك هتفضحنا، أمال هتعمل إيه يا أبو الصقور في الليلة الكبيرة
بينما ترجلت انجيل وخلفها أنيتا في خيلاء تتهادى أمامه في خطواتها.
(حرام عليكي الواد مش قدك)
بينما ترجل ريان وهو يسير بشموخه المعهود ولم يخفى عليه حالة صقر من الارتباك والتخبط.
ريان لنفسه ساخرا : ده ماخدش غلوة خام خام يعني، شكله ما راحش لأم منة.
(يا واد يا خبرة).
الصقر بصوت أجش عندما اقترب من الباب الداخلي يداري به ارتباكه: عوض واد يا عوض.
حضر عوض من اللا شيء أمامهم يوزع نظراته بين انجيل ووعد، كأنه لم يرى نساء من قبل حتى استقر على أكثرهم فتنة وللحق كلتهما فاتنتي، ولكن من لفتت انتباهه أكثر وعد بعيونها الملونة.
وريان تأكله الغيرة فبرغم من وسامته فذلك العوض يفوقه وسامة ولكن مظهره يوحي بالفقر وهذا لم يخفي ملامحه الوسيم.
ريان بغضب :إيه يا سفيه انت؟! أمبحلج في إيه؟! غوره من إهنه يا صجر.
عوض بانكسار فهو شاب في آخر عقده الثاني ولكنه يعاني من تأخر عقلي لا يلاحظه الرائي الا إذا تحدث : يرضيك يا صجر بيزعج لي؟ آني ما حدش يزعج لي غيرك، وبعدين ما هي اللي حلوة جوي كيف الفاكهة الصابحة.
ماذا فيها إذا تغزل عوض فيما لا يخص الصقر، فطالما حنى عليه الصقر وعامله كأخ صغير ودائما يدعوه بعوض البركة.
صقر : خلاص يا عوض حجك عليا، روح هات الشنطة اللي في العربية وحصلنا.
وعد بعد ما لاحظت حالة عوض ورؤية الحزن والانكسار والرعب في عينيه بعد توبيخ ريان له، وللحق لقد وبخ ريان حاله، فعوض بحالته تلك لا يستطيع التمييز بين ما يصح وما لا يصح، ولكن عوض في الأخر رجل ينظر لها و يتفرس بها.
وعد بحنو : ما تزعلش يا عوض حقك عليا يا سيدي.
ريان وهو يجز على أنيابه : كسر حقك، سدي حنكك.
مالت عليه وعد تهمس : هي اسمها خشمك ولا حنكك؟! أصلها تفرق.
ريان : هزري، هزري، دلوك نتدلوا جاعتنا واعرفك هي حنكك ولا خشمك.
وعد بتراجع : ما خلصنا بقى يا عوض.
دخل الجميع إلى داخل الدوار، وبعدما سمعت الخادمات في الدار صوت كبيرهم ينادي عوض توجهت أحدهما لترى ما إذا كان سيؤمر سيدها بإعداد الطعام وكانت السيدة صابحة وهي سيدة في أواخر الأربعينات ترتدي ملابس سوداء، ولكن يبدو عليها الطيبة، ذات وجه بشوش، صابحة مرحبة وهي حتى الآن لا تعرف من هم ضيوف كبيرها : يادي النور يا دي النور، ده الدار فج نورها.
و أقبلت تقبل وعد وانجيل بقبلات متتالية كنوع من الترحيب.
صابحة : يا حلاوة يا ولاد إيه النسوان اللي هتلعلط دي.
صقر : بزيداكي يا خالة صابحة، وهملي الضيوف يرتاحوا.
وأشار إلى انجيل وابنتها : خدي ستك والجمر الصغيرة دي في الجاعة الجبلية، و أشار إلى ريان ووعد : وطلعي ريان باشا ومراته للجاعة الشرجية.
وعد باندفاع : ما تخليني في الصالة التحتانية هنا، أحسن أنا ولفت عليها أوي.
ريان محبطا محاولتها للفكاك : بطلي چلع عاد، إحنا ضيوف ومعايزينش نتجلوا على الناس، يلا جدامي على الجاعة يا أم سيف.
صقر : أنت عنديك ولد؟
ريان : لاه لسه ربك ما ردش، بس ادعي لنا يمكن دارك يكون فيها المشية.
فهم كل الحضور مغزى حديثه فتخضب وجه وعد بالحمرة ولم تسعفها الكلمات وبماذا سترد على هذا الوقح، أما صابحة غطت وجهها بطرحتها على استحياء وهي تضحك.
وماجد ليس معهم فهو بملكوت آخر يفكر إلى ما ستؤول إليه حياته بعد تلك الزيجة.
صقر : واه أنت جاعدتك في بلاد برة، شالت منيك الخشة؟! عامة الدار دارك اطلع أنت ومراتك ارتاحوا.
و وجه حديثه لماجد : وأنت يا ماچد تعالى إمعاي في حاچات عاوزين نتفجوا عليها وبعدين ابج خش المندرة ريح فيها لحد المسا.
صعدت صابحة وخلفها ريان و وعد و هي تقدم رجل وتؤخر الأخرى، ولكن ماذا ستفعل في ما هو قادم، توجهت صابحة بهم إلى إحدى الغرف، وما أن غادرت صابحة حتى قام ريان.....
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي