الفصل الثاني والعشرون وميض أمل

نظر الطبيب إلى الملك وقد بدت عليه الحيرة ثم علق قائلًا:
-مولاي، لا اخفي عليك فلم تمر علي حالة كحالة الملكة من قبل، كان يجب أن تستعيد الملكة وعيها منذ عدة أيام.

دلف الأمير عزالدين إلى الجناح الملكي وسمع ما قاله الطبيب.

شعر الأمير عزالدين أن هناك أمرًا سيئًا يجري مع الملكة شفق فهمس في نفسه وقال:
-العرافة العجوز، لابد أن اعثر عليها؛ فربما أجد عندها ما يجعل الملكة تتعافى.

غادر الأمير عزالدين قصر النيروز  واتجه صوب غابة الأحلام وفي طريقه إلى غابة الأحلام إلتقى بعبدالعزيز.

لاحظ عبدالعزيز أن الأمير عزالدين ليس كسابقه معه فتحدث إليه وقال:
-سيدي الأمير أراك حزينا مهمومًا، فهل يمكنني أن اعرف ما السبب في ذلك؟

أومىء الأمير عزالدين برأسه وعلق قائلًا:
-لقد تعرضت الملكة للطعن من قبل ميسون.

اومىء عبدالعزيز برأسه وقال:
-أجل علمت ذلك فالجميع يدعون لها بأن يتم الله شفائها وتعود كما كانت.

نظر الأمير عزالدين إلى عبدالعزيز وقال:
-منذ ذلك الحين وهى فاقدة لوعيها، لقد وقف الطبيب عاجزًا أمام حالتها.

شعر عبدالعزيز بالأسى لما حدث للملكة وقال:
-ادعوا الله أن يلبسها ثوب العافية ولكن إلى أين أنت ذاهب؟!

نظر الأمير عزالدين صوب مدخل غابة الأحلام ثم علق قائلًا:
-ابحث عن امرأة عجوز هي الوحيد التي يمكنها أن تعرف ما الذي أصاب الملكة شفق.

ربت عبدالعزيز على كتف الأمير عزالدين وقال:
-هل تمانع في أن يرافقك صديقك زورو؟

نظر الأمير عزالدين إلى عبدالعزيز وقد تلألأت الدموع في عينه وقال:
-بالطبع لا، فلن أجد خيراً منك رفيقًا يا زورو.

دلف الأمير عزالدين إلى داخل غابة الأحلام وظل يبحث عن تلك العجوز ولكن دون جدوى.

لم يتسلل اليأس إلى قلبه، فكان يستريح قليلًا ثم يعاود البحث مجددًا.

وفي النهاية نظر إليه زورو وقال:
-لقد قمنا بالبحث عدة مرات ولكن دون جدوى، أليس لتلك المرأة مكانًا أو بيتًا تعيش بداخله؟!

شعر الأمير بالتعب فجلس تحت ظل شجرة وجلس بجواره زورو ثم تحدث قائلًا:
-لم أعرف لها بيتًا فدائمًا ما كنت أقابلها في طرقات الغابة.

فجأة نظر زورو إلى الأمير عزالدين وقال:
-عزالدين، ألا ترى ما أراه؟!

نظر عزالدين إلى حيث امتد بصر عبدالعزيز (زورو) فوجد دخان متصاعد دون أن يرى أثر لشيء محترق.

تعجب الأمير وتسائل قائلًا:
-من أين جاء هذا الدخان وما الذي تسبب في انبعاثه؟!

ما إن وصل الدخان إلى المكان الذي يجلس فيه الأمير وصديقه زورو حتى راح الصديقان في ثبات عميق.

لم يمضِ وقتٍ طويل حتى رأى الأمير عزالدين العجوز تخرج من وسط هذا الدخان.

نظر عزالدين إليها وقد بدى عليه التعجب وقال:
-ايتها العجوز لقد بحثت عنكِ كثيراً.

علت الابتسامة وجه العجوز وعلقت قائلة:
- ها أنا ذا هيا أخبرني لماذا كنت تبحث عني أنت وصديقك زورو؟!

أصابت الأمير عزالدين الدهشة وعلق قائلًا:
-كيف عرفتي إنني أطلقت عليه زورو؟!

ابتسمت العجوز وقالت:
-أبها الأمير مازلت تصر على أن تقوم بطرح أسئلتك علي، ولن تجد مني سوى قول: "لا شأن لك بذلك".

اومىء عزالدين برأسه وقال:
-حسنًا سيدتي اعتذر إليكِ ولكن والدتي في حاجة شديدة لمساعدتك.

أومئت العجوز وقالت:
-بني، ليس بيدي شيء يمكنني أن أفعله لها، ادعوا الله أن يتوقف ذلك السم الذي يسري في عروقها.

نظر عزالدين إلى العجوز وقد بدى عليه التعجب ثم تحدث.:
-سم، لم تصاب أمي بالسم لقد فقدت وعيها إثر ما تلقته من طعنة وبعد أن قام الطبيب بعلاج ذلك الجرح وانتظر أن تعود لوعيها ولكن هذا لم بحدث.

اومئت المرأة برأسها وعلقت قائلة:
-لقد تم طعن الملكة بخنجر مسموم ولكن ذلك السم يسير في عروقها ببطيء شديد فساعات قليلة وسوف يتوقف قلب الملكة إلى الأبد.

شعر الأمير بالقلق الشديد والخوف من أن يفقد والدته، فعلق قائلًا:
-سيدتي، كنتِ دائمًا تمدين لي يد العون والمساعدة فلماذا ترفضين الآن مساعدتي وأنا في أشد الحاجة لذلك؟!

شعرت العجوز بالأسى وعلقت قائلة:
-ليس معي شيء أستطيع تقديمه إليك،لقد أعطيت ما معي من ترياق في المرة الماضية، ربما يكون الحل لديك أنت.

نظر الأمير عزالدين إلى زورو الغارق في نومه ثم إلتفت إلى العجوز ليتابع حديثه معها ولكنه لم يجدها، ظل يصيح عليها ولكنه فوجيء أن ما كان يراوده ليس سوى حلمًا وأنه استيقظ وهو يصيح قائلًا:
-سيدتي، سيدتي.

اتتفض زورو من نومه ليجد الأمير عزالدين وقد انفجر في البكاء وهو يردد:
-لا يمكنني أن اقف مكتوف الأيدي حتى يتوقف قلب الملكة.

أسرع زورو إليه وقام بالربت على كتفه وهو يقول:
-آل سليمان لقد تعرضتم لكثير من الصعاب وقد نصركم الله واستكعتم اجتياز كل المحن فلن يضركم شيئًا بإذن الله.

أومئ الأمير عزالدين برأسه وربت برفق على كتف زورو ثم تحدث قائلًا:
-زورو، أنت حقًا نعم الصديق، لم احتاجك يومًا ولم أجدك بجواري.

نظر عبدالعزيز إليها وقد بدى عليه التعجب ثم علق قائلًا:
-أنا لم أفعل شيء أستحق عليه كل هذا الثناء، ولكن علينا أن نبحث عن طبيب آخر للملكة لعله يعلم بما تعاني منه.

فجأة صمت زورو قليلًا ثم نظر إلى الأمير عزالدين وقال:
-عزالدين، يراودني شعورًا بأن الخنجر الذي طُعنت به الملكة خنجر مسموم.

اومىء عزالدين برأسه وعلق قائلًا:
-أجل فعلى ما يبدو هذا ما حدث.

وعلى الفور تحدث زورو وقال:
-لا بد ان نبحث عن الترياق قبل أن يفوت الآوان ونفقد الملكة.

نظر عزالدين إليه وقد بدى عليه الحزن الشديد والحيرة ثم علق قائلًا:
-ومن أين نحصل على هذا الترياق، لقد بدأ اليأس يتسلل إلى قلبي، ففي المرة القادمة احضرت  لها الترياق من تلك العجوز أما الآن فمن أين استطيع الحصول عليه.

فجأة خطر  ببال الأمير عزالدين شيء فنظر إلى زورو وقال:
-ذلك الترياق ربما لازال به المزيد.

تحمس زورو وعلق قائلًا:
-أين ذلك الترياق إذن؟!


أسرع الأمير عزالدين واتجه صوب الكهف وظل يبحث بداخله عن زجاجة الترياق التي قام بإعطائها للملكة من قبل فوجدها وبها القليل من الترياق.

أمسك عزالدين بالقارورة ونظر إلى زورو وقال:
-زورو، لابد أن نذهب إلى القصر بأسرع ما يمكن قبل أن يتوقف قلب الملكة.

أسرع زورو وأحضر حصان ثم تحدث إلى الأمير عزالدين وقال:
-يمكنك أخذ هذا الجواد سوف يوصلك بأسرع مما تتخيل وسوف ألحق بك لأطمئن على مولاتي الملكة.

ركب الأمير عزالدين الحصان وأسرع إلى قصر النيروز وفي يده الترياق.

ما إن وصل إلى قصر النيروز وجد الحزن يخيم على الجميع وسمع صوت بكاء شديد صادر من داخل القصر، وقف الأمير عزالدين متسمرًا في مكانه.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي