الفصل الحادي والعشرون بين الحياة والموت

انتظرت الملكة شفق حتى قامت ميسون بإرتداء ملابسها، نظرت الملكة شفق إليها وقالت:
-ما الذي تنوين فعله بي؟

ضحكت ميسون وقالت:
-سوف أجعلك تركعين لي أمام جميع المتواجدين في قاعة الحكم.

اومئت الملكة شفق برأسها ثم تحدثت قائلة:
-إن فعلت كل ما تريدنه هل ستقومون بالأفراج عن الملك سليمان.
ضحكت ميسون وعلقت قائلة:
-سليمان لم يعد ملكًا، سوف يتم شنقه صباح الغد اعدك بذلك وسوف أجعلك تشهدين عملية الشنق بنفسك.

غادرت ميسون غرفتها وهي تمسك بيد الملكة شفق وتتجه بها صوب قاعة الحكم.

نظرت ميسون حولها فلم تجد أيًا من وصيفاتها تعجبت بشدة وقالت:
-ترى أين ذهبت الوصيفات؟!سوف اعاقبهن على انصرافهن بدون علمي.

وصلت ميسون إلى قاعة الحكم وهناك فوجئت بما لم تكن تتوقعه.

وقفت ميسون متسمرة عندما شاهدت الملك سليمان جالسًا على العرش، ارتبكت قليلًا ثم أشارت إليه وقالت:
-كيف تجرأت على الجلوس على عرش المنصور؟!

ضحك الملك سليمان وعلق متعجبًا وقال:
-هل جننتي يا امرأة؟! أيها الحارس خذ هذه المعتوهة وألقي بها في سجن النساء حتى ننظر في امرها.

تعجبت ميسون وشعرت أن ما تراه ليس سوى كابوسًا فظلت تضرب وجهها بيدها وتقول:
-ميسون استيقظي ما هذا إلا كابوسًا.

علت الابتسامة وجه الملكة شفق ودنت منها ثم قامت بصفعها على وجهها وهي تقول:
-هذه الصفعة سوف تثبت لكِ أن ما ترينه لم يكن  سوى حقيقة، وأن الحق قد عاد لصاحبه، اما عن ذلك المنصور فقد لقى الجزاء الذي يستحقه.

نظرت ميسون إلى الملكة شفق وقالت في فزع:
-هل كنتِ تسخرين مني عندما جئتي إلي لتعتذري؟!

ضحكت الملكة شفق وعلقت قائلة:
-الملكة شفق لا يمكن أن تعتذر لحقيرة مثلك.

علت الابتسامة وجه ميسون ودنت من الملكة شفق ثم همست إليها قائلة:
-كنت أعد لكِ مفاجأة بعد أن تقومي بالأعتذار لي أمام الملأ، لكن الأمر الآن قد اختلف على اية حال أنتِ تستحقين ما احضرته لكِ.

انهت ميسون حديثها، أخرجت خنجر من ملابسها وقامت بطعن الملكة وهي تقول:
-هذا الخنجر سوف يخترق قلبك فيتوقف عن النبض إلى وأستريح منك إلى الأبد.

تدفقت دماء الملكة شفق فأسرع الملك سليمان إليها وصاح قائلًا:
-استدعوا الطبيب على الفور.

احتضن الملك سليمان زوجته التي تلتقط انفاسها بصعوبة بالغة وهمس إليها قائلًا:
-حبيبتي، اهدئي سوف يكون كل شيء على ما يرام لن أدع الموت يأخذك مني.

ثم نظر إلى ميسون وقال:
-سوف أجعلك تتمنين الموت فلا يأتيكِ.

حالة هلع وخوف وبكاء شديد عمت قصر النيروز، ما إن وصلت أنباء ما حدث للأمير عزالدين الذي كان في مهمة لإلقاء القبض على أعوان المنصور ورجاله، أسرع بالعودة إلى قصر النيروز.

دلف الأمير عزالدين إلى قاعة الحكم حيث ترقد الملكة شفق وبجوارها الملك سليمان يحاول الحد من تدفق الدماء وحولهما الوصيفات يقومن بتجفيف عرق الملكة ودموعهم تدفق بغزارة على وجنتيهم.

أسرع الأمير عزالدين إلى والدته وأمسك بيدها ثم وضع قبلة حانية عليها وحدثها قائلًا:
-أمي، تماسكي لقد حضر الطبيب.

علت الابتسامة وجه الملكة شفق وعلقت قائلة:
-بالطبع لابد أن اتماسك مادمت بجواري أنت ووالدك، لن اترككما فروحي متعلقة بكما.

نظرت ميسون إلى الملكة شفق وتحدثت بنبرة حادة مغلولة وقالت:
-حتى وأنتِ في لحظاتك الأخيرة لا تريدين الأستسلام للموت.

إلتفت الأمير عزالدين إليها ونهض متوجهًا إليها ويده على سيفه.


نظر الملك سليمان إليه وقال:
-عزالدين، انتظر لا أريد أن تموت بهذه السهولة.


حاول الأمير عزالدين أن يتمالك نفسه ولكنه لم يستطيع أن يسيطر على غضبه فالتي تنازع الموت هي امه وحبيبته والتي تقف أمامه هي من حاولت قتلها.

امسك عزالدين بسيف وبقوة ضرب قدم ميسون فتطايرت وتطايرت منها الدماء وظلت ميسون تصرخ وتتألم بصوتٍ حاد.

امسك عزالدين بسعر ميسون وحدثها قائلًا:
-لم يأتي عقابك بعد، سوف تلقين جزاءك ولكن بعد أن اطمئن على أمي.

نظر عزالدين إلى الحراس وصاح قائلًا:
-خذوا هذه الشيطانة من هنا حتى ننظر في أمرها.

حضر الطبيب وأسرع بفحص جرح الملكة شفق التي لم تتحمل وفقدت الوعي.

سيطر القلق والخوف على قلب الملك وابنه الأمير أن يفقدوا الملكة شفق.


وبصوت عالٍ صاح الأمير وقال:
-أيها الطبيب افعل كل ما تستطيع حتى تستعيد الملكة وعيها.

نظر الطبيب إلى الأمير القلق وحاول أن يطمئنه فقال:
-سيدي الأمير، لا داعي للقلق فجرح الملكة جرحًا سطحيًا وبعيدًا عن القلب.

وبقلق شديد تحدث الأمير وقال:
-إن كنت صادقًا فيما تقول، فلماذا فقدت الملكة وعيها؟!

لم يرد الطبيب على الأمير، ولكنه بعد أن أنهى تطهير جرح الملكة وكيه ووضع الضمادات عليه، نظر إلى الأمير وعلق قائلًا:
-اعتذر سيدي على عدم الرد عليك لشدة تركيزي ولكن الآن سأجيبك فالملكة قد فقدت الكثير من الدماء ولهذا السبب فقدت وعيها.

نظر الطبيب للملكة وتحدث قائلًا:
-سيدي، اطمئن فالملكة قوية للغاية فعلى الرغم من أن الخنجر الذي تم طعنها به حاد للغاية، لكن على ما يبدو أن الملكة قاومت يد ميسون حتى جرحت يدها ولهذا السبب لم يخترق الخنجر إلى قلب الملكة.

نظر الملك سليمان إلى يد زوجته فوجدها مصابة نتيجة الأمساك بالخنجر في محاولة منها لمنعه من اختراق جسدها، أمسك الملك بيد الملكة وقام بتطهير الجرح بنفسه نظر إليه الطبيب وتحدث إلى الملك وقال:
-مولاي الملك المعظم دعه لي لا داعي لان تشق على نفسك، سوف أقوم بمداواة هذا الجرح بنفسي.

نظر الملك سليمان إلى الطبيب وقال:
-كيف أشق على نفسي بمداواة جروح الملكة شفق؟!

حمل الأمير عزالدين والدته واتجه بها إلى الجناح الملكي، الجميع ينتظر على أحر من الجمر اللحظة التي تستعيد فيها الملكة وعيها.

توجه جميع افراد الشعب إلى الله بالدعاء أن يشفي الملكة شفق وتعود إلى سابق عهدها.


في داخل إحدى الغرف المظلمة يصدر صوت أنين وألم وبكاء لا ينتهي، نظر السجان من فتحة باب السجن وتحدث بحدة وقال:
-اصمتي يا امرأة، لعلها لحظات يأمر الملك سليمان بإعدامك وحينها سوف تتخلصين من آلامك للأبد.


تحدثت ميسون بلهجة ساخرة وقالت:
-سليمان ينتظر عودة ملكته للحياة مرة اخرى وهذا لن يحدث ابدًا، حتى لو تم قتلي فلن ابالي بذلك فسعادتي بالتخلص من شفق أكثر من خوفي من الموت.

نظر السجان إليها وتحدث غاضبًا:
-لقد خلصنا الله منك أنتِ وزوجك عليه من الله ما يستحق، إنني انتظر اللحظة التي سيصدر فيها الملك قرارًا بإعدامك كي أقوم بتنفيذه بنفسي وأنال شرف التخلص من شيطانة مثلك.

انهى السجان كلماته ثم سقط على الأرض فاقدًا لوعيه.

تعجبت ميسون وظلت انظارها عالقة إلى باب السجن لعلها تعرف ما الذي يحدث بالخارج.

لم يغادر الملك سليمان ولا الأمير عزالدين الجناح الملكي الخاص بالملكة شفق، الجميع ينتظرون اللحظة التي ستفتح فيها الملكة عينيها.

نظر الملك سليمان إلى الطبيب وحدثه بحدة قائلًا:
-لقد مضى يومان ولم تستيقظ الملكة، أخبرني أيها الطبيب هل هناك ما تخفيه عني؟
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي