الفصل الثامن عشر ظلم وظالم

انه يوم النيروز ولكنه ليس بعيد النيروز، لقد استبدل المنصور عيد النيروز بعيد استيلائه على العرش وانفراده بحكم مملكة النيروز.

لقد اجبر المنصور جميع الأمراء والتجار بالذهاب إلى القصر وتقديم الهدايا الفخمة له لنيل رضاه وأمن بطشه.

توافد الأمراء والتجار إلى قصر النيروز لتقديم الهدايا خوفًا من بطش المنصور.

فوجيء الحراس بدخول صناديق كبيرة الحجم إلى قصر المنصور فتحدث احدهم قائلًا:
-لم أرى في حياتي هذا الكم الهائل من الصناديق المملوءة بالهدايا من قبل، لابد أنها تحتوي على هدايا ثمينة، سوف يسعد بها الملك المنصور.

بينما تحدث حارس آخر وقال:
-لايد أن نتفقد هذه الصناديق لنعلم ما الذي تحتوي عليها.

إلتف الحراس حول الصناديق وعندما هموا بفتحها أسرع أحد الحراس الموالين للملك سليمان وتحدث إليهم قائلًا:
-إن علم الملك أنكم قمتم بفتح هداياه قبله سوف يغضب كثيرًا وسيعاقبكم  على ذلك؛ فالملك يحب أن يقوم بنفسه بفتح هداياه.

شعر الحراس بالخوف والقلق فابتعدوا عن الصناديق.

علت الابتسامة وجه الحارس وهمس قائلًا:
-لا داعي للقلق لن ادع احد يقترب من الصناديق، حتى يأن الأوان.

وعند المدخل الخاص بغابة الأحلام اجتمع الأمير بجميع الرجال الذين اجتمعوا، لقد فوجيء الأمير بالأعداد الغفيرة التي جاءت وهدفها هو التخلص من المنصور وظلمه.

نظر إليهم الأمير وتحدث قائلًا:
-سوف نتوجه الآن إلى قصر النيروز لنطهره من المنصور وأعوانه.

هتف الجميع:
-اللعنة على المنصور فليسقط المنصور وأعوانه.

وقبل لان يتحرك التجمع اسرعت الملكة شفق وتحدثت إلى الأمير عزالدين وقالت:
-عزالدين، أليس من الأفضل أن تظل بجواري هنا ويذهب الأمير عبدالله بن الوليد على رأس هؤلاء الناس إلى المملكة لمواجهة المنصور؟

علت الابتسامة وجه الأمير عزالدين وعلق قائلًا:
-امي، لا ينبغي أن يذهب الجميع لمحاربة المنصور ويتخلف ولي العهد، لا بد أن ألتقي بوالدي هناك.

نظرت الملكة إلى الأمير عزالدين وقالت:
-هل ستذهب إلى سجن الجحيم وتحرر والدك الملك سليمان؟

علت الابتسامة وجه الأمير عزالدين وقال:
-امي، سوف ألتقى بالملك سليمان داخل قصر النيروز، لقد قام الأمراء بتهريبه من السجن وهو الآن يتوجه إلى قصر النيروز.

شعرت الملكة بالسعادة ولكن قلقها على الأمير  عزالدين دفعها إلى أن تقول:
-بني، إنني اخاف أن يصيبك مكروه.

وضع الأمير عزالدين ذراعه على كتف أمه وضمها إلى صدره في حنان وقال:
-لا تقلقي اعدك إنني سوف أكون بخير، لقد صرت مقاتلًا ماهرًا يخشى الاعداء مواجهتي.

أومئت الملكة برأسها وقالت:
-حسنًا، سوف انتظر نبأ القضاء على المنصور بفارغ الصبر ولكن انتبه لنفسك جيدًا ولتعلم إنني لم أفعل ما فعلته إلا من أجل حمايتك والحفاظ على حياتك.

داخل قصر النيروز.

دلفت إحدى الجواري إلى حجرة ميسون زوجة المنصور وهمست إليها بشىء جعلها تنهض وتسرع إلى حيث يجلس المنصور.

نظر المنصور إليها وقد بدى عليه التعجب ثم تحدث قائلًا:
-يبدو عليكِ أنكِ تودين التحدث إلي في أمرٍ هام أليس كذلك؟

علت الابتسامة وجه ميسون وعلقت قائلة:
-أجل، لقد جاء الوقت التفي بوعدك لي.

نظر المنصور إليها وقد بدى عليه التعجب وتسائل قائلًا:
-إنني لا اتذكر شيء يمكنك أن تخبريني بما الذي وعدتك به؟

نظرت ميسون إليه وقد بدى عليها الضيق ثم تحدثت قائلة:
-ألم أأخذ منك وعدًا أنك عندما تصبح ملك النيروز واصير أنا الملكة سوف أتخذ من شفق جارية لي؟

أومىء المتصور برأسه وقال:
-أجل لقد تذكرت ذلك، ولكن أين هي الملكة شفق الآن؟!

شعرت ميسون بالغضب وعلقت قائلة:
-تقول الملكة شفق؟! لم تعد شفق ملكة البلاد، انا هي الملكة.

أومىء المتصور برأسه وقال:
-ميسون، لا عليكِ إنها ذلة لسان، ولكن منذ أن هربت شفق ونحن لم نستطيع العثور عليها.


علت الابتسامة وجه ميسون وعلقت قائلة:
-ولكنني الآن قد عرفت المكان الذي تختبيء به شقق، إنها تختبيء بداخل غابة الأحلام.

نظر المنصور باهتمام إلى زوجته ميسون ثم تحدث إليها وقال:
-حسنًا، ما إن ينتهي الاحتفال ونحصل على اكبر قدر من الهدايا سوف أرسل رجالي إلى غابة الأحلام وآمرهم ألا يعودوا بدون شفق.

علت الابتسامة وجه ميسون وعلقت قائلة:
-شفق، يبدو أن الوقت قد حان لتحقيق حلمي وامنيتي بان تكوني جاريتي، إنني أنتظر على أحر من الجمر اللحظة التي سوف تقفين فيها أمامي تطلبين مني الصفح عتكِ.

نظر إليها المنصور وتحدث متعجبًا:
-ميسون، ماذا بكِ لقد صرتي ملكة البلاد ولازلتي تريدين الإنتقام من شفق، أليس وجودك هنا اكبر انتصار لكِ؟!


نظرت ميسون إلى زوجها وقالت:
-بالنسبة لي الانتصار الأكبر عندما أقوم بإزلال شقق، تلك المرأة التي كانت تحظى بحب واحترام الجميع بما فيهم أنت، فكثيرًا ما كنت تهتف بإسمها أثناء نومك.

تعرق جبين المنصور ثم علق قائلًا:
-ميسون، هل جننتي لم أحب أحد في حياتي سواكي، شفق. كانت العقبة الكبرى في وصولي إلى الحكم وقد تخلصت من الجميع؟!

نظرت ميسون إلى زوجها وعلقت قائلة:
-حسنًا، سوف انتظر اللحظة التي ستقف فيها شفق امامي تقبل يدي وتطلب مني العفو.

غادرت ميسون متجهة إلى غرفتها بينما وقف المنصور ينظر إليها ثم همس في نفسه وقال:
-إنكِ تحلمين، ما إن اعثر على شفق سوف أقتل سليمان ثم أتزوجها وسوف تكونين أنتِ جاريتها أيتها الحقيرة، شفق هي المرأة التي كنت أحلم بها طوال عمري، شفق امرأة خلقت لتكون ملكة.

دلف أحد الحراس إلى المنصور وتحدث قائلًا:
-مولاي، هناك شخص بالخارج يريد الدخول على مولاي.

نظر المنصور إلى الحارس وتحدث قائلًا:
-هل يود مقابلتي لتقديم ما معه من هدايا إلي؟!

اومىء الحارس قائلًا:
-لا بل جاء إليك ليشكوك مولاي الأمير حسام.

أخذ المتصور نفسًا عميقًا وعلق قائلًا:
-هذا الحقير لم يجد وقتًا مناسبًا ليشكو من ابني حسام سوى اليوم، اخبره أن يمر علي في وقت آخر، لا لا بل أخبره إنني سوف انظر في شكواه.

ذهب الحارس إلى الرجل وتحدث إليه قائلًا:
-لقد أخبرت مولاي بشكواك وقال: "إنه سوف ينظر فيها".


نظر الرجل إلى الحارس وقد بدى عليه التعجب وعلق قائلًا:
-كيف سينظر في شكواي وهو لا يعلم ما الذي أشكوا منه؟!

نظر الحارس إلى الرجل نظرة حادة مغلولة ثم تحدث قائلًا:
-أيها الرجل اذهب من هنا، سوف ينظر الملك في شكواك فهو يعلم كل شيء يجري.

شعر الرجل بالحزن الشديد وغادر القصر وهو يردد رحم الله أيام الملك سليمان، لم يظلم على يديه انسانًا حتى الطيور والحيوانات لم تجد من يحنو عليها منذ أن غدر به المنصور.

توقف الرجل ثم تحدث قائلًا:
-كيف أتي إلى ظالم مغتصب لاشكوا له من ابنه الذي اغتصب ارضي دون وجه حق وهو الذي اغتصب الحكم من أخيه ونهب ثروات البلاد.

دخل حسام الدين ابن المنصور على ابيه الذي ما إن رآه حتى تحدث إليه وقال:
-حسام، ما الذي فعلته بذلك الفلاح لقد جاء إلى هنا ليشكوك.

نظر حسام إلى والده المنصور وقال:
-كان لديه قطعة أرض راقت لي فأخذتها.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي