الفصل الرابع عشر الخيار الصعب

الأمير عزالدين يجلس بالقرب من شلالات الأنجوازو فيشعر بحركة بالقرب منه، إلتفت الأمير فإذا بالمرأة العجوز التي رآها من قبل في غابة الأشباح.

أسرع الأمير إليها وقد بدى عليه التعجب، علت الابتسامة وجهه وتحدث إليها قائلًا:
-لا أعلم كيف استطعتي المجيء إلى هنا ولكن هل جئتي من أجلي؟!

أومئت العجوز برأسها وقالت:
-أجل بني لقد جئت من أجلك، فقدرك ينتظرك.

أومىء الأمير برأسه متعجبًا، ثم قال:
-لم أفهم ما الذي تعنيه من حديثك هذا؟!

علت الابتسامة وجه العجوز وقالت:
-دائماً ما كنت تتسائل متى ستعود، اليوم جئت لأخبرك لقد حان موعد العودة إلى وطنك ومواجهة قدرك الذي فررت منه.

علت الابتسامة وجه الأمير ولكنه تذكر الأميرة آيلا وصديقه الفارس زورو فعلق قائلًا:
-حسنًا سوف أعود ولكن بعد زواجي من الأميرة آيلا ولابد أن اصطحب معي صديقًا لي.

نظرت العجوز إلى الأمير نظرة حادة مقتضبة وتحدثت بحدة قائلة:
-كما جئت بمفردك ستعود بمفردك، لا تتردد في العودة وإلا ستفقد كل عزيز وغالي، لقد استولى المنصور على الحكم بعد أن وضع والدك في السجن، وانتشر الظلم والطغيان في المملكة.


انهت العجوز كلماتها ثم اختفت ولم يبقى لها أثر.

جلس الأمير في حيرة من أمره لا يعلم ما الذي يفعله، فقلبه قد تعلق بأميرته التي ظلت سنوات تراوده في أحلامه وصديقه الذي أصبح بمثابة أخٍ له لا يستطيع الابتعاد عنه ولكن عليه أن يعود لوطنه ويواجه المنصور ويحرر والده.

ظل الأمير عزالدين شاردًا مهمومًا، لم يخرجه من شروده سوى يدٍ حانية وضعت على عيناه.

أمسك الأمير بهذه اليد وقال:
-أميرتي وحبيبتي آيلا.

علت الابتسامة وجه الأميرة آيلا وعلقت قائلة:
-عزالدين، لقد أصبح الوقت مناسبًا للتحدث إلى والدي بشأن زواجنا، لقد تحدث إليه ملك الجنوب وطلب منه أن يزوجني لأبنه الأمير مروان.

شعر الأمير عزالدين بالضيق وتحدث قائلًا:
-وهل وافق الملك رسلان على هذا الطلب؟

علقت الأميرة وقالت:
-لقد طلب من ملك الجنوب مهلة حتى يعرف رأي بشأن هذا الزواج، لقد اخبرت والدي بعدم رغبتي في الزواج من ذلك الأمير.


دنت الأميرة من الأمير وقالت:

- عزالدين، كم اتشوق إلى اليوم الذي سأكون فيه زوجة لك أعدك بأنني سوف ابذل قصارى جهدي لأجعل منك أسعد زوج في هذه الحياة.

علت الابتسامة وجه الأمير عزالدين وأمسك بيد الأميرة أيلا ثم علق قائلًا:
-إنني أكثر منك تشوقًا للزواج منكِ ولكن هناك ما يمنع زواجنا في الوقت الحالي.

نظرت الأميرة آيلا إليه وقد بدى عليها الحزن والضيق ثم قالت:
-وما الذي يمنع زواجنا، ألست واثقًا من مشاعرك تجاهي؟


ما إن رأى الأمير مشاعر الحزن والضيق قد بدت على وجه الأميرة حتى أسرع قائلًا:
-حبيبتي، اقسم لكِ إنني أذوب عشقًا فيكِ لكنني لابد أن أذهب لأحرر مملكتي مما لحق بها من ظلم وطغيان المنصور.


نظرت الأميرة إليه وقد تلألأت الدموع في عينيها وقالت:
-حسنًا ما الذي يمنع أن نذهب على رأس جيش من المملكة فلا يمكنني أن ادعك تذهب إلى هناك بمفردك؟

علت الابتسامة وجه الأمير وهمس إليها قائلًا:
-إنني لا استطيع الابتعاد عنكِ ولا يمكنني أن اصطحبك معي فهذا يشكل خطرًا على حياتك، سوف أذهب إلى الملك رسلان لأتحدث معه بشأن زواجنا وبعدها سوف أذهب إلى مملكة النيروز لأحررها من حكم المنصور وأعود إليكِ لأصطحبك معي إلى هناك.

علت الابتسامة وجه الأميرة وقالت:
-حسنًا فلتسرع بالذهاب إلى والدي وتتحدث إليه بهذا الشأن.

اومىء عزالدين برأسه وقال:
-حسنًا، فلتذهبي أنتِ وسوف ألحق بكِ بعد قليل.

غادرت الأميرة آيلا المكان وتأهب الأمير عزالدين للذهاب إلى الملك ولكنه سمع صوت يتحدث لا يستطيع أن يعلم مصدره يتحدث إليه ويقول:
-عزالدين، إن لم تسرع بالعودة سوف تخسر أحبابًا هنا وأحبابًا هناك.

اغلق الأمير أذنه بيديه في محاولة للهروب من ذلك الصوت، ثم أسرع بمغادرة المكان.

ذهب الأمير عزالدين إلى الملك رسلان وتحدث إليه قائلًا:
-سيدي، لقد جئت إليك راغبًا في أن تقبل بزواجي من الأميرة آيلا.

علت الابتسامة وجه الملك رسلان وعلق قائلًا:
-لم أرغب في زواج ابنتي من رجل أشجع منك أيها الأمير، ولكن لابد أن أعرف رأيها في هذا الأمر.


وعلى الفور طلب الملك حضور الأميرة آيلا إليه ليعرف رأيها بشأن زواجها من الأمير عزالدين.

لم يمضي وقت طويل حتى سمع الملك رسلان صوت صياح صادر من غرفة الأميرة آيلا.

أسرع الملك ومعه الأمير عزالدين إلى مصدر الصوت ودلف إلى داخل الغرفة ليجد الأميرة آيلا على الأرض لا تتحرك.

نظر إلى الجارية مرجانة وتحدث بقلق وقال:
-مرجانة، ما الذي أصاب الأميرة؟!


انهمرت الدموع من عين الجارية وتحدثت قائلة:
-مولاي، عندما أرسلت في طلبها أسرعت إلى باب الغرفة لتلبي طلبك ولكنها توقفت بشكل مفاجيء ثم سقطت على الأرض فاقدة للوعي.

أسرع الأمير عزالدين بحمل الأميرة آيلا ووضعها في فراشها بينما أسرع الملك باستدعاء طبيب القصر.

وسرعان ما حضر الطبيب وقام بفحص الأميرة ثم نظر إلى الملك الذي كاد الخوف أن يفتك بقلبه وقال:
-مولاي الملك، لا أستطيع أن أتوصل لما تعاني منه الأميرة فلا يوجد بها أي عرض أو مرض.

نظر الملك رسلان إلى الطبيب وتحدث غاضبًا وقال:
-اصفهان، يبدو أنك لم تعد كسابق عهدك وعجزت عن معرفة ما تعاني منه ابنتي، لذلك سوف أقوم باستدعاء طبيبًا آخر لعله يستطيع أن يداوي ابنتي.

شعر الطبيب بالحرج واستأذن الملك رسلان وغادر.

قام الملك رسلان باستدعاء العديد من الأطباء ولكنهم جميعًا اجمعوا على أن الأميرة لا تعاني من شيء وأنهم لا يستطيعون أن يشخصوا حالة الأميرة.


شعر الأمير عزالدين بالحزن الشديد على ما أصاب الأميرة آيلا، جلس شاردًا حزينًا فإذا بيدٍ تربت على كتفه.

إلتفت إليها فإذا به الفارس زورو يتحدث إليه ويقول:
-لا تقلق يا صديقي سوف تتعافى الأميرة في أسرع وقت فالقدر الذي جمعكما لن يفرق بينكما.

اومىء عزالدين برأسه وقال:
-زورو، يبدو أن القدر يدفعني إلى المغادرة.
تعجب زورو وعلق قائلًا:
-مغادرة إلى أين؟!

نظر الأمير عزالدين إلى الفارس زورو وقال:
-إلى العودة لمملكة النيروز.

علت الابتسامة وجه الفارس زورو متعجبًا ثم علق قائلًا:
-وهل ترى أن هذا هو الوقت المناسب لذلك؟!

امسك الأمير عزالدين بيد الفارس زورو وقال:
-يبدو أن والداي في خطر شديد بل أن المملكة اصبحت تعاني من الظلم والطغيان ولابد من عودتي ومواجهة المنصور.
ربت الفارس زورو على كتف الأمير عزالدين وقال:
-إذن فلنقاتل جنبًا إلى جنب حتى نحرر مملكة النيروز ثم نعود إلى هنا مرة أخرى لنطمئن على الأميرة آيلا.

عانق الأمير عزالدين الفارس زورو وعلق قائلًا:
-ما أروعك من صديق ولكن في هذه المرة سوف أذهب بمفردي.

نظر الفارس زورو إلى الأمير عزالدين وقد بدى عليه الضيق ثم علق قائلًا:
-لا يمكنني أن ادعك تغادر بمفردك، سوف ارافقك إلى أي مكان تذهب إليه، لن أسمح لأحد أن يمسك بسوء يا صديقي.

علت الابتسامة وجه الأمير وعلق قائلًا:
-كنت لي دائمًا نعم الصديق والمعين فؤ وقت الشدة.

فجأة تجمع الرجال حول الأمير والفارس زورو نظر الأمير إليهم. وتحدث قائلًا:
-من أنتم ولماذا تلتفون حولنا هكذا؟!

وقبل أن يجيبه أحد على سؤاله وجد. أمامه القاسي وقد اشهر سيفه في وجهه وتحدث إليه قائلًا:
-لقد جئت لأقتص منك أيها الفتي أنت وصديقك هذا.

وأشار إلى الفارس زورو الذي لم ينتظر وأخذ يضرب يمينًا ويسارًا حتى أسقط رجال القاسي بين قتيل وجريح.

أسرع القاسي إلى الأمير عزالدين وقام بتسديد طعنة إلى قلبه.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي