الفصل الثاني عشر بين الشقيق والسجان

قام الرجل بتقيد الأمير عزالدين، ثم وقف يسخر منه ويقول
-جئت لتحرر الأميرة فوقعت في الأسر سوف تفقد حياتك جزاءً لك على نبلك.

وقف الرجل يضحك ويسخر من الأم ير لكنه فجأة سقط أرضًا بعد أن تعرض لضربة قوية من الفارس زورو الذي استطاع القضاء على جميل رجال القاسي الذي كانوا يحرسون البيت بالخارج.

علت الابتسامة وجه الأمير عزالدين وعلق قائلًا:
-هذا هو صديقي الفارس الشجاع زورو.

اسرع الفارس زورو إلى عزالدين وقام بفك قيوده.

عانق عزالدين زورو فتعجب زورو وعلق قائلًا:
-لا وقت لهذه المشاعر الآن علينا بمغادرة هذا البيت قبل أن يتحول إلى مقبرة لنا.

أسرع الأمير عزالدين إلى الأميرة أيلا وقام بفك قيودها ثم حملها وغادروا البيت.

وضع الأمير عزالدين الاميرة أيلا فوق الحصان وامسك بلجام الجواد وقبل أن يتحرك الجواد تحدث الفارس زورو إليه وقال:

-عزالدين، خذ جوادي حتى تستطيع اللحاق بالملك قبل أن يقوم ذلك الحقير بالإنقلاب عليه.

نظر الأمير عزالدين إلى الفارس زورو وقد بدى عليه التعجب ثم علق قائلًا:
-وماذا عنك لا يمكنني أن اتركك في هذا المكان بمفردك؟!

علت الابتسامة وجه الفارس زورو، دنا من الأمير عزالدين وربت على كتفه ثم تحدث قائلًا:
-لا تقلق بشأني ياصديقي، إنني أعرف كيف أدبر أموري بمفردي، دائمًا ما كنت وحيدًا إلى أن ظهرت أنت في حياتي، قم بالحاق بالملك رسلان سوف ألحق بك.

نظر الأمير عزالدين إلى الفارس زورو، ثم أومىء برأسه وقال:
-حسنًا سوف أذهب لافسد مخطط القاسي وسوف انتظرك هناك.

أسرع الأمير عزالدين والأميرة آيلا للحاق بالملك رسلان قبل أن يذهب إلى قصره.

كانت دموع الأميرة لا تكف عن الإنهمار
كلما تخيلت عمها القاسي وهو يقوم بقتل والدها والإستيلاء على حكم المملكة.

لاحظ الأمير الحزن الشديد الذي بدى على الاميرة فتوقف بفرسه ثم دنا منها وحدثها قائلًا:
-آيلا، لا أريد أن أرى هذه الدموع التي تملأ مقلتيكِ ولا هذا الحزن الذي بدى على ملامح وجهك.

نظرت الأميرة أيلا إلى الأمير عزالدين وقالت:
-أخشى أن يصيب والدي مكروه.

امسك الأمير بيد الأميرة ثم وضع قبلة حانية على يدها وقال:
-اقسم لكٌ إنني لن أسمح لذلك الحقير أن ينال من والدك أو يقوم بإذائه.

اومئت الأميرة برأسها ثم قالت:
-عزالدين، أريد وعدًا منك ألا تصاب بأي أذى وأن تظل بجواري.

علت الابتسامة وجه الأمير وعلق قائلًا:
-اعدك بذلك ولكن علينا أن نواصل السير حتى نلحق بوالدك.

اومئت الأميرة برأسها وقالت:
-حسنًا، لنواصل السير.

نظر إليها الأمير عزالدين وقال:
-آيلا، أحبك كثيراً وسأعمل جاهدًا لنكمل حياتنا معًا.

علت الابتسامة وجه الأميرة  شعرت بالسعادة تجتاح قلبها فاسرعت بفرسها وأسرع الأمير خلفها.

وصل الأمير إلى شلالات الأنجوازو حيث يقوم الملك رسلان ورجاله بالبحث عن ابنته الأميرة أيلا.

اسرع الأمير إلى الملك الذي أشار لرجاله أن يدعوه يمر بسلام حتى وصل إليه وقال:
-سيدي، لقد وعدتك ألا أعود بدون أن يكون معي الأميرة أيلا.
نظر الملك رسلان إليه وقد شعر بأن وراء هذه الكلمات بشرة خير جاء بها الأمير، فعلق قائلًا:
-أيها الأمير، أراك قادمًا ومعك بشرة سارة أليس كذلك؟

علت الابتسامة وجه الأمير وعلق قائلًا:
-أجل سيدي، لقد جئت إليك بما يسر قلبك.

ثم أشار الأمير إلى حيث تقف الاميرة، فتهلل وجه الملك. بالسعادة وأسرع رجاله إلى الأميرة أيلا يمسكون بلجام فرسها ويجذبونه نحو الملك.
لم تقوى الأميرة على القفز من فوق الفرس كعادتها وذلك لما لحق بها من إصابة فأسرع إليها والدها وقام بحملها، ثم ضمها إلى صدره وقال:
-الآن عادت إلي روحي بعودتك إلي يا روح أبيكِ.

انهمرت الدموع من عين الأميرة أيلا وعلقت قائلة:
-أبي، كاد قلبي أن يتوقف من الخوف عليك، لم أكن اتوقع أن يقوم عمي القاسي بخطفي والتآمر على قتلك.

أخذ الملك رسلان نفسًا عميقًا ثم تحدث قائلًا:
-كثيراً ما كنت أغض البصر عن أعماله المشينة لأنه أخي الأكبر، حتى تمادى في أفعاله إلى محاولة قتل ابنتي الوحيدة، لكن يكفي ذلك لابد أن يعاقب القاسي عما فعله.

نظر الملك رسلان إلى الأمير عزالدين وقال:
-أما أنت أيها الأمير، فسل ما شئت لابد أن تكافىء عن عملك النبيل وانقاذ ابنتي.

دنا الأمير عزالدين من الملك رسلان وتحدث قائلًا:
-سيدي، لا أريد منك سوى الإسراع لإحباط ما ينوي شقيقك القاسي فعله.

نظر الملك رسلان إلى الأمير عزالدين وقد بدى عليه التعجب وعلق قائلًا:
-وهل هناك شيء آخر يريد القاسي فعله؟!

اسرعت الأميرة أيلا وقالت:
-أبي، لقد ذهب إلى القصر وهو ينوى الإنقلاب عليك وتنصيب نفسه ملكًا على البلاد بعد أن...

لم تستطيع الأميرة إكمال الجملة فأكملها الملك وقال:
-بعد أن يقوم بقتلي أليس كذلك؟

اومىء الأمير عزالدين برأسه وعلق قائلًا:
- سيدي، علينا بالإسراع واحباط ما ينوي شقيقك فعله.

وعلى الفور قام الملك بإصدار امرًا لرجاله بسرعة العودة إلي القصر وإلقاء للقبض على القاسي وأعوانه.

أسرع الملك على رأس جيشه بالتحرك صوب القصر الملكي ورافقه الأمير عزالدين.

وعند ابواب المملكة دارت معركة عنيفة بين الملك رسلان ورجاله وبين شقيقه القاسي ورجاله، اصيب خلالها الملك رسلان في ذراعه.

اشتدت المعركة ولاحظ القاسي اصابة الملك رسلان في ذراعه فأشار لرجاله بأن يقوموا بمحاصرة الملك حتى ينتهز الفرصة وينقد عليه ويقوم بقتله.

لاحظ الأمير عزالدين أن القاسي اتجه إلى الملك المصاب فأسرع نحو الملك ووقف أمامه يدافع عنه ويضرب يمينًا ويسارًا حتى لا يقترب أحدهم من الملك.

استغل القاسي انشغال الأمير بالدفاع عن الملك رسلان فجاء من خلفه وشرع في طعنه ولكنه فوجىء بمن يسدد له ضربة قوية تسببت في قطع يده واسقطت سيفه أرضًا، فأسرع القاسي بالفرار وخلفه من تبقى من رجاله.

إلتفت عزالدين خلفه فوجد أن الشخص الذي قام بالدفاع عنه هو الفارس زورو.

علت الابتسامة وجه الأمير عزالدين وأسرع إلى الفارس زورو وقام بعناقه وهو يقول:
-مرحبًا بالفارس الشجاع الذي يأتي دائماً في الوقت المناسب لينقذ صديقه.

ربت الفارس زورو على كتف الأمير عزالدين وعلق قائلًا:
-لقد اخبرتك إنني سوف ألحق بك، الحمد لله أننا قمنا بأفشال ما كان يخطط له ذلك المجرم وتم انقاذ الملك.

نظر عزالدين إلى الملك رسلان وعلق قائلًا:
-زورو، لقد اصيب الملك رسلان في المعركة، لابد أن نذهب إليه ونطمئن عليه.

أسرع الأمير عزالدين بالتوجه إلى الملك رسلان والإطمئنان عنه.

نظر الملك رسلان إلى الأمير عزالدين والفارس زورو وتحدث إليهم وقال:
-إنني ممتن إليكما لما فعلتماه من أجلي.

امسك بيد الأمير عزالدين وقال:
-بني، سلني ما شئت أنت وصديقك الفارس الشجاع زورو.

أراد الأمير عزالدين ان يطلب يد الأميرة أيلا، لكنه أبى أن يطلب ذلك في هذا الموقف حتى لا يشعر الملك بأنه ق. استغل الموقف فعلق قائلًا:
-سيدي،  لقد تعرضت مملكة النيروز للإنقلاب من عمي الأمير منصور كنت أتمنى أن أقف بجانب والدي واقاتل معه حتى افشل ما ينوي عمي فعله ولكنني للأسف قمت بالفرار خوفًا على حياتي، لذلك لم أرغب في الهروب مرة أخرى كالجبان وفضلت أن اقتل وأنا ادافع عن الحق فأموت شجاعًا.

ربت الملك على كتف الأمير عزالدين وعلق قائلًا:
-وما الذي حدث مع والدك؟

تلالأت الدموع في عين الأمير عزالدين وقال:
-لا أعلم اتمنى أن يكتب الله السلامة لوالدي الملك سليمان وأمي الملكة شفق.

مملكة النيروز.

بعد أن انقلب الأمير منصور على شقيقه الملك سليمان وأصبح هو ملك مملكة النيروز، عم الفساد المملكة وطغى الظلم على رعاية الشعب، فرضت الإتاوات على شعب المملكة، وكان يعاقب كل من  يمتنع عن دفع هذه الإتاوات بالجلد والسجن إن لم يجد ما يدفع به أو الأستيلاء على ممتلكاته وطرده خارج بيته.

لم يجد الفقراء والمساكين مأوى لهم فلجاوا للهروب إلى الغابات والعيش بها بعيدًا عن ظلم متصور ورجاله.

قام منصور بالحجر على حرية شعب المملكة ولم يسمح لأحد بالتحدث بحرية أو توجيه نقد أو عمل مقارنه بينه وبين الملك سليمان، بل أنه حكم على كل من يتفوه بأسم الملك سليمان بالجلد مائة جلدة.

سجن الجحيم.

دلف السجان إلى داخل الزنزانة التي تم حبس الملك سليمان بداخلها وفي يده الطعام والشراب الذي قام بإخفاءه للملك سليمان مخالفًا بذلك أوامر الأمير منصور الذي أمر بألا يدخل اي نوع من أنواع الطعام إليه حتى يموت جوعًا.

وضع السجان الطعام أمام الملك سليمان وتحدث قائلًا:
-مولاي الملك المعظم سليمان تفضل الطعام.

نظر الملك سليمان إلى السجان وعلق قائلًا:
-ألازلت مصرًا على مناداتي بالملك على الرغم من إنني حبيس هذه الزنزانة؟!

جلس السجان أمام الملك وهمس قائلًا:
-سيدي، أنت الملك الشرعي للبلاد ولا يمكن لأحد أن ينكر ذلك، سوف يأتي اليوم الذي تسترد فيه ملكك مهما عم الفساد والظلم البلاد، ليعود العدل والأمان للملكة مرة أخرى.

تأثر الملك سليمان بحديث ذلك السجان
وعلق قائلًا:
-وكيف حال الفقراء والمساكين في المملكة؟

نظر السجان إلى الملك وقد بدى عليه الحزن ثم علق قائلًا:
-سيدي، لم  يعد بالمملكة فقير واحد أو مسكين.

اومئ الملك برأسه متعجبًا ثم علق قائلًا:
-هل قام المنصور بإغناء الفقراء والمساكين؟!

اومىء السجان برأسه نافيًا وعلق قائلًا:
-سيدي، لقد ضاقت المملكة بالفقراء والمساكين ولم يجدوا مكانًا يلجئون إليه سوى الأماكن النائية والغابات، هربًا من بطش أخيك المنصور بعد أن أثقل على عاتقهم بفرضه للضرائب والإتاوات.

شعر الملك سليمان بالأسى والحزن ثم علق قائلًا:
-إنها حكمة الله في ذلك ادعوا الله أن يرق قلب أخي المنصور بفقراء المملكة.

نظر السجان إلى الملك وهمس إليه قائلًا:
-سيدي، قبل أن اغادر هناك شيء أود أخبارك به.

نظر الملك إلى السجان بإهتمام وتحدث قائلًا:
-تحدث بما شئت، ما الذي تريد أن تخبرني به؟

همس السجان وقال:
-مولاي، هناك بعض الفرسان والأمراء يريدون مقابلتك فجئت إليك أستاذنك في مقابلتهم.

نظر الملك إلى السجان نظرة حادة ثم علق قائلًا:
-هل جنت يا رجل؟! هذا الأمر في غاية الخطورة عليك، لو علم أحد بذلك سوف يكون الثمن هو حياتك.


علت الإبتسامة وجه السجان وعلق قائلًا:
-ألن يكون جزائي حينها كالذي قال كلمة حق في وجه سلطان جائر.

ربت الملك على لى يد السجان وتحدث قائلًا:
-بني، حياتك ثمينة لا أريد أن أعرضك للخطر.

علت الابتسامة وجه السجان وشعر بالسعادة لسماعه تلك الكلمات من الملك سليمان فأسرع بتقبيل يده ثم همس إليه قائلًا:
-سيدي، سوف أتخذ الإحترازات والسرية التامة حتى لا يصل الأمر إلى المنصور ورجاله.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي