39

هيلا
تحلقت مقلتاي حالما مررت إلى داخل جناح تلك السوقية ورأيتُ العجب ، أجزم أنها استغلت التفاتته باتجاه باب الغرفة التي اقتحمتها ، ورمته بتلك المزهرية الخاصة بغرفتها وتحوي نبات الصبار ذو الأشواك المدببة .

صحيح أنني لم ألمحها بيدها ولكن بالمرتين اللتين قدمتُ بهما إلى هنا كان قصيص النبتة موضوع أعلى الطاولة المجاورة للفراش ، ولكن الآن حطامه متناثرة في كل اتجاه .

تأوه ألكساندر بألم فهرعتُ إليه وكان جسده يفترش الأرض ، وهذا أيضاً أثار دهشتي ، فمهما بلغت قوة الضربة لن تؤثر بشخص قوي البنية مثله ، تمتمتُ بتساؤل ،
- " اللعنة !! ماذا فعلت بك تلك المتوحشة ؟! سأستدعي لك حكيم القطيع على الفور " .

زجرني ممتعضاً ، يقول من بين شفتيه المزمومتين ،
- " وما شأنها فيم حدث ؟! انتبهي لم تقولين هيلا ؟! هل أنا طفل صغير أمامك حتى تتهميها بشيء لا يد لها به ؟! لقد تعرقلت " .

ومن ثم أدار رأسه باتجاه تلك المشعوذة ، يقول بلوم ،
- " هل هذا مكان مناسب لتلك اللعنة ؟! لم وضعت القصيص على الأرض صوفيا ، أشعر بوخز مؤلم كأنياب مغروزة في ظهري " .

قالها بصدق ومعالم وجهه الكاشر تؤكد مدى ألمه .

هرولتُ ، أصرخ بالحرس ،
- " أنتم أيها الأغبياء !! هلا أحضر أحدكم الحكيم على وجه السرعة ؟! " .

شعرتُ بقبضة تنزعني بعيداً عن فتحة الباب ، وصاحبتها تقول ،
- " انتظري !! " .

أجبتها وأنا أنظر إليها بتقليل ،
- " لا ... يجب علينا استدعاء الحكيم ، هل أُصبتِ بالعمى؟! إنه يحتضر " .

قهقت ، تقول بسخرية ،
- " لِمَ تضخمين الأمور هكذا ؟! لا تقلقي لن يمت ، إنها بضعة أشواك فقط ، جلّ ما في الأمر أنه سيصاب بحكة أو طفح جلدي ، وأنا سأتكلف بمهمة علاجه ، لا تشغلي بالكِ أنتِ " .

شحب وجه ألكساندر ، يقول بتأتأة ،
- " ماذا ؟! مَن ؟! أنتِ ؟! لا .. هيلا فلتستدعِ الحكيم " .

رمقتها بشماتة ، أجيبه بتعاطف مصطنع ،
- " أتفق معك حبيبي ، فربما تفعل شيئاً يزيد حالتك سوءاً " .

وجدتها تشيح في وجهي بأسلوبٍ فج ، تقول بهجوم ،
- " بمَ تلعين أيتها الحمقاء ؟! أنا أفهم بالطب أفضل من حكيمكم هذا " .

زمجر ألكساندر ، يتمتم باستياء وقد استحال وجهه إلى الحمرة القانية ،
- " كفاكِ استعراض يا عملي الأسود ، هلا انجزتما ؟! فلتمتنع كليكما عن الحديث ، وجدا لي حل لما أنا به وإلا أنزلتُ بكما العقاب " .

تجمد جسد الملقى أرضاً ، وثبتت أنظارنا لما بيد تلك الملعونة لقد استلت خنجر معقود جعبته حول فخذها ، توجه نصله الحاد باتجاه ألكساندر ، تقول وهي ترمقه بشر ،
- " تسطح على بطنك حتى أُخلصك من عذابك هذا وإلى الأبد " .

صرخ منتفضاً ، يقول بريبة ،
- " ص .... صوفيا ؟! حبي ... علامَ تنوين ؟! هيلا .. احضري الحكيم لأجل الآلهة " .

اقتربت تلك الوقحة ، غير عابئة بما يطالب به ، تقول بتسخيف ،
- " هاااااي ألكس !!! انضج قليلاً ولا تتصرف كالأطفال ، فبالرغم مما أتمناه إلا أنني لن أُبعثُ بذنبك وأُخَلَد بالجحيم " .

مالت إليه بعد أن فعل ما أمرته به مرغماً ، وشهق كلانا بصدمة عندما رفعت يدها ، ودكت سن الخنجر الذي اخترق الوسادة التي ألقتها إليه ليريح رأسه عليها فاستقر السلاح الذي بحيازتها قائماً إلى جانب وجهه مباشرةً .

وبالرغم من كرهي الشديد لها ، إلا إنها انخرطت تزيل تلك الأشواك بمهنية تحت أصوات أنين ألكساندر ، فكلما استعصى عليها إخراج إحداها وكزت المنطقة المحيطة للشوكة بطرف النصل حتى أصبحت بشرة ظهره كالمصفاة المفرغة .

سب كثيراً ولعن أكثر إلى أن أنتهت تماماً مما تفعله ، وكانت آخر خطوة أنها شقت إحدى سيقان الصبار ، تُطَبِق سائله على جروحه النازفة تقول ،
- " ها قد تمت المهمة بنجاح ، لا تزيل عنك أثر الألوفيرا إنه مسكن طبيعي لآلام الجروح ويساعد على التآمها ، هذا ما تعلمته على يد على يد أستاذي " .

تمتم ألكساندر بوهن ،
- " ملعونة أنتِ كأستاذك " .

فأجابته وهي تُقلب الخنجر بيدها تنظر إليه بتهديد ،
- " ماذا قلت ألكسي ؟! على ما يبدو أنني سمعتك تهمهم بأشياء غير لائقة !! " .

صاح بوجع ، يقول بمهادنة ،
- " ألكسك نال ما فيه الكفاية لهذا اليوم ... غضبك سيء يا فتاة دعيني أتعافى ولنبدأ من جديد " .

رمقتهما بشك وتلك الألغاز التي يتبادلونها تدل على أن القادم غير مبشر على الإطلاق ؛ لذا يجب الإسراع بإيجاد خطة بديلة للخلاص من تلك الشمطاء .

قلبتُ عيناي بملل ريثما وجهت أنظارها إلي تقول بهزئٍ ،
- " هل يخرج من يدكِ شيء كهذا ؟! " .

ضربتُ الأرض بقدمي غيظاً من تلك المختالة ، أغادر الغرفة وداخلي يستشاط من الغضب ، لدرجة أنني اصطدمت بريتشي التي ظهرت أمامي من العدم ، تتساءل باهتمام ،
- " هااااي هيلا ؟! ماذا حل بكِ ؟! " .

رفعتُ صوتي أجيبها بسخط ،
- " آاااااه ريتشي ، وماذا سيحل بي أكثر مما أنا فيه الآن ؟! إنها تلك المتشردة التي ابلانا بها ابنك حتماً ستتسبب في إصابتي بسكتة قلبية ، سأموت وأنا لا زلتُ في مقتبل عمري ولم أتزوج بعد ، أتعلمين ؟! فلتلحق بها لعنة الآلهة هي وابنك على حدٍ سواء " .

جذبتني ريتشي بعيداً عن باب جناح غريمتي ، تقودني إلى قاعتها ، تدفع بي إلى الداخل ، وتحكم غلق الباب علينا ، تقول بشر ،
- " اصمتي هيلا ، خلاصنا منها يحتاج إلى خطة مُحكمة ، ليس كشغل الهواة الذي فعلتيه بالحفل " .

اهتزت حدقتي ، وأنا أرمقها بشك ، فعلى ما يبدو أن دراجون قد أخبرها بشيء ؛ هو الوحيد الذي يستطيع كشف أفكار الجميع وتلك هي موهبته ، فرصته وجاءت لحده كي ينتقم مني ويفضح أمري ، ولكن تُرى هل اكتفى بقصة محاولة قتلي لصوفيا أم استفاض بشرح الماضي؟!

التعليقات إذا سمحتم ، لو الرواية مش عجباكم نوقفها عادي جداً لكن بندي مجهود فعوزين تقدير ، شكراً لكل اللي بيساهم بكلمة مشجعة .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي