الفصل الثامن قاهر الأشباح
تجمع الناس أمام كهف زورو، وأخذ الجميع يطالب بخروج الفارس الشجاع.
تعجب زورو من تجمع الناس فخرج إليهم وحدثهم قائلة:
—أيها الناس ما خطبكم؟!
قام أحد الرجال المتجمعين أمام الكهف وعلق قائلًا:
—نريد الفارس الشجاع.
نظر إليه زورو في تعجب وذهول وعلق قائلًا:
—هل تقصد بالفارس الشجاع شخصًا آخر غيري؟!
أجب الرجل وقال:
—أجل فأنت فارس شجاع يهابك أعداءك أما هو فشجاعته ارعبت الشبخ المخيف تورين.
ابتسم زورو وتحدث قائلًا:
— نعم لقد فهمت ما تعنيه ولكن هذا الشجاع ليس هنا!
الرجل يعلق بثقة واصرار ويقول:
— ولكنني رأيته بعيني يدخل إلى داخل هذا الكهف.
أخذ الرجل يردد قائلًا:
—أخرج أيها الفارس الشجاع، يا من تهابك الوحوش والأشباح.
وجميع الحشود تردد خلفه، وبعد قليل خرج عليهم الأمير عز الدين، فقاموا بالتهليل قائلين:
—عاش الفارس الشجاع، عاش حامي الديار من الأشباح.
الأمير عز الدين يحي الناس ويقول:
— أيها الناس لم أفعل شيء لكل هذا.
زورو نظر إلى عز الدين بذهول، بينما تحدث أحد الرجال المتجمعين قائلًا:
—سيدي الفارس الشجاع لقد جئنا إليك ببعض الهدايا البسيطة آملين منك قبولها، وأن تحظى على إعجابك.
الأمير عز الدين يعلق قائلًا:
—أيها الناس لم أفعل شيء أستحق عليه كل هذه العطايا والهدايا فلن أقبل منكم شيء ولكم كل الأحترام والتقدير، لقد تعودت على عدم قبول عطية لا استحقها.
اقترب زورو من الأمير عز الدين وعلق قائلًا:
—عز الدين أنت الشخص الذي كانوا يتحدثوا عنه.
ابتسم عز الدين وعلق قائلًا:
—نعم يا صديقي فقد كبلوني في جزع شجرة، وقدموني قربانًا لتورين، ولكنه ما إن اقترب مني حتى فزع وفر هاربًا.
زورو وهول المفاجأة باديًا عليه يعلق قائلًا:
—عز الدين أنت من فر منه تورين.
ضحك عز الدين وعلق قائلًا:
— ماذا بك يا صديقي؟!
اتشكك في قدرات صديقك الذي قمت بتدريبه.
يحاول زورو التصديق ولكن عقله لا يصدق ذلك، يحدث نفسه ويقول:
—منذ بضعة أيام عثرت عليه كالفأر الهارب، يخاف من ظله، واليوم الجميع يتحدث عن شجاعته كيف يكون ذلك؟!
رفض الأمير عز الدين قبول العطايا، وطلب من الحشود العودة إلى ديارهم ثم حدثهم قائلًا:
—أيها الناس عودوا إلى منازلكم، فلست بأفضل منكم، فما أنا إلا شخصًا طبيعيًا وليس لدي قوة خارقة كما تعتقدون.
انصرفت الحشود والجميع يتحدث عن تواضع هذا الفارس وعزة نفسه.
مرت عدة أيام وعادت الحشود مرة أخرى إلى كهف زورو ينادون على الأمير عز الدين ويطلبون منه النجدة.
خرج الأمير عز الدين إلى الناس يرافقه الفارس زورو، نظر الأمير عز الدين إلى هذه الحشود وعلق قائلًا:
—ما لي أراكم قد احتشدتم مجددًا؟!
ردد الجميع قائلين:
—النجدة.. النجدة أيها الفارس العظيم.
تعجب عز الدين وعلق قائلًا:
— مما تستنجدون؟!
أسرع أحد هؤلاء الرجال المحتشدين قائلًا:
—أيها الفارس الشجاع لقد قامت قبيلة الهانجا بالإغارة على قبيلتنا، وما لنا طاقة للتصدي لهم.
تعجب عز الدين وعلق قائلًا:
—كيف تتركون بيوتكم وأطفالكم ونسائكم وتهرولون لطلب النجدة مني؟!
علق أحدهم قائلًا:
— أيها الفارس الشجاع الذي تهابك الأشباح تستطيع هزيمتهم وتحرير قبيلتنا.
نظر عز الدين إلى الفارس زورو ثم علق قائلًا:
— بمفردي لا أستطيع فعل شيء، ولكن عليكم جميعًا الدفاع عن بلدتكم وقبيلتكم.
عز الدين يفكر ويحدث نفسه قائلًا:
—ترى هل أستطيع مساعدة هؤلاء الناس الذين جاءوا إلي يستنجدون بي؟
تذكر عز الدين المرأة العجوز وتلك القارورة التي قامت بإعطائه إياها وأخبرته قائلة: "قم بتناول السائل الذي في هذه القارورة، عندما تحتاج إلى العون".
فجأة خرج عز الدين من شروده على يد تربت على كتفه، نظر خلفه فإذا بالفارس زورو يحدثه ويقول:
— لا تقلق يا صديقي سنكون معًا، وسننتصر لأن الحق معنا.
ابتسم عز الدين وصاح فالناس قائلًا:
—أيها الناس هيا لتدافعوا على بلدتكم وكرامتكم.
ذهب الأمير عز الدين والفارس زرور للدفاع عن البلدة ضد هؤلاء المغيرين، وما إن اقتربت المواجهة حتى قام عز الدين بشرب ما بالقارورة من سائل.
شعر عز الدين بكل ما بداخله من قلق وخوف يتبدد وتشتعل بداخله نيران الحماسة، والشجاع.
أخذ عز الدين يقاتل قي جسارة وشجاعة وبجواره الفارس زورو ينتزع رؤوس الأعداء بسيفه وينظر مبتسمًا إلى عز الدين الذي تحول من شخص جبان يرتعد من خياله، إلى فارس شجاع لا يهاب شيئًا، يقاتل في جسارة وشجاعة متناهية.
انتهت المواجهات بقتل العديد من المغيرين وفرار البقية منهم، هلل اهالي البلدة بأسم الأمير عز الدين والفارس زورو، وهم سعداء بالإنتصار على الأعداء وتحرير بلدتهم من المعتدين.
حمل أهالي البلدة الأمير عز الدين والفارس زورو على أكتافهم تقديرًا وعرفانًا لهم.
وبعد انتهاء الإحتفالات بالنصر عاد الأمير عز الدين والفارس زورو إلى الكهف، جلس الفارس زورو مبتسمًا وقد بدى على وجهه السعادة، فنظر إليه الأمير عزالدين وعلق قائلًا:
— لم اجدك سعيدًا هكذا من قبل!
—هل سبب سعادتك هذه هو الإنتصار الذي حققناه؟!
الفارس زورو يعلق قائلًا:
—بالطبع أشعر بسعادة غامرة ولكن السبب وراء سعادتي هذه هو تلك الشجاعة التي رأيتك تقاتل بها.
نظر عزالدين إلى القارورة الفارغة في جبعته، ثم ابتسم إبتسامة خفيفة وعلق قائلًا:
— أن كنت سررت بما رأيته مني فالفضل في ذلك يعود لك أيها الفارس العظيم، أنت معلمي الذي قمت بتعليمي فنون الحرب والقتال.
وفي اليوم التالي أخذ الأمير عزالدين يتجول في الغابة لا يهاب شيئًا، فإذا بالمرأة العجوز جالسة في مكانها المعتاد والأبتسامة تملأ وجهها، دنا الأمير عز الدين منها وجلس بجوارها ثم بادرها الحديث وقال:
— سيدتي، كيف حالك؟
ابتسمت العجوز وعلقت قائلة:
—كيف حالك أنت أيها الأمير؟ أرى أمامي شخصًا أخر غير ذلك الذي كنت أعرفه!
ابتسم الأمير عز الدين وعلق قائلًا:
—أجل سيدتي، والفضل في ذلك يرجع إليكِ.
تعجبت العجوز وعلقت قائلة:
—فيما يعود الفضل إلي؟!
الأمير عز الدين يعلق قائلًا:
—سيدتي، لقد ساعدت أهل القرية في تحريرها من احتلال الهانجا، ولم أكن أستطيع ذلك لولا ذلك السائل الذي قمتي بإعطائه لي، هل لي بطلب المزيد منك؟
ابتسمت العجوز وعلقت قائلة:
—بني، هل شعرت بالشجاعة والقوة وهي تسري في عروقك وتحولك من شخص ضعيف إلى فارس قوي شجاع؟
علق الأمير عز الدين وقال:
—أجل سيدتي.
ابتسمت العجوز وعلقت قائلة:
-لم يكن السبب وراء هذه الشجاعة والقوة هي القارورة وما تحتويه من سائل؛ بل كانت نابعة من داخلك أيها الأمير الشجاع.
تعجب الأمير وعلق قائلًا:
—سيدتي، بلى فلم أشعر بقوتي سوى بعد تناول ذلك للسائل العجيب.
ابتسمت العجوز وعلقت قائلة:
-ألا زلت تجهل قوتك الداخلية وتعتقد أنها ليست من داخلك؟ وأن السبب فيها هو ذلك السائل، عز الدين السائل الذي كان بالقارورة هو ماء ولا يحتوي على أي شيء عجيب.
تعجب الأمير عز الدين وعلق قائلًا:
—ماء، هل تعني ما تحدثتي به؟!
العجوز تعلق قائلة:
-أجل، لقد قمت بإعطائك هذا السائل؛ حتى تجد من خلاله الحافز الذي يخرج ما بداخلك من شجاعة وقوة.
تعجب الأمير عز الدين وعلق قائلًا:
—سيدتي، من أنتِ؟! وكيف عرفتي من أكون؟!
المرأة العجوز تحدثه قائلة:
—بني ليس من الضروري أن تعرف من أكون، أو كيف تعرفت عليك ولكن الأهم هو أن تحرص كل الحرص على الكتاب الذي جاء بك إلى هنا فهو سيكون سببًا لعودتك لوطنك.
الأمير عز الدين يتحدث قائلًا:
—متى سأعود؟
العجوز تعلق قائلة:
-لم يأن الآوان بعد.
الأمير عز الدين يعلق قائلًا:
—ومتى يأن الأوان لعودتي؟!
العجوز تخبره قائلة:
-لا تتجعل الأمور، فكل شيء يجري بمقادير، لديك الكثير من الأشياء لم تفعلها بعد، وستعرف بنفسك متى تستخدم هذا الكتاب.
التفت الأمير وأعطى ظهره للمرأة العجوز وتهيأ للمغادرة فحدثته قائلة:
—أيها الأمير، تحلى بالصبر فأنه أفضل شيء تستعين به على الزمان إذا ما مسك الضرر.
أومأ الأمير برأسه ثم إلتفت إليها وحدثها قأئلًا:
-أعلم أن الصبر وسيلة المؤمن للتغلب على الأحزان، ولكن مذاقه كالعلقم، ولكن ليس لي من الأمر شيء سأصبر حتى بأذن الله.
غادر الأمير المكان وذهب إلى كهف زورو، وهناك فوجيء بكثير من الرجال يحاصرون الكهف وبداخله الفارس زورو، وقف الأمير يفكر فيما يجب عليه فعله، تذكر كلمات المرأة العجوز: "إن الشجاعة والقوة كامنة بداخلك أنت".
أشهر عز الدين سيفه واندفع نحو هؤلاء الرجال وأخذ يقاتلهم في شجاعة متناهية.
خرج الفارس زورو من الكهف، نظر إلى عز الدين وفوجيء ببسالته في القتال وشجاعته التي لم يكن يعهدها عليه.
أسرع نحوه وشارك معه في القتال حتى أنتهى القتال بجرح وهروب جميع الرجال الذين كانوا يحاصرون الكهف بعد أن أوقعوا بهم شر هزيمة.
اقترب الفارس زورو من الأمير عز الدين وحدثه قائلًا:
-من أين جئت بكل هذه الشجاعة في القتال؟!
ابتسم الأمير عز الدين وعلق قائلًا:
—لقد جئت بها من خوفي عليك يا صديقي الحبيب.
ربت الفارس زورو على كتف الأمير عز الدين وعلق قائلًا:
—صديقي، لا بد أن نغادر هذا الكهف؛ فلم يعد آمنًا.
نظر الأمير عز الدين متعجبًا ثم علق قائلًا:
—ولكن إلى أين سنذهب؟!
الفارس زورو يعلق قائلًا:
-سنبحث على مكان أكثر أمنًا من هذا الكهف.
سجن الأمراء.
الملك سليمان داخل سجنه وقد تملكه الحزن والآسى؛ لقد ابنه وزوجته وملكه.
وسط الحزن والآسى أخذ الملك يناجي ربه ويقول:
—يا من دام ملكه إرحم من زال ملكه.
ظل الملك يبكي ويتضرع إلى الله في خشوع، وفجأة شعر بيد تربت على كتفه نظر خلفه فلم يرى سوى ظلام السجن الحالك.
وبصوتٍ مرتجف حزين يتحدث قائلًا:
—هل من أحدٍ هنا؟!
من وسط الظلام يأتيه صوت يحدثه ويقول:
-أيها الملك الحزين، لا تقنط من رحمة ربك، فإن الفرج آتٍ لا محالة.
الملك سليمان يعلق قائلًا:
—من أنت أيها المتحدث؟!
ابتسم الرجل وعلق قائلًا:
—أنا شخصًا أتى به الظلم إلى ظلمات هذا السجن اللعين، ولكنه ينتظر يوماً سيخرج فيه ويقتص من الخائنين.
دخل السجان بالطعام، دنا من الملك سليمان وحدثه قائلًا:
-مولاي الملك لقد أخفيت لك ذلك الطعام وأتمنى أن تقبله مني.
ابتسم الملك سليمان وعلق قائلًا:
—بني، لا حاجة لي بطعامك هذا فنحن قوم لا نقبل الصدقة.
السجان يحدثه قائلًا:
—مولاي الملك، ومن أنا حتى اتصدق على الملك سليمان العظيم، لقد أمر منصور بعدم إدخال الطعام إليك، وما كنت لأفعل ذلك، هل يمكن لمولاي أن يعتبرها هدية من خادم له.
ابتسم الملك سليمان وربت على كتف السجان
وعلق قائلًا:
—حسنًا بني سأقبل هذه الهدية منك شكراً لك، فقد رأيت منك من حب ورحمة ما لم أجده من أخي.
أسرع السجان بإخراج بعض الشموع التي قام بإخفائها وقام بإعطائها للملك سليمان وهو يقول:
—مولاي، خذ هذه الشموع ستحتاج إليها، وأتمنى أن تخبرني بكل ما تريده فسأحضره لك على الفور.
الملك سليمان علق قائلًا:
—بني، ما أسمك؟
السجان يجيب قائلًا:
—أسمي رحيم يا مولاي.
ابتسم الملك وعلق قائلًا:
-رحيم، وأنت حقًا رحيم، كل شخص له نصيب من اسمه.
السجان رحيم بتحدث قائلًا:
—مولاي الملك المعظم، سأغادر الآن حتى لا يكتشف أحد أمري، ولكنني سأعود إليك لاحقًا.
غادر السجان وجلس الملك يفكر فيما حدث، ثم علت وجهه ابتسامة.
نظر إليه الرجل المرافق له في السجن وثحدث قائلًا:
— هل لي بسؤال مولاي الملك سليمان سؤال؟
نظر إليه الملك سليمان وعلق قائلًا:
-سل ما شئت، ولكن فالبداية أخبرني من أنت؟
وما سبب وجودك هنا؟
علق الرجل قائلًا:
—مولاي، أدعى فضل الشامي، أما عن سبب وجودي هنا في هذا السجن الموحش فهو قطعة أرض أملكها وأراد أحد الأمراء الإستيلاء عليها دون وجه حق، وعندما رفضت تم القبض علي وايداعي في هذا السجن.
الملك سليمان علق قائلًا:
—وماذا عن السؤال الذي أردت سؤاله لي؟
فضل الشامي يغلق قائلًا:
—موالي الملك، هل يمكنني معرفة السبب وراء تلك الابتسامة التي علت وجه مولاي منذ قليل؟!
الملك سليمان يعلق قائلًا:
—لقد تعجبت أن يحنو الغريب لحالي بينما السبب في وجودي هنا هو أخي.
فضل الشامي يعلق قائلًا:
—هو أختبار من الله لك، وكن على يقين في حكمة الله وعدله.
غابة شلالات الأنجوازو.
الأمير عز الدين وصديقه الفارس زورو يسيران، بحثًا عن مكانٍ آمن فجأة ليتف حولهما الكثير من رجال الهانجا الذين تتبعوهم للإنتقام منهم.
نظر الأمير إلى زورو وحدثه قائلًا:
—ماذا سنفعل الآن فالكثرة تغلب الشجاعة؟!
الفارس زورو يعلق قائلًا:
—أظنها النهاية يا صديقي.
وفجأة حدث ما لم يكن في الحسبان.
تعجب زورو من تجمع الناس فخرج إليهم وحدثهم قائلة:
—أيها الناس ما خطبكم؟!
قام أحد الرجال المتجمعين أمام الكهف وعلق قائلًا:
—نريد الفارس الشجاع.
نظر إليه زورو في تعجب وذهول وعلق قائلًا:
—هل تقصد بالفارس الشجاع شخصًا آخر غيري؟!
أجب الرجل وقال:
—أجل فأنت فارس شجاع يهابك أعداءك أما هو فشجاعته ارعبت الشبخ المخيف تورين.
ابتسم زورو وتحدث قائلًا:
— نعم لقد فهمت ما تعنيه ولكن هذا الشجاع ليس هنا!
الرجل يعلق بثقة واصرار ويقول:
— ولكنني رأيته بعيني يدخل إلى داخل هذا الكهف.
أخذ الرجل يردد قائلًا:
—أخرج أيها الفارس الشجاع، يا من تهابك الوحوش والأشباح.
وجميع الحشود تردد خلفه، وبعد قليل خرج عليهم الأمير عز الدين، فقاموا بالتهليل قائلين:
—عاش الفارس الشجاع، عاش حامي الديار من الأشباح.
الأمير عز الدين يحي الناس ويقول:
— أيها الناس لم أفعل شيء لكل هذا.
زورو نظر إلى عز الدين بذهول، بينما تحدث أحد الرجال المتجمعين قائلًا:
—سيدي الفارس الشجاع لقد جئنا إليك ببعض الهدايا البسيطة آملين منك قبولها، وأن تحظى على إعجابك.
الأمير عز الدين يعلق قائلًا:
—أيها الناس لم أفعل شيء أستحق عليه كل هذه العطايا والهدايا فلن أقبل منكم شيء ولكم كل الأحترام والتقدير، لقد تعودت على عدم قبول عطية لا استحقها.
اقترب زورو من الأمير عز الدين وعلق قائلًا:
—عز الدين أنت الشخص الذي كانوا يتحدثوا عنه.
ابتسم عز الدين وعلق قائلًا:
—نعم يا صديقي فقد كبلوني في جزع شجرة، وقدموني قربانًا لتورين، ولكنه ما إن اقترب مني حتى فزع وفر هاربًا.
زورو وهول المفاجأة باديًا عليه يعلق قائلًا:
—عز الدين أنت من فر منه تورين.
ضحك عز الدين وعلق قائلًا:
— ماذا بك يا صديقي؟!
اتشكك في قدرات صديقك الذي قمت بتدريبه.
يحاول زورو التصديق ولكن عقله لا يصدق ذلك، يحدث نفسه ويقول:
—منذ بضعة أيام عثرت عليه كالفأر الهارب، يخاف من ظله، واليوم الجميع يتحدث عن شجاعته كيف يكون ذلك؟!
رفض الأمير عز الدين قبول العطايا، وطلب من الحشود العودة إلى ديارهم ثم حدثهم قائلًا:
—أيها الناس عودوا إلى منازلكم، فلست بأفضل منكم، فما أنا إلا شخصًا طبيعيًا وليس لدي قوة خارقة كما تعتقدون.
انصرفت الحشود والجميع يتحدث عن تواضع هذا الفارس وعزة نفسه.
مرت عدة أيام وعادت الحشود مرة أخرى إلى كهف زورو ينادون على الأمير عز الدين ويطلبون منه النجدة.
خرج الأمير عز الدين إلى الناس يرافقه الفارس زورو، نظر الأمير عز الدين إلى هذه الحشود وعلق قائلًا:
—ما لي أراكم قد احتشدتم مجددًا؟!
ردد الجميع قائلين:
—النجدة.. النجدة أيها الفارس العظيم.
تعجب عز الدين وعلق قائلًا:
— مما تستنجدون؟!
أسرع أحد هؤلاء الرجال المحتشدين قائلًا:
—أيها الفارس الشجاع لقد قامت قبيلة الهانجا بالإغارة على قبيلتنا، وما لنا طاقة للتصدي لهم.
تعجب عز الدين وعلق قائلًا:
—كيف تتركون بيوتكم وأطفالكم ونسائكم وتهرولون لطلب النجدة مني؟!
علق أحدهم قائلًا:
— أيها الفارس الشجاع الذي تهابك الأشباح تستطيع هزيمتهم وتحرير قبيلتنا.
نظر عز الدين إلى الفارس زورو ثم علق قائلًا:
— بمفردي لا أستطيع فعل شيء، ولكن عليكم جميعًا الدفاع عن بلدتكم وقبيلتكم.
عز الدين يفكر ويحدث نفسه قائلًا:
—ترى هل أستطيع مساعدة هؤلاء الناس الذين جاءوا إلي يستنجدون بي؟
تذكر عز الدين المرأة العجوز وتلك القارورة التي قامت بإعطائه إياها وأخبرته قائلة: "قم بتناول السائل الذي في هذه القارورة، عندما تحتاج إلى العون".
فجأة خرج عز الدين من شروده على يد تربت على كتفه، نظر خلفه فإذا بالفارس زورو يحدثه ويقول:
— لا تقلق يا صديقي سنكون معًا، وسننتصر لأن الحق معنا.
ابتسم عز الدين وصاح فالناس قائلًا:
—أيها الناس هيا لتدافعوا على بلدتكم وكرامتكم.
ذهب الأمير عز الدين والفارس زرور للدفاع عن البلدة ضد هؤلاء المغيرين، وما إن اقتربت المواجهة حتى قام عز الدين بشرب ما بالقارورة من سائل.
شعر عز الدين بكل ما بداخله من قلق وخوف يتبدد وتشتعل بداخله نيران الحماسة، والشجاع.
أخذ عز الدين يقاتل قي جسارة وشجاعة وبجواره الفارس زورو ينتزع رؤوس الأعداء بسيفه وينظر مبتسمًا إلى عز الدين الذي تحول من شخص جبان يرتعد من خياله، إلى فارس شجاع لا يهاب شيئًا، يقاتل في جسارة وشجاعة متناهية.
انتهت المواجهات بقتل العديد من المغيرين وفرار البقية منهم، هلل اهالي البلدة بأسم الأمير عز الدين والفارس زورو، وهم سعداء بالإنتصار على الأعداء وتحرير بلدتهم من المعتدين.
حمل أهالي البلدة الأمير عز الدين والفارس زورو على أكتافهم تقديرًا وعرفانًا لهم.
وبعد انتهاء الإحتفالات بالنصر عاد الأمير عز الدين والفارس زورو إلى الكهف، جلس الفارس زورو مبتسمًا وقد بدى على وجهه السعادة، فنظر إليه الأمير عزالدين وعلق قائلًا:
— لم اجدك سعيدًا هكذا من قبل!
—هل سبب سعادتك هذه هو الإنتصار الذي حققناه؟!
الفارس زورو يعلق قائلًا:
—بالطبع أشعر بسعادة غامرة ولكن السبب وراء سعادتي هذه هو تلك الشجاعة التي رأيتك تقاتل بها.
نظر عزالدين إلى القارورة الفارغة في جبعته، ثم ابتسم إبتسامة خفيفة وعلق قائلًا:
— أن كنت سررت بما رأيته مني فالفضل في ذلك يعود لك أيها الفارس العظيم، أنت معلمي الذي قمت بتعليمي فنون الحرب والقتال.
وفي اليوم التالي أخذ الأمير عزالدين يتجول في الغابة لا يهاب شيئًا، فإذا بالمرأة العجوز جالسة في مكانها المعتاد والأبتسامة تملأ وجهها، دنا الأمير عز الدين منها وجلس بجوارها ثم بادرها الحديث وقال:
— سيدتي، كيف حالك؟
ابتسمت العجوز وعلقت قائلة:
—كيف حالك أنت أيها الأمير؟ أرى أمامي شخصًا أخر غير ذلك الذي كنت أعرفه!
ابتسم الأمير عز الدين وعلق قائلًا:
—أجل سيدتي، والفضل في ذلك يرجع إليكِ.
تعجبت العجوز وعلقت قائلة:
—فيما يعود الفضل إلي؟!
الأمير عز الدين يعلق قائلًا:
—سيدتي، لقد ساعدت أهل القرية في تحريرها من احتلال الهانجا، ولم أكن أستطيع ذلك لولا ذلك السائل الذي قمتي بإعطائه لي، هل لي بطلب المزيد منك؟
ابتسمت العجوز وعلقت قائلة:
—بني، هل شعرت بالشجاعة والقوة وهي تسري في عروقك وتحولك من شخص ضعيف إلى فارس قوي شجاع؟
علق الأمير عز الدين وقال:
—أجل سيدتي.
ابتسمت العجوز وعلقت قائلة:
-لم يكن السبب وراء هذه الشجاعة والقوة هي القارورة وما تحتويه من سائل؛ بل كانت نابعة من داخلك أيها الأمير الشجاع.
تعجب الأمير وعلق قائلًا:
—سيدتي، بلى فلم أشعر بقوتي سوى بعد تناول ذلك للسائل العجيب.
ابتسمت العجوز وعلقت قائلة:
-ألا زلت تجهل قوتك الداخلية وتعتقد أنها ليست من داخلك؟ وأن السبب فيها هو ذلك السائل، عز الدين السائل الذي كان بالقارورة هو ماء ولا يحتوي على أي شيء عجيب.
تعجب الأمير عز الدين وعلق قائلًا:
—ماء، هل تعني ما تحدثتي به؟!
العجوز تعلق قائلة:
-أجل، لقد قمت بإعطائك هذا السائل؛ حتى تجد من خلاله الحافز الذي يخرج ما بداخلك من شجاعة وقوة.
تعجب الأمير عز الدين وعلق قائلًا:
—سيدتي، من أنتِ؟! وكيف عرفتي من أكون؟!
المرأة العجوز تحدثه قائلة:
—بني ليس من الضروري أن تعرف من أكون، أو كيف تعرفت عليك ولكن الأهم هو أن تحرص كل الحرص على الكتاب الذي جاء بك إلى هنا فهو سيكون سببًا لعودتك لوطنك.
الأمير عز الدين يتحدث قائلًا:
—متى سأعود؟
العجوز تعلق قائلة:
-لم يأن الآوان بعد.
الأمير عز الدين يعلق قائلًا:
—ومتى يأن الأوان لعودتي؟!
العجوز تخبره قائلة:
-لا تتجعل الأمور، فكل شيء يجري بمقادير، لديك الكثير من الأشياء لم تفعلها بعد، وستعرف بنفسك متى تستخدم هذا الكتاب.
التفت الأمير وأعطى ظهره للمرأة العجوز وتهيأ للمغادرة فحدثته قائلة:
—أيها الأمير، تحلى بالصبر فأنه أفضل شيء تستعين به على الزمان إذا ما مسك الضرر.
أومأ الأمير برأسه ثم إلتفت إليها وحدثها قأئلًا:
-أعلم أن الصبر وسيلة المؤمن للتغلب على الأحزان، ولكن مذاقه كالعلقم، ولكن ليس لي من الأمر شيء سأصبر حتى بأذن الله.
غادر الأمير المكان وذهب إلى كهف زورو، وهناك فوجيء بكثير من الرجال يحاصرون الكهف وبداخله الفارس زورو، وقف الأمير يفكر فيما يجب عليه فعله، تذكر كلمات المرأة العجوز: "إن الشجاعة والقوة كامنة بداخلك أنت".
أشهر عز الدين سيفه واندفع نحو هؤلاء الرجال وأخذ يقاتلهم في شجاعة متناهية.
خرج الفارس زورو من الكهف، نظر إلى عز الدين وفوجيء ببسالته في القتال وشجاعته التي لم يكن يعهدها عليه.
أسرع نحوه وشارك معه في القتال حتى أنتهى القتال بجرح وهروب جميع الرجال الذين كانوا يحاصرون الكهف بعد أن أوقعوا بهم شر هزيمة.
اقترب الفارس زورو من الأمير عز الدين وحدثه قائلًا:
-من أين جئت بكل هذه الشجاعة في القتال؟!
ابتسم الأمير عز الدين وعلق قائلًا:
—لقد جئت بها من خوفي عليك يا صديقي الحبيب.
ربت الفارس زورو على كتف الأمير عز الدين وعلق قائلًا:
—صديقي، لا بد أن نغادر هذا الكهف؛ فلم يعد آمنًا.
نظر الأمير عز الدين متعجبًا ثم علق قائلًا:
—ولكن إلى أين سنذهب؟!
الفارس زورو يعلق قائلًا:
-سنبحث على مكان أكثر أمنًا من هذا الكهف.
سجن الأمراء.
الملك سليمان داخل سجنه وقد تملكه الحزن والآسى؛ لقد ابنه وزوجته وملكه.
وسط الحزن والآسى أخذ الملك يناجي ربه ويقول:
—يا من دام ملكه إرحم من زال ملكه.
ظل الملك يبكي ويتضرع إلى الله في خشوع، وفجأة شعر بيد تربت على كتفه نظر خلفه فلم يرى سوى ظلام السجن الحالك.
وبصوتٍ مرتجف حزين يتحدث قائلًا:
—هل من أحدٍ هنا؟!
من وسط الظلام يأتيه صوت يحدثه ويقول:
-أيها الملك الحزين، لا تقنط من رحمة ربك، فإن الفرج آتٍ لا محالة.
الملك سليمان يعلق قائلًا:
—من أنت أيها المتحدث؟!
ابتسم الرجل وعلق قائلًا:
—أنا شخصًا أتى به الظلم إلى ظلمات هذا السجن اللعين، ولكنه ينتظر يوماً سيخرج فيه ويقتص من الخائنين.
دخل السجان بالطعام، دنا من الملك سليمان وحدثه قائلًا:
-مولاي الملك لقد أخفيت لك ذلك الطعام وأتمنى أن تقبله مني.
ابتسم الملك سليمان وعلق قائلًا:
—بني، لا حاجة لي بطعامك هذا فنحن قوم لا نقبل الصدقة.
السجان يحدثه قائلًا:
—مولاي الملك، ومن أنا حتى اتصدق على الملك سليمان العظيم، لقد أمر منصور بعدم إدخال الطعام إليك، وما كنت لأفعل ذلك، هل يمكن لمولاي أن يعتبرها هدية من خادم له.
ابتسم الملك سليمان وربت على كتف السجان
وعلق قائلًا:
—حسنًا بني سأقبل هذه الهدية منك شكراً لك، فقد رأيت منك من حب ورحمة ما لم أجده من أخي.
أسرع السجان بإخراج بعض الشموع التي قام بإخفائها وقام بإعطائها للملك سليمان وهو يقول:
—مولاي، خذ هذه الشموع ستحتاج إليها، وأتمنى أن تخبرني بكل ما تريده فسأحضره لك على الفور.
الملك سليمان علق قائلًا:
—بني، ما أسمك؟
السجان يجيب قائلًا:
—أسمي رحيم يا مولاي.
ابتسم الملك وعلق قائلًا:
-رحيم، وأنت حقًا رحيم، كل شخص له نصيب من اسمه.
السجان رحيم بتحدث قائلًا:
—مولاي الملك المعظم، سأغادر الآن حتى لا يكتشف أحد أمري، ولكنني سأعود إليك لاحقًا.
غادر السجان وجلس الملك يفكر فيما حدث، ثم علت وجهه ابتسامة.
نظر إليه الرجل المرافق له في السجن وثحدث قائلًا:
— هل لي بسؤال مولاي الملك سليمان سؤال؟
نظر إليه الملك سليمان وعلق قائلًا:
-سل ما شئت، ولكن فالبداية أخبرني من أنت؟
وما سبب وجودك هنا؟
علق الرجل قائلًا:
—مولاي، أدعى فضل الشامي، أما عن سبب وجودي هنا في هذا السجن الموحش فهو قطعة أرض أملكها وأراد أحد الأمراء الإستيلاء عليها دون وجه حق، وعندما رفضت تم القبض علي وايداعي في هذا السجن.
الملك سليمان علق قائلًا:
—وماذا عن السؤال الذي أردت سؤاله لي؟
فضل الشامي يغلق قائلًا:
—موالي الملك، هل يمكنني معرفة السبب وراء تلك الابتسامة التي علت وجه مولاي منذ قليل؟!
الملك سليمان يعلق قائلًا:
—لقد تعجبت أن يحنو الغريب لحالي بينما السبب في وجودي هنا هو أخي.
فضل الشامي يعلق قائلًا:
—هو أختبار من الله لك، وكن على يقين في حكمة الله وعدله.
غابة شلالات الأنجوازو.
الأمير عز الدين وصديقه الفارس زورو يسيران، بحثًا عن مكانٍ آمن فجأة ليتف حولهما الكثير من رجال الهانجا الذين تتبعوهم للإنتقام منهم.
نظر الأمير إلى زورو وحدثه قائلًا:
—ماذا سنفعل الآن فالكثرة تغلب الشجاعة؟!
الفارس زورو يعلق قائلًا:
—أظنها النهاية يا صديقي.
وفجأة حدث ما لم يكن في الحسبان.