11

الفصل الحادي عشر

تصاعدت ألسنة اللهب وأصبح المنزل بأكمله مُشتعلاً وأنعدمت الرؤية بمقلتي حياة الخائفة التي كانت تنظر إلى سليم بصدمة ولن تقدر على التفوه بكلمة بعدما رأت الغرفة تشتعل والنيران تحاوطهما من كل جانب، علمت بأنها النهاية ، أستسلم جـ سدها وفقدت وعيها وأخر ما رأته وسمعته هو صراخ زو جها وهلعة وهو ينظر لها يحاول أن تصمد ولكن خارت قواها ولم تعد تتحمل..
لم يتحمل رؤيتها بذلك الوضع فقد كانت طريحة أمامه والنيران على وشك الاقتراب منها، حاول جاهدًا في فك قيود كفيه ودار بعينيه مسرعاً يتطلع للغرفة لعله يجد شيئا يساعده على الخلاص من قيوده، وقعت عينيه على النافذة والنيران التي ضرمت بها أيضا ، سار اتجاهها وهو مقيد بالمقعد فقد كانت حركته بطيئة ولكن لن يترك حبيبته تلتقفها ألسنة النيران المُشتعلة،
كث السواد النافذة وأحترقت الأخشاب بها ليبقى الزجاج الذي تساقط داخل الغرفة، حاول سليم أن يلتقط قطعة كبيرة منه بفمه وبعدما حصل عليها وضعها بالفراش القابع بمنتصف الغرفة ودار ظـ هره إليها وظل يعود للخلف إلى أن التقطها ثانيا بأطرافه المُقيدة وحاول أن يقربها من الحبل الغليظ المقيد به وظل يجرها كالسكين على الحبل وبعد لحظات نجح في فك قيوده وحرر نفسه من ذلك المقعد ، وركض إلى زو حته نزع عنه سترته السوداء ودنا من حياة ، حملها على كتفه كالطفلة الصغيرة ووضع الستره لتحجب النيران عندما وقف بالقرب من باب الغرفة يحاول دفعه بقدمه بكل ما أوتي من قوة، ظل يركله مراراً وتكراراً يحاول الفرار والنجاة بمحبوبته من ذلك المكان ، ولم يفلح فقد شعر باليأس عاد بها لداخل الغرفة واراح جـ سدها برفق على الفراش واستقام واقفًا يتطلع للغرفة بخيبة أمل ولكن وجد النافذة هي الحل الخلاص منما هم فيه الآن ، اقترب منها ولكن النيران تتأجج حولها كما أنهم بالطابق الثاني فكيف سيقزف منها هو وزو جته.
دار بعينيه تجوب بالغرفة بمشاعر متضاربة من الخوف والهلع والقلق ليس على نفسه ولكن على زو جته ، لا يريد لها تلك النهاية البشعة ، فقد رسم بمخيلته عدة سيناريوهات ،هل سيكون مصيرهما الموت حرقًا بذلك المنزل ولن يعثر أحد على جثمانهم وما مصير عائلتهما من تلقي ذلك الخبر، ضربات قلبه تتزايد تضرب صـ دره بقوة وأنفاسة تتسارع كالمذعور يدور حول نفسه يكاد أن يفقد عقله ولكن قرر عدم الاستسلام واسرع في خطواته
إلى الباب ثانياً وظل يركله بغضب احتاج جـ سده وبين تاره وأخرى يتطلع لحياة الفاقدة للوعي ويعاود الصراخ باعلى طبقات صوته يطلب المساعدة لعل أحد يستمع إليه بعدما يأس تمامًا عاد إلى الفراش جلس على أطرافه والتقط كفها بين راحتيه لا يعلم يحاول ايقاظها لكي تواجه الخوف والفزع بتلك اللحظات الفاصلة بحياتهما أم يتركها ساكنة كما هي لكي لا تواجه الموت بعينين خائفتين، وهو يسعل بشدة بسبب الأدخنة التي تتصاعد واللهب الذي كاد أن يلتهم أجسادهم والنيران تقترب رويداً رويداً تلتهم كل شيء حوله ، أغمض عيناه مستسلمًا لمصيرة وهو يضـ م جـ سدها أليه لتتعانق أجـ سادهم في مشهد يَقَشعر له الأبدان، ثم نطق الشهادتين بعدما شعر بأنها حقًا النهاية...
❈-❈-❈
بالقاهرة..
ظلت نور حبيسة بغرفتها ، حاولت "خديجة " أن تتحدث معها ولكن تحججت بأنها تريد النوم ، فتركتها وغادرت الغرفة، لتلقي بأسر وهو يحاوط بكتف زو حته ميلانا ويقترب من والدته متسألا عن نور:
-بردو مش عاوزة تخرج
هزت راسها نافية وقالت:
- بتقول عاوزة تنام، مش عارفه ده هروب ولا فعلا محتاجه تنام لأن في وحم بيجي بالنوم
- يعني ايه مش فاهم:
نطق بها أسر مستفهمًا
ردت خديجه قائلة:
- يعني في ستات حوامل بيكون الحمل نوم ، تفضل طول الوقت عاوزة تنام ، وفي بيجي عليها بالترجيع المستمر وغيرها بقا الاكل والشهية المفتوحه، يمكن نور حملها أنها عايزة تفضل نايمة ، بس لازم تاكل وتتغذء وتغذي اللي في بطنها حرام دي روح
قال أسر بتفهم:
- خلاص هسبها ترتاح ساعة وهحاول معاها
تركتهم خديجة ودلفت إلى غرفتها لأنها تشعر بانقباض بقلبها ولا تعلم ما هو سببه، ولن تريد أن تشغل أسر بما تشعر به يكفي ما يمر به مع زو جاته وحزنه على الطفل القادم الذي لا يريد أن يكون مصيره مثل مصير أبيه.
شعورها بالضيق ينهش قلبها، اقتربت من شرفة غرفتها فتحتها تحاول استنشاق الهواء العليل لينعش رئتها وتطلعت للسماء لينقبض قلبها ويعتصر بغصة مؤلمة وكأنها لمحت طيف كبيرها سليم، وضعت كفها أعلى صـ درها الذي يضرب داخلها بقوة ، هزت راسها بقوة وخرج صوتها مبحوح وهي تقول:
- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم أغلقت الشرفة كما كانت وولجت تبحث عن مصحفها لتقرأ به وتطرد الشيطان الذي يحاول اقلاقها على أبنها ، وعندما فتحت مصحفها وجدت سورة يٰس أمامها فقررت أن تقرها بهدوء وتمعن وبعد ختامتها شعرت بالراحة وظلت تدعي لابنائها بصلاح الحال والشفاء وتمنت لهما السعادة والذرية الصالحة ..

بالاسفل.
كان يجلس على الأريكة الوثيرة بغرفة الصالون وميلانا تجلس بجانبه، رفع أسر ذراعه ثم جذبها لتتوسد صـ دره وهو يشاهد التلفاز على فيلمه المفضل وقال هامسًا:
- عاوزك تفضلي كده في حـ ضني ماتبعديش عني
ابتسمت بسعادة وقالت مازحة:
- شو راح تضل هون مافي عمل
طبع قـ بلة على جبينها وقال باسمًا:
- أنا عريس وفي أجازة، ولم سليم يرجع بالسلامة هنطلع شهر عسل ما حصلش ده وعد
همست بحزن:
- ما بدي شهر عسل
- ليه يا قلبي؟ ده حقك
هزت راسها نافية وقالت برفض:
- ما بدي اياك تنسى نور يا أسر ، هي بحاجتك اكتر مني، ما فيني أشعر بالذنب أكتر من هيك
تنهد بضيق وقال:
-وانتي ذنبك أية انتي كمان، ثم أردف قائلا:
- الذنب ذنبي أنا من الاول، ما فكرتش بعقلي ، فكرت بانانية رغم أن المسئلة كانت واضحة زي الشمس ، هتعب من زو اجي من نور، كان أحساسي صح ، حب من طرف واحد بس كنت بكدب قلبي دايما
أخرج تنهيدة حارقة من أعماقه وتطلع لميلانا بحب:
- صدقيني مش ذنبك خالص، أنا بلاقي نفسي اللي ضايعه معاكي أنتي، نور يمكن كانت في وقت صعب نفسي أخرج من صدمات كتير حصلتلي في حياتي وكان الوقت والإختيار والظروف كله غلط ، ممكن عشان خاطري ما تخليني أحـ س أن ظالمها معايا ، لأنها كل يوم بتثبت أنها لاعمرها حبتني ولا شافتني الفارس اللي هي كانت بتتمناه والمشاعر دي وصلتني وصعب جدا على أي راجل يتحملها ، ممكن نقفل الموضوع ده
شعرت بمدا جرحه وحزنه ولكنها تعلم علم اليقين بأنها المتربعة على عرش قلبه لذلك تبسمت له بحب وظلت متشبثه باحـ ضانه الدافئة التي تحتويها بحب وحنان وأمان ...

❈-❈-❈

بعد انتهاء يوم عمله ، عاد سراج إلى منزل جدته لتقابله بوجـ ه باسم بشوش، وهو يقترب منها يقـ بل كفها ثم وجنتيها وجلس بجوارها بارهاق، ربت الجده على فـ خده ثم هتفت قائلة:
- تعرف كنت فين؟
نظر لها مستفهمًا
لتجيبه بنبرة حانية:
- كنت عند عمك فاروق وخالتك دلال بطلب ايـ د فريدة
تهللت اساريره وعانق جدته بحب :
- حبيبتي يا تيتا ، ربنا ما يحرمني منك يا سنسن
ربتت على ظهرها بحنو وقالت بجدية:
- ورحمة جدك يا سراج لو رقية ما جت خلال يومين اتنين بس، أنا هكمل الجـ وازة وماحدش هيقدر يرد ليه كلمة
ابتعد عن أحـ ضانها وزاغت عيناه بخيبة أمل وخرج صوته منكسر قائلا:
- كلمتي ماما وقالت مش جايه؟
بعدما شعرت بمدا حزنه هزت راسها نافية وقالت:
-لا يا حبيبي هتيجي طبعاً، معقول مش تحضر ، ده أنت أول فرحتها يا قلبي، هي فرحت أوي وكمان لم عرفت مين العروسة ، قالت مراد يظبط أمور شغله وهننزل فورا ، بس أنا عاوزة افرح بيك وهم احرار بقا
أوما برأسه لجدته فهو يعلم بأنها تخفي عليه لا تريد حزنه ولكن ليس مهم أن ينتظر شيئا لا يناله دائما ،فقد كان مهمشًا لدى عائلته رغم أنه الطفل الوحيد لعائلته، لذلك عند مرحلة الجامعة عاد إلى القاهرة ليدرس أداره اعمال ببلدته وظل بجانب جدته ،تلك السيدة التي تبلغ من العمر سبعون عامًا ولكن أعطته ما فقده من حب وحنان الأبوين ، لذلك هي أهم شخصًا بحياته ..
❈-❈-❈
عودة إلى منزل لندن الذي يحترق بداخله "سليم و حياة"
شعور لا يوصف عندما تكون على يقين بأنك على مشارف الموت، ليس بينك وبين النجاة إلا معجزة؛
أسبل سليم عينيه مستسلمًا لمصيره المحتوم وإذا بصوت أنثوي رقيق استماعه يأتي من بعيد بلكنتها المميزة، علم من تكون صاحبة الصوت، حرر حياة من أحـ ضانه وركض بلهفة يقف خلف النافذة المُحترقة ليجدها حقا " كريستينا " تقف بالاسفل وتصرخ منادية باسمه لن يتوهم ، أشار بيـ ده وخرج صوته العالِ مستغيثًا بها:
- أرجوكِ كريست ساعديني، المنزل يحترق
- حسنًا عزيزي ، أنا هُنا من أجلك
وضعت الدرج الخشبي وثبتته على الحائط الذي يصل لنفاذة الغرفة التي يوجد بها سليم وهتفت قائلة:
- النيران محاطة من كل جانب، ولن أستطع أن أدلف لداخل، هيا حاول أن تستقل الدرج بحذر
دقق أنظاره على الدرج والنافذة والتهمت النيران كتفه الايسر وأوقدته ،صرخ متألمًا ونزع القميص ولكن طالت النيران ذراعه ولكن عاد إلى حياة مسرعاً لم يكترث لآلام ذراعه ، فقط يريد الفرار بزو جته من هذا المنزل، وحملها برفق بعدما وضع سترته تحتمي بها من ألسنة اللهب وصعد النافذة بخفة ودنا بقدمه ليثبتها على اول دراجات السلم الخشبي ونجح في الامـ ساك بوضع يـ ده اليمنى تحاوط زو حته والأخرى يضعها على الدرج ليهبطه بخطوات مترقبة وأنفاس متلاحقة إلى أن انتهى وتنفس الصعداء وهو يسير خلف كريستينا ليستقل سيارتها مسرعاً بهما إلى المشفى.
بعدما استقل سيارتها وقابض بقوة على حياة نظر لكريستينا يشكرها على ما فعلته من أجله وأجل زو حته
- أشكركِ على أنقاذك لحياتي وحياة زو جتي، مديون لك بعمري وحياتي كريست،ثم أردف قائلا:
- لكِ ما شأتي وأنا سألبِ لكِ كل ما تحلمين به
نظرت له مبتسمة وقالت :
- لا داعي للشكر، هذا عملي سيدي
لم يفهم سليم مقصدها ولكن تذكر جان وخيانته وكان يظن بأنها مثله ولكن تفاجئ بقدومها وأنها أرادة أنقاذة
بعدما وجدت التشتت على ملامحه أشهرت الكارت الخاص بهويتها أمام عينين سليم :
- هذة هويتي الحقيقية، رائد مارينا جورج
جحظت عين سليم وهتف بدهشة:
- وكريست
ضحكت بخفة واجباته:
- فتاة أقتحمت عالم المافيا من قبل الشرطة الفيدرالية ولذلك كنت أساعدك دائما وحان الوقت لكي تعرف هويتي
ثم صفت سيارتها أمام المشفى ونظرت له:
- أهتم بصحتك وصحة زو جتك أولاً ثم سنتحدث ثانياً وسوف أخبرك بكل شيء ، الآن عليَّ اللحاق بجان وسوف أزف له خبر الخلاص منكما لكي ينقل الخبر للزعيم ويطمئن قلبه
قال سليم بخيبة أمل:
- ولكن حصلُ على الفلاشة الخاصة بكل شيء
- أعلم بأن زو جتك تعمل بالهاكر وسوف تساعدنا في أعادة المعلومات تلك من الهارد الخاص بك، هيا ترجلا لكي لا يلتهب جرحك ويجب إنقاذ زو جتك أيضا
ترجلا سليم مسرعاً لكي يلحق بحياة وولج بها مسرعاً لداخل المشفى الذي صرخ بهما يريد الطبيب المصري أدم لكي يفحص "حياة" فهو لم يثق بأحد بعدما تعرض لهما.
وبالفعل عندما ات أدم خبر وجود مصرين يستدعونه بالطوارئ ذهب على الفور لكي يتفاجئ بوجود سليم بحالة يُرثى لها ومازال يحمل حياة بين ذراعيه يخشى عليها
قرب له أدم التورلي لكي يضع حياة عليه ونظر لسليم يهتف بقلق:
-اية اللي حصل؟
هتف سليم بخوف من خسارته لمحبوبته:
- الشقة اللي كنا مستاجرينها حصل فيها حريق وحياة اختنقت من الدخان
رمقة بنظرة مبهمة ولكن قرر أن يفحص حياة أولا ونظر لذراع سليم الملتهب بشدة وقال:
- لازم حد يشوف دراعك ، حرقك من الدرجة الثالثة
هتف بقلق وعيناة مصوبة على الغافلة التي لا تشعر بكل ما يحدث حولها:
- أطمن على حياة الأول
بدأ في تفقد نبضها وعلم بأنها فقدت الكثير من الأكسجين ، فلابد وأن تخضع لعدة فحوصات ووضعها بالعناية المركزة على جهاز التنفس الصناعي لأن الريئتين تأذت تمامًا بسبب الدخان التي عبئ ريئتها مدة طويلة.
واستعان بطبيب أخر خاص "جلدية وتجميل" لكي يُعالج الحرق الذي أصاب ذراع سليم الأيسر بأكمله..

بعدما أنتهى الطبيب من تطهير الحروق والجروح التي بذراع سليم وضع الشاش الطبي على ذراعه بالكامل ولم يشعر سليم بالألم بسبب الإبرة المخدرة التي غرزها الطبيب بذراعه لكي يخفف من حدة الألم
ظل عيناه تطالعها وهي مُـ مدة على الفراش الطبي داخل غرفة العناية والأجهزة محاطة بها من كل جانب، أسند رأسه بالحائط خلفه وانظاره متعلقة بباب غرفة العناية وأنفاسة تختنق بسبب ما تعرضت له حياة بسببه هو، يلوم نفسه على تلك المجازفة بحياتها ، يا ليته لم يأتي بها إلى هنا ولن تتعرض حياتها للخطر ، لن يسامح نفسه على ما حدث، يجلد نفسه ويحاسبها ودعى ربه بأن تسترد وعيها لتعود لقلبه النبضات التي أختفت معها خلف ذلك الباب..
نتألم عندما نعجز عن البوح عما في داخلنا، نتألم عندما نرى من نعشقهم ليسوا معنا، نتألم في لحظات اشتياقنا لهم ولا‌ نستطيع لو النطق بكلمة " أنا مُشتاق"
❈-❈-❈
بالقاهرة
عندما حل المساء ، غادر المنزل وقرر أن يذهب لانتقاء باقة من الورود الحمراء وبوكس مغلف من الشكولاته الفاخرة ، كما انتقى قلادة ذهبية يتدل منها قلب صغير لكي يريدها أن تضع صورته داخل ذلك القلب ولن تنزعها من عنقها ، ثم بعد ذلك توجهًا مسرعاً لمنزلها، لكي يلتقي بها يريد أن يتحدث معها ويفتح له قلبها فهو لا يتمنى من الدنيا سواها..

بينما بفيلا السعدني.
حمل أسر صينية الطعام وذهب لغرفة نور لكي يطعمها بنفسه ويهتم بها من أجل تحسن حالتها النفسية .
طرق باب غرفتها ثم ولج لداخل وعلى محياة ابتسامته الهادئة، أقترب منها ثم جلس على طرف الفراش ووضع الصينيه على أرجله ونظر لها بحنان قائلا بحنو:
- نور لازم تأكلي عشان صحتك وصحة البيبي ، حرام تجوعي ابننا
أنهى كلماته وهو يبتسم لها لتحدجة بنظراتها الحادة وهتفت قائلة:
- الاهتمام دة عشاني ولا عشان أبنك وبس
أخرج تنهيدة عميقة وتطلع لعيناها ثم همس بصوت دافئ يملئوه المشاعر الصادقة:
- على فكرة حياتك تهمني أكتر من البيبي اللي لسه في علم الغيب ، أنا مش روبرت بلا مشاعر ، أنا عندي قلب وبعرف أحـ س بغيري، صدقيني يا نور أنتي تهميني جدا ، مش عشان علاقتنا كأتنين متجـ وزين فشلنا أننا نحافظ عليها يبقى مابقتيش تهميني ولا تخصيني، المهم دلوقتي لازم تفكري في صحتك وبس وماتشغليش بالك باي تفكير ، وأن كان على وضع الجنين أن شاء الله خير وكلها أرادة ربنا ولازم نرضا بيها
هزت راسها نافية وقالت:
- بس أنا مش هقدر أتحمل يكون ليه ابن أو بنت أشوفها بتتعذب قدامي ، أسر انت اكتر حد هيفهم المشاعر دي، البيبي ده لازم ينزل لازم
ابتعد عنها بغضب ووضع الطعام جانبها أعلى الكومود ثم هم بأن يغادر الغرفة لولا أنها بترت كلماتها الأخيرة جلعته يتسمر مكانه
- أسر في سر لازم تعرفه
دار وجـ هه ونظر إليها بعدم فهم لتهتف هي قائلة بثبات:
- ما سالتش نفسك الطفل ده منك ولا لأ
اتسعت بؤبؤة عيناه بصدمة واكفهرت ملامح وجـ هه لتعود قائلة على مسامعه:
- الحقيقة أن مش قادرة أحـ س بالذنب أكتر من كدة، مش هقدر أخدعك انت ماتستهلش مننا كده ، البيبي لازم ينزل عشان مش ابنك انت يا أسر
اقترب بخطواته كالفهد الذي ينقص على فريسته وأمـ سك بذراعيها يهزهما بقوة وهو يتسأل بصوت غاضب وأنفاسة تلهث بصعوبه كأنه داخل كابوس يريد أن يفيق منه:
- أنتي اتجننتي؟ أنتي سامعه نفسك بتقولي أيه؟
إجابته ببرود:
- لا مش جنان دي للاسف الحقيقة المرة
نظر لاحشائها مكان طفله ثم رفع أنظاره بغضب يرمقها بنظراته وخرج صوته خافت منكسر أثر صدمته:
- لو مش أبني يبق أبن مين؟
ابتسمت بمكر وهدرت قائلة:
- أبن سليم أخوك ...
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي