الفصل الرابع كوابيس
تزينت المملكة فبدت في أبهى صورة، أصبحت شوارع المملكة ومنازلها في غاية الجمال، كل فرد من أفرادها يسعى لأن يكون منزله الأجمل من حيث الزينة وألوان الطلاء، الجميع ينتظر عيد النيروز وهو العيد الرسمي لمملكة النيروز.
إستيقظت الملكة شفق اتجهت إلى شرفتها ثم وقفت تشاهد المناظر الجميلة التي بدت عليها المملكة.
شعرت الملكة بسعادة كبيرة لما رأته من جمال المنظر، فأسرعت إلى الملك سليمان وهللت كالأطفال قائلة:
—مولاي الملك سليمان أدامك الله وأطال عمرك ما أحلى المنظر، فالمملكة تبدو في أبهي وأجمل مما كانت عليه.
ابتسم الملك سليمان وعلق قائلًا:
—كل عام وأنتِ بخير يا شفق عيد النيروز لم يبقى عليه سوى يومان والجميع قد استعد لذلك.
ابتسمت الملكة شفق وعلقت قائلة:
–عيدكم سعيد يا مولاي الملك المبجل.
أسرعت الملكة للإشراف على تزين القصر والإستعداد لإستقبال عيد النيروز العيد الرسمي لمملكة النيروز.
إستيقظ الأمير عز الدين فهو لا يعلم أن العيد الرسمي للمملكة قد إقترب، وقف في شرفته وإذ به يقف متعجبًا يتسائل:
— ما الذي أراه؟ المملكة وكأنها عروس تتزين لعريسها ما هذا الجمال؟! لم أرى مثل هذه التحضيرات إلا في عيد النيروز، عيد النيروز هل إقترب الموعد؟! رباه أصبحت لا أدري بما يحدث حولي، ولم أعد أميز بين الأيام وبعضها ترى في أي يوم أنا بل في أي شهر؟!
وقف الأمير عز الدين يتسائل وصُدم عندما إكتشف أنه أصبح منفصلًا عما حوله لا يدري في أي شهر هو ولا في أي يوم وربما لايدري في أي سنة.
شعر الأمير بحركة خارج الجناح الخاص به، فقد كان في الفترة الماضية لا يعبأ بما يحدث خارج الجناح الخاص به، أما الأن فهو يحاول أن يكتشف سبب تزين المملكة، يخشى أن تأتي والدته وتسأله عن اليوم فربما تكون هناك مناسبة غير عيد النيروز.
أسرع الأمير عز الدين إلى باب الغرقة وقام بفتحه فإذا ببعض عمال القصر يقومون بتزين الممرات الخاصة بالقصر وزيادة الإضاءة الخاصة بها، نظر إلى هؤلاء العمال وعلق قائلًا:
—أنتم، ماذا تفعلون هنا؟
إبتسم أحد العمال وأسرع بإجابته قائلًا:
—مولاي الأمير كل عام وأنت بخير فعيد النيروز لم يبقى عليه سوى يومين؛ لذلك فنحن نقوم بتزين القصر.
ابتسم الأمير عز الدين وعلق قائلًا:
—كنت أعلم أن العيد الرسمي للمملكة لم يبقى عليه سوي يومين ولكنني عندما شعرت بحركة بالخارج أردت أن أتأكد وأعرف ما الذي تفعلوه، باشروا أعمالكم كل عام وانتم بخير.
دلف الأمير عز الدين إلى داخل غرفته، جلس والإبتسامة على وجهه ثم يحدث نفسه قائلًا:
—ها قد عرفت سبب تزين المملكة ولن تحزن الملكة شفق عندما تسألني واخبرها إنني لا أعلم، بل سأبادرها بالحديث حتى تعرف إنني لم اعد منفصلاً عن الحياة كما تقول دائماً.
وقف الأمير في الشرفة يتأمل منظر المملكة الرائع ويبتسم فيراه أحد العاملين بالقصر يشير إليه، لم يلاحظه الأمير ولكنه فؤجيء بعد قليل بالعديد من العمال الذين لم يشاهدوا الأمير عز الدين منذ فترة طويلة يقفون بحديقة القصر ويحتشدون ويهللون قائلون:
—إنه الأمير عزالدين الدين ولي العهد مرحبًا بك يا مولاي.
نظر الأمير عزالدين لأسفل ليتفاجيء بهذه الحشود، فتدخل السعادة إلى قلبه فهذه الحشود لم يعمل أحد على حشدها ولا إلقانها ما تقوله، ولكن الذي حشدها هو محبتها للأمير عزالدين، ابتسم الأمير وأشار لهم بيده تحيةً لهم.
سمع الملك سليمان صوت هذه الحشود فظن أن هناك حشود بالخارج تريد بعض المطالب منه فأسرع إلى الوزير حمدان وحدثه قائلًا:
— أيها الوزير حمدان ما الذي يجري بالخارج؟!
علت الابتسامة وجه الوزير حمدان وعلق قائلًا:
—مولاي هناك بعض الحشود التي إحتشدت بحديقة القصر عندما.....
وهنا يقاطع الملك سليمان وزيره ويقول:
—حشود بحديقة القصر حمدان، كيف دلفت هذه الحشود إلى حديقة القصر؟!
ابتسم الوزير حمدان وعلق قائلًا:
—مولاي هذه الحشود ليست من خارج القصر؛ فالعمال الذين يقومون بتزين القصر والحديقة الخاصة به ما إن رأوا مولاي الأمير عزالدين واقفًا بشرفة القصر، حتى إحتشدوا من تلقاء أنفسهم محبةً لأميرهم وابن ملكهم واخذوا يهللون ويرحبون به.
ابتسم الملك سليمان وعلق قائلًا:
— كنت أتمنى لو أن الأمير عزالدين يعي ما عليه عمله ولا ينفصل عن الواقع الذي حوله هكذا، ولكن الذنب لم يكن ذنبه مطلقًا؛ إنما الملكة شفق بخوفها الزائد عليه قامت بإبعاده عن كل ما حوله، حتى إعتاد الوحدة.
الوزير حمدان يعلق قائلاً:
— مولاي الملك لابد أن تقترب اكثر من الأمير عزالدين وتطلب منه أن يعاونك في شئون المملكة، إنني أرى أن ذلك هو السبيل الوحيد لإخراج الأمير من حالة الإكتئاب والعزلة التي يعيشها.
فكر الملك سليمان فيما قاله له الوزير حمدان وحدث نفسه قائلاً:
_سأفعل ما أشار به الوزير حمدان فربما مشاركة الأمير عزالدين في شئون الحكم يجعله يخرج من عزلته ويصبح شخصًا طبيعيًا.
لازال الأمير قابع في جناحه يعيش بين ثنايا الكتب، يدخل بين شخصياتها ويعيش داخل أساطيرها يستمتع بذلك ويجده عالمه الخاص به، مر الكثير من الوقت إنتبه الأمير إلى شيئًا هامًا فالملكة شفق لم تمر عليه اليوم كعادتها، تعجب الأمير عزالدين وشعر أن هناك شيء حدث منع والدته من المجيء إليه.
أسرع الأمير بالذهاب إلى الجناح الملكي وطرق الباب، فإذا بإحدى الوصيفات تفتح له باب الجناح فسألها قائلاً:
— أين مولاتي الملكة شفق؟
الوصيفة تخبره قائلة:
—الملكة شفق مريضة منذ عدة أيام لا تفارق سريرها.
الأمير عزالدين وقد صدمه ما أخبرته به هذه الوصيفة، حدث نفسه قائلاً:
—كيف تكون أمي مريضة ولم أعرف لقد أخبرتني الوصيفة أنها لم تفارق فراشها منذ عدة أيام كيف لم أشعر بذلك ولم أنتبه لعدم حضورها إلي طوال هذه الأيام؟!
أسرع الأمير بالدلوف إلى والدته الملكة ليطمئن عليها ، نظرت الملكة شفق فإذا بها ترى ابنها الأمير عزالدين يدخل عليها، لم تستطيع النهوض من فراشها فلم تعد تقوى على الوقوف؛ وذلك بسبب قلة النوم الذي تعاني منه منذ أيام.
أسرع الأمير معانقًا لأمه قائلاً:
— حبيبتي كيف تكوني مريضة إلى هذا الحد ولا أعلم ولم يخبرني أحد بذلك؟
ابتسمت الملكة وعلقت قائلة:
—لم تعرف لأنك لم تسأل عن غيابي ولم تشعر به، ولكن فاللحظة التي شعرت فيها بغيابي أسرعت بالسؤال عني وعرفت إنني مريضة.
أمسك الأمير عزالدين بيد والدته الملكة وقام بتقبيلها ثم حدثها قائلاً:
— أمي أريد منكِ أن تسامحيني على تقصيري معك، ولكن هل يمكنني أن أعرف السبب وراء مرضك هذا؟
الملكة شفق تخبره قائلة:
— ابني لم أعد أستطيع النوم، فما إن تغفل عيناي حتى تراودني الكوابيس والأحلام المزعجة فأستيقظ على الفور.
نظر الأمير عزالدين إلى والدته وعلق قائلاً:
— لابد أن نعالج السبب وراء هذه الكوابيس، سأستدعي الطبيب على الفور.
أسرعت الملكة شفق وعلقت قائلة:
— قمت بإستدعاء الطبيب ولكنه لم يجد دوائي عنده.
جلس الأمير عزالدين يضع يده فوق رأس أمه الملكة وظل يقرأ أيات من الذكر الحكيم حتى ذهبت الملكة في ثبات عميق.
ظل الأمير على هذه الحالة واضعًا يده على رأس أمه لا يكف عن قراءة القرآن، مرت الساعات والساعات وشعر الأمير عزالدين بالتعب ولم يشعر بنفسه حتى راح هو الٱخر في نومٍ عميق بجوار والدته الملكة شفق.
تعجبت الوصيفات فالأمير قد طال وجوده في غرفة الملكة عكس المعتاد.
دلفت الوصيفة المقربة إلى غرفة الملكة لتتفقد الأمر فوجدت الأمير غارقًا في نومه والملكة كذلك، فتسللت بدون أن يشعر بها أحد وقامت بتغطية الملكة وابنها الأمير عزالدين وخرجت على الفور تزف إليهم البشرة وتقول:
— الملكة نائمة لم أراها على هذه الحال منذ عدة أيام أتمنى أن تعود العافية إلى جسدها عندما تستيقظ من نومها.
نظرت إليها إحدى الوصيفات قائلة:
— ولكن أين الأمير عزالدين فلم أراه قد خرج من غرفة الملكة؟!
ردت عليها الوصيفة المقربة للملكة وقالت:
— رأيت الأمير نائمًا بجوار والدته.
تعجبت الوصيفات فهذه هي المرة الأولى التي ينام فيها الأمير بجوار والدته.
الملكة ظلت نائمة إلى صباح اليوم التالي وبجوارها الأمير، فكلاهما قد نام نومًا هنيئًا.
إستيقظت الملكة من نومها وفوجئت بوجود ابنها الأمير عزالدين نائمًا بجوارها، إبتسمت الملكة وشعرت بالسعادة ثم اقتربت منه ووضعت قبلة حانية على جبينه.
إستيقظ الأمير ونظر إلى الملكة شفق ثم أسرع بالنهوض إحترامًا لأمه وعلق قائلًا:
— كيف حالك الآن يا حبيبتي؟
جلست الملكة بجوار ابنها الأمير عزالدين وعلقت قائلة:
—هل يمكنني أن أعرف ماذا فعلت لكي أنام وأسترد صحتي يا عزالدين؟!
ابتسم الأمير عز الدين وعلق قائلًا:
—كل ما فعلته وهو إنني حاربت الكوابيس والأحلام المزعجة التي سببت لكي الأرق بكلمات الله عز وجل، فنمتي نومًا هادئًا هنيئًا.
ابتسمت الملكة شفق وعلقت قائلة:
—ما أروعك من ابن بار تجلس بجواري طوال الليل إلى أن يجهدك التعب فيغلبك النوم بجواري، لا يسعني يا بني إلا أن أقول لقد فعلت ما عجز عنه الأطباء.
الأمير عزالدين يعلق قائلًا:
—أمي هل حقًا أصبحتي بخير؟
الملكة شفق تعلق وتقول:
—أجل يا بني لقد تعافيت وأصبحت بخير والفضل لك في ذلك.
الأمير عزالدين يطلب الإذن من والدته للذهاب لغرفته فتخبره قائلة:
— بني لن تنصرف قبل أن تتناول فطورك معي.
ابتسم الأمير عز الدين وعلق قائلًا:
—حسنًا أمي سأتناول إفطاري معك يا حبيبتي كما تودين.
الملك يعود الملكة للإطمئنان عليها فيجدها تتناول فطورها مع الأمير عزالدين الذي ما إن رأى والده حتى وقف إحترامًا وتقديرًا له فيبتسم الملك ويعلق قائلًا:
— يبدو أن صحة الملكة لا تكون بخير إلا بوجود الأمير عزالدين بجوارها.
إبتسمت الملكة شفق وقصت للملك ما فعله الأمير عزالدين معها وجلوسه بجوارها طوال الليل يقرأ لها أيات قرآنية حتى غلبه النوم.
ابتسم الملك سليمان وعلق قائلًا:
—أريدك كما ساعدت والدتك على النوم أن تساعدني في إدارة شئون البلاد فما رأيك يا بني؟
ابتسم الأمير عزالدين وتحدث قائلًا:
— مولاي الملك سليمان اطال الله في عمرك ليس لدي أي خبرة عن إدارة شئون البلاد، فلتجد من هو أحق مني ليساعدك.
الملك يخبره قائلًا:
— لا أريد من لديه خبرة فيطمع في حكم البلاد، ولكنني أريد ابني وولي عهدي أن يكون بجواري يشاركني في الحكم حتى يكتسب خبرة فيصبح الأمر سهلًا عليه فيما بعد.
لم يجد الأمير أمامه من سبيل غير الموافقة على طلب والده الملك سليمان، وما إن أبدى الأمير موافقته حتى شعرت الملكة بالسعادة وشعر الملك بالإرتياح والتفائل.
إستأذن الأمير وغادر الجناح الملكي متوجهًا إلى غرفته وقبل أن يغادر أخبره والده الملك سليمان قائلًا:
— سأنتظرك من الغد فلا تتخلف عن مجلسي أيها الأمير، فلم يمضي سوى يومًا واحدًا على العيد الرسمي للمملكة.
ابتسم الأمير عزالدين وعلق قائلًا:
—أعلم يا مولاي الملك كل عام وأنتم بخير.
غادر الأمير عزالدين وعاد إلى غرفته، بينما جلس الملك يتحدث إلى زوجته الملكة شفق قائلًا:
—لقد أشار علي الوزير حمدان بذلك حتى يبتعد الأمير عزالدين عن حالة العزلة التي يعيشها منذ فترة كبيرة.
ابتسمت الملكة شفق وعلقت قائلة:
—أتمنى أن يحفظ الله ابني الأمير وأن يبعد عنه كيد الكائدين.
أبناء الأمير منصور يتحدثون مع الحارس المكلف بحراسة الأمير منصور فيقوم الأمير حسام الدين بسؤاله قائلًا:
— متى يكون أنسب وقت لتهريب الأمير منصور والدي من سجنه؟
الحارس يخبره قائلًا:
—أنسب وقت هو بعد غد.
نظر الأمير حسام الدين بتعجب وعلق قائلًا:
—ولكن بعد الغد هو العيد الرسمي للمملكة عيدالنيروز.
يعلق ألحارس قائلًا:
—ولذلك اخبرتكم أنه أنسب وقت لتهريب الأمير منصور والجميع مشغول بالملك والإحتفالات التي ستقام.
أتفق أبناء الأمير منصور مع الحارس على الموعد الذي سيتم فيه تهريب الأمير منصور من سجنه.
وما إن غادر الحارس حتى جلس أبناء الأمير منصور يتحدثون ويخططون للإنتقام من الأمير عزالدين والقضاء عليه، فيخبرهم حسام الدين الأخ الأكبر لهم ويقول:
—ما رأيكم أن نقوم بالتخلص من الأمير عزالدين أثناء وجوده خارج قصر النيروز للإحتفال مع الشعب بعيد النيروز؟ وما إن نتخلص منه حتى نسرع بتهريب والدي الأمير منصور والجميع منشغولون بمقتل الأمير.
وافق بقية الأخوة على رأي أخيهم الأمير حسام الدين.
الملك يتحدث مع وزيره بشأن التحضيرات والإحتفالات الخاصة بعيد النيروز، ينضم إليهم الأمير عزالدين ويقترح على الملك ان يقوم فهذا اليوم بالإفراج عن سجناء الرأي بالمملكة وأن يتم فتح صفحة جديدة معهم ومن ضمن هؤلاء الأمير منصور.
فكر الملك قليلًا ثم تحدث قائلًا:
—هذا أول طلب تطلبه مني أيها الأمير وسوف انفذ ما طلبته على الفور، برغم أنني لم أُلقي القبض عليهم إلا لما فعلوه من زعزعة لأمن المملكة ومنهم من تآمر على قتلك يا بني كعمك الأمير منصور الذي يتمنى هو وأبنائه التخلص منا حتى ينفرد بحكم المملكة.
ابتسم الأمير عزالدين وعلق قائلًا:
— مولاي الأمير "خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين".
فربما بعفوك عنهم ينصلح حالهم.
أوما الملك براسه وعلق قائلًا:
—حسنًا يا ليكن ما طلبت.
ثم يأمر الملك وزيره بتنفيذ أوامر الأمير عزالدين ولي عهد المملكة.
وفي المساء إفترشت المملكة شفق لفراشها وإستعدت لإستقبال النوم لتغمض عينيها بهدوء تتمنى لو تستطيع النوم بدون أحلا م تزعج منامها، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن.
ما إن اغمضت الملكة عينيها وراحت في ثبات عميق حتى راودتها الاحلام لتأتي إليها العرافة العجوز وتخبرها قائلة:
—أيتها الملكة إن لم تعطي الأمير عزالدين الكتاب اليوم فلا تلومين إلا نفسك فستكون هذه هي ليلته الأخيرة في هذه الحياة.
تحاول الملكة التحدث إلى العرافة العجوز وتخبرها قائلة:
—أيتها العجوز لقد فقدت الكتاب.
نظرت إليها العجوز وتحدثت إليها في غضب قائلة:
—بفقدك الكتاب تكوني قد فقدتي ابنك إذن فهذه ليلة الأمير الأخيرة في هذه الحياة لقد اضعتي ابنك من يدك، لقد أضعتي ابنك من يدك.
واخذت العرافة العجوز تردد هذه الجملة" لقد اضعتي ابنك من يدك"حتى إستيقظت الملكة شفق في فزع وأخذت تبكي وتصرخ وتقول:
—لا يمكن أن أسمح لأبني أن يضيع من بين يدي.
إستيقظت الملكة شفق اتجهت إلى شرفتها ثم وقفت تشاهد المناظر الجميلة التي بدت عليها المملكة.
شعرت الملكة بسعادة كبيرة لما رأته من جمال المنظر، فأسرعت إلى الملك سليمان وهللت كالأطفال قائلة:
—مولاي الملك سليمان أدامك الله وأطال عمرك ما أحلى المنظر، فالمملكة تبدو في أبهي وأجمل مما كانت عليه.
ابتسم الملك سليمان وعلق قائلًا:
—كل عام وأنتِ بخير يا شفق عيد النيروز لم يبقى عليه سوى يومان والجميع قد استعد لذلك.
ابتسمت الملكة شفق وعلقت قائلة:
–عيدكم سعيد يا مولاي الملك المبجل.
أسرعت الملكة للإشراف على تزين القصر والإستعداد لإستقبال عيد النيروز العيد الرسمي لمملكة النيروز.
إستيقظ الأمير عز الدين فهو لا يعلم أن العيد الرسمي للمملكة قد إقترب، وقف في شرفته وإذ به يقف متعجبًا يتسائل:
— ما الذي أراه؟ المملكة وكأنها عروس تتزين لعريسها ما هذا الجمال؟! لم أرى مثل هذه التحضيرات إلا في عيد النيروز، عيد النيروز هل إقترب الموعد؟! رباه أصبحت لا أدري بما يحدث حولي، ولم أعد أميز بين الأيام وبعضها ترى في أي يوم أنا بل في أي شهر؟!
وقف الأمير عز الدين يتسائل وصُدم عندما إكتشف أنه أصبح منفصلًا عما حوله لا يدري في أي شهر هو ولا في أي يوم وربما لايدري في أي سنة.
شعر الأمير بحركة خارج الجناح الخاص به، فقد كان في الفترة الماضية لا يعبأ بما يحدث خارج الجناح الخاص به، أما الأن فهو يحاول أن يكتشف سبب تزين المملكة، يخشى أن تأتي والدته وتسأله عن اليوم فربما تكون هناك مناسبة غير عيد النيروز.
أسرع الأمير عز الدين إلى باب الغرقة وقام بفتحه فإذا ببعض عمال القصر يقومون بتزين الممرات الخاصة بالقصر وزيادة الإضاءة الخاصة بها، نظر إلى هؤلاء العمال وعلق قائلًا:
—أنتم، ماذا تفعلون هنا؟
إبتسم أحد العمال وأسرع بإجابته قائلًا:
—مولاي الأمير كل عام وأنت بخير فعيد النيروز لم يبقى عليه سوى يومين؛ لذلك فنحن نقوم بتزين القصر.
ابتسم الأمير عز الدين وعلق قائلًا:
—كنت أعلم أن العيد الرسمي للمملكة لم يبقى عليه سوي يومين ولكنني عندما شعرت بحركة بالخارج أردت أن أتأكد وأعرف ما الذي تفعلوه، باشروا أعمالكم كل عام وانتم بخير.
دلف الأمير عز الدين إلى داخل غرفته، جلس والإبتسامة على وجهه ثم يحدث نفسه قائلًا:
—ها قد عرفت سبب تزين المملكة ولن تحزن الملكة شفق عندما تسألني واخبرها إنني لا أعلم، بل سأبادرها بالحديث حتى تعرف إنني لم اعد منفصلاً عن الحياة كما تقول دائماً.
وقف الأمير في الشرفة يتأمل منظر المملكة الرائع ويبتسم فيراه أحد العاملين بالقصر يشير إليه، لم يلاحظه الأمير ولكنه فؤجيء بعد قليل بالعديد من العمال الذين لم يشاهدوا الأمير عز الدين منذ فترة طويلة يقفون بحديقة القصر ويحتشدون ويهللون قائلون:
—إنه الأمير عزالدين الدين ولي العهد مرحبًا بك يا مولاي.
نظر الأمير عزالدين لأسفل ليتفاجيء بهذه الحشود، فتدخل السعادة إلى قلبه فهذه الحشود لم يعمل أحد على حشدها ولا إلقانها ما تقوله، ولكن الذي حشدها هو محبتها للأمير عزالدين، ابتسم الأمير وأشار لهم بيده تحيةً لهم.
سمع الملك سليمان صوت هذه الحشود فظن أن هناك حشود بالخارج تريد بعض المطالب منه فأسرع إلى الوزير حمدان وحدثه قائلًا:
— أيها الوزير حمدان ما الذي يجري بالخارج؟!
علت الابتسامة وجه الوزير حمدان وعلق قائلًا:
—مولاي هناك بعض الحشود التي إحتشدت بحديقة القصر عندما.....
وهنا يقاطع الملك سليمان وزيره ويقول:
—حشود بحديقة القصر حمدان، كيف دلفت هذه الحشود إلى حديقة القصر؟!
ابتسم الوزير حمدان وعلق قائلًا:
—مولاي هذه الحشود ليست من خارج القصر؛ فالعمال الذين يقومون بتزين القصر والحديقة الخاصة به ما إن رأوا مولاي الأمير عزالدين واقفًا بشرفة القصر، حتى إحتشدوا من تلقاء أنفسهم محبةً لأميرهم وابن ملكهم واخذوا يهللون ويرحبون به.
ابتسم الملك سليمان وعلق قائلًا:
— كنت أتمنى لو أن الأمير عزالدين يعي ما عليه عمله ولا ينفصل عن الواقع الذي حوله هكذا، ولكن الذنب لم يكن ذنبه مطلقًا؛ إنما الملكة شفق بخوفها الزائد عليه قامت بإبعاده عن كل ما حوله، حتى إعتاد الوحدة.
الوزير حمدان يعلق قائلاً:
— مولاي الملك لابد أن تقترب اكثر من الأمير عزالدين وتطلب منه أن يعاونك في شئون المملكة، إنني أرى أن ذلك هو السبيل الوحيد لإخراج الأمير من حالة الإكتئاب والعزلة التي يعيشها.
فكر الملك سليمان فيما قاله له الوزير حمدان وحدث نفسه قائلاً:
_سأفعل ما أشار به الوزير حمدان فربما مشاركة الأمير عزالدين في شئون الحكم يجعله يخرج من عزلته ويصبح شخصًا طبيعيًا.
لازال الأمير قابع في جناحه يعيش بين ثنايا الكتب، يدخل بين شخصياتها ويعيش داخل أساطيرها يستمتع بذلك ويجده عالمه الخاص به، مر الكثير من الوقت إنتبه الأمير إلى شيئًا هامًا فالملكة شفق لم تمر عليه اليوم كعادتها، تعجب الأمير عزالدين وشعر أن هناك شيء حدث منع والدته من المجيء إليه.
أسرع الأمير بالذهاب إلى الجناح الملكي وطرق الباب، فإذا بإحدى الوصيفات تفتح له باب الجناح فسألها قائلاً:
— أين مولاتي الملكة شفق؟
الوصيفة تخبره قائلة:
—الملكة شفق مريضة منذ عدة أيام لا تفارق سريرها.
الأمير عزالدين وقد صدمه ما أخبرته به هذه الوصيفة، حدث نفسه قائلاً:
—كيف تكون أمي مريضة ولم أعرف لقد أخبرتني الوصيفة أنها لم تفارق فراشها منذ عدة أيام كيف لم أشعر بذلك ولم أنتبه لعدم حضورها إلي طوال هذه الأيام؟!
أسرع الأمير بالدلوف إلى والدته الملكة ليطمئن عليها ، نظرت الملكة شفق فإذا بها ترى ابنها الأمير عزالدين يدخل عليها، لم تستطيع النهوض من فراشها فلم تعد تقوى على الوقوف؛ وذلك بسبب قلة النوم الذي تعاني منه منذ أيام.
أسرع الأمير معانقًا لأمه قائلاً:
— حبيبتي كيف تكوني مريضة إلى هذا الحد ولا أعلم ولم يخبرني أحد بذلك؟
ابتسمت الملكة وعلقت قائلة:
—لم تعرف لأنك لم تسأل عن غيابي ولم تشعر به، ولكن فاللحظة التي شعرت فيها بغيابي أسرعت بالسؤال عني وعرفت إنني مريضة.
أمسك الأمير عزالدين بيد والدته الملكة وقام بتقبيلها ثم حدثها قائلاً:
— أمي أريد منكِ أن تسامحيني على تقصيري معك، ولكن هل يمكنني أن أعرف السبب وراء مرضك هذا؟
الملكة شفق تخبره قائلة:
— ابني لم أعد أستطيع النوم، فما إن تغفل عيناي حتى تراودني الكوابيس والأحلام المزعجة فأستيقظ على الفور.
نظر الأمير عزالدين إلى والدته وعلق قائلاً:
— لابد أن نعالج السبب وراء هذه الكوابيس، سأستدعي الطبيب على الفور.
أسرعت الملكة شفق وعلقت قائلة:
— قمت بإستدعاء الطبيب ولكنه لم يجد دوائي عنده.
جلس الأمير عزالدين يضع يده فوق رأس أمه الملكة وظل يقرأ أيات من الذكر الحكيم حتى ذهبت الملكة في ثبات عميق.
ظل الأمير على هذه الحالة واضعًا يده على رأس أمه لا يكف عن قراءة القرآن، مرت الساعات والساعات وشعر الأمير عزالدين بالتعب ولم يشعر بنفسه حتى راح هو الٱخر في نومٍ عميق بجوار والدته الملكة شفق.
تعجبت الوصيفات فالأمير قد طال وجوده في غرفة الملكة عكس المعتاد.
دلفت الوصيفة المقربة إلى غرفة الملكة لتتفقد الأمر فوجدت الأمير غارقًا في نومه والملكة كذلك، فتسللت بدون أن يشعر بها أحد وقامت بتغطية الملكة وابنها الأمير عزالدين وخرجت على الفور تزف إليهم البشرة وتقول:
— الملكة نائمة لم أراها على هذه الحال منذ عدة أيام أتمنى أن تعود العافية إلى جسدها عندما تستيقظ من نومها.
نظرت إليها إحدى الوصيفات قائلة:
— ولكن أين الأمير عزالدين فلم أراه قد خرج من غرفة الملكة؟!
ردت عليها الوصيفة المقربة للملكة وقالت:
— رأيت الأمير نائمًا بجوار والدته.
تعجبت الوصيفات فهذه هي المرة الأولى التي ينام فيها الأمير بجوار والدته.
الملكة ظلت نائمة إلى صباح اليوم التالي وبجوارها الأمير، فكلاهما قد نام نومًا هنيئًا.
إستيقظت الملكة من نومها وفوجئت بوجود ابنها الأمير عزالدين نائمًا بجوارها، إبتسمت الملكة وشعرت بالسعادة ثم اقتربت منه ووضعت قبلة حانية على جبينه.
إستيقظ الأمير ونظر إلى الملكة شفق ثم أسرع بالنهوض إحترامًا لأمه وعلق قائلًا:
— كيف حالك الآن يا حبيبتي؟
جلست الملكة بجوار ابنها الأمير عزالدين وعلقت قائلة:
—هل يمكنني أن أعرف ماذا فعلت لكي أنام وأسترد صحتي يا عزالدين؟!
ابتسم الأمير عز الدين وعلق قائلًا:
—كل ما فعلته وهو إنني حاربت الكوابيس والأحلام المزعجة التي سببت لكي الأرق بكلمات الله عز وجل، فنمتي نومًا هادئًا هنيئًا.
ابتسمت الملكة شفق وعلقت قائلة:
—ما أروعك من ابن بار تجلس بجواري طوال الليل إلى أن يجهدك التعب فيغلبك النوم بجواري، لا يسعني يا بني إلا أن أقول لقد فعلت ما عجز عنه الأطباء.
الأمير عزالدين يعلق قائلًا:
—أمي هل حقًا أصبحتي بخير؟
الملكة شفق تعلق وتقول:
—أجل يا بني لقد تعافيت وأصبحت بخير والفضل لك في ذلك.
الأمير عزالدين يطلب الإذن من والدته للذهاب لغرفته فتخبره قائلة:
— بني لن تنصرف قبل أن تتناول فطورك معي.
ابتسم الأمير عز الدين وعلق قائلًا:
—حسنًا أمي سأتناول إفطاري معك يا حبيبتي كما تودين.
الملك يعود الملكة للإطمئنان عليها فيجدها تتناول فطورها مع الأمير عزالدين الذي ما إن رأى والده حتى وقف إحترامًا وتقديرًا له فيبتسم الملك ويعلق قائلًا:
— يبدو أن صحة الملكة لا تكون بخير إلا بوجود الأمير عزالدين بجوارها.
إبتسمت الملكة شفق وقصت للملك ما فعله الأمير عزالدين معها وجلوسه بجوارها طوال الليل يقرأ لها أيات قرآنية حتى غلبه النوم.
ابتسم الملك سليمان وعلق قائلًا:
—أريدك كما ساعدت والدتك على النوم أن تساعدني في إدارة شئون البلاد فما رأيك يا بني؟
ابتسم الأمير عزالدين وتحدث قائلًا:
— مولاي الملك سليمان اطال الله في عمرك ليس لدي أي خبرة عن إدارة شئون البلاد، فلتجد من هو أحق مني ليساعدك.
الملك يخبره قائلًا:
— لا أريد من لديه خبرة فيطمع في حكم البلاد، ولكنني أريد ابني وولي عهدي أن يكون بجواري يشاركني في الحكم حتى يكتسب خبرة فيصبح الأمر سهلًا عليه فيما بعد.
لم يجد الأمير أمامه من سبيل غير الموافقة على طلب والده الملك سليمان، وما إن أبدى الأمير موافقته حتى شعرت الملكة بالسعادة وشعر الملك بالإرتياح والتفائل.
إستأذن الأمير وغادر الجناح الملكي متوجهًا إلى غرفته وقبل أن يغادر أخبره والده الملك سليمان قائلًا:
— سأنتظرك من الغد فلا تتخلف عن مجلسي أيها الأمير، فلم يمضي سوى يومًا واحدًا على العيد الرسمي للمملكة.
ابتسم الأمير عزالدين وعلق قائلًا:
—أعلم يا مولاي الملك كل عام وأنتم بخير.
غادر الأمير عزالدين وعاد إلى غرفته، بينما جلس الملك يتحدث إلى زوجته الملكة شفق قائلًا:
—لقد أشار علي الوزير حمدان بذلك حتى يبتعد الأمير عزالدين عن حالة العزلة التي يعيشها منذ فترة كبيرة.
ابتسمت الملكة شفق وعلقت قائلة:
—أتمنى أن يحفظ الله ابني الأمير وأن يبعد عنه كيد الكائدين.
أبناء الأمير منصور يتحدثون مع الحارس المكلف بحراسة الأمير منصور فيقوم الأمير حسام الدين بسؤاله قائلًا:
— متى يكون أنسب وقت لتهريب الأمير منصور والدي من سجنه؟
الحارس يخبره قائلًا:
—أنسب وقت هو بعد غد.
نظر الأمير حسام الدين بتعجب وعلق قائلًا:
—ولكن بعد الغد هو العيد الرسمي للمملكة عيدالنيروز.
يعلق ألحارس قائلًا:
—ولذلك اخبرتكم أنه أنسب وقت لتهريب الأمير منصور والجميع مشغول بالملك والإحتفالات التي ستقام.
أتفق أبناء الأمير منصور مع الحارس على الموعد الذي سيتم فيه تهريب الأمير منصور من سجنه.
وما إن غادر الحارس حتى جلس أبناء الأمير منصور يتحدثون ويخططون للإنتقام من الأمير عزالدين والقضاء عليه، فيخبرهم حسام الدين الأخ الأكبر لهم ويقول:
—ما رأيكم أن نقوم بالتخلص من الأمير عزالدين أثناء وجوده خارج قصر النيروز للإحتفال مع الشعب بعيد النيروز؟ وما إن نتخلص منه حتى نسرع بتهريب والدي الأمير منصور والجميع منشغولون بمقتل الأمير.
وافق بقية الأخوة على رأي أخيهم الأمير حسام الدين.
الملك يتحدث مع وزيره بشأن التحضيرات والإحتفالات الخاصة بعيد النيروز، ينضم إليهم الأمير عزالدين ويقترح على الملك ان يقوم فهذا اليوم بالإفراج عن سجناء الرأي بالمملكة وأن يتم فتح صفحة جديدة معهم ومن ضمن هؤلاء الأمير منصور.
فكر الملك قليلًا ثم تحدث قائلًا:
—هذا أول طلب تطلبه مني أيها الأمير وسوف انفذ ما طلبته على الفور، برغم أنني لم أُلقي القبض عليهم إلا لما فعلوه من زعزعة لأمن المملكة ومنهم من تآمر على قتلك يا بني كعمك الأمير منصور الذي يتمنى هو وأبنائه التخلص منا حتى ينفرد بحكم المملكة.
ابتسم الأمير عزالدين وعلق قائلًا:
— مولاي الأمير "خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين".
فربما بعفوك عنهم ينصلح حالهم.
أوما الملك براسه وعلق قائلًا:
—حسنًا يا ليكن ما طلبت.
ثم يأمر الملك وزيره بتنفيذ أوامر الأمير عزالدين ولي عهد المملكة.
وفي المساء إفترشت المملكة شفق لفراشها وإستعدت لإستقبال النوم لتغمض عينيها بهدوء تتمنى لو تستطيع النوم بدون أحلا م تزعج منامها، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن.
ما إن اغمضت الملكة عينيها وراحت في ثبات عميق حتى راودتها الاحلام لتأتي إليها العرافة العجوز وتخبرها قائلة:
—أيتها الملكة إن لم تعطي الأمير عزالدين الكتاب اليوم فلا تلومين إلا نفسك فستكون هذه هي ليلته الأخيرة في هذه الحياة.
تحاول الملكة التحدث إلى العرافة العجوز وتخبرها قائلة:
—أيتها العجوز لقد فقدت الكتاب.
نظرت إليها العجوز وتحدثت إليها في غضب قائلة:
—بفقدك الكتاب تكوني قد فقدتي ابنك إذن فهذه ليلة الأمير الأخيرة في هذه الحياة لقد اضعتي ابنك من يدك، لقد أضعتي ابنك من يدك.
واخذت العرافة العجوز تردد هذه الجملة" لقد اضعتي ابنك من يدك"حتى إستيقظت الملكة شفق في فزع وأخذت تبكي وتصرخ وتقول:
—لا يمكن أن أسمح لأبني أن يضيع من بين يدي.