2

ألكساندر.
ارحتُ جسدها المرتخي على فراشها ، استدير إلى ذلك المتبجح ، وأنا أسل خنجري من غمده ، أقترب منه بغضبٍ جم ، فتراجع دراجون إلى الخلف ، وعلى الرغم من ذلك لم يبدو عليه الخوف ، فقط المفاجأة هي ما ارتسمت بنظراته المتمعنة ، يحاول استدراك ما أنوي فعله .

استمعت إليه ، يتسائل باستياء ،
- " ألكساندر !! على رسلك أيها الألفا !! أنا بقصرك يا رجل !! منذ متى والغدر من شيمك ؟! "

- " لست منحط مثلك دراجون لأفعلها ، ولكن لا تأمن غدري " . أجبته وأنا أتقدم ببطئ مثير للأعصاب ، أوجهه إلى إحدى زوايا الغرفة التي يحتلها طاولة يعلوها كوب ماءٍ فارغ ، وقبل أن يبدر عنه ردة فعل ، باغتته بإطاحة من خنجري أحدثت جرح عميق بذراعه الأيمن ، وإذا بدماءه تتدفق بغزارة ، فالتقط الكوب على الفور ، أُنكِّسه على بؤرة الإصابة ، احتجزُ بداخله أكبر قدر من دماءه المقدس .

ترهات توالت تجري على لسان دراجون بتدافع ، وهو يرفع ذراعه الآخر قابضاً على مقدمة ثيابي ، يتمتم بغيظ ،
- " ظننتُ أن صدمتك لفكرة فقدانها قد أذهبت عقلك ، على أي حال لم تكن بحاجة لفعل ذلك ، أنا هنا كي لا نفقدها ألكس " .

زجرته بحدة ، أقول ، - " لا تتحدث بصيغة الجمع ، أنا فقط المعني بأمرها ، والآن وجودك غير مرحب به ، فلتنصرف " .

رمقني دراجون بنظرات متهكمة ، يقول بتسلية مستفزة ،
- " ما دمت لا تطيق تواجدي معها بنفس الغرفة ، لِم عاملتها بكل هذه القسوة يا صاح ؟! " .

ما يقوله صحيح ولكنني تجاهلتُ سؤاله أشير إليه بصمت تجاه باب الغرفة ، ولكنه تقدم ببطء تجاهي بعد أن أخذت الكوب وتجاوزته إلى مرقدها ، أسند جزءها العلوي إلى صدري مقرباً الكوب إلى ثغرها ، وبالرغم من غيابها التام عن الوعي إلا أنها تجرعت ما به دفعة واحدة ، بينما قال لي بسخرية ميزتها بوضوح ، - " ألن تشكرني ، ألكساندر ؟! . "

زمجرت بغضب ، وأنا أحاول التحكم في نفسي بصعوبة ، أرد عليه بجفاء ، - " نعم ، أنقذتَها من موتٍ مُحتم ، لكن هذا لا يعني أننا سننسى الماضي ونعود كأصدقاء ، لن أُنكر أنني مدين لك بكلمة شكر ولكن لا تتوقع أن يلفظها لساني . "

أردف دراجون ، يقول بنبرة ساخرة ، - " أنا لا أهتم بصداقتك ، ألكساندر . كل ما يهمني هو صوفيا . "

- " انصرف دراجون قبل أن ينشب قتال بيننا . " أمرته بحدة اتضحت بصوتي الذي علا رتمه وكذلك أوردتي التي برزت بنفور رغماً عني .

هز دراجون رأسه بيأس ، مردفاً ، - " أنت أكثر غرور مني ألكساندر . لِم لا تريد الاعتراف بصوفيا رفيقة لك ؟! ألا زالت تخجل من أصلها ؟! لو كنتُ بمثل موقفك ما فكرت للحظة قبل أن أواجه العالم من أجلها " .

قالها وهو يشيح بيده في الهواء باستنكار ، يستعد للمغادرة ، ومن ثم استدار إلي مُضيفاً ،
- " قبل أنصرافي أريد أن أعطيك نصيحة برغم العداء الذي بيننا ، حاول كسب ود صوفيا فأنت ستحتاج إليها لاحقاً أكثر مما تعتقد . "

ضيقتُ بين حاجبيَّ باستغراب ، وانا اسأله ،
- " ماذا تقصد بقولك هذا ؟ "

أضاف دراجون يقول بغموض ، - " صوفيا ليست مجرد رفيقة لك ألكساندر . إنها مفتاح مستقبلك . "

كررتُ بعدم فهم ، "مفتاح مستقبلي ؟!ما الذي تتحدث عنه ؟ "

دراجون بابتسامة سمجة ، - " لاحقاً، ستعرف ماذا أقصد لاحقاً ، إلى اللقاء . "

قالها وانصرف ، بينما تسمرتُ بمكاني أشعر بالفضول ورغبة قاتلة نمت بداخلي لأعرف ماذا يقصد بكلامه هذا !!

وبمجرد انصراف دراجون ظهرت هيلا أمامي وهي تسألني ، - " هل هي بخير الآن ؟ "

مسحت وجهي بكلتا راحتيّ ، أزفر بحدة ، وشكٍ يكاد أن يكون يقين يراودني بأنها من حاولت الخلاص من صوفيا لقد رأيتها تتابع من بعيد نتيجة فعلتها ، حتماً إنها الفاعلة فما مصلحة إڤان في موت صوفيا ؟! ولكن لابد وأن أتأكد .

هدرت فيها ، أقول بتقززٍ ، - " لا أريد رؤيتكِ الآن أمامي ، اذهبي إلى غرفتكِ . "

ردت علي بغضب ، - " لا تنسى ألفا ، أنا زوجتك واللونا الشرعية للقطيع . أنا لن أخونك أبداً ، ولن أعبث مع رجل غيرك ، بعكسها . "

ألقت قنبلتها واستدارت مبتعدة ، في طرفة عين كنت خلفها مباشرةً ، ألوي ذراعها الأيمن خلف ظهرها ، أقترب إلى أذنها ، أحدثها بفحيحٍ ،
- " سأقطع عنقكِ هيلا إذا لم تتوقفي عن نفث سُمكِ ، احفظي لسانكِ ولا أريد سماع هذا مجدداً ، لا تنسي انها رفيقتي . "

صرخت علي بنبرة مليئة بالكراهية ،
- " لم أنسَ أبداً ، كل ثانية تمر علي أتذكر هذه الحقيقة اللعينة ، وأن هناك أنثى غيري تحتل قلبك . أنا لم أكذب بخصوص صوفيا ، وهي بالفعل تخونك مع دراجون ولدي الدليل على قولي هذا فأنا لست ظالمة مثلك .
- اذهب إليها يا رفيق القمر خاصتها ، وانظر إلى القلادة الثمينة التي تزين عنقها ، واسألها من أين لها بها . "

دفعتها بغضب تاركاً رسغها ، أدخل الى غرفة صوفيا وقلبي يبتهل في أن تكن كاذبة .

صعقتُ بصدمة جمدتني بأرضي ، عندما لمحتُ تلك القلادة التي أشارت إليها هيلا ودُهِشتُ كونها لم ترتديها سوى الليلة ، وعقلي مَحور السبب لأنها تعلم أن دراجون سيأتي إلى حفل شيكار ، بل وربما كانا على إتفاقٍ مسبق باللقاء .

القلادة التي ترتديها صوفيا حول عنقها مرسوم عليها شعار قبيلة دراجون وتخص فقط رفقاء التنانين .

رفعت صوفيا رأسها لي ، تنظر إلي بتشوش بعد ركلتي القوية لتلك الطاولة المتواجدة إلى جوار فراشها التي طارت في الهواء ، لتصطدم بسقف الغرفة ، وتناثرت أجزائها أرضاً إلى فُتات .

حاولتُ قدر المستطاع أن أرأف بحالتها ، ولكن قلبي تنهشه غيرة هوجاء ، صرختُ في وجهها أسألها ، - " من أين حصلتِ على هذه القلادة ؟! "

عقدت صوفيا حاجبيها ثم خفضت رأسها تحدق بالقلادة ، ثم أردفت بهدوء ، - " هذه القلادة أهداني إياها دراجون عندما انقذني وأخبرني بأنها رمز لصداقتنا "

اتسعت عيني بغضب بينما سمعت ذئبي يهتف بجنون ، - " ألكساندر ... اللعنة سأقتل ذلك الخبيث ، من المؤكد أنه كان يكذب عليك منذ قليل حتى لا تنكشف مخططاته بخصوصها .

- لقد وضع صوفيا بعقله فعلاً ، هو يريد أخذ رفيقتنا يريد أخذ ما هو ملكنا . "

زادت حدة أنفاسي بعد ما ألقاه ريد على مسامعي ؛ فاشتعلت  عيني بغضب جحيمي جعلني أكاد أن أفقد رجاحة عقلي ، متخلياً عن ثباتي النفسي الذي يدعوني إلى التصرف معها بعقلانية .

ثانية وأصبح وجهي على بعد إنشاً منها ،  مما جعل صوفيا تشهق بزهول وتتراجع إلى الخلف .

هتفتُ بفحيح مخيف ، - " انزعيها عنكِ الآن ، ارميها " .

هزت رأسها ، وهي تقول برفض ،
- " لا.. لن أفعل " .

شعرتُ ببركان يكاد أن ينفجر بداخلي بسبب عنادها ، فهمستُ من بين أسناني ،
- " قلت انزعيها " .

بقت ثابتة أمام نظراتي المتأججة بنيران الغضب ، ومن ثم تلفظت بما دمر القلة المتبقية من محاولاتي لضبط انفعالاتي ، إذ تمتمت تقول باندفاع ،
- " لا ، هو رفيقي . "

هذه الكلمة كانت كفيلة لتدميري بالكامل مُخرجاً همجيتي عليها .

زمجرت بقوة ، ودفعتها اعتليها مثبتاً إياها على الفراش أسفلي ، أضغط على عنقها بشراسة ، أهدر فيها بقوة ،
- "بم تهزين ؟! رفيق مَن ؟! هل فقدتِ عقلكِ " .

- " بل أقصد صديقي ألكساندر . " ، همستُ بها بصوت مختنق .

فارق المعنى بين هاتين الكلمتين في هذا العالم الغريب، مثل اختلاف الشمس والقمر. هل سيغفر الكسندر لها تلك الكلمة وهي حقاً لم تقصد المعنى الحرفي لها؟ أم سيكون هناك عقاب على ذلك؟

وسؤال يطرح نفسه وبقوة :

- ترى عهد الدم الذي بات يجري بعروق صوفيا جعلها تُعدل مصيرها وتتمرد على رفيقها ؟!

هذا ما سنعرفه ، تابعونا .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي