7
الفصل السابع
داخل المشفى
بعدما غادر المطار برفقة زو جـ ته، قاد سيارته إلى حيث المشفى الخاصة بوالده الراحل.
وبعد مرور نصف ساعة صفا سيارته أمام المشفى وترجل من سيارته وفتح الباب لكي تترجل "ميلانا" هي الأخرى، تشابكت ايـ ديهم وهم يدلفون لداخل المشفى ووقف أمام الاستقبال يتسال عن وجود زو جته في أي الغرف.
نظرت فتاة الاستقبال لشاشة الحاسوب أمامها ودقت باناملها الاسم الذي أخبرها به "أسر"
ثم عادت تنظر له واخبرته برقم الغرفة والطابق التي يوجد به نور.
شكرها أسر بامتنان وسحب كف ميلانا وسارو الي حيث المصعد ثم دلفوا لداخله وضغط زر 4 الطابق الذي يوجد به زو جته "نور"
وعندما توقف المصعد بالطابق المنشود وترجلا من داخله سار بحثا عن رقم الغرفة وعندما وجده تركت ميلانا يـ ده وشعرت بالاحراج فلا تريد أن تغضب نور بوجودها، تسمرت مكانها وقالت:
-أسر فيني اضل هون
ظل متمـ سك بيـ دها رافضًا أن تظل وحدها ونتف قائلا بحب:
-من انهاردة أيـ دك مش هتسيب أيـ دي انتي فاهمة
- وجودي هلا راح يزعل نور، بيكفي شو صار فيها من تعب
ظلت متمـ سكة باصرارها لا تريد أحزان نور وهي تقدر تلك المشاعر وفضلت ان تنتظره.
طبع قـ بلة حانية أعلى راسها ثم طرق الغرفة وولج لداخل
نهضت والدته تستقبله باحضـ انها وتبتسم له مباركة له زو اجه وتسأل عن شقيقه الذي أخبرها بأنه اوصله للمطار قبل أن يأتي لهنا، ثم تسأل هو بدوره عن حالة نور:
-نور عاملة ايه؟
تنهدت بضيق وقالت:
-والله يا بني ما عارفه، امبارح بالليل كانت عمالة تتلوي من بطنها ولم جينا على هنا الدكتور عمل اللازم بس قال تفضل تحت الملاحظة يومين، واخدت مسكن وعلقت محلول ولسه نايمه
تنهد بعمق وهو يطالعها وهي ممدة على الفراش بسكون تام وملامح وجـ هها شاحبة، لوهلة دق قلبه متلهفًا عليها واقترب منها بهدوء وجلس بالمقعد المجاور لفراشها تفرست عيناه جـ سدها وتوقفت مقليه وهي تعانق احشائها، هنا يرقد طفله، يود أحتضـ انه والشعور به، يتمنى لو يضع كفه يلامـ س طفله وهو برحم والدته، ابتسم لتلك الأمنية وبالفعل رفع كفه ووضعه برفق على احشائها، شعرت نور بملمـ س يـ ده ابتسمت داخلها بسعادة فهذا الوتر التي ستلعب عليه في الفترة القادمة.
غادرت خديجة الغرفة لكي تترك لهما مجالا للحديث فهي مازالت زو جته وتحمل باحشائها طفلا منه وهو البذرة المشتركة بينهما وستظل بينهما إلى تنتهي أعمارهم.
التقت بميلانا التي ضـ متها إليها بحب وقررت ان تأخذها لتناول الإفطار معًا بكافيتريا المشفى..
اما عن أسر فشعر بنبض خافت أسفل كفه ووجد نور تفتح عيناها بذلك الوقت، همس بمشاعر متخبطة مزيج من الفرح والتوتر والقلق معًا وقال بصوت متلهف سعيد:
-نور انا حـ سيت بنبضه كأنه حـ س بيه هو كمان
لاحت ابتسامتها وفضلت اللعب على أعصابه وهمست برقة وهي تضع كفيها أعلى كف أسر :
- بابي هنا جنبك يا حبيبي ومش هيسبنا أبدًا
ابتلع ريقه بتوتر وقال :
- ارتاحي دلوقتي وانا هشوف الدكتور عشان اطمن عليكم
ابعد كفه وهم بالسير ولكن استوقفته قائلا بصوت ناعم :
- حبيبي أنا نفسي في الكريز ممكن ادوقه
أوما براسه وهو يغادر الغرفة بحثًا عن مكتب الطبيب ليتحدث معه عن وضع زو جته وابنه..
إما هي فظلت تضحك بمكر فهذا الطفل سيجعل أسر يعود إليها وستعاود إشعال الفتيل بين الاخوه وستنجح في انتقامها..
داخل منزل فاروق بالقاهرة..
دب القلق بقلبه وظل جالسًا على سجادة الصلاه يدعو لابنته بالسعادة والتوفيق في حياتها الجديدة، وحاول تنفيض الأفكار السلبية التي تهاجم راسه بسبب قلقه عليها وعلم بأن ذلك من الشيطان يريد نزع فرحتهم بزواج غاليته وتفاحة قلبه "حياة"
أتت فريدة تجلس بجواره قائلة:
-تقبل الله يا روقه
تبسم لها بحب ورد قائلا:
- منا ومنكم يا نور عين روقه
فركت كفيها بتردد، رمقها والدها وهو يضيق جبينه ثم هتف متسألا:
- عاوزة تقولي أيه يا فريدة
-بصراحة يا بابا عاوز اطمن ان ورقي هيتقبل في جامعة القاهرة وانا لسه ماخدتش اي أجراء والسنة الدراسية الجديده باقي عليها شهرين بس
-يا بنتي انا مش ناسي طبعا حاجة مهمة زي تعليمك، أنا كلمت سراج يسال ويشوف ايه المطلوب نعمله وهو وعدني انا هيقدم ورقك بنفسه
تنهدت بارتياح بعدما علمت بان بطلها سيحل لها امر جامعتها ورقص قلبها فرحًا فسوف تلتقي به ولابد بأنها ستلفت انتباهه يومًا ما، لأنها علمت من حديث الجدة عنه بأنه شاب يُحب السهر ويفعلو ما يحلو له دون رقيب او قيود وتريد هي أن تكون ذلك القيد الذي سيقيده عن فعل تلك الأشياء المحرمة..
طرق باب مكتبه ودلف لداخل بعدما اذن له الاخير بذلك، تقدم أسر بخطوات واسعة، وقف الطبيب فؤاد يرحب به وهو يصافحه بحرارة :
-اهلا وسهلا يا أسر باشا، ده المستشفى نورت بوجودك
هتف بود:
- شكرا يا دكتور، ثم اردف متسالا عن وضع زو جته وطفله:
- عاوز اطمن على حالة المدام والجنين
أشار له بالجلوس :
- طيب اتفضل استريح، تحب تشرب ايه؟
- لا مافيش داعي للشرب، ياريت حضرتك تقولي الوضع ايه بدون ما تخبي عليه حاجة
-تحت امرك طبعا يا باشا.،ثم استرسل قائلا بتردد:
- مدام نور متوترة الفترة دي ولازمها راحة واهتمام عشان طول ما نفسيتها كويسة البيبي كمان هيكون بخير، لأن الحمل لسه في أوله وضعيف ومعرض الاجهاض لقدر الله لو مااهتمتش بالحمية الغذائية ليها والجنين والابتعاد عن التوتر والعصبية والأفعال
ابتلع ريقه بتوتر ثم قال متسالا؛
- هل ممكن الطفل ده يحمل نفس مرضى
نظر له فؤاد بترقب وقال بعملية:
-الحقيقة الطفل بياخد كورموزات من الاب والام ولو كان الطفل ولد او بنت بتفرق في الجينات الوراثيه لو ولد بيحمل الكورموزات الأكبر من آلام ولو بنت العكس
- انا مش فاهم حاجه يا دكتور ممكن حضرتك توضحلي اكتر
هتف باسف:
- 90٪ معرض وراثة نفس المرض و10٪ ممكن يتولد طفل سليم مش حامل المرض
هتف بامل:
- نقدر نعرف أمته حامل المرض او لا
- دلوقتي العلم تطور طبعا ونقدر نعرف من تحليل من المشيمة وخزعة من الحبل السُري بعد شهرين من بداية الحمل ونحدد اذا كان الطفل ده مصاب باي مرض عضوي او وراثي او في تشوه لقدر الله كل حاجه بتعرف
تنهد بعمق ثم قال بجدية:
- عاوز اعمل التحليل ده واطمن على ابني وايه المفروض يتعمل
- مدام نور في نص الشهر التاني يعني نقدر نعمل التحليل بعد اسبوعين
أوما له براسه ونهض عن مقعده ثم صافحه مرة أخرى وغادر الغرفة وهو هائما على وجـ هه فهو لا يتمنى لابنه نفس مصيره مع المرض، لن يتحمل رؤى ابنه يعاني منما هو يعاني به طوال عمره، يتمنى لو يعطيه عمره ولن يرا به مكروه ولا يراه يتألم لحظة..
هكذا هو الاب لن يتحمل رؤية فلذة كبده يعاني الألم يود لو انه ياخذ آلام ابنه لينعم صغيره بالحياة دون حواجز او عواقب تواجـ هه..
❈-❈-❈
بينما على الجانب الاخر.
يجلس سراج داخل الشركة يتابع العمل بكل همة ونشاط بغياب سليم وأسر، وفجأة تذكر الأمر الذي كلفه به فاروق من أجل أوراق الدراسة الخاصة بريدة، ووجدها فرصة التقرب من تلك الفتاة التي يراها متقلبة تارة تبادله الحديث بود وتارة أخرى تعامله بكل جمود وجفاء، أصبحت الغامضة بالنسبة له ويريد حل ذلك الغموض، فنهض عن مكتبه وغادر الشركة يريد أن يلهو هو الاخر.
وعندما استقل سيارته، اخرج هاتفه وقرر ان يهاتف العم فاروق ويخبره بأنه يريد فريدة لكي تذهب معه إلى الجامعه ف وجودها مطلوب من قبل أدارة الجامعة وهو بنفسه سيكون جانبها ويصلها ثانيًا إلى المنزل بعدما ينتهون من ذلك الامر المتعلق بالحقاها بالجامعة..
ثم أغلق الهاتف بعدما استمع لرد فاروق بالموافقة على الذهاب إليهما وأخبر أبنته أيضا بالاستعداد للذهاب بصحبة سراج إلى الجامعة، انتابها الشعور بالحماس وعلى الفور ركضت تبدل ثياب المنزل وتنتقي ثوب مناسبًا للخروج برفقة البطل المغوار الذي سيهرب بها على حصانه الأبيض كما تتخيل من أحلامها الوردية ورواياتها الرومانسية المغرمة بهم والمتيمة بوجود بطل كما رسمته بنسيج خيالها وتتقمص هي الآن دور البطلة التي ستصلح من أخلاق البطل المستهتر المتهور الذي لا يحمل همًا ابدا، ولا يمتثل لاراء الغير..
صفا سراج سيارته أمام البناية ثم ترجلا منها ودلف لداخل البناية وصعد إلى حيث الشقة التي تقطن بها هي وعائلتها، وقف أمام الباب يهندم حُلته الكحلية وهندم ياقة قميصه الأبيض الذي ترك به اول ازراره مفتوحة لتظهر من خلفها عضلات صـ دره، وتنحنح بخفوت ثم رفع انامله يضغط زر الجرس.
فتح له دلال الباب مرحبة به:
طالعها سراج. بابتسامة هادئة وقاال؛:
- ازيك يا خالتو
- بخير يا حبيبي، اتفضل يا سراج ادخل يا حبيبي انت مش غريب، عمك فاروق في الصالون
افسحت له الطريق ثم عادت ثانيًا إلى المطبخ التي مازالت داخله منذ الصباح تعد وجبة الغداء فاليوم اشتهي فاروق المحاشي المشكلة واصرت على تناوله على غذاء اليوم..
تقدم سراج من غرفة الصالون ليجد فاروق يرتدي نظارته الطبيبة وجالس بجانب صغيرته أمل يشرح لها بعض الدروس
هتف سراج قائلا :
- سلام عليكم
اجابه فاروق بود ثم دعاه للجلوس
تبسم لامل قائلا:
- ازيك يا اموله
اجابته بهدوء:
- الحمد لله يا ابيه
نظر لها فاروق قائلا:
- بلغي فريدة أن الباشمهندس سراج موجود خليها تخلص عشان ما يتاخروش على الجامعة
نظر له سراج بود وقال:
- باشمهندس أيه بس يا عمي احنا أهل واعتبرني ابنك
ربت على ارجله بود :
- يعلم ربنا معزتك عندي يا بني، ربنا يحفظك ويبارك فيك
نهضت من جانب والدها :
- حاضر يا بابا، ثم أسرعت في خطواتها تطرق باب غرفة شقيقتها ثم ولجت قائلة بغمزة مشاكسة ثم اقتربت من شقيقتها :
- ابيه سراج قاعد مع بابا
نظرت لشقيقتها قائلة وهي تنظر لثوبها :
- ايه رايك يا أموله في لبسي
- قمر يا فيري
التقطت حقيقتها البيضاء وغادرت الغرفة بانفاس مضطربة وعندما ولجت لداخل الصالون صخب قلبها ازدادت نبضاته في حضور ذلك السراج الذي سرق لُب قلبها، جف حلقها وهربت الكلمات منها، ابتسمت ابتسامة طفيفة ثم قالت:
- مساء الخير
استقام سراج ينظر لها باعجاب ولاحت ابتسامته وهو يتقدم منها خطوة ومد يـ ده يصافحها قائلا:
- ازيك يا فريدة
صافحة بتوتر اجابته بهدوء:
- الحمد لله
ثم نظر لوالدها مستأذن أياه :
- هنمشي أحنا بقا يا عمي
خلي بالك من فريدة
في عنية ياعمي
خرجت منه بعفوية وغادر الشقة باكملها، انتظرها لحظات إلى أن تخبر والدتها بذهابها، لتخرج دلال من المطبخ وهي تنادي سراج قائلة:
- سراج لم تخلص مشوار الجامعة ترجع على هنا مع فريدة عشان تتغدا معانا يا حبيبي
- بس سنسن يا خالتو
قاطعته قائلة
- لا اطمن على سنسن لم اخلص الغدا انا هروح أجيبها بنفسي، يعني هترجع تلاقيها هنا
ابتسم لها واجابها:
- حاضر يا خالتو، سلام عليكم
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اغلقت الباب خلفهم وعادت إلى مطبخها اما عن فريدة استقلت المصعد هي وسراج وكانت لا تستطيع السيطرة على نبضات قلبها التي تكاد تفضحها
اما عن سراج فظلت عيناه تراقبها ويتفحص جـ سدها عن قرب، فقد كانت ترتدي ثوب أبيض به ورود صغيرة وخصرها الممشوق يحتضـ نه حزام رفيع بني ويصل ثوبها إلى بعد ركبتيها وترتدي أسفله بنطال ازرق بلون الورد المزركشة على ثوبها الأبيض، كم ارتدت حجاب ابيض صغير وتضع حقيبتها الكورس تنسدل على صـ درها
وقف المصعد أخيرًا وترجلت منه بتوتر اما هو فاق من تحديقه بها ولحق بها يشير إلى سيارته
فتح لها الباب وبعد أن استقلت بالمقعد نظرت له بامتنان وقالت :
- شكرا
بعدما جلس هو الاخر خلف عجلة المقود، نظر لها قائلا:
- اربطي حزام الأمان لان متهور في سواقتي
لوت ثغرها وردت قائلة بصوت خافت:
- واضح انك متهور في حاجات كتير
عاد يرمقها بنظراته وهتف بتسأل :
- بتقولي حاجة؟
هزت راسها نافية وقالت :
- ياريت تسوق على مهلك عشان نوصل الجامعة بدل ما نوصل المقابر الله لا يسيئك
رفع حاجبيه بدهشة على حديثها الذي يجعله يبتسم وقال باقتضاب:
- هحاول
❈-❈-❈
بعد قرابة الخمس ساعات من تحليق الطائرة في السماء، أقتربت من وجـ هتها بمطار لندن وهبطت الطائرة داخل المطار وبدأ الجميع في الترجل واحد تلو الأخر
وظل هم الثنائي ينتظرون من إدراة المطار أن يحضرون الدرج المتحرك المسطح لكي يترحل سليم بمقعده المتحرك عليه، سامت حياة من ذلك الوضع لأنها تعلم بأن كل ذلك إدعاء بالعجز وأستعطاف الناس وهو مثل اللهو الخفي يفعل كل الجرائم دون رادع ولكي لا يسير الشكوك حوله اتخذ من المقعد متحرك حاجزًا ليبعد عنه الشبهات.
بعد برهة من الوقت، كانوا يغادرون المطار بعد انتهاء الأوراق ووجد سيارة في انتظاره صافح الشاب الذي يبدو على ملامحه بأنه من جنسية أمريكية وتحدث معه باللغة الانجليزية بعيدًا عنها لكي لا تستمع لحديثه ثم عاد إليها والتقط كفها ثم قدمها لذلك الشاب الذي يُدعى "جانً وأخبره بأنها زو جته
ثم استقلوا سيارة" جان" الذي ساعد" سليم" على الجلوس بالسياره اذا هذا الشاب أيضا لا يعلم عن خدعة سليم، وقاد السيارة متوجهًا إلى المشفى التي من المفترض أن يجرا بها سليم العملية، كل ذلك يحدث تحت انظارها المندهشة ولم تستطيع أن تُعقب عليه.
ودعه جان بالمشفى ثم أعطاه مفتاح شقة خاصة بسليم، وغادر جان المشفى اما هي فظلت على صدمتها وتسمرت مكانها تهتف بغضب:
- ممكن افهم بقا احنا هنا ليه؟
حدجها بغضب وضغط على أسنانه قائلا بغيظ:
- نتكلم بعدين مش هنا
أتت فتاة شقراء تصافحه بود وقرب زائد كما انها دنت منه تقـ بله من وجنتـ يه تحت نظرات حياة الصادمه وظلت مكانها تنظر حولها بضيق وهو يتبادل أطراف الحديث مع تلك الشقراء الذي يناديها " كريست"
قضمت اظافرها وهي تتطلع لتلك المسرحية السخيفة من وجـ هه نظرها وبعد دقائق كانت كريست تدفع الكرسي المتحرك الخاص بسليم أشارت لحياة بأن تتبعها واوصلتهما إلى الطابق الخامس من ذلك الصرح الضخم، وودعتهما بابتسامة لطيفة.
اغلقت حياة الباب خلف تلك الشقراء بغضب وصرخت بوجـ هه منفعلة:
- ممكن أفهم في ايه؟ انا مااحبش اكون مهمشة كده ومش فاهمة أيه اللي بيحصل حواليه
حدجها بنظرات فاترة خالية من المشاعر وقال بجمود:
- تعرفي باي صفة
- أنا مراتك ومن حقي اعرف أنا هنا ليه وليه احنا هنا في المستشفى مدام مافيش عملية من الأساس
نهض عن مقعده واقترب منها بخطوات ثابتة تراجعت هي للخلف بخوف بعدما دب الرعب باوصالها
ولم يعد يفصل بينهما إلا خطوة واحده، صوب انظاره بعينيها مباشرةً وقال بصوت هامس:
- مين قال ان مافيش عملية هتعمل؟
ثم دس كفيه داخل جيب بنطاله ولانت عظام وجـ هه الحادة وقال :
- كل الانفعال اللي انتي عملاه ده ليه، عشان انتي تبقي مراتي بجد معلومة جديدة عليه
ثم دار وجـ ه لجهة الأخرى وافلت ضحكته الساخرة على ما تفوهت به قبل لحظات.
اما عنها فقد سألت دمعتها الحزينة ولا تعلم لماذا تذرف الدموع الآن ولا تعلم عن أي مصير تواجهـ ه مع هذا الشخص الغامض الذي يكون زو جها..
❈-❈-❈
عودة إلى القاهرة وبالتحديد داخل جامعة القاهرة الخاصة بكلية التجارة.
انتهى سراج من الأوراق المطلوبة لكي تنتسب فريدة للجامعة بداية من العام الدراسي الجديد.
شكرته فريدة على كل ما فعله من أجلها، وهذا ما شجعه على الحديث معها بصفو نية، فقد دعاها للجلوس بإحدى الكافيهات، وافقت على مضض ولكن لديها شعور بأنها تريد أن تتعرف عليه عن قرب.
بعدما جلسوا الكافية وأتى النادل يدون طلباتهم
نظر لها سراج قائلا؛
- تحبي تشربي ايه؟
- عصير مانجة
ابتسم لها ونظر للنادل قائلا:
- قهوة مظبوطة وعصير مانجة
- حاضر يا افندم
غادر النادل ليحضر لهما المشروب وظل الصمت قائم بينهما
حك سراج عنقه ثم قال بترقب لردة فعلها :
- فريدة انتي زعلانه مني؟
هزت راسها نافية؛
- لا خالص وهزعل لسه؟
- يمكن عشان طلبت منك امبارح نرقص مع بعض، مش عارف حاسـ س انك بعيدة بعد
قاطعته بصدمة؛
- بعد ايه انا مش فاهمة حاجة
- اديني فرصة اخلص كلامي الأول ممكن
أومت براسها وظلت صامتة تستمع له
- يوم ما قعدنا في الفراندة وفتحتي ليه قلبك وشاركتيني حرنك ووجعك يومها، رغم اننا كنا لسه متعرفين، حـ سيتك عفوية كده وفجأة بعدتي تاني وكنتي بتهربي مني لم جيت مع سليم نطلب ايـ د حياة وكمان في كل التحضيرات حاولت أقرب منك افهم انا صـ در مني أيه زعلك اوي كده وبردو كنت بلاقيكي بتهربي، ممكن اعرف السبب دلوقتي؟
آت النادل في ذلك الوقت ووضع فنجان القهوة أمام سراج وكأس العصير أمام فريدة وشكره سراج ورحل اما سراج فظل يتطلع لفريدة ينتظر جوابها
ضحكت بعفوية إلى أن توردت وجنتيها حمرة ثم تذكرت ذلك اليوم الذي رآها بمنامة المنزل فقد كانت تشعر بالخجل ولذلك تهربت منه في ذلك اليوم وبالفعل وجدت نفسها تسترسل له ما حدث معها بعفوية شديدة
ابتسم سراج هو الاخر والتقط كفها بين راحته منما جعلها تنظر له بصدمة وقال هو بمشاعر صادقة:
- تعرفي كنت زعلان جدا اكون زعلتك من غير ما اقصد وكنت طول الفترة دي عمال أحاسب نفسي عملت اي تصرف غلط معاكي، غير في الوقت ده انشغلت جدا بالتفكير فيكي، لدرجة بطلت سهر وهلس زي ما تيتا بتقول، وحـسيت ان بقيت سراج جديد، بدلتيني من غير ما تقصدي وكنت هتجنن ببعدك ده، حبيت أقرب منك امبارح واقولك على اللي في قلبي ناحيتك ولاقيتك صدتيني، جالي احـ ساس وقتها بعدم القبول، انهاردة وانا في الشغل طيفك جالي وقولت لازم أقرب واقطع الشك اللي جوايا، فريدة انا اتعلقت بيكي من اول لم عيني جت في عينك وشوفت دموعك وكان نفسي اخفف عنك، من وقتها مش بتفارقي أحلامي، حتى وانا صاحي بشوفك برده
تبسمت في خجل وسحبت كفها من بين راحته وقالت بهمـس:
- يعني ايه؟
- يعني بحبك يا بنت الناس ورايد اسمك يرتبط باسمي الباقي من عمري
ثم بادلها الابتسامة بمشاغبة وقال:
- تتجـ وزيني ولا اقوم ارمي نفسي في النيل واريحك
ضحكت برقة وقالت:
- لا هرضي بيك واكسب فيك ثواب، حرام تموت منتحر وكافر
- الله على لسانك اللي بينقط عسل يا بت
ثم ضحك هو الاخر واستقام واقفًا و مـ د يـ ده لتعانق يـ دها ولم تجد إلا أن تضع كفها بيـده ومال على اذنها هامسًا : بحبك يا فريدة قلبي وعقلي
نظرت له بحدة وكانها تذكرت امر ما ثم اشهرت سبابتها أمام وجـ هه وقالت:
- تعرف يا سراج لو عيونك الحلوين دول بصوا لحد غيري مش هتشوف بيهم تاني يا روحي
ضحك على جنونها وضـ مها من كتفها وقال:
- مااقدرش يا روحي، أنا توبة خلاص على ايدك
غادرُ سويا الكافية واستقلُ السيارة عائدين إلى منزلها وقرر في المساء التحدث مع جدته ووالديه لكي ياتون من دبي وتتم خطبته على محبوبته والزفاف سيقام بعدما يعود سليم وحياة من الخارج ليكون الاحتفال الأكبر بنجاح عملية سليم والوقوف على قدميه ثانيًا..
❈-❈-❈
في لندن..
بالمشفى جلس سليم على الفراش وأعاد تشغيل هاتفه ثم هاتف شقيقه يخبره بوصوله وبعد أن اطمئن عليه وعلى وضع زو جته، شعر بحزن شقيقه وعندما تسأل عن الأمر، اخبره الاخير بأنه يخشى على طفله ان يحمل نفس مرضه
انتابها الفضول في التحدث عن شقيقه فيبدو بأن تلك العائلة جمعيهم غامضون، وجدت جانب اخر من سليم وهو يحدث شقيقه بحنو ويحاول ان يبث له الطمأنينه داخله ولن يخاف على طفله فالرحيم لن يتركه.
اندهشت من حديثه ونظرت له بتسأل
- وهل تعلم حقًا بأن الرحيم لن يتركه، تتحدث عن الله سبحانه وتعالى وعن لطفه وانت تغضبه
لم ينطق بها لسانها ولكن نظراتها كانت كالسهام التي تُصيبه بقلبه، اشاح وجـ هه مبتعدًا عن حصار نظراتها التي تجلده بالسياط، وترك الغرفة وداخله براكين مشتعله لو خرجت لاحرقت الأخضر واليابس، اخرج هاتفه وتحدث مع "جان" الشاب الذي كان يعمل مع والده ذراعه الأيمن في كل تلك الأعمال الاجرامية التي كان يفعلها والده لكي يصبح في عالم المافيا شخصاً لن يستهان به..
املي عليه اوامره بأنه يريد اللقاء مباشرةً مع المافيا فلديه شحنة أسلحة ضخمة ويريد الخلاص منها بأسرع وقت، ثم أغلق الهاتف وهو يزفر أنفاسه بضيق
داخل المشفى
بعدما غادر المطار برفقة زو جـ ته، قاد سيارته إلى حيث المشفى الخاصة بوالده الراحل.
وبعد مرور نصف ساعة صفا سيارته أمام المشفى وترجل من سيارته وفتح الباب لكي تترجل "ميلانا" هي الأخرى، تشابكت ايـ ديهم وهم يدلفون لداخل المشفى ووقف أمام الاستقبال يتسال عن وجود زو جته في أي الغرف.
نظرت فتاة الاستقبال لشاشة الحاسوب أمامها ودقت باناملها الاسم الذي أخبرها به "أسر"
ثم عادت تنظر له واخبرته برقم الغرفة والطابق التي يوجد به نور.
شكرها أسر بامتنان وسحب كف ميلانا وسارو الي حيث المصعد ثم دلفوا لداخله وضغط زر 4 الطابق الذي يوجد به زو جته "نور"
وعندما توقف المصعد بالطابق المنشود وترجلا من داخله سار بحثا عن رقم الغرفة وعندما وجده تركت ميلانا يـ ده وشعرت بالاحراج فلا تريد أن تغضب نور بوجودها، تسمرت مكانها وقالت:
-أسر فيني اضل هون
ظل متمـ سك بيـ دها رافضًا أن تظل وحدها ونتف قائلا بحب:
-من انهاردة أيـ دك مش هتسيب أيـ دي انتي فاهمة
- وجودي هلا راح يزعل نور، بيكفي شو صار فيها من تعب
ظلت متمـ سكة باصرارها لا تريد أحزان نور وهي تقدر تلك المشاعر وفضلت ان تنتظره.
طبع قـ بلة حانية أعلى راسها ثم طرق الغرفة وولج لداخل
نهضت والدته تستقبله باحضـ انها وتبتسم له مباركة له زو اجه وتسأل عن شقيقه الذي أخبرها بأنه اوصله للمطار قبل أن يأتي لهنا، ثم تسأل هو بدوره عن حالة نور:
-نور عاملة ايه؟
تنهدت بضيق وقالت:
-والله يا بني ما عارفه، امبارح بالليل كانت عمالة تتلوي من بطنها ولم جينا على هنا الدكتور عمل اللازم بس قال تفضل تحت الملاحظة يومين، واخدت مسكن وعلقت محلول ولسه نايمه
تنهد بعمق وهو يطالعها وهي ممدة على الفراش بسكون تام وملامح وجـ هها شاحبة، لوهلة دق قلبه متلهفًا عليها واقترب منها بهدوء وجلس بالمقعد المجاور لفراشها تفرست عيناه جـ سدها وتوقفت مقليه وهي تعانق احشائها، هنا يرقد طفله، يود أحتضـ انه والشعور به، يتمنى لو يضع كفه يلامـ س طفله وهو برحم والدته، ابتسم لتلك الأمنية وبالفعل رفع كفه ووضعه برفق على احشائها، شعرت نور بملمـ س يـ ده ابتسمت داخلها بسعادة فهذا الوتر التي ستلعب عليه في الفترة القادمة.
غادرت خديجة الغرفة لكي تترك لهما مجالا للحديث فهي مازالت زو جته وتحمل باحشائها طفلا منه وهو البذرة المشتركة بينهما وستظل بينهما إلى تنتهي أعمارهم.
التقت بميلانا التي ضـ متها إليها بحب وقررت ان تأخذها لتناول الإفطار معًا بكافيتريا المشفى..
اما عن أسر فشعر بنبض خافت أسفل كفه ووجد نور تفتح عيناها بذلك الوقت، همس بمشاعر متخبطة مزيج من الفرح والتوتر والقلق معًا وقال بصوت متلهف سعيد:
-نور انا حـ سيت بنبضه كأنه حـ س بيه هو كمان
لاحت ابتسامتها وفضلت اللعب على أعصابه وهمست برقة وهي تضع كفيها أعلى كف أسر :
- بابي هنا جنبك يا حبيبي ومش هيسبنا أبدًا
ابتلع ريقه بتوتر وقال :
- ارتاحي دلوقتي وانا هشوف الدكتور عشان اطمن عليكم
ابعد كفه وهم بالسير ولكن استوقفته قائلا بصوت ناعم :
- حبيبي أنا نفسي في الكريز ممكن ادوقه
أوما براسه وهو يغادر الغرفة بحثًا عن مكتب الطبيب ليتحدث معه عن وضع زو جته وابنه..
إما هي فظلت تضحك بمكر فهذا الطفل سيجعل أسر يعود إليها وستعاود إشعال الفتيل بين الاخوه وستنجح في انتقامها..
داخل منزل فاروق بالقاهرة..
دب القلق بقلبه وظل جالسًا على سجادة الصلاه يدعو لابنته بالسعادة والتوفيق في حياتها الجديدة، وحاول تنفيض الأفكار السلبية التي تهاجم راسه بسبب قلقه عليها وعلم بأن ذلك من الشيطان يريد نزع فرحتهم بزواج غاليته وتفاحة قلبه "حياة"
أتت فريدة تجلس بجواره قائلة:
-تقبل الله يا روقه
تبسم لها بحب ورد قائلا:
- منا ومنكم يا نور عين روقه
فركت كفيها بتردد، رمقها والدها وهو يضيق جبينه ثم هتف متسألا:
- عاوزة تقولي أيه يا فريدة
-بصراحة يا بابا عاوز اطمن ان ورقي هيتقبل في جامعة القاهرة وانا لسه ماخدتش اي أجراء والسنة الدراسية الجديده باقي عليها شهرين بس
-يا بنتي انا مش ناسي طبعا حاجة مهمة زي تعليمك، أنا كلمت سراج يسال ويشوف ايه المطلوب نعمله وهو وعدني انا هيقدم ورقك بنفسه
تنهدت بارتياح بعدما علمت بان بطلها سيحل لها امر جامعتها ورقص قلبها فرحًا فسوف تلتقي به ولابد بأنها ستلفت انتباهه يومًا ما، لأنها علمت من حديث الجدة عنه بأنه شاب يُحب السهر ويفعلو ما يحلو له دون رقيب او قيود وتريد هي أن تكون ذلك القيد الذي سيقيده عن فعل تلك الأشياء المحرمة..
طرق باب مكتبه ودلف لداخل بعدما اذن له الاخير بذلك، تقدم أسر بخطوات واسعة، وقف الطبيب فؤاد يرحب به وهو يصافحه بحرارة :
-اهلا وسهلا يا أسر باشا، ده المستشفى نورت بوجودك
هتف بود:
- شكرا يا دكتور، ثم اردف متسالا عن وضع زو جته وطفله:
- عاوز اطمن على حالة المدام والجنين
أشار له بالجلوس :
- طيب اتفضل استريح، تحب تشرب ايه؟
- لا مافيش داعي للشرب، ياريت حضرتك تقولي الوضع ايه بدون ما تخبي عليه حاجة
-تحت امرك طبعا يا باشا.،ثم استرسل قائلا بتردد:
- مدام نور متوترة الفترة دي ولازمها راحة واهتمام عشان طول ما نفسيتها كويسة البيبي كمان هيكون بخير، لأن الحمل لسه في أوله وضعيف ومعرض الاجهاض لقدر الله لو مااهتمتش بالحمية الغذائية ليها والجنين والابتعاد عن التوتر والعصبية والأفعال
ابتلع ريقه بتوتر ثم قال متسالا؛
- هل ممكن الطفل ده يحمل نفس مرضى
نظر له فؤاد بترقب وقال بعملية:
-الحقيقة الطفل بياخد كورموزات من الاب والام ولو كان الطفل ولد او بنت بتفرق في الجينات الوراثيه لو ولد بيحمل الكورموزات الأكبر من آلام ولو بنت العكس
- انا مش فاهم حاجه يا دكتور ممكن حضرتك توضحلي اكتر
هتف باسف:
- 90٪ معرض وراثة نفس المرض و10٪ ممكن يتولد طفل سليم مش حامل المرض
هتف بامل:
- نقدر نعرف أمته حامل المرض او لا
- دلوقتي العلم تطور طبعا ونقدر نعرف من تحليل من المشيمة وخزعة من الحبل السُري بعد شهرين من بداية الحمل ونحدد اذا كان الطفل ده مصاب باي مرض عضوي او وراثي او في تشوه لقدر الله كل حاجه بتعرف
تنهد بعمق ثم قال بجدية:
- عاوز اعمل التحليل ده واطمن على ابني وايه المفروض يتعمل
- مدام نور في نص الشهر التاني يعني نقدر نعمل التحليل بعد اسبوعين
أوما له براسه ونهض عن مقعده ثم صافحه مرة أخرى وغادر الغرفة وهو هائما على وجـ هه فهو لا يتمنى لابنه نفس مصيره مع المرض، لن يتحمل رؤى ابنه يعاني منما هو يعاني به طوال عمره، يتمنى لو يعطيه عمره ولن يرا به مكروه ولا يراه يتألم لحظة..
هكذا هو الاب لن يتحمل رؤية فلذة كبده يعاني الألم يود لو انه ياخذ آلام ابنه لينعم صغيره بالحياة دون حواجز او عواقب تواجـ هه..
❈-❈-❈
بينما على الجانب الاخر.
يجلس سراج داخل الشركة يتابع العمل بكل همة ونشاط بغياب سليم وأسر، وفجأة تذكر الأمر الذي كلفه به فاروق من أجل أوراق الدراسة الخاصة بريدة، ووجدها فرصة التقرب من تلك الفتاة التي يراها متقلبة تارة تبادله الحديث بود وتارة أخرى تعامله بكل جمود وجفاء، أصبحت الغامضة بالنسبة له ويريد حل ذلك الغموض، فنهض عن مكتبه وغادر الشركة يريد أن يلهو هو الاخر.
وعندما استقل سيارته، اخرج هاتفه وقرر ان يهاتف العم فاروق ويخبره بأنه يريد فريدة لكي تذهب معه إلى الجامعه ف وجودها مطلوب من قبل أدارة الجامعة وهو بنفسه سيكون جانبها ويصلها ثانيًا إلى المنزل بعدما ينتهون من ذلك الامر المتعلق بالحقاها بالجامعة..
ثم أغلق الهاتف بعدما استمع لرد فاروق بالموافقة على الذهاب إليهما وأخبر أبنته أيضا بالاستعداد للذهاب بصحبة سراج إلى الجامعة، انتابها الشعور بالحماس وعلى الفور ركضت تبدل ثياب المنزل وتنتقي ثوب مناسبًا للخروج برفقة البطل المغوار الذي سيهرب بها على حصانه الأبيض كما تتخيل من أحلامها الوردية ورواياتها الرومانسية المغرمة بهم والمتيمة بوجود بطل كما رسمته بنسيج خيالها وتتقمص هي الآن دور البطلة التي ستصلح من أخلاق البطل المستهتر المتهور الذي لا يحمل همًا ابدا، ولا يمتثل لاراء الغير..
صفا سراج سيارته أمام البناية ثم ترجلا منها ودلف لداخل البناية وصعد إلى حيث الشقة التي تقطن بها هي وعائلتها، وقف أمام الباب يهندم حُلته الكحلية وهندم ياقة قميصه الأبيض الذي ترك به اول ازراره مفتوحة لتظهر من خلفها عضلات صـ دره، وتنحنح بخفوت ثم رفع انامله يضغط زر الجرس.
فتح له دلال الباب مرحبة به:
طالعها سراج. بابتسامة هادئة وقاال؛:
- ازيك يا خالتو
- بخير يا حبيبي، اتفضل يا سراج ادخل يا حبيبي انت مش غريب، عمك فاروق في الصالون
افسحت له الطريق ثم عادت ثانيًا إلى المطبخ التي مازالت داخله منذ الصباح تعد وجبة الغداء فاليوم اشتهي فاروق المحاشي المشكلة واصرت على تناوله على غذاء اليوم..
تقدم سراج من غرفة الصالون ليجد فاروق يرتدي نظارته الطبيبة وجالس بجانب صغيرته أمل يشرح لها بعض الدروس
هتف سراج قائلا :
- سلام عليكم
اجابه فاروق بود ثم دعاه للجلوس
تبسم لامل قائلا:
- ازيك يا اموله
اجابته بهدوء:
- الحمد لله يا ابيه
نظر لها فاروق قائلا:
- بلغي فريدة أن الباشمهندس سراج موجود خليها تخلص عشان ما يتاخروش على الجامعة
نظر له سراج بود وقال:
- باشمهندس أيه بس يا عمي احنا أهل واعتبرني ابنك
ربت على ارجله بود :
- يعلم ربنا معزتك عندي يا بني، ربنا يحفظك ويبارك فيك
نهضت من جانب والدها :
- حاضر يا بابا، ثم أسرعت في خطواتها تطرق باب غرفة شقيقتها ثم ولجت قائلة بغمزة مشاكسة ثم اقتربت من شقيقتها :
- ابيه سراج قاعد مع بابا
نظرت لشقيقتها قائلة وهي تنظر لثوبها :
- ايه رايك يا أموله في لبسي
- قمر يا فيري
التقطت حقيقتها البيضاء وغادرت الغرفة بانفاس مضطربة وعندما ولجت لداخل الصالون صخب قلبها ازدادت نبضاته في حضور ذلك السراج الذي سرق لُب قلبها، جف حلقها وهربت الكلمات منها، ابتسمت ابتسامة طفيفة ثم قالت:
- مساء الخير
استقام سراج ينظر لها باعجاب ولاحت ابتسامته وهو يتقدم منها خطوة ومد يـ ده يصافحها قائلا:
- ازيك يا فريدة
صافحة بتوتر اجابته بهدوء:
- الحمد لله
ثم نظر لوالدها مستأذن أياه :
- هنمشي أحنا بقا يا عمي
خلي بالك من فريدة
في عنية ياعمي
خرجت منه بعفوية وغادر الشقة باكملها، انتظرها لحظات إلى أن تخبر والدتها بذهابها، لتخرج دلال من المطبخ وهي تنادي سراج قائلة:
- سراج لم تخلص مشوار الجامعة ترجع على هنا مع فريدة عشان تتغدا معانا يا حبيبي
- بس سنسن يا خالتو
قاطعته قائلة
- لا اطمن على سنسن لم اخلص الغدا انا هروح أجيبها بنفسي، يعني هترجع تلاقيها هنا
ابتسم لها واجابها:
- حاضر يا خالتو، سلام عليكم
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اغلقت الباب خلفهم وعادت إلى مطبخها اما عن فريدة استقلت المصعد هي وسراج وكانت لا تستطيع السيطرة على نبضات قلبها التي تكاد تفضحها
اما عن سراج فظلت عيناه تراقبها ويتفحص جـ سدها عن قرب، فقد كانت ترتدي ثوب أبيض به ورود صغيرة وخصرها الممشوق يحتضـ نه حزام رفيع بني ويصل ثوبها إلى بعد ركبتيها وترتدي أسفله بنطال ازرق بلون الورد المزركشة على ثوبها الأبيض، كم ارتدت حجاب ابيض صغير وتضع حقيبتها الكورس تنسدل على صـ درها
وقف المصعد أخيرًا وترجلت منه بتوتر اما هو فاق من تحديقه بها ولحق بها يشير إلى سيارته
فتح لها الباب وبعد أن استقلت بالمقعد نظرت له بامتنان وقالت :
- شكرا
بعدما جلس هو الاخر خلف عجلة المقود، نظر لها قائلا:
- اربطي حزام الأمان لان متهور في سواقتي
لوت ثغرها وردت قائلة بصوت خافت:
- واضح انك متهور في حاجات كتير
عاد يرمقها بنظراته وهتف بتسأل :
- بتقولي حاجة؟
هزت راسها نافية وقالت :
- ياريت تسوق على مهلك عشان نوصل الجامعة بدل ما نوصل المقابر الله لا يسيئك
رفع حاجبيه بدهشة على حديثها الذي يجعله يبتسم وقال باقتضاب:
- هحاول
❈-❈-❈
بعد قرابة الخمس ساعات من تحليق الطائرة في السماء، أقتربت من وجـ هتها بمطار لندن وهبطت الطائرة داخل المطار وبدأ الجميع في الترجل واحد تلو الأخر
وظل هم الثنائي ينتظرون من إدراة المطار أن يحضرون الدرج المتحرك المسطح لكي يترحل سليم بمقعده المتحرك عليه، سامت حياة من ذلك الوضع لأنها تعلم بأن كل ذلك إدعاء بالعجز وأستعطاف الناس وهو مثل اللهو الخفي يفعل كل الجرائم دون رادع ولكي لا يسير الشكوك حوله اتخذ من المقعد متحرك حاجزًا ليبعد عنه الشبهات.
بعد برهة من الوقت، كانوا يغادرون المطار بعد انتهاء الأوراق ووجد سيارة في انتظاره صافح الشاب الذي يبدو على ملامحه بأنه من جنسية أمريكية وتحدث معه باللغة الانجليزية بعيدًا عنها لكي لا تستمع لحديثه ثم عاد إليها والتقط كفها ثم قدمها لذلك الشاب الذي يُدعى "جانً وأخبره بأنها زو جته
ثم استقلوا سيارة" جان" الذي ساعد" سليم" على الجلوس بالسياره اذا هذا الشاب أيضا لا يعلم عن خدعة سليم، وقاد السيارة متوجهًا إلى المشفى التي من المفترض أن يجرا بها سليم العملية، كل ذلك يحدث تحت انظارها المندهشة ولم تستطيع أن تُعقب عليه.
ودعه جان بالمشفى ثم أعطاه مفتاح شقة خاصة بسليم، وغادر جان المشفى اما هي فظلت على صدمتها وتسمرت مكانها تهتف بغضب:
- ممكن افهم بقا احنا هنا ليه؟
حدجها بغضب وضغط على أسنانه قائلا بغيظ:
- نتكلم بعدين مش هنا
أتت فتاة شقراء تصافحه بود وقرب زائد كما انها دنت منه تقـ بله من وجنتـ يه تحت نظرات حياة الصادمه وظلت مكانها تنظر حولها بضيق وهو يتبادل أطراف الحديث مع تلك الشقراء الذي يناديها " كريست"
قضمت اظافرها وهي تتطلع لتلك المسرحية السخيفة من وجـ هه نظرها وبعد دقائق كانت كريست تدفع الكرسي المتحرك الخاص بسليم أشارت لحياة بأن تتبعها واوصلتهما إلى الطابق الخامس من ذلك الصرح الضخم، وودعتهما بابتسامة لطيفة.
اغلقت حياة الباب خلف تلك الشقراء بغضب وصرخت بوجـ هه منفعلة:
- ممكن أفهم في ايه؟ انا مااحبش اكون مهمشة كده ومش فاهمة أيه اللي بيحصل حواليه
حدجها بنظرات فاترة خالية من المشاعر وقال بجمود:
- تعرفي باي صفة
- أنا مراتك ومن حقي اعرف أنا هنا ليه وليه احنا هنا في المستشفى مدام مافيش عملية من الأساس
نهض عن مقعده واقترب منها بخطوات ثابتة تراجعت هي للخلف بخوف بعدما دب الرعب باوصالها
ولم يعد يفصل بينهما إلا خطوة واحده، صوب انظاره بعينيها مباشرةً وقال بصوت هامس:
- مين قال ان مافيش عملية هتعمل؟
ثم دس كفيه داخل جيب بنطاله ولانت عظام وجـ هه الحادة وقال :
- كل الانفعال اللي انتي عملاه ده ليه، عشان انتي تبقي مراتي بجد معلومة جديدة عليه
ثم دار وجـ ه لجهة الأخرى وافلت ضحكته الساخرة على ما تفوهت به قبل لحظات.
اما عنها فقد سألت دمعتها الحزينة ولا تعلم لماذا تذرف الدموع الآن ولا تعلم عن أي مصير تواجهـ ه مع هذا الشخص الغامض الذي يكون زو جها..
❈-❈-❈
عودة إلى القاهرة وبالتحديد داخل جامعة القاهرة الخاصة بكلية التجارة.
انتهى سراج من الأوراق المطلوبة لكي تنتسب فريدة للجامعة بداية من العام الدراسي الجديد.
شكرته فريدة على كل ما فعله من أجلها، وهذا ما شجعه على الحديث معها بصفو نية، فقد دعاها للجلوس بإحدى الكافيهات، وافقت على مضض ولكن لديها شعور بأنها تريد أن تتعرف عليه عن قرب.
بعدما جلسوا الكافية وأتى النادل يدون طلباتهم
نظر لها سراج قائلا؛
- تحبي تشربي ايه؟
- عصير مانجة
ابتسم لها ونظر للنادل قائلا:
- قهوة مظبوطة وعصير مانجة
- حاضر يا افندم
غادر النادل ليحضر لهما المشروب وظل الصمت قائم بينهما
حك سراج عنقه ثم قال بترقب لردة فعلها :
- فريدة انتي زعلانه مني؟
هزت راسها نافية؛
- لا خالص وهزعل لسه؟
- يمكن عشان طلبت منك امبارح نرقص مع بعض، مش عارف حاسـ س انك بعيدة بعد
قاطعته بصدمة؛
- بعد ايه انا مش فاهمة حاجة
- اديني فرصة اخلص كلامي الأول ممكن
أومت براسها وظلت صامتة تستمع له
- يوم ما قعدنا في الفراندة وفتحتي ليه قلبك وشاركتيني حرنك ووجعك يومها، رغم اننا كنا لسه متعرفين، حـ سيتك عفوية كده وفجأة بعدتي تاني وكنتي بتهربي مني لم جيت مع سليم نطلب ايـ د حياة وكمان في كل التحضيرات حاولت أقرب منك افهم انا صـ در مني أيه زعلك اوي كده وبردو كنت بلاقيكي بتهربي، ممكن اعرف السبب دلوقتي؟
آت النادل في ذلك الوقت ووضع فنجان القهوة أمام سراج وكأس العصير أمام فريدة وشكره سراج ورحل اما سراج فظل يتطلع لفريدة ينتظر جوابها
ضحكت بعفوية إلى أن توردت وجنتيها حمرة ثم تذكرت ذلك اليوم الذي رآها بمنامة المنزل فقد كانت تشعر بالخجل ولذلك تهربت منه في ذلك اليوم وبالفعل وجدت نفسها تسترسل له ما حدث معها بعفوية شديدة
ابتسم سراج هو الاخر والتقط كفها بين راحته منما جعلها تنظر له بصدمة وقال هو بمشاعر صادقة:
- تعرفي كنت زعلان جدا اكون زعلتك من غير ما اقصد وكنت طول الفترة دي عمال أحاسب نفسي عملت اي تصرف غلط معاكي، غير في الوقت ده انشغلت جدا بالتفكير فيكي، لدرجة بطلت سهر وهلس زي ما تيتا بتقول، وحـسيت ان بقيت سراج جديد، بدلتيني من غير ما تقصدي وكنت هتجنن ببعدك ده، حبيت أقرب منك امبارح واقولك على اللي في قلبي ناحيتك ولاقيتك صدتيني، جالي احـ ساس وقتها بعدم القبول، انهاردة وانا في الشغل طيفك جالي وقولت لازم أقرب واقطع الشك اللي جوايا، فريدة انا اتعلقت بيكي من اول لم عيني جت في عينك وشوفت دموعك وكان نفسي اخفف عنك، من وقتها مش بتفارقي أحلامي، حتى وانا صاحي بشوفك برده
تبسمت في خجل وسحبت كفها من بين راحته وقالت بهمـس:
- يعني ايه؟
- يعني بحبك يا بنت الناس ورايد اسمك يرتبط باسمي الباقي من عمري
ثم بادلها الابتسامة بمشاغبة وقال:
- تتجـ وزيني ولا اقوم ارمي نفسي في النيل واريحك
ضحكت برقة وقالت:
- لا هرضي بيك واكسب فيك ثواب، حرام تموت منتحر وكافر
- الله على لسانك اللي بينقط عسل يا بت
ثم ضحك هو الاخر واستقام واقفًا و مـ د يـ ده لتعانق يـ دها ولم تجد إلا أن تضع كفها بيـده ومال على اذنها هامسًا : بحبك يا فريدة قلبي وعقلي
نظرت له بحدة وكانها تذكرت امر ما ثم اشهرت سبابتها أمام وجـ هه وقالت:
- تعرف يا سراج لو عيونك الحلوين دول بصوا لحد غيري مش هتشوف بيهم تاني يا روحي
ضحك على جنونها وضـ مها من كتفها وقال:
- مااقدرش يا روحي، أنا توبة خلاص على ايدك
غادرُ سويا الكافية واستقلُ السيارة عائدين إلى منزلها وقرر في المساء التحدث مع جدته ووالديه لكي ياتون من دبي وتتم خطبته على محبوبته والزفاف سيقام بعدما يعود سليم وحياة من الخارج ليكون الاحتفال الأكبر بنجاح عملية سليم والوقوف على قدميه ثانيًا..
❈-❈-❈
في لندن..
بالمشفى جلس سليم على الفراش وأعاد تشغيل هاتفه ثم هاتف شقيقه يخبره بوصوله وبعد أن اطمئن عليه وعلى وضع زو جته، شعر بحزن شقيقه وعندما تسأل عن الأمر، اخبره الاخير بأنه يخشى على طفله ان يحمل نفس مرضه
انتابها الفضول في التحدث عن شقيقه فيبدو بأن تلك العائلة جمعيهم غامضون، وجدت جانب اخر من سليم وهو يحدث شقيقه بحنو ويحاول ان يبث له الطمأنينه داخله ولن يخاف على طفله فالرحيم لن يتركه.
اندهشت من حديثه ونظرت له بتسأل
- وهل تعلم حقًا بأن الرحيم لن يتركه، تتحدث عن الله سبحانه وتعالى وعن لطفه وانت تغضبه
لم ينطق بها لسانها ولكن نظراتها كانت كالسهام التي تُصيبه بقلبه، اشاح وجـ هه مبتعدًا عن حصار نظراتها التي تجلده بالسياط، وترك الغرفة وداخله براكين مشتعله لو خرجت لاحرقت الأخضر واليابس، اخرج هاتفه وتحدث مع "جان" الشاب الذي كان يعمل مع والده ذراعه الأيمن في كل تلك الأعمال الاجرامية التي كان يفعلها والده لكي يصبح في عالم المافيا شخصاً لن يستهان به..
املي عليه اوامره بأنه يريد اللقاء مباشرةً مع المافيا فلديه شحنة أسلحة ضخمة ويريد الخلاص منها بأسرع وقت، ثم أغلق الهاتف وهو يزفر أنفاسه بضيق