6
الفصل السادس
بعدما تداركت ما فعله لتو، أبتعدت عنه بغضب وقالت بأنفاس لاهثة:
- أنت إزاي تعمل كدة؟ مين سمح لك تقرب مني بالشكل ده، لا مش عشان اتجـ وزنا خلاص هيكون من حقك تقرب مني ، لا يا استاذ يا محترم ،جوا زنا ده قدام الناس وبس لكن أنا رفضاك من جوايا ومجبورة عليك ومجبورة أكمل في اللعبة السخيفة إللي أنت عملتها
نظر لها بجمود وقال بلامبالاة:
- أنا سليم السعدني ومش مراتي إللي هتمنعني عن حقوقي الشرعية اللي من حقي أخدها وقت ما أحب، بس أنت ملتلزمنيش، وقريت منك بس عشان الفوبية اللي عندك ، حبيت أساعدك مش أكتر
توقف بهما المصعد حيث الطابق المنشود الذي يوجد به الجناح الخاص بهم
جحظت عيناها باتساع عندما وجدت نفسها حقا بالمصعد ويبدو أنه تحرك بها في تلك اللحظة التي قـ بلها فيها سليم
وضعت كفها على قلبها بتوتر وغادرت المصعد بأنفاس لاهثة متقطعة تحت أنظاره المبهمة ، تحرك هو بدوره ووضع الكارت الخاص بفتح الجناح ثم دلف وهي لحقت به، حاولت تنظيم أنفاسها ، أغمضت عينيها عدة ثواني وهمست بصوت خافت مرددة الاعداد من واحد إلى عشر
كان يراقبها ويبتسم على طفولتها وعندما فتحت عيناها أعطاها ظهـ رها واستقام واقفًا وترك المقعد المتحرك جانباً ، ونزع عنه السترة ورابطة العنق والقاهم أعلى مقعد منضدة الزينة ثم وقف أمام خزينة الملابس وجلب المنامة الموضوعة داخلها ثم دلف المرحاض الملحق بالغرفة وتركها متسمرة مكانها.
زفرت بضيق وتقدمت بخطوات واسعة إلى حيث الشرفة فتحتها على مصرعها لتداعبها نسمات الهواء ، تطلعت للسماء وحدقت بالنجوم اللامعة وظلت على ذلك عدة دقائق .
غادر سليم المرحاض في ذلك الوقت بحثًا بعيناه عنها وجدها بالشرفة اقترب منها قائلا:
- أدخلي الجو برد، كمان غيري هدومك ونامي عشان عندنا سفر بدري
تأفافت بضجر فقد جعلها تعود للواقع ثانيًا ودلفت لداخل دون أن تنبس بكلمة ، وأغلقت باب الشرفة ثم اقتربت من خزينة الملابس لتخرج من فاه شهقة صادمة عندما وجدته فارغًا ولا يوجد به إلا غلالة حريرية بيضاء قصيرة ، أغلقت الخزانة بضجر وبحثت بالغرفة عن الحقيبة الخاصة بملابسها
كان يختلس النظرات إليها ويكبت ضحكته من الإفلات فهو يعلم أين توجد الحقائب ولكن رفض أن يخبرها بمكانهم وفضل أن يستمتع بتوترها وعصبيتها وهي تبحث عنهم بضيق كادت أن تبكي.
رأف قلبه بها وقال بصوت متسألا:
- بتدوري علي أيه ؟
- فين شنطة هدومي؟
- الشنط في العربية اللي هتوصلنا المطار
هتفت بصدمة :
- نعم ده إزاي يعني
رفع كتفيه بلامبالاة واردف قائلا:
- ماعرفش إزاي بس تقريبا قالوا اننا مش محتاجين هدوم في ليلة زي دي
اشتعل وجـ هها بحمرة الخجل وهتفت بغضب:
- وهروح المطار بأية بقا
- افتحي ضلفة الدولاب التانية اكيد مامتك مجهزة ليك هدوم الخروج
فتحته بانفعال وجدت به بنطال أبيض قماشي وكنزة بلون السماء تصل إلى الركبه وحزام أسود عريض عند الخصر وجاكت أبيض شتوي وحجاب سماوي اللون
ظلت متسمرة مكانها لا تعلم ترتدي تلك الثياب ام تظل بثوب الزفاف إلى الصباح ولكن شعرت بالضيق فلن تتحمل قضاء الليلة بثوب الزفاف لانه ثقيل وتود أن تتخلص منه ومن المستحيل أن ترتدي الغلالة أيضا ، حسمت أمرها وجلبت الثياب المعلقة ودلفت بها المرحاض
كان الأمر شاقًا بالنسبة لها وهي تحاول نزع ثوب الزفاف ، ظلت بالمرحاض قرابة الساعة ٱلى أن انتهت من ذلك العناء وارتدت أيضا الثياب الأخرى ووضعت حجاب راسها ثم غادرت المرحاض وهي تحمل ثوب العُرس وضعته داخل حقيبته الخاصة وتركته بالخزانه، وظلت تدور بعينها داخل الغرفة كأنها تبحث عن شيء ، تحت نظراته المراقبة لها وهو ممدد بجـ سده أعلى الفراش.
لاحت ابتسامته عندما وجدها تكبر بصوت خافت للصلاه وبدأت في صلاتها وعيناه تلاحقها في كل حركة تفعلها إلى أن أنهت صلاتها وظلت جالسة مكانها تردد الاذكار
وبعد لحظات استقامت واقفة وجلست على الأريكة الجلدية الموضوعة بالغرفة ظلت جالسة لعدة دقائق ثم غفلت مكانها ، شعر سليم بالضيق من تلك الفعلة فظل ساهرًا ليتأكد من نومها وبعد مرور ساعة أخرى نهض عن الفراش وحملها برفق واراحها على الفراش ودثرها جيدا بالغطاء وظل جوارها إلى أن غفلت عيناه ..
أما عن الجناح الآخر الخاص بأسر وميلانا
بعدما ابدلت ثوب العُرس وارتدت الغلالة البيضاء التي تنساب على جـ سدها بنعومة ، تطلع إليها أسر بعشق ثم أقترب منها يجذبها لصـ دره ثم همس بأذنها قائلا:
- شو ها الجمال
دفت وجـ هها بصـ دره بخجل ، رفع ذقنها بانامله ليجعلها تنظر داخل مقلتية لترا انعكاس صورتها داخلهم
مال بشـ فتيه يلتقط شفتيها في قـ بلة طويلة يبث بها عشقه وشوقه لها، بادلته القـ بلة ورفعت ذراعيها تطوق عنقه ، جذبها أكثر لاحضـ انه ثم حملها برفق وتوجهًا بها إلى فراشهم الخاص لينعموا بتلك اللحظة السعيدة التي يسرقونها من الزمن..
❈-❈-❈
أما الوضع بالفيلا الخاصة بعائلة السعدني .
كانت نور تزرع غرفتها ذهاباً وإياباً بغضب جامح لم تستطيع ردعه ، منما أثر على حالة الجنين وبدأت أحشائها تتقلص بألم حاد ، لم تستطع تحمله ، غادرت غرفتها وهي تضع كفيها على احشائها من شدة الالم الذي يهاجمها وصرخت مناديا باعلى طبقات صوتها لسيدة خديجة :
- طنط ... يا طنط الحقيني مش قادرة
نهضت خديجة مسرعاً على صوت صراخ نور
- خير يا بنتي في ايه؟
كان جبينها يتصبب عرقًا وهمست بصوت متعب :
- الحقيني يا طنط أنا بموت
شهقت خديجة بصدمة واقتربت منها تسندها وعادت بها إلى غرفتها قائلا بصوت حاني :
- أطمني يا حبيبتي ، أكيد مجرد مغص طبيعي بيحصل في بداية الحمل
اراحتها على الفراش وقالت:
- هنزل اعملك نعناع دافئ هيريح معدتك
أنسابت دموع نور ونظرت لخديجة بتوسل قائلا:
- ارجوكي يا طنط أنا مش عاوزة أخسر ابني أنا مابقاش ليه غيره دلوقتي
اشفقت على حالتها وجلست بجوارها تجفف لها عرقها وظلت تمـ سد على جبينها برفق وقالت بصوت مطمئن:
- ما تخفيش أن شاء الله خير ،أنا هتصل بأسر يتصرف دلوقتي
نهضت من جوارها وغادرت غرفة نور تبحث عن هاتفها لتحاول الاتصال بأسر لكي يجلب لهما طبيب الآن .
وجدت هاتفه مغلق فحاولت الاتصال بسليم
الذي نهض مسرعاً من نومه عندما صدح رنين هاتفه ، التقطه من اعلى الكومود عندما نظر لشاشته دب الرعب بقلبه واجاب والدته متلهفًا:
- أيوة يا ماما حضرتك بخير
هتفت خديجة قائلة:
- أنا بخير يا حبيبي ، بس نور تعبانه وحاولت اتصل باخوك تليفونه مغلق
قاطعها ببرود:
- أكيد.بتمثل يا ماما عشان تبوظ لأسر الليلة
ردت بجدية:
- لا يا ابني هي تعبانة بجد والا ماكنتش كلمتك في الوقت ده
- خلاص يا ماما اقفلي دلوقتي وانا هبعت لها عربية إسعاف تنتقل المستشفى بتاعنا وهتابع حالتها بنفسي مع الدكتور
بعدما أغلق الهاتف مع والدته ، هاتف الطبيب المسؤل عن مشفى والده وطلب منه ارسال سيارة إسعاف إلى الڤيلا ومتابعة حالة نور بنفسه ويخبره بكل ما يحدث أولا بأول..
وظل مستند على الفراش بظهـ ره فقد جفاه النوم بعد تلك المكالمة..
تطلع لتلك النائمة بجواره التي حرمته من قضاء ليلتهم الأولى معًا وتنام جانبه قريرة العينين لا تحمل لدنيا همًا ولن تحمل جبال من الهموم مثلما هو يحملهم على عاتقه وزاد الحمل فلم يعد لديه قدرة على الصمود والثبات ، كان يود أن يفتح لها قلبه ويخبرها عن كل الاسرار الذي دفنها بداخله ليجعلها تشاركه احزانه وتخفف عنه ، فهو بأمس الحاجة إليها ولكن كبريائه يمنعه من الضعف والاستسلام فهو لم يعتاد إلا على إظهار قوته فقط
أراح رأسه بجانب راسها وهمس بصوت خافت:
- لو تعرفي حقيقتي هتعذريني ، نفسي احكيلك على كل اللي تابعني بس لسه ما جاش الوقت المناسب ، خايف عليكي من الجاي ..
❈-❈-❈
تم نقل نور بسيارة أسعاف ورافقتها خديجة إلى المشفى لكي تطمئن على حالتها .
وعندما وصلت إلى المشفى تم دخولها على الفور لغرفة الطوارئ وفحصها فؤاد بعناية ثم فضل أن تستلقي بغرفة خاصة ومتابعتها بإتقان من أجل سلامتها وسلامة الجنين.
وبعد أن انتهى من عمله كطبيب ، قرر أن يهاتف رب عمله لكي لا يغضب عليه ، وبالفعل وضع الهاتف على أذنه يستمع للرنين على الجهة الأخرى.
في ذلك الوقت نهض سليم من جانب حياة لكي لا يُُقظها ووقف بشرفة الغرفة وهو يجيب على الهاتف بانصات يستمع للطرف الآخر.
وبعد أن علم بأن وضع الجنين بخطر زفر أنفاسه بضيق وقال بلهجة صارمة:
- شوف شغلك يا فؤاد ومدام نور تفضل تحت رعايتك لم وضعها يستقر
- أمرك يا باشا ، ثم أردف قائلا:
- بس حابب ابلغ حضرتك أن الحمل ضعيف وممكن نفقده
ضيق حاجبيه بضيق ثم قال بصوت حاد :
- هو مش انت دكتور ولا انا بتهيالي شوف محتاجه ايه ووفرهولها اعمل اللي عليك والمطلوب منك وبس ، تفضل تحت عنيك في المستشفي لم حالتها تستقر ومش هقرر كلامي تاني يا فؤاد
ثم اغلق الهاتف دون أن يستمع لرد فؤاد
فتح حياة عينيها أثر نسمة الهواء التي لفحت بوجـ هها ، راقبته وهو يتحدث بالشرفة عبر الهاتف ، نهضت مسرعاً تريد أن تعلم ما الحديث الهام الذي يجعله غاضب بهذا الحد ، حاولت أن تسترق السمع لتعلم ما هي مخطاطته الجديدة في الأعمال المشبوة
كان يغادر الشرفة بعدما أغلق الهاتف بينما حياة تقترب من الشرفة وحدث بينهما تصادم كادت أن تسقط أرضًا على ظهـ رها ولكن كانت ذراعيه الأقرب إليها وحاوط خصرها يمنعها من السقوط
جف حلقها بسبب توترها والامـ ساك بها ، ظنت بأنه رآها تحاول أن تنصت لحديثه
قرر هو التلاعب باعصابها وهي بين احضـ انه :
- عاجبك الوضع ده انا معنديش مانع
ابتعدت عنه وقالت بحده:
- وقح
أعطته ظهـ رها لتبتعد ولكن جذب رسغها وقبض بقوة عليه عادها إليه ثانيا ونظر لعيناها بثبات قائلا بلهجة واضحة :
- مش هقبل بلسانك الحلو ده يتطاول عليه، صدقيني مش هتردد لحظة أن أخرسه وبطريقتي
ثم تركها وعاد إلى الفراش متجاهلا نظراتها المشتعلة التي ترمقه إياها ، تبسم لها بلامبالاة وتسطح الفراش وهو يدندن اغنية مازال لحنها يتردد على مسامعه منما زادها غضبا ، تركت له الغرفة ودلفت داخل المرحاض لكي تتوضا وتنتظر أذان الفجر لكي تصلي فرضها وتتلو سورة البقرة كما اعتادة فعل ذلك في الآونة الأخيرة..
وعندما تطلعت لانعكاس صورتها بمرآة الحمام رأت عينان تتوهج من نار مشتعلة تحدجها بنظرات غاضبة صرخت بفزع ووضعت يـ دها على مقبض الباب بينما صوت صراخها وصل لمسامع سليم فز من اعلى الفراش بقلق ووقف أمام باب المرحاض ووضع يـ ده على المقبض يفتحه بتوجس، وجدها أمامها وهي تلهث أنفاسها كأنها كانت داخل سباق للركض وخرجت صوتها بصعوبة:
في حد جوة أنا شوفت عنية بتبص عليه
- أهدي ما فيش حاجه ، دلف لداخل المرحاض لكي يطمئنها بأنه فارغ وليس يوجد.احد ثم عاد.اليها وجد جـ سدها يرتجف ومازالت تتحدث بهسترية:
- والله عنية نار وبتبص عليه بغل
ربت على ظهـ رها برفق وأمـ سك بذراعيها لكي تسير إلي حيث الفراش جلست على أطرافه وعينيها تتلفت هنا وهناك بخوف ثم وضعت كفيها على وجـ هها وانسابت دموعها تبكي بمرارة وقالت من بين دموعها:
- أنا كنت ارتاحت من الكابوس ده ، ليه أنا تاني أشمعنا أنا
وقف أمامها عجزًا عن تهدأتها ولا يعلم بماذا يفعل لها ، فهو يصدقها كما أخبره والدها بأنها لم تتعافى تمامًا من ذلك السحر اللعين ، بحث من بين اغراضة عن مصحف ولكن لم يجد ، فتح الهاتف خاصته وبحث عن تطبيق المصحف المرتل وعندما وجده بدء باشعاله ليصدح سورة البقرة بارجاء الغرفة وجلس بجانب حياة ووضع الهاتف اعلى الفراش لكي ترتاح منما هي تشعر به الآن .
بعد مرور نصف ساعة وجد راسها تميل على كتفه ، علم بأنها ذهبت في النوم ، حاوطها من ظهـ رها وظل جانبها؛ واغلق الهاتف من ترتيل القران وضغط زر الاتصال بشقيقه
ولكن مازال شقيقه هاتفه مغلق ، زفر بضيق وألقى الهاتف اعلى الفراش ثم القي بجـ سده هو الآخر فهو يشعر بالارهاق وجذب حياة لتتوسد صـ دره ولازال كتفه محاوطها بتملك وكأنه يخشى فقدانها ..
❈-❈-❈
أشرقت شمس الصباح وبد يوم جديد ، نهض أسر من فراشه بعدما طبع قـ بلة حانية أعلى وجنة ميلانا وبحث عن هاتفه ليجد الساعة الثامنة صباحا وموعد الطائرة الخاصة بشقيقه الساعة العاشرة، نهض مسرعاً ينعش جـ سده بالماء وابدل ثيابه ثم دنا من زو حته يحاول ايقاظها برفق لكي تستعد هي الأخرى لأنهم سيقيلون شقيقه وزو جته إلى المطار .
دنا من وجـ هها يقظها بقـ بلات متفرقة أعلى صفيحة وجـ هها وبين القـ بلة والآخرى يهمس باسمها :
- ميلو ، قلبي ، صحي النوم يا روحي
فتحت عيناها بنعاس على بسمته الجذابة وصوته الهامس:
- صباح الخير على أجمل ما رأت عيني
نهضت تعانقه بحب وتجيبه قائلة:
- يسعد صباح ها الوجه الحلو
- ولا ما حد حلو غيرك يا قلبي أنا
ثم أردف قائلا:
- اجهزي بسرعة عشان هنوصل سليم وحياة المطار
نهضت مسرعة وهي تعطية قـ بلة في الهواء وهو يبادلها الإبتسامة بسعادة، ثم التقط هاتفه واعاد تشغيله ، ليتفاجئ بعدة اتصالات من والدته أمس ومن شقيقه ايضا، شعر بالقلق وعلى الفور تحدث مع شقيقه.
اجابه سليم بهدوء:
- صباح الخير يا عريس، صبحية مباركة
- الله يبارك فيك ، طمني هو في ايه لاقيت اتصال من ماما امبارح ومنك خير في حاجة حصلت
زفر أنفاسه بهدوء وقال:
- نور تعبانة وفي المستشفى من امبارح
- ودي خطة منها عشان اقعد جنبها ولا ايه ؟
- لا هي تعبانة فعلا وانا بعت لها عربية إسعاف والدكتور فؤاد متابع حالتها
هتف أسر بجمود:
- خلاص بعد ما نوصلكم المطار هنطلع على المستشفى نطمن عليها
- تمام وأنا جاهز عشر دقائق ونتحرك
أغلق الهاتف ورفض أن يخبره بأن الجنين من المحتمل أن يفقده
كانت حياة تستمع له عندما فتحت عيناها ووجدت نفسها نائمة على صـ دره نهضت مسرعة وعندما شعرت بايفاقته تصنعت النوم .
اعتدلت في نومتها وتلاقت أعينهم بصمت
قطع سليم ذلك الصمت قائلا بصوت دافئ:
- عاملة ايه دلوقتي أحسن؟
تذكرت ما حدث معها فجرًا ، فأومت له برأسها :
- الحمد لله
- طيب استعدي عشان ميعاد الطيارة ، وأسر وميلانا هيوصلونا المطار
نهضت تدلف لداخل المرحاض توضت وغادرت مسرعة وصلت الفجر الذي فاتها ثم صلت الضحى، ووقفت أمام المرآة تضبط حجابها ، بيمنا هو كان ارتدى حُلته الرمادي وجلس بمقعدة المتحرك وغادرو الجناح سويا، ليلتقون بشقيقه أسر وزو جنه أيضا بالردهة ، اقتربت الفتيات يعانقون بعضهما بينما الشبان يتهامسان بالذي حدث لنور..
بعد غضون دقائق كان يدلف أسر بسيارته داخل المطار مودعًا شقيقه بالاحضـ ان واوصاه الأخير بالاهتمام بصحته وبوالدته بزو جاته ثم ضحك بصوت عالٍ وبادلة أسر الضحك وقال مازحاً:
- قدري انتجـ وز أتنين
ربت على كتفه:
- ربنا معاك ، ثم استرسل قائلا:
-أشوف وشك بخير
وودعت حياة ميلانا أيضا ثم سارت بجانب سليم لكي يصعدون على متن الطائرة واستقل كل منهما مقعده وجلست حياة بجانب النافذة تتطلع منها للخارج وعندما أقلعت الطائرة ظلت شاردة بالسحب وفي مصيرها القادم التي لا تعلم عنه شيء ، أما عن سليم فقد كان منشغلًا بأمر هام للغاية وتلك السفرة ستحدد مصيره القادم..
بعدما تداركت ما فعله لتو، أبتعدت عنه بغضب وقالت بأنفاس لاهثة:
- أنت إزاي تعمل كدة؟ مين سمح لك تقرب مني بالشكل ده، لا مش عشان اتجـ وزنا خلاص هيكون من حقك تقرب مني ، لا يا استاذ يا محترم ،جوا زنا ده قدام الناس وبس لكن أنا رفضاك من جوايا ومجبورة عليك ومجبورة أكمل في اللعبة السخيفة إللي أنت عملتها
نظر لها بجمود وقال بلامبالاة:
- أنا سليم السعدني ومش مراتي إللي هتمنعني عن حقوقي الشرعية اللي من حقي أخدها وقت ما أحب، بس أنت ملتلزمنيش، وقريت منك بس عشان الفوبية اللي عندك ، حبيت أساعدك مش أكتر
توقف بهما المصعد حيث الطابق المنشود الذي يوجد به الجناح الخاص بهم
جحظت عيناها باتساع عندما وجدت نفسها حقا بالمصعد ويبدو أنه تحرك بها في تلك اللحظة التي قـ بلها فيها سليم
وضعت كفها على قلبها بتوتر وغادرت المصعد بأنفاس لاهثة متقطعة تحت أنظاره المبهمة ، تحرك هو بدوره ووضع الكارت الخاص بفتح الجناح ثم دلف وهي لحقت به، حاولت تنظيم أنفاسها ، أغمضت عينيها عدة ثواني وهمست بصوت خافت مرددة الاعداد من واحد إلى عشر
كان يراقبها ويبتسم على طفولتها وعندما فتحت عيناها أعطاها ظهـ رها واستقام واقفًا وترك المقعد المتحرك جانباً ، ونزع عنه السترة ورابطة العنق والقاهم أعلى مقعد منضدة الزينة ثم وقف أمام خزينة الملابس وجلب المنامة الموضوعة داخلها ثم دلف المرحاض الملحق بالغرفة وتركها متسمرة مكانها.
زفرت بضيق وتقدمت بخطوات واسعة إلى حيث الشرفة فتحتها على مصرعها لتداعبها نسمات الهواء ، تطلعت للسماء وحدقت بالنجوم اللامعة وظلت على ذلك عدة دقائق .
غادر سليم المرحاض في ذلك الوقت بحثًا بعيناه عنها وجدها بالشرفة اقترب منها قائلا:
- أدخلي الجو برد، كمان غيري هدومك ونامي عشان عندنا سفر بدري
تأفافت بضجر فقد جعلها تعود للواقع ثانيًا ودلفت لداخل دون أن تنبس بكلمة ، وأغلقت باب الشرفة ثم اقتربت من خزينة الملابس لتخرج من فاه شهقة صادمة عندما وجدته فارغًا ولا يوجد به إلا غلالة حريرية بيضاء قصيرة ، أغلقت الخزانة بضجر وبحثت بالغرفة عن الحقيبة الخاصة بملابسها
كان يختلس النظرات إليها ويكبت ضحكته من الإفلات فهو يعلم أين توجد الحقائب ولكن رفض أن يخبرها بمكانهم وفضل أن يستمتع بتوترها وعصبيتها وهي تبحث عنهم بضيق كادت أن تبكي.
رأف قلبه بها وقال بصوت متسألا:
- بتدوري علي أيه ؟
- فين شنطة هدومي؟
- الشنط في العربية اللي هتوصلنا المطار
هتفت بصدمة :
- نعم ده إزاي يعني
رفع كتفيه بلامبالاة واردف قائلا:
- ماعرفش إزاي بس تقريبا قالوا اننا مش محتاجين هدوم في ليلة زي دي
اشتعل وجـ هها بحمرة الخجل وهتفت بغضب:
- وهروح المطار بأية بقا
- افتحي ضلفة الدولاب التانية اكيد مامتك مجهزة ليك هدوم الخروج
فتحته بانفعال وجدت به بنطال أبيض قماشي وكنزة بلون السماء تصل إلى الركبه وحزام أسود عريض عند الخصر وجاكت أبيض شتوي وحجاب سماوي اللون
ظلت متسمرة مكانها لا تعلم ترتدي تلك الثياب ام تظل بثوب الزفاف إلى الصباح ولكن شعرت بالضيق فلن تتحمل قضاء الليلة بثوب الزفاف لانه ثقيل وتود أن تتخلص منه ومن المستحيل أن ترتدي الغلالة أيضا ، حسمت أمرها وجلبت الثياب المعلقة ودلفت بها المرحاض
كان الأمر شاقًا بالنسبة لها وهي تحاول نزع ثوب الزفاف ، ظلت بالمرحاض قرابة الساعة ٱلى أن انتهت من ذلك العناء وارتدت أيضا الثياب الأخرى ووضعت حجاب راسها ثم غادرت المرحاض وهي تحمل ثوب العُرس وضعته داخل حقيبته الخاصة وتركته بالخزانه، وظلت تدور بعينها داخل الغرفة كأنها تبحث عن شيء ، تحت نظراته المراقبة لها وهو ممدد بجـ سده أعلى الفراش.
لاحت ابتسامته عندما وجدها تكبر بصوت خافت للصلاه وبدأت في صلاتها وعيناه تلاحقها في كل حركة تفعلها إلى أن أنهت صلاتها وظلت جالسة مكانها تردد الاذكار
وبعد لحظات استقامت واقفة وجلست على الأريكة الجلدية الموضوعة بالغرفة ظلت جالسة لعدة دقائق ثم غفلت مكانها ، شعر سليم بالضيق من تلك الفعلة فظل ساهرًا ليتأكد من نومها وبعد مرور ساعة أخرى نهض عن الفراش وحملها برفق واراحها على الفراش ودثرها جيدا بالغطاء وظل جوارها إلى أن غفلت عيناه ..
أما عن الجناح الآخر الخاص بأسر وميلانا
بعدما ابدلت ثوب العُرس وارتدت الغلالة البيضاء التي تنساب على جـ سدها بنعومة ، تطلع إليها أسر بعشق ثم أقترب منها يجذبها لصـ دره ثم همس بأذنها قائلا:
- شو ها الجمال
دفت وجـ هها بصـ دره بخجل ، رفع ذقنها بانامله ليجعلها تنظر داخل مقلتية لترا انعكاس صورتها داخلهم
مال بشـ فتيه يلتقط شفتيها في قـ بلة طويلة يبث بها عشقه وشوقه لها، بادلته القـ بلة ورفعت ذراعيها تطوق عنقه ، جذبها أكثر لاحضـ انه ثم حملها برفق وتوجهًا بها إلى فراشهم الخاص لينعموا بتلك اللحظة السعيدة التي يسرقونها من الزمن..
❈-❈-❈
أما الوضع بالفيلا الخاصة بعائلة السعدني .
كانت نور تزرع غرفتها ذهاباً وإياباً بغضب جامح لم تستطيع ردعه ، منما أثر على حالة الجنين وبدأت أحشائها تتقلص بألم حاد ، لم تستطع تحمله ، غادرت غرفتها وهي تضع كفيها على احشائها من شدة الالم الذي يهاجمها وصرخت مناديا باعلى طبقات صوتها لسيدة خديجة :
- طنط ... يا طنط الحقيني مش قادرة
نهضت خديجة مسرعاً على صوت صراخ نور
- خير يا بنتي في ايه؟
كان جبينها يتصبب عرقًا وهمست بصوت متعب :
- الحقيني يا طنط أنا بموت
شهقت خديجة بصدمة واقتربت منها تسندها وعادت بها إلى غرفتها قائلا بصوت حاني :
- أطمني يا حبيبتي ، أكيد مجرد مغص طبيعي بيحصل في بداية الحمل
اراحتها على الفراش وقالت:
- هنزل اعملك نعناع دافئ هيريح معدتك
أنسابت دموع نور ونظرت لخديجة بتوسل قائلا:
- ارجوكي يا طنط أنا مش عاوزة أخسر ابني أنا مابقاش ليه غيره دلوقتي
اشفقت على حالتها وجلست بجوارها تجفف لها عرقها وظلت تمـ سد على جبينها برفق وقالت بصوت مطمئن:
- ما تخفيش أن شاء الله خير ،أنا هتصل بأسر يتصرف دلوقتي
نهضت من جوارها وغادرت غرفة نور تبحث عن هاتفها لتحاول الاتصال بأسر لكي يجلب لهما طبيب الآن .
وجدت هاتفه مغلق فحاولت الاتصال بسليم
الذي نهض مسرعاً من نومه عندما صدح رنين هاتفه ، التقطه من اعلى الكومود عندما نظر لشاشته دب الرعب بقلبه واجاب والدته متلهفًا:
- أيوة يا ماما حضرتك بخير
هتفت خديجة قائلة:
- أنا بخير يا حبيبي ، بس نور تعبانه وحاولت اتصل باخوك تليفونه مغلق
قاطعها ببرود:
- أكيد.بتمثل يا ماما عشان تبوظ لأسر الليلة
ردت بجدية:
- لا يا ابني هي تعبانة بجد والا ماكنتش كلمتك في الوقت ده
- خلاص يا ماما اقفلي دلوقتي وانا هبعت لها عربية إسعاف تنتقل المستشفى بتاعنا وهتابع حالتها بنفسي مع الدكتور
بعدما أغلق الهاتف مع والدته ، هاتف الطبيب المسؤل عن مشفى والده وطلب منه ارسال سيارة إسعاف إلى الڤيلا ومتابعة حالة نور بنفسه ويخبره بكل ما يحدث أولا بأول..
وظل مستند على الفراش بظهـ ره فقد جفاه النوم بعد تلك المكالمة..
تطلع لتلك النائمة بجواره التي حرمته من قضاء ليلتهم الأولى معًا وتنام جانبه قريرة العينين لا تحمل لدنيا همًا ولن تحمل جبال من الهموم مثلما هو يحملهم على عاتقه وزاد الحمل فلم يعد لديه قدرة على الصمود والثبات ، كان يود أن يفتح لها قلبه ويخبرها عن كل الاسرار الذي دفنها بداخله ليجعلها تشاركه احزانه وتخفف عنه ، فهو بأمس الحاجة إليها ولكن كبريائه يمنعه من الضعف والاستسلام فهو لم يعتاد إلا على إظهار قوته فقط
أراح رأسه بجانب راسها وهمس بصوت خافت:
- لو تعرفي حقيقتي هتعذريني ، نفسي احكيلك على كل اللي تابعني بس لسه ما جاش الوقت المناسب ، خايف عليكي من الجاي ..
❈-❈-❈
تم نقل نور بسيارة أسعاف ورافقتها خديجة إلى المشفى لكي تطمئن على حالتها .
وعندما وصلت إلى المشفى تم دخولها على الفور لغرفة الطوارئ وفحصها فؤاد بعناية ثم فضل أن تستلقي بغرفة خاصة ومتابعتها بإتقان من أجل سلامتها وسلامة الجنين.
وبعد أن انتهى من عمله كطبيب ، قرر أن يهاتف رب عمله لكي لا يغضب عليه ، وبالفعل وضع الهاتف على أذنه يستمع للرنين على الجهة الأخرى.
في ذلك الوقت نهض سليم من جانب حياة لكي لا يُُقظها ووقف بشرفة الغرفة وهو يجيب على الهاتف بانصات يستمع للطرف الآخر.
وبعد أن علم بأن وضع الجنين بخطر زفر أنفاسه بضيق وقال بلهجة صارمة:
- شوف شغلك يا فؤاد ومدام نور تفضل تحت رعايتك لم وضعها يستقر
- أمرك يا باشا ، ثم أردف قائلا:
- بس حابب ابلغ حضرتك أن الحمل ضعيف وممكن نفقده
ضيق حاجبيه بضيق ثم قال بصوت حاد :
- هو مش انت دكتور ولا انا بتهيالي شوف محتاجه ايه ووفرهولها اعمل اللي عليك والمطلوب منك وبس ، تفضل تحت عنيك في المستشفي لم حالتها تستقر ومش هقرر كلامي تاني يا فؤاد
ثم اغلق الهاتف دون أن يستمع لرد فؤاد
فتح حياة عينيها أثر نسمة الهواء التي لفحت بوجـ هها ، راقبته وهو يتحدث بالشرفة عبر الهاتف ، نهضت مسرعاً تريد أن تعلم ما الحديث الهام الذي يجعله غاضب بهذا الحد ، حاولت أن تسترق السمع لتعلم ما هي مخطاطته الجديدة في الأعمال المشبوة
كان يغادر الشرفة بعدما أغلق الهاتف بينما حياة تقترب من الشرفة وحدث بينهما تصادم كادت أن تسقط أرضًا على ظهـ رها ولكن كانت ذراعيه الأقرب إليها وحاوط خصرها يمنعها من السقوط
جف حلقها بسبب توترها والامـ ساك بها ، ظنت بأنه رآها تحاول أن تنصت لحديثه
قرر هو التلاعب باعصابها وهي بين احضـ انه :
- عاجبك الوضع ده انا معنديش مانع
ابتعدت عنه وقالت بحده:
- وقح
أعطته ظهـ رها لتبتعد ولكن جذب رسغها وقبض بقوة عليه عادها إليه ثانيا ونظر لعيناها بثبات قائلا بلهجة واضحة :
- مش هقبل بلسانك الحلو ده يتطاول عليه، صدقيني مش هتردد لحظة أن أخرسه وبطريقتي
ثم تركها وعاد إلى الفراش متجاهلا نظراتها المشتعلة التي ترمقه إياها ، تبسم لها بلامبالاة وتسطح الفراش وهو يدندن اغنية مازال لحنها يتردد على مسامعه منما زادها غضبا ، تركت له الغرفة ودلفت داخل المرحاض لكي تتوضا وتنتظر أذان الفجر لكي تصلي فرضها وتتلو سورة البقرة كما اعتادة فعل ذلك في الآونة الأخيرة..
وعندما تطلعت لانعكاس صورتها بمرآة الحمام رأت عينان تتوهج من نار مشتعلة تحدجها بنظرات غاضبة صرخت بفزع ووضعت يـ دها على مقبض الباب بينما صوت صراخها وصل لمسامع سليم فز من اعلى الفراش بقلق ووقف أمام باب المرحاض ووضع يـ ده على المقبض يفتحه بتوجس، وجدها أمامها وهي تلهث أنفاسها كأنها كانت داخل سباق للركض وخرجت صوتها بصعوبة:
في حد جوة أنا شوفت عنية بتبص عليه
- أهدي ما فيش حاجه ، دلف لداخل المرحاض لكي يطمئنها بأنه فارغ وليس يوجد.احد ثم عاد.اليها وجد جـ سدها يرتجف ومازالت تتحدث بهسترية:
- والله عنية نار وبتبص عليه بغل
ربت على ظهـ رها برفق وأمـ سك بذراعيها لكي تسير إلي حيث الفراش جلست على أطرافه وعينيها تتلفت هنا وهناك بخوف ثم وضعت كفيها على وجـ هها وانسابت دموعها تبكي بمرارة وقالت من بين دموعها:
- أنا كنت ارتاحت من الكابوس ده ، ليه أنا تاني أشمعنا أنا
وقف أمامها عجزًا عن تهدأتها ولا يعلم بماذا يفعل لها ، فهو يصدقها كما أخبره والدها بأنها لم تتعافى تمامًا من ذلك السحر اللعين ، بحث من بين اغراضة عن مصحف ولكن لم يجد ، فتح الهاتف خاصته وبحث عن تطبيق المصحف المرتل وعندما وجده بدء باشعاله ليصدح سورة البقرة بارجاء الغرفة وجلس بجانب حياة ووضع الهاتف اعلى الفراش لكي ترتاح منما هي تشعر به الآن .
بعد مرور نصف ساعة وجد راسها تميل على كتفه ، علم بأنها ذهبت في النوم ، حاوطها من ظهـ رها وظل جانبها؛ واغلق الهاتف من ترتيل القران وضغط زر الاتصال بشقيقه
ولكن مازال شقيقه هاتفه مغلق ، زفر بضيق وألقى الهاتف اعلى الفراش ثم القي بجـ سده هو الآخر فهو يشعر بالارهاق وجذب حياة لتتوسد صـ دره ولازال كتفه محاوطها بتملك وكأنه يخشى فقدانها ..
❈-❈-❈
أشرقت شمس الصباح وبد يوم جديد ، نهض أسر من فراشه بعدما طبع قـ بلة حانية أعلى وجنة ميلانا وبحث عن هاتفه ليجد الساعة الثامنة صباحا وموعد الطائرة الخاصة بشقيقه الساعة العاشرة، نهض مسرعاً ينعش جـ سده بالماء وابدل ثيابه ثم دنا من زو حته يحاول ايقاظها برفق لكي تستعد هي الأخرى لأنهم سيقيلون شقيقه وزو جته إلى المطار .
دنا من وجـ هها يقظها بقـ بلات متفرقة أعلى صفيحة وجـ هها وبين القـ بلة والآخرى يهمس باسمها :
- ميلو ، قلبي ، صحي النوم يا روحي
فتحت عيناها بنعاس على بسمته الجذابة وصوته الهامس:
- صباح الخير على أجمل ما رأت عيني
نهضت تعانقه بحب وتجيبه قائلة:
- يسعد صباح ها الوجه الحلو
- ولا ما حد حلو غيرك يا قلبي أنا
ثم أردف قائلا:
- اجهزي بسرعة عشان هنوصل سليم وحياة المطار
نهضت مسرعة وهي تعطية قـ بلة في الهواء وهو يبادلها الإبتسامة بسعادة، ثم التقط هاتفه واعاد تشغيله ، ليتفاجئ بعدة اتصالات من والدته أمس ومن شقيقه ايضا، شعر بالقلق وعلى الفور تحدث مع شقيقه.
اجابه سليم بهدوء:
- صباح الخير يا عريس، صبحية مباركة
- الله يبارك فيك ، طمني هو في ايه لاقيت اتصال من ماما امبارح ومنك خير في حاجة حصلت
زفر أنفاسه بهدوء وقال:
- نور تعبانة وفي المستشفى من امبارح
- ودي خطة منها عشان اقعد جنبها ولا ايه ؟
- لا هي تعبانة فعلا وانا بعت لها عربية إسعاف والدكتور فؤاد متابع حالتها
هتف أسر بجمود:
- خلاص بعد ما نوصلكم المطار هنطلع على المستشفى نطمن عليها
- تمام وأنا جاهز عشر دقائق ونتحرك
أغلق الهاتف ورفض أن يخبره بأن الجنين من المحتمل أن يفقده
كانت حياة تستمع له عندما فتحت عيناها ووجدت نفسها نائمة على صـ دره نهضت مسرعة وعندما شعرت بايفاقته تصنعت النوم .
اعتدلت في نومتها وتلاقت أعينهم بصمت
قطع سليم ذلك الصمت قائلا بصوت دافئ:
- عاملة ايه دلوقتي أحسن؟
تذكرت ما حدث معها فجرًا ، فأومت له برأسها :
- الحمد لله
- طيب استعدي عشان ميعاد الطيارة ، وأسر وميلانا هيوصلونا المطار
نهضت تدلف لداخل المرحاض توضت وغادرت مسرعة وصلت الفجر الذي فاتها ثم صلت الضحى، ووقفت أمام المرآة تضبط حجابها ، بيمنا هو كان ارتدى حُلته الرمادي وجلس بمقعدة المتحرك وغادرو الجناح سويا، ليلتقون بشقيقه أسر وزو جنه أيضا بالردهة ، اقتربت الفتيات يعانقون بعضهما بينما الشبان يتهامسان بالذي حدث لنور..
بعد غضون دقائق كان يدلف أسر بسيارته داخل المطار مودعًا شقيقه بالاحضـ ان واوصاه الأخير بالاهتمام بصحته وبوالدته بزو جاته ثم ضحك بصوت عالٍ وبادلة أسر الضحك وقال مازحاً:
- قدري انتجـ وز أتنين
ربت على كتفه:
- ربنا معاك ، ثم استرسل قائلا:
-أشوف وشك بخير
وودعت حياة ميلانا أيضا ثم سارت بجانب سليم لكي يصعدون على متن الطائرة واستقل كل منهما مقعده وجلست حياة بجانب النافذة تتطلع منها للخارج وعندما أقلعت الطائرة ظلت شاردة بالسحب وفي مصيرها القادم التي لا تعلم عنه شيء ، أما عن سليم فقد كان منشغلًا بأمر هام للغاية وتلك السفرة ستحدد مصيره القادم..