5

الفصل الخامس
صعدت حياة إلى المنزل وجدت الجدة تتحدث مع والدتها ويبدو بأن الحديث هام، لابد وانها تريد اقناعها بالموافقة على سليم فمن وجـ ه نظر الجميع بأنه الشاب المناسب، سارت بخطوات بطيئة لكي لا يشعرون بها؛ ثم ولجت لغرفتها لتتفاجئ بشقيقتها تركض إليها قائلة بفرحة:
-مبروك يا يويو، سمعت تيتا سناء بتقول لماما أن سليم بيحب حياة وعايز يتجوزها، وأن جاي يطلب إيدك
ثم اردفت بحماس:
- ها قوليلي كان بيقولك أية اعترفي؟انا كنت واقفة في الفراندة اراقب الجو
تركت شقيقتها تثرثر ورفضت أن تتحدث
عادة فريدة تقف في الشرفة وتراقب ما يحدث بالحديقة وعيناها تتطلع للذي سرق لُب قلبها منذ الوهلة الأولى.
بالحديقة عاد فاروق يجلس بجانب سليم مرحبًا به بعدما غادرت حياة المكان وظن والدها بأنها خجلت من رغبة سليم بالزو اج منها، شعر داخله بالقبول فتذكر عندما أستلمت عملها بالشركة وظلت تحاكيه عن مديرها الشاب الوقور الجاد بعمله ورغم عجزه إلا أنه يحمل مسؤليات كثيرة على عاتقه.
قال فاروق بود:
- بص يا بني أنا شوفت الموت بعنيه وكنت شايل هم دلال والبنات من بعدي، خصوصا بعد ما أخويا إللي من لحمي ودمي تخلي عني بعد رفض حياة الارتباط بابن عمها، وحياة اتاذت جامد من مرات عمها، والحجة سناء شافت دة بنفسها وحكتلك عن اللي حصل، انا هكلم كاب ما يملكش من الدنيا غير تلات بنات نفسه يطمن عليهم قبل ما ربنا يسترد أمانته وانا قلبي انشرحلك وهامنك أمانة واتمنى تكون قدها
ابتلع ريقه بتوتر ثم قال:
-اوعدك ياعمي هكون قد الأمانة بس اتمنى من حضرتك الزو اج يتم في الميعاد اللي حددته وان شاء الله هنفذ أمنية حياة في العمرة بس هيكون وانا واقف على رجليه ومعاها
ريت فاروق على كتفه وقال:
- اكيد يا بني عمليتك دلوقتي اهم عشان اي تأخير خطر عليك، وأن شاء الله العمرة هتتعمل بأوانها وكلها ارادة الله، ربنا يقدم لكم الخير، هتكلم مع حياة وهرد عليك بكرة بمشيئة الله
بعدما غادروا منزل فاروق قرر سليم المكوث اليوم بالمنصورة وعندما يأتي الغد ورد والد حياة بالقبول سيهاتف شقيقه بإحضار والدته وزو جته وياتُ اليه لتتم المقابلة بين العائلتين والتعارف والتحدث بكل ما يخص الزفاف..
وافقه سراج الرأي وبالفعل بحث عن فندق بالمدينة ليظلُ به اليوم..


بينما جلس فاروق مع ابنته بغرفتها يريد أن يستمع لردها وانسابت دموعه عندما همس بخوف على فراقه الحياة دون أن يطمئن قلبه عليهم فهم فلذات اكباده، حورياته الثلاثة الذي يتمنى لهما السعادة الدائمة..
لم تستطع حياة الرفض ولم تقدر على البوح بما تكنه داخل قلبها، وأعطت والدها الموافقة وطمئنة بأن سليم حقا الشاب الذي فاز بقلبها وهو أيضا يبادلها تلك المشاعر ولا داعي لقلقه فهي ستكون بأمان وتحت حمايته فهو الشخص الذي طالما حلمت به وتمنته وحقق لها ربها تلك الأمنية.
كانت تكذب بكل كلمة تفوهت بها ولكن أرادت أن يطمئن قلب والدها وهذا كل ما تسعى من أجله، ضـ مها لصـ دره بحنان وربت على ظهـ رها بحنو وبارك لها وتمنى لها الحياة الهادئة السعيدة الخالية من المشاكل، ثم نهض ليغادر الغرفة ويزف الخبر المنتظر لزوجـ ته والجدة التي تهللت اساريرها فرحًا بموافقة حياة..
❈-❈-❈
بالقاهرة..
بداخل فيلا السعدني عاد أسر وميلانا ليلًا بعدما انتهى من عمله داخل الشركة قرر ان يصطحب زو جته في نزهة لتتفتل بشوارع القاهرة ليلا وتناول العشاء على ضي الشموع بمكان هادئ يعرفة على ضفاف النيل وبعد الاستمتاع بتلك النزهة عادو إلى الفيلا وودعها أمام غرفتها بقـ بلة شغوفة ثم ابتعد عنها وقال:
- تصبحي على خير يا نبض قلبي
تبسمت له وهي ترد:
- تصبح على جنة
دلف لغرفته ليتفاجئ بنور نائمة بفراشه، زفر بضيق وتوجها لخزينة ملابسه انتقى ثياب النوم ثم دلف المرحاض ليبدل ثيابه
كل ذلك تحت انظارها الماكرة فهي تريد معرفة ما يحدث خلف ظهـ رها وما يخطط له سليم، لأن علمت بأنه لم يذهب إلى الشركة اليوم كما أنه لم يعود للمنزل حتى الآن، وكل ما يحدث داخل الشركة تعرفه بسبب الجواسيس التي دستهما بالشركة لتنقل لها كل الأخبار الخاصة بسليم ولا أحد لديه علم أين هو..
عندما غادرت المرحاض اغمضت عيناها تتصنع النوم، اقترب أسر من الفراش كان يود ان يُقظها لتذهب وتنام بغرفتها داخل جناحهم ولكن تراجع وقرر ان يتركها فهي لابد وانها متعبة بسبب الحمل، دثرها بالغطاء برفق.
فتحت عيناها تتطلع له بحزن واسبلت عيناهاتتقمص دور البريئة ثم اعتدلت وجلست على الفراش وهتفت قائلة بصوت خافت:
- أتاخرت أوي وكنت عايزة اتكلم معاك ونمت
جلس على حافة الفراش وقال بجدية:
- عايزة تتكلمي في ايه؟
قالت بصوت منكسر:
-لو وجودي غير مرغوب فيه أنا ممكن ارجع بيت جدو تاني وانت إعمل اللي يريحك، أنا غصب عني بغار عليك لم بشوفك مع ميلانا ومهتم بيها وانا هوا مش متشافه خالص
زفر بضيق ثم قال :
- ومين إللي عمل فينا كدة؟ مش انتي.. لو تفتكري ان كنت بتمنى تسافري معايا وكان ردك صدمني، فاكرة ردك ولا افكرك، على العموم مش وقت عتاب عشان ما فيش اي كلام ينفع يتقال وانا مش عاوز اجرحك، والبيت ده بيتك مش ابن توفيق السعدني اللي هيسيب مراته ام ابنه تعيش لوحدها بظروفك دي، بس اللي بينا انتهى يا نور ووجودك هنا عشان الصلة اللي بتربطني بيكي هو ابني وبس، وعلى فكرة فرحي وفرح سليم هيتم بعد اسبوع.
لم يصدمها إلا خبر زفاف سليم هتفت بصدمة :
-فرح سليم.. من مين؟
اجابها ببرود:
- مهندسة برمجة في الشركة
اشطات غيظًا وتركت له الغرفة قائلة بضيق:
-مبروك
بترت كلمتها بغضب وتركت الغرفة عائدة إلى غرفتها ثم صفعت الباب خلفها بقوة وهتفت بانفعال:
- بقا سليم هيتـ جوز ماشي أنا هعرفكم كلكم نور تقدر تعمل أية


في الصباح أخبر سليم والدته وزف لها خبر موافقة الفتاة التي اختارها قلبه بالارتباط به وتحدث مع شقيقه يطلب منه الحضور وان تأتي ميلانا معه لتتعرف على حياة وتجلب معها الهدية التي انتقتها لحياة، بارك له أسر وركض مسرعًا ييقظ ميلانا ويجعلها تستعد لذهاب معه إلى أهل العروس..

اما هي فكانت حبيسة غرفتها لم يهدأ لها بال إلا بالانتقام واقسمت بأنها ستشعل ذلك المنزل السعيد بنيران ستحرقهم جميعاً..

بمنزل فاروق كانت تتم الاستعدادات لاستقبال أهل سليم والمنزل يعج بالسعادة والفرحة اما حياة فلم تشعر بتلك الفرحة كل ما كانت تشعر به هو ألم حاد يمزق روحها، اختلت بنفسها داخل غرفتها وجلبت المصحف لتقرا سورة البقرة لعل القرآن يخفف ما تشعر به من ألم روحها وجـ سدها التي تستسلم له..
❈-❈-❈
انقضى الوقت سريعًا وتعرفت خديجة على العروس وعائلتها التي أستقبلتهم بحفاوة، كما سعدت ميلانا بذلك الثنائي فريدة وحياة ونشبت بينهما صداقة منذ الوهلة الأولى وتم قراءة الفاتحة في المساء ورفض فاروق أن يغادرون في المساء وفضل ان يمكثون بالطابق الأول كما اعدته والدة حياة من قبل، وظلت العائلتين يتسامرون بالاحاديث وقضت ميلانا وقتها بغرفة الفتيات..
وعد سليم والديها بإقامة حفل زفاف يليق بحياة وفي اليوم التالي سيذهبون إلى لندن لقضاء شهر العسل وأجراء العملية خاصته كما تمنى له الجميع الشفاء والعودة من سفرته سالمًا..

ومنذ تلك اللحظة بدأ الاستعداد للزفاف الذي سيقام بالقاهرة بعد مرور اسبوعًا..
لم يحالفه الوقت بأن يختلي بها والحديث معها ولكن من حين لآخر يطالعها بنظراته المبهمة..
قبل موعد الزفاف أنتقلت العائلة إلى القاهرة، بعدما وجد لهما سراج شقة مجاورة من شقة جدته وتم المكوث بها، أبلغ فاروق شقيقه بالذهاب إلى القاهرة كما أنه دعه لحضور حفل زفاف نجلته ولكن الاخير كان رافضًا رغم أخباره فاروق بما حدث مع ابنة حياة على يـ د زو جته ورفض شريف الاستماع إليه، شعر فاروق بالحزن الشديد وقرر ان ينشغل بعرس أبنته ولا يدع لاحد بتعكير صفو تلك اللحظة المنتظرة لطالما حلم بها وأنتظرها.

صباح يوم الزفاف
فاليوم سيزف أبنته وفلذة كبده لزو جها يوصيه بابنته خيرًا وان يكون لها الاب الحاني قبل الزو ج الحبيب، يعاملها كطفلته المدللة يكون لها الصاحب والرفيق والسند وان يعاملها معاملة حسنة ولا يبغضها ولا يخذلها وإذا را منها ما يغضبه يحدثها باللين ويكون هين معها فهي فتاة رقيقة كالقارورة لا يكسرها يغضبه فإذا أحدث بها شرخًا سيكون من الصعب أصلاحه هكذا قلب الأنثى إذا جرحته سيكون من المستحيل أعادة تطهر ذلك الجُرح..
(كسر القلوب لا يصدر صوتًا ولكنه يصدر الكثير من الألم)
لم يكن من سليم سوا الانصات اليه وان يعده بأنه سيكون لحياة كل شي يتمناه والدها..
كان يشعر بالاختناق وكان يحمل فوق صـ دره جبلا، بعدما ابتعد فاروق عن المكان وترك له حرية التصرف، وجد نفسه بحاجة إلى البكاء وتوجهًا إلى المرحاض لكي لا يرا احد ولا يشعر به.
سالت الدموع من عينيه وخبط بقبضة يـ ده بقوة على الحائط عدة مرات وبعد أن هدات ثورته الغاضبة فتح صنبور المياه ومـ د كفيه يحمل بهما حفنة من المياه وينثرها على وجـ هه لعل يهدأ..

بينما الفتيات كل عروس بجناحها الخاص ومعها الفتاة المسؤله عن المكياج.
بالجناح الخاص بميلانا كانت تجلس بابهة صورة أمام مرآتها ومصففة الشعر تقف خلفها تهندم خصلاتها البنية بعدما ارتدت ثوبها الأبيض ذات الحمالات الرفيعة مصمم على أحدث الطراز كان ضيق من عند الصـ در وينساب بضيق إلى ركبتيها ثم ينساب باتساع لاسفل قدميها، ووضعت تاج رقيق أعلى خصلاتها التي تنساب خلف ظهرها بتمويج واسع...
بينما بالجناح الاخر
كانت حياة مرتديه ثوب ابيض ذات كم ضيق محتـ ضن ذراعيها ومقفول تمامًا من عند الصـ در وينساب باتساع من منطقة الخـ صر إلى أسفلها وكانت الفتاة تلف لها حجابها الأبيض الرقيق بعدما انتهت من وضع لمساتها الأخيرة من مساحيق التجميل البسيطة المتناسبة مع بشرتها البيضاء ولون عينيها الخضراء التى تبرق بلمعان، ثم وضعت تاج فضي أعلى حجابها ليزيد من جمالها الاخذ للعيون..
هتفت شقيقتها فريدة باعجاب على مظهر شقيقتها الجذاب فقد كانت مثل الاميرات بحجابها التى حاولت الفتاة ان تقنعها بالتخلي عنه اليوم فقط من أجل انها عروس وستكون بمظهر أجمل بشعرها، رفضت حياة واصرت على إكمال زينتها بحجابها وانها لن تتهاون بحق ربها بهذا اليوم حتى وان كانت عروس فهي دائما ستكون الأفضل والأجمل بكمال دينها وعفتها بالحجاب..

داخل قاعة الزفاف بدأت المدعوين في الحضور وفاروق وسراج متولين ذلك الأمر، أما عن السيدة خديجة والسيدة دلال كانوا يشرفون على البوفيه ويتلفتون بين الحضور ليتاكدون بأن كل شي يسير على ما يرام..
اما عن العروسان الأشقاء انتهى أسر من أرتداء حُلته السوداء وهندم شعره بعناية ثم نثر عطره ووقف يتطلع لشقيقه الشارد ومصفف الشعر الرجالي ينثر له المثبت أعلى خصلاته القصيرة وكأنه بعالم اخر لم يستمع للشباب الذي يهتف متسألا :
ـ أي أوامر تانية يا باشا
تبسم أسر وربت على كتف الشاب وقال:
- تسلم انت يا منعمَ، تقدر تنزل الفرح تحتفل مع الناس
ابتسم له بود وغادر الغرفة وهو يبارك لهما ذلك الزو اج
نظر أسر لساعة يـ ده ليجد بأنها تجاوزت الساعة الرابعة عصرًا، ربت على كتفي شقيقه لينتبه له وقال:
- الساعة بقت أربعة يا سليم يعني المأذون على وصول، اجهز يا عريس عشان كتب الكتاب
أوما براسه فغادر أسر الغرفة وهو يقول:
- ميلو لوحدها هروح أطمن عليها عشان ما تحـ سش أنها من غير حد، نتقابل في القاعة
عودة لجناح حياة
كانت وحدها بمنتصف الغرفة بعدما تركتها فريدة لكي تخبر والدها بأن حياة انتهت من التحضيرات وعليه ان يصعد إليها لكي يصطحبها لزو جها

كانت تتطلع لهيئتها داخل المرآة لتتفاجئ بفتاة تقف خلفها وعلى وجـ هها أبتسامة سمحة قالت :
- مبروك يا عروسة، كان نفسي أقابلك من بدري عشان أحذرك بس للاسف ماعرفتش أوصلك
نهضت عن مقعدها ونظرت لها قائلة بتسأل:
- أنتي مين؟
تأفأفت بضجر وقالت:
- أنا نور مرات أسر
أكفهر وجـهها وقالت بعدم تصديق:
- مرات أسر إزاي وميلانا تبقى مين وفرحهم انهاردة
- ليكي حق تتصدمي، بس مش مهم أنا وجودي هنا دلوقتي عشانك، أنتي بصراحة صعبانة عليه ومش قادرة أسكت اكتر من كدة، سليم ده شيطان على الأرض وهو سبب في دمار علاقتي بأسر ورغم ان حامل شجع أسر يتجـ وز عليه ويطلقني عشان معندوش قلب ولا يعرف يحب
انهت كلماتها وغادرت الجناح قبل أن يراها أحد وتركت حياة شاردة بحديثها المبهم عن سليم
ولم تفق من شرودها إلا على صوت ولج سليم الغرفة وإغلاق الباب بالمفتاح
تطلعت له بغضب أما هو فظل يحدق بظهرها الجذاب بثوب الزفاف
حدجته بغضب وقالت:
- قفلت الباب ليه؟
فاق من تحديقه بجمالها ورد قائلا:
- عشان محتاج اتكلم معاكي ومش عاوز حد يدخل دلوقتي
- أفندم في تهديد تجديد تحب تضيفه
نهض عن الكرسي المتحرك واقترب منها يقف في مقابلتها ويتطلع لعيناها قائلا بصدق:
- أعتبري مافيش أي حاجة تجبرك على الجو از ولا في تهديد وليكي حريه القرار تكملي ولا تبعدي
- يعني ايه؟
هتف موضحًا:
- يعني في ايـ دك دلوقتي ماتكمليش الجو ازه ومش هجبرك
جحظت عيناها بصدمة ثم كركرت ضاحكة بهسترية منما جعله يندهش بسبب ردة فعلها
استردت أنفاسها وقالت بصوت حاد وعيون تهدد لتساقط الدموع جاهدت في كبتهم وضربت صـ دره بقبضة الصغيرة وهتفت :
- لا بجد أنت بتفكر إزاي؟ ده الذكاء الخارق ده يعني جاي في وقت الفرح والمعزيم مستنين ظهور العرسان وأهلي مافكرتش في أهلي وأنت جاي تقولي الكلام ده دلوقتي، عشان أيه يا سليم باشا؟
عشان ماتحـ سش أنك جبرتني على الجو ازه لسمح الله، لا بجد بتعرف تحـ س وعندك قلب ومشاعر
ثم انسابت دمعة هاربة وقالت بغصة :
- بس ده عقابي وأنا راضية بيه عشان سكت على القرف اللي بتعمله وأنا أستاهل ربنا يعاقبني بيك
كان يود أن يمـ حي تلك الدمعة ويضـ مها لصـ دره ويحكي لها كل ما يخفيه داخله ولكن لم يقدر على تلك المواجهة الان.
طرق والدها الباب فعاد سليم سريعًا يجلس على الكرسي وفتح له الباب وهو يبتسم له
دلف فاروق بابتسامته الهادئة ووقف يتطلع لابنته بحب فغادر سليم الغرفة وترك الاب مع أبنته لينعموا بتلك الخصوصية.
دنا منها واحتـ ضن وجـ هها بين راحتيه يتطلع لها والدموع تتلالا في محجرها وخرج صوته بصعوبة قائلة:
-بحمد ربنا وبشكر فضله أن عشت لم شوفتك بفستانك الأبيض وبأيـ دي هسلمك لجو زك
لم تتحمل كلماته ارتمت بأحضـ انه ودفنت رأسها بصـ دره ليشدد فاروق على ضـ مها إليه ثم طبع قـ بلة حانية أعلى رأسها وهمس بصوت ضعيف:
- هتوحشي أبوكي يا قلب أبوكي
ابتعدت عنه برفق ثم رفعت اناملها لتمحي دموع والدها المسالة على وجـ نتيه وهتفت مازحة لتبدل دموعه لابتسامة :
- وبنتك على أتم أستعداد تروح معاك أنا أصلا بتلكك ههه
ضحك فاروق وقال :
- لا خلاص يا روح قلب أبوكي المأذون وصل يعني أدبستي هههه
تبطأت ذراعه وسارت جانبه وعندما غادر الجناح وجد ميلانا محتـ ضنه ذراع أسر، اقترب فاروق منه بخطواته وقال :
- انزل انت يا عريس وأنا هسلمك بنتي التانية
أبتسمت ميلانا بسعادة وتركت ذراع أسر، أحتـ ضنتها حياة وبعد لحظات كان فاروق بالمنتصف ويشبك ذراعه بابنته من جانب والجانب الاخر تتشبث به ميلانا وهبطُ سويا درجات الدرج وعندما دلفوا لداخل القاعة أقرعت الطبول والتفت الفرقة السورية تقرع الطبل ويرقصون الدبكة السورية وبعد تلك الفقرة أقرعت الفرقة المصرية المزمار البلدي
ثم أقترب أسر يصافح فاروق ويصطحب عروسته أما عن حياة فسارت بجانب والدها يزفها إلى سليم الجالس بالكوشة منتظر عروسه.
التقط سليم كفها ورفعه لشـ فتيه يطبع قـ بلة رقيقة ويبتسم بسعادة حقيقية أنه حصل عليها، ثم ابتعد لحظات لعقد القرآن..
واعلن الشيخ صوته يصدح داخل القاعة بصوته المجلجل:
- اللهم بارك لهم وبارك عليهم وجمع بينهم في خير، أوصيك بوصية الرسول الحبيب صلى الله عليه وسلم
أستوصوا بالناس خيرًا، اتقوا الله في الضعيفين قال ومن هم الضعيفين يا رسول الله، قال المرأة واليتيم..

بعد عقد القرآن أشتعلت الموسيقى داخل القاعة وبدأت فقرات الحفل بأغنية بنت أبويا
أحتـ ضنها فاروق وتمايلت مع والدها على نغمات تلك الأغنية وعيناهم مغرقة بالدموع
صوت رنة المفتاح في الباب ساعة اما توصل
ومكالمة نص اليوم لما من غير داعي تسأل
والزعيق من ورا قلبك لما اصالحك وتتقل
وحضنك اللي بنسي قبله ليه كنت بزعل
رأيك اللي كله حكمة صوتك حفظته
كل موقف يوم زعلني وبعدين فهمته
انت اللي انا رافعة راسي من ورا اسمه وسيرته
بنت ابويا واه يا بختي بعمري وياك عشته
بيقولوا لي إني شبهك إني زيك حتة منك
روحي روحك واخدة قلبك في المشاعر والكلام
بيقولوا لي اللي شافوكي كتير لاقوكي بنت ابوكي
ده في سلامه واهتمامه يا بختي قالوا بنت ابويا يا سلام
لما تقلق وانا اخبي لتزعل عشاني
وأما في طريقنا نسافر ونشغل أغاني
وأما تشوف منى دمعة وتعمل مش شايفها
بتخاف تكسفني وتحسسني انك كاشفها
انت سندي وانت ضهري وصاحب عمري كله
لما بشكي لما بحكي من غيرك اقول اقوله
اللي مهما كبر سني هفضل اعيش في ضله
يا حبيب يارب يخلي صوتك العمر كله
بيقولوا لي إني شبهك إني زيك حتة منك
روحي روحك واخدة قلبك في المشاعر والكلام
بيقولوا لي اللي شافوكي كتير لاقوكي بنت ابوكي
ده في سلامه واهتمامه يا بختي قالوا بنت ابويا يا سلام

كانت تقف مبتعدة تراقب وعلى وجـ هها أبتسامة انتصار ثم قالت بغيظ :
- الحرب بدأت من دلوقتي يا سليم والشاطر إللي هيضحك في الآخر
ثم غادرت القاعة قبل أن يراها أحد واستقلت سيارتها تقودها إلى حيث وجـ هتها..

على جانب أخر من القاعة
وقف سراج خلف فريدة قائلا بأعجاب :
- زي القمر أنهاردة
دارت وجـ هها تنظر خلفها وتوردت وجـ نتيها بخجل ثم قالت بثقة:
- أنهاردة بس؟
لاحت ابتسامته وقال :
- لا الحقيقة من يوم ماقبلتك وأنتي زي القمر
تنحنح قائلا:
- تسمحيلي بالرقصة دي
نظرت ليـ ده الممدودة ورفعت حاجبيها من دهشة ثم ابتسمت ابتسامة طفيفة واجابته قائلة
- ماينفعش طبعا
- ليه ؟
- أنت بتتكلم جد ولا بتهزر عشان لو بتتكلم جد أنا هزعل بجد
هتف معتذرًا:
- أسف لو كنت زعلتك، بس طلبي دة بحكم القرابه اللي بينا بعتذر مرة تانية
أبتلعت ريقها بتوتر وهزت راسها نافية:
- حصل خير
أبتعد عنها بضيق بعدما رفضت عرضه وتحجج بانشغاله بالمدعوين
قضمت شـ فتيها بضيق وهتفت بحنق:
- باد بوي وهتتعبني معاك

أما عن الثنائي الشارد أقترب منه شقيقه ثم همس بجانب أذنه وأبتعد عن الكوشة قاصدًا الشاب المسئول عن الدي جي وطلب منه أشعال أغنية رومانسية
ونظر لشقيقه يرسل إليه غمزة وهزة خفيفة من رأسه
تشجع سليم وضغظ زر المقعد ليسير به ومد يـ ده لحياة أندهشت من فعلته وسحب كفها بثقة فسارت بجواره وهي لا تفهم شيء ، جذبها إليه لتسقط على أرجله وتلاقت أعينهم بصمت تعالت دقات قلبها بذلك القرب أما هو فاشرقت إبتسامته ودار بها وكأنه يتراقص معها على صوت النغمات الهادئة وذراعيه يحتـ ضن إياها بتملك داخل أحضـ انه ثم مال على أذنها هامسًا :
- أبتسمي عشان ماحدش يشفق عليكي على الأقل قدام الناس
هربت الكلمات من جوفها ولم تستطيع التفوه بقربه الزائد ولكن تعالات اصوات التصفيقات الحارة علي هذا الثنائي الرائع ..

أنقضى الزفاف سريعًا وودعوا العائلة متوجهين إلى جناحهم الخاص، فقد سبقه أسر ، أما هو فظل ينتظر لزو جته التي تودع عائلتها بالاحضان والقبلات والدموع المنهمرة وكأنها ستهاجر ولم يعدو يلتقون بها.
بعد لحظات قليلة دلف هو داخل المصعد الكهربائي ونظر لها بدهشة عندما هزت راسها نافية وقالت برفض:
- أنا لا يمكن أركب ده وأكون معاك في مكان واحد
ضحك سليم على هيئتها الخائفة فهو على علم بأنها لديها فوبية من المصاعد ولكن لن تعترف بذلك
جذبها ثانياً لترتمي باحض-ا نه لتخرج منها شهقة ، دنا بشـ فتيه والتقط شـ فتيها في قـ بلة ناعمة وعيناها تزداد أتساعًا بصدمة ولم تدرك الموقف بعد
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي