الفصل الثامن والعشرون عاد أخي ولكنه لم يعود أخي

نظرت چيلان إلى سلوي وقد بدى عليها التعجب والذهول ثم علقت قائلة:
-وما الشيء الذي تودي انقاذ أخيكِ منه؟!

سلوى وقد بدى عليها الضيق والغضب تحدثت قائلة:
-أريد أن اتقذه من جلال، أعلم أن بداخلك بعض المشاعر تجاه جلال ولكنني اقسم لكِ أنه لا يستحق هذا الحب.

علت الابتسامة وجه چيلان وعلقت قائلة:
-جلال، لا يستحق حبي، لكن مازن هو أولى بهذا الحب أليس كذلك؟

نظرت سلوى إلى چيلان وقالت:
-أنا لا أعني ذلك كل ما أعنيه أن جلال ليس كما تعتقدين.

چيلان تحدثت بنبرة حادة إلى سلوى وقالت:
-هل تشعرين بحجم الحزن الذي يعتلي قلبي من أن الشخص الذي وثقت به وفتحت له قلبي اكتشف في النهاية أنه من تسبب في موت شقيقتي؟

لم تفهم سلوى أن چيلان تقصد مازن شقيقها بهذه الكلمات، فعلقت قائلة:
-چيلان، هذا ما أردت أن اخبرك به جلال شخص لا يستحق أن تثقي به.

نظرت چيلان إلى سلوي نظرة حادة مقتضبة ثم تحدثت بضيق قائلة:
-لم أقصد بكلماتي هذه جلال، بل شقيقك مازن، لا تحاولي تضليلي حتى تبعدي الشبهات عن اخيكِ.

نظرت سلوى إلى چيلان وقد بدى عليها الذهول ثم علقت قائلة:
-چيلان، أخي ليس له أي دخل بما حدث لشقيقتك، على الرغم من اختلافي معه إلا إنني اقسم لكِ إنه لم يؤذِ أحد في حياته.

لم تقتنع چيلان بما تحدثت به سلوى، ولكنها قررت عدم المماطلة معها فهي شقيقته ومهما كانت درجة الخلاف بينهما إلا إنهما شقيقين، بل إنها ازدادت الشكوك بداخلها بأن الذي أرسلها  هو مازن نفسه فتحدثت إليها وقالت:
-حسنًا، يكفي هذا القدر، من فضلك اريد ان أغادر السيارة.

شعرت سلوى أن چيلان لم تقتنع بحديثها فعلقت قائلة:
-أعلم إنكِ لم تقتنعِ بما أخبرتك به، لذلك سوف أطلعك على الجانب الآخر من الحقيقة، سوف نذهب إلى منزل جلال وهناك سوف يتضح كل شيء.

لم تمانع چيلان في الذهاب مع سلوى إلى منزل جلال بحثًا عن الحقيقة التي كانت تنتظر ظهورها من وفاة شقيقتها.

انطلقت سلوى بسيارتها الشروكي السوداء في طريقها إلى منزل جلال.

طال الطريق وبدأ القلق يتسلل إلى قلب چيلان فكانت تقوم بمتابعة الموقع على الهاتف الخاص بها.

نظرت سلوى إليها وعلت الابتسامة وجهها ثم قالت:
-لا تقلقي فلن أقوم بخطفك، ولكن اليوم هو يوم البحث عن الحقيقة.

وصلت سلوى إلى منطقة جبلية تبعد عن القاهرة حوالي ثلاثون كيلومتر، فجأة انحرفت سلوى بسيارتها وسارت في طريق تحيط به الرمال من كل جانب المكان أشبه بمكان منعزل لا وجود لمنازل في هذا المكان.

توقفت السيارة بشكل مفاجىء، نظرت سلوى إلى چيلان وقالت:
-لا يمكننا السير بالسيارة أكثر من ذلك، سوف نكمل سيرًا على الأقدام.

نظرت چيلان إلى سلوي وقد بدى عليها الإندهاش ثم علقت قائلة:
-لا أستطيع السير في هذا الطريق الموحش، أما أن تتابعي السير بالسيارة أو نعود من حيث اتينا.

غادرت سلوى السيارة واتجهت إلى الباب الآخر من السيارة حيث تجلس چيلان.

فتحت باب السيارة وقالت:
-چيلان، ثقي بي لا أريد لأحد أن يكتشف وجودنا، لسنا منهم ولا نحمل وشم الأمان الخاص بهم، سوف نتسلل إلى داخل المنزل دون أن يشعر أحد بوجودنا حتى لا نقع فريسة في أيديهم.

بدت ملامح سلوى صادقة، فقررت چيلان الإستجابة لرغبتها ولكنها تحدثت إليها وقالت:
-المكان خالي من أي مظاهر للحياة، لايوجد سوى الرمال والجبال أين ذلك المنزل الذي تتحدثين عنه إذن؟!

امسكت سلوى يد چيلان وقالت:
-سوف ترين المنزل على بعد خطوات من هنا من فضلك ثقي بي.

أومئت چيلان برأسها وغادرت السيارة.

امسكت سلوى بيد چيلان وقالت:
-سوف نسير فوق الرمال، أعلم أن الأمر يبدو صعبًا لكننا سنفعلها.

اومئت چيلان برأسها ثم خلعت حذائها الذي لا يتناسب مع السير على الرمال، سارت في طريقها الذي لا تعلم عنه شيئًا.

نظرت سلوى إليها وقالت:
-استمعي جيدًا إلي، سوف نعبر ذلك الطريق الذي بين الجبلين لنصل إلى منزل جلال، اعلمي أنه هناك لا توجد تغطية للهاتف.

اومئت چيلان برأسها وقالت:
-حسنًا، هيا بنا.

دلفت چيلان إلى داخل الطريق الذي يفصل بين الجبلين فإذا بها تشاهد المنزل الذي يبدو من الخارج كمنزل مهجور.

ما إن شاهدت چيلان المنزل من الخارج
حتى تذكرت وصف شقيقتها وعد لمنزل سليم فشعرت أنها بالفعل أمام منزل سليم.

دفعها الفضول إلى الإسراع بالدلوف داخل المنزل، ما إن اقتربت من باب المنزل حتى وجدت يدٍ تمسك بمعصمها

نظرت في خوف وقلق فوجدتها سلوى، تجذبها من أمام الباب وتتحدث إليها بحدة:
-چيلان، هل جننتي؟! أنتِ لا يمكن أن تتخيلي ما الذي سيحدث إن اكتشف أحد وجودك هنا؟

شعرت چيلان إنها أخطأت بتوجهها صوب الباب فعلقت قائلة:
-اعتذر إليكِ ولكن اخبريني كيف نستطيع الدلوف إلى داخل المنزل؟!

جلست سلوى على الأرض وهمست إليها قائلة:
-ليس امامنا سوى طريق واحد للدلوف إلى هذا المنزل الملعون.

نظرت چيلان إليها وقبل أن تسألها عن الطريق تحدثت قائلة:
-سلوى، كيف استطعتي معرفة كل هذا دون أن تكوني واحدة منهم؟!

علت الابتسامة وجه سلوى ثم علقت قائلة:
-نحن من أسرة متدينة كان أبي يحثنا دائمًا على الإلتزام بالصوم والصلاة وفعل كل عمل يقربنا من الله،

تابعت چيلان حديث سلوى باهتمام شديد، لتكمل سلوى حديثها:
-كان والدي حاد للغاية، كان يعتقد أن الشدة هي التي ستجعلنا ملتزمين فكان يفعل معنا ما كان يفعله معه والده للدرجة التي دفعته إلى ضرب مازن وهو بعمر العشرين عامًا لعدم التزامه بالصلاة.

نظرت چيلان إليها وقد بدى عليها الذهول فعلقت قائلة:
-كيف يضرب شابًا في عمر العشرين عامًا لعدم انتظامه على الصلاة، بذلك سوف يكره الصلاة؟!

أومئت سلوى برأسها وقالت:
-هذا بالفعل ما حدث فمن شدة والدي وقسوته وفهمه للدين والتدين بشكل خاطيء جعل مازن يترك المنزل ولم نكْ نعرف عنه شيء لفترة طويلة، حينها أصيب والدي بأزمة قلبية أودت بحياته.

چيلان بصوت خفيض:
-العنف والقسوة يدمران الحياة الأسرية ويشتتان شمل العائلات، فليست القسوة من الدين في شيء فالله عز وجل قال في كتابه الكريم: "ولو كنت فظًا غليظ القول لإنفضوا من حولك فاعف عنهم".

اومئت سلوى برأسها وقالت:
-ربما علم والدي ذلك ولكن بعد فوات الآوان، ظل يبحث عن مازن في كل مكان ولكن دون جدوى.

علقت چيلان وقالت:
-ولكن كيف استطعتم الوصول إليه؟!

وبصوت حزين وعينان تتلالا بداخلها الدموع تحدثت سلوى وقالت:
-هو الذي جاء إلينا بعد أن علم بوفاة والدي.

اومئت چيلان برأسها من الأسف وقالت:
-حمدًا لله أن جمع شتاتكم مرة أخرى.

علت ابتسامة ساخرة وجه سلوى وقالت:
-لقد عاد أخي ولكنه لم بعود أخي.

علت الابتسامة وجه چيلان وقالت:
-ما الذي تعينه من هذا القول؟!


أسردت سلوى وقالت:
-عاد أخي إلينا ولكنه لم يعود كما كان، لقد عاد شخص آخر لا يصوم ولا يصلي يهتم بمتابعة كل شيء عن الأبراج، فوجئت بوجود وشم على ظهره وعندما قمت بالبحث عن معني تلك الرموز فوجئت بأن أخي انضم لجماعة ماسونية.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي