الفصل السادس والعشرون الطريق إلى الحقيقة

قد ينخدع المرء في شخص وتكون صدمة كبيرة خاصة إذا كان هذا الشخص تربطه به مشاعر طيبة، ولكن عندما ينخدع في من أحبه قلبه ومن وجد فيه الأخ والصديق تكون الصدمة أكبر.

شعرت چيلان بالصدمة والذهول من وجود جلال في غرفة مازن، لكن  صدمتها كانت أشد وأعنف عندما سمعت حديثهما.

لقد وقف جلال يبكي ويعتذر إلى مازن ويقول:
-مازن، لابد أن تصفح عني فلم أكْ اقصد ما حدث، لا أعلم كيف حدث ذلك لا أدري كيف فعلت ذلك معك؟!

نظر مازن إلى جلال وعلق قائلًا:
-لم أكْ اتوقع مهما حدث بيننا من خلافات أن تشرع في قتلي وتقوم بطعني في ظهري.

عودة للخلف.

"تحدث مازن إلى جلال بحدة محذرًا له فقال:
-جلال، من الأفضل لك الإبتعاد عن چيلان، لن اسمح لك بالاقتراب منها وإذائها.

دنا جلال من مازن وقد بدت علامات الغضب على وجهه ثم تحدث إليه قائلًا:
-مازن، ليس من شأنك أن تطلب مني الابتعاد عنها، إنني أحبها ولن ابتعد عنها.

امسك مازن بقميص جلال وجذبه صوبه بقوة ثم حدثه قائلًا:
-جلال، لا يمكنك الإرتباط بچيلان وأنت من تسبب في موت شقيقتها.

وقف جلال وقد بدى عليه الذهول من صدمة المفاجأة وعلق قائلًا:
-ماذا تقول؟! هل حقًا چيلان شقيقة وعد؟

تذكر جلال  عندما سال چيلان عن سبب  ارتدائها للملابس السوداء فاخبرته قائلة:
-لقد توفيت شقيقتي الصغيرة من فنرة قصيرة.

كما تذكر كلمات چيلان:
-ليس لدي وقت للحب،  فلدي أحلام وطموحات أريد تحقيقها والإنتقام من الشخص الذي أذاني.

أخذ جلال نفسًا عميقًا ورفع رأسه للخلف مغمضًا عيناه، ثم نظر إلى مازن وقال:
-مازن، كيف عرفت كل هذه المعلومات وما علاقتك بچيلان؟!

أراد مازن استفزاز  جلال فعلق قائلًا:
-تربطني بچيلان علاقة قوية، بل هي أقوى من علاقتك بها،  لقد طلبت منها أن تبتعد عنك، لكنها كانت تشك في أمرك فأردت ان تتأكد إنك من فعلت ذلك بشقيقتها.

علت الابتسامة وجه جلال وضحك ضحكة ساخرة ثم علق قائلًا:
-الآن عرفت كل شيء، لقد تذكرت أنت الشخص الذي قام بتوصيل چيلان بسيارته للفندق، وأنت الذي اخبرتها بأمر رائحة الياسمين وما تسببه لي من  متاعب،
تطلب منها الابتعاد عني كي تتقرب منها أنت، ولكن لن أجعلك تنول غرضك، هل فهمت؟

نظر مازن إلى جلال وأومىء رأسه نافيًا ثم علق قائلًا:
-يبدو أن الكلام معك لن يجدي نفعًا إن لم تبتعد عن چيلان سوف اخبرها بحقيقتك البشعة، وسوف أحول الشك الذي بداخلها إلى يقين.

أمسك جلال بذراع مازن وجذبه نحوه فدفعه مازن بقوة، اندفع جسد جلال حتى اصطدم بطاولة عليها سكين، نظر إلى السكين وامسك بها.

مازن في طريقه لمغادرة المكان ولكنه فوجيء بجلال يقوم بطعنه من الخلف. "

رجوع للحاضر.

نظر جلال إلى مازن نظرة مليئة بدموع الندم ثم علق قائلًا:
-مازن، اقسم لك أن قلبي كاد ان يتوقف من الخوف عليك، كيف افعل ذلك مع أخي وصديقي عمري، يبدو أنها لعنة الحب التي اصابت قلبي ولذلك لقد قررت الابتعاد عن چيلان عقابًا لي عما فعلته بك.

نظر مازن إليه وتحدث بثقة وقال:
-أصبحت لا أثق في حديثك، لكن الذي أثق فيه إنني لن أسمح لك بالإقتراب من چيلان.

مازالت چيلان تقف خارج الغرفة تستمع لحديثهما ولكنها سمعت صوت اقدام قادمة في اتجاه الغرفة فأسرعت بلآختباء  داخل غرفة التمريض.

دلفت أحدى الممرضات إلى داخل الغرفة، كانت چيلان تنتظر اللحظة التي ستغادر الممرضة الغرفة حتى تستطيع الخروج منها ولكنها فوجئت بأخرى تدلف إلى داخل الغرفة لتحضر بعض الأغراض.

نظرت الممرضة إلى زميلتها وقالت:
-أراكِ في عجلة من أمرك،  ألم ننهي عملك بعد؟!

علت الابتسامة وجه الممرضة ليلى وقالت:
-لا يمكنني الإنصراف الآن، فلازال لدي غيار للسيد مازن وبعدها سوف أغادر تستطيعين الإنصراف.

اومئت الممرضة برأسها وقالت:
-يمكنني القيام بهذا العمل بدلًا منكِ إلى أن تقومي بتبديل ملابسك لنغادر فور انتهائي من الغيار لمريضك هذا.

علت الابتسامة وجه الممرضة ليلى وقالت:
-علا، لا داعي لذلك إنني أفضل القيام بهذا العمل بنفسي.

نظرت علا إلى ليلى وقد بدى عليها التعجب وقالت:
-إنني اتعجب من امرك، لماذا تصرين على التغيير على جرح هذا المريض بنفسك؟!

دنت ليلى من علا وهمست قائلة:
-لن أخفي عليك، يوجد على ظهر هذا المريض وشم غريب للغاية، إنه أشبه بالنجمة وبداخلها مثلث ولم استطيع معرفة رؤية بقية ما يحتويه ذلك الوشم لوجود شقيقته التي كانت تقف بجواري.

علت الابتسامة وجه علا وعلقت قائلة:
-ليلى، ما الغريب في ذلك فهناك العديد من الأشخاص الذين يقومون برسم وشم على اجسادهم، مع إنني لا يمكن أن ارتبط بشخص لديه وشم على جسده.


دنت ليلى من علا وقالت:
-لم أشاهد مثل هذا الوشم من قبل، لذلك يدفعني الفضول إلى أن أسأله ما الذي يعنيه ذلك الوشم.

ضحكت علا وعلقت قائلة:
-لا أرى داعيًا لذلك؛ فهذا ليس من شأنك، احذرك من هذا الفضول الذي قد يتسبب لكِ في الكثير من المشكلات.


امسكت ليلى بأدوات الغيار واتجهت نحو الباب ثم إلتفتت إلى علا وقالت:
-اطمئني، إنني أجيد التصرف ولن أقع في أي مشكلة.

غادرت ليلى الغرفة، نظرت علا صوبها وقالت:
-اتمنى ألا تقحمي نفسك فيما ليس من شأنك.

أخذت علا حقيبتها وغادرت الغرفة؛ فقد انتهى وقت العمل الخاص بها.

بعد مغادرة علا الغرفة خرجت چيلان من خلف الستارة وقد تعرق جسدها وأسرعت إلى غرفتها.

ما إن دلفت چيلان إلى غرفتها نظرت إليها الأم وقالت:
-چيلان، أين كنتِ لقد ذهبت إلى غرفة مازن ولكنني لم اجدك.

اومئت چيلان برأسها وقالت:
-لم اذهب إلى هناك، وجدت حالة تحتاج إلى مساعدة فقمت بمساعدتها.

شعرت الأم بأن ابنتها ليست على ما يرام فتحدثت إليها وقالت:
-هل أنتِ بخير؟

أومئت چيلان برأسها وقالت بصوتٍ خفيض:
-أريد أن أعود إلى البيت، هيا أسرعي فلم اعد احتمل التواجد في هذه المشفى.

نظرت الأم إلى ابنتها وقالت:
-ألن تذهبي إلى مازن قبل أن تغادري؟!
فعندما ذهبت إلى غرفته كان هناك صديقًا له ولكنه ما إن رآني استأذن وغادر على الفور.

نظرت چيلان إلى والدتها وقد بدى عليها الغضب:
-أمي، سوف أغادر ولن أذهب لرؤية أحد، ولكنني سوف أعود إليه لاحقًا.

أيقنت الأم أن ابنتها ليست على ما يرام فلم تريد أن تثقل عليها بمزيد من الأسئلة فاستجابة لرغبتها بمغادرة المشفى.

غادرت چيلان المشفى وقفت الأم تطلب سيارة، ولكن قبل أن تقوم بطلب السيارة توقفت سيارة أمامها.

نظرت الأم إلى سائق السيارة فوجدتها سلوى شقيقة مازن.

نظرت سلوى إليها وقال:
-سيدتي، إلى أين؟

علت الابتسامة وجه الأم وعلقت قائلة:
-لقد صرح الطبيب لچيلان بالخروج فانتهزت الفرصة واصرت على مغادرة المشفى.

نزلت سلوى من السيارة واتجهت صوب چيلان وتحدثت إليها قائلة:
-چيلان، حمدًا لله على سلامتك.

نظرت چيلان إليها وحاولت السيطرة على موجة الغضب التي تجتاح قلبها وقالت:
-شكراً لكِ.

علقت سلوى قائلة:
-اسمحوا لي أن أقوم بمرفقتكم إلى منزلكم.

علت الابتسامة وجه الأم وعلقت قائلة:
-ابنتي، ليس هناك داعيًا لذلك، عليكِ أن تكوني الآن بجوار شقيقك فربما يحتاج إلى شيء.

اصرت سلوى أن تقوم بتوصيل چيلان ووالدتها، فاستجابت لها الأم وعلقت قائلة:
-ابنتي، إنني ممتنة إليكِ كثيراً، فأنتِ تحملين من الصفات الجميلة مثل ما يحمله شقيقك من كرم ونبل.

ظلت چيلان صامتة شاردة طوال الطريق، لاحظت سلوى ذلك فكانت تنظر إليها عبر مرآة السيارة بين الحين والآخر.

حاولت الأم أن تغطي على صمت ابنتها فكانت تتحدث إلى سلوى وتمزح معها طوال الطريق.

أما چيلان فكانت في وادٍ آخر، كانت تفكر في حديث جلال ومازن وحديث الممرضة مع زميلتها.

همست في نفسها وقالت:
-عندما سمعت حديث جلال ومازن كان بداخلي شك أن جلال هو نفسه السفاح سليم، أما بعد أن سمعت ما قالته الممرضة ليلى عن الوشم المرسوم على ظهر مازن أصبح لدي اليقين في أن مازن هو السفاح.

شعرت چيلان بالغضب يزداد داخل قلبها وظلت تؤنب نفسها وتقول:
-كيف استطاع كلا الشخصين خداعي باسم الحب والصداقة؟! هل وجدوا أنني فتاة ساذجة يسهل استغلالها والإيقاع بها، سوف أجعلهم يندمون على ذلك ويدفعوا الثمن غاليًا.

وصلت السيارة أمام المنزل فنظرت سلوى إلى چيلان وقالت:
-چيلان، حمدًا لله على سلامتك.

لم تنتبه چيلان إلى حديثها لقد طغى الشرود على تفكيرها ولم ترد عليها.

شعرت الأم بالحرج فتحدثت بصوتٍ عالي إلى ابنتها التي اصرت على الجلوس في المقعد الخلفي من السيارة
وقالت:
-چيلان، لقد وصلنا هيا.

انتبهت چيلان إلى صوت والدتها فنظرت حولها لتكتشف أنها أمام منزلها.

غادرت چيلان السيارة ونظرت إلى سلوى وقالت:
-أشكرك، واتمنى أن يقدرني الله وأرد لكما كل ما فعلتوه معنا.

علت الابتسامة وجه سلوى وعلقت قائلة:
-لا داعي للشكر فنحن أهل.

نظرت چيلان إليها وقد بدى عليها التعجب وعلقت بسخرية وقالت:
-أهل، ربما.

دلفت چيلان إلى داخل المنزل بينما وقفت الأم تعتذر إلى سلوى وتقول:
-ابنتي، اتمنى ألا يغضبك حديث چيلان؛ يبدو أنها ليست على ما يرام.

علت الابتسامة وجه سلوى وتحدثت قائلة:
-سيدتي، لم اغضب مطلقًا من چيلان فهي مثل الأخت بالنسبة لي.

علت الابتسامة وجه الأم وعلقت قائلة:
-إن كانت چيلان مثل الأخت فأنا سوف أكون مثل الأم بالنسبة لكِ أليس كذلك؟

نظرت سلوى إلى السيدة حبيبة وقالت:
-بالطبع أنتِ كذلك، فمنذ أن رأيتك وأنا اشعر بذلك.

واسرعت إلى السيدة حبيبة وقامت بمعانقتها، فعلقت السيدة حبيبة وقالت:
-من الآن فصاعد لن أسمح لكِ أن تلقبيني بسيدتي.

ابتسمت سلوى وتلألأت الدموع في. عينيها وقالت:
-منذ رحيل أمي لم أشعر بهذا الحنان والحضن الدافىء من أحد كما شعرته منك الآن.

ريتت الأم على كتف سلوى وقالت:
-لولا الحالة التي عليها مازن لكنت أصريت عليكِ بالدلوف إلى داخل المنزل وقضاء بعض الوقت معنا.

ابتسمت سلوى وعلقت قائلة:
-لابد أن أعود لأطمئن على أخي، ولكنني سوف أمر على چيلان غدًا لأطمئن عليها، سوف أذهب حتى لا أتأخر عليه.


غادرت سلوى عائدة إلى المشفى بينما دلفت الأم إلى داخل المنزل.

نظرت الأم إلى رضا وتحدثت إليها قائلة:
-أين چيلان؟

أشارت رضا إلى غرفتها وقالت:
-دلفت إلى غرفتها.

أسرعت الأم إلى غرفة چيلان وتحدثت إليها قائلة:
-ما هذا الجفاء والطريقة الغريبة التي تحدثتي بها إلى سلوي وهي التي تركت شقيقها واصرت على مرافقتنا إلى هنا؟!

نظرت چيلان إليها وعلقت قائلة:
-امي، اعتذر إليكِ ولكن يبدو أن الأمر قد قارب على الإنتهاء.

نظرت الأم إليها وقد بدى عليها التعجب وتحدثت قائلة:
-چيلان، لا أستطيع أن افهم ما الذي تعنيه من هذه الكلمات، لابد أن توضحي لي ما الذي تريدين قوله وما الذي حدث معك وغير حالتك بهذا الشكل؟!.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي