الفصل الخامس والعشرون لقاء داخل النفق

وقفت چيلان أمام مازن الغائب عن الوعي، نظرت إليه وتذكرت هذا الشاب المفعم بالحيوية والنشاط الذي إلتقت به بالأمس القريب والأبتسامة لا تفارق وجهه.

تذكرت عندما كان يلقبها بفتاة الثور وعندما سألته عن لقبه علق قائلًا:
-"أنا رجل المستحيل الذي لا يعرف المستحيل. "

تلألأت الدموع في عين چيلان بعد أن رأته فاقدًا للوعي مفترشًا فراش المرض لا يتحرك وقد تم توصيل المحاليل والأكسجين إليه، فتحدثت إليه وقالت:
-يا رجل المستحيل لا تستسلم للموت، لم اعهد عليك ذلك.

فجأة سمعت چيلان صوتًا صادرًا من الجهاز المتصل برأس مازن وللذي يقوم بتسجيل أي استجابة من المخ.

شعرت چيلان بالقلق فأسرعت بإستدعاء الممرضة وتحدثت إليها قائلة:
-من فضلك استدعي الطبيب على الفور، لقد حدث شيء غير طبيعي وأرجوا ألا يكون ذلك مؤشر لشيء خطير.

نظرت الممرضة إليها وقد بدى عليها الذهول وعلقت قائلة:
-كيف استطعتي الدلوف إلى هنا؟!

تحدثت چيلان بحدة وقالت:
-اخبرتك ان تقومي باستدعاء الطبيب فوراً حتى لا أحملك مسئولية أي مضاعفات قد تحدث للمريض.

نظر الممرضة إلى چيلان نظرة حادة مغلولة ثم اسرعت باستدعاء الطبيب الذي ما إن علم بما حدث حتى أتي مسرعًا إلى غرفة مازن وقام بفحصه.

نظر الطبيب إلى الممرضة وتحدث قائلًا:
-ما الذي حدث هل دلف أحد غيرك إلى داخل الغرفة؟!

أشارت الممرضة إلى چيلان وقالت:
-أجل، سيدي هذه الفتاة تسللت دون أن اراها ودلفت إلى داخل الغرفة.

دنا الطبيب من چيلان وتحدث إليها قائلًا:
-ما الذي فعلتيه؟!

نظرت چيلان إلى الطبيب وقد بدى عليها التعجب وعلقت قائلة:
-سيدي، هل يمكنك أن تخبرني ما الذي حدث لمازن؟!

علت الابتسامة وجه الطبيب وعلق قائلًا:
-لقد بدأ المريض في الإستجابة للعالم الخارجي، وهذه مؤشرات جيدة للغاية وتبشر بقرب استعادته للوعي بشكل كامل، لابد أن لكِ منزلة مميزة عنده.

علت الابتسامة وجه سلوى شقيقة مازن، فدنت من چيلان وعلقت قائلة:
-أجل، چيلان لها منزلة خاصة عند شقيقي.

ثم نظرت إليها وقالت:
-كنت أعلم أن لكِ تأثير السحر على أخي، كنت دائماً  أراقبه وهو يتحدث عنكِ فتبدو عيناه لامعتان ووجهه منير كالقمر.

نظرت چيلان إلى مازن وقد بدى عليها الذهول وهمست قائلة:
-هل يمكن أن يكون مازن... لا.. لا يمكن لقد كان ينصحني بما يجب علي فعله مع جلال؟!
تلالأت الدموع في عين چيلان وهي تنظر إليه وتقول:
-مازن، إن كانت لديك مشاعر تجاهي فأنا اعتذر لك على خذلاني لمشاعرك فدائمًا كنت لي الأخ والصديق خلال الفترة القصيرة التي تعرفت عليك فيها، ولكن يبدو أنني كنت أجرح مشاعرك دون أن ادري.

شعرت چيلان بدوار شديد فلجأت إلى المقعد المجاور لسرير مازن.

أسرع الطبيب إليها وقام بفحصها ثم علق قائلًا:
-ضغط الدم لديها منخفض بشكل كبير، لابد ان يتم تعليق بعض المحاليل لها  فوراً.

نظرت الأم إلى الطبيب وتحدثت إليه قائلة:
-سيدي، لديها غرفة هنا بالمشفى فمنذ البارحة وهي تعاني من أنخفاض ضغط الدم لديها.

اومىء الطبيب برأسه وعلق قائلًا:
-حسنًا، لابد أن تعود إلى غرفتها حاى يتابع حالتها الطبيب المشرف على علاجها.

وبالفعل ساعدت الأم وسلوى چيلان على العودة إلى غرفتها.

لم تترك سلوى چيلان إلا بعد أن اطمئنت عليها، ثم غادرت عائدة إلى غرفة شقيقها لتطمئن عليه.

جلست چيلان شاردة تفكر فيما حدث لها منذ عودتها من أمريكا، أغمضت عيناها وهمست في نفسها قائلة:
-ليتني لم أعود، لينتي ظللت هناك، ليتنا لم نلتقي.

تخيلت چيلان لو أنها لم. تعود فما الذي كان سيحدث.
"بعد انتحار وعد دخلت الأم في حالة نفسية سيئة للغاية،  بينما باشرت چيلان عملها كمحققة،  ذاع صيتها وأصبحت محققة بارعة لا تترك قضية تؤول إليها إلا بعد أن تنهيها وتكشف الجناة فيتم تقديمهم إلى المحكمة ليلقوا جزائهم.

ذات مرة وأثناء التحقيق في أحد القضايا الخاصة بمافيا المخدرات، تعرضت چيلان لطلق ناري في الرأس، من قبل  أحد أفراد عصابة المافيا أنهت حياتها.

لم تتحمل الأم خبر وفاة ابنتها الأخرى وتعرضت لهبوط مفاجيء في الدورة الدموية مما أودى بحياتها."

خرجت چيلان من شرودها ونظرت إلى والدتها، كانها أرادت أن تتفقدها، فوجدتها جالسة تصلي وتدعو الله أن يشفي چيلان وأن يكتب السلامة لمازن.

ابتلعت ريقها ثم همست قائلة:
-الحمد لله أن قدر فلطف بعباده، حقًا لو تعلمون الغيب لأخترتم  الواقع.

دلفت سلوى إلى غرفة شقيقها فوجدته وقد بدأ في تحريك أصابع يده.

أسرعت إليه وأمسكت بأصابعه ثم همست إليه قائلة:
-أخي،  أعلم إنك تستمع لما أقوله، لابد أن تستيقظ فليس لي سواك، أقسم لك إنني سوف أجعله يدفع الثمن غاليًا جزاءً على ما فعله بك.
قبض مازن على يد شقيقته فانهمرت الدموع بعينيها وأسرعت على الفور باستدعاء الطبيب.

أتى الطبيب وقام بفحصه وحقنه بعقار منبه ومقوي للأعصاب؛ يساعده على استعادة وعيه.

نظر الطبيب إلى الممرضة وقال:
-ضعيه تحت الملاحظة وأخبريني بأي استجابة تحدث له.

اومئت الممرضة برأسها وقالت:
-حسنًا سيدي سوف اخبرك بأي شيء يحدث معه.

جلست سلوى تنتظر اللحظة التي يعود فيها شقيقها مازن لوعيه، ويبدو أنها قد حانت فلم يمضي وقت طويل حتى استطاع مازن أن يفتح عيناه.

فرحت سلوى كثيراً وأسرعت إلى شقيقها وقالت:
-مازن، حمدًا لله على سلامتك، كاد قلبي أن يتوقف من الخوف عليك.

اسرعت الممرضة إلى الطبيب؛ لتخبره فجاء إليه مسرعًا.

قام بفحصه جيدًا ثم تحدث إليه وقال:
-حمدًا لله على سلامتك لقد استعدت وعيك بأسرع مما توقعت، يبدو أن  زيارة تلك الفتاة كان لها أثر ايجابي على حالتك.

غادر الطبيب الغرفة بعد أن اطمئن على حالة مازن، قبل أن يغادر تحدثت سلوى إليه وقالت:
-سيدي، لقد اكتفى مازن بفتح عيناه ولم ينطق بحرف واحد.

علت الابتسامة وجه الطبيب وعلق قائلًا:
-سيدتي، لم تمضِ سوى لحظات على استعادة شقيقك لوعيه، هناك خلل في داخله ما إن تنتظم أجهزة الجسم وينتهي ذلك الخلل سوف يتحدث ويأكل ويقفز أيضاً.

علت الابتسامة وجه سلوى وعلقت قائلة:
-شكراً لك سيدي واعتذر إليك لقد اثقلت عليك.

ابتسم الطبيب وعلق قائلًا:
-لا عليكِ اقدر قلقك بشأن شقيقك، اطمئني كل شيء سوف يصبح على ما يرام.

انهى الطبيب حديثه مع سلوى وغادر فأسرعت سلوى إلى شقيقها تنظر إليه وتدعو الله أن يتم شفائه على خير.

لحظات وبدأ مازن في التحدث إلى شقيقته فشعرت بسعادة غامرة وتحدثت إليه قائلة:
-سوف تسعد چيلان بإستعادتك لوعيك سوف اذهب إليها واخبرها.


أمسك مازن بيد شقيقته وقال:
-لقد شعرت بها وكأنني داخل حلم وهي معي تحسني على عدم الإستسلام والخروج من النفق.

نظرت سلوى إليه وقد بدى عليها التعجب وعلقت قائلة:
-أخي، أية نفق هذا الذي تتحدث عنه؟!

ابتلع مازن ريقه ثم تحدث إليها قائلًا:
-لقد شعرت بأنني أتحرر من جسدي، كنت بالأعلى ونظرت لأجد جسدي ممدد على الفراش، بعدها تم جذبي إلى داخل نفق مظلم كنت أحاول أن اغادر النفق ولكنني وجدت چيلان تقف عند بداية النفق تتحدث إلي وتطلب مني العودة.

علت الابتسامة وجه سلوى وعلقت قائلة:
-لقد طلبت مني الدلوف إليك، لقد كان ذلك ممنوعًا فقمت بإلهاء الممرضة ودخلت هي إليك، ظلت تتحدث إليك ثم فجأة صاحت وطلبت الطبيب عندما رأت المؤشرات الخاصة بالجهاز تتغير وقام الطبيب بإخبارها أن هذا مؤشر على جيد.

نظر مازن إلى شقيقته وتحدث قائلًا:
-سلوى، أريد أن أعرف كيف عرفت چيلان بوجودي هنا؟!

علقت سلوى وقالت:
-چيلان نزيلة بهذه المشفى، لقد فقدت وعيها عدة مرات بسبب انخفاض ضغط الدم لديها.

أومىء مازن برأسه وعلق قائلًا:
-لابد أن اذهب إليها واطمئن عليها.

نظرت سلوى إلى شقيقها وقد بدى عليها الذهول ثم قالت:
-أخي، لا يمكن أن تغادر غرفتك أو فراشك حتى يسمح الطبيب بذلك، لكن يمكنني أن أذهب إليها واخبرها بأنك قد استعدت وعيك، سوف تأتي إليك فورًا.

اتجهت سلوى صوب باب الغرفة فتحدث إليها مازن وقال:
-سلوى، هل أخبرتي چيلان عن الشخص الذي قام بطعني؟

إلتفتت سلوى إلى شقيقها وتحدثت قائلة:
-لا لم اخبرها، قبل دخولك في الغيبوبة طلبت مني ألا أخبر أحد بما أعرفه، وقد فعلت.

اومىء مازن برأسه وعلق قائلًا:
-هذا جيد لا تخبري احد بما حدث ودعي الأمر لي.

اومئت سلوى برأسها وغادرت الغرفة، وفي طريقها إلى غرفة چيلان همست قائلة:
-لن ادع ذلك المجرم يفلت دون عقاب، سوف انتقم منه جزاءً على ما فعله بك.

دلفت سلوى إلى غرفة چيلان وتحدثت إليها قائلة:
-چيلان، لقد استعاد مازن وعيه.

علت الابتسامة وجه چيلان وقالت:
-انتظري سوف أتي معكِ لأراه بنفسي.

رافقت چيلان سلوى إلى غرفة شقيقها ولكنها فوجئت بوجود المقدم مروان الخولي بداخل الغرفة يتحدث إلى مازن بشأن الحادث الذي وقع له.

دلفت چيلان إلى داخل الغرفة، نظرت إلى مازن وقالت:
-مازن، حمدًا لله على سلامتك.

علت الابتسامة وجه مازن وعلق قائلًا:
-سلمك الله شكراً لكِ.

نظر المقدم مروان الخولي إلى چيلان وتحدث قائلًا:
-يبدو أن چيلان اصبحت رمز مشترك في جميع القضايا في الفترة الأخيرة.

نظر مازن إلى المقدم مروان وقد بدى عليه التعجب ثم علق قائلًا:
-سيدي، چيلان مجرد صديقة وليس لها دخل فيما حدث معي، لقد أخبرتك أن الشخص الذي قام بطعني انتهز عبوري في شارع مظلم وقام بطعني من الخلف وفر هاربًا لم استطيع رؤيته وليس لي عداوة مع أحد.

أومىء المقدم مروان برأسه وعلق قائلًا:
-حسنًا، سوف اقوم بالتحريات اللازمة وإن ثبت لي أنك تقوم بتضليلي سوف تكون العواقب وخيمة.

غادر المقدم مروان الغرفة، جلست چيلان بالقرب من مازن وتحدثت قائلة:
-هيا أخبرني من الذي فعل بك ذلك؟

علت الابتسامة وجه مازن وعلق قائلًا:
-تقصدين من الذي غدر بك وطعنك من الخلف اليس كذلك؟

اومئت چيلان برأسها وعلقت قائلة:
-أجل.

حاول مازن أن يعتدل ولكنه لم يستطيع فقد انتابته ألام شديدة، أسرعت چيلان إليه وقالت:
-أرجوك لا تتحرك حتى لا تتألم.

نظر مازن إلى چيلان وقال:
-هذا الألم لا يقارن بما شعرت به من غدر عندما طُعنت من الخلف.

دفع الفضول چيلان إلى أن تسائلت قائلة:
-ألم تستطيع رؤيته أو معرفة أي شيء عنه؟

تذكر مازن تلك اللحظة التي كان يسير فيها فتعرض لطعنة ثاقبة من الخلف.

فعلق قائلًا:
-لا لم أستطيع معرفة ذلك المجرم.

نهضت چيلان من مجلسها وقالت:
-سوف اتركك تستريح الآن وسأعود للأطمئنان عليك.

غادرت چيلان الغرفة وفي طريقها إلى غرفتها إلتقت بوالدتها فتحدثت إليها قائلة:
-چيلان، أين كنتِ؟!

علقت چيلان وقالت:
-كنت اطمئن على مازن.

تحدثت الأم وقد بدى عليها الحزن:
-ألا زال كما هو؟

علت الابتسامة وجه چيلان وعلقت قائلة:
-أمي، ابشري لقد استعاد وعيه.

ابتسمت الأم وقالت:
-هل حقًا ما تقولينه؟!

ابتسمت چيلان وقالت:
-أمي، إذهبي إلى غرفته وسترين بنفسك.

اسرعت الأم إلى غرفة مازن بينما اكملت چيلان طريقها إلى غرفتها.

في المساء حضر الطبيب المعالج لچيلان وبعد فحصها تحدث إليها وقال:
-الآن تستطيعي أن تغادري المشفى؛ لقد انتظم ضغط الدم لديكِ.

علت الابتسامة وجه چيلان وعلقت قائلة:
-سيدي الطبيب شكراً لك.

ثم نظرت إلى والدتها وقالت:
-أمي، إلى أن تقومي بتجهيز حقيبتي سوف اذهب لأطمئن على مازن.

علت الابتسامة وجه الأم وقالت:
-حسنًا، ما إن انتهي من اعداد الحقيبة سوف ألحق بكِ.

اتجهت چيلان إلى غرفة مازن وما إن اقتربت من الغرفة حتى سمعت صوت تعرفه جيدًا فهمست قائلة:
-إنه صوت جلال.

دنت من باب الغرفة واسترقت السمع لتسمع صوت جلال بداخل غرفة مازن.

وقفت في ذهول وهمست قائلة:
-ما الذي جاء بجلال إلى هنا، وما علاقته بمازن؟!

ولكن حدث ما جعلها تتسمر في مكانها ولم تجرأ على التقدم إلى داخل الغرفة ولو خطوة واحدة.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي