الفصل الرابع والعشرون رجل المستحيل

وقفت السيدة حبيبة متسمرة في مكانها بعد سماعها نبأ تعرض مازن للطعن.

دلفت إلى داخل الغرفة التي ترقد بها چيلان وقد بدى عليها الحزن.

نظرت چيلان إليها ولاحظت أن والدتها عادت إلى الغرفة بوجه حزين فعلقت قائلة:
-أمي، ما الذي حدث؟! هل أخبرك الطبيب بشيء عن حالتي أحزنك؟

أومأت الأم برأسها وعلقت قائلة:
-لا لم يخبرني الطبيب سوى بكل خير وأنكِ ستغادرين المشفى في صباح الغد.

نظرت چيلان إلى والدتها وقالت:
-إذن، ما الداعي لكل هذا الحزن الواضح على ملامح وجهك؟!

لم ترغب الأم في أن تخبر ابنتها بما حدث لمازن خشية أن تتأثر فينخفض ضغط الدم لديها خاصة أن الطبيب قد اخبرها أن ضغط الدم لديها غير مستقر ويتأثر بالحالة النفسية، فتحدثت إليها وقالت:
-حبيبتي لقد تذكرت وعد فتأثرت قليلًا.

ربتت چيلان على يد والدتها وقالت:
-أمي، هذا قضاء الله وقدره وليس بأيدينا سوى الدعاء بأن يغفر الله لها ما اقترفته من ذنب عظيم، وأن يصفح عنها ويعاقب من دفعها لفعل ذلك.

تلألأت الدموع في عين الأم ولكنها استوقفت أمام كلمات چيلان الأخيرة، وعلقت قائلة:
-چيلان، ماذا تعنين بقولك"من دفعها لفعل ذلك" هل هناك من يقف خلف انتحار وعد؟!

شعرت چيلان بالضيق وأخذت تلوم نفسها على هذه الكلمات التي اعتبرتها ذلة لسان ولم تجد أمامها سوى إنها تحدثت قائلة:
-أمي، لابد أن يكون هناك دافع لما فعلته وعد، فلا يمكن أن تكون قد فعلت ذلك بدون أي تأثير خارجي.

أومئت الأم برأسها وعلقت قائلة:
-هذا أكثر شيء أصابني بالدهشة والحيرة فشقيقتك لم تكْ تعاني من الأكتئاب أو التوتر او حتى أية ضغوظ مادية كي تفعل ما فعلته، ولكن ليس الوقت أو المكان بالمناسب لهذا الحديث.

سوف اذهب الآن لزيارة جارٍ لي علمت بأنه نزيل هنا بهذه المشفى.

أومئت چيلان برأسها وعلقت قائلة:
-حسنًا أمي، ابلغيه تمنياتي له بالشفاء العاجل.

نظرت الأم إلى ابنتها ثم قالت:
-حسنًا، سوف أبلغه ذلك.

غادرت الأم الغرفة التي ترقد چيلان بداخلها وذهبت تبحث عن الغرفة التي يرقد بداخلها مازن.

استطاعت الأم الوصول إلى غرفة مازن وهناك إلتقت بشقيقته سلوى.

نظرت السيدة حبيبة إلى سلوى شقيقة مازن وقالت:
-ابنتي، لقد قمت بالاتصال بكِ متذ قليل واخبرتيني بما حدث مع مازن فجئت لأطمئن عليه، هل يمكنني رؤيته والاطمئنان عليه بنفسي؟

نظرت سلوى إلى السيدة حبيبة نظرة حزينة وقلب يعتصر ألمًا على ما حدث لشقيقها مازن ثم علقت قائلة:
-سيدتي، مرحبًا بكِ واعتذر إليكِ فحالة مازن الصحية لا تسمح بالزيارة.

شعرت السيدة حبيبة بالأسف لما حدث لمازن وعلقت قائلة:
-هل علمتم من الذي فعل ذلك بشخص خلوق مثل مازن؟

أومئت سلوى برأسها وعلقت قائلة:
-لا لم نعرف أي شي، فمنذ أن علمت بما حدث وأنه تم نقله إلى هنا وهو مازال فاقدًا لوعيه يعاني من غيبوبة مؤقتة كما أخبرني الطبيب.
ربتت السيدة حبيبة على يد سلوى وقالت:
-ابنتي، هذا رقم هاتفي إن احتجتي لأي شيء لا تترددي في الاتصال بي واخباري بما تريدينه.

أومئت سلوى برأسها وعلقت قائلة:
-سيدتي، شكراً لك لقد حدثني شقيقي كثيراً عنكِ، فلديكِ مكانة في قلبه.

تلألأت الدموع في عين السيدة حبيبة وعلقت قائلة:
-هو أيضاً، لقد اعتبرته مثل ابني الذي لم انجبه.

لم تجد السيدة حبيبة بد من المغادرة والعودة إلى غرفة چيلان حتى لا تشعر چيلان بالشك والريبة.

في صباح اليوم التالي.

استيقظت چيلان نظرت إلى الممرضة وقالت:
-سيدتي، من فضلك أخبري الطبيب أخبري الطبيب إنني أصبحت بخير وأريد العودة إلى منزلي.

علت الابتسامة وجه الممرضة وقالت:
-لا داعي للقلق سوف يمر الطبيب المتابع لحالتك ويقرر ما يراه في صالحك.

نظرت چيلان حولها ولم تجد والدتها فتحدثت إلى الممرضة وقالت:
-هل تعلمين أين ذهبت أمي؟!

اومئت الممرضة ىرأسها وقالت:
-أجل سيدتي، كانت تسأل بين الحين والآخر عن حالة مريض هنا بالمشفى، ثم ذهبت لتطمئن عليه بنفسها.

شعرت چيلان بالقلق وحدثت نفسها وقالت:
-منذ عودتي من أمريكا لم أجد أمي تزور أي مريض أو تسأل عن جيرانها وذلك بسبب الحالة النفسية التي انتابتها بعد وفاة شقيقتها وعد.

نظرت چيلان إلى الممرضة ودفعها الفضول إلى طرح السؤال التالي عليها؛
-هل تعلمين اسم ذلك المريض الذي كانت والدتي تتسائل عن حالته؟

علت الابتسامة وجه الممرضة وقالت:
-بالطبع سيدتي، لقد كنت أذهب إلى غرفته لانقل لوالدتك أخباره الصحية.

علت الابتسامة وجه چيلان وعلقت قائلة:
-حسنًا هل يمكنك اخباري به؟

وعلى الفور علقت الممرضة وقالت:
-اسمه مازن.

نظرت چيلان إلى الممرضة وقد بدى عليها الذهول وهمست قائلة:
-وما الذي حدث لهذا الشخص؟!

تعجبت الممرضة مما بدى على چيلان من صدمة وقالت:
-سيدتي، هل لكِ صلة بذلك المريض؟!

لم تهتم چيلان بسؤال الممرضة واعادة سؤالها مرة أخرى:
-أخبريني من فضلك ما الذي حدث لمازن؟

لم تجد الممرضة أمامها سوى الإجابة عن سؤال چيلان وقالت:
-لقد تعرض للطعن بسكين في ظهره.

نهضت چيلان من فراشها وقالت:
-من فضلك أريد منكِ أن تدليني عن غرفة ذلك المريض.

اومئت الممرضة ىرأسها واصطحبت چيلان إلى الغرفة التي يرقد بداخلها مازن وهناك إلتقت بوالدتها التي كانت تتحدث مع الطبيب المعالج له.

أنهت الأم حديثها مع الطبيب وإلتفتت لتجد چيلان أمامها، نظرت إليها وقد بدى عليها الذهول وعلقت قائلة:
-چيلان، لماذا قمتِ بمغادرة غرفتك؟!

تجاهلت چيلان ما قالته والدتها وتحدثت إليها قائلة:
-امي، أريد أن أرى مازن.

تلألأت الدموع في عين الأم وقالت:
-ابنتي إنه يعاني من غيبوبة مؤقتة منذ أن تم نقله إلى هنا، والطبيب قد منع زيارته.

لفت نظر چيلان فتاة تقف أمام الغرفة الخاصة بمازن تطلع إليه من خلف الزجاج، فتحدثت إلى والدتها وقالت:
-امي، من تكون هذه الفتاة؟!

اشارت الأم إلى سلوى وقالت:
-إنها سلوى شقيقة مازن.

دنت چيلان من سلوى وتحدثت إليها قائلة:
-لا تقلقي فشقيقك شخص يتمتع بحبه للحياة ولن يستسلم للموت بسهولة.

انهمرت الدموع من عين سلوى وعلقت قائلة:
-لابد أنكِ چيلان اليس كذلك؟

أومئت چيلان برأسها وعلقت قائلة:

-أجل، هل تحدث معك مازن بشأني؟!

إلتفتت سلوى إلى النافذة الزجاجية وتحدثت وهي تطلع إلى شقيقهاوقالت:
-لم يكف عن الحديث عنكِ طوال الفترة الماضية.

همست چيلان إلى سلوى وقالت:
-سلوى، استمعي إلي اريد أن ادلف إلى داخل الغرفة ربما يجدي ذلك نفعًا.

إلتفتت سلوى حولها تطلع إلى الممرضة المسئولة عن متابعة حالة مازن، ثم همست قائلة:
-حسنًا، سوف أذهب وأقوم بالتحدث مع هذه الممرضة وفي اثناء ذلك تتسللين أنتِ إلى داخل الغرفة ولكن لا تطيلي.

اومئت چيلان برأسها، وبالفعل ذهبت سلوى إلى الممرضة وظلت تتحدث إليها ثم أشارت لچيلان بالتحرك فدلفت چيلان إلى داخل الغرفة.

ما إن دلفت چيلان إلى داخل الغرفة ونظرت إلى مازن حتى انهمرت دموعها ووقفت متسمرة في مكانها من الصدمة، ثم تحدثت إليه وقالت:
-يا رجل المستحيل لا تستسلم للموت أرجوك.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي