قلوب متألمة

الفصل الحادي والعشرون ...

كأن قلبه يكاد يخرج من موضعه أثر خوفه عليها، ينتظر سماع أى معلومة تصل إلى القائد تطمئن روحه ولو قليلاً، إلى أن أستأذن أحد زملائه السابقين بالدخول .

_أحنا لقينا العربية يا فندم فى بداية الطريق السريع لكن مفيش أى أثر لرياض ولا اللى معاه .

هب ياسين واقفاً متسائلاً:
_يعنى إيه؟ يعنى بدلوا العربية ولا حصل إيه؟

_أهدا يا ياسين، تمام لو فى أى جديد عرفنى فوراً.

_تمام، بعد أذنك .

دقائق تمر بطيئة على قلب مرتجف خوفاً على المحبوب، ليدخل ضابط أخر مسرعاً.
_ فى إخبارية يا فندم عن عربية أتقلبت على الطريق السريع، ومكانها مش بعيد عن العربية اللى لقيناها.

رد القائد :
_عرفتوا هوية اللى موجودين فيها ؟

_كان فيها أتنين رجال وبنت، وتنطبق مواصفاتها مع ورد مصطفى .

هنا أنتفض ياسين يلتمس أى أمل لنجاتها .
_ هى موجوده فين ووضعها إيه ؟

_ الأسعاف هناك ولسه مفيش معلومات عن الوضع الصحى لهم، غير إن حصل ضرب نار عليهم ودا اللى سبب الحادثة .

أقترب منه ياسين يسأله مجدداّ.
_طيب أى مستشفى ؟

_مستشفى (...) .

تحرك ياسين أتجاه الباب فسمع صوت القائد يناديه .

_ياسين، الموضوع أكبر من حادثة عادية، حياتك ممكن تكون فى خطر لو المنظمة هى اللى خططت للحادثة .

_تفتكر حياتى أهم من حياتها يا فندم.

قالها ضارباً بأمانه عرض
الحائط متجهاً للمشفى .

ألتفت القائد للضابط الموجود ورد قائلاً:
_ القوة تتجه للمستشفى، وتأمنها كلها لغاية ما نعرف التفاصيل .

_تمام .

جلس القائد يفكر فى ذلك العاشق المتهور الذى قد ينهى حياته فى أى لحظة .


يقف يزيد بملامح غامضة لا أحد يستطيع تفسيرها، حتى الغضب غير بادٍ عليه.

وقفت دليلة بجوار عبير تحتضن ابنها، أما مهجة ف أخذت التوأمتين إلى الغرفة وخرجت مسرعة إلى ابنتها الواقفة أمام زوجها برعب حقيقي .

أقتربت سمر من يزيد تلمس ذراعه تحاول ألتماس عطفه، لكنه أنتفض من لمستها بنظرات خاوية.

_يزيد، يزيد يا حبيبى دى مجنونة، دى بتخرف مش فاهمة هى بتقول إيه .

صامتاً مسلط نظراته عليها، لا يبدى أى رد فعل .

فأقتربت منه مجدداً تحاول أستعطافه لكنه صامت ساكن تماماً.

_يزيد، دول بناتك حبايبك وأنت عارف أنك أول حد فى حياتى، متصدقهاش.

قالتها سمر تحاول تهدئة الواقف أمامها لترد مهجة .

_يزيد يا ابنى، أنت هتصدق كلام ناقصة الرباية دى وتكدب مراتك حبيبتك وأم بناتك ؟

لترد سمر:
_دى هى اللى كده يا يزيد وعايزه تنتقم منى، علشان عارفه إنى أحسن منها .

لم تحتمل دليلة أكثر من ذلك لتزيح ذراع عبير التى تحاوطها وتسحب من كفها هاتف حديث الطراز، أقتربت من يزيد لتقف حائلاً بينه وبين سمر تفتح أحد الملفات وتخرج مكنون صدرها .

_يا باشمهندس أنا مش بفترى على حد، أنا سمعتها هى وأمها بيتكلموا وروحت حكيت لعبير وأسألها، قومنا جايبين التليفون ده وبعتنالك الرسايل منه .

جذبتها سمر من ذراعها قائلة بصدمة جلية على ملامحها .
_أنتى ؟

أزاحت دليلة يد سمر الممسكة بذراعها بعنف مكملة حديثها .
_أيوا يا حبيبتى أنا، وأنا اللى كنت ببعت الصور والرسائل، وعبير اللى بعتتلك الصور دلوقت وقت الخناقة علشان تيجي تلحق سارة واللى معاها.

فتحت أحد الملفات ليجد ڤيديو مسجل سابقاً لسمر تحدث والدتها عن خطتها فى كشف حقيقة ورد أمام رياض ف ردت عليها والدتها بأن سعيد إن رأى رياض ستقوم حرب بينهم، لعلمه أنه والد الفتيات، ف أخبرتها سمر بأنها لاتبالى إلا برؤية ورد وسارة منكسرين أمامها ف كم ذلك سيشفي غليلها، وتخبرها بالڤيلا التى أتفقت عليها مع رياض .

أبتعدت دليلة عن يزيد رافعة الرأس تنظر لسمر ومهجة بتشفي لتقف بجوار عبير.

ينظر الجميع بإتجاه يزيد الصامت، ف ثباته وهدوئه ليس بالطبيعي فأقترب من سمر بهدوء ناظراً فى عينيها بنظرة خاوية كم تمنت سمر أنت تكون نظرة عتاب أو لوم حتى لكنها لم تجد أى مشاعر فى عينيه، كانت ستقترب منه تحاول تكذيب دليلة و التملص من فعلتها، إلا أنه باغتها بصفعة قوية لتحتضنها والدتها بعدها بخوف ليعود للخلف مجدداً ناظراً للباكية أمامه .

_أنتى طالق، وورقتك هتكون عندك فى أقرب وقت، وأنا معايا اللى هطعن بيه فى نسب بناتك .

خرج بهدوء غير آبه لنحيب سمر وبكائها ليتجه إلى منزله بقلب مفطور على سنين عدة قضاها فى غفلة عن حقيقة كل ما حوله .

يشعر بالضياع والتيه، لا يحزن إلا على فراق بناته.

وصل ياسين إلى المشفي ينتظر وصول ورد .

إلى أن لمح سيارة الإسعاف تصل فأسرع ناحيتها .

أخرج المسعفون جثمان موجود بأحد الأكياس السوداء لينقبض قلبه، ف فتح الوجه بقلب مرتعب ف كان "منصور" ليتنفس ياسين الصعداء.
لمح سيارتين قادمتين، فأتجه إلى الأولى ليجد المسعفين يحملون ضالته .

كان المسعفون يضعوا على وجهها قناع الأكسجين، رأى ياسين دماء تغطى ذراعها وكدمات على وجهها، بعدها أسرع المسعفون بها إلى الطوارىء .

رأى مسعفين أخرين يحملون رياض وحالته لا تقل سوءاً عن ورد، بل أسوأ .
كان المكان يعج بأفراد الأمن، والتوتر يملىء المكان، فوقف ياسين أمام غرفة العمليات يدعوا ل ورد بقلب عاشق صادق أن تكون بخير .

دقائق ليصل يزيد وسارة إلى المكان بعد أن علم من ياسين ما حدث لتقف سارة بجوار ياسين باكية تدعوا لرفيقتها .

فأقترب يزيد من ياسين يربت على كتفه برفق فنظر إليه ياسين بعيون متألمة ليبتسم له يزيد مطمئناً له، بقلب نازف .


فكم من مرة نربت على كتف صديق أو حبيب نحاول مواساته، وفى قلوبنا جرح نازف نحتاج من يداويه .
فقد أخبرتنى رفيقة ذات مرة "من أستطاع مداواة من حوله ومساعدتهم وهو متألم، خفف الله عنه حمله وأختصه برحمته."


فى مكان بعيد عن مكان الحادث ولكن فى نفس البلد .
_لم أتأكد بعد من موت رياض سيدى، سأتأكد بنفسي .

_وإن لم يمت ؟

_لا تقلق، أعتبره فى عداد الأموات .

أغلق المتحدث الهاتف يقود سيارته مجددا نحو المشفى المطلوب .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي