الفصل الثاني والعشرون رائحة الياسمين

استيقظت چيلان وقد انتابها حالة من الخوف والفزع لتكتشف أن ما كانت تعانيه لم يكْ سوى كابوس مفزع.

وضعت يدها على عنقها وظلت تلتقط أنفاسها وتقول:
-ألن تنتهي تلك الكوابيس المفزعة؟ كاد قلبي أن يتوقف من الخوف.

ظلت چيلان مستيقظة حتى بدأت شمس اليوم الجديد في البزوغ فاستسلمت للنوم.

اليوم التالي.
دلفت رضا إلى غرفة چيلان فوجدتها غارقة في النوم، رق قلبها ولم ترغب في إزعاجها.

غادرت رضا الغرفة دون أن تشعر بها چيلان.

نظرت الأم إلى رضا فلاحظت أنها تغادر غرفة ابنتها على أطراف أصابعها فهمست قائلة:
-ألازالت چيلان نائمة؟!

أومئت رضا برأسها وقالت:
-أجل سيدتي لازالت نائمة.

وقفت الأم تفكر وهي تردد:
-لابد أن چيلان تعاني من أمر ما؛ فليس من عادتها أن تظل نائمة كل هذا الوقت إلا عندما تكون حزينة أو هناك أمر يقلقها، لكنني أعلم أن ابنتي كتومة ولا تصرح بسهولة عما تعاني منه.

لم يمضي وقت طويل حتى سمعت الأم صوت رنين الهاتف الخاص بچيلان.

نظرت الأم إلى رضا وقالت:
-هذا الهاتف سوف يوقظها.

وبالفعل استيقظت چيلان لتجد أن المتصل هو جلال وبحركة لا أرادية وضعت يدها على عنقها، ثم أجابت على اتصاله بصوتٍ مرتجف وقالت:
-مرحبا جلال.

تعجب جلال من صوت چيلان الخفيض ثم علق قائلًا:
-چيلان، هل لازلتي نائمة؟! إنني أنتظر حضورك على أحر من الجمر.

نظرت چيلان إلى الساعة قوجدتها قد قاربت على الثانية بعد الظهر فعلقت قائلة:
-لم أشعر بالوقت لقد تأخرت كثيراً في نومي، حسنًا لقد استيقظت سوف اتناول قهوتي وبعدها سوف أتي إلى المطعم.

علت الابتسامة وجه جلال وعلق قائلًا:
-سوف انتظر حضورك ولكن رجاءً لا تتناولين القهوة قبل أن تتناولي شيء ولو حتى بسيط.

ابتسمت چيلان وعلق قائلة:
-لا تقلق لقد تعودت على ذلك خاصة إذا كان لدي ألم في رأسي كما هو الآن

شعر جلال بالقلق فتحدث قائلًا:
-چيلان، إن كنتِ متعبة فلنؤجل لقائنا لوقت آخر.

همست چيلان في نفسها وقالت:
-لابد أن أنهي ما بدأته، أصبحت أعيش داخل مجموعة من الكوابيس التي تؤرقني، لابد أن أعرف الحقيقة من أنت؟

لاحظ جلال صمت چيلان فعلق قائلًا:
-چيلان، أشعر بالقلق عليكِ هل يمكنني أن ترسلي إلي الموقع الخاصة بمنزلك؟

انتبهت چيلان إلى أن جلال يرغب في الحضور للمنزل فهمست قائلة:
-في حالة أن جلال هو نفسه سليم عندما يأتي إلى هنا سوف يكتشف من أكون بالنسبة لوعد.

فأسرعت بالتحدث إليه وقالت:
-جلال، لاداعي للقلق سوف أتي للقائك حتى تطمئن إلى إنني بخير.

علت الابتسامة وجه جلال ثم قال:
-حسنًا إنني أنتظرك ولكن انتبهي أثناء قيادتك السيارة.

علت الابتسامة وجه چيلان وقالت:
-حسنًا سوف انتبه إلى اللقاء.

انهت چيلان المكالمة الهاتفية مع جلال ثم غادرت غرفتها، صاحت على رضا
وقالت:
-رضا،  أعدِ لي فنجان قهوة فلدي موعد هام.

سمعت الأم حديث ابنتها فتحدثت إليها وقالت:
-چيلان، تناولي فطورك أولًا وبعدها قومي بتناول ما تشائين.

دنت چيلان من والدتها وقبلت رأسها ثم قالت:
-أمي، ليس لدي رغبة في أن اتناول الطعام كل ما أريده هو فنجان من القهوة.

نظرت الأم إلى رضا وقالت:
-رضا، أعدي افطار خفيف لچيلان وبعدها قومي بإعداد القهوة، لن أسمح لها بإحتساء القهوة على معدة خاوية.

علت الابتسامة وجه چيلان وعلقت قائلة:
-حسنًا أمي، لن أخاف أوامرك.

ثم نظرت إلى رضا وقالت:
-رضا، أسرعي فلدي موعد لا أود أن أتأخر عليه.

علت الابتسامة وجه الأم وعلقت قائلة:
-مع من هذا الموعد يا ترى؟

تحدثت چيلان إلى والدتها وقالت:
-مع صديق، ربما يصبح عدو وربما يصير حبيب.

نظرت الأم إلى ابنتها وقد بدى عليها التعجب ثم قالت:
-لا افهم ما الذي تعنيه من ذلك ومن هو ذلك الصديق المشكوك في أمره؟!

ضحكت چيلان وعلقت قائلة:
-أمي، سوف أخبرك بكل شيء ولكن في الموعد المناسب.

أحضرت رضا الأفطار فجلست چيلان تتناول افطارها ثم أسرعت بارتداء ملابسها، ارتشفت قهوتها على عجل ثم غادرت المنزل.
ث
استقلت چيلان سيارتها واتجهت إلى مطعم جلال، ولكن في طريقها إلى المطعم توقفت أمام إحدى متاجر بيع العطور وقامت بشراء عطر برائحة الياسمين ثم أكملت طريقها إلى المطعم.

وصلت چيلان المطعم وقبل أن تدلف داخل المطعم قامت بوضع عطر الياسمين.

عندما لمح جلال وصول چيلان إلى المطعم أسرع بإستقبالها وقد بدت السعادة على وجهه.

انتظرت چيلان أي رد فعل لجلال بعد وضع عطر الياسمين ولكنها لم تجد منه أي شيء غير طبيعي.

شعرت چيلان بالإرتياح وعلت الابتسامة وجهها ثم تحدثت إليه وقالت:
-اعتذر عن التأخير فوالدتي قد اصرت على عدم مغادرتي للمنزل حتى اتناول افطاري.

علت الابتسامة وجه جلال وعلق قائلًا:
-يبدو أن والدتك أم حنونة وتخاف عليكِ وعلى صحتك وأنا اقدر لها ذل، چيلان أود أن ألتقي بوالدتك

نظرت چيلان إليه وقد علت الابتسامة وجهها ثم قالت:
-أجل تود أن تلتقي بأمي حتى تتفقا علي أليس كذلك؟

ضحك جلال وعلق قائلًا:
-لا، بل أود لقائها لأخبرها بأنني أحب ابنتها كثيراً وأصبحت لا أقوى على الابتعاد عنها لحظة واحدة.

نظرت چيلان إليه وعلقت قائلة:
-جلال، هل حقًا تود أن تلتقي بأمي؟

أمسك جلال بيد چيلان ثم وضع قبل حانية على يدها وقال:
-أجل أود أن اتقدم لخطبتك فوراً، ما رأيك أن نذهب سويًا إليها الآن؟

نظرت چيلان إليه وقد بدى عليها السعادة ثم فجأة تذكرت وعدها لشقيقتها بأنها سوف تثأر لها من سليم، وسفرها لأمريكا وما ينتظرها هنا من مستقبل باهر فتحدثت قائلة:
-جلال، بنؤجل الحديث في هذا الأمر الآن.

نظر جلال إليها وقد بدى عليه الضيق وتحدث قائلًا:
-هل بداخل قلبك مشاعر لشخص آخر؟

أغمضت چيلان عينيها من الضيق ثم علقت قائلة:
-جلال، لقد اخبرتك من قبل أن علي العودة لأمريكا فمستقبلي هناك.

نظر جلال في عينيها الفيروزتين ثم تحدث إليها وقال:
-چيلان اصدقيني القول، ماذا أمثل لكِ؟

حاولت چيلان التهرب من ذلك السؤال فتحدثت قائلة:
-جلال، لابد أن أذهب إلى المرحاض.

شعر جلال بالضيق فأومىء برأسه وقال:
-حسنًا، تفضلي يمكنك الذهاب.

اسرعت چيلان إلى المرحاض واخذت تلتقط أنفاسها وتقول:
-أيها القلب اهدأ سوف يفتضح أمرك.

ثم تذكرت رائحة الياسمين فعلقت قائلة:
-لم تحدث أية أعراض عندما  استنشق جلال هذا العطر وهذا ما يطمئن قلبي، ولكن سوف أعاود الكرة مرة أخرى.

ظلت چيلان تضع من العطر بشكل مبالغ فيه ثم خرجت إلى جلال.

ما إن استنشق جلال العطر حتى إلتفت إليها، أمسك بيدها ثم همس في اذنها وقال:
-اهربي كما تشائين هذا القلب المختبأ خلف ضلوعك والذي أسمع نبضاته ينبض بإسمي، لا أعلم سر جاذبيتك اليوم ربما رائحة الياسمين التي تفوح منك والتي أعشقها، لا ليست رائحة الياسمين ولكن كل ما فيكِ يجذبني إليكِ.

شعر جلال بيد چيلان كأنها تتجمد من البرودة فأسرع بتقبيلها ثم قال:
-لقد أخبرتك من قبل من لم يكْ قدرك فلا تغيري قدره، ولكنك تغيرين قدري بيدك، چيلان أحبك.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي