الفصل العشرون الملجأ

شعرت چيلان بقلبها يرتجف خوفًا وبقدميها لا تستطيع أن تحمل جسدها، فلجأت إلى المقعد وجلست، ابتلعت ريقها ثم نظرت إلى المقدم مروان وقالت:
-سيدي، وما الذي تريده من جلال؟!

وعلى الفور تحدث جلال كأنه يعلم ما الذي يريده منه المقدم مروان وقال:
-حضرة المقدم، كما اخبرتك في السابق ليس لي دخل بما حدث لتلك الفتاة.

نظرت چيلان إلى جلال وقالت:
-جلال، من هي تلك الفتاة التي تتحدث عنها؟!

نظر جلال إليها وتحدث قائلًا:
-إنها فتاة اصطدمت بي أثناء خروجها من المطعم، كانت حينها تحمل كوبًا من القهوة فانسكبت القهوة على ثوبها.

كانت چيلان تتابع حديث جلال باهتمام شديد ثم قالت:
-وما الذي حدث بعد ذلك؟

تابع جلال حديثه وقال:
-كل من الطبيعي ان اعرض عليها أن اقوم بتوصيلها؛ فثوبها كان متسخ بسبب القهوة التي انسكبت عليه.

نظر المقدم مروان الخولي إليه وقال:
-جلال، بشهادة الشهود وتسجيلات كاميرات المراقبة كل الدلائل تؤكد أنك آخر شخص إلتقت به سارة قبل أن تلقي بنفسها في النيل.

شعرت جيلان بالصدمة واضعة يدها على فمها في ذهول، منتظرة ما سيتحدث به جلال.

جلال بثقة وثبات تحدث قائلًا:
-سيدي المقدم، لقد عرضت عليها توصيلها لمنزلها؛ فثوبها كان متسخ ولم أرغب في أن أكون سببًا في أية مضايقة قد تتعرض لها، وبالفعل وافقت واستقلت مع سيارتي ولكن في الطريق اكتشفت أنها هي التي تعمدت الإصطدام بي وكل ما حدث كان تخطيطًا منها لرغبتها في التعرف علي.

أومىء المقدم مروان الخولي برأسه مستمعًا لما يقوله جلال بينما واصل جلال حديثه قائلًا:
-عندما تحدثت معها بحدة طلبت منى أن اتوقف بالسيارة لأنها ترغب في مغادرة السيارة وهذا ما حدث، ولا تخبرني سيدي أن حدتي معها هي السبب في انتحارها فهذا أمر لا يعقل.

اصر جلال على صدق حديثه وأنه ليس له شأن بأمر انتحارها، لم يجد المقدم مروان الخولي أمامه سوى مغادرة المطعم ولكن قبل أن يغادر تحدث إلى جلال وقال:
-سوف اغادر الآن ولكن إن تبين لي خلاف ما تحدث به سوف أعود مرة أخرى ولكن لن أقوم بالتحدث إليك بل كي ألقي القبض عليك.

غادر المقدم مروان وشعرت چيلان بعدم التوازن، نظرت إلى جلال وقالت:
-جلال، أعتقد أن علي الرحيل؛ فلست على ما يرام.

أخذ جلال نفسًا عميقًا ثم تحدث قائلًا:
-چيلان، ليس لي شأن بما حدث لتلك الفتاة.

نظرت چيلان وعيناها تفيض بالدموع ثم قالت:
-منذ فترة ليست ببعيدة فقدت شقيقتي وإلى الآن أعاني من فقدها، إنني أعرف ما الذي يعاني منه أهل تلك الفتاة من أسى وحزن على ما حدث لأبنتهم.

امسك جلال بيد چيلان وقال:
-لم أكْ اتخيل أن يكون هذا اليوم بهذا الشكل، كنت انتظر حضورك إلى هنا بفارغ الصبر كي أخبرك بأنني أحبك كثيراً.

انهمرت الدموع من عين چيلان ولم تستطيع التحكم في مشاعرها فغادرت دون أن تتحدث بكلمة واحدة.

حاول جلال اللحاق بها ولكن ذلك الشخص الذي يرتدي معطفًا ويضع غطاء الرأس فيخفي به ملامح وجهه قام بجذب يد جلال نحوه وقال:
-دعها الآن، إن لحقت بها ستعرف اشياء تدمي  بها قلبك.

إلتفت جلال إليه وقال:
-من أنت وكيف تجرؤ على جذب ذراعي بهذه الطريقة؟!

وقف الرجل أمام جلال وقام بنزع ذلك الغطاء فانكشف وجهه وتحدث جلال وقد بدى عليه الذهول وقال:
-أنت! ألم أخبرك من قبل إنني لا أرغب في رؤيتك مجددًا ما الذي جاء بك إلى هنا؟!

استقلت چيلان سيارتها ولم تكف عيناها عن البكاء اسرعت بالاتصال على مازن وقالت:
-مازن، هل يمكنني رؤيتك الآن؟

شعر مازن أن چيلان ليست على ما يرام فعلق قائلًا:
-چيلان، هل أنتِ بخير؟

علقت چيلان بصوتِ متقطع من أثر البكاء:
-سوف أكون بخير ولكنني في هذه اللحظة احتاج إلى أن اتحدث إليك.

علت الابتسامة وجه مازن وشعر بالسعادة ثم علق قائلًا:
-لا تعلمي مدى سعادتي بهذه المكالمة، أن أكون أنا الشخص الذي تودي التحدث إليه عندما تحتاجين إلى الحديث مع أحد فهذا له معنى كبير عندي، بالطبع ارسلي إلي موقعك وسوف أتي إليكِ على الفور.

قامت چيلان بالتوقف بالسيارة وارسال الموقع الخاص بها إلى مازن وجلست داخل السيارة تنتظر حضور مازن.

جلست چيلان تتذكر ما حدث مع جلال منذ لحظات وكيف أنه صرح لها بحبه، لقد أصبح بداخلها العديد من المشاعر المختلطة.

تارة تتذكر تلك اللحظة التي أخبرها فيها أنه يحبها وإنه لم يكْ يتخيل أن يحدث كل ما حدث وأنه ليس له ذنب فيما حدث لتلك الفتاة، وتارة أخرى تذكرت الساعة وكره جلال للون الأبيض وما ذكرته وعد  في مفكرتها عن الأشياء الغريبة التي لاحظتها على سليم، فتشعر بالريبة والشكل تجاه جلال.

أمسكت چيلان برأسها وهمست قائلة:
-كاد رأسي أن ينفجر، لا أعلم هل كل ما حدث مجرد صدفة وأن جلال شخص برىء أم أن جلال هو نفسه سليم؟!

وفي هذه اللحظة وصل مازن وتحدث إليها مازحًا:
-سيدتي، لا يمكنك الإنتظار هنا الأ تقرئين هذه اللافتة؟!

نظرت چيلان إلى اللافتة فوجدتها مكتوب عليها "ممنوع الإنتظار".

نظرت چيلان إلى مازن وقالت:
-لم أكْ أرى هذه اللافتة وإلا ما كنت لأنتظرك هنا، ولكن كيف حضرت بهذه السرعة ألم تكْ في منزلك؟!

علت الابتسامة وجه مازن وعلق قائلًا:
-كيف لي أن أتأخر عنكِ عندما تحتاجين إلي؟ ولكنني سأخبرك فعندما قمتِ بالاتصال بي كنت لدي صديقٍ  لي قريب من هنا.

أومئت چيلان برأسها وعلقت قائلة:
-حسنًا، إلى أين سنذهب؟

أشار جلال إلى مكان خاص بإنتظار السيارات وتحدث قائلًا:
-يمكنك ترك سيارتك هنا في ساحة الإنتظار هذه وتأتين معي ثم أحضرك مرة أخرى إلى هنا، فما رأبك في ذلك؟

رحبت چيلان بفكرة مازن وتركت سيارتها في ساحة الإنتزار لحين عودتها.

استقلت چيلان السيارة مع مازن ثم تحدثت قائلة:
-إلى أين سوف نذهب؟

علت الابتسامة وجه مازن وعلق قائلًا:
-هل تناولتي غدائك؟

أومئت چيلان بالنفي وقالت:
-لا لم اتناول شيء.

همهم مازن بكلمات غير مفهومة، فنظرت چيلان إليه وقالت:
-مازن، ما الذي تفوله أنا لا افهم شيء مما تقوله؟!

علت الابتسامة وجه مازن وعلق قائلًا:
-يبدو أن هناك شيء سيء قد حدث معكِ ولم تجدي من يدعوكِ على الغداء لذلك قمتِ بالاتصال بي.

علت الابتسامة وجه چيلان وعلقت قائلة:
-أجل هذا ما حدث.

نظر مازن إليها وقال:
-هذا ما كنت أود رؤيته، ابتسامتك الجميلة، والآن سوف نذهب إلى اوى مطعم يقابلنا أعرف إنه سيحظى بإعجابك.

تذكرت چيلان أن أول مطعم سوف غي طريقهم هو مطعم جلال فأسرعت قائلة:
-مازن، من فضلك لا أريد الذهاب إلى ذلك المطعم ولا أريد أن اتناول شيء يمكننا الذهاب إلى مكان آخر واحتساء القهوة.

احترم مازن رغبة چيلان بعدم الذهاب إلى ذلك المطعم واتجه إلى مطعم آخر.

توقف مازن امام ذلك المطعم ونظر إليها ثم قال:
-سوف نتناول غدائنا داخل هذا المطعم ثم نطلب القهوة وبعدها ستخبرينني بكل شيء أليس كذلك؟

أومئت چيلان برأسها وعلقت قائلة:
-حسنًا مازن شكراً لك.

دلفت چيلان بصحبة مازن إلى المطعم وأشار مازن إلى إحدى الطاولات وقال:
-ما رأيك في الجلوس على هذه الطاولة؟

نظرت چيلان إلى الطاولة وعلقت قائلة:
-حسنًا، نجلس هناك.

اتجه مازن إلى الطاولة وجذب المقعد تجاهه كي تجلس چيلان فوقه.
جلست چيلان على المقعد ثم نظرت إلى مازن وقالت:
-شكراً لك فأنت دائماً تأسرني بذوقك ونبلك.
اتجه مازن إلى المقعد الخاص به جذبه ثم جلس عليه، نظر إلى چيلان وقال:
-آنستي العزيزة هذا أقل شيء يمكن أن اقدمه لكِ، فتاة الثور أنتِ تستحقين أكثر من ذلك.

حضر النادل، نظر مازن إلى چيلان وتحدث قائلًا:
-ما الذي تريدين تناوله على الغداء، أم تتركي لي هذا الخيار ونتناول السمك مع حساء الطعام البحري والريتسا.

علت الابتسامة وجه چيلان وعلقت قائلة:
-مازن، هذا طعامي المفضل بالطبع موافقة سوف أترك لك الخيار.

نظر مازن إلى النادل وحدثه مازحًا:
-لقد سمعت تركت لي الخيار، سوف أعطيه لك لتقوم بإعداد سلطة رائعة بجانب الأشياء التي طلبتها منذ قليل.

ضحك النادل وتبادل مازن الضحك معه ثم قال:
-هل عرفت ما الذي نود تناوله أم أعيده عليك مرة أخرى؟

علت الابتسامة وجه النادل وعلق قائلًا:
-لا داعي سيدي فإنني أعرف طلبك جيدًا لحظات وسوف يكون الطعام جاهزًا.

اومىء مازن برأسه ثم نظر إلى چيلان وقال:
-ما رأيك في أن نبدأ في الحديث إلى أن يتم اعداد الغداء؟

نظرت چيلان إلى مازن وقالت:
-لا أعلم من أين أبدا ولكنني سوف أقص عليك ما حدث معي منذ عودتي من أمريكا لقضاء العطلة مع اسرتي.

بدأت چيلان تقص على مازن كل ما حدث وكانت تلاحظ على وجه مازن التأثر كلما تحدثت عن شقيقتها وعد أو عما جاء في المفكرة الخاصة بها.


داخل مكتب المقدم مروان الخولي.

جلس المقدم مروان على مكتبه مشغول البال شاردًا.

دلف المقدم أسامة الشريف صديقه المقرب، نظر إليه ثم حدثه قائلًا:
-مروان، إلى أين أخذك. شرودك؟!

نظر المقدم مروان إلى صديقه وعلق قائلًا:
-أسامة، أشعر بأنني أدور في حلقة مفرغة لا أعلم متى ستنتهي بي.

تعجب المقدم اسامة وعلق. قائلًا:
-ألم تنتهي تلك القضية الخاصة بالفتاة المنتحرة بداخل غرفة نومها؟!

نظر المقدم مروان الخولي إلى صديقه وعلق قائلًا:
-ما أفكر به هو حادث انتحار لفتاة أخرى.

نظر المقدم أسامة الشريف إليه وقد بدى عليه التعجب وعلق قائلًا:
-ما الذي أصابك؟! هل اصبحت متخصص في قضايا الفتيات المنتحرات أم أن هناك وباء قد أصاب الفتيات وجعلهم يقدمن على التخلص من حياتهن؟!

نظر المقدم مروان الخولي إليه وقال:
-لا أعلم ولكنني أشعر أن الدافع للإنتحار لكلا الفتاتين واحد وهذا ما يشغل عقلي.


شعر المقدم أسامة الشريف بالتعجب وعلق قائلًا:
-ربما يكون حقًا الدافع واحد كلاهما تعرضت لقصة حب فاشلة فاسودت الحياة في عينيها وفي لحظة ضعف قررت التخلص من حياتها.

نظر المقدم مروان الخولي إلى صديقه وقال:
-ليس الأمر هكذا ولكن ما أعنيه أن الشخص الذي دفعها للإنتحار هو نفسه.

علت الابتسامة وجه المقدم أسامة الشريف وقال:
-من يكون هذا الشخص المتخصص في حث الفتيات على التخلص من حياتهن؟!

داخل المطعم الذي يتناول فيه مازن وچيلان الغداء.

احضر النادل الغداء وقام بوضعه على الطاولة ثم نظر إلى مازن وقال:
-سيدي، هل ترغب في شىء آخر؟

نظر إليه مازن وتحدث إليه قائلًا:
-شكرًا لك يمكنك الذهاب.

ثم إلتفت برأسه صوب چيلان وتحدث قائلًا:
-لقد انهيتِ حديثك، سوف نتناول الغداء وبعدها سوف أخبرك برأيي.

اومئت چيلان برأسها وقالت:
-حسنًا، لا أعلم لماذا أردت التحدث إليك في هذا الأمر ولكنني شعرت بالإرتياح عندما تحدثت إليك.
علت الابتسامة وجه مازن ثم أشار لها بتناول الغداء.

بعد أن انهت چيلان تناول الغداء كانت تنظر اللحظة التي سوف يتحدث إليها مازن.

طلب مازن القهوة ثم نظر إلى چيلان وقال:
-چيلان، هل تريدين رأيي في هذا الأمر؟

نظرت چيلان إليه وعلقت قائلة:
-بالطبع.

اومىء مازن برأسه وعلق قائلًا:
-ابتعدي عن جلال.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي