30مكيدة غرام

ألكساندر
اقتربت مارقتي ، وأعينها تفيض بنظرات متآمرة ، ولكنني أحببت مراوغتها ، بطبيعتي لا أحب الأشياء السهلة ، وإذا بها تتمسك بمقدمة رداءي ، تشب على أطراف أصابع قدمها ؛ نظراً لفارق الطول بيننا وهي ترمش بأهدابها في إغواء ، تقول ممررةً طرف لسانها على شفتيها المثيرة ،

- " لستُ شريرة إلى هذا الحد ، ولكنني فرحة جدا لأنك لم تعاشرها ، أريد أن أكون الوحيدة التي تنعم بجموح لمساتك ألكس ، لذا تستحق مكافأة تعويضية عما حدث ، ما رأيك ؟! " .

ابتلعت بإثارة ، وأنا أتابع حركة يدها العابثة ، وأطراف أناملها الناعمة التي تداعب صدري عبر فتحة ثيابي زادت حالتي سوءاً ، أومأت إليها بالإيجاب وأنا مغيب ، فابتسمت تعض على شفتها بوقاحة محببة ، بينما أشتعل جسدي برغبة مجنونة .

أفلتت قميصي ، تخفض ذراعها ، ليحتضن كفها الرقيق يميني ، مخللةً أصابعها بين خاصتي ، ونظراتها تشير إلى غرفة المرحاض تقول بغنج ،
- " إذاً سأحضر إليك حمام دافئ قبل جولتنا " .

اللعنة !! أهذا وقته ؟! عن أي حمام تتحدث ؟! وكيف لي أن أصبر على ما بي من شوق ؟!

طوقتُ خصرها أجذبها إلي فجأة ، أرفع جسدها عن الأرض ، أعتصرها بين ذراعي ، أهمس إليها برقة ،
- " صوفيا ، لا تتلاعبي بي ، أريدك حبي " .

انكمشت ملامح وجهها وهي تقترب برأسها مني ، تتشمم رائحتي ، ثوانٍ وارتسم الاستياء على ثغرها ، ومن ثم ابتعدت دافعة صدري بكفيها ، تقول باشمئزاز ،
- " ما هذا أليكس ؟! "

نظرتُ إليها بعدم إدراك ، أسألها وبرغم محاولتها للفرار من قيدي لها إلا أنني لم أتركها ،
- " عم تتحدثين ؟! " .

أجابتني بنفور ، - " رائحتك سيئة يا رجل هل كنت برفقة هيلا أم أختلط عليك الأمر ونمت إلى جوار غوريلا من وحوش الغابة ؟! " .

على الرغم من إدعائها المبالغ به ، إلا أنني لم أتمكن من السيطرة على نوبة الضحك التي تملكتني ، صحيح أن تشبيهها غير منصف لهيلا ولكنني أتفق معها ، إنها منفرة ليست بأنوثة صوفيا ولا تمتلك جاذبيتها .

أدمعت عيناي من شدة الضحك ، بعد أن أنزلتها أرضاً ، ولكن تجمدت البسمة على شفاهي وأنا أراها شاردة بي وكأنها تراني لأول مرة ، وزادتها وهي تتمتم ببراءة ،
- " كم هي آسرة ابتسامتك ألكس !! أنت جذاب للغاية عندما تخلع عنك قناع الجمود وتتصرف على طبيعتك " .

لن ينقذها أحد من يدي ، ولا حتى حيَلها ، زأرتُ بحماسة اقترب الخطوات القليلة التي ابتعدتها عني، ولكنها ركضت إلى الحمام ، وقبل أن تغلق بابه عليها أطلت برأسها من فتحته ، تقول بمشاكسة ،
- " لن أدعك تلمسني حتى تزيل عنك رائحتها الكريهة ، أعدك سأُعِد لك الحمام على طريقتي ، ستنبهر ألكس " .

لحظات وفُتِح باب المرحاض على مصرعيه ، تبتسم معذبتي بانتصار ، وهي تمد ذراعها إلى الأمام كدعوة منها للانضمام إليها بالداخل .

لبيتُ دعوتها على الفور ، أقول بتمني ، وروائح العطور العذبة المنبعثة من حوض الاستحمام جعلتني أتصور أمور غاية في الروعة ،
- " دعينا نستمتع بخلطتكِ السحرية سوياً " .

قلتها وأنا أحثها على الإنضمام إلي ويدي تعبث بحمالة ثوبها ، ولكنها خفضت رأسها بارتباك تقول بخجل ،
- " ألكس !! لا تحرجني بهذا الشكل أرجوك ، سأنتظرك في الخارج حتى تنتهِ " .

سحقاً !! خجلها وإن بدا طبيعياً ولكن فكرة أنها تحجب أفكارها عني جعلتني أشك بالأمر ، في هذه اللحظة وددتُ لو أنني أتمكن من الذهاب إلى دراجون سبب البلاء كي اقتلع رأسه عن كتفيه ؛ إنه حتماً من علمها ذلك ، ألا يكفيه أنه يمتلك قدرة اختراق الأفكار بل إنه استأثر بالداء ودواءه .

استعدتُ ذكريات تلك الفترة التي كنا فيها أنا ودراجون أصدقاء ، وذلك قبل أن يتولى كلانا مهامه كقائد لعشيرته .

هو من دربني على حجب أفكاري وأنا من علمته فنون الحرب والقتال حتى أصبحنا نستخدم مهاراتنا التي اكتسبها كلاً منا تجاه الآخر ، صحيح دوام الحال من المحال !!

أغمضت عيني وأنا أدس جسدي داخل الحوض ، لحظة ... اثنان .... وشب حريق ببشرتي وكأن ما بالحوض زيت مغلي وليس ماء وصابون.

خرجت على الفور ، أسب وألعن كان يتوجب علي أن أتفهم أن حمقائي كانت تخطط إلى كارثة ، سكبت ماء نقي على رأسي ، فهدأ مابي قليلاً ولكن فور أن ارتديت ثيابي ، شعرت بوخز على جلدي كالأشواك .

اندفعت كالعاصفة أركل الباب بقدمي ، فسقط أرضاً ، لتصرخ تلك التي قلبت حياتي رأساً على عقب ، تهرول مسرعةً إلى خارج الغرفة ، ركضتُ خلفها ، أصرخ بغضب شديد ،
- " سآتي بك ولو كنتِ بجحر الأفاعي ، قفي مكانك وإلا سوف ..... " .

هربت الكلمات ولم أجد أبشع مما هددتها به مسبقاً ، وأخذت أزمجر باستشاطة عندما استدر رأسها إلي ، وهي تخرج لسانها في حركة زادت من شعوري بالغيظ من أفعالها المتهورة .

احتشد كل مَن بالقصر من خدم ، يتهامسون وأعينهم تكاد أن تقفز من وجوههم من شدة العجب .
لِمَ لا وملكهم ، أنا ، الألفا ألكساندر الذي ما إن يذكر اسمه يخر أعداءه راكعين خوفاً ورهبة ، يركض خلف إحداهن بعد أن بعثرت هيبته ووقاره ؟!
حسناً ، سيكون عقابها مضاعفاً .

اعترض چاكوب طريقي يقف بيني وبينها كالسد المنيع ، يقول ما زاد الوضع سوءاً وولَّد بداخلي رغبة في دفنها حية ،
- "هاااي ألكس !! ماذا تفعل ؟! هل فقدت صوابك ؟! ما يحدث الآن سيضعك في موقف مخزٍ أمام الجميع !! انظر حولك يا رجل .

لم يكن چاكوب بحاجة إلى لفت نظري إلى ما يدور ، إنه محق ، ولكن فات أوان النصيحة وجاء وقت الانتقام .

دفعته جانباً ، وأنا أكمل طريقي إلى حيث اختفت داخل غرفة الخدم وأغلقت الباب خلفها ، كنت على وشك تحطيم هذا الباب أيضاً ، ولكن صوت بداخلي آثر على إبقاءه كستار لحجب أعين الفضوليين عما سأفعله بها .

ضربت الباب بكتفي بحرصٍ ، ومَن كانت تثير غضبي بالخارج وجدتها تقف في الزاوية القريبة إلى باب الغرفة كفتاة صغيرة تخشى عقاب والدها ، وعلى الرغم مما كنتُ أخطط له من أنواع العقاب ، إلا أنني شعرتُ برغبة قوية في ضمها كي أهدأ من روعها.

ولكن تدافُع الخدم من الأوميغا عبر فتحة الباب جعل الدماء تغلي برأسي ، وتلك الحمقاء تلعي دون مراعاة لموقفي وهي تقول ،
- " عيب عليك أيها الألفا !! تستعرض عضلاتك على ضعيفة مثلي ؟! "

رددتُ أجز على أنيابي بغيظ ،
- " ضعيفة !! أنتِ أيتها المحتالة ضعيفة !! "

أومأت برأسها في إيجابٍ تقول باستهزاء ،
- " أجل ، كل هذا بسبب هيلا ، هي مَن جعلتك تثور علي ، أ كُل هذا لأنك لم تعطها ........... "

جحظت أعيني بصدمة تلك المارقة ستجعل مني أضحوكة ، بل كما قالت مسبقاً ستجلب لي العار ، لذا قاطعتها وأنا أصيح بالخدم ،
- " فليذهب كل منكم إلى عمله وإلا ستندمون على عدم تنفيذكم للأمر، وسيكون مصيركم كهذه المختلة التي ستصير عبرة لمن لا يعتبر " .

ساد الهرج والمرج وانفض الجمع على الفور .

أغلقت الباب خلفهم بركلة من قدمي ، ولم أكلف نفسي عناء إحكام غلقه ، فما من أحد قادر على مخالفة أمر من أوامري سوى عديمة العقل تلك .

انقضيت عليها أقبض على عنقها ، وإذا بها تباغتني بضربة شنيعة بركبتها ما بين ساقيا ، فمال جسدي إلى الأمام ، وأصبح كل ما تُقدِم عليه يجعلني أصر على تأديبها .

قبضت على كاحلها ، فاختل توازنها لتسقط على الأرض ، ولم أمهلها الفرصة للفرر بل اعتليتها على الفور ، أكبل كلا معصميها أعلى رأسها بيد واحدة ، أتوعدها قائلاً ،
- " كيف حالكِ الآن ؟! هل نفعكِ طيشكِ وسلاطتك لسانكِ ؟! انطقي ماذا وضعتي في ماء الاستحمام يا ملعونة ؟! " .

سأجن !! حتماً سأجن من أفعالها !! إذ رمقتني بنظرات تحدي ، وهي تقول كاذبة ،
- " لم أضع شيئاً ، ماذا سيجعلني أقوم بفعلة كهذه ؟! "
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي