خبر سار يعقبه حسرة

الفصل السابع عشر .....

من قلب العسر يأتى اليسر، فتأتى الآلام متبوعة بالآمال .


جرت ورد يعقبها ياسين للأسفل ليجدوا سارة مستلقية أمام شقة أم عمر و الأخيرة تحاول إفاقتها.

_ سارة، مالها يا طنط؟

_معرفش يا ورد، أنا لقيتها خبطت عليا وبعد ما فتحت لقيتها واقعة كده على الأرض .

فى تلك الأثناء كان يزيد صاعدا إلى الأعلى ف بمجرد رؤية زوجته على ذلك الوضع، ألقى ما يحمله فى يده وجرى عليها فزعاً.

_سارة، مالك يا سارة؟

_طيب شيلها دخلها جوا طيب .

قالها ياسين منبهاً يزيد ليحملها ويدخلها شقتها .

حاولوا إفاقتها أكثر من مرة إلى أن فاقت أخيراً، كانت مرهقة يظهر عليها أمارات التعب جلية.

_ أنتى كويسة يا حبيبتى ؟

قالتها ورد بقلق فأمأت سارة برأسها مرددة "الحمدلله"بضعف.

_طيب إيه اللى حصل، تيجى ننزل مستشفى ؟

_لا يا يزيد أنا بس أرهقت فى الشغل شويه ف تقريباً الضغط انخفض فجأة، فلما حسيت بتعب روحت على أم عمر علشان خوفت أبقي لوحدى .

ضمها يزيد إلى صدره بهدوء فأستأذن ياسين ومعه الأخرين بعد الأطمئنان عليها .

_ها يا روحى بقيتى أحسن ؟

_والله أحسن، عايزه أريح بس .

_ طيب هجهزلك أكل خفيف وبعدين نامى براحتك .

_ لا مش هقدر، معدتى تعبانى بقالها يومين ومفيش حاجة فيها بتثبت.

_طيب طالما تعبانه كده مقولتيش ليه؟

_ أنا تمام الحمد لله ماتقلقش، فين مالك؟

_مع أم عمر، غمضي عينك أنتى وريحي شويه .

_حاضر.

أغمضت عينيها لدقائق ضاغطة على أسفل بطنها الذى بدأ يؤلمها للتو، حاولت تحمل الألم إلى أن بات لا يحتمل .

_ يزيد، بطنى .

قالتها متألمه باكيه.

_طيب يلا بينا بسرعة على المستشفي.

قام بالأتصال ب ياسين طالباً منه تجهيز السيارة ثم قام بحمل سارة إلى الأسفل، حين لمحته ورد نزلت مسرعة ليركب الأربعة فى السيارة ويتجهوا مسرعين إلى المشفى.

بعد قليل من الفحص والتحاليل خرج الطبيب مطمئناً لهم .

_خير يا جماعه ما تقلقوش، المدام بقت أحسن دلوقت الحمد لله، تقدروا تدخلوا.

_طيب هى مالها يا دكتور.

قالتها ورد بقلق بالغ.

_مفيش دا وضع طبيعي
فى حالتها، شويه مغص كلوي ف طبيعي يعملوا كده خصوصاً أن الحمل كمان لسه ف أوله .

نظر الكل إلى الطبيب بصدمة .

_حمل ؟
رددها يزيد خلف الطبيب

ليرد الطبيب:
_أنت متعرفش ولا إيه؟
المدام عدت الأسبوع التالت.

نظر ياسين وورد إلى يزيد بإبتسامة ليجدوه على وضعه الساهم، فتحدثت ورد مبتسمة:
_مبروك يا يزيد .

حينها أنتبه لها يزيد فبادلها الأبتسامة ثم أتجه إلى غرفة زوجته .

أقتربت ورد من ياسين تبتسم له بفرحة.

_عقبالنا.

همس بها فأبتسمت بخجل ونظرت إلى أتجاه أخر .

أما عند يزيد ف شعوره غريب، لا يستطيع تفسيره، كأنه سيكون أب لأول مرة، ف شعوره تلك المرة مختلف عن سابقتها لا يعلم أن ذلك هو الشعور الأبوى الحقيقي .

جلس بجوارها فنظرت له بتعجب من نظرته وأبتسامته الغريبة .
_ فى إيه يا يزيد؟
الدكتور قالك إيه؟

_قالى أحلى حاجة سمعتها فى حياتى.

_اللى هى ؟

_أنتى حامل يا قلب يزيد، فى جواكى حته منى.

حضنها برفق بعد أن قالها فأدمعت عيناها سائلة :
_أنت فرحان يا يزيد ؟

_فرحان ؟ دى كلمة قليلة على أنها توصف شعورى، مع أنى مش أول مرة أعيش الوضع ده بس أحساس غريب جايلى أنه أول مرة .

سمع ياسين جملة يزيد الأخيرة ف شعر بالحزن على رفيقه، كم يرغب فى أن يبوح له بما فى صدره لكنه لن يستطيع حالياً.

_ ها المحلول خلص يا سوسو؟

_اه يا ورد الحمد لله .

_طيب كده خلاص ولا فى حاجة تانية ؟

_مستنيه الدكتور بس يجى يطمنى وأشوف هعمل إيه .

بعد قليل دخل الطبيب للأطمئنان عليها ثم كتب لها بعض الأدوية وطلب منها زيارة طبيبة للنساء لمتابعة الحمل .

فى وقت متأخر من الليل عاد الجميع مرة أخرى إلى المنزل وتوجه كلاً منهم إلى منزله.

_ يزيد، أنت أتأخرت معايا أوى يلا أرجع بيتك علشان مايحصلش معاك مشاكل .

_ لا أنا بايت معاكى الليلة .

نظرت له قليلاً بفرحة تملأ قلبها وخوف فى آن واحد .

_ لا يا حبيبي علشان مايحصلش بينكم مشاكل.

أثناء الحديث رن هاتفه برقم سمر، فأستأذن من سارة وخرج للرد عليها .

_ألو ...

_أنت فين يا يزيد الساعة عدت ٢؟

_ أنا عند سارة عندها مشكلة ومش هينفع أجى الليلة .

_نعم؟ سارة إيه دى اللى هتبات عندها الليلة أنت أتجننت ولا إيه ؟

_سمر، أحترمى نفسك وأفتكرى أنتى بتتكلمى مع مين .

_تمام، تمام يا باشمهندس، سلام .

أغلقت الهاتف ورمت إياه على الفراش بجوارها لتشتعل غيظاً وما زاد الطين بلة هو تلك الصورة التى وصلت إليها من نفس الرقم المجهول ل يزيد يخرج من السيارة ويحمل سارة إلى داخل بيتها وبجوارهم ورد وياسين .

لتشتعل أكثر وتقوم بطلب رقم مازالت تحفظه عن ظهر قلب تنتظر الرد بفارغ الصبر ولكنه لم يرد لتقسم أنها ستذهب إلى صاحب الرقم غداً.

أما عند يزيد ...
_ قولتلها كده ليه ؟

_ دا أمر واقع المفروض تتعود عليه خصوصاً أن خلاص هيجي حبيبي الصغنن إن شاء الله.

قالها واضعاً يده على بطنها مبتسماً بود إلى أن سمع صوت تنبيه رسالة على هاتفه، أمسك بهاتفه ليرى رقم مجهول، فتح الرسالة فظهرت علامات الأمتعاض على ملامحه .

_خير؟

ظل صامتاً متابعاً لمن يرسل الرسائل لأنه يكتب رسالة أخرى وبعد أن أرسلها هب واقفاً يحاول الأتصال بذاك الرقم ولكنه مغلق الآن .

_خير يا يزيد أنا قلقتنى .

_ظل يقرأ الرسالة مراراً وتكراراً ذهاباً وإياباً.

جلس بجوارها يحاول رسم بسمة على وجهه مرة أخرى .

_مفيش تقريباً حد بيهزر لكن هزاره وحش شويه .

نظرت له بشك ثم صمتت بعد أن شرد مجدداً.

كانت تجلس بنيرانها المشتعلة تفكر فى ألاف السيناريوهات التى ستدخل بها على رياض، إلى أن رن هاتفها بنفس الرقم الذى أتصلت به .

_ألو، رياض .

قالتها وهى ترتجف متوترة خائفة لا تعلم كيف تبدأ الحديث .

_ أه، مين معايا؟

إبتسمت بحزن لتكمل:

_ أنا سمر شاهين .

_ مين سمر شاهين؟

قالها ببرود قاتل ذاك الذى باعت أهلها وشرفها ودينها من أجله، والد أولادها الحقيقي، نساها !

_سمر شاهين كنت مديرة العلاقات العامة فى شركتكم.

صمت قليلاً ثم رد .
_ وعايزه إيه ؟ عايزه تكملى المسرحية اللى أبوكى وأخوكى عملوها زمان وبسببها رميتهم رمية الكلاب.

أشتعلت نيران الحقد فى قلبها، ف ردت بهدوء يشبه فحيح الأفعى.

_ أنا جاية أقولك خبر مهم عايز تسمعه تمام مش عايز أنت اللى هتخسر .

ضحك بسخرية مردفاً:
_اللى خلانى كلمتك أنك رنيتى على رقمى الخاص لكن لو أعرف مين اللى رن، مستحيل كنت هكلمك، فأكيد مش ههتم بأخبارك يعنى .

_امممم، حتى لو عن مكان ورد مثلاً .

صمت فأبتسمت بسخرية لعلمها أنها جذبت أنتباهه، هى لم تؤذى سارة أو يزيد ولكن بمجرد علم رياض عن وجود ورد لديهم فقد يشعل المنزل بأكمله.

_أنا عارفه مكانها وعارفه مين مخبيها عنده وأبعت رجالتك وأسأل بنفسك.

_لخصي، مش ورايا وقت لكل ده، فين المكان .

_ وأنا إيه فايدتى ؟

_ المكافأة مثلا .

_أمممم ، لا طبعاً ، عايزه نص أسهم شركتك بأسم بناتى .

_نعم؟

_مستخسر فى بناتك نص أسهم شركتك يا حبيبي .

_ أنا معنديش بنات وقولى فين المكان بدل ما أجيلك وساعتها مش هيفرق معايا أى شيء غير روحك وروح بناتك .

_ أممممم عموماً ، أنا قولت اللى عندى وعايزه كمان فيلا بأسمي علشان مش ضامنه إيه يحصلي هنا تانى ويكون فى كومباوند من بتوعك .

تأفف بملل ثم رد .
_ موافق، بس الفيلا بس لكن أنسي موضوع الشركات، ف قولى اللى عندك بدل ما تخسري كل حاجة .

_هبعتلك التفاصيل وأتأكد منها بنفسك، سلام .

أغلقت الهاتف تشعر بلذة الأنتصار، فها هى نيران حقدها ستشعل الجميع .


نظر إلى العنوان المرسل بالتفاصيل ثم طلب منصور .
_تشوفلى المكان ده فين حالاً وتتأكد من التفاصيل دى فوراً.

_حاضر يا باشا .

مرت ساعات قليلة ثم دق باب الغرفة ليستأذن منصور بالدخول على سيده .

_ أحنا سألنا يا باشا عن العنوان والتفاصيل اللى موجوده صحيحة، بس أكتشفنا حاجة مش ولابد .

نظر إليه رياض يحثه على إكمال حديثه، ليكمل:
_دا نفس عنوان ياسين .

أظلمت عيناه بطريقة مريبة ودق بقلمه دقات خفيفة على مكتبه ليرد على الأخر بكلمات قليلة لكنها كافيه لتجعله يتحرك سريعاً.

لم يستطع إغماض عينيه تلك الليلة، يعيد تكرار قراءة تلك الرسائل المرسلة إليه مراراً وتكراراً، وفى ساعات الصباح الأولى قبل أن تستيقظ زوجته، نزل مسرعاً إلى صديقه يحدثه بما تحدثه به نفسه.

دقات قليلة أيقظته من نومه لا يدرى من الطارق فى ذلك الوقت، قام وعلامات النوم تكسو ملامحه.
_ يزيد!

أزاحه يزيد عن طريقه ليدخل ليتعجب ياسين من حالته تلك فأغلق الباب وجلس بجواره .

_خير ؟

قالها ياسين ناظراً إلي صديقه، أعطاه يزيد الهاتف لينظر إلى الرسائل المرسلة إليه.

صدمة جلية على وجه ياسين بعد أن رأى محتوى الرسائل، هو يعلم أن الرسائل حقيقة لكن صدمته فى أن تصل تلك المعلومات إلى رفيقه .

_أنا لقيت حد باعتلى الكلام ده، أول رسالة بتقول "أنت متأكد أن البنات بناتك؟ " رجع تانى وبعت "أنت مش أبوهم وأتاكد من كلامى بالتحاليل " ، يعنى إيه الكلام ده ؟

_ طيب مش يمكن حد عايز يوقع بينك وبين سمر ؟

قالها بهدوء رغبة فى أمتصاص غضب صديقه البادى على وجهه، ليرد الأخر بغضب يحرق صدره يحاول السيطرة عليه بكافة الطرق ولكنه لا يستطيع .

_ أنا مش فاهم إيه الغرض من الرسائل ؟

_منا بقولك أهو يمكن حد حابب يوقع بينكم .

_ على أساس أننا دايبين فى بعض كده ف محتاجين حاجة تبوظ العلاقة ؟

نظر يزيد ل ياسين بتمعن ثم سأله :

_ هو أنت ليه هادى كده؟

_مش فاهم؟ هادى إزاى يعنى ؟

_ أصل أنا عارفك يا ياسين وكنت مستنى رد فعل تانى غير ده .

_إزاى يعنى؟

_أنا عارف أنت مش بتحب سمر وكنت معترض على جوازى منها كنت متخيل رد فعلك غير، لكن أنت هادى جداً كأنك ...

_كأنى إيه ؟

_ياسين أنت تعرف حاجة عن الرسايل دى أو على الأقل عندك معلومة عن أى حاجة ؟

أبتلع ريقه بصعوبة محاولاً إخفاء ما يعلمه عن صديقه خوفاً عليه من أى رد فعل قد يؤذيه.

هز ياسين كتفيه كأنه لا يعلم شيء ثم أردف بهدوء :
_أنت بتتهمنى إنى ببعتلك الرسايل دى يا يزيد ؟
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي