عرض زواج

الفصل الخامس عشر .....

يالمحبوب هون فراقك فإليكَ أنت ... أنتمى .


جلس يفكر كيف يجعل تلك المجنونة تصفح عنه، إلى أن وجد طريقة مجنونة أكثر منها.

أحضر سماعات متوسطة الحجم تكفى لإزعاجها ووضعها فى منتصف السطح أمام شقتها، ثم قام بتشغيل أغنية محمد سعد (ياللى نسيت الغرام).

سمعت صوت مزعج يأتى من أمامها ف خرجت مسرعة لترى مصدره حتى لا يزعج والدتها لتراه واقفاً أمامها مؤدياً بعض الإشارات إليها ليجعلها تنتبه لكلمات الأغنية .
وقفت عاقدة ذراعيها تنظر إليه بسخرية كاتمة ضحكاتها تتمنى أن تؤدى معه الرقصة، شعرت بأحد ما يوكزها فى ساقها فلم تكون سوى والدتها بكرسيها المتحرك خرجت أيضاً على صوت الغناء تضحك على ياسين، ثم تلى ظهور ريحان صعود سارة ومالك وأم عمر.
أمتلىء المكان بأصوات ضحكاتهم فلم تتمالك ورد نفسها أكثر من ذلك لتضحك أيضاً، أنتهت الأغنية ف جذبت الهاتف من يده بعنف ليسمع الجميع صوت " مخصماك " لترقص ورد عليها أمامه ويصفق لها الجميع، أما هو فوقف نفس وقفتها السابقة يقلدها حتى سمع الكل صوت زغروطة خلفهم ف كانت عبير التى دخلت بدون إستئذان تربط حزام على خصرها وتجذب ياسين من كفه ترقص أمامه على الأغنية، ف دخلت ورد مرة أخرى بينهم لتجد نفسها ترقص بين يدى ياسين الذى أنفصل مؤقتاً عما يحدث حوله ولم يشعر سوى بتلك التى بين يديه، ليهمس فى أذنها أثناء تلك الضوضاء بشيء لم تسمعه ف تصرخ ب " بتقول إيه " ، ف صرخ مثلها بكلمة صدرت منه فى نفس توقيت أنتهاء الأغنية ليسمعها كل الحاضرين، وما كانت سوى " تتجوزينى" .


دخلت سمر على والدتها مهجة بملامح يبدو عليها الغضب.
_ أنا قولتلك يا ماما يزيد فى حاجة غلط وأنتى مش مصدقانى .

_ إيه حصل تانى ؟

_ هو مواعيده مظبوطة وانا عرفاها كلها، دلوقت فجأة يختفى وأسأله كنت فين يقولى مشاوير، يتأخر ويقولى مشاوير، أنا قلبي حاسس أنه بيروحلها يا ماما .

_ يا بت خليكي ناصحة ولو بيروحلها إيه يعنى ما يروح ما هو المحروس أبوكى نازل طالع بينى وبين اللى ما تتسمي وبرضو قاعدة ف بيتى ولابسة ومتصيغة .

_ برضو يا ماما برضو أنا محدش ياخد منى جوزى .

_ شوفى البت واللى يسمعك كده يقول كنتى واقعه فى دباديبه مش متجوزاه تدارى عملتك السوده ولا حاجة .

كانت دليلة تمر أمام غرفة والدة زوجها ف توقفت مكانها بصدمة بعد سماع جملتها الأخيرة .

_ خلاص بقي يا ماما هو كل شويه تفكرينى باللى حصل .

_ أيوا علشان تلمى نفسك، ما هو مش بعد ما نشده ناحيتنا واد قيمة وسيما وباشمهندس علشان يتجوزك بعد ما أكلنا بعقله حلاوة وأستعجلناه قبل فضيحتك ماتبان عليكي وسهلنا كل حاجة علشان يفتكر أننا كاسرين عينه وما خفى كان أعظم وفى الأخر تيجي أنتى تبوظى الدنيا .

_ تمام يا ماما أنا هستحمل بس لغاية ما أتأكد أنه بيروحلها لكن أقسم بالله لو طلع اللى فى بالى صح لأهد الدنيا على دماغها علشان مش سمر اللى واحدة جاهلة زى دى تاخد جوزها .

ضحكت مهجة بصوت مرتفع ساخر لتردف .
_ ايوه يا حبيبتى خليكي عيدى وزيدى فى الكلمتين دول لغاية ما يكشفك ويعرف حقيقتك وحقيقة تؤامك وهو اللى يهد الدنيا على دماغك و دماغنا .

سمعت دليلة حديثهم بصدمة جلية على ملامحها، شعرت بحركة قريبة من الباب ف دخلت مسرعة إلى المطبخ لتسمع نداء مهجة لها .
_ ياست دليلة، أنتى يا هانم .

كانت تتحدث بسخرية ف خرجت دليلة على الفور متوترة تخشي أن منهم من رأها .

_ أيوا يا ماما .

_ خلصتى الأكل يا قلبي ماما؟

أكملت بسخرية فردت دليلة ترغب فى صفعها ولكنها تعلم عاقبة ذلك الأمر .

_ اه وكنت لسه هاجى أندهلك ولسمر.

_ حبيبتى مليون مرة أقولك أسمي مدام سمر أو أم سيلين أو أم إلين .

_ أنا أسفة يا مدام سمر، الأكل جاهز .

جهزت دليلة السفرة كما يجب أن تفعل ولكن تلك المرة بغضب يأكل قلبها وتفكير ينهش عقلها مما سمعته، هل سيلين وإلين بنات رجل أخر غير يزيد !!

بعد سماع كلمته ظلت ورد ناظرة إليه بعينين متسعتين أثر صدمتها، أما سارة وضعت يدها على فمها كعادتها منتظرة إجابة ورد، أما ريحان قامت أم عمر بغمزها فأبتسمت الأخرى تنتظر إجابة ابنتها، أما عبير فوقفت ممتعضة تنظر إلى ورد بغيظ من رأسها حتى قدمها .

_ أأ ... أنت بتهزر .

_ لأ، أنا عايز أتجوزك، تتجوزينى يا بنت السلطان .

تعجبت من جملته ليرددها مرة أخرى بعد أن أمسك يدها .

_ أيوا أنتى بنت السلطان، وأنا الشاطر حسن اللى لا يملك ناقة ولا جمل، بس مش معايا غير قلب عاشق وشاري يا بنت السلطان .

ولا حتى فى أحلامها كانت لترى ذلك، ياسين يمسك يدها ويسمعها من الغزل أجمله، أهو حلم ؟

سحبت يدها بهدوء وأخذت تقرص فى كفها الأخر ووجنتها .

_ أنا عارف أنك مجنونة بس مش للدرجادى .

_ أنا بحلم .

_لا .

نظرت إلى والدتها خلفه لتحثها على الموافقة، نظرت قليلاً إلى عينيه وأجابت:
_ موافقة .

زغاريط ملئت المكان من أكثر من مصدر تلك المرة، وأنطلقت التهانى والمباركات من الكل ماعدا عبير التى لملمت عبائتها المفتوحة تتحرك بميوعة نحو الخارج تنظر ل ورد بقرف مرة أخرى وقبل أن تنزل :
_ابقى اعزمنى يا ياسين على الخطوبة علشان الواحد جاله كبت من العيلة الهم اللى فيها.

ثم نظرت ل ورد غامزة إياها تلك المرة .
_ مبروك يا حلوة، أخدتى زينة شباب الحارة والله، بالإذن .

وزغرطت .

حينها أنفجر الكل فى الضحك .

جلس الجميع فى شقة ورد ليتفق ياسين مع والدتها على كل شىء.

_ أنا شايف أننا نقرأ فاتحة لغاية ما أهلى يجوا وقتها نعمل خطوبة عائلية لغاية ما الأمور تستقر وبعدها نتجوز على طول إن شاء الله.

_ ممكن نقعد لوحدنا على أنفراد يا ياسين ؟

قالتها ريحان فقام ياسين يحركها نحو غرفتها وأغلق الباب فى وجه ورد التى حاولت أن تطل برأسها لتعرف عما يدور الحوار بينهم، لتذهب متذكرة بجوار سارة .

_ عجبك كده؟ قفل الباب فى وشي ومسمعتش بيقولوا إيه .

_ يا بنتى أصبرى دلوقت كلما نعرف إن شاء الله.

_ أثبتى يا ورد، لا إله إلا الله طول عمرى أقوله أنت عاقل يا ابن أختى وربنا يرزقك بعاقلة زيك ألاقيها مجنونة .

_ يا طنط عايزه أطمن .

_ هنطمن كلنا دلوقت .

مر وقت قليل ثم خرج الأثنان .

_ ها أتفقتوا على إيه ؟
قالتها أم عمر لتنظر نحو ورد المتذمرة .

_ أحنا أتفقنا أن مفيش خطوبة .

_نعم ؟

قالتها صارخة بعد أن سمعت جملته ليضحك على طريقتها ثم يعدل ما قاله .

_ واقعه فيا أنا عارف، مش قصدى، مفيش خطوبة علشان هنكتب كتاب على طول أول ما الجماعة يوصلوا إن شاء الله وهنأجل الفرح لغاية ما الأمور تستقر إن شاء الله.

تلك المرة وقفت ورد فى منتصف المكان لتزغرط .

لا تأخذ بما يبديه الإنسان خاصة من بعيد وإن كان يجيد إخفاء وجعه، فقد يبدو المعدن الساخن طبيعياً إلى أن تلمسه أصابعك .

أستعد للخطوة التالية من خطته المتفق عليها، أرتدى ملابسه السوداء المخصصة لتلك الأمور، وضع سلاحه فى مكانه المخصص فى جنبه، خرج متسللاً قبيل الفجر ليصل سريعاً إلى ڤيلا عمله، كان يعلم كل إنش بها وكيف لا وهو من كان يحميها، هو الوحيد الذى علم المكان الذى يحتفظ فيه مصطفى بالأوراق المطلوبة، دون أن يشعر به أحد خاصة وجود رجاء فى المكان بعد هروب ريحان وابنتها.
دخل إلى غرفة المكتب منها إلى مكان خفى في أحد الجوانب إلى أن وصل إلى غايته، كان خوفه الوحيد من أن يصل رياض إلى الأوراق قبله .
وبالفعل إستطاع بهدوء أن يصل، وبعدما حصل على المطلوب أنتبه إلى وجود بعض الأوراق الأخرى الخاصة بأملاك رب عمله، حينما قرأ محتواها أتسعت عيناه مصدوماً ثم لملم تلك الأوراق جميعاً خارجاً على عجالة كما دخل من قبل .

بعد أن خرج إلى مكان آمن وأطمئن أن لا يتبعه أحد، أخرج هاتفه قديم الطراز وضغط أحد الأزرار :
_ المطلوب معايا يا فندم .
_...

_تمام، هكون عندك حالاً.

ما زالت دليلة على صدمتها منذ أن سمعت ما سمعت من والدة زوجها وأخته، فكرت كثيراً فى طريقة لتكسر بها أنف المتكبرة كما تعاملها دائماً لكنها لم تهتدى لتلك الفكرة بعد، ف دائماً ما أهانتها وقست عليها، دخلت ذلك المنزل منكسرة وعاشت به مهانه ذليلة، قسوة من حولها أشعلت نيران الحقد فى قلبها، لم تهتدى بعد بما ستفعله ولكنها بالتأكيد لن تمرر ذلك مرور الكرام حتى وإن ذهبت إلى يزيد لتنبهه فقط.
نظرت إلى زوجها النائم بجوارها تفوح منه رائحة الخمر والمعاصي، أغمضت عينيها بألم ف طالما أحبته وأرتضت ما يحدث لأجله ولكنه لم ولن يُقدر ذلك، فتحت عينيها مرة أخرى بنظرة تتقد بنار الحقد فأقسمت بينها وبين ربها بأنها من ستدق أول مسمار فى نعش المغرورة ووالدتها وإن كان ثمن ذلك حياتها الزوجية الواهية مع حبيبها القاسي .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي