الفصل السادس عشر قلادة فوق القبر

انتهى الغداء وحان موعد الرجوع للفندق، اصر مازن على أن يقوم بتوصيل چيلان ووالدتها إلى الفندق بسيارته.

أمام اصرار مازن لم تجد چيلان أمامها سوى الموافقة على ذلك.

أسرعت الام بالركوب في الأريكة الخلفية من السيارة هي ورضا حتى تجبر چيلان بشكل غير مباشر للجلوس بجوار مازن.

وفي الطريق تحدثت الأم إلى ابنتها وقالت:
-چيلان، لقد أخبرتك بشأن عودتنا إلى القاهرة ولكنك لم تبدي أي رد فعل؟

إلتفتت چيلان الى والدتها وقالت:
-حسنًا أمي مادامت هذه هي رغبتك إنني موافقة على العودة غدًا إن شاء الله.

شعرت الأم بالسعادة فاسرعت وعلقت قائلة:
-هل سنغادر في الصباح الباكر؟

تعجبت چيلان وقالت:
-أمي، انتظري حتى أقوم بحجز تذاكر الحافلة، لا أرى داعيًا لهذه العجلة.

نظر مازن إليها وعلق قائلًا:
-اعتذر عن التدخل في هذا الحوار العائلي ولكن هل لديكم مانع في أن تأتوا معي إلى القاهرة؟

وعلى الفور تحدثت الأم وقالت:
-بني، لا ليس هناك ما يمنعنا من مرافقتك إلى القاهرة.

نظرت چيلان إلى والدتها وهمست قائلة:
-أمي، ما الذي أصابك؟!

علقت الأم بصوت خفيض وقالت:
-ابنتي، مازن سيسافر غدًا ونحن أيضاً فما الذي يمنع أن نرافقه؟!

همست چيلان إلى والدتها وقالت:
-أمي، لا ينبغي أن نثقل عليه اكثر من ذلك.

ثم نظرت چيلان إلى مازن وقالت:
-مازن، شكراً لك ولكن سوف نسافر بالحافلة فإنني أشعر بالإرتياح عند السفر بها.

علت الابتسامة وجه مازن وقال:
-فتاة الثور ألا زلتي عند عنادك، سوف نذهب جميعًا إلى القاهرة معًا.

علت الابتسامة وجه چيلان وقالت:
-ليس الأمر عناد ولكنني لا أريد ان نثقل عليك أكثر من ذلك.

وفي هذا الوقت وصلت السيارة أمام الفندق فتحدث مازن وقال:
-لقد وصلنا انتهى الأمر سوف أمر عليكم في الصباح الباكر لإصطحابكم معي ولن أقبل أية أعذار.

أومئت چيلان برأسها وقالت:
-حسنًا مازن، شكراً لك.

غادر الجميع السيارة، أشارت چيلان بيدها إلى مازن لتوديعه، ودلفت إلى داخل الفندق.

في ذلك الوقت كان جلال في طريقه إلى الفندق للقاء چيلان ولكنه فوجىء بها تغادر سيارة مازن ثم تلوح له بيدها.

شعر جلال بالغضب وغادر دون أن يتحدث مع چيلان.

دلفت چيلان إلى داخل المصعد ثم تحدثت إلى والدتها وقد بدى عليها الغضب:
-أمي، لا أحب أن يرغمني أحد على فعل شيء لا أريد، هل يمكنني أن أعرف ما الذي دفعك للسفر المفاجيء إلى القاهرة ولماذا  لا تريدين الانتظار حتى أقوم بالحجز في الحافلة المتجهة إلى الأسكندرية؟!

نظرت الأم إلى ابنتها وقالت:
-حبيبتي، الأمر لا يستدعي كل هذا الغضب، مازن شخص رائع وهو سيسافر غدًا فما الذي يمنع أن نذهب معه؟!

قبضت چيلان على يدها في غضب وقالت:
-إذن فأنتِ تعمدتي أن تتحدثي في امر السفر أمامه حتى يحدث ما حدث ويعرض أن نسافر معه، أنتِ تعلمين أنني أحب أن أكون على حريتي، والسفر مع مازن يعني أنني لن اتصرف بحرية ولن أكون على طبيعتي، لقد تعودت خلال سفري أن أترك العنان لتفكيري ولا أتحدث كثيراً هل أستطيع فعل ذلك اثناء سفرنا مع مازن؟

نظرت الأم إلى ابنتها وشعرت انها قد أثارت غضبها بما فعلته قعلقت قائلة:
-ابنتي، ربما اكون مخطئة في تجاهل رغبتك ولكنني اشعر بالإرتياح تجاه مازن إنه شخصية رائعة وشاب خدوم للغاية ولم اقصد مطلقًا ان اغضبك هكذا.

أخذت چيلان نفسًا عميقًا ثم قالت:
-حسنًا، ولكن رجاءً لا تتجاهلي رغبتي بعد ذلك، لابد أن تخبريني قبل أن أجد نفسي مجبرة على الموافقة على شيء رغمًا عني كي لا اغضب أمي.

دلفت چيلان إلى غرفتها وهناك ما يشغل بالها، لقد نظرت إلى هاتفها الذي قامت بإغلاقه ثم أعادت تشغيله.

توالت الرسائل التي تخبرها بأن هناك العديد من الاتصالات التي أجراها جلال.

وضعت الهاتف على الطاولة وأغمضت عينيها ثم قالت:
-لقد تخيلت بعد أن قمت بإغلاق الهاتف أن يأتي جلال إلى هنا للتحدث إلي، ولكنه لم يفعل، سيندم على ذلك وسوف يتفاجىء عندما يكتشف بأنه قد. تأخر في المجيء وبأنني قد غادرت الفندق وعدت إلى القاهرة.

في صباح اليوم التالي.

غادرت چيلان الفندق ومعها والدتها عائدة إلى القاهرة.

عقب مغادرة چيلان الفندق توجه جلال إلى الفندق لكنه اكتشف مغادرة چيلان.

اشتعل الغضب بداخله وأسرع بالاتصال على چيلان ولكنها تجاهلت اتصاله ولم تقوم بالرد عليه.

استقل جلال سيارته وقرر العودة إلى القاهرة للحاق بچيلان.

چيلان التي اصرت على الجلوس في الأريكة الخلفية للسيارة، وتركت المقعد الأمامي لوالدتها.

لم تتجاهل چيلان اتصالات جلال المتكررة فقط وانما تجاهلت أيضاً نظرات مازن عندما كان ينظر إليها عبر مرآة السيارة، فهمست في نفسها وقالت:
-لقد أحسنت عندما قمت بإرتداء نظارتي الشمسية، بذلك اتجاهل نظراتك دون أن أشعرك بأنني انتبهت لما تفعله.

همس مازن إلى الأم وقال:
-أشعر أن چيلان ليست على طبيعتها هل هناك شيء يغضبها أم انها لم يكْ لديها الرغبة في السفر برفقتي؟!

ابتسمت الأم وعلقت قائلة:
-بني، ليس الأمر كما يبدو لك؛ هذه هي چيلان ابنتي تجدها شاردة صامتة أثناء السفر لا تتحدث كثيراً تطلق العنان لعقلها في التفكير فيما يشغل ذهنها.

تذكر مازن ما تحدثت به چيلان عندما اخبرته بأمر شقيقتها وذلك المجرم الذي تود كشف حقيقته فهمس في نفسه قائلًا:
-لعلها تفكر فيما حدث لشقيقتها وما يجب عليها فعله.

وصل الجميع إلى القاهرة فنظر مازن إلى چيلان وقال:
-لقد وصلنا إلى القاهرة، حمدًا لله على سلامتكم، چيلان من فضلك أرسلي إلي الموقع الخاص بمنزلكم عبر الواتس.

نظرت چيلان إليه وقالت:
-شكرًا لك مازن لم نشعر بالطريق معك، سوف أرسل لك الموقع الخاص بمنزلنا.

علت الابتسامة وجه مازن وعلق قائلًا:
-لم تشعري بالطريق لشرودك الدائم طوال الرحلة وليس لأنني بارع في القيادة.

علت الابتسامة وجه چيلان وعلقت قائلة:
-أعلم أنك بارع جداً في القيادة وإلا لما استطعت أن تركز في القيادة وفي نفس الوقت تركز في شرودي الدائم، ولكن هذه هي عادتي أثناء السفر.

وصل مازن أمام منزل چيلان، نزلت چيلان ووالدتها التي اصرت على أن يدلف مازن إلى داخل المنزل وقالت:
-بني، لابد أن تأتي معنا لتستريح من السفر ونتناول الغداء معًا.

مازن بوجهه الذي لا تفارقه الابتسامة علق قائلًا:
-سيدتي، لابد أن أذهب إلى عملي الآن؛ فلدي اشياء كثيرة تنتظرني وعلي إنجازها، لكنني اعدك إنني سوف أتي في وقت لاحق.

أومئت الأم برأسها وقالت:
-حسنًا، لا استطيع تأخيرك عن انجاز اعمالك ولكنني سوف انتظرك تحدد  اليوم المناسب لنتناول معًا الغداء.

دلفت الأم إلى داخل المنزل مصطحبة معها رضا بعد أن همست إليها وقالت:
-تعالي معي لعل ما أتمنى حدوثه يتحقق.

دنا مازن من چيلان وتحدث إليها وقال:
-چيلان، لازالت أتذكر الأمر الذي تحدثنا به عندما تقابلنا، سوف أقوم بالاتصال بكِ لنعلم من أين نبدأ.

علت الابتسامة وجه چيلان وعلقت قائلة:
-مازن، أشكرك على اهتمامك بهذا الأمر ولكنني كما قلت لا أريد أن اتسبب في أية مخاطرة لك؛ فهذا شخص خطير للغاية.

دنا مازن من چيلان مرة أخرى وتحدث إليها وقال:
-چيلان، لا داعي للقلق من هذا الأمر فأنتِ أمام رجل المخاطر الذي لا يخشى شيء.

علت الابتسامة وجه چيلان وقالت:
-حسنًا يا رجل المخاطر سوف انتظر اتصالًا منك كي نبدأ في عملنا.

غادر مازن ودلفت چيلان إلى داخل المنزل ثم تحدثت قائلة:
-كم أعشق هذا المنزل فإن بداخله شعور يبعث الراحة والطمأنينة بداخل النفس.

ابتسمت الأم وهمست إلى رضا وقالت:
-هذه هي المرة الأولى التي أسمع چيلان تتحدث فيها عن هذا المنزل بهذه الطريقة، يبدو أنها بدأت تغير رأيها بشأن السفر لعل مازن له دخل في ذلك.

لم يمضِ وقت طويل حتى دلفت رضا إلى غرفة چيلان وفي يدها باقة جميلة من الورد، اعطتها لچيلان ثم قالت:
-هذه الباقة أرسلت لكِ.

نظرت چيلان إلى رضا وقد بدى عليها التعجب وقال:
-من الذي أرسلها إلي؟!

علت الابتسامة وجه رضا وقالت:
-لا أعلم لقد جاء رجل من متجر الزهور وأخبرني أن هذه الباقة لكِ.

نظرت چيلان إلى باقة الزهور فوجدت بها كارت أمسكت به وقرأته ما فيه فإذا به:
-إلى فتاة الثور المحبة للزهور أضأتي بيتك والحي بأكمله من رجل المخاطر.

علت الابتسامة وجه چيلان وهي تقرأ هذه الكلمات، ثم نظرت إلى رضا وقالت:
-حسنًا، أذهبي وتابعي عملك.

اومئت رضا برأسها وذهبت لمتابعة عملها فإذا بالأم تتحدث إليها:
-من الذي أرسل تلك الباقة إلى چيلان؟

علقت رضا وقالت:
-لا أعلم، ولكنها قرأت الكارت المرفق ثم علت الابتسامة وجهها.

أومئت الأم برأسها وقالت:
-قلبي يخبرني أنه مازن، ومن غيره سيرسل باقة جميلة مثل هذه الباقة.

دلفت الأم إلى غرفة چيلان وقالت:
-ماذا تفعل ابنتي الحبيبة؟

علت الابتسامة وجه چيلان وقالت:
-اقرأ كتاب بعنوان كيف تكوم مجرمًا، ويوضح  هل الإجرام نابع من الفرد أم إنه ناتج عن بعض الظروف القاسية التي يمر بها الشخص فتحوله من شخص طبيعي إلى مجرم خطير.

نظرت الأم إلى باقة الورد وقالت:
-من الذي ارسل هذه الباقة الجميلة؟

علت الابتسامة وجه چيلان وقالت:
-أعلم أنكِ جئتي إلى هنا لتعرفي من الذي قام بإرسالها إلي، إنه مازن.

ابتسمت الأم وقالت:
-شعرت بذلك مازن شاب في غاية الذوق والرقة.

نظرت چيلان إلى والدتها فوجدتها وقد بدى الحزن على وجهها بشكل مفاجيء، فتحدثت إليها وقالت:
-أمي، هل حدث ما يحزنك؟!

تلالأت الدموع في عين الأم وقالت:
-لقد تذكرت وعد، كانت شغوفة ومحبة للزهور لدرجة أنها كانت تأتي كل يوم ومعها باقة ورد.

ربتت چيلان على يد والدتها وقالت:
-اني، ما رأيك في أن نذهب في الغد لزيارة قبرها؟

أومئت الأم برأسها وقالت:
-أجل، نذهب لزيارتها لقد اشتقت إليها كثيراً.

وبالفعل في صباح اليوم التالي استيقظت چيلان لتجد والدتها قد استعدت للذهاب إلى المقابر لزيارة وعد.

فور تناول چيلان افطارها ذهبت إلى غرفتها لترتدي ملابسها استعدادًا للذهاب إلى المقابر ولكنها تلقت اتصالًا من مازن يتحدث إليها ويقول:
-چيلان، ما رأيك في أن نلتقي اليوم لنتحدث قليلًا عن الرجل الذي تسبب في وفاة شقيقتك؟

علقت چيلان وقالت:
-مازن، اعتذر إليك ولكن اليوم صعب للغاية فنحن نستعد للذهاب إلى المقابر لزيارة قبر شقيقتي.

وجد مازن الفرصة سانحة للتقرب من چيلان فتحدث قائلًا:
-هل تمانعي إن طلبت مرافقتك إلى هناك؟
صمتت چيلان قليلًا ثم تحدثت قائلة:
- لا ليس لدي ما يمنع أن تأتي معنا.

علت الابتسامة وجه مازن وعلق قائلًا:
-حسنًا، إنني قريب من منزلكم دقائق وسوف انتظركم خارج المنزل.

انهت چيلان المكالمة الهاتفية مع مازن ونظرت إلى المرآة الخاصة بها وقالت:
-لا اعلم لماذا ينتابني شعور بعدم الإرتياح صوب مازن وإنه يتعمد الإقتراب مني، ولكنها سرعان ما ردت على نفسها وقالت:
-أنتِ دائماً هكذا، ترتابين في جلال وتشعرين بعدم الإرتياح صوب مازن.

اغمضت چيلان عينيها وأخذت نفسًا عميقًا ثم همست قائلة:
-أكاد أن اصاب بالجنون، لا أخفي أن باقة الورد التي قام مازن بإرسالها قد جعلتني أشعر بالشك في أنه هو نفسه الذي أرسل لي باقة الورد في الأسكندرية ولكن هذا
ليس داعيًا لأشعر صوبه بعدم الإرتياح.

لحظات واعاد مازن الاتصال؛ ليخير چيلان بأنه ينتظرهما بالخارج.

غادرت چيلان غرفتها وصاحت على والدتها:
-أمي، هل انهيتي استعدادك؟

أومئت الأم برأسها وقالت:
-اجل، كنت انتظرك حتى نغادر.

أشارت چيلان إلى رضا وقالت:
-رضا، خذي هذه الورود وتلك الأشياء التي قامت أمي بإعدادها لتوزعها في المقابر وضعيها في سيارة المهندس مازن.

نظرت الأم إلى چيلان وقد بدى عليها السعادة وقالت:
-هل مازن قادم معنا؟

علقت چيلان قائلة:
-أجل يا امي، لقد طلب مني أن يرافقنا ولم أجد داعيًا للرفض.

اتجهت الأم إلى مازن وقد بدى على وجهها السعادة، نظرت إليه وقالت:
-لا تعلم مدى سعادتي بقدومك معنا.

علت الابتسامة وجه مازن وقال:
-أمي، مجرد رؤيتك تبعث في نفسي السعادة.

خرجت چيلان إليهم ورحبت بمازن ثم تحدثت إليه وقالت:
-مازن، أشكرك على باقة الورد الجميلة التي قمت بإرسالها.

علت الابتسامة وجه مازن وعلق قائلًا:
-هل حقًا نالت إعجابك؟

اومئت چيلان برأسها وقالت:
-إنعا جميلة جداً.

ابتسم مازن وعلق قائلًا:
-لقد قمت بإنتقائها بنفسي.

ابتسمت چيلان وعلقت قائلة:
-شكرًا لك،والآن هل يمكننا ان نتحرك إلى المقابر؟

نظر مازن إلى چيلان وقال:
-بالطبع سنتحرك صوب المقابر.

(داخل المقهى الذي تعرف جلال فيه على چيلان للمرة الاولى).

جلس جلال يتناول القهوة الخاصة به على نفس الطاولة التي جلست عليها چيلان تتناول قهوتها.

أمسك بالهاتف الخاص به وقام بالاتصال بچيلان، ولكنها تجاهلت اتصاله وقامت بإغلاق الهاتف.

لاحظ مازن ما يحدث ولكنه لم يعلق.

وصل الجميع إلى المقابر، اتجهت الأم إلى مقبرة ابنتها وعد ووقفت أمامها ولم تستطيع  التحكم في مشاعرها فانفجرت في البكاء.

اسرع مازن ورضا إلى الأم لتهدئتها بينما كان هناك ما جذب انتباه چيلان  وجعلها تقترب من المقبرة الخاصة بشقيقتها أكثر.

لقد لا حظت چيلان وجود شيء على اللوحة الرخامية التي كتب عليها اسم وعد وتاريخ الوفاة الخاص بها.

اقتربت چيلان من اللوحة فوجدت قلادة معلقة على اللوح الرخامي.

أمسك چيلان بالقلادة ونظرت إليها فوجدت القلادة تحمل حرفان، حرف الدبليو وحرف الأس.

تذكرت چيلان ما كتبته وعد من كلمات وصفت فيه هذه القلادة فهمست قائلة:
-هذا يعني أن سليم كان هنا، ولكن ما الذي دفعه للقدوم إلى هنا وهو الذي تسبب في موتها وما الذي جعله يترك هذه القلادة هنا؟!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي