غيره، وأعتراف

الفصل الرابع عشر ....

يؤلمنى ذاك النابض خلف أضلعى، إن كان بعدك عذاب ف قربك هو الهلاك بعينه .

عاد إلى منزله ليجد زوجته فى أستقباله كعادتها مؤخراً .
_ أتأخرت ليه ؟

نظر إليها مطولاً، لا يصدق ما حدث منذ قليل ف حب عمره كانت بين يديه والآن ... الآن هو بعيد كل البعد عنها .
_ كنت فى مشوار، البنات فين ؟

_ أكلوا وناموا من بدرى، وأنا جهزتلك الأكل لغاية ما تاخد دش على السريع وتيجي.

لم يستطع الرد فأكتفى بهز رأسه وتحرك من أمامها .

أما عنها فأستيقظت بعد فترة لتجد ابنها بجوارها، أين ذهب؟ وماذا حدث منذ قليل؟ كيف أستسلمت بتلك السرعة بل كيف تجاوبت فى الأساس؟
أسئلة كثيرة تجوب عقلها ولكن ..
وضعت يدها على قلبها ليجاوبها عنها " تحبيه يا فتاة، بل بلغ عشقه منتهاه" .


ظلت ورد غاضبة من ياسين الذى حاول التودد أليها ومشاكستها كثيراً لكنها تأبى الحديث معه، تلك أول مرة تخاصمه كل هذه المدة، فقد مر أسبوع على أخر حديث بينهم وهى ترفض حديثه.


فى مكتب مغلق مظلم الإضاءة يجلس رياض وأمامه أحد أجهزة الكمبيوتر المحمولة، يتحدث مع أحد ما عن طريق الكاميرا.
_ أنا وصلت لجزء من الأوراق، لسه باقى جزء و بعدين نوصل لكل اللى عايزينه .

_ حسناً سيد رياض، لقد مر كثيراً من الوقت والجهات العليا ترغب فى التدخل.

توتر رياض من حديث الأخر ف رد بثقة واهية .
_ ملوش لازمة أى تدخل، أنا خلاص قربت أوصل ودراع مصطفى اليمين نفسه اللى بيساعدنى، خلاص يا فندم هانت وكل الورق هيبقي تحت إيدك .

_حسناً، سننتظر تلك المرة أيضاً، ولكن يوجد من يرغب وبشدة أن يصل إلى منصبك فى المنظمة وأنت تدرى بذلك .

فهم رياض ما يلمح له المتحدث فابتلع ريقة بصعوبة وحاول أن يتحدث بقوة مهزوزة .
_ عارف، لكن محدش هيقوم بالمهمة دى غيرى .

_ حسناً، ننتظر منك أخباراً جيدة .

أغلق المتحدث معه ف ظل رياض يفكر فيما يفعل وأحتمال ضياع كل شىء من يده، إن فقد تلك المهمة ومع أختفاء ورد فهذا يعنى ضياع كل شيء من يده، ليمسك هاتفه ضاغطا أحد الأزرار .
_ الليلة لازم أشوفك فى نفس المكان .

_ تمام .

أغلق الهاتف ليطلب منصور مرة أخرى، ف منصور هو ساعده الأيمن فى الشر .

أغلق ياسين هاتفه بعد أن أكد حضوره على رياض يزفر بحنق، ماراً على ذهنه لقائهم الأول قبل الحادث حينما أراد تجنيده مع منظمة فى عالم المافيا، طالباً منه إحضار معلومات موجوده مع سيده ورب عمله حينها طلب منه فرصة للتفكير، ولكن أن يكشف له رياض وجهه الحقيقي ليس بالهين، ف وضع كشفه لهويته فى كفه ووضع حياة والدته وأخته الصغيرة وخالته أيضاً فى كفه أخرى.

أنقضي اليوم وحان وقت اللقاء وأثناء خروجه وجدها على باب شقته تحمل مالك وتداعبه أثناء صعودها، ف نظرت إليه ببغض وأدارت وجهها مرة أخرى وأكملت طريقها للأعلى تعلم بأنه مازال يسلط نظره عليها، قبل أن تصل إلى أخر درجة فى الصف أمامه سمعت صوت أنثوى يردد أسمه.
_ياسين.

ألتفتت لتجد أمرأة ذات ثوب شعبي ضيق يظهر أكثر مما يخفى تزين وجهها بكل ألوان علبة التجميل يظهر تحت حجابها الخفيف نصف شعرها الأصفر اللون غير قادرة على حمل ذراعها من الأساور الذهبية التى ترتديها .
وقفت ورد فى مكانها ترفع أحد حاجبيها لشكل المرأة الغريب .

_ ياسين، عامل إيه يا أخويا وصحتك دلوقت عاملة إيه ؟

إبتسم ياسين بمجاملة ليرد عليها .

_ الحمد لله يا عبير تمام .

_ يا أخى كل ما أفتكرك وأنت جاى وهما شايلنك وأنت مكسر قلبي يوجعنى ويفضل يدق كدهو كدهو كدهو وألاقى الدمعة هتفر من عينى .

_ كتر خيرك يا عبير شكراً لسؤالك .

أسبلت عيناها وحاولت تنعيم صوتها وأقتربت منه أكثر فأبتعد هو .

_ أصلك غالى علينا أوى، غالى أوى أوى يا ياسين، وماصدقنا ترجع تعيش معانا فى الحارة بعد غيبتك دى كلها .

هنا لم تتحمل تلك المراقبة لهم من الأعلى المشهد أكثر من ذلك ف نزلت مسرعة واقفه بينهم ملقيه ب مالك بين يدى ياسين الذى تحرك إلى الخلف أكثر من أثر دفعها لهم ف دخل نحو باب شقته من الداخل ومازالت ورد وعبير فى الخارج .

رددت عبير ب غيظ :
_وده إيه أصله ده؟ أنتى مين يا حلوة ؟

_ أنا و....

كانت ستخبرها بإسمها فقاطعها ياسين بسرعة .
_ دى ولاء، ولاء قريبة سارة جايه زيارة لها.

تفاجئت ورد من حديث ياسين ولكنها فهمت مراده .

_ وأنا بقي أبقي عبير يا حلوة مرات الحاج شاهين سيد المنطقة كلها .

_أنتى أم سعيد ؟

_ فشررر سعيد مين ده يا عنيا اللى أبقي أمه دا لو أتجوز بدرى يجيب قدى، أنا مرات أبوه يا روحى .

كانت ورد ستتحدث لولا ياسين قاطعها .
_ أنا لسه شايف الحاج شاهين داخل المحل .

توترت عبير أثر الجملة ولكنها حاولت الثبات أمام ورد لترد بصوت متلعثم .

_ اااا ... طيب أستأذنك أنا بقي يا ياسين علشان رايحة أطمن على أمى، بالإذن.

قالت الكلمة الأخيرة ناظرة ل ورد بقرف لتبادلها ورد إياه بعداء واضح .

مازال ياسين يحمل مالك ناظراً إلى ورد التى لازالت تنظر لعبير إلى أن دخلت عبير منزل أمام منزلهم ثم ألتفتت ورد لتحمل مالك تنظر إلى ياسين بغيظ وتصعد مسرعة ليرد الأخير بصوت عالٍ مسموع .
_ أعملك إيه يعنى غصب عنى واد چان معجباته كتير .

ردت عليه بصوت عال من الأعلى.
_ عجبتك عقربة يا شيخ .

ليردف الأخر بضحكة ساخرة بصوت أعلى .
_عجبتنى فعلاً.

ليسمع بعدها صوت باب شقة يغلق بعنف .

ضحك بصوت عالٍ ضحكة لا تخرج سوى معها إلى أن وصلته رسالة قصيرة ليظلم وجهه مرة أخرى .

فى نفس مكان المرة السابقة ولكن تلك المرة الجالس هو رياض وأمامه ياسين واقفاً .
_ ها فين باقى الأوراق؟

_لسه معرفتش أوصله، الورق اللى أخدته قدرت أوصله قبل الحادثة لكن التانى لسه مخرجش من الڤيلا .

_ تمام، قدامك يومين بالظبط وتوصلهم، وإلا .

_ هو الورق ده فيه إيه بالظبط مهم كده دا كله أرقام وخرائط غريبة محدش يفهم منها حاجة .

وقف رياض غاضباً صارخاً فى وجهه .
_ مايخصكش ودى أخر مرة تسأل فى حاجة ماتخصكش، فاهم ؟

برزت عروق ياسين من الغضب ف حاول تهدئة أعصابه ضاغطاً على كفه بقوة كى لا يهشم وجه الذى أمامه .

ألتفت للخروج من الغرفة ليسمع رياض محدثاً إياه، أو الأدق مهدداً إياه .
_ لو حصل أى حاجة عكس اللى طلبتها أو حد شم خبر، هيجيلك خبر حلو عن ناس بتحبهم.

خرج ياسين من الغرفة دون أن يلتفت له لاعناً إياه فى سره ألاف المرات.

ظل يحاول الأتصال بها منذ ليلته الأولى ... والأخيرة معها ولكنها إما أن تعطى الهاتف ل مالك أو لا ترد من الأساس، تاركة إياه يحترق بنيران لا تدرى مدى قساوتها على قلبه .
بعد أن أنهت عملها وأغلقت المحل كان مالك نائماً، ف وضعته فى فراشه وجلست بجواره شاردة كعادتها منذ تلك الليلة، دق الباب دقات متتالية ف قامت لتفتحه لتنظر لهيئتها ف أرتدت إسدالها متذكرة وجوده أمام الباب فقد أرسل إليها رسالة بعد ذهابه يخبرها بألا تفتح الباب مجدداً لأى سبب بتلك الملابس المنزلية .
وبالفعل وجدته هو مرة أخرى، توترت وأخفضت عيناها من عينيه الملونه بغضب ولوم وعشق ثم دخلت لتفسح المجال له للدخول خلفها .
جلس أمامها ناظراً إليها،كانت تنظر إلى الأرض تفرك كفيها ببعضهم البعض متوترة ترتعش قليلاً .

_ ممكن أفهم مش بتردى عليا ليه؟ حتى مش بتطمنينى على مالك ليه وأنتى عارفه وأنا بعتلك رسالة أن عندى ضغط شغل ف مش هقدر أزوركم الفترة دى، ليه مكنتيش بتردى عليا؟

مازالت تخفض عيناها .
_ ممكن تردى ؟

_ أرد أقول إيه ؟

قالتها بوهن وحرج ف أقترب منها يجلس أمامها على الأرض ماسكاً كفيها بقوة لأنها حاولت جذبهم من بين يديه لكنه رفض .
_ علشان اللى حصل ما بينا مش كده ؟

أخفضت رأسها مجدداً لتنزل دموعها بصمت، ف ها هو أمامها مجدداً ويديها بين يديه ناظراً إليها بألم، نعم إشتاقت إليه ولكن إحساسها بأنها فعلت ذنب يقتلها .
_ ليه؟ ليه بتعيطى كده ؟ ليه بتهربى منى ؟

_ علشان ماينفعش اللى حصل .

_ ماينفعش!

_اه .

_أنا جوزك.

_ لا مش جوزى أنت كاتب عليا علشان تحمينى مش أكتر وجوزى كان أخوك وأنا أديت كلمه لمراتك أن عمرى ما هاخدك منها .

_ هى اللى أخدتنى منك .

نظرت إليه بعدم فهم فأردف .
_ أه مفيش حد سكن جوايا ولا دخل قلبي قبلك ولا حد لمس روحى غيرك، أنا محبتش ولا هحب حد غيرك.

قالها ناظراً إلى عينيها المصدومة الدامعة.

_ والله .

_ مش فاهمه حاجة.

_ أنتى حب عمرى من أبتدائى لدلوقت.

_ أنا كنت مرات أخوك .

_ ماهى دى كارثة حياتى، أن حب عمرى أخويا أخدها منى .

قلبها يدق دقات عنيفة، هل أحبها يوماً؟ هى حب عمره !
تعترف بأعجابها به فى صغرهم لكن بزواجها من أخيه كل ذلك تبدد .
ترى هل عشقه فى قلبها تجدد منذ أن أصبحت زوجته هو ؟
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي