الفصل الثالث عشر الرجل المجهول

وقفت چيلان أمام جلال وقد ارتدت الثوب الذي اختاره لها، بدت السعادة على وجه، وبسط إليها يده لتمسك بها
نظرت إليه ثم أمسكت بيده ليصطحبها خارج مركز التسوق متجهًا إلى سيارته.

ما إن استقلت چيلان السيارة مع جلال تحدثت إليه بنبرة حادة وقالت:
-جلال، لم يحدث أن تعامل أحد معي بهذه الطريقة من قبل، لن اسمح لك أو لغيرك بالتحكم في بهذا الشكل، كان يمكنني أن أرفض ارتداء هذا الثوب لكنني وافقت للحفاظ على مظهرك العام.

علت الابتسامة وجه جلال وعلق قائلًا:
-اعتذر إليكِ وأقدر لكِ ما فعلتيه من أجلي، اعدك ألا أكرر ما حدث ولكن كما أخبرتك فكل شيء اليوم من اختياري أنا.

أومئت چيلان برأسها ولم تتحدث بكلمة واحدة حتى وصل إلى المرسى.

نظرت چيلان إليه وقد بدى عليها التعجب ثم علقت قائلة:
-جلال، إلى أين؟!

توقف جلال بالسيارة وقام بإعطاء المفتاح الخاص بها للحارس.

دنا من چيلان وأمسك بيدها ثم أشار بيده للأمام وقال:
-إلى حيث الروعة والجمال.

نظرت چيلان إليه ولم تفهم ما الذي يعنيه من ذلك، لكنها رافقته إلى حيث أشار ىيده.

بضعة خطوات ووجدت چيلان نفسها أمام أحد القوارب البخارية، اتجه جلال لركوب القارب البخاري وبسط يده لچيلان.

نظرت إليه وعلقت قائلة:
-جلال، لمن هذا القارب؟!

علت الابتسامة وجه جلال وعلق قائلًا:
-استعرته من صديق لي.

نظرت چيلان إليه وقد بدى عليها التعجب وقالت:
-هذا أيضاً!

ابتسم جلال وقال:
-هذا أيضاً.

تبادل الأثنان الضحكات، جلست چيلان داخل القارب البخاري ثم أشار جلال السائق بالإنطلاق.

انطلق القارب البخاري وشعرت چيلان بالسعادة تغمر قلبها، نظرت إلى جلال وقالت:
-جلال، هذه هي المرة الأولى في حياتي التي استقل فيها قاربًا بخاريًا في وسط البحر.

نظر جلال إلى خصلات شعرها المتطاير في الهواء فشعر بأن قلبه يطير معها، فتحدث قائلًا:
-كلما رأيت السعادة على وجهك وبريق عينيكِ يتزايد تزداد سعادتي وتهدأ روحي.

انتبهت چيلان لتلك الكلمات وعلقت قائلة:
-جلال، تذكر أن ما يجمعنا هو الصداقة فقط، فلا تخلط الأمور ببعضها.

نظر جلال في عينيها وقال:
-وهل ما يجتاح قلبي من مشاعر أشعر بها بمفردي أم أنكِ تشعرين بها أيضاً ولكنكِ تحاولين آخفائها؟!

علت الابتسامة وجه چيلان وعلقت قائلة:
-جلال، أرجوا ألا تتوهم أشياء ليس لها وجود على أرض الواقع؛ فليس لدي وقت لذلك الحب الذي يجعل المرأة خاضعة وضعيفة.

تعجب جلال  من رأي چيلان في الحب وبدى عليه الضيق، فجأة قفز على حافة اللانش وبسط ذراعيه أمامه استعدادًا للقفز في المياه، ثم تحدث إليها وقال:
-چيلان، هل أنتِ بارعة في السباحة؟

تعجبت چيلان وعلقت قائلة:
-أجل.

علت الابتسامة وجه جلال وعلق قائلًا:
-حسنًا، إن لم يكْ قلبك يشعر تجاهي بأية مشاعر فلا تقفزي خلفي ودعيني ألقى مصيري؛ فأنا لا أجيد السباحة.

أنهى جلال كلماته وقفز في البحر.

أسرعت چيلان إلى حافة القارب البخاري ونظرت  إليه فوجدته يطفو ويغوص لأسفل فعلقت قائلة:
-إنه حقًا لا يعرف السباحة.

ثم صاحت على سائق القارب وقالت:
-من فضلك استدر للخلف جلال يتعرض للغرق.

لم يستجيب سائق القارب البخاري ونظر إليها بتعجب فاضطرت إلى القفز في المياه.

عندما رآها سائق القارب تقفز في المياه توقف بالقارب ونظر إليها ولكنه وفوجيء بها تسبح حتى وصلت لجلال وأمسكت به.

أشارت چيلان لسائق القارب الذي سرعان ما اقترب منهما وقام بمساعدة چيلان على جذب جلال إلى القارب مجددًا.

صعدت چيلان إلى القارب مرة أخرى، وأسرعت إلى جلال الذي فقد وعيه وقامت بالضغط على صدره وإعطائه  قبلة الحياة، فلم يكْ من جلال إلا أن قام بطرد المياه التي قد ابتلعها أثناء تعرضه للغرق.

نظرت چيلان إلى سائق القارب البخاري وقالت:
-من فضلك أسرع بإحضار منشفة.

وقف الرجل أمامها وهو لا يعلم ما الذي تقوله، فلم يكْ منه إلا أن تحدث بالإنجليزية وقال:
-سيدتي، أنا لا اجيد التحدث بالعربية ولا أفهم ما الذي تريدنه؟

أومئت چيلان برأسها وتحدثت إليه باللغة الإنجليزية فأسرع وقام بإحضار المنشفة.
ظلت چيلان تجفف وجه وشعر جلال وقد تلألأت الدموع في عينيها وظلت تقول:
-جلال، أرجوك افتح عينيك.

وأخيرًا استعاد جلال وعيه وفتح عينيه وظل يسعل حتى أخرج كل الماء التي عبرت إلى جهازه التنفسي.

نظر جلال إلى عينيها وقال:
-لم أكْ أعلم أن حياتي تهمك إلى هذه الدرجة.

قامت چيلان بتوجيه ضربة إلى جلال وقالت:
-أيها الحقير إياك أن تفعل ذلك مرة أخرى، كيف تقفز إلى المياه وأنت لا تجيد السباحة؟!

علت الابتسامة وجه جلال ووضع المنشفة فوق راس چيلان ثم قال:
-هل يمكنني أن أعرف ما الذي دفعك إلى القفز خلفي؟

نظرت چيلان إليه بمكر وأجابت:
-لو أي شخص غيرك كان يتعرض للغرق لقفزت لإنقاذه.

ضغط جلال بأسنانه على شفته السفلى من الغيظ ثم تحدث  قائلًا:
-وماذا عن هاتان العينان التي تلألأت الدموع بداخلهما هل يمكنني معرفة السبب في ذلك؟

نظرت چيلان إلى جلال وتحدثت بثقة وقالت:
-ألست بصديقي أليس من حق الصديق على صديقه أن يحزن إن أصابه مكروه؟!

نهض جلال غاضبًا ونظر إليها وقال:
-لا داعي لأن تعرضي حياتك للخطر من أجل شخص لا يمثل لكِ شيء، فمن لا يمس قدرك لا تغيري أقداره.

أشار جلال إلى سائق القارب البخاري بأن يتابع سيره وتجاهل النظر إلى چيلان.

نظرت چيلان إليه وهمست قائلة:
-إنه مثل الطفل الصغير الذي يأخذ جانبًا عندما يغضب، لا يمكنني أن ابوح له بمشاعري قبل أن أتأكد من كل شيء.

ثم وجهت حديثها إليه وقالت:
-جلال، لقد أصبح ثوبي مبتلًا كما ابتل شعري أرى أن أعود للفندق فلا يمكنني أن أذهب إلى أي مكان بمظهري هذا.

نظر جلال إليها وعلق قائلًا:
-لن أكذب إنزقلت لكِ إنكِ تبدين في غاية الجمال.

علت الابتسامة وجه چيلان ونظرت أمامها فإذا بجزيرة في وسط البحر.

وصل القارب البخاري إلى جزيرة نيلسون أو جزيرة جريشة كما يطلق عليها أهل الأسكندرية.

نظرت چيلان إلى جلال وقد بدى عليها الذهول ثم علقت قائلة:
-جلال،  لم اكْ أتوقع بوجود مثل هذه الجزيزة هنا، هل يمكنني أن أعرف أسمها؟

أومىء جلال برأسه وقال:
-نيلسون جزيرة نيلسون.

وضعت چيلان قدميها على أرض الجزيرة ونظرت حولها فشاهدت الصيادين وهم يقومون بصيد الأسماك من خلال قوارب الصيد المتجمعة حول الجزيرة في مشهد غاية الروعة.

نظر جلال إلى أحد الرجال المتواجدين على الجزيرة فإذا به يومىء برأسه.

علت الابتسامة وجه جلال وبادله الإيماء
ثم أمسك بيد چيلان واصطحبها إلى حيث يريد.

نظرت چيلان إليه وقالت:
-جلال، إلى أين؟! يبدو من خطواتك الثابتة أنك تعلم إلى أين تذهب.

وبدون أن يلتفت إليها اجابها قائلًا:
-لحظات وستعرفين كل شيء.

نظرت چيلان أمامها وفوجئت بمكان في غاية الروعة قد تم اعداده خصيصًا لإستقبال رواد الجزيرة ليستمتعوا بأجمل المأكولات البحرية، فالمكان يجمع بين الطابع الأثري والمناظر الطبيعية الخلابة.

جلست چيلان على الطاولة الخاصة بهم وجلس أمامها جلال، نظر إليها وقال:
-على هذه الجزيرة سوف تتناولين أشهى أنواع الأسماك والمأكولات البحرية.

ثم وضع العديد من الأطباق الشهية وخاصة شوربة السي فود المفضلة لدى چيلان.

علت الابتسامة وجه چيلان وقالت:
-يبدو أنك خططت بشكل جيد لأن يكون هذا اليوم يومًا رائعًا، جلال، أنت حقًا صديقًا رائعًا.

بدأ جلال وچيلان في تناول الطعام، فجأة يقترب منهما رجل مرتديًا قميصًا مزودًا بغطاء للرأس وقد وضع غطاء الرأس على رأسه جاذبًا إياه على وجهها قلا تستطيع التعرف عليه أو رؤية ملامح وجهه.

جلس الرجل خلف جلال وثم همس في نفسه وقال:
-لن اترك هذه الفتاة تتلاعب بك كالدمية.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي