19فضائح

صوفيا
لمحتُ الخيبة في عينيه ، وهيلا تُلمِّح إلى استعدادها لإثارة المزيد من الفضائح.

وبالرغم من أنه في موقف لا يحسد عليه إلا أنني تمنيت لو إذا كان في مقدوره أن يرفضها ، ولكن أصبح الوضع صعباً ، خاصة عندما استمعتُ إلى هيلا ، وهي تقول بتحدٍ سافر،

- " حسناً ألكساندر ، يمكننا أن نُحكِّم السيدة ريتشي ، فأنا لا أعتقد أنها ستؤيد موقفك مني ، ولن يعجبها اندفاعك غير العقلاني تجاه تلك الوضيعة "

زمجرتُ بغضب عقب ما تفوهت به سليطة اللسان تلك ، وكنتُ على وشك الهجوم عليها ، ولكنني لن أفوِّت فرصة الانتقام بطريقة أخرى ستجعلها في حالة جنون.

جذبني من شرودي صوت إلكساندر ، وهو يرد على تلميحاتها بجفاء ،
- "هيلااااا ، الزمي حدودك ، ولا ترفعي صوتك مجدداً ، وإذا استمريت في أسلوبك هذا ، فاعلمي أنه ما من مخلوق على وجه الأرض قادر على أن يرحمك من بين يدي ولا حتى ريتشي ".

اسبقيني إلى جناحك ، ولا أريد الاستماع إلى أي اعتراض ".

غادرت تلك البغيضة على مضض ، بينما اقترب ألكساندر يحك مؤخرة عنقه في متلازمة رصدتها عندما يكون في حالة تشتت.

يبدو أن الرابطة بيننا أقوى مما كنت أتخيل ، فها أنا أستطيع وبكل سهولة أن اتطلع على أفكاره المبعثرة التي تجول برأسه ، بعضها يستنكر أفعال هيلا ورفضٌ قاطع للامتثال إلى تهديداتها ، والأخرى توازن بين ما يصبو إليه وما يتوجب عليه فعله.

ابتسم بتردد ، يقول بتلبك ،
- " صوفيا .. ها أنت ترين الوضع أمامك .. وبالنهاية لقد وضعنا القدر في مثلث محكم الأضلاع، وعلى ثلاثتنا تقبل الأمر، كما أن غضب ريتشي لا ....... "

بترتُ عبارته ، أقول متصنعة البرود ،
- " وما الذي يجعلني أتقبل وضع كهذا ؟!

- أعلم أنك غير قادر على إغضاب والدتك ، لذا يمكنك الاختيار والآن ".

أظلمت عيناه ، يقبض على ذراعي بقوة ، قائلاً بتملك ،
-" ها قد عدنا إلى صلابة رأسك مجدداً ، لا مجال للتراجع الآن ، ومن البداية لا خيار أمامك سوى الخضوع لرغبتي ، فلا مفر لك مني سوى الموت وحتى هذا لن أسمح لك به ، ليس الآن . أسمعتي ؟! "

بالرغم من رفضي للوضع بأكمله ، ولكن تمسكه بي جعلني أشعر بالإنتشاء.

شعرتُ ببعض الارتباك ، فكم من الصعب التحكم في أفكاري عنه وحجب ما أشعر به نحوه ، الأمر يتطلب مجهود ومشقة ، ولكنني ممتنة لدراجون الذي علمني ذلك ، وإلا كان قد افتضح أمري منذ الوهلة الأولى.

بضيق مصطنع ، نفضت ذراعي من بين أصابعه ، أهدر فيه بحدة ،
- " اتركني ، واذهب إليها ، أكرهك ألكساندر "

هذا المشاكس سيصيبني بجلطة ، إذ اقتنص قبلة سريعة طبعها على وجنتي قبل أن يغادر ، وهو يقول بثقة زائد ،
- " كاذبة صوفيا ، لو كنت تمقتيني كما تدعين ما تركتيني ألمسك بل وأوشمك أيضاً ، أو لم يحدث ؟! "

ألقى سؤاله الأخير وهو يطل برأسه من فتحة الباب قبل إغلاقه غامزاً إلي بعينه ، لذا بدأت أشك في الأمر ، هل اكتشف كذبتي ؟!
كيف ؟! لقد وضعت له خلاصة تلك الزهرة التي ما إن تُخلط بالكحول المركز للمشروب تجعل تأثيرها كمنوم يتضاعف.

أغمضت عيني وأنا أتلمس موضع قبلته التي رطبت خدي ، وأبداً لن أنسى الليلة الماضية ، وذلك بالرغم من أن لقاءنا لم يكتمل.

بريق عينيه وهو يتابع حركاتي الإيقاعية وأنا أقوم ببعض الرقصات التي تعلمتها في مخيمنا ، جعلتني أشعر بأنوثتي.
لمساته الرقيقة الناعمة ، قبلاته الشغوفة ، دفء ذراعيه ، إحساسه بي ، كلها أشياء لنا أنساها.

زفرتُ باختناق ، فلا يمكنني أن أنكر ما شعرت به حينها ولا ما أرغب به الآن.

أريد أن أركض إليه ، وأخبره أنني بحاجته ، أرجوه أن يضيف لمساته ليجعل كذبتي حقيقة ، حقاً أريد أن أفقد عذريتي معه.

الآن ألوم نفسي ؟!
أجل ، لم أمكنه من فعلها حتى الوشم على رقبتي زائف ، تلك كانت آثار غرز السن المدبب لنصل خنجري، والدماء الوردية على الفراش لم تكن سوى ما سال من ذلك الجرح الذي كنت أنا فاعلته.

أسرعت إلى المرحاض ، ابحث عن قارورة لمحتها على أحد الأرفف تحوي زيت الخروع ، ابتسمت بانتصار عندما قربتُ الزجاجة إلى أنفي أشم رائحتها ، ولكن بقت المعضلة كيف سأجعله يتناول بعض منها.

لابد وأن الأبواب المغلقة تفتح أمامي دون جهد ، إنه يوم حظي ، فعندما كنت أهم بالخروج من غرفتي ، استمعتُ إلى إحدى الخدمات تقول لأخرى ،
- " خذي هذا الحامل إلى غرفة السيدة هيلا ، واحرصي ، فالشوربة ساخنة "

شهقت الخادمة بتفاجئ حالما فتحتُ الباب على حين غرة ، فتلتخطت صينية التقديم ببعض من محتويات الأطباق المرتصة عليها.

اقتربتُ منها ، أرسم معالم الحزن على ملامح وجهي ، أقول بنبرة خافتة ودودة ،
- " حاذري ، اعتذر لأنني أخفتك ، لم أتعمد ذلك "

أجابتني الخادمة ، وقد بدا الذعر عليها ، تقول بهلع ،
- " ماذا سأفعل الآن ؟ ستوبخني السيدة ، إذا مررتُ إليها الحامل بتلك الحالة المزرية "

التقطتُ ما بيدها على الفور ، وهي ترمقني بدهشة ، أطالبها بِحَث ،
- " سأحمل هذا عنكِ ، وأنت اسرعي في إحضار آخر نظيف لنقوم بنقل الأطباق إليه "

أطلقت الخادمة العنان لساقيها ، تهبط الدرج مسرعة ، بينما أخذت أتلفت حولي ، لأتأكد أنني لست مراقبة ، ثم انحنيت أضع الحامل أرضاً ، أسكبُ من محتويات الزجاجة التي خبأتها بملابسي داخل الأطباق المغطاة ، أقلب محتوياتها سريعًا.

ألقيت الزجاجة التي أفرغتها كاملة من نافذة قريبة تطل على حديقة القصر ، ثم استدرتُ إلى الخادمة التي حضرت تلهث ، أهديها ابتسامة مطمئنة أقول ،
- " لا تنزعجي عزيزتي ، ستمضي الأمور على ما يرام "

أجابتني الخادمة بامتنان ،
- " آمل ذلك ، شكراً لك "

انطلق كلاً منا في طريقه ، حيث عدت إلى غرفتي أغلق بابها عليَّ ، وأنا أصفق ، قافزة بفرحة ، بينما تمتمت ألورا تشاركني احتفالي الصاخب ، - " شريرة أنت يا صوفيا ، ماذا سيفعل الألفا خاصتنا في ليلته مع غريمتنا ، يبدو أنه لن يوفَّق "
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي