1111111111111111

- أين أنت يا عمر؟، قلقت عليك.
- كنت في المستشفى يا زوجة أخي.
السيدة كريمة في لهفة:
- هل من أخبار جديدة؟، أخبرني أرجوك.
عَلت علامات الحزن نظرة عينيه، فجهوده لا تؤتي ثمارها، وما زلت تلك السيدة لا تتذكر شيئًا، فما الفائدة إذن من تعطيل حياته والبقاء جوارها، وخرجت تلك الكلمات من شفاه زوجة أخيه، صمتت للحظات ثم أكملت في ألم:
ـ لا تُعطل حياتك يا عمر، انس الأمر، وعد إلى عملك، فما من جدوى لما تفعله.
عمر في آسف:
ـ وكيف يُمكنني فعل ذلك يا زوجة أخي؟، وأنا أراكِ حزينة، ودموعك لا تكف أبدًا ليلًا أو نهارًا، وأن...
يقطع حديثه عند رؤية الصغار، عادوا من الخارج توًا، فتعلقت مريم في رقبته، تسأله ببراءة الأطفال قائلة:
ـ أين هو أبي يا عم عمر؟، ولم لا يعود إلى البيت؟، هل هو غضبان من كريم، لكونه حصل على درجة سيئة في الاختبار؟، فقام بمعاقبتنا كلنا، ولكن ما ذنبي أنا وأمي ومحمد، وكريم أيضًا سيعدني بأنه سوف يُذاكر.
ثم وجهت حديثها إلى كريم قائلة:
ـ ستُذاكر دروسك يا كريم صحيح؟
كريم وهو متشبث بيد عمه، ويهز رأسه في إيجاب قائلًا:
ـ نعم صحيح، سأذاكر دروسي بجد، وسوف أحصل على علامات عالية، فأخبر أبي بالعودة يا عمي أرجوك.
وهنا لم تتمالك السيدة كريمة نفسها، وانهارت في البكاء، فاقترب منها محمد، يمسح بأنامله الصغيرة الدموع عن وجهها قائلًا:
ـ لا تبكي يا أمي، أبي يُحبنا كثيرًا، وأعلم بأنه سيعود إلينا.
يوجه حديثه هو الآخر إلى كريم قائلًا:
ـ وستكون مؤدبًا يا كريم صحيح؟
ـ نعم، والله، فأخبر أبي يا عمي بالعودة أرجوك.
يرجوه ثانية، وهذه المرة بكي الثلاثة مع أمهم، كيان أسرة كاملة قد تشتت، وأصبح آيلًا للسقوط، فقد كان هو عمود البيت الذي يحميهم، وأدرك عمر مدى احتياجه إليه، لا سند للكبار قبل الصغار دونه، فعقد عمر العزم على عدم العودة دون إثبات براءته، أحضر إلى البيت كل ما ينقصه، وترك الصغار مع أمهم، وهو يطمأنها قائلًا:
ـ أعدك يا زوجة أخي بأنني سأُعيد الغائب إلى أحضان عائلته، سيلتم الشمل الذي لن يعقبه فراق ثانية.
في بيت عائلة إبراهيم
تزرع البيت مجيئةً وذهابًا، الشرار يتطاير من عينيها، وانتفخت أوداجها من الغضب، وتشعر بالهزيمة، فقد آلت كل مخططاتها بالفشل، واجتمع الأحبة من جديد، لتُحدث نفسها في استنكار قائلة:
- إبراهيم عاد إلى نور، كيف ذلك؟
تدخل عليها إحداهن الغرفة, فتُشاهد حالتها على عكس ما تركتها عليه, لتسألها في استغراب قائلة:
ـ أمي ما بك, ما الذي جرى؟, لم أنت قلقة بذلك الشكل؟
زفرت في ضيق, وأخذت تُفصح لها بالمكنون قائلة:
ـ حين ذهبت إلى بيت نور لم أخبرهم الحقيقة, بل ادعيت عليها كذبًا, فقد كانت منهارة, وأكملت أنا عليها بسطوة الكلمات, جُرحت كرامتي حين رفضت ابني, وأنا التي منذ البداية غير موافقة على هذه العلاقة التي جمعتهما, ولولا تلك النظرة التي رأيتها في عينيه لما وافقت أبدًا, فقد جاء إلي في تحد فإما هي وإما نحن، ولا يُطاوعني قلبي لفراق إبراهيم، والآن وقد عاد إليها، قد يُعيد الكرة ثانية.
تتحدث هنا عن ما عاشته معه في المستشفى، فقد نجا بصعوبة، كان يرفض الحياة، ولا يقبل العيش دون نور، وكأن الحياة قد أظلمت برحيلها منها، وتحب السيدة منال إبراهيم كثيرًا، فهناك سر دفين تخفيه خلف اسمه، تربت مي على كتفها، وتضم بكفوفها يديها، تُحاول أن تطمأنها، بل وتعطيها وعدًا قائلة:
ـ سيظل إبراهيم جوارك يا أمي، لا تقلقي أبدًا، أعدك بأنني لن أسمح لنور بهدم استقرار بيتنا كما فعلت من قبل، وعصفت بهدوئها.
أحداث مؤلمة ومواقف قاسية حُفرت داخل ذاكرتهم جيدًا، وإن اختلفت التفاصيل، وزُيفت الحقيقة، بقى الهدف واحدًا، والغاية واضحة، تقول لوالدتها في ألم:
ـ أقسم لك يا أمي بأنني لن أرحمها، وما تُريدينه سوف يكون.
قالت جملتها الأخيرة في تحدٍ، قامت بمراقبة أخيها، ومن خلاله عرفت مكان عملها، تُراقب المكان في حذر، تذهب إلى هناك يوميًا، وهي تُخفي شكلها، لن تظهر أمامها الآن، تتربص بها حتى تكون ضربتها نافذة؛ لتبتسم ابتسامة المنتصر، حين يقع نظره عليه، فهناك شخص آخر يُراقبها، ولكن اختلفت الطريقة التي ينظر إليها بها، فطارت بسيارتها بعيدًا، تقودها على عجل، فاليوم قد عرفت الوسيلة التي ستستخدمها في انتقامها.
شاب مفتول العضلات، عريض المنكبين، على وجهه علامات الغرور، وتنعكس في عينيه نظرات استعلاء، تتهافت عليه الجميلات، ومن يراه لا يُصدق بأنه أربعيني، والبعض منهن إن علموا يزددن تعلقًا بهم، وهو لا يُبالي، بل يزهدهم، فواحدة فقط هي التي تعلق قلبه بها، يرجو وصالها ليل نهار، وهي لا تتوقف عن صده قط، يشعر بالغيرة من أحدهم، يبدو بأنه يشغلها، ولأجل ذلك لا تنتبه لوجوده هو.
ـ أنا آسف، لم أرك.
اصطدم وائل للتو بإحداهن، كان منهمكًا في التفكير، وهو يسير، فتسبب في إيقاعها أم هي التي فعلت ذلك، لتقترب منه, تقول له في دلال:
ـ لا بأس أبدًا، فأنا أيضُا لم أرك و...
لم ينتظر أن تُكمل، وقاطعها بالمغادرة، لتدعي التعب أمامه، وتسقط ثانية، فيهرول نحوها، يسألها في خوف قائلًا:
ـ هل أنتِ بخير؟
ترتمي مي عليه، وهي تجيبه في ضعف مصطنع:
ـ لا والله، متعبة للغاية، ولا يسعني الوقوف.
فقام وائل بحملها، وضعها داخل سيارته ثم انطلق بها مسرعًا إلى المستشفى، فتنهدت في ارتياح، تسير الأمور كما خططت لها.

في المستشفى ..
تسير الأيام على نفس وتيرتها، وإن خف الإيقاع قليلًا، فحالة الأستاذ أحمد في تحسن، وتنبأ البشارات بأنه قد يُغادرها قليلًا، وعلى مقربة منه غرفة أخرى، تتمنى المريضة بها لو تنتهي معاناتها، الليل يُشبه النهار بالنسبة لها، وما من اختلاف لديها عن الأشخاص التي تلتقي بها، لا تتذكر أحدًا، وليس بإمكانها أن تفعل شيئًا لذلك الشخص الذي يعتني بها، مستقبل أخيه بل حياته تتوقف على كلمة واحدة منها، ورغم كثرة الكلمات في حنجرتها، لم يخرج الصواب من بين شفتيها قط، فعصف بها الحزن من كل اتجاه، وكادت أن تستسلم له، لولا تلك الصغيرة التي تُلونها بالألوان، بل تُزهر فيها وردًا وثمارًا، وتشعر في قرارة نفسها بأنها هناك صلة ما تجمعها بها، وفي أحد المرات مزحت معها قائلة:
ـ قلبي يُحدثني يا هدى بأنني أعرفك والله، نسيت عالمي الكبير، وأنتِ فقط التي تربطني به، ولا أدري حقًا ماذا كنت لأفعل لولا وجودك به.
هدى ببراءة الأطفال قائلة:
ـ وأنا أيضًا، رغم كوني لا أعرف اسمك إلا أنني أعرف شكلك جيدًا.
لم تنتبه سهيلة للجملة الأولى، لتحمل هدى في لهفة, وهي تسألها قائلة:
ـ هل حقًا تعرفينني يا هدى؟، بالله عليكِ أخبريني من أكون؟
هدى في لطف:
ـ أنت صديقتي الحلوة، ورفيقتي الدائمة التي أحبها كثيرًا.
تمسح عن وجنتيها الدموع بحب، وتربت على يديها بكفوفها الصغيرة قائلة:
ـ لا تحزني أبدًا يا صديقتي، حين يتحسن أبي سأخبره، وسنذهب معًا للبحث عن عائلتك، وستلتقي بأمك وأبيك ثانية كما حدث معي.
وأخذها الحديث معها، تُخبرها حكايتهم، وكيف أنهم كانوا وحدهم أمام عواصف الحياة، ولم يجدوا من معين أبدًا لهم، وهنا ظهر أمام ناظري سهيلة عمر، فشكرت الله على هذا الملاك الذي أرسله لها، وكأن الزمان قد أخذ معه السير الصالحة، فلم يتبق منهم سوى قلة قليلة، ترث عنهم تلك الصفات الجيدة، فالحقد وغيره من أمراض القلوب لم يتفشى داخلهم كما فعل بالكثيرين، الذين من ضمنهم أقارب الأستاذ محمد، فلو جاءته الضربة من عدو، لما وصل به الحال إلى هنا.

في بيت العائلة الكبير ..
تطوف السيدة سعاد في غرفتها ذهابًا وإيابًا، لا تعرف ماذا تفعل لتُعيد زوجها إلى صوابه، تغيرت طريقته، بل نظرته للأمور، ولم يعد الشيطان يستطيع أن يُخرس لسانه أكثر، يريد الوقوف أمام فتحي؛ ليصبح في صف محمد، ولولا توسلاتها المتكررة، لفعل ذلك منذ ذلك اليوم، وكأن الشخص قد أرسله الله إليه؛ ليوقظ ضميره، يقول لزوجته في ألم:
- لقد ضربني ذلك الشخص بسوط كلماته، فجرحت قلبي قبل جلدي، والحمد لله الذي كشف عني الباطل، ورزقني نور البصيرة.
- حرام عليك يا أحمد، أ تريد جلب الضرر لنا؟
الشيخ أحمد في استنكار:
- بل أريد النجاة لنا، كيف نكون في صف الباطل، ونحن نعلم الحق؟، لا والله يا سعاد ما عاد قلبي يحتمل ذلك الضلال.
علِمت سعاد في هذه اللحظة بأنها لم يعد يمكنها أن تؤثر عليه؛ فهداها عقلها إلى ذكر ابنهم يوسف، تعلم مدى حب زوجها له، وخاصة أنهم رُزقوا به بعد انتظار لم يكن له نهاية حتى جبرهم الله، وقر أعينهم بالاستجابة.
تقول له في خوف:
- وماذا عن ابننا يوسف؟
الشيخ أحمد في انفعال:
- ما به يوسف يا سعاد؟
- ألا تخاف عليه من بطش أخيك؟
- وهل يجرؤ أخي على الاقتراب منه؟
قال الشيخ أحمد جملته في حدة، ثم غادر مسرعًا، وشيء ما بداخله قد اهتز؛ لتنجح سعاد في التأثير عليه، فعاد الشيخ أحمد إلى الصمت ثانية لأجل فلذة كبده، ولكن ذلك لم يمنعه من الذهاب لزيارة أخيه.
يسأله الأستاذ محمد في قلق:
- ما بك يا شيخ أحمد؟، هل أنت بخير؟
الشيخ أحمد شاردًا في التفكير، تطوف به الهواجس والخواطر السيئة من كل اتجاه، لا تترك له مجالًا؛ ليهنأ، فما الذي سيحدث حقًا إن علم فتحي بأنه أصبح في صف أخيه، الذي نهب حقه، وجعله يخرج قهرًا من البيت، فماذا إن فعل الشيء ذاته معه؟، وماذا لو ألحق بيوسف مكروهًا؟، وماذا وماذا؟، ضجيج الأسئلة لا يكف.
ليربت الأستاذ محمد على يد أخيه في حنان قائلًا:
- هون عليك يا أخي، الله كريم، وكما ترى تسير الأمور معنا بلطفه، فلا تعط الأمور فوق وزنها، الله أكبر من كل هم أو حزن.
فنظر إليه الشيخ أحمد في امتنان قائلًا:
- ونعم بالله العلي العظيم، جبر الله قلبك يا أخي كما جبرتني، لم أجد منك يومًا تذمرًا أو شكوى رغم كوني لم أقم بدوري نحوك، ووق...
يوقفه الأستاذ محمد قبل أن يُكمل، وضع يديه على فمه، وهو يقول له في رضا:
- لا تُفكر في الماضي يا أخي، فنحن الآن معًا، والحمد لله الذي أعادك إلي.
فارتمي في أحضان أخيه، واستسلم لتلك العواطف الجياشة داخله، انهمر في البكاء، فالدم لا يهون، والعلاقة بين الإخوة لا تُقدر بثمن، كيف استطاع فتحي فعل ذلك مع أخيه؟، وكأن كل الخصال تبدلت حين تخلى عن ذلك الاسم، وترك نفسه للأهواء، تلعب به زوجته كيف تشاء؟، فلقب السيد، وإن رآه عظيمًا، إلا أنه بعيد كل البعد عنه.

في بيت عائلة ندى ...
ندى في غرفتها تُفكر في كلام فريدة، هل حقًا ما تقول؟، ومن الصواب ما تفعله؟، هل إن لم تفعل مثلها؟، لن تجد الحب أبدًا، وكيف ذلك وقد أخبرتها والدتها بقصة زواجها هي ووالدها، وبدأت تتذكر حديثها معها، وهي تقول لها في شوق:
- أخبريني يا أمي، كيف تعرفت على أبي؟
تنهدت السيدة حبيية، ثم عادت برأسها إلى الخلف، تستند على السرير، وهي تقص عليها الحكاية قائلة:
- كنت متخرجة حديثًا، وأبحث عن عمل، وبينما أنا أسير قرأت إعلانًا على أحد اللوحات الكبيرة، يطلب أحدهم سكرتيرة، فقولت لنفسي لمَّ لا أُجرب أنا؟، وذهبت هنا دون تردد و...
قاطعتها ندى، وعلامات التساؤل تُقرأ على وجهها، قبل أن يتفوه بها لسانها، وهي تقول:
- ذهبت إلى هناك دون أن تُخبري والديك، هل هذا معقول يا أمي؟
لتوكزها السيدة حبيبة في مزح قائلة:
- وهل تظنين بأنني قد أذهب إلى مكان ما، ولا أخبر والداي؟
فهمت ما تُشير إليه ابنتها، إلا أنها حقًا كانت الحقيقة، لم تُخبر أحدًا، ولكن لا يسعها الاعتراف بذلك أمام ابنتها، فهي لا تكف عن تلقينها التوجيهات، وإلقاء العديد من النصائح على مسامعها، وكانت تُخفي خلف ذلك حدث أليم، لتُكمل قائلة:
- ليس صوابًا أن تذهب الفتاة وحدها إلى مكان لا تعلمه، ولا يحق لها التواجد في أي ناحية دون إخبار عائلتها.
تقترب الصورة أكثر، وتصبح الذكرى الأليمة واقعها، تتذكر كيف صعدت تلك السلالم في لهفة، ونظرة انتصار تنطلق من أعينها، تحدت والدها بأنها ستستطيع إيجاد عمل، فهو لطالما أخبرها بأنه ليس بالشيء الهين، ولكنها لم تُفكر في أي مما قاله، فها هي ذا على أعتاب الوظيفة، دلفت إلى داخل المكتب الذي هو في الأساس شقة مفروشة بالإيجار، كانت صغيرة على فهم الحياة، فلم يدر ذلك في بالها، لتصطدم بالحقيقة المرة.
- السلام عليكم ورحمه الله، لقد جئت لأجل هذا الإعلان المذكور.
ابتسم الرجل بخبث، وهو يقول لها في دهاء:
- يا مرحبًا، تفضلي بالجلوس.
لم يرد السلام، وكانت تلك أول إشارة لها، ليتطرق معها في الحديث عن أمور تخص حياتها قائلًا:
- هل أنتِ متزوجة أم مخطوبة؟
- لا، أنا عزباء، ولكن ما دخل ذلك بالعمل.
فعاد برأسه إلى الكرسي الهزار خلفه، وأخذ يدور به في لؤم قائلًا:
- بالطبع له علاقة، فأنا بحاجة إلى سكرتيرة شخصية، تتولي عني المهام، وتقوم بكافة شؤوني، وتلبي احتياجاتي.
إشارة ثانية، وما زال يصعب عليها الفهم، لتهز رأسها في إيجاب قائلة:
- لا بأس إذن، فأنا أستطيع القيام بكل الأمور.
فنظر إليها نظرة شيطانية، وهو يقول في دهاء:
- هل أنتِ متأكدة؟
لم يمهلها لتُجيب، فما بين طرفة عين وانتباهتها، انقض الذئب على فريسته، لتصرخ طلبًا للنجدة، وما من مُغيث حتى ظهوره هو، كالصقر يفرد جناحيه، وينشب بأظافره وجه من يقترب منه، وكأنها جزءًا منه، دافع عنها وأنقذها من براثن الشر، كاد أن ينهب خيرها، وتفقد أغلى ما تملكه.
سرحت بعيدًا وتوقفت عن الحديث، لا تعرف بمَّ تُخبر ابنتها؟، ولا تنتبه لنداءاتها المتكررة، ليتولى عنها الحديث زوجها، وهو يربت على يديها في لطف، يُنقذها كعادته، فقال:
- لقد أحببتها منذ الوهلة الأولى، وكم كانت خائفة، فقولت لها لا تخافي، أنا هنا معك، ثم تزوجنا بعدها.
ندى في استنكار:
- بهذه السرعة يا أبي، ألمَّ تتعرفا أولًا؟
- لقد وجد أحدنا الآخر يا ابنتي، فكيف نتعرف وقد كتب الله جمعنا، الرجل الحقيقي يا ابنتي هو من يظفر بشريكة حياته، يتحدى الصعاب ويذهب إليها في عقر دارها، يطلبها من أبيها، وتصبح زوجته على مرأى ومسمع من الجميع.
هزت ندى رأسها في إيجاب، وعلى وجهها مسحة حزن، يبدو بأن ذلك الشاب يتلاعب بصديقتها، فعقدت العزم ألا تتراجع حتى تُبعدها عن طريق الخطأ، واختلفت نظرة والدتها، تقع في حب زوجها أكثر؛ بل تهيم عشقًا به، فهو بطلها الذي أنقذها، وأهدى إليها حياة جميلة كتلك التي تعيشها معه.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي