16 همجي

صوفيا
نظرتُ إليه بارتباك ، بعد أن صعدنا إلى غرفتي ، وتعجبتُ كثيراً عندما لم أجد تلك المقيتة هيلا في طريقنا بعد أن أنهينا جولتنا بالحديقة.

من المحزن أنها قد ملت انتظاره ؛ لقد كنت أضع أملاً كبيراً على اندفاعها بالحديث ، كي افتعل معه مشكلة بسببها وأتركه إليها ، وذلك بالرغم من أن فكرة اختلائه بها تخنقني ، ولا أجد تفسيراً لذلك.

واليته ظهري ، أحجب عنه حالتي المزرية ، فشعرتُ به خلفي مباشرة ، وذراع التف حول خصري يدعم جسدي إليه ، ويده الأخرى تعبث بخصلات شعري بمداعبة رقيقة.

مال يسند رأسه إلى كتفي ، يهمس بالقرب من مسامعي ، يقول بصوته العميق ذو النبرة الرجولية ،

- " سايرتك بالأسفل لأنني لم أحب طريقتها المتعالية في التعامل معك ، ولأنني أريد استكشاف مناطقكِ المحظورة كما لمَّحتِ أمامها ، أنت مهلكة صوفيا ، لكِ رونقكِ الخاص ، فاكهة محرمة ومع ذلك أشتهيها ".

كلماته أثارت بداخلي فيض من المشاعر غير المبررة !!
إنه عرضٌ من تأليفي وتمثيلي ، لِم الآن أشعر بأن جسدي يخونني وينجذب إلى كل لمسة وهمسة منه ؟!

تحفزت إلى تنفيذ خطتي البديلة بعدما ذكَّرني بفظاظة هيلا ، لذا وئدتُ علامات الرعب التي ظهرت على وجهي ، واستحضرتُ حالة أخرى.

وها أنا أرسم على ثغري ابتسامة مغوية ، ومن ثم استدرت لمواجهته ، أقول بإيحاء ،
- " أخشى أن أكون مجرد نوع جديد من النساء اللاتي لم يصادفك التعامل معهن ، وبعد أن تمتلكني وأعتادك ، تهجرني لأجلها ، إنها زوجتك أما أنا لا شيء ، لم لا نكن أصدقاء ......... "

قاطعني مسرعاً ، وأعينه تقسم على صدق نواياه ، يقول بنفي قاطع ،
- " لا صوفيا ، أشعر وكأنني كنت زاهد بالنساء طوال العقود السابقة لأنني لم أجد من بينهن مثيلة لكِ ، كنت أحلم بك كل ليلة منذ أول لقاء بيننا في الغابة.
بحثت عنك لسنوات ، ولم أجدك.

تزوريني كل ليلة في أحلامي حتى ظننت أنكِ مجرد خيال.

فكرة إنني فقدتكِ بعد لقاءكِ كانت تحبطني، بل كان موت بالبطيء.

كلما مرت الأيام والشهور ، ينطفئ بداخلي الحماس في أننا سنلتقي مرة أخرى ".

رمقته بنظرات اللوم ، أقول بعدم تصديق ،
- " گيف وأنت ترفض حقيقتي ؟!

لقد قلتها مسبقاً حقيقتي المشينة.

لقد صرحت بذلك علناً ولم تعبئ بما كنت أشعر به.

أنت ألكساندر ، أنت من قال أنني لا أليق بك ، ومكاني بجانبك لن يكون سوى عشيقة تخجل من ربط اسمك بها ".

أحمرت عينه بغضب أعمى ، جعلني أتأكد من أن الوقوع بفخه لن يجلب لي سوى المتاعب ، وذلك عندما هدر بي يقول بتحول كلي ، وهو يبتعد بضعة خطوات ، مشيحاً بيده في الهواء مستنكراً ،
- " إلام تريدين الوصول بأفعالك المتناقضة تلك ؟! اخبريني هل تتلاعبين بي ؟!
أنا مجرد سلاح تحاربينها به ، وسيلة للثأر منها ليس إلا ؟! "

قطعت المسافة التي ابتعدها ، أتمتم إليه بوقاحة ،
-" وهل توجد من يمكنها مقاومة جاذبية رجل مثلك ألكس ؟! "

قلتها وأنا أمسك بيده أقوده معي إلى المرحاض الفخم الموجود بنهاية الغرفة ، أكمل وأنا أطبع قبلة عميقة إلى جانب شفاهه ، بينما كان يتصنع الثبات ،
- " إليك بحمام دافئ ، ريثما أجلب لنا شيئاً نشربه ليضيف إلى الأجواء المزيد من المتعة والسحر ".

أومأ بالإيجاب وعلى وجهه علامات التذمر والامتعاض ، بدا لذيذ للغاية ، اغلقتُ الباب خلفه ، وأنا أضع يدي على صدري أزفر أنفاسي التي خطفها هذا الوسيم بعد أن استدرت وأصبح ظهري إلى الباب.

أجفلتُ مذعورة ، عندما فتح الباب فجأة ، يقول بتحذير ،
- " أنت أيتها المشاكسة ، إياكِ أن تفكري بالهرب مرة أخرى ، وكُوني واثقة أنني سأجدك ولو عودتِ جنين في بطن أمكِ ".

نظرت إليه بحزن مصطنع ، ومن ثم أجبته ببراءة ملفقة ،
-" لا ألكس !! أنت من يظن بي هكذا ؟! لقد وعدتك أننا سنقضي ليلتنا معاً أيها الألفا السيء ، وصوفيا لا تنكس بوعدها ".

أنهيتُ حديثي وأنا أدفعه بخفة إلى الداخل وأعيد غلق الباب ، وخرجت على الفور أذهب إلى المطبخ ، وحينها استمعت إلى زئير هيلا الغاضب وهي تتحدث إلى أحدهم ، تقول ،
- " اللعنة !! تلك الحقيرة تريد أن تضع نفسها بمنزلتي ، ولكن هذا في أبعد أحلامها ، يجب أن أزيحها عن طريقي وعلى الفور ".

أجابها صوت أنثوي ،
- " إذاً فلننفذ خطتنا ، خذي هذه مولاتي ، ولا تنسي التخلص من العلبة بعدما تخلطي ما بها بشيء يدخل إلى جوف هذه الملعونة".

جزيت على أنيابي بغيظ ، ولكنني لن أخوض مواجهة معها الآن ، حتماً ستنكر ، كما يجب أن أسرع حتى لا يلحظ ألكس غيابي ويداهمني وأنا أعد مشروب الغفوة خاصته ، همست بتوعد ،
- " مهلاً هيلا ، لنا لقاء قريب ، وسنرى من ستنهك قواها أولاً ".

هرولت سريعاً إلى الطابق السفلي ، وأعددت كأسين من النبيذ ، وخلطتُ واحد منهما بمطحون زهرة الأشواغندا التي اختلستها من الحديقة ، وصعدت إلى الأعلى أحملهما على أحد أطباق التقديم.

ابتلعت بإثارة ، عندما وقعت عيناي عليه ، فور دخولي إلى الغرفة ، إذ أن ذاك الوسيم قد أنهى حمامه للتو وخرج من المرحاض يلف جزءه السفلي بمنشفة عريضة.

كان شعره الأسود الحالك يتساقط منه قطرات المياه التي عرفت طريقها على جبينه ثم وجنتيه فعنقه ، تسيل بتموج على كتفيه المعضلين ، وصدره ومنه إلى عضلات بطنه السداسية البارزة بشكلٍ مغوٍ.

ضوت بشرته الحنطية تلمع ببريق ساحر ، في لقطة يطير لأجلها العقل ، ليحل محله الأهواء والهواجس التي بدأت ألورا ببثها دون تقصير.

اقترب نحوي بخطى ثابتة ، ينبعث منها الثقة مما زاده جاذبية ، يجبرني على التراجع.

شهقتُ بخجل عندما اصطدام ظهري بحائل صلب ، وأصبحت محاصرة بينه وبين الباب ، وزيادة في تورطي ، أمسك بطبق التقديم الذي تشبثت به كدرع حماية ، ولكنه اقتنصه بنظرة متوعدة ، وهو يقول فيما يشبه الأمر ،
- " دعيه صوفيا "

تركته على مضض ، ليسنده على طاولة رخامية إلى جانب باب الغرفة ، ثم التفت إلي ، يختزل المسافة بيننا ، رافعاً يساره يستند بها إلى حلق الباب ، والأخرى أراحها على طرقوتي ، يعبث بفتحة ثوبي ، طابعاً قبلات متفرقة على كتفي ، وارتفع خط سير قبلاته الشغوفة.

باتت النهاية معروفة ، حتماً لن يتراجع ، خاصة مع استجابتي المخزية عندما ارتجف جسدي ، وذلك عقب محاولتي الفاشلة حالما رفعت كلا راحتيَّ لأدفعه بعيداً عني ، فقبض عليهما سريعًا يرفعهما أعلى رأسي ، مكبلاً معصميَّ بيد واحدة ، والأخرى شقت مقدمة ثوبي من الأمام.

ألورا بصياح ، "همجي !! ... ولكن أتدرين ؟! لقد وقعت له "
ترى ماذا بانتظار صوفيا ؟ وهل ستتمكن من الفرار أم ستستسلم لآسرها ؟
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي