الفصل الثامن عشر
الفصل الثامن عشر
................
الفراق
أقصى ألم يمكن أن تشعر به
سواء مجبر أو مخير
النتيجة واحدة
ألم .....اشتياق....قلب موجوع
قلب مكبل ....مقيد أن كان يرفض الأمر الواقع فليجعل رفضه فى صدره لا يخرجه للعلن آبدا
والأقسى أن كان البعد ورائه جرح
تضحية بحب .....تضحية بأحلام رسماها سويا ولكن على حساب من ........ولصالح من ؟
*********
جلست فى السيارة المتجهة بها إلى القاهرة أسندت رأسها إلى النافذة المجاورة تراقب الطريق بشرود لا تعرف إلى أين ؟
كل شئ مشوش غائم بجوارها رجل يقول أنه أباها وآخر شقيقها وآخر خطيبها وهذا لا يقبله قلبها ولا عقلها هو من جاء عقبة بينها وبينه وعندما تذكرته خرجت من صدرها تنهيدة قوية مؤلمة كقوتها
ودعت رقية بدموعها تمسكت بها لا تريد تركها لاتريد فراقها دموعها لم تتوقف وهى فى أحضانها توصيها بحالها
عشان خاطرى يا همس خلى بالك من نفسك تعالى زورينى اوعى تنسى ماما رقية
أنا هستناكى ترجعى بس المرة الجاية هتفضلى معانا على طول
ونظرة منها تجاه جاسم الذى يقف يراقبهما حزينا يكتم حزنه بقلبه
ابتسمت همس بدموعها :أنتى عارفة يا ماما أنى مستحيل أنساكى وهرجعلك
وتقابلت عيناها بعيناه حوار صامت لن يفهمه ولن يعرفه سواهم
لن تنساه ولن تعود
لن تنسى عيناه فى وداعها
لن تنسى لمسة يده عند فراقهم وضغطته عليها
لن تنسى همسته الخفية وآخر كلماته
انا بحبك وهفضل أحبك ولو شايفة أنى بضحى بيكى تبقى غلطانة يا همس هسيبك وعارف أننا هنتقابل بس مش عاوز يوم ما ترجعلك الذاكرة تبقى بينى وبينه عاوز همس تختار صح تختار حبيبها وهى متأكدة من اللى جواها
نظرت لكف يوسف الذى ربت على كفها مبتسما بهدوء ابتسامة طمئنتها بداخلها خوف لن تستطيع نكرانه هى بقت وحيدة من دونه تشعر الآن فقط أنها غريبة فاقدة لذاكرتها فاقدة لكل شئ فاقدة لحياتها
هى من دونه وردة ذابلة سقطت برياح الخريف
هو كل شئ وأى شيء
هو هواء تنفسته أعاد لها الروح
هو قطرة ماء أعادت لها الحياة
هو نبض القلب هو حبيبها ولن تنسى
كلماته زرعت بداخلها أمل ما يقف فى طريقهم هو عدى ولكن ما ذنبه ؟
هو رجل فقد محبوبته وبحث عنها كثيرا هل جزائه الغدر ولكن قلبها ليس بيدها قلبها ملكه هو كل ما بها ملكه ولكنها لن تعود إليه قبل أن تستعيد روحها تستعيد ذاتها
*********
قلبها ينتفض تقف فى شرفة منزلها بجوارها لين وهنا تفرك كفيها متوترة عيناها تراقب الطريق تنتظر أن تظهر سيارتهم حتى ظهرت ها هى اقتربت
ضربات قلبها تتعالى خشيت أن يتوقف قلبها قبل أن تراها قبل أن تلمسها وتتأكد أنها بجوارها
توقفت السيارة وهبط منها سيف وعدى ويوسف أخرج سيف حقيبة همس
واتجه نحو همس التى ظلت فى مكانها مترددة ولكن لم يعد لديها البديل خرجت بهدوء تنظرحولها حتى توقفت عند الشرفة التى تقف فيها بلسم حسها سيف على التقدم
رأت بلسم تهرع للداخل بسرعة وخلفها لين وهنا
تقدمت بصحبة سيف ويوسف لداخل البيت
توقفت تنظر للبيت للحظات له عبق تشعر به دافئا يتخللها كأنها كانت هنا لم تفارقه كأنها
تعرفه تخطى بقدمها درجات السلم خلفهم حتى رأت بلسم تهبط درجات السلم بسرعة توقفت أمامها تتطالعها بلهفةكأنها تريد أن تتأكد أنها هى أنها هنا اقتربت منها تبتسم بفرحة دموعها تتقافز من عيناها مدت كفيها نحو همس تلامس وجنتها لتتأكد أنها هى أنها عادت إليها من جديد شهور مرت وهى تحيا على أمل عودتها الجميع فقد الأمل إلا هى الجميع ينام دون هموم وقلب يأن إلا هى صبرت كثيرا واليوم كافئها الله عوضها خيرا عادت إليها همس عادت إليها روحها الغائبة
جذبتها لصدرها بلهفة باشتياق اختزنته طويلا وهمس وجدت نفسها مطمئنة دون أن يعرفها عليها أحد تأكدت أنها أمها وجدت نفسها أمام جمع
كبير لا تعرف من أين أتوا دخلت شقة جدها وبلسم تضمها لصدرها تتطالع كل شئ البيت الأشخاص الذين التفوا حولها مرحبين بعودتها وهناك كان يقف مستندا على عصاه ينظر لها بحنين صادق لهفة واضحة اتجه نحوها ببطء وتقدمت هى نحوه دون إرادة وجدته يبتسم لتظهر خطوط وجهه واضحة مبتسمة كابتسامته الصافية
حمدلله على سلامتك يا همس حمدالله على سلامتك يا بنتى
أؤمات برأسها وصوتها خافت هادئ :الله يسلمك
وقف سيف بجوارها مشيرا لجده:ده بقى جدى وجدك يا همس الحاج عبدالقادر الهوارى
اختفت ابتسامة الجميع حتى بلسم ضاعت ابتسامتها وسيف يعرفهم بهم جميعا كأنها لاتعرفهم
نظرت إليها ثم عادت وعيناها نحو سيف قائلة:أنت بتقولها على أسمائنا ليه هى همس مش عارفة ولا إيه ؟
نظر سيف لهمس التى انكمشت علي حالها تراقب رد فعلهم
ماما ........همس عملت حادثة كبيرة وللأسف فقدت الذاكرة وده اللى خلاها طول الفترة اللى فاتت دى فى إسكندرية ومقدرتش ترجع
كانت صدمة للجميع الأن فقط تفهموا سكوتها ونظرتها الضائعة
اقتربت منها لين متسائلة:يعنى أنتى مش عرفانى يا همس مش عارفة أختك
ابتسمت بتوتر لينقذها سيف مازحا :هى مش فاكرة أى حاجة بس بأذن الله هتروح لدكتور كويس يتابع حالتها وهترجع احسن من الأول ان شاء الله
اقتربت منها بلسم تربت على وجنتها مبتسمة:مش مهم المهم أنها بخير وأن إحنا فاكرينها
**********
أغمض عيناه ساكنا قلبه يحترق شوقا إليها ابتعدت تركته أم هو من تركها ؟
يشعر بجبل هموم يسكن صدره اشتياق محكوم عليه بالعجز ......ودعته ورحلت .......رحلت مع آخر غيره
ترجته كثيرا إلا يبتعد إلا يتركها ولكن ماذا يفعل ؟
كيف يصد لهفة أب ملكوم مشتاق لابنته الغائبة وآخر خطيبهارجل آخر كان يستعد لزفافه كانت ستصبح زوجته ولكنه يحبها يعشقها وهو حبيبها أحبته بإرادتها وهو تنفس هواها وعشق روحها و يمكن أن
يكون بعدهم مساحة جيدة ليستعيد كل منهم ذاته وتفكيره الصافى
فتحت الباب وظلت واقفة خلفه دون كلمة
واقفة ساكتة ليه مش عادتك يعنى يا حورية
- طب كويس أنك معايا
التف إليها قائلا:مالك يا حورية فى إيه مش عادتك يعنى تفضلى ساكتة كده
- تصدق مبقتش قادرة أضحك ولا اناكف فيك زى الأول حاسة أنى مبقتش عاوزة أضحك وبصراحة كده قلبى مقهور منك
- وأنا عملتلك إيه
صاحت به غاضبة:وأنت بتسأل كمان ليك عين
ضرب مكتبه وهو يقف غاضبا:حورية فى إيه ما تتكلمى عدل أنا مش فاهم أنتى قصدك إيه ومش قادر اتكلم ولا اوجع قلبى معاكى عندك حاجة قوليلها مفيش يبقى مع السلامة تروحى تشوفى شغلك
- أنت بتزعق فيا ليه مش كفاية عملتك إزاى تتخلى عن البنت اللى حبتك إزاى تسيبها تمشى مع واحد غيرك أومال فين الحب والجنان اللى أنت كنت فيه لما سابت البيت معقول كنت مخدوعة فيك يا جاسم معقول مش بتحب همس
ارتخى جسده قليلا وبدأت ثورته عليها تهدأ:وأنتى شايفة أنى مش بحب همس شايفة أنى اتخليت عنها يا حورية
- اللى حصل مش بيقول غير كده سيبتها تمشى وهى فاهمة أنك خلاص مش عاوزاها مش بتحبها
- لا يا حورية همس عارفة كويس أنى بحبها وأنتى كمان عارفة كده
- طيب ولما هو كده عملت اللى عملته ده ليه
ليه اتخليت عنها للواد الملزق ده
- عشان أنا لو مكانه مش هستحمل أن حبيبتى اللى غايبة عنى تحب واحد تانى البنت اللى خلاص كان فاضل على فرحنا شوية بتحب راجل غيرى مكنش ينفع يا حورية صدقينى مكنش ينفع
ابتعد عن مكتبه متجها نحو شرفته مكملا:أنا حاسس أن حياتى وقفت خلاص قلبى موجوع ومش قادر اتكلم مش قادر اقول لا همس ليا مش قادر امنعهم ياخدوها
- طيب انا متاكدة ان همس مستحيل تكمل معاه همس بتحبك ........بتحبك اوى يا جاسم
التف إليها مؤكدا :عارف وهى عارفة انى بحبها بس لما همس ترجعلها الذاكرة وتفتكر كل حاجة فجأة تلاقى نفسها بينى وبينه وقتها هتختار مين .........هتختارنى انا ولا هو
- هتختار اللى بتحبه ........هتختارك انت ولا انت مش عارف انت ايه لهمس
- عاوز وقتها تختار بارادتها وقت ما تقولى عاوزاك هجرى عليها وهتجوزها
ابتسمت حورية بحزن:وتفتكر ساعتها همس بعد اللى انت قلته وعملته ممكن ترجعلك .......اشك
أخفض رأسه مفكرا للحظات ثم اعتدل عائدا لمكتبه :روحى شوفى شغلك
- ماشى ........بس هتعمل إيه مع البت اللى اسمها سهير .......البت ماشية من هنا وناوية على الشر
ضحك عاليا بسخرية:انا كده خفت دى لسه هتشوف منى ايام سوداء على اللى عملته مع همس الحيوانة خدت فلوس من كاميليا عشان تعمل المسرحية الغبية دى بس على مين مبقاش جاسم القاضى لو مخلتهاش هى وكاميليا دى يلفوا حوالين نفسهم من اللى
هعمله فيهم بس افوق وانا هطلع عليهم القديم والجديد خصوصا كاميليا دى
**********
المكان هادئ على غير العادة السكون حوله يقتل تقدم نحو المبنى الذى شهد لقائه بهم طوال الفترة الأخيرة يعرف أنهم دائما يبدلون المكان باستمرار حتى لا تترقبهم أعين الشرطة
وجد الباب مفتوحا كأنهم ينتظرونه ابتلع ريقه متقدما حتى وصل للرجل الذى يجلس على كرسى ذهبى مبطن بقماش مخملية حمراء يرفع قدما فوق الأخرى وبيده يملس فوق رأس كلبه الأسود الضخم
اتاخرت ليه؟
انتبه له فتصنع الثبات وهو يتقدم نحوه: سامحنى كنت بعمل اللى طلبته منى ومرجعتش غير وانا معايا أخبار هتفرحك جدا
وصوته بارد كملامحه الباردة الجامدة: وصلت لايه
- همس رجعت خلاص
- دى حاجة مش غريبة عليا انا مش مستنيك عشان تيجى تبلغنى انت ديما كده غبى ومتاخر كمان
ابتلع ريقه بصعوبة ينظر للرجال المنتشرين حول سيدهم برعب ثم عاد إليه مبتسما بتوتر: أيوه بس متعرفش أنها رجعت فاقدة الذاكرة
ضيق سيده عيناه مرددا : فاقدة الذاكرة ازاى وليه؟
يظهر اللى حصلها خلاها تفقد الذاكرة وهى دلوقتى مش فاكرة حاجة يعنى خلاص مبقاش منها خوف
صرخ به غاضبا: عمرك غبى وبتتصرف بغباء وانت فاكر ان الذاكرة دى مش هترجعلها تانى بالعلاج ممكن ذاكرتها ترجعلها تانى وساعتها كلنا فى خطر
- ايوه بس دى بقالها فترة عايشة فى بيت ناس فى اسكندرية ومش فاكرة اى حاجة من اللى حصل
ربت الرجل بيده فوق رأس كلبه: والفترة دى كلها ازاى محدش قدم بلاغ بوجودها
البلاغ اتقدم بس محدش عرف يوصل لحاجة
ظل الرجل صامتا لفترة ثم عاد ناظرا إليه بنظرة أرعبته : وتفتكر ان البوليس مقدرش يوصلها اى بلاغ عن اختفاء بينتشر فى جميع المحافظات معنى كده أن البوليس كان عارف مكانها أكيد صورتها وصلت هنا وكانوا عارفين مكانها وساكتين ..........حماية ليها
- يعنى إيه ؟
يعنى احنا ممكن نكون متراقبين؟
- ده اكيد .......انت مش احنا وانت عارف كويس لو حتى فكرت تجيب سيرتنا هيحصلك إيه ........عاوزك تقرب منهم اكتر وعاوز اعرف كل صغيرة وكبيرة
عنها بس من بعيد لبعيد
بلاش تشوفك كتير عشان وقتها عقلها هيربط بينك وبين اللى حصلها ساعتها هتفتكر وكل اللى بنخطط عشانه هيضيع ووقتها الموت ليك هيبقى راحة مش هخليك تتطولها
أقرن نهاية حديثه بصرخة : فاهمنى
أؤما برأسه مرددا : فاهم يا سيدى فاهم
وهرول مغادرا او بالأحرى هاربا من ويلات غضب سيده ومقسما على الانتقام منها حتى يحمى نفسه نيران غضبه
*********
وقفت فى شرفة غرفتها التى تتشارك فيها مع لين التى اصبحت رفيقتها الدائمة منذ أتت
المكان حولها يشعرها براحة وأمان ولكنها تفتقده ........تفتقد روحها بجواره ولكنها بحاجة لاستعادة روحها وذاتها وأول قرار اتخذته كان بشأن عدى
قرار اتخذته بعد تفكير مضنى حاولت بلسم إبعادها عن قرارها ولكنها تعلم كم هى عنيدة ويوسف أخبرها عن جاسم الكثير أخبرها بغيرته وعيناه التى فضحت مكنون قلبه نحو همس وعندما تحدثت معها عنها لم تنكر ولكنها لا تريد أى شئ إلا أن تعود همس لهمس وبعدها ستفعل الكثير
هاتفها سيف وأخبرها أنه سيخرج معها لتقابل عدى لتخبره بقرارها ارتدت ملابسها وودعت بلسم ولين
هبطت درجات السلم لتتفاجئ بمن يجذب ذراعها وجدت نفسها محاصرة بين الحائط وبين حسام ابن عمها
صاحت به: ايه ده فى إيه؟
وحشتينى يا همس وحشتينى اوى
اتسعت عيناها بصدمة: انت بتقول إيه أنت ابن عمى وراجل متجوز مش كده تبقى عاوز منى إيه ؟
- لما ذاكرتك ترجعلك هتعرفى انا ابقى مين .....هتعرفى مين حبيبك مين اللى كان بيموت وانتى بعيدة
دفعته بغضب : واضح أنك راجل غبى انت راجل متجوز ومراتك ست محترمة يبقى ليه
الجنان ده روح لمراتك يا حسام بلاش الخيانة
اقترب منها أكثر هائما بها: دى مش خيانة ده حب ليكى من سنين حب جمعنا إحنا الاتنين بس أنتى بعندك ضيعته وأنا دلوقتى مش هتنازل عنك تانى للى اسمه عدى ده أنتى ليا لو بعد إيه
تبقى غبى وعمرك ما هتتغير
التفا نحو سيف الذى صعد درجات السلم بسرعة حتى وقف حائلا بينهم : عمرك ما هتتغير يا حسام ودى آخر هحذرك أنك تتعرض لأختى بعد كده هبلغ جدك والبيت كله وأولهم مراتك وهفضحك
أمسك بكف همس التى تشبثت بذراعه مطمئنة مبتسمة شعورها بالأمان لم يعد مقتصرا على جاسم وحده ولكن سيف أصبح أمانها هو الآخر
خرجا سويا نحو سيارته وقبل أن تفتح الباب ناداها : همس مش شايفة انك مستعجلة فى قرارك ..........عدى بيحبك وصعب اوى اللى هتعمليه
ابتسمت بهدوء: وصعب اكتر انى اكمل معاه وانا مش قادرة استوعب وجوده
ابتسم بمشاكسة: جاسم مش كده
ابتعلت ريقها بتوتر وهى تمسك بمقبض السيارة فضحك قائلا: على فكرة أنا مسافر
بكرة اسكندرية عشان اعزمه هو واهله كلهم على فرحى ........أوامر جدك أنهم يكونوا فى ضيافتنا الأسبوعين اللى قبل الفرح وبابا كلم الاستاذ احمد بس انا لازم اروح بنفسى .....اوامر بقى .......بس عارفة لو مجاش كده راكع ويقولى والنبى جوزنى اختك عليا النعمة لاجيبلك عريس وافرسه
ضحكت بفرحة حاولت اخفاءها : مين قالك انى عاوزة اتجوز ........انا عاوزة ارجع همس الأول يا سيف
*********
................
الفراق
أقصى ألم يمكن أن تشعر به
سواء مجبر أو مخير
النتيجة واحدة
ألم .....اشتياق....قلب موجوع
قلب مكبل ....مقيد أن كان يرفض الأمر الواقع فليجعل رفضه فى صدره لا يخرجه للعلن آبدا
والأقسى أن كان البعد ورائه جرح
تضحية بحب .....تضحية بأحلام رسماها سويا ولكن على حساب من ........ولصالح من ؟
*********
جلست فى السيارة المتجهة بها إلى القاهرة أسندت رأسها إلى النافذة المجاورة تراقب الطريق بشرود لا تعرف إلى أين ؟
كل شئ مشوش غائم بجوارها رجل يقول أنه أباها وآخر شقيقها وآخر خطيبها وهذا لا يقبله قلبها ولا عقلها هو من جاء عقبة بينها وبينه وعندما تذكرته خرجت من صدرها تنهيدة قوية مؤلمة كقوتها
ودعت رقية بدموعها تمسكت بها لا تريد تركها لاتريد فراقها دموعها لم تتوقف وهى فى أحضانها توصيها بحالها
عشان خاطرى يا همس خلى بالك من نفسك تعالى زورينى اوعى تنسى ماما رقية
أنا هستناكى ترجعى بس المرة الجاية هتفضلى معانا على طول
ونظرة منها تجاه جاسم الذى يقف يراقبهما حزينا يكتم حزنه بقلبه
ابتسمت همس بدموعها :أنتى عارفة يا ماما أنى مستحيل أنساكى وهرجعلك
وتقابلت عيناها بعيناه حوار صامت لن يفهمه ولن يعرفه سواهم
لن تنساه ولن تعود
لن تنسى عيناه فى وداعها
لن تنسى لمسة يده عند فراقهم وضغطته عليها
لن تنسى همسته الخفية وآخر كلماته
انا بحبك وهفضل أحبك ولو شايفة أنى بضحى بيكى تبقى غلطانة يا همس هسيبك وعارف أننا هنتقابل بس مش عاوز يوم ما ترجعلك الذاكرة تبقى بينى وبينه عاوز همس تختار صح تختار حبيبها وهى متأكدة من اللى جواها
نظرت لكف يوسف الذى ربت على كفها مبتسما بهدوء ابتسامة طمئنتها بداخلها خوف لن تستطيع نكرانه هى بقت وحيدة من دونه تشعر الآن فقط أنها غريبة فاقدة لذاكرتها فاقدة لكل شئ فاقدة لحياتها
هى من دونه وردة ذابلة سقطت برياح الخريف
هو كل شئ وأى شيء
هو هواء تنفسته أعاد لها الروح
هو قطرة ماء أعادت لها الحياة
هو نبض القلب هو حبيبها ولن تنسى
كلماته زرعت بداخلها أمل ما يقف فى طريقهم هو عدى ولكن ما ذنبه ؟
هو رجل فقد محبوبته وبحث عنها كثيرا هل جزائه الغدر ولكن قلبها ليس بيدها قلبها ملكه هو كل ما بها ملكه ولكنها لن تعود إليه قبل أن تستعيد روحها تستعيد ذاتها
*********
قلبها ينتفض تقف فى شرفة منزلها بجوارها لين وهنا تفرك كفيها متوترة عيناها تراقب الطريق تنتظر أن تظهر سيارتهم حتى ظهرت ها هى اقتربت
ضربات قلبها تتعالى خشيت أن يتوقف قلبها قبل أن تراها قبل أن تلمسها وتتأكد أنها بجوارها
توقفت السيارة وهبط منها سيف وعدى ويوسف أخرج سيف حقيبة همس
واتجه نحو همس التى ظلت فى مكانها مترددة ولكن لم يعد لديها البديل خرجت بهدوء تنظرحولها حتى توقفت عند الشرفة التى تقف فيها بلسم حسها سيف على التقدم
رأت بلسم تهرع للداخل بسرعة وخلفها لين وهنا
تقدمت بصحبة سيف ويوسف لداخل البيت
توقفت تنظر للبيت للحظات له عبق تشعر به دافئا يتخللها كأنها كانت هنا لم تفارقه كأنها
تعرفه تخطى بقدمها درجات السلم خلفهم حتى رأت بلسم تهبط درجات السلم بسرعة توقفت أمامها تتطالعها بلهفةكأنها تريد أن تتأكد أنها هى أنها هنا اقتربت منها تبتسم بفرحة دموعها تتقافز من عيناها مدت كفيها نحو همس تلامس وجنتها لتتأكد أنها هى أنها عادت إليها من جديد شهور مرت وهى تحيا على أمل عودتها الجميع فقد الأمل إلا هى الجميع ينام دون هموم وقلب يأن إلا هى صبرت كثيرا واليوم كافئها الله عوضها خيرا عادت إليها همس عادت إليها روحها الغائبة
جذبتها لصدرها بلهفة باشتياق اختزنته طويلا وهمس وجدت نفسها مطمئنة دون أن يعرفها عليها أحد تأكدت أنها أمها وجدت نفسها أمام جمع
كبير لا تعرف من أين أتوا دخلت شقة جدها وبلسم تضمها لصدرها تتطالع كل شئ البيت الأشخاص الذين التفوا حولها مرحبين بعودتها وهناك كان يقف مستندا على عصاه ينظر لها بحنين صادق لهفة واضحة اتجه نحوها ببطء وتقدمت هى نحوه دون إرادة وجدته يبتسم لتظهر خطوط وجهه واضحة مبتسمة كابتسامته الصافية
حمدلله على سلامتك يا همس حمدالله على سلامتك يا بنتى
أؤمات برأسها وصوتها خافت هادئ :الله يسلمك
وقف سيف بجوارها مشيرا لجده:ده بقى جدى وجدك يا همس الحاج عبدالقادر الهوارى
اختفت ابتسامة الجميع حتى بلسم ضاعت ابتسامتها وسيف يعرفهم بهم جميعا كأنها لاتعرفهم
نظرت إليها ثم عادت وعيناها نحو سيف قائلة:أنت بتقولها على أسمائنا ليه هى همس مش عارفة ولا إيه ؟
نظر سيف لهمس التى انكمشت علي حالها تراقب رد فعلهم
ماما ........همس عملت حادثة كبيرة وللأسف فقدت الذاكرة وده اللى خلاها طول الفترة اللى فاتت دى فى إسكندرية ومقدرتش ترجع
كانت صدمة للجميع الأن فقط تفهموا سكوتها ونظرتها الضائعة
اقتربت منها لين متسائلة:يعنى أنتى مش عرفانى يا همس مش عارفة أختك
ابتسمت بتوتر لينقذها سيف مازحا :هى مش فاكرة أى حاجة بس بأذن الله هتروح لدكتور كويس يتابع حالتها وهترجع احسن من الأول ان شاء الله
اقتربت منها بلسم تربت على وجنتها مبتسمة:مش مهم المهم أنها بخير وأن إحنا فاكرينها
**********
أغمض عيناه ساكنا قلبه يحترق شوقا إليها ابتعدت تركته أم هو من تركها ؟
يشعر بجبل هموم يسكن صدره اشتياق محكوم عليه بالعجز ......ودعته ورحلت .......رحلت مع آخر غيره
ترجته كثيرا إلا يبتعد إلا يتركها ولكن ماذا يفعل ؟
كيف يصد لهفة أب ملكوم مشتاق لابنته الغائبة وآخر خطيبهارجل آخر كان يستعد لزفافه كانت ستصبح زوجته ولكنه يحبها يعشقها وهو حبيبها أحبته بإرادتها وهو تنفس هواها وعشق روحها و يمكن أن
يكون بعدهم مساحة جيدة ليستعيد كل منهم ذاته وتفكيره الصافى
فتحت الباب وظلت واقفة خلفه دون كلمة
واقفة ساكتة ليه مش عادتك يعنى يا حورية
- طب كويس أنك معايا
التف إليها قائلا:مالك يا حورية فى إيه مش عادتك يعنى تفضلى ساكتة كده
- تصدق مبقتش قادرة أضحك ولا اناكف فيك زى الأول حاسة أنى مبقتش عاوزة أضحك وبصراحة كده قلبى مقهور منك
- وأنا عملتلك إيه
صاحت به غاضبة:وأنت بتسأل كمان ليك عين
ضرب مكتبه وهو يقف غاضبا:حورية فى إيه ما تتكلمى عدل أنا مش فاهم أنتى قصدك إيه ومش قادر اتكلم ولا اوجع قلبى معاكى عندك حاجة قوليلها مفيش يبقى مع السلامة تروحى تشوفى شغلك
- أنت بتزعق فيا ليه مش كفاية عملتك إزاى تتخلى عن البنت اللى حبتك إزاى تسيبها تمشى مع واحد غيرك أومال فين الحب والجنان اللى أنت كنت فيه لما سابت البيت معقول كنت مخدوعة فيك يا جاسم معقول مش بتحب همس
ارتخى جسده قليلا وبدأت ثورته عليها تهدأ:وأنتى شايفة أنى مش بحب همس شايفة أنى اتخليت عنها يا حورية
- اللى حصل مش بيقول غير كده سيبتها تمشى وهى فاهمة أنك خلاص مش عاوزاها مش بتحبها
- لا يا حورية همس عارفة كويس أنى بحبها وأنتى كمان عارفة كده
- طيب ولما هو كده عملت اللى عملته ده ليه
ليه اتخليت عنها للواد الملزق ده
- عشان أنا لو مكانه مش هستحمل أن حبيبتى اللى غايبة عنى تحب واحد تانى البنت اللى خلاص كان فاضل على فرحنا شوية بتحب راجل غيرى مكنش ينفع يا حورية صدقينى مكنش ينفع
ابتعد عن مكتبه متجها نحو شرفته مكملا:أنا حاسس أن حياتى وقفت خلاص قلبى موجوع ومش قادر اتكلم مش قادر اقول لا همس ليا مش قادر امنعهم ياخدوها
- طيب انا متاكدة ان همس مستحيل تكمل معاه همس بتحبك ........بتحبك اوى يا جاسم
التف إليها مؤكدا :عارف وهى عارفة انى بحبها بس لما همس ترجعلها الذاكرة وتفتكر كل حاجة فجأة تلاقى نفسها بينى وبينه وقتها هتختار مين .........هتختارنى انا ولا هو
- هتختار اللى بتحبه ........هتختارك انت ولا انت مش عارف انت ايه لهمس
- عاوز وقتها تختار بارادتها وقت ما تقولى عاوزاك هجرى عليها وهتجوزها
ابتسمت حورية بحزن:وتفتكر ساعتها همس بعد اللى انت قلته وعملته ممكن ترجعلك .......اشك
أخفض رأسه مفكرا للحظات ثم اعتدل عائدا لمكتبه :روحى شوفى شغلك
- ماشى ........بس هتعمل إيه مع البت اللى اسمها سهير .......البت ماشية من هنا وناوية على الشر
ضحك عاليا بسخرية:انا كده خفت دى لسه هتشوف منى ايام سوداء على اللى عملته مع همس الحيوانة خدت فلوس من كاميليا عشان تعمل المسرحية الغبية دى بس على مين مبقاش جاسم القاضى لو مخلتهاش هى وكاميليا دى يلفوا حوالين نفسهم من اللى
هعمله فيهم بس افوق وانا هطلع عليهم القديم والجديد خصوصا كاميليا دى
**********
المكان هادئ على غير العادة السكون حوله يقتل تقدم نحو المبنى الذى شهد لقائه بهم طوال الفترة الأخيرة يعرف أنهم دائما يبدلون المكان باستمرار حتى لا تترقبهم أعين الشرطة
وجد الباب مفتوحا كأنهم ينتظرونه ابتلع ريقه متقدما حتى وصل للرجل الذى يجلس على كرسى ذهبى مبطن بقماش مخملية حمراء يرفع قدما فوق الأخرى وبيده يملس فوق رأس كلبه الأسود الضخم
اتاخرت ليه؟
انتبه له فتصنع الثبات وهو يتقدم نحوه: سامحنى كنت بعمل اللى طلبته منى ومرجعتش غير وانا معايا أخبار هتفرحك جدا
وصوته بارد كملامحه الباردة الجامدة: وصلت لايه
- همس رجعت خلاص
- دى حاجة مش غريبة عليا انا مش مستنيك عشان تيجى تبلغنى انت ديما كده غبى ومتاخر كمان
ابتلع ريقه بصعوبة ينظر للرجال المنتشرين حول سيدهم برعب ثم عاد إليه مبتسما بتوتر: أيوه بس متعرفش أنها رجعت فاقدة الذاكرة
ضيق سيده عيناه مرددا : فاقدة الذاكرة ازاى وليه؟
يظهر اللى حصلها خلاها تفقد الذاكرة وهى دلوقتى مش فاكرة حاجة يعنى خلاص مبقاش منها خوف
صرخ به غاضبا: عمرك غبى وبتتصرف بغباء وانت فاكر ان الذاكرة دى مش هترجعلها تانى بالعلاج ممكن ذاكرتها ترجعلها تانى وساعتها كلنا فى خطر
- ايوه بس دى بقالها فترة عايشة فى بيت ناس فى اسكندرية ومش فاكرة اى حاجة من اللى حصل
ربت الرجل بيده فوق رأس كلبه: والفترة دى كلها ازاى محدش قدم بلاغ بوجودها
البلاغ اتقدم بس محدش عرف يوصل لحاجة
ظل الرجل صامتا لفترة ثم عاد ناظرا إليه بنظرة أرعبته : وتفتكر ان البوليس مقدرش يوصلها اى بلاغ عن اختفاء بينتشر فى جميع المحافظات معنى كده أن البوليس كان عارف مكانها أكيد صورتها وصلت هنا وكانوا عارفين مكانها وساكتين ..........حماية ليها
- يعنى إيه ؟
يعنى احنا ممكن نكون متراقبين؟
- ده اكيد .......انت مش احنا وانت عارف كويس لو حتى فكرت تجيب سيرتنا هيحصلك إيه ........عاوزك تقرب منهم اكتر وعاوز اعرف كل صغيرة وكبيرة
عنها بس من بعيد لبعيد
بلاش تشوفك كتير عشان وقتها عقلها هيربط بينك وبين اللى حصلها ساعتها هتفتكر وكل اللى بنخطط عشانه هيضيع ووقتها الموت ليك هيبقى راحة مش هخليك تتطولها
أقرن نهاية حديثه بصرخة : فاهمنى
أؤما برأسه مرددا : فاهم يا سيدى فاهم
وهرول مغادرا او بالأحرى هاربا من ويلات غضب سيده ومقسما على الانتقام منها حتى يحمى نفسه نيران غضبه
*********
وقفت فى شرفة غرفتها التى تتشارك فيها مع لين التى اصبحت رفيقتها الدائمة منذ أتت
المكان حولها يشعرها براحة وأمان ولكنها تفتقده ........تفتقد روحها بجواره ولكنها بحاجة لاستعادة روحها وذاتها وأول قرار اتخذته كان بشأن عدى
قرار اتخذته بعد تفكير مضنى حاولت بلسم إبعادها عن قرارها ولكنها تعلم كم هى عنيدة ويوسف أخبرها عن جاسم الكثير أخبرها بغيرته وعيناه التى فضحت مكنون قلبه نحو همس وعندما تحدثت معها عنها لم تنكر ولكنها لا تريد أى شئ إلا أن تعود همس لهمس وبعدها ستفعل الكثير
هاتفها سيف وأخبرها أنه سيخرج معها لتقابل عدى لتخبره بقرارها ارتدت ملابسها وودعت بلسم ولين
هبطت درجات السلم لتتفاجئ بمن يجذب ذراعها وجدت نفسها محاصرة بين الحائط وبين حسام ابن عمها
صاحت به: ايه ده فى إيه؟
وحشتينى يا همس وحشتينى اوى
اتسعت عيناها بصدمة: انت بتقول إيه أنت ابن عمى وراجل متجوز مش كده تبقى عاوز منى إيه ؟
- لما ذاكرتك ترجعلك هتعرفى انا ابقى مين .....هتعرفى مين حبيبك مين اللى كان بيموت وانتى بعيدة
دفعته بغضب : واضح أنك راجل غبى انت راجل متجوز ومراتك ست محترمة يبقى ليه
الجنان ده روح لمراتك يا حسام بلاش الخيانة
اقترب منها أكثر هائما بها: دى مش خيانة ده حب ليكى من سنين حب جمعنا إحنا الاتنين بس أنتى بعندك ضيعته وأنا دلوقتى مش هتنازل عنك تانى للى اسمه عدى ده أنتى ليا لو بعد إيه
تبقى غبى وعمرك ما هتتغير
التفا نحو سيف الذى صعد درجات السلم بسرعة حتى وقف حائلا بينهم : عمرك ما هتتغير يا حسام ودى آخر هحذرك أنك تتعرض لأختى بعد كده هبلغ جدك والبيت كله وأولهم مراتك وهفضحك
أمسك بكف همس التى تشبثت بذراعه مطمئنة مبتسمة شعورها بالأمان لم يعد مقتصرا على جاسم وحده ولكن سيف أصبح أمانها هو الآخر
خرجا سويا نحو سيارته وقبل أن تفتح الباب ناداها : همس مش شايفة انك مستعجلة فى قرارك ..........عدى بيحبك وصعب اوى اللى هتعمليه
ابتسمت بهدوء: وصعب اكتر انى اكمل معاه وانا مش قادرة استوعب وجوده
ابتسم بمشاكسة: جاسم مش كده
ابتعلت ريقها بتوتر وهى تمسك بمقبض السيارة فضحك قائلا: على فكرة أنا مسافر
بكرة اسكندرية عشان اعزمه هو واهله كلهم على فرحى ........أوامر جدك أنهم يكونوا فى ضيافتنا الأسبوعين اللى قبل الفرح وبابا كلم الاستاذ احمد بس انا لازم اروح بنفسى .....اوامر بقى .......بس عارفة لو مجاش كده راكع ويقولى والنبى جوزنى اختك عليا النعمة لاجيبلك عريس وافرسه
ضحكت بفرحة حاولت اخفاءها : مين قالك انى عاوزة اتجوز ........انا عاوزة ارجع همس الأول يا سيف
*********