إليك أنتمي

بسنت عمر`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2024-06-03ضع على الرف
  • 29.3K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول

الفصل الأول ....

حفلة على يخت سياحي لأصحاب الطبقة المخملية أصحاب النفوذ والسلطة، فى ليلة صيفية حارة، جلس هو ببدلته السوداء الأنيقة وعطره الغالى مميز الرائحة .

يرفع كأس من المشروب نحو ثغره، وعيناه تتفحص أصابعها الرقيقة التى تعزف على آلتها المفضلة "الكمان" بفستانها الأسود الرقيق وشعرها الناعم المنسدل على كتفها، غير مكترث لمن حوله سواها، كما أنها غير مكترثة لأحد سوى "كمانها" بينما دقات قلبه تجيش بالكثير والكثير مما يحمله هذا القلب من مشاعر .

ترك الكأس من يده ثم أقترب منها فى هدوء، ليقف أمامها غير عابىء بمن يتابعها خلفه من المدعوين .

وضع يديه فى جيب بنطاله وتنهد بتعب وردد:

_مش كفاية كده يا ورد، الوقت أتأخر ولازم نمشي .

كأنها لم تسمعه، كأن اللحن الذى تعزفه سحبها مع تردد النغمات إلى السماء .

تلك المرة أقترب منها أكثر وهمس فى أذنها، بصوت يشبه صوت أم حنون توقظ أبنائها.

_ ورد، الوقت أتأخر وأنا عندى شغل بدرى مش فاضي .

توقفت عما تفعله ونظرت له بطفولة كأنها ترغب فى الغياب من المدرسة الأبتدائية ف تبحث لوالدها عن حجة مقنعة وليست تلك اليافعة صاحبة العام الثالث بعد العشرين .

_ ممكن بس تسيبنى يا ياسين شوية أكمل اللحن ونمشي على طول ؟

تنهد بيأس من تلك المدللة التى أمامه، ف تلك هى المرة الثالثة التى تقوم بها بعزف نفس اللحن وتعيده مراراً وكل مرة يطلب منها أن يرحلوا ترفض وتتودد فيرق قلبه ويتركها.

_لأ المرادى صعب نقعد، الباشا كلمنى خلاص ومعنى كده أننا لازم نمشي .

تأففت على مضض ونظرت له بغضب طفولى لا يظهر سوى معه ولملمت آلتها بعد أن صفق لها المدعوين وقامت بشكرهم، حاول أن يأخذ منها ما تحمله لكنها رفضت بغيظ، فأبتسم بقلة حيلة على تلك الطفلة التى سلبته عقله بأفعالها بعد أن منحها قلبه سراً بإرادته .

جلست بجواره فى سيارته، طوال الطريق تنظر نحو المارة بغضب، كأنه سرق منها لعبتها .
فأبتسم بعد أن أخرج من درج السيارة نوع الحلوى الذى تفضله .

_ أممم وأنا جاى فى الطريق النهاردة بعد الشغل لمحت ده فى محل، واضح كده أنه ملوش لازمه فأرميه بقي أحسن .

نظرت له بطرف عينيها ف لمحت ما ينوى رميه من نافذة السيارة، فجذبته من يده بسرعة وعادت لنفس وضعيتها مرة أخرى .

_ أنتى عيدتى اللحن ٣ مرات، عايزة إيه تانى يا طماعه هانم ؟ كده الناس تزهق وهتقول أنك مش حافظه غيره .

نظرت له بغيظ مرة أخرى ورددت بغضب :
_ بابي ومش بيرضي يخلينى أعزف فى البيت من وقت ما خلصت معهد وأنا ما بصدق حد يطلب منى أعزف فى حفلته ف بجد حرام بقي يا ياسين، مش معنى إنى عايزه أحقق حاجة بتمناها وبحبها وهو مش عايزها ف يضغطنى كده .

هز رأسه بتفهم مصدقاً على ما قالته ولكنه حاول تهدئتها.

_ ورد، باباكى من أكبر رجال الأعمال فى الوطن العربى، وكان عايزك تدرسي حاجة تخص مجال عمله خصوصاً أنك بنته الوحيدة ف علشان كده نديله عذر زعله منك .

عقدت ما بين حاجبيها بغضب ورددت بحنق:
_ اه يزعل منى ٤سنين علشان بس رفضت قراره إنى أدرس إدارة أعمال.

خبط بأصبعه على رأسها وقال :
_ ما هو تفكيرك المحدود ده هو اللى وصل الوضع بينكم لكده، كنتى سمعتى كلامه ودرستى تجارة أو إدارة أعمال بعدها تدرسي فى معهد الموسيقي براحتك .

_ ياسين، أنا مقدرش أدرس أكتر من حاجة مع بعض ومش ذنبي أنه مخلفش غيرى ومش ذنبى ماما تعمل حادثة وتشيل الرحم ومتخلفش تانى ولا أنه يحبها حب أفلاطونى وميرضاش يخلف من غيرها .

تنهد بيأس من تلك الغبية الجالسة بجواره وحمد ربه أنهم وصلوا لبوابة الفيلا وإلا كان شرح لها عملياً أثر الحب الأفلاطونى الحارق بين ضلوعه ولا يستطيع البوح به .

وقف بالسيارة أمام المدخل ف أنتظارها
أن تخرج لكنها تمهلت قليلاً وألتفتت له قائله :
_ ياسين، هو لسه فى حد بيحب حد لدرجة أنه يفضل جنبه كل السنين دى بالرغم من أن حبيبته قاعدة على كرسي بعجل من أول سنين جوازهم ومع ذلك مفكرش مرة يبعد عنها بل بالعكس هو اللى بيخدمها وبينفذ طلباتها كلها؟

نظر لها نظرة ثابتة مشتعلة بنار العشق الدفين بين ضلوعه، كم يود أن يخبرها بأن حبه لها قد فاق حب والدها لوالدتها ولكن لن يستطيع .

قطع شروده صوت والدها من البوابة فكان ينتظر عودتهم مع والدتها .
_ ياسين، أتأخرتوا كده ليه؟

خرجا من السيارة ووقفا أمامه.
_ مفيش يا باشا الحفلة كانت لسه مستمرة وقبل ما تنتهى مشينا .

نقل نظره إلى ورد وحاول كبت غيظه :

_ مش قولتله مليون مرة متتأخريش؟ أنا عارف أنك أجبرتيه تقعدوا لدلوقت علشان تعزفى على الزفت بتاعك ده .

_ يا بابي ....

_ مفيش يا بابي، أطلعى على أوضتك .

نظرت لوالدتها الجالسة على الكرسي المتحرك الخاص بها لعلها تخفف غضب والدها عليها .
_ مصطفى، خلاص بقي، يلا يا روحى أدخلى أوضتك وأنا هاجى أقعد معاكى شوية .
_حاضر يا مامي، بعد إذنكم .

نظر فى أثرها بحزن على حالتها الحزينة .

_ بعد إذنك هدخل أنا كمان أوضتى علشان السفر بكرة إن شاء الله.

_ تمام يا ياسين، وأسف على التأخير أنا عارف إنى بضغط عليك فى خصوص ورد لكن أنا مش بأمن لحد غيرك عليها .

أبتسم بمجاملة :
_ دا واجبى يا فندم، تصبحوا على خير .

تحرك نحو غرفته الموجودة فى حديقة الڤيلا نظراً لكونه مغترب عن المدينة أولاً ولأنه الحارس الشخصي لمصطفى باشا وذراعه اليمين ومساعده الشخصي ثانياً وأيضاً ليظل موجوداً بجوار سيده ... وابنته .

ف لما توسم فيه مصطفى ما به من أخلاق، أمانة، تضحية، قوة وذكاء لم يتردد فى أن يمنحه تلك المكانة المهمة فى حياته وذلك المكان المهم فى منزله .

دخل ياسين غرفته المنفصلة وبعد أن غير ملابسه الرسمية لملابس مريحة للنوم، خرج لشرفة الغرفة لينظر لقمره المطل من شرفة غرفته بالأعلى.

بمجرد رؤيتها له أبتسمت كأن رؤيتها له بعد توبيخ والدها المعتاد هى البلسم الذى يهدىء من ألم روحها .

رد لها إبتسامتها وأشار بأن تخلد للنوم فأشارت برأسها بإيجاب ودخلت لتنتظر والدتها ثم تخلد إلى النوم .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي