الفصل السادس المنقذ

استعادت چيلان وعيها لتجد نفسها على سرير في إحدى العيادات الخاصة.

نظرت للممرضة التي تقف بجوارها وقد بدى عليها التعجب وقالت:
-سيدتي، ما الذي حدث؟! كنت أقود سيارتي وشعرت بدوار شديد أصابني، بعدها لم أشعر بما حدث. 

علت الابتسامة وجه الممرضة وقال:
-يبدو أنه قد أصابك نوبة انخفاض في ضغط الدم للدرجة التي جعلتك تفقدين وعيك.

مازالت علامات التعجب والذهول بادية على وجه چيلان فتحدثت قائلة:
-سيدتي، هل لديك علم بما حدث معي فعندما شعرت بدوار شديد كنت حينها أقود سيارتي؟ هل صدمت أحد أو تسببت في ضرر لأي شخص؟!

جلست الممرضة على المقعد المجاور لسرير چيلان وقالت:
-لقد كنتِ على وشك صدم شاب.

چيلان وقد شعرت بالقلق:
-هل صدمته ما الذي حدث له؟


اجابت الممرضة وقالت:
- لحسن الحظ فقد لاحظ إنكِ لستِ على ما يرام، فتعامل معكِ بشكل بطولي؛ لقد قفز على السيارة قبل أن تصطدم به واستطاع الدلوف إلى داخل سيارتك وايقافها قبل أن تصطدم بأحد المتاجر بعدها قام بحملك واحضارك إلى هنا.

تعجبت چيلان ونظرت إلى الممرضة وقالت:
-سيدتي، هل لازال هذا الشخص هنا، أريد أن اشكره على شهامته؟

أومأت الممرضة بالنفي وقالت:
-لا، لقد غادر فور علمه بإستعادتك للوعي.

وما هي إلا لحظات وأسرعت الممرضة إلى چيلان وهمست إليها قائلة:
-آنسة چيلان، لقد عادت السوبرمان.

نظرت چيلان إلى الممرضة وهي تتأهب لمغادرة الغرفة، ثم علقت قائلة:
-سوبرمان!

ابتسمت الممرضة وقالت:
-ذلك الشهم الذي قفز إلى سيارتك وقام بإنقاذك، إنه حقًا سوبرمان كما إنه وسيم للغاية.

سمعت چيلان صوت طرق على باب الغرفة، إلتفتت ونظرت فإذا بشاب يحمل في يده علب العصير وبعض الأدوية،علت الابتسامة وجهها، وتحدثت قائلة:
-أنت! هل أنت ذلك الشهم الذي قام بإنقاذ حياتي؟!

علت الابتسامة وجهه وعلق قائلًا:
-أجل إنه أنا، يبدو أن القدر قد وضعني في طريقك اليوم لأكون سببًا في انقاذك.

نظرت چيلان إليه نظرة امتنان وقالت:
-يعجز لساني عن شكرك؛ لقد انتقذت حياتي.

ابتسم الشاب وقال:
-آنسة چيلان، لا داعي للشكر فهذا واجبي.

نظرت چيلان إليه وقد بدى عليها التعجب والذهول وقالت:
-كيف علمت بإسمي؟! وكيف يكون انقاذي واجبًا عليك؟ هل يمكنني أن أعرف طبيعة عملك تحديدًا؟

ضحك الشاب وعلق قائلًا:
-ما كل هذه الأسئلة؟! ولكنني سأجيبك، لقد علمنا اسمك من بطاقة الهوية الخاصة بك، اما عن عملي فإنني أعمل نادلًا ومنقذ عند الحاجة وبعض الأعمال الأخرى.

تبادل الجميع الضحك وتحدثت چيلان وقالت:
-شكراً لك سيد..ولكن ما هو أسمك؟

نظر إليها الشاب وقد لمعت عيناه عندما رأى ضحكتها وقال:
-جلال، اسمي جلال.

أومأت چيلان برأسها وقالت:
-جلال، أطلب أي شيء فإنني مدينة لك بحياتي.

ابتسم جلال وعلق قائلًا:
-أي شيء؟!

نظرت چيلان إليه متعجبة وعلقت قائلة:
-إن كان في استطاعتي سوف انفذه لك.

أومىء جلال برأسه وقال:
-لي عدة طلبات، اولها أن تهتمي بصحتك وتتناولي هذه الأدوية التي كتبها لكِ الطبيب، فهي عبارة عن مجموعة من الفيتامينات.

نظرت چيلان إليه وعلقت قائلة:
-هل قمت بشراء الأدوية أيضاً؟! اسمح لي لن آخذها قبل أن ادفع ثمنها.

رفض جلال أن يأخذ ما دفعه مقابل الأدوية وقال:
-هذا شيء بسيط ألا تريدين معرفة ما تبقى من طلبات؟

ابتسمت چيلان وقالت:
-بالطبع أريد معرفة ما الذي تريده تفضل أخبرني.

علق جلال وقال:
-المطلب الثاني وهو تلبية دعوتي لكِ على العشاء غدًا.

شعرت چيلان بالحيرة لكنها في النهاية علقت قائلة:
-جلال، لا أستطيع رفض طلبك بعد الذي فعلته معي اليوم، حسنًا سوف أقبل دعوتك على العشاء، هل من مطالب أخرى؟

نظر جلال نظرة ماكرة ثم تحدث قائلًا:
-حتى يتم التواصل معكِ بشأن دعوتي على العشاء لابد لي من أخذ رقم هاتفك.

ابتسمت چيلان وقالت:
-إنني أسيرة ما فعلته معي اليوم، لذلك سوف أقوم بإعطائك رقم هاتفي.

غادرت چيلان العيادة بعد أن قامت بشكر الطبيب والممرضة، اصطحب جلال چيلان إلى المكان الذي ترك فيه السيارة الخاصة بها.

وقبل أن تستقل السيارة وتغادر المكان، نظر جلال إليها وقال:
-آنسة چيلان، إن كنتِ تشعرين ببعض التعب يمكنني أن أقود السيارة بدلًا منكِ وأقوم بإيصالك إلى منزلك.

ابتسمت چيلان وعلقت قائلة:
-شكرًا لك،  إنني بخير والبيت ليس ببعيد.

أشارت چيلان لجلال بيدها وغادرت المكان عائدة إلى بيتها.

ما إن وصلت إلى المنزل وجدت والدتها تقف في شرفتها تراقب الطريق، علت الابتسامة وجهها بعد أن رأتها ثم أسرعت إلى رضا وقالت:
-رضا، لقد وصلت أسرعي بفتح الباب.

اسرعت رضا بفتح باب المنزل، نظرت چيلان إليها وقالت:
-رضا، كيف عرفتي بوصولي؟!

أشارت رضا إلى الداخل وقالت:
-كانت هناك من تراقب الطريق منذ ساعة تقريباً، مترقبة وصولك.

ابتسمت چيلان وقالت:
-هذه هي أمي، عشت بالخارج لاكثر من خمس سنوات وعندما أعود تشعر بالقلق كلما غادرت المنزل.

ربتت رضا على ذراع چيلان وقالت:
-أعلم أن سيدتي تبالغ في هذا الأمر قليلًا ولكن عليكِ أن تتفهمي حالتها خاصة بعد فقدانها لإبنتها الصغرى فلم يتبقى لها سواكِ.

أومأت چيلان برأسها وعلقت قائلة:
-لديك الحق فيما تقولين وهذا ما يصعب علي أمر عودتي لأمريكا.

دلفت چيلان إلى داخل المنزل، اتجهت نحو والدتها وقامت بمعانقتها وهي تقول:
-أمي الحبيبة، لقد اشتقت إليكِ.

نظرت الأم إلى ابنتها وقد بدى عليها الضيق وعلقت قائلة:
-چيلان، لقد اخبرتيني عند خروجك من المنزل إنكِ ستعودين سريعًا، هل يمكنني أن أعرف السبب في تأخيرك كل هذا الوقت؟

دنت چيلان من والدتها وقالت:
-أمي، كنت أجري بعض الفحوصات التي استغرقت بعض الوقت.

نظرت الأم إلى ابنتها وقد بدى عليها القلق وقالت:
-ابنتي، ماذا بكِ هل تعانين من شيء؟

ابتسمت چيلان ابتسامة هادئة وقالت:
-أمي، ليس هناك ما يقلق لقد انتابني دوار مفاجيء وهذا ما دفعني للذهاب إلى الطبيب لإجراء بعض الفحوصات
وقد أقر لي بعض الادوية والفيتامينات لي.

نظرت الأم إلى حقيبة الأدوية التي تحملها چيلان في يدها وقالت:
-ابنتي، لابد أن تهتمي بصحتك أكثر من ذلك، هذا واجبي وسوف اعتني بكِ.

أشارت الأم لرضا ثم حدثت چيلان قائلة:
-إذهبي لغرفتك إلى أن يتم اعداد الطعام واعطني هذه الحقيبة سوف اشرف بنفسي على مواعيد الادوية الخاصة بكِ.

چيلان وقد بدى عليها الإنزعاج علقت قائلة:
-أمي، لقد تعودت أن أدبر أمري بنفسي، لا داعي للقلق بشأني، دعيني أتصرف كما تعودت.

دلفت چيلان إلى غرفتها وفي يدها حقيبة الأدوية، نظرت إليها وهمست قائلة:
- لا أعرف كيف تراني أمي؟! هل تراني طفلة صغيرة سوف تقوم بإعطائها بنفسها والإعتناء بها، أحمد الله إنني لم أخبرها بما تعرضت له وأنا أقود السيارة وإلا كانت منعتني من قيادة السيارة مرة أخرى.

طرقت رضا باب الغرفة وقالت:
-آنسة چيلان، الطعام جاهز.

اتجهت چيلان إلى المائدة وجلست تتناول الطعام مع والدتها.

نظرت إليها الأم وقالت:
-أعلم إنكِ قد تعودتي على التصرف بحرية وأنكِ تشعرين الآن إنني أحاول تقييد هذه الحرية، كل ما أريد إخبارك به إنني أحبك كثيراً ولن أسامح نفسي إن أصابك مكروه.


ابتسمت چيلان وعلقت قائلة:
-أمي، إنني بخير فلا تقلقي بشأني، لقد تربيت على الأعتماد على نفسي في كل شيء وهذا يشعرني بالراحة، ثقي في إنني سوف انتبه جيدًا على نفسي.

شعرت الأم بأنها قد أزعجت چيلان بإهتمامها الزائد، فعلقت قائلة:
-حسنًا ابنتي، لن اتدخل في حياتك حتى لا ازعجك.

همست چيلان في نفسها وقالت:
-أمي، ربما أكون قد تسببت في إصابتك بالضيق ولكنها حياتي وأنا أحب أن أعيشها كما اعتدت، لذلك كان علي أن أوضح الأمور منذ البداية.

انهت چيلان طعامها وتحدثت إلى أمها وقالت:
-حبيبتي، سوف أذهب لأنال قسطًا من الراحة.

ربتت الأم على يد ابنتها وقالت:
-كما تشائين ولكن لا تنسي ان تتناولي أدويتك.

ابتسمت چيلان وعلقت قائلة:
-لا، لن انسى سوف أتناولها الآن على الفور.

دلفت چيلان إلى غرفتها وقامت بتناول الادوية المقررة لها، افترشت فراشها فجأة تذكرت المفكرة الخاصة بوعد فنهضت مسرعة إلى حقيبتها ولكنها لم تجدها.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي