ليتنالم نلتقي

دودو`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2024-06-10ضع على الرف
  • 41.1K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول انتحارأم قتل؟

عندما ينجح المرء في اجتياز عقبة من العقبات أو يجتاز مرحلة هامة من مراحل حياته ويصبح على أعتاب تحقيق أحلامه هنا يجتاح قلبه سيل من المشاعر الرائعة.

مزيج رائع من السعادة الممزوجة بالتفاؤل والأمل في قادم أجمل ومستقبل أفضل.

لا تبالغ في سعادتك فربما يحدث لك ما يعكر صفو تلك السعادة.

(استيقظت من نومها واتجهت نحو الشرفة، اطالت النظر بشرود كالذي ينظر إلى المجهول.

اتجهت إلى فراشها وقامت بنزع مفرش السرير بقوة،  جلست على حافة السرير تنظر لأعلى وكأنها عازمة على شيء ما.

بعد لحظات قليلة كانت تقف على مقعد وقد صنعت لنفسها شيء أشبه بالمشنقة.

قبل أن تقوم بشنق نفسها نظرت بإتجاه الشرفة وابتسمت ابتسامة ساخرة على وجهها المبلل بدموع الحزن والألم وقالت:
-سوف اتخلص من حياتي حتى أحرر أرواح غالية من قبضتك أيها اللعين.

فجأة قامت بدفع المقعد الذي كانت تقف عليه بقدميها فارتجف جسدها بقوة وما هي إلا لحظات وسكن جسدها معلنا وفاتها.

على الجانب الآخر يقف شاب مرتديًا  سترة مزودة بغطاء رأس يخفي به وجهه وفي يده نظارة مكبرة يراقب بها ما يحدث.
بعد أن تأكد من وفاتها علت وجهه ابتسامة الرضا، وقال:
-كنت رحيمًا بكِ وجعلتك تكتبين نهايتك بنفسك، لقد اشفقت عليكِ من الجحيم الذي كان ينتظرك).

چيلان وحيد عمران هذه الفتاة التي تبلغ من العمر تسعة وعشرون عامًا، فتاة مصرية تحمل الجنسية الأمريكية التي أهلتها للعمل كمحققة فيدرالية بعد حصولها على ماجستير في القانون الجنائي من جامعة تكساس الأمريكية،  وبعد خضوعها للعديد من الإختبارات التي استطاعت أن تجتازها ببراعة تامة.

قضت چيلان نحو خمس سنوات بعيدًا عن والدتها وشقيقتها؛ أملاً في تحقيق حلمها  بالعمل في مجال مكافحة الجريمة كما كان يعمل والدها الذي توفي منذ عدة سنوات وهو يعمل في نفس المجال.

تلقت چيلان نبأ تعينها كمحققة فيدرالية
بسعادة غامرة، شعرت حينها أنها أصبحت قريبة من تحقيق حلمها في أن تكون محققة فيدرالية ناجحة.

أسرعت إلى الهاتف لتخبر والدتها وشقيقتها الذان يقيمان في القاهرة بهذا الخبر السار.

أمسكت چيلان بالهاتف ثم توقفت فجأة وهمست قائلة:
-أرى أنه من الأفضل أن أذهب بنفسي وأخبر والدتي بهذا النبأ السار، لم أذهب إلى القاهرة منذ ما يقرب الخمس أعوام، لقد اشتقت لبلدي مصر كثيراً، سوف تسعد أمي برؤيتي أمامها وجهًا لوجه.

قررت چيلان السفر بنفسها دون أن تخبر أحد بذلك؛ لتفاجيء والدتها وشقيقتها وعد بعودتها إلى مصر من خلال إجازة قصيرة تقضيها معهم.

استقلت چيلان الطائرة المتجهة إلى  مطار القاهرة الدولي، لم تك الطائرة فقط هي التي تطير، بل كان قلبها هو الآخر يطير من السعادة، ساعات قليلة وسوف تصل إلى أرض الوطن حيث منزل العائلة.

جلست چيلان على المقعد المخصص لها وأخذت تستعيد ذكرياتها مع شقيقتها وعد فكانت ترسم الأبتسامة على شفتيها بين الحين والآخر كلما تذكرت مواقفها مع شقيقتها وعد التي تستمتع بخفة الظل. 

حينها همست في نفسها قائلة:
-وعد، كم اشتاق إليكِ وإلى قضاء بعض الوقت معكِ كسابق عهدنا.

ظلت چيلان شارد تتذكر الكثير من المواقف التي جمعت بينها وبين شقيقتها ووالدتها، لم يقطع شرودها سوى صوت الإذاعة الداخلية الطائرة:
-الرجاء على جميع الركاب ربط الأحزمة استعدادًا لهبوط الطائرة في مطار القاهرة الدولي.

إزدادت سعادة چيلان لقرب لقائها بعائلتها الصغيرة.

هبطت الطائرة في مطار القاهرة وغادر الركاب المطار، استقلت چيلان إحدى السيارات واتجهت إلى حدائق القبة حيث تقيم الأسرة.

وصلت چيلان إلى شارع مصر والسودان الذي تسكن فيه، ظلت تنظر إلى الشوارع والمحلات التجارية والمنازل ثم همست قائلة:
-لقد تغير هذا الشارع كثيراً، أين ذهبت الفيلات التي كانت تملأ الشارع، لقد حلت الأبراج السكنية محلها، اتمنى أن يكون منزلنا كما هو.

وصلت السيارة أمام فيلا وحيد عمران، نظرت چيلان إلى منزلها وتنفست الصعداء ثم قالت:
-أحمد الله أن منزلنا ظل كما هو محتفظًا بهويته ولم يتم هدمه واقامة برج سكني بدلًا منه كما حدث مع الفبلات المجاورة.

فجأة لفت نظر چيلان سيارة اسعاف تقف أمام المنزل كما رأت بعض الأشخاص الذين احتشدوا أمام المنزل لرؤية ما الذي حدث بداخل المنزل.

شعرت چيلان بالخوف الشديد وأسرعت إلى داخل المنزل ظنًا منها أن والدتها قد اصابها مكروه، ولكن كانت الصدمة الكبرى التي جمدت الدماء بعروقها..

لقد سمعت صوت صياح وبكاء صادرًا من داخل المنزل، ثم شاهدت رجال الأسعاف يحملون جثمان قد تم تغطية وجه صاحبه.

أسرعت إليهم وقامت بكشف الغطاء
لتصدم برؤية شقيقتها وعد التي فارقت الحياة.

انهارت چيلان وظلت تصرخ:

-لماذا تقومون بتغطية وجه شقيقتي هكذا؟

ثم قامت بتحريك جسد شقيقتها وهي تقول:
-وعد، ما الذي حدث؟! لقد أردت أن افاجأك ولكنكِ من فاجأتيني مفاجأة صادمة.

إلتفتت چيلان إلى الطبيب المرافق لطاقم الإسعاف وقالت:
-سيدي، أرجوك قم بإعادة الكشف الطبي عليها للتأكد من إنها لم تفارق الحياة.

نظر الطبيب إليها وقد بدى عليه الأسف وقال:
-للأسف سيدتي، لقد تم التأكد من إنها قد فارقت الحياة.
تدفقت الدموع من عينيها واسرعت إلى داخل المنزل لتجد والدتها وقد انهارت من البكاء.

نظرت حولها لتجد البيت وقد امتلأ عن بكرة أبيه بأفراد من الشرطة والبحث الجنائي والطب الشرعي.

اسرعت إلى والدتها وقامت بمعانقتها وهي تقول:
-أمي، ما الذي أصاب وعد؟!

لم تستطيع الأم التحدث فتحدثت الخادمة وقالت:
-سيدتي، لقد ذهبت إلى غرفة الآنسة وعد فوجدتها قد فارقت الحياة بعد أن قامت بشنق نفسها في مروحة السقف الخاصة بغرفتها.

انفجرت چيلان في البكاء ولكنها سرعان ما حاولت التماسك؛ خوفًا على والدتها التي  لم تتحمل ما حدث فتم نقلها إلى المشفى بعد انخفاض ضغط الدم لديها.

لقد كان موت وعد بهذه الطريقة صدمة كبيرة على الجميع، ظلت چيلان تفكر فيما حدث لشقيقتها وتتسائل عن السبب الذي جعلها تقرر التخلص من حياتها بهذا الشكل القاسي.

شعرت چيلان بنيران الحزن تشتعل بداخلها،  تود أن تعرف كل ما حدث مع شقيقتها وخاصة في الأيام الأخيرة من حياتها.

نظرت چيلان إلى والدتها التي اضطر الطبيب لإعطائها بعض المهدئات خوفًا من اصابتها بإنهيار عصبي.

انهمرت الدموع من عينيها وقالت:
-لا أعلم ما الذي حدث، ما الذي دفع فتاة مرحة مقبلة على الحياة أن تتخلص من حياتها بهذا الشكل،  اتمنى لو استطيع معرفة السبب الذي دفعها إلى الإنتحار.

دلف أحد رجال الشرطة إلى داخل الغرفة المتواجدة بها الأم، نظرت إليه چيلان فتحدث قائلًا:
-سيدتي، أنا المقدم مروان الخولي المسئول عن التحقيق في هذه الواقعة.

أومأت چيلان برأسها وقالت:
-سيدي، أعتذر إليك فلن استطيع مساعدتك في أي شيء؛ إنني عائدة للتو من أمريكا، و قد فوجئت بما حدث لشقيقتي، لا أعلم ما الذي دفعها للإنتحار، خاصة أنها كانت مرحة، تحب الحياة تطلع لغد مشرق.

نظر المقدم مروان الخولي إلى چيلان وقال:
-حسنًا، هل الحالة الصحية للسيدة حبيبة تسمح لي بطرح بعض الأسئلة عليها؟

أومأت چيلان نافية وقالت:
-للأسف كما ترى فهي لا تشعر بمن حولها، لقد قام الطبيب بإعطائها بعض المهدئات خوفًا من تعرضها للإنهيار العصبي بعد رؤيتها لإبنتها في تلك الحالة.

أومىء المقدم برأسه وقال:
-حسنًا، ولكن هل يمكنك أن تأتي معي؛ هناك شيء أود عرضه عليكِ.

تعجبت چيلان وعلقت قائلة:
—هل الامر يتعلق بشقيقتي وعد؟

أومىء المقدم مروان الخولي برأسه وقال:
-أجل سيدتي.

صمتت چيلان قليلًا ثم تحدثت:

-حسنًا، ولكن لا يمكنني أن اترك والدتي وهي بهذه الحالة السيئة، سيدي لنؤجل أي شيء آخر حتى تستقر حالتها.

نظر المقدم مروان إلى السيدة حبيبة وبدى عليه التأثر ثم علق قائلًا:
-أعلم أن الموقف صعب للغاية، اتمنى أن تستطيعوا اجتياز هذه المحنة، والأهم أن نتوصل إلى  الدافع وراء هذه الجريمة.

نظر المقدم في ساعة اليد خاصته ثم قال:
-حسنًا، سوف انتظر قدومك في مكتبي اتمنى أن يكون بأسرع وقت حتى نتمكن من اكتشاف السبب فيما حدث.

غادر المقدم مروان الخولي المشفى، ثم جلست چيلان على المقعد المقابل لسرير والدتها وهي تنظر إليها وتتسائل:
-لقد كنتِ دائمة التواصل معي عبر الهاتف لكنكِ لم تخبريني بشيء، أكاد أن أجن ما الذي حدث ودفع وعد للإنتحار؟!

شعرت چيلان ببعض التعب فاسندت ظهرها للخلف وحاولت أن تنال قسطًا من الراحة وأغمضت عينيها معلنة الإستسلام لغفوة قصيرة.

لم يمضي وقت طويل حتى استيقظت وقد انتابتها حالة من الفزع.

ما إن استيقظت حتى إلتفتت يمينًا ويسارًا وهي تردد:
-وعد، أين ذهبتي ما الذي حدث؟!

لم تجد أحد في الغرفة سوى الأم طريحة الفراش فأيقنت حينها أن ما رأته لم يكْ سوى كابوسًا.

بعد قليل بدأت الأم في استعادة وعيها بعد أن انتهى مفعول المهدىء.

دنت چيلان من والدتها وهمست إليها:
-أمي،  حمدًا لله على سلامتك، كاد قلبي أن يتوقف من الخوف الشديد عليكِ.

تلألأت الدموع في عيني الأم ثم تدفقت على وجنتيها وهى تقول:
-أي سلامة هذه وقد رأيت فلذة كبدي في مشهد قاسٍ للغاية.

لم تستطيع چيلان التحكم في دموعها على الرغم من محاولتها التماسك أمام والدتها فانهمرت دموعها هي الآخرى

اسرعت بإزالة هذه الدموع وقالت:
-أمي،  عليكِ بالتماسك قليلًا، لابد أن أعرف ما الذي دفعها للإقدام على فعل كهذا.

تحدثت الأمر بنبرة يائسة حزينة:

-أكثر ما يؤلم قلبي إنني لم أكْ  أمًا كما يجب، يبدو أن ابنتي قد عانت  وتألمت فالآونة الأخيرة وأنا لم اكن أعلم بذلك.

ربتت چيلان على يد والدتها، قامت بإزالة دموعها ثم وضعت قبلة على جبينها وقالت:
-أمي، أنتِ افضل  أم في الدنيا، ولكن ألم تشعري بأي تغير في سلوك وعد فالآونة الأخيرة؟

نظرت الأم إلى ابنتها وقالت:
-جيلان، لقد كانت مشرق وسعيدة ولكن ليلة أمس كانت مضطربة خاصة عندما عادت من الخارج، دلفت إلى غرفتها وظلت بداخلها فترة طويلة.

توقفت الأم قليلًا تلتقط انفاسها التي اجهدها البكاء، ثم واصلت حديثها قائلة:
-شعرت بالقلق عليها فدلفت إلى غرفتها لأجدها منهارة من شدة البكاء.

وهنا نظرت چيلان إلى والدتها بإنتباه شديد وقالت:
-أمي، ألم تسأليها عن سبب بكائها؟

أجابت الأم قائلة:
-بلى،  قمت بسؤالها عن سبب بكائها فقالت: "أمي، لقد تشاجرت مع صديقتي هبة".

همست چيلان وقالت:
-" هبة"يبدو هذا الأسم مألوفًا بالنيبة لي، هل هي نفسها صديقتها التي كانت معها في المرحلة الثانوية؟

أومأت الأم. برأسها وقالت:
-أجل ابنتي، كانت وعد وهبة صديقتين مقربتين للغاية، عندما أخبرتني وعد بتلك المشاجرة، قمت بمعانقتها وأخبرتها بأن ذلك شيء طبيعي بين الأخوات والأصدقاء وسرعان ما تصفو النفوس وتعود المياه لمجاريها وتتلاشى الخلافات.

نظرت چيلان إلى والدتها وقالت:
-وما الذي حدث بعد ذلك؟

الام بكل آسى وحزن علقت قائلة:
-بعد أن هدأت غادرت الغرفة لأستيقظ في الصباح على تلك الفاجعة.

صمتت چيلان قليلًا ثم قالت:
-أمي،  علي أن اذهب لمقابلة المقدم مروان الخولي يبدو أن هناك شيئًا يود اخباري به، ما إن انتهي من تلك المقابلة سوف أعود إليكِ على الفور.

وعلى الفور غادرت چيلان المشفى متوجهة إلى مكتب المقدم مروان الخولي.

وصلت چيلان إلى مكتب المقدم مروان فرحب بها وحدثها قائلًا:
-من الجيد أنكِ أسرعتي في الحضور  إلى هنا.

علقت چيلان بجدية وقالت:
-سيدي، الأمر متعلق بشقيقتي وأنا أريد أن أعرف كل شىء عما لحق بها في الفترة الأخيرة.

أومىء المقدم مروان برأسه واصطحب معه چيلان إلى المشرحة التي تم نقل جثمان وعد إليها لتشريحه، وقبل أن يقوم بعرض جثمان وعد عليها تحدث قائلًا:
-آنسة چيلان، أثناء فحص جثمان شقيقتك وجد شيء غريب على الجثمان أريد أن أعرضه عليكِ.

أشار المقدم مروان للرجل المسئول عن ثلاجة الموتى بإخراج الجثمان.

نظرت چيلان إلى جثمان شقيقتها ووقفت متسمرة في مكانها وقد بدى عليها الذهول ثم وضعت يدها على فمها من المفاجأة.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي