الفصل 21

هذا القصر يجمل ذكريات كثيرة... ذكريات طغى عليها الزمن...
ذكريات مليئة بالحب... ذكريات تخمل في طياتها ماضٍ مليء
بالشقوق... والندبات... التي لن تنتهي سوى بوضوح معالم
الحقيقة...
كان يرتدي ثيابه مستعدا للذهاب لإتمام خطبته على الفتاة التي
نفذت لحصون قلبه بدون منازع... كان بانتظار أخيه الوحيد
للقدوم من السفر... لا يريد أن يذهب بمفرده حتى لا يترك
انطباعا سيئا عنه لدى أهل مخطوبته...
قطع أفكاره دخول أخيه بعاصفته كالمعتاد
محمود : مصطفى يا مصطفى... وبقيت عريس أيوة بقى
ليتجه نحو أخيه محتضنا إياه.. رابتا على كتفيه بشوق نابع من طول سفرته... وبعده عنه
مصطفى : حمد لله على السلامة يا محمود... وحشتني يا أخي .. إيه مش عاوز تنزل عاجباك العيشة هناك للدرجة دي
محمود : بصراحة أيوة .. ده هناك ايه المزز بالهبل... أنزل ليه بقى
مصطفى : عشان تشوفني ولا انا مليش حق عليك ..
محمود : إنت الوحيد اللي له كل الحق يا مصطفى.. بس عاوز
تتدخل القفص بدري ليه يا حبيبي... انت لو جيت ليا هناك كنت خليتك ملك
ينفجر ضحكا على حديث أخيه الأصغر...
مصطفى : لا يا عم متشكر.. أنا الحمد لله أنا كدة كويس..
وبعدين فاطمة دي البنت اللي أمنها على بيتي وحياتي...
وعقبالك لما تلاقي اللي تخليك تتوب على بوزك كدة ...
وتوبك عن صنف الحريم كله
محمود : لا اااا أنا يستحيل اقع الوقعة دي... أنا هفضل كدة
بضحكة ساخرة : بكرة نشوف يا عم الدنجوان... المهم دلوقتي
تقوم عشان يدوب نلحق نوصل
✍️✍️✍️✍️✍️

على الجانب الآخر كانت تساعد أختها بالاستعداد لاستقبال
عريسها المرتقب... كانت تتحدثان حول كيفية إعادة أخيهما
لمرساه فبل فوات الأوان...
فاطمة : يا بنتي كفاية كدة أنا مبحبش النيلة المكياج...
سيبك منه وقولي لي هتعملي ايه في موضوع حسن أخوكي
حنين : يا بنتي اثبتي خلاص اهه خلصت.. وبعدين موضوع
حسن ده هنتعامل معاه بطريقة مضادة
تضيق عينيها بعدم فهم ما يدور بخلد أختها...
فاطمة: مش فاهمة تقصدي إيه يا عم المفتش كرمبو !
حنين : بصي بغض النظر عن المفتش كرمبو دي هقولك.. انتي
عارفة من زمان إن البت منار بتحب حسن اخوكي... لما بتشوفه تحسي القلوب هتنط من عنيها
فاطمة : والله ! بتتكلمي جد ! يا بنتي ما انا عارفة.. إحنا بنتكلم في إيه وانتِ بتتكلمي في إيه.. ايهزجاب منار لهبابة البرك اللي
احنا عاوزين نمسحها من دماغه بأستيكة
حنين : ما هو لو صبر القاتل على المقتول... يا بنتي احنا
هنحارب الجبهة المهببة بالجبهة الحنينة... أنا هخلى حسن
أخوكي زي أي راجل.. هخليه يحس إن مدوب البنات... والبنات بتحبه... وهقعد امدح في البت منار ولقول له إنها معجبة بيه... هو بقي يبتدي يلاحظ.. وتبدأ النظرات واللفتات.. وانا هساعد
طبعا
فاطمة: طيب افرضي منار عرفت!
حنين : وهتعرف منين بس... اسكتي انتي بس وانا هتصرف...
وعدم معرفتها هيفيدنا إنها تتعامل بطبيعتها... وبعدين اسكتي
انتي بقى... حامد ابن عمك شكله زعلان اوي يا فاطمة
تتنهد بيأس: أعمل إيه يا حنين... أنا قلت حامد بالنسبة ليا زي
حسن وبس... قفلي بقى على الموضوع
تنهض من جوارها مغادرة ...
حنين : طيب خليكِ انت هنا انا هروح ابدأ بخطتي مع حسن
أبو علي
تنفجر أختها ضحكا على شقيقتها التي تبسط أشد الأمور
سوءا; إلى أبسطها بتلقائيتها وروحها المرحة
✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️
كان يجلس بحزن يطغى على ملامحه... يدرك أنه تغير كثيرا
عقب ماحدث... يعلم أن إخوته لاذنب لهم فيما حدث...
لكنه يجد ذاته يندفع في الحديث ... وخاصة الحديث اللاذع... يقطع سبيل جلده لذاته صوت شقيقته " حنين" تناديه بصوت
عال... ليرد بصوت لم يخلوا من عصبيته المفرطة...
حسن : نعم يا حنين عاوزة إيه
تسير باتجاهه بهدوء وخطاً بطيئة... من يراها ينظر أن الندم
يطغوا على مشاعرها...
حنين: حسن أنا مش عاوزة حاجة أنا بس جاية اعتذر منك
عشان حاسة إنك زعلت مني لما قلت لك اللي حصل
بس انت كنت هتظلم فاطمة
حسن : وانتي بقي جاية تقولي إني بقيت ظالم يا أنسة حنين
حنين : لا والله يا حسن أنا بحبك وبحترمك بس انت اتغيرت
أوي يا حسن... بقيت تزعق لنا على أقل سبب... وبقيت عصبي اوي.. انت مكنتش كدة...
لتبدأ اللعب لتنفيذ مخططها...
- فين حسن اخويا الطيب الحنين اللي صحابي كانوا بيحلموا بيه ويحسدوني عليه... دول كانوا بيفضلوا يقولو لي يا بختك
بحسن أخوكي
على ما يبدوا أن خطتها ستؤول بالنجاح... فهاهي علامات
الغرور أصبحت تعمل في بدايتها.. كمكينة ضخ الماء في
بدايتها... منسوب ثم تدفق
حسن : إحم لا مش متغير ولا حاجة بس أنا اللي زعلان
ان فاطمة هتسيبنا وتمشي
حنين : بنبرة ماكرة ... أه أنا قلت كدة.. ليها حق البت منار
عنيها تتطلع قلوب لما تشوفك..
حسن : منار صحبتك .. ليه يعني !
حنين: لا ولا حاجة بس هي على طول تقول ليا يا بختك بحسن
أخوكي

يصمت قليلا وابتسامة تتشكل على وجهه... تلاحظها الصغيرة
الماكرة...لتبتسم بخبث فقد أوشكت على النجاح... مر وقت
ليس طويلا وحل الليل ليأتي موعد قدوم العريس المرتقب...
مع أخيه ووالده.. ظلوا جالسين لوقت ليس بالقليل... وبعدما تم التفاق على كافة الأمور... حان موعد قدوم العروس ليراها
الجميع ... فذهب أخيها سعيدا لجلبها بعدما أصبحت عودته
لطبيعته وشيكة... دق باب غرفة إخوته لترد حنين وتدعوا
الطارق للدخول...

حنين : اتفضل .
ليدخل أخيها رأسه قليلا من فتحة الباب متحدثا بمرح...
أدخل يا طمطم..
هنا شقت البسمة الصادقة على وجهها ... بعد ما حاولت حنين
ومنار رسم البسمة على وجهها.. لكنها كانت بسمة ناقصة...
فاطمة : اتفضل يا حسن
حسن : وهو يذهب لاحتضانها... جاهزة ياعروسة البيت..
يلا عشان الجماعة عاوزين يشوفوكي... وخلاص الاتفاق تم
فاطمة : وقد زحفت حمرة الخجل على وجهها.. جاهزة يا حسن
لتقطع هذه اللحظة "حنين" متحدثة بمكر: شوفتي يا بت يا منار مسلسل العشق الممنوع ده..واحنا هنا بلاصين قاعدين
وقدوم منار كان مخططا من الماكرة حنين... لم تتحدث منار بل كان الخجل طاغيا على ملامحها... ينظر تجاههم ببسمة غريبة..
ليلاحظ الواقفة لجوار أخته وتستند على كتفيها...
حسن : تعالي انتي كمان عشان تنضمي للعشق الممنوع... ليأخذ
أختاه لأحضانه بسعادة... ويلحظ النظرات الخجلة للواقفة في
الخلف... هل كان أعمى حتى لا يلحظ هذا الحياء الراقي... كيف كان يضع عقله بالوحل
ليأخذ العروس ويذهب حيث يجلس الجميع متجاورين ..
ليقع نظره على من ملكت قلبه... يحاول عدم لفت الأنظار نحوه في لهفته الواضحة تجاهها..ه لكن لهفته كانت واضحة رغم
محاولاته
صالح : تعالي يا فاطمة سلمي على حماكِ الكبير... وليكِ
حما صغير كمان..
ليضحك الجميع.. وتنهال المباركات من الجميع .. وتمت الخطبة على خير... ليوجه والده الحديث لابنه حتى تأتي أخته الصغرى
بحلوان إتمام الخطبة
تدخل حنين تحمل المشروبات .. خلفها صديقتها تحمل بعض
الحلوى... ولكن تعلقت النظرات.. وذهب العقل صريعا لهذه
العينان التي تحمل من البراة والمكر ما يجعلها تدخل القلب
مباشرة
يلحظ أخيه الغمر ليقترب منه متحدثا بمرح ...

مصطفى : إيه شكلك هتقع ولا إيه... لا معرفش عنك كدة
يا حودة... لينهال عليه بالضحكات
محمود : شكلها هتبقى واقعة بجد
مصطفى: محمود صحصح كدة دي حنين أخت فاطمة...
والشغل بتاعك ده مينفعش معاها..
✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️

كان الصمت يخيم على الأرجاء.. كان حسام يقف حائرا بين
الحديث وبين الصمت... تنهد وهو ينظر لسيم قليلا.... لم يدرك سليم الأمر سوى عندما أشار إليه برأسه بمعنى نعم... وهو وصل إليه الشك من الشبه الكبير بينه وبين عمه الراحل.. بالإضافة إلى لو عينيه المميز الذى يشبه عيني والدته ... نظر له حسام ثم
قرر الهبوط ... ثوان قليلة تمكن فيعا من فتح باب السيارة...
وتوجه للأسفل ملقيا التحية على " محمد " بحرارة وود
حسام : ازيك يا محمد.. عامل إيه
محمد : الحمد لله بخير يا أستاذ حسام
ترجل سليم خلفه مباشرة يريد أن يرى رفيق طفولته عن قرب... فلقد باعدت بينهم السنوات... بسمة مليئة بالمحبة رُسمت على
معالم وجهه... ليبادر حسام بتعريفهم ببعضهم البعض
حسام : ده سليم صاحبي يا محمد اللي كلمتك عنه... وده محمد يا سليم اللي ساعدنا في إنقاذ البنات
يمد يده بالسلام... كان يتمنى أن يكون عناقا...
سليم : اتشرفت بمعرفتك يا أستاذ محمد
محمد : شرف ليا حضرتك
سليم : انت جاي هنا لمين يا محمد!
محمد : في الحقيقة رؤى أختي هنا بتحضر حفلة عيد ميلاد
واحدة صاحبتها... وانا جبتها الصبح وجاي اخدها عشان
الوقت اتأخر
صدمة .. تعجب... مشاعر مختلطة داهمتهم
حسام : صاحبتها قصدك هنا!
محمد : أيوة صاحبتها هما مع بعض في الحامعة! هو في حاجة!
هنا تسللت الابتسامة السعيدة لوجوههم... فكيف من دون
الجميع تتخذها رفيقة لها! ليقدر الله لقائهم بتدبيره وحده
سليم : لا طبعا .. بس انا مقلتش لك إني أخو هنا الكبير ..
ودي رنا أختنا الأكبر
كان ينهي حديثه وهو يشير نحوها .. اتفضل تعالى يلا ندخل...
يتجهون جميعا نحو الداخل والأمل الذي يشوبه القلق سائد..
. ثوان مرت وفتح الباب معلنا عن قدوم جميع أحباب هذا
المنزل.. فيبدوا أن السعادة تريد أن تزور حنايا هذه القلوب
التي تقبع بداخل هذا المنزل.. الذي هجرته الفرحة طويلا..
اتجه نحو والده محتضنا إياه ومرحبا بعودته... ليبدأ تعريفه بمن دام بحثهم عنه لسنوات عجاف... استطاع والده تمالك ذاته
عندما رءاه... فكأنه يرى أخيه الأصغر على قيد الحياة...
لكنه خالف التوقع وبدلا من مد يده بالسلام; أخذه في عناق
يروي به حنين قلبه لأخيه الراحل.. تعجب " محمد كثيرا من
ردة فعله هذه ولكنه لم يعقب بل بادله بابتسامة لرجل بمثل
عمر والده
مصطفى: ازيك يا ابني.. شرفتنا النهاردة
محمد : الشرف ليا حضرتك.. أنا بس مش عاوز أكون عملت لكم إزعاج أنا ورؤى... بس رؤى متعلقة بهنا وده والله مش طبعها..
بس لأنها مكنش لها صحاب وحست إن هنا معاها فتعلقت بيها

مصفى : إزعاج إيه بس يا ابني.. ده بيتكم تيجوا في أي وقت
عاوزينه... أنا من أول مشوفتك وانت بقيت عندي زي
سليم بالضبط
محمد : ربنا يكرم حضرتك... بس يعني لو الحفلة خلصت
تنادوا ليا رؤى عشان منتأخرش
سليم: حفلة إيه اللي خلصت دي لسة هتبدأ... وانت مش
هتتحرك من هنا نهائي ... أنا خلاص اعتبرتك صاحبي ..
وبما إن بابا قال إنك بقيت معايا في نفس الخانة..
هاعمل حسابك إنك بقيت صاحبي يمكن أكتر من حسام شوية ...ها قلت إيه
محمد : يشرفني يا صاحبي معنديش مانع واهو أكسب
فيك ثواب
حسام : أصيل يا أبو رحاب.. بعتني في ثانية هان عليك
الشحططة بتاعتي معاك
تنطلق ضحكات الجميع وتتجه رنا للأعلى لترى والدتها
محاولة التحدث إليها... دقائق قليلة وكان سليم يتركهم
مجتمعين بالأسفل مع والده... ليخبر والدته جميع ملابسات
الموضوع.. حتى لا يخطأ أحدهم
✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️
معلش الاحداث كتير ويستحيل أحطها في فصل واحد بكل
الشخصيات دي... أنا همشي بتسلسل الأحداث عشان أقدر اوضح لكم أهم جزء في الرواية فصبرا أرجوكم

وعاوزة اعرف راغيكم في حنين الكبيرة
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي