الفصل 20

وهاقد أقبل الليل بنجومه المنيرة... تتلألأ في عنق السماء..
لتحمل أحداثا وحقائق للجميع... كانت قد هبطت طائرته
من وقت قليل.. وقد قارب على الانتهاء من إجراءات
الخروج من المطار مع أخته الكبرى رنا... دقائق قليلة وكان
يخرج من البوابة الرئيسية... نظر يمينا ويسارا وهو يضع الهاتف على أذنه... ليجد حسام واقفا بانتظاره بالخارج.. مرتكزا على
سيارته... اتجه اليه محتضنا إياه رابتا على كتفيه...

حسام : حمد لله على السلامة يا صاحبي...

سليم : الله يسلمك يا حسام .. وحشتني يا راجل .. بس كنت
غطسان فين بقالك فترة ..من يوم مقلت لك على الموضوع اياه

تنهيدة خرجت من أعماقه .. حسام : ده احنا كنا في مصايب ملهاش أول من آخر.. أحمد مراته اتعرضت لحادث هحكيلك التفاصيل في الطريق... المهم دلوقتي الموضوع اللي كلمتني فيه ..

سليم : هااه عرفت حاجة!

ينظر حسام خلفه ملقيا التحية على شقيقته: حمد لله على
السلامة يا مدام رنا

رنا بابتسامة عملية : الله يسلمك يا أستاذ حسام..

يفتح لها باب السيارة الخلفي وتجلس.. ليعود لصديقه حتى
يستطيع التحدث بحرية

حسام : ولاد عمك عايشين.. وموجودين هنا كمان

سليم : إيه ؟ بجد يا حسام! طب هما فين!

حسام : محمد ابن عمك محمود الله يرحمه بيشتغل عندنا في الشركة... واخته طالبة في كلية التجارة

سليم : طيب معاك عنوانهم !

حسام : أيوة.. ليخرج ورقة مطوية بها أسمائهم وعنوانهم.. سليم أنا عارف انه أمر خاص بس هما ازاي تاهوا وميعرفوش حد
منكم! والأغرب إنهم عايشين في حي شعبي... أحمد لما راح
زارهم هو ومراته قالوا انهم على قد حالهم

سليم بشرود : ده موضوع يطول شرحه... هقولك عليه بعدين..
المهم قول لي إيه اللي حصل لاحمد

حسام : اركب العربية واحكيلك ....

ليبدأ بسر الأحداث الماضية ...
كان يجلس لجواره بالسيارة متجهين نحو منزلهم.. لكن كانت
الصدمة التي شلت حواسهم.. واتسعت أعينهم من هول
الصدمة.. فكيف لكمية الشر هذه أن تفكر بهذا الفعل الشنيع..
وإيذاء امرأة لم تتعرض لها .. تربي ابنتها.. ومانت هي من تخطط لخطف أطفالها.. فعي لم تكتفي بإيذائها بل حرمتها من حقها في الأمومة مرة أخرى..
سليم : انت بتقول ايه يا حسام ! دي يستحيل تكون بني آدمة طبيعية.. أكيد مختلة.. دي واحدة واحد زبالة خطفها وكان عاوز ياخدها غصب ده غير انها متجوزة.. هي ملهاش ذنب في موت
جوزها ده.. لا وكمان كان تاجر سلاح
رنا بعدما شلت حواسها.. حتى شعرت أنها فقدت النطق.. فمجرد وصف المشهد لن يصف مدى بشاعة ألمه.. ومدى العذاب الذي
لاقته هذه الفتاة...
رنا : ايه اللي حضرتك بتقوله ده! أنا مش قادرة اصدق اللي
بيحصل ! ايه البشاعة دي.. وازاي هي استحملت كل ده...
المفروض تسيبه وتتطلق
نظرا لها أخيها نظرات تقلل من تفكيرها السطحي...لكن حسام
نظر لها بابتسامة ليجيب
حسام : دي لو هي واحدة تانية غير نجلاء.. انتي معاكي حق
تقولي كدة لأنك متعرفيهاش... نجلاء شافت الويل ورغم ده كله إيمانها قوي ومبتتهزش بسهولة.. كنا متخيلين إنها هتبعد نور
عنها.. لكن لقيناها بتقربها لها أكتر
تنظر لها بفم مفتوح من الصدمة
رنا : حضرتك بتقول انها مسبيتهوش! وكمان البنت معاها!
سليم بنبرة لاذعة: مش كل الناس سطحيين.. وعندهم استعداد
يضحوا بحبهم.. في ناس عندها عقل وقلب.. وبتقدر
حسام : نجلاء شخصية كدة نعمة من عند الله.. احمد بعد
ما الناس دي اتمسكت كان مُصر يعاقبهم.. اتفاجئنا بيها بتتصل
عشان تخليه ميعملش فيهم حاجة.. بس هو متنازلش غير لما
خد حقها
سليم : حسام كلم أحمد قول له إن احنا جايين له دلوقتي...
أنا مش هروح قبل ما اروح له
حسام : بس يا سليم انت لسة راجع .. خليك لبكرة و....
سليم : من غير كلام كتير أنا هروح له الأول.. كفاية انكم
مقلتوش ليا .. ولما اعرف مش عاوزني اروح له ... لأ مينفعش
✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️

كانت تجلس لجواره بالسيارة بعدما أخبرهم الطبيب أنه يمكنها المغادرة... لكن الصغيران لازالا سيبقيان تحت الملاحظة... لتضطر للمغادرة أملا أن تأتي يوميا للاطمئنان على صغارها....
نجلاء : أحمد انا عاوزة ارجع تاني لولادي... مش قادرة امشي واسيبهم هناك لوحدهم
أحمد : يا حبيبتي والله متقلقيش .. هيكونوا كويسين وبكرة هنيجي نشوفهم ونطمن عليهم.. وبعدين ايه انتي موحشكيش البنات ولا ايه
نجلاء : البنات وحشوني جدا.. يمكن ده اللي مصبرني شوية.. وكمان ابو البنات وحشني
ينظر لها بابتسامة تفيض عشقا.. وقلب يريد أن يرتوي من عشق غاب عنه لأيام ظن خلالها أن الله سيعاقبه بفقدها...
قطع هذه اللحظات رنين هاتفه برقم حسام.. ليجيب
أحمد : أيوة يا حسام .. عملت ايه ...
حسام ...............
أحمد : يا ابني أنا عارف... قوله بس يروح يرتاح مفيش مشكلة
حسام : ......
خلاص احنا مروحين الدكتور كتب خروج.. واحنا قدامنا بس خمس دقائق ونوصل هستناكم في البيت...
لينهي المكالمة متنهدا بابتسامة تحمل التقدير
أحمد : سليم مصر يجي يشوفني ويطمن عليكي .. حسام بيقول مش راضي يروح حتى بعد حسام ما قال له كل اللي عرفه
نجلاء : الظاهر انه فعلا سليم زي ما بتقول شخصية تستحق الاحترام
أحمد : سليم شخصية محترمة رغم صغر سنه إلا إنه عمل لنفسه مكان كبير بين رجال الأعمال...
مرت دقائق قليلة وكانت السيارة تعبر البوابة الخارجية... تعجبت من الحراس الموجودون بالخارج.. لتتسائل بتعجب وهي تشير نحوهم
نجلاء : أحمد انت غيرت الحراس اللي كانوا موجودين كلهم!
يجيبها بعد أن أوقف السيارة ..
أحمد : كان لازم يتغيروا عشان إهمالهم... وبعدين متقلقيش اللي انت قلقانة عليهم ممشيوش...سعاد وام سعيد جوة منتظرينك.. وابو سعيد موجود هو كمان متقلقيش
ابتسامة عشق تشكلت على وجهها ...
نجلاء : انت عرفت ازاي اني هسأل عليهم هما بالذات
ينزل من السيارة ويقف بمحاذاتها معاونا إياها على الخروج بهدوء وروية...
أحمد : عشان بقيت حافظ قلبك وعارف بيفكر ازاي
دقائق قليلة وكانوا بالداخل يلتف الجميع حولهم.. يطمئنون على حالتها... لكنهم لاحظوا شحوب وجهها عندما وقع نظرها على موضع الحادث... ليحملها متجها بها لغرفتهم بالطابق العلوي... يدثرها بالغطاء جيدا .. ليتوالى بعدها الجميع تباعا مطمئنين عليها.. كانت تنظر لوجوه الجميع بسعادة .. فهاهي ضريبة الحب تراها بأم عينيها.. حب خالص خالي من الرياء
يندفع الصغار نحوها بفرحة عارمة .. فقد عادت نبع أمانهم للمنزل ... ليشكلون حولها دائرة على الفراش... وتنساب الضحكات البريئة التي شقت البسمة على وجوه الجميع...
تنظر حولها تجدها تقف بفرحة ناقصة ... فرحة يشوبها الشعور بالندم.. فكانت تلوم حالها على تركها بمفردها هذا اليوم...
لتناديها بصوت ودود
نجلاء : قربي يا سعاد مش هتقولي ليا خمد لله على السلامة
تقترب منها بدموع تكن الحب.. والاحترام... والتقدير...
سعاد : حمد لله على السلامة يا ست الهوانم... يارب كانت ايديهم اتشلت جبل ما يمسوكي... ياريتني ما هملتك ومشيت يو....
تقاطعها ...نجلاء : كفاية يا سعاد متلوميش نفسك على قضاء ربنا... وبعدين لو كنتي فضلتي معايا كان زمانهم طحنوكي معايا...
سعاد : ربنا ينتقم منهم.. ويجبر خاطرك قادر يا كريم
نجلاء : طيب مش هتجيبي حضن بقى .. بس حضن حنين بالراحة عليا أصل تكملي عليا تكسير
تندفع نحوها محتضنة إياها برفق... فهنيئا لجابري الخواطر
✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️
في الأسفل كان قد وصل حسام برفقة سليم، ورنا... توجه أحمد لاستقبالهم.. مرحبا بهم بود .. ليجلس معهم بالأسفل وتصعد رنا برفقة الخادمة للأعلى
سليم : كدة يا أحمد ده كله يحصل ومتقلش ليا.. لا بجد والله انا زعلان منك
أحمد : والله يا سليم مكنتش فايق اتكلم مع حد نهائي... أنا كنت حاسس إن روحي بتتسحب مني... كنت بموت كل ثانية ومش عارف اعمل ايه... بس الحمد لله ربنا كريم
سليم : حمد لله على سلامتها وسلامة الولاد... وقوم يلا عشان تيجي معايا نحضر عيد ميلاد هنا... مش هسيبك انا النهاردة
أحمد : معلش بلاش انا.. نجلاء لسة مش بتعرف تتحرك كويس.. مش هقدر اسيبها لوحدها.. حسام وإيمان هيجوا..
لكن انا اعذرني يا صاحبي
سليم : المرة دي هقبل عذرك لكن صدقني المرة الجاية مش هيحصل... قوم معانا بقي عشان نسلم على المدام ونمشي احنا
أحمد : تعالى أنا قايل لنجلاء انكم جايين وهيا عارفة
يتجهوا للأعلى يطمئنوا عليها وبعد دقائق قليلا يغادرون منبهرين بقوة إيمان هذه الفتاة الشابة... التي لا قت من العذاب أشده... كان الصمت سائدا بينهم طوال الطريق... لتقطعه رنا
رنا : حضرتك كان عندك حق يا أستاذ حسام ... أنا شفت شخصية عمري مشفت زيها .. ايه ده
حسام : كنت واثق انك هتحبيها... نجلاء دي غريزة وطبيعة فيها... وسبحان الله تحسي بتلقائية إنها دخلت قلبك على طول
رنا : صح انا من أول ما شفتها... عندها بشاشة وحاجة كدة مش عارفة ملهاش وصف
مر وقت قليل وكانوا قد وصلوا منزلهم... ليتفاجأ حسام بوجود محمد قادما باتجاههم....

✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️
أما بالحارة الشعبية كان قد وصل الجد ومعه ابنه حسن، وابن أخيه حامد بعدما أصر على الحضور معهم... اتجهوا نحو العنوان المدون بالورقة ليهموا بسؤال أحد المارة ... ليشير لهم نحو بناية معينة... اتجهوازإليها ولكن أصابهم الإحباط عندما لم يجدوا بها أحدا ...
اتجهوا للأسفل عازمين على الانتظار.. تفاجأ شريف أثناء مروره بوجودهم أمام منزل رفيقه... ليهم بسؤالهم عما يريدون
شريف : حضراتكم مين !وواقفين هنا كدة ليه!
حسن : احنا جايين نسأل عن محمد محمود الألفي، واخته رؤى .. حضرتك متعرفش هما راحوا فين
شريف : هما خرجوا .. لكن حضراتكم مين وعاوزينهم ليه!
حسن : انا خالهم.. وده جدهم .. حضرتك متعرفش هيرجعوا امتى
شريف : وقد ازدادت حيرته... لا والله معرفش.. بس هنا في الغالب مش بيتأخروا برة.. اتفضلوا عندنا على ما ييجوا.. محمد صاحبي .. وخطيب اختي
حامد : لا متشكرين.. يا أستاذ احنا هنقعد هنا ألف شكر
ليأخذ بيد عمه وهو يتحدث
الواد ده بيحور علينا... محمد كان خاطب اخته وسابها..
صالح : وانت عرفت منين يا حامد!
اللي جابلي العنوان بتاعهم قالي كل حاجة يا عمي... وقال لي ان الواد دي عينه من رؤى
حسن : بقول يا ابا.. إيه رأيك نروح نزور فاطمة واحنا هنا .. على ما الولاد يرجعوا
قلبه أصبحت نبضاته أعلى عندنا ذكر اسمها... وحاول مدارات لمعة الدموع بعينيه..
صالح : وماله يا ولدي يلا بينا
ليتجهوا نحول منزل ابنتهم الأخرى .. غافلين أن الجمع على وشك الاكتمال.. والحقيقة ستكشف..
ومن المذنب يا ترى!!!!!!!!!!!!
✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي