28
لا تغلق الأبواب جميعاها، إلا ويكون اخرى مفتوحة عوضاً عنها، في كل مرة تظن أنها النهاية تجد طريق أخرى تفتح من خلالها الوسائل التي تتيحها الحياة لتنهض وتنتفض من غبار اليأس إلى ما هو جديد.
دخل ريان إلى المبنى، وما إن أغلق الباب خلفه حتى بدا يشعر بدفئة الأجواء من حوله، لقد امتص جسده برد كثير في الأيام الماضية.
لقد كان شعور يفتقده طوال الوقت الماضي ويعد بالنسبة له من الرفاهيات.
طلب منه المدير أن يجلس في غرفة كبيرة وحده، كان ريان يتأمل الجدران وما حوله من صور معلقة والوان في كل مكان، وهذا ما جعله يشرد لبعض الوقت.
ثم عاد المدير ومعه موظفة وقال لريان: إنها الانسة ليلى سوف تقوم بمساعدتك قدر الإمكان.
ألقى ريان التحية عليها، وشكر المدير الذي لم يعرف ما هو اسمه حتى.
فجلست معه الآنسة ليلى بعد أن غادر المدير ثم سألته:
من أين أنت؟
رد ريان: من المدينة المجاورة كنت في لندن سابقا.
لتسأل ليلى بعض الأسئلة المتتالية: ما هو أسمك؟ ماذا تعمل؟ وهل لديك أي شهادات تعليمية؟
أجاب ريان بختصار: اسمي ريان، اعمل فر اي شيء يتاح لي، ولا أملك اي شهادة تعليم من المدرسة.
في تلك الأثناء دخل الشخص المسؤول عن المطبخ، وفي يده صحن طعام وبضع قطع من الخبز، ثم قال: هذا الطعام من أجل الشاب الذي وصل للتو.
.
وقد كان ريان يتضور جوعاً وما إن وضع الطبق أمامه حتى بدأ يطلع فيه لكنه محرج من ليلى التي كانت إلى جواره، لاحظت هي الأمر فقالت له: يمكنك أن تتناول طعامك من ثم نكمل ما بدأناه لا مشكلة.
دون أن يقول أي شيء بدأ ريان يتناول الطعام ويأكل ما وجد في طبق من بعض حبات البطاطا المسلوقة، وقطعة لحم صغيرة، ويوجد ايضا علبة من اللبن، وحبة من التفاح، لقد كانت وجبة دسمة بالنسبة له، لم يتناول مثلها منذ أيام ولربما أسابيع.
أما ليلى فقد كانت تراقبه، وهي مدركة كم الجوع والتعب الذي مر به هذا الشاب المسكين.
أما عاصم، فقد كان يرى بأن ما فعلته ميادة كان مهم بالنسبة له، ولم يكن ليتوقعه حتى.
جلس شارد الفكر يتذكر ما حدث وكل تصرفات ميادة في المستشفى وحرصها على العناية به.
بعد أن عادت ديمة لاحظت انشغال زوجها وشروده، فسالته ما بالك يا عاصم؟
ارتبك عاصم ولم يعرف بماذا يجب، فقال لها: لا ليس هناك شيء، لكن متعب من العلاج الذي اتلقاه.
قالت له زوجته: هون عليك يا عاصم، وهناك اعراض أخرى بدأت الحظها عليك، شعرك يتساقط ألم تلاحظ ذلك؟
فتح عيناه وتوسعت حدقته ودس يده في رأسه ليرى إن كان حقاً قد بدأ بالتساقط ام أنه هراء متكرر من ديمة لا أكثر.
وما أن أخرج يده حتى رأى فعلاً ما قالته، شعره قد ملئ يده، لقد تمكن الإحباط منه، واليأس تسلل إلى قلبه بعد أن لاحظ أثار المرض بدأت تظهر عليه بشكل واضح.
ثم أضافت ديمة: هل تأكدت من كلامي؟ أم تظن أنني أكذب أو أتحدث بما ليس له وجود.
فأكملت بالقول ديمة: لكن لا تقلق يا عزيزي هذا العلاج سوف تتحسن، اذا استمريت سوف تتمكن من العيش ولن تموت.
حدق بها عاصم مستغرب من كلامها، فهو لا يحتاج إلى كلام ملغوم مثل هذا، بل كل ما يريده هو كلام حب ودعم لا أكثر.
لم يجد ما يقوله لها، لكنه بقي على صمته دون أي رد، شعرت ديمة حينها بثقل ما قالته على قلب عاصم.
جلست بجانبه تحدثه وتقول: لست اقصد أي سوء لكن تعرف يخونني التعبير بعض الأحيان أرجوك لا تحزن من كلامي.
ابتسم ساخر منها وقال عاصم: ينطق اللسان ما يفيض به القلب، لذا أعلم ان ما تقولينه هو ما تفكرين به لا تحاولي خداعي، لقد مللت من تكرار الكلام الذي تتحدثبن به.
تلعثمت ديمة وقالت له: ارجوك يا حبيبي، لا تنفعل فهذا ليس الأفضل من اجلك عليك أن تكون مرتاح في هذه الآونة، وأنت سوف اتتبت اكثر إلى ذلاتي.
ثم تنهد عاصم وقال: لا اعلم إلى متى قد تطول حياتنا، ولكن أرجو أن لا نستمر على هذا الحال.
عندها أدركت ديمة بان الموضوع يخرج عن نطاق سيطرتها، لذا حاولت إيقافه وانهاءه أصلا.
ومن ثم انصرفت خارجة من الغرفة تاركة عاصم فيها، لترى ميرا وقد رسمت على وجهها علامات السرور بشكل واضح، سألتها: ما سر كل هذه السعادة؟!
قالت ميرا وهي تبتسم: لماذا لم تسألي أبي؟
لم تفهم ديمة قصدها، فسألتها: وما شأن والدك؟ أم أنك لا تعرفين كيف تميزين بين نفسك ووالدك؟
قالت ميرا: أنا ووالدي سعيدين اليوم، ربما لأن أمي كانت معنا طوال ابيوم ولم تتركنا وحدنا كما فعل غيرها.
أدركت حينها ديمة بأن والدة ميرا كانت مع زوجها في الوقت الذي غابت فيه هي وفضلت الذهاب إلى الشركة، من فرط غيظها لم ترغب في الحديث معها أبدا، فضلت الصمت وانصرفت ذاهبة إلى الحديقة تخلو بنفسها.
كانت تضرب كفيها ببعضهما، وهي تتسأل: هل يفكر أن يعيدها وتكون زوجته؟ هل يريد أن تكون معه ويتركني؟
ثم تكمل وهي تسير شمال ويمين: لا يهمني البقاء مع هذا العاجز، لكن يجدر بي أن استفيد منه إلى أقصى درجة وأبعد حد ممكن، ولا أخسر هذه الأموال، بل عليي جمع اكبر قدر منها.
هذا كان هم ديمة المال والنفوذ ولم يكن يعنيها البقاء مع زوجها أو طلاقها منه، فهي تريد العودة إلى حبيبها.
أما ميرا فقد كانت سعيدة جداً بما حققته من انجاز مهم فهي من جمع والدها مع والدتها بعد انقطاع دام لوقت طويل.
لكن كيف استطاعت؟! لم يكن الأمر عادي على الاطلاق. لقد تعرفت على تلك المرأة التي اقنعتها بأنها تستطيع مساعدتها بمقابل أن تعطيها بعض الأشياء للطعام.
وكانت ميرا تنكر ولم تصدقها بل على العكس كانت تكذبها، ولكن المرأة تلك تمتلك قدرة كبيرة على الاقناع، وبعد محاولات ومراوغات.
قررت ميرا أن تجرب ما سمعته ولن تخسر أي شيء ولكنها قد تفلح المحاولة التي لم تعجبها ويتحقق ما تريده وتطمح له منذ زمان.
وبالفعل حدث والتقى الوالدين وكان لقاؤها كما أنهت صدمة كهربائية بينهما أعادت لهما الحياة مرة اخرى.
هذا كان من طرف عاصم، بدا يفكر بزوجته الأولى كثير، ويعود له تذكر ما حدث ويسأل نفسه: هل أنا تسرعت في ترك زوجتي؟ وهل هي لا تزال ترغب بوجودي معها واذا عدت أحدثها من جديد تقبل بي ام لا؟
ولكن العائق الأكبر بينهما كان زواجه من ديمة، فهو لم يجد معها راحته وهناءه بل على العكس شعر بأنهت ترغب في استغلاله ولم تشفق عليه أو تخفف عنه في مرضه وتعبه رغم سوء حالته.
وهذا وضع حاجز كبير بينهما دون أن تشعر ديمة بهذا، فهي لم تبالي ولم تكن لتكترث لهذا أساس .
وعندما لاحظت ميرا ما حدث وأن الأمور تسير بنحوها الصيح كما كانت تريد هي، عزمت حينها على ان كل أمر تريد تحقيقه أو تسعى له ان تذهب إلى تلك المرأة كي تمنحها ما تريد.
ومع مرور الوقت كانت ميرا تتوسع بأفكارها، فقررت ان تجعل والدها يرى ديمة كما هي أو أنها على حقيقتها.
وطلب المساعدة من تلك المرأة مقابل بعض الملابس التي هي بحاجتها، ولم يكن الأمر صعباً على ميرا فهي قادرة على أن تفعل هذا بسهولة، دون أي شبهة أو محاسبة وغيرها من هذا، لا والدها ولا والدتها كل شيء متاح.
بعد مدة بدا يلاحظ عاصم بوجود بعض الاشتباهات بزوجته والأموال المتواجدة في شركة، وكانت ديمة فعلاً تسعى إلى أن تفقد الشركة قيمتها وتقل سعر السهم الواحد في السوق والبورصة.
وغايتها من هذا أن تكون هي صاحبة كل الأموال التي تتبقى في رأس المال.
وهذا الأمر انكشف عن طريق تلك المرأة التي قدمت مساعدتها لميرا.
وعلى هذا النحو بدأ عاصم يفكر بان يتخلص من ديمة فهي لا تعنيه أبدا بعد كل الأمور التي اقترفتها.
وفي يوم من الأيام اشتد الكلام بينهم بعد ان فقد مبلغ يقارب المئة ألف وهي التي كانت مسؤولة عن ادارة تلك الأموال حينها، لكنها انكرت معرفتها بأين ذهبت الأموال وكيف تم تحويلها.
عندها قال عاصم: لقد طفح الكيل ولم اعد أطيق هذه الحياة معك.
ردت عليه ديمة: بدلاً من أن تتشكرني تقول مثل هذا الكلام؟
قال عاصم منتفض بصوت عالي: وعلى ماذا تشكرك؟ لقد دمرتي تعب سنوات من العمل بسبب تصرفات خرقاء لا مبالية فيها.
لم يعجبها الاتهام الذي وجهه لها وقالت ديمة: هذا جزاء احساني اليك؟
رد عاصم ساخراً: أين الاحسان لم أراه أساساً، حتى انك لم تقفي معي في محنتي ومرضي.
قالت له ديمة: لست خادمة لأحد حتى وإن كنت زوجي، لست مجبرة على أن أكون ممرضة لك ومعالجة لاوجاعك فأنا مازلت في ريعاني شبابي، وأنت عجوز هرم.
لم يصدق عاصم كلام ديمة وكيفية حديثها فهي تهزء منه ومن المرض الذي يعشش في جسده، بل وتعايره به أيضا وكان ذلك مؤلم له بل وقاسي جد.
لذا عزم على قرار واحد لا ثاني له بعد أن سمع كلماتها تلك، فقال: اسمع ماذا أقول يا امرأة.
قالت بسخرية: اطربني بأوامرك، قل ما لديك.
قال عاصم: بعد كل التصرفات التي قمتي بها، والخذلان الذي كان بادر منك دون أي اهتمام او اكتراث للأمر هذا كلامي الاخير ولا اعود عنه ابدا
سألت ديمة ما هو؟!
قال عاصم: ديمة، أنت لم تعد زوجتي، أنت طالق طالق طالق.
اجمعي اشياءك وغادري المنزل في الحال، لم أعد أريد رويتك في حياتي ولا بأي صفة ولا لأي سبب..
يتبع ..
دخل ريان إلى المبنى، وما إن أغلق الباب خلفه حتى بدا يشعر بدفئة الأجواء من حوله، لقد امتص جسده برد كثير في الأيام الماضية.
لقد كان شعور يفتقده طوال الوقت الماضي ويعد بالنسبة له من الرفاهيات.
طلب منه المدير أن يجلس في غرفة كبيرة وحده، كان ريان يتأمل الجدران وما حوله من صور معلقة والوان في كل مكان، وهذا ما جعله يشرد لبعض الوقت.
ثم عاد المدير ومعه موظفة وقال لريان: إنها الانسة ليلى سوف تقوم بمساعدتك قدر الإمكان.
ألقى ريان التحية عليها، وشكر المدير الذي لم يعرف ما هو اسمه حتى.
فجلست معه الآنسة ليلى بعد أن غادر المدير ثم سألته:
من أين أنت؟
رد ريان: من المدينة المجاورة كنت في لندن سابقا.
لتسأل ليلى بعض الأسئلة المتتالية: ما هو أسمك؟ ماذا تعمل؟ وهل لديك أي شهادات تعليمية؟
أجاب ريان بختصار: اسمي ريان، اعمل فر اي شيء يتاح لي، ولا أملك اي شهادة تعليم من المدرسة.
في تلك الأثناء دخل الشخص المسؤول عن المطبخ، وفي يده صحن طعام وبضع قطع من الخبز، ثم قال: هذا الطعام من أجل الشاب الذي وصل للتو.
.
وقد كان ريان يتضور جوعاً وما إن وضع الطبق أمامه حتى بدأ يطلع فيه لكنه محرج من ليلى التي كانت إلى جواره، لاحظت هي الأمر فقالت له: يمكنك أن تتناول طعامك من ثم نكمل ما بدأناه لا مشكلة.
دون أن يقول أي شيء بدأ ريان يتناول الطعام ويأكل ما وجد في طبق من بعض حبات البطاطا المسلوقة، وقطعة لحم صغيرة، ويوجد ايضا علبة من اللبن، وحبة من التفاح، لقد كانت وجبة دسمة بالنسبة له، لم يتناول مثلها منذ أيام ولربما أسابيع.
أما ليلى فقد كانت تراقبه، وهي مدركة كم الجوع والتعب الذي مر به هذا الشاب المسكين.
أما عاصم، فقد كان يرى بأن ما فعلته ميادة كان مهم بالنسبة له، ولم يكن ليتوقعه حتى.
جلس شارد الفكر يتذكر ما حدث وكل تصرفات ميادة في المستشفى وحرصها على العناية به.
بعد أن عادت ديمة لاحظت انشغال زوجها وشروده، فسالته ما بالك يا عاصم؟
ارتبك عاصم ولم يعرف بماذا يجب، فقال لها: لا ليس هناك شيء، لكن متعب من العلاج الذي اتلقاه.
قالت له زوجته: هون عليك يا عاصم، وهناك اعراض أخرى بدأت الحظها عليك، شعرك يتساقط ألم تلاحظ ذلك؟
فتح عيناه وتوسعت حدقته ودس يده في رأسه ليرى إن كان حقاً قد بدأ بالتساقط ام أنه هراء متكرر من ديمة لا أكثر.
وما أن أخرج يده حتى رأى فعلاً ما قالته، شعره قد ملئ يده، لقد تمكن الإحباط منه، واليأس تسلل إلى قلبه بعد أن لاحظ أثار المرض بدأت تظهر عليه بشكل واضح.
ثم أضافت ديمة: هل تأكدت من كلامي؟ أم تظن أنني أكذب أو أتحدث بما ليس له وجود.
فأكملت بالقول ديمة: لكن لا تقلق يا عزيزي هذا العلاج سوف تتحسن، اذا استمريت سوف تتمكن من العيش ولن تموت.
حدق بها عاصم مستغرب من كلامها، فهو لا يحتاج إلى كلام ملغوم مثل هذا، بل كل ما يريده هو كلام حب ودعم لا أكثر.
لم يجد ما يقوله لها، لكنه بقي على صمته دون أي رد، شعرت ديمة حينها بثقل ما قالته على قلب عاصم.
جلست بجانبه تحدثه وتقول: لست اقصد أي سوء لكن تعرف يخونني التعبير بعض الأحيان أرجوك لا تحزن من كلامي.
ابتسم ساخر منها وقال عاصم: ينطق اللسان ما يفيض به القلب، لذا أعلم ان ما تقولينه هو ما تفكرين به لا تحاولي خداعي، لقد مللت من تكرار الكلام الذي تتحدثبن به.
تلعثمت ديمة وقالت له: ارجوك يا حبيبي، لا تنفعل فهذا ليس الأفضل من اجلك عليك أن تكون مرتاح في هذه الآونة، وأنت سوف اتتبت اكثر إلى ذلاتي.
ثم تنهد عاصم وقال: لا اعلم إلى متى قد تطول حياتنا، ولكن أرجو أن لا نستمر على هذا الحال.
عندها أدركت ديمة بان الموضوع يخرج عن نطاق سيطرتها، لذا حاولت إيقافه وانهاءه أصلا.
ومن ثم انصرفت خارجة من الغرفة تاركة عاصم فيها، لترى ميرا وقد رسمت على وجهها علامات السرور بشكل واضح، سألتها: ما سر كل هذه السعادة؟!
قالت ميرا وهي تبتسم: لماذا لم تسألي أبي؟
لم تفهم ديمة قصدها، فسألتها: وما شأن والدك؟ أم أنك لا تعرفين كيف تميزين بين نفسك ووالدك؟
قالت ميرا: أنا ووالدي سعيدين اليوم، ربما لأن أمي كانت معنا طوال ابيوم ولم تتركنا وحدنا كما فعل غيرها.
أدركت حينها ديمة بأن والدة ميرا كانت مع زوجها في الوقت الذي غابت فيه هي وفضلت الذهاب إلى الشركة، من فرط غيظها لم ترغب في الحديث معها أبدا، فضلت الصمت وانصرفت ذاهبة إلى الحديقة تخلو بنفسها.
كانت تضرب كفيها ببعضهما، وهي تتسأل: هل يفكر أن يعيدها وتكون زوجته؟ هل يريد أن تكون معه ويتركني؟
ثم تكمل وهي تسير شمال ويمين: لا يهمني البقاء مع هذا العاجز، لكن يجدر بي أن استفيد منه إلى أقصى درجة وأبعد حد ممكن، ولا أخسر هذه الأموال، بل عليي جمع اكبر قدر منها.
هذا كان هم ديمة المال والنفوذ ولم يكن يعنيها البقاء مع زوجها أو طلاقها منه، فهي تريد العودة إلى حبيبها.
أما ميرا فقد كانت سعيدة جداً بما حققته من انجاز مهم فهي من جمع والدها مع والدتها بعد انقطاع دام لوقت طويل.
لكن كيف استطاعت؟! لم يكن الأمر عادي على الاطلاق. لقد تعرفت على تلك المرأة التي اقنعتها بأنها تستطيع مساعدتها بمقابل أن تعطيها بعض الأشياء للطعام.
وكانت ميرا تنكر ولم تصدقها بل على العكس كانت تكذبها، ولكن المرأة تلك تمتلك قدرة كبيرة على الاقناع، وبعد محاولات ومراوغات.
قررت ميرا أن تجرب ما سمعته ولن تخسر أي شيء ولكنها قد تفلح المحاولة التي لم تعجبها ويتحقق ما تريده وتطمح له منذ زمان.
وبالفعل حدث والتقى الوالدين وكان لقاؤها كما أنهت صدمة كهربائية بينهما أعادت لهما الحياة مرة اخرى.
هذا كان من طرف عاصم، بدا يفكر بزوجته الأولى كثير، ويعود له تذكر ما حدث ويسأل نفسه: هل أنا تسرعت في ترك زوجتي؟ وهل هي لا تزال ترغب بوجودي معها واذا عدت أحدثها من جديد تقبل بي ام لا؟
ولكن العائق الأكبر بينهما كان زواجه من ديمة، فهو لم يجد معها راحته وهناءه بل على العكس شعر بأنهت ترغب في استغلاله ولم تشفق عليه أو تخفف عنه في مرضه وتعبه رغم سوء حالته.
وهذا وضع حاجز كبير بينهما دون أن تشعر ديمة بهذا، فهي لم تبالي ولم تكن لتكترث لهذا أساس .
وعندما لاحظت ميرا ما حدث وأن الأمور تسير بنحوها الصيح كما كانت تريد هي، عزمت حينها على ان كل أمر تريد تحقيقه أو تسعى له ان تذهب إلى تلك المرأة كي تمنحها ما تريد.
ومع مرور الوقت كانت ميرا تتوسع بأفكارها، فقررت ان تجعل والدها يرى ديمة كما هي أو أنها على حقيقتها.
وطلب المساعدة من تلك المرأة مقابل بعض الملابس التي هي بحاجتها، ولم يكن الأمر صعباً على ميرا فهي قادرة على أن تفعل هذا بسهولة، دون أي شبهة أو محاسبة وغيرها من هذا، لا والدها ولا والدتها كل شيء متاح.
بعد مدة بدا يلاحظ عاصم بوجود بعض الاشتباهات بزوجته والأموال المتواجدة في شركة، وكانت ديمة فعلاً تسعى إلى أن تفقد الشركة قيمتها وتقل سعر السهم الواحد في السوق والبورصة.
وغايتها من هذا أن تكون هي صاحبة كل الأموال التي تتبقى في رأس المال.
وهذا الأمر انكشف عن طريق تلك المرأة التي قدمت مساعدتها لميرا.
وعلى هذا النحو بدأ عاصم يفكر بان يتخلص من ديمة فهي لا تعنيه أبدا بعد كل الأمور التي اقترفتها.
وفي يوم من الأيام اشتد الكلام بينهم بعد ان فقد مبلغ يقارب المئة ألف وهي التي كانت مسؤولة عن ادارة تلك الأموال حينها، لكنها انكرت معرفتها بأين ذهبت الأموال وكيف تم تحويلها.
عندها قال عاصم: لقد طفح الكيل ولم اعد أطيق هذه الحياة معك.
ردت عليه ديمة: بدلاً من أن تتشكرني تقول مثل هذا الكلام؟
قال عاصم منتفض بصوت عالي: وعلى ماذا تشكرك؟ لقد دمرتي تعب سنوات من العمل بسبب تصرفات خرقاء لا مبالية فيها.
لم يعجبها الاتهام الذي وجهه لها وقالت ديمة: هذا جزاء احساني اليك؟
رد عاصم ساخراً: أين الاحسان لم أراه أساساً، حتى انك لم تقفي معي في محنتي ومرضي.
قالت له ديمة: لست خادمة لأحد حتى وإن كنت زوجي، لست مجبرة على أن أكون ممرضة لك ومعالجة لاوجاعك فأنا مازلت في ريعاني شبابي، وأنت عجوز هرم.
لم يصدق عاصم كلام ديمة وكيفية حديثها فهي تهزء منه ومن المرض الذي يعشش في جسده، بل وتعايره به أيضا وكان ذلك مؤلم له بل وقاسي جد.
لذا عزم على قرار واحد لا ثاني له بعد أن سمع كلماتها تلك، فقال: اسمع ماذا أقول يا امرأة.
قالت بسخرية: اطربني بأوامرك، قل ما لديك.
قال عاصم: بعد كل التصرفات التي قمتي بها، والخذلان الذي كان بادر منك دون أي اهتمام او اكتراث للأمر هذا كلامي الاخير ولا اعود عنه ابدا
سألت ديمة ما هو؟!
قال عاصم: ديمة، أنت لم تعد زوجتي، أنت طالق طالق طالق.
اجمعي اشياءك وغادري المنزل في الحال، لم أعد أريد رويتك في حياتي ولا بأي صفة ولا لأي سبب..
يتبع ..