26
لم تكن تدري ديمة ما الذي غير عقل زوجها فجأة، ما الذي حدث، لكنها سعيدة في المقابل بما يجري، وأنه أصبح بأمكانها أن تذهب إلى شركة والبدأ بريادة الأعمال كاملة.
وفي بعد عدة أيام كان اليوم المحدد لعاصم كي يذهب إلى المستشفى من أجل أن يحصل على الجرعة الثانية.
كانت ميرا قد استعدت، وهو أيضاً قد أصبح جاهز، وهو يراقب زوجته ديمة تستعد وترتدي ملابسها.
لم يسألها أي شيء بل تركها تفعل ما تريد، عند الخروج، قبلت ديمة وجنتي زوجها وقالت له: اتمنى أن تعود وأنت بحال أفضل يا عزيزي.
نظر عاصم إلى مير من ثم إليها وقال: ألن تكوني معنا؟!
قلبت شفتها وقالت: كنت أتمنى أن أكون بجانبك الآن، لكن.. ثم صمتت
قال عاصم: لكن ماذا؟
أجابت ديمة: لكن لا استطيع عليي الذهاب إلى الشركة للاشراف والتواجد بشكل دائم.
أومأ رأسه وقال: حسن يا حبيبتي، بالتوفيق..
تربعت الدهشة على وجه ميرا، وهي تطالع ما يحدث أمامها، لكنها لم تتدخل أبد.
انصرفت ديمة إلى عملها، بعد أن حضرت السيارة التي خصصها لها عاصم من أجل الذهاب.
وانطلقت ميرا مع والدها، إلى حيث هم يريدون الذهاب، من أجل العلاج.
وعند وصولهم وعند البوابة، ظن عاصم بأنه يرى أحدهم، هل هذه..؟
ثم ينكر ما يراه، حتى كان يقترب أكثر من المرأة التي تقف وتبدو أنها بنتظار أحدهم.
ميرا تراقب الوضع، وتنظر إلى كلاهما، مرة إلى أبيها ومرة الى.. إلى أمها.
نعم كانت هذه والدة ميرا، إنها ميادة، لكن ما الذي أحضرها إلى هنا؟! وكيف علمت عن أمر مجأهم؟ لقد كانت مفاجأة كبيرة بالنسبة لعاصم.
لم يكن يتوقع حدوثها، أو أن تقدم ميادة على أمر كهذا ولكنها فعلت بعد كل ما حل بها، كانت موجودة، ولم تتخلى عن عاصم رغم أنه خذلها.
لم يجد ما يقوله، يحاول ترتيب الكلمات قبل أن يصل إليها، يحاول أن يهرب بعينيه منها لكن إلى أين؟ إنها في انتظاره، حتى يصل لربما تريد أن تعاتبه أو لربما تشعر نحوه بالشفقة لا أكثر.
وأيضاً الشماتة به، وأن القدر انتصر لها وحقق ما تريد ونالت ما كانت من بعد الظلم الذي تعرضت له وهو يعرف بأنه قد ظلمها عند ما فعل كل ما فعل في السابق.
رغم أن الخطوات بطيئة لكنه وصل وأصبح عاصم واقف أمام زوجته، أو ربما من الأفضل أن نقول طليقته فهي لم تعد زوجة له منذ زمن.
قال عاصم بصوت خافت: مرحبا.
ردت عليه ميادة والبسمة على شفتها: أهلا عاصم، كيف حالك؟
أجاب عاصم وهو يحاول تشتيت ناظريه عنها: كما ترين، لست في أفضل حال لكن انا بخير.
أومأت رأسها وقالت له: سوف تكون أفضل في الايام القادمة لا تقلق.
تعجب عاصم من نبرة كلامها الهادئة المليئة بالدعم، تلعثم لم يجد ما يرد به عليها، فقال لها: شكراً لك، يا ميادة لم يكن هناك حاجة كي تتعذبي في المجيء.
ردت عليه وقالت: أنت أهم من التعب والارهاق، كان بالي مشغولاً عليك طوال الفترة الماضية كنت قلقة حقا.
شعر بأنه يتعرق وشعر بالخجل منها، ثم قال: شكرا مجددا على اهتمامك، علينا أن نذهب الآن.
قاطعته وقالت ميادة: هل يمكنني البقاء معك في هذه المرة، لقد ألغيت جميع التزاماتي كي ابقى بجانبك، ولا تبقى وحدك مع ميرا، أعلم بأنه لن تستطبع تولي الأمر هذا وحدها، إن كان لا مشكلة في بقائي.
لتتدخل ميرا في تلك اللحظة بعد أن كانت واقفة تشاهد وتسمع حديث والديها دون أي كلمة حتى يقول كل منهما ما لديه.
فقالت ميرا بطريقة لطيفة مرحبة بالاقتراح الذي قالته والدتها: بالطبع يا أمي لا مانع من هذا أنا مرهقة، وأريد مساعدة، وكان حضورك في الوقت المناسب.
ثم نظرت إلى والدها وقالت: أليس كذلك يا أبي؟
لم يكن أمام عاصم أي خيار أخر فقال: إن كنت تريدين ذلك حقا فلا مانع يا ابنتي.
بدت علامات الفرح والسرور على وجه ميرا، فأمسكت يد والدها من جهة ويد والدتها من الجهة الأخرى وهي بينهما، سعيدة جدا وكأنه لقائها الأول مع عائلتها.
في المستشفى وبشكل سريع بدأت التحضيرات من أجل القيام بما لديه من علاج.
وكما كان حاله في المرة الأولى بدا عليه التعب والإرهاق وكان شاحب للغاية، ولم يتمكن من كتم صرخاته التي أطلقها بسبب الوجع الذي كان يشعر به نتيجة تلك المواد الكيماية التي تسري في جسده.
كانت ميادة بجانبه طوال الوقت تمسك يده وتحاول دعمه بكلمات التشجيع وأن يصبر قليل كي يتحسن وأن ما يجري سوف ينتهي.
فقالت له ميادة: ارجوك تمالك نفسك إنها مجرد وقت ووسوف ينتهي، لن يطول الأمر.
إلا أن لأمر لم ينفع وصرخات عاصم تدوي في المكان، فقالت له: أعرف بأنك أفضل من هذا وأقوى ايضا، لا تستسلم أنا معك.
وبينما هي تحدثه سقط مغشي عليه من أثر الجرعة التي تناولها.
خافت عليه جدا وكان ذلك واضحاً، وتم تدارك الأمر من قبل الأطباء بشكل سريع، وأعطاءه الدواء اللازم.
أما ميرا فقد كانت بجانب والدتها تساعدها بما تستطيع ولم تخفي امتنانها لوجود امها معها، في لا تقوى على تحمل مثل هذا العبء وحدها فهو ثقيل عليها.
بعد مرور ما يقارب الساعتين وتحسن حال عاصم، وكان يسمح له بالمغادرة، تجهز واستعد للخروج.
وكانت لا تزال ميادة موجودة، فقال لها عاصم: سوف نغادر الآن، شكرا لمجيئك.
مع ابتسامة لطيفة قالت له: لا داعي للشكر على شيء هو واجب عليي، أنت تبقى والد ابنتي مهما حدث بيننا.
ثم نهضت من مكانها وقالت: إذا سوف اغادر أنا اتمنى أن تكون بحال أفضل في المرات القادمة.
رفض عاصم ذهابها وقال: لن أسمح لك بهذا.
لم تفهم ميادة ما بقصد فسألته: ماذا هناك؟ هل تحتاح إلى شيء آخر؟
رد عليه: لا أبدا لكن أريد ان اوصلك إلى المنزل، لا تذهبي وحدك سوف تغيب الشمس قريبا.
حاولت ميادة ان ترفض العرض الذي قدمه لها عاصم، إلا أنا ميرا توسلت لها وطلبت منها أن توافق على المجيء معهم، وأن يكون هذا مشوار عائلي لتتحسن نفسية ميرا المرهقة من الأحداث التي مرت بها.
بعد الحاح وطلب متكرر من ميرا وافقت ميادة على هذا اخيرا، وقبلت بالذهاب مع عاصم.
في سيارة كانت تجلس بجواره وهي تشعر بالخجل منه كثيراً وكأنها لم تعرفه من قبل وأن لقاؤهم هذا ما هو إلا صدفة.
وفي الوقت ذاته كانت متخبطة في أفكارها، كيف تحلس معه في مكان واحد بعد كل أفعاله التي قام بها.
أما عاصم فكان لا يصدق ما يجري ويعتبر بأنه مغيب عن العقل بشكل كامل.
ويطالع ميادة كل حين وآخر ليتأكد بان ما حدث كان حقيقة، وشعر بكم الظلم الذي تسبب به لميادة، أما هي لم ترد عليه بذات الطريقة بل كانت لطيفة جدا معه.
وصلت ميادة إلى البيت الذي كانت تسكن فيه، ودعت عاصم وابنتها ميرا وتركتهم خلفها، تمسك دموعها، بعد ما كانت هي الزوجة القريبة في كل وقت وشدة ومعه في كل حين.
أما الآن فهي غريبة لا تمت له بأي صلة، بل كل ما تفعله لا يهم أحد، وما قد حدث في الماضي من خلاف ومشاكل كان بسبب رغبات عاصم فقط واطماعه بتحقيق حياة أفضل له
فهو لم يفكر بزوجته مطلقاً إنما كان همه الوحيد مكاسبه ومصالحه، ويرى نفسه أفضل من تلك الزوجة التي فعلت كل ما بوسعها في سبيل الخفاظ عليه لكنها لم تستطع، ولم يقدر هو كل ما تفعله.
بعد ان بقي عاصم مع ابنته وحدهما، قال لها: من أخبى والدتك عن حضورنا إلى المستشفى.
تلعثمت ميرا وقالت: ااا، نعم لا أدري.
رد عليه بالقول: تحدثي بما حدث وحدك، ولا تجبريني على تكرار السؤال مرة أخرى.
قالت هي بنبرة خافتة: آسفة با أبي إن ازعجك الأمر، لكنني كنت أود ان تكون سعيد وأفعل شيء تسر منه..
قال عاصم: يعني انت نن طلب من أمك الحضور؟
تنهدت ميرا وقالت: لا هي تسأل عن حالك دائما وأنا أخبرها، وهي كانت تريد المجيء منذ المرة الأولى.
سأل عاصم: ولما لم تأتي؟
أجابت ميرا: كانت تظن بأن زوجتك موجودة إلى جانبك وخشية احداث مشاكل بينكما.
رفع عاصم حاجبه وقال: ما الذي حدث الآن؟
ردت عليه ميرا بالقول: لا شيء يذكر أخبرتها بأن ديمة لا تهتم بالذهاب معك وشغلها الشاغل هو الشركة والإدارة لا اكثر.
ثم أضافت ميرا: عندها عزمت على الحضور، فهي كانت قلقة حيال ما يحدث معك، ولم تكن تصدقني في ما اقوله وكانت تريد أن تتاكد من هذا بنفسها.
صمت عاصم أمام كلام ابنته، وهو يفكر ويقلب الأمر في رأسه بين ميادة التي هو من عزم على تركيها والتفريط بها.
وبين ديمة التي فعل كل ما يستطبع من أجلها كي تكون معه وتقف إلى جانبه، وفي أول محنة يمر فيها لم تكن على قدر كاف من الدعم والمسؤولية ولا الحب حتى.
وصلوا إلى البيت أيضاً ليجد ديمة قد طلبت طعام جاهز من المطعم، فهي متعبة هذا اليوم وليست قادرة على أن تقوم بتحضير اي شيء من اجل زوجها.
في مكان بعيد حيث كان ريان وكاتيا، يختبئان عند تلك القرية خشية وقوعهم في قبضة رجال مسعود.
كان لكن أن ينتظروا طوال الليل ولا يتحركوا أبدا، ويجب أن تشرق الشمس وتبدأ الناس بالحركة حتى يتنقلون بينهم ولا يلاحظهم أحد.
لكن ليل الشتاء طويل وبارد، ولم يكن لديهم ما يكفيهم من أجل التدفئة، او بطريقة أكثر دقة لا يوجد لديهم أي شيء.
حيث قالت كاتيا له: هل استطيع الجلوس إلى جانبك؟
استغرب ريان من طلبها وقال: نعم بطبع لكن لماذا؟
قالت له: عند ما يقترب جسد من جسد اخر ترتفع درجة حرارته بشكل طبيعي ولا اردي فيساعد في تدفئة نفسه ولهذا يشعر بالحر عند ما تقابل أحد تحبه.
قال لها متهكم: لم أكن اعلم بأن الفتاة التي معي طبيبة وتخفي عني معلومات طبية مثل هذه.
لم تجب على كلامه ابدا، فجلست بجوارهوالتصق كتفها بكتفه، كان ريان مرتبك فقال لها: هل يمكنني أن أضع يدي على كتفك؟
وافقت كاتبا وقالت: بالتأكيد لا منع من هذا.
وضع يده على كتفها فأصبحت اقرب اليه، واسندت رأسها عليه، واغمضت عيناها وما هي لحظات حتى غطت كاتبا في نوم عميق بعد أن شعرت ببعض الدفء والامان في حضن ريان..
يتبع . .
وفي بعد عدة أيام كان اليوم المحدد لعاصم كي يذهب إلى المستشفى من أجل أن يحصل على الجرعة الثانية.
كانت ميرا قد استعدت، وهو أيضاً قد أصبح جاهز، وهو يراقب زوجته ديمة تستعد وترتدي ملابسها.
لم يسألها أي شيء بل تركها تفعل ما تريد، عند الخروج، قبلت ديمة وجنتي زوجها وقالت له: اتمنى أن تعود وأنت بحال أفضل يا عزيزي.
نظر عاصم إلى مير من ثم إليها وقال: ألن تكوني معنا؟!
قلبت شفتها وقالت: كنت أتمنى أن أكون بجانبك الآن، لكن.. ثم صمتت
قال عاصم: لكن ماذا؟
أجابت ديمة: لكن لا استطيع عليي الذهاب إلى الشركة للاشراف والتواجد بشكل دائم.
أومأ رأسه وقال: حسن يا حبيبتي، بالتوفيق..
تربعت الدهشة على وجه ميرا، وهي تطالع ما يحدث أمامها، لكنها لم تتدخل أبد.
انصرفت ديمة إلى عملها، بعد أن حضرت السيارة التي خصصها لها عاصم من أجل الذهاب.
وانطلقت ميرا مع والدها، إلى حيث هم يريدون الذهاب، من أجل العلاج.
وعند وصولهم وعند البوابة، ظن عاصم بأنه يرى أحدهم، هل هذه..؟
ثم ينكر ما يراه، حتى كان يقترب أكثر من المرأة التي تقف وتبدو أنها بنتظار أحدهم.
ميرا تراقب الوضع، وتنظر إلى كلاهما، مرة إلى أبيها ومرة الى.. إلى أمها.
نعم كانت هذه والدة ميرا، إنها ميادة، لكن ما الذي أحضرها إلى هنا؟! وكيف علمت عن أمر مجأهم؟ لقد كانت مفاجأة كبيرة بالنسبة لعاصم.
لم يكن يتوقع حدوثها، أو أن تقدم ميادة على أمر كهذا ولكنها فعلت بعد كل ما حل بها، كانت موجودة، ولم تتخلى عن عاصم رغم أنه خذلها.
لم يجد ما يقوله، يحاول ترتيب الكلمات قبل أن يصل إليها، يحاول أن يهرب بعينيه منها لكن إلى أين؟ إنها في انتظاره، حتى يصل لربما تريد أن تعاتبه أو لربما تشعر نحوه بالشفقة لا أكثر.
وأيضاً الشماتة به، وأن القدر انتصر لها وحقق ما تريد ونالت ما كانت من بعد الظلم الذي تعرضت له وهو يعرف بأنه قد ظلمها عند ما فعل كل ما فعل في السابق.
رغم أن الخطوات بطيئة لكنه وصل وأصبح عاصم واقف أمام زوجته، أو ربما من الأفضل أن نقول طليقته فهي لم تعد زوجة له منذ زمن.
قال عاصم بصوت خافت: مرحبا.
ردت عليه ميادة والبسمة على شفتها: أهلا عاصم، كيف حالك؟
أجاب عاصم وهو يحاول تشتيت ناظريه عنها: كما ترين، لست في أفضل حال لكن انا بخير.
أومأت رأسها وقالت له: سوف تكون أفضل في الايام القادمة لا تقلق.
تعجب عاصم من نبرة كلامها الهادئة المليئة بالدعم، تلعثم لم يجد ما يرد به عليها، فقال لها: شكراً لك، يا ميادة لم يكن هناك حاجة كي تتعذبي في المجيء.
ردت عليه وقالت: أنت أهم من التعب والارهاق، كان بالي مشغولاً عليك طوال الفترة الماضية كنت قلقة حقا.
شعر بأنه يتعرق وشعر بالخجل منها، ثم قال: شكرا مجددا على اهتمامك، علينا أن نذهب الآن.
قاطعته وقالت ميادة: هل يمكنني البقاء معك في هذه المرة، لقد ألغيت جميع التزاماتي كي ابقى بجانبك، ولا تبقى وحدك مع ميرا، أعلم بأنه لن تستطبع تولي الأمر هذا وحدها، إن كان لا مشكلة في بقائي.
لتتدخل ميرا في تلك اللحظة بعد أن كانت واقفة تشاهد وتسمع حديث والديها دون أي كلمة حتى يقول كل منهما ما لديه.
فقالت ميرا بطريقة لطيفة مرحبة بالاقتراح الذي قالته والدتها: بالطبع يا أمي لا مانع من هذا أنا مرهقة، وأريد مساعدة، وكان حضورك في الوقت المناسب.
ثم نظرت إلى والدها وقالت: أليس كذلك يا أبي؟
لم يكن أمام عاصم أي خيار أخر فقال: إن كنت تريدين ذلك حقا فلا مانع يا ابنتي.
بدت علامات الفرح والسرور على وجه ميرا، فأمسكت يد والدها من جهة ويد والدتها من الجهة الأخرى وهي بينهما، سعيدة جدا وكأنه لقائها الأول مع عائلتها.
في المستشفى وبشكل سريع بدأت التحضيرات من أجل القيام بما لديه من علاج.
وكما كان حاله في المرة الأولى بدا عليه التعب والإرهاق وكان شاحب للغاية، ولم يتمكن من كتم صرخاته التي أطلقها بسبب الوجع الذي كان يشعر به نتيجة تلك المواد الكيماية التي تسري في جسده.
كانت ميادة بجانبه طوال الوقت تمسك يده وتحاول دعمه بكلمات التشجيع وأن يصبر قليل كي يتحسن وأن ما يجري سوف ينتهي.
فقالت له ميادة: ارجوك تمالك نفسك إنها مجرد وقت ووسوف ينتهي، لن يطول الأمر.
إلا أن لأمر لم ينفع وصرخات عاصم تدوي في المكان، فقالت له: أعرف بأنك أفضل من هذا وأقوى ايضا، لا تستسلم أنا معك.
وبينما هي تحدثه سقط مغشي عليه من أثر الجرعة التي تناولها.
خافت عليه جدا وكان ذلك واضحاً، وتم تدارك الأمر من قبل الأطباء بشكل سريع، وأعطاءه الدواء اللازم.
أما ميرا فقد كانت بجانب والدتها تساعدها بما تستطيع ولم تخفي امتنانها لوجود امها معها، في لا تقوى على تحمل مثل هذا العبء وحدها فهو ثقيل عليها.
بعد مرور ما يقارب الساعتين وتحسن حال عاصم، وكان يسمح له بالمغادرة، تجهز واستعد للخروج.
وكانت لا تزال ميادة موجودة، فقال لها عاصم: سوف نغادر الآن، شكرا لمجيئك.
مع ابتسامة لطيفة قالت له: لا داعي للشكر على شيء هو واجب عليي، أنت تبقى والد ابنتي مهما حدث بيننا.
ثم نهضت من مكانها وقالت: إذا سوف اغادر أنا اتمنى أن تكون بحال أفضل في المرات القادمة.
رفض عاصم ذهابها وقال: لن أسمح لك بهذا.
لم تفهم ميادة ما بقصد فسألته: ماذا هناك؟ هل تحتاح إلى شيء آخر؟
رد عليه: لا أبدا لكن أريد ان اوصلك إلى المنزل، لا تذهبي وحدك سوف تغيب الشمس قريبا.
حاولت ميادة ان ترفض العرض الذي قدمه لها عاصم، إلا أنا ميرا توسلت لها وطلبت منها أن توافق على المجيء معهم، وأن يكون هذا مشوار عائلي لتتحسن نفسية ميرا المرهقة من الأحداث التي مرت بها.
بعد الحاح وطلب متكرر من ميرا وافقت ميادة على هذا اخيرا، وقبلت بالذهاب مع عاصم.
في سيارة كانت تجلس بجواره وهي تشعر بالخجل منه كثيراً وكأنها لم تعرفه من قبل وأن لقاؤهم هذا ما هو إلا صدفة.
وفي الوقت ذاته كانت متخبطة في أفكارها، كيف تحلس معه في مكان واحد بعد كل أفعاله التي قام بها.
أما عاصم فكان لا يصدق ما يجري ويعتبر بأنه مغيب عن العقل بشكل كامل.
ويطالع ميادة كل حين وآخر ليتأكد بان ما حدث كان حقيقة، وشعر بكم الظلم الذي تسبب به لميادة، أما هي لم ترد عليه بذات الطريقة بل كانت لطيفة جدا معه.
وصلت ميادة إلى البيت الذي كانت تسكن فيه، ودعت عاصم وابنتها ميرا وتركتهم خلفها، تمسك دموعها، بعد ما كانت هي الزوجة القريبة في كل وقت وشدة ومعه في كل حين.
أما الآن فهي غريبة لا تمت له بأي صلة، بل كل ما تفعله لا يهم أحد، وما قد حدث في الماضي من خلاف ومشاكل كان بسبب رغبات عاصم فقط واطماعه بتحقيق حياة أفضل له
فهو لم يفكر بزوجته مطلقاً إنما كان همه الوحيد مكاسبه ومصالحه، ويرى نفسه أفضل من تلك الزوجة التي فعلت كل ما بوسعها في سبيل الخفاظ عليه لكنها لم تستطع، ولم يقدر هو كل ما تفعله.
بعد ان بقي عاصم مع ابنته وحدهما، قال لها: من أخبى والدتك عن حضورنا إلى المستشفى.
تلعثمت ميرا وقالت: ااا، نعم لا أدري.
رد عليه بالقول: تحدثي بما حدث وحدك، ولا تجبريني على تكرار السؤال مرة أخرى.
قالت هي بنبرة خافتة: آسفة با أبي إن ازعجك الأمر، لكنني كنت أود ان تكون سعيد وأفعل شيء تسر منه..
قال عاصم: يعني انت نن طلب من أمك الحضور؟
تنهدت ميرا وقالت: لا هي تسأل عن حالك دائما وأنا أخبرها، وهي كانت تريد المجيء منذ المرة الأولى.
سأل عاصم: ولما لم تأتي؟
أجابت ميرا: كانت تظن بأن زوجتك موجودة إلى جانبك وخشية احداث مشاكل بينكما.
رفع عاصم حاجبه وقال: ما الذي حدث الآن؟
ردت عليه ميرا بالقول: لا شيء يذكر أخبرتها بأن ديمة لا تهتم بالذهاب معك وشغلها الشاغل هو الشركة والإدارة لا اكثر.
ثم أضافت ميرا: عندها عزمت على الحضور، فهي كانت قلقة حيال ما يحدث معك، ولم تكن تصدقني في ما اقوله وكانت تريد أن تتاكد من هذا بنفسها.
صمت عاصم أمام كلام ابنته، وهو يفكر ويقلب الأمر في رأسه بين ميادة التي هو من عزم على تركيها والتفريط بها.
وبين ديمة التي فعل كل ما يستطبع من أجلها كي تكون معه وتقف إلى جانبه، وفي أول محنة يمر فيها لم تكن على قدر كاف من الدعم والمسؤولية ولا الحب حتى.
وصلوا إلى البيت أيضاً ليجد ديمة قد طلبت طعام جاهز من المطعم، فهي متعبة هذا اليوم وليست قادرة على أن تقوم بتحضير اي شيء من اجل زوجها.
في مكان بعيد حيث كان ريان وكاتيا، يختبئان عند تلك القرية خشية وقوعهم في قبضة رجال مسعود.
كان لكن أن ينتظروا طوال الليل ولا يتحركوا أبدا، ويجب أن تشرق الشمس وتبدأ الناس بالحركة حتى يتنقلون بينهم ولا يلاحظهم أحد.
لكن ليل الشتاء طويل وبارد، ولم يكن لديهم ما يكفيهم من أجل التدفئة، او بطريقة أكثر دقة لا يوجد لديهم أي شيء.
حيث قالت كاتيا له: هل استطيع الجلوس إلى جانبك؟
استغرب ريان من طلبها وقال: نعم بطبع لكن لماذا؟
قالت له: عند ما يقترب جسد من جسد اخر ترتفع درجة حرارته بشكل طبيعي ولا اردي فيساعد في تدفئة نفسه ولهذا يشعر بالحر عند ما تقابل أحد تحبه.
قال لها متهكم: لم أكن اعلم بأن الفتاة التي معي طبيبة وتخفي عني معلومات طبية مثل هذه.
لم تجب على كلامه ابدا، فجلست بجوارهوالتصق كتفها بكتفه، كان ريان مرتبك فقال لها: هل يمكنني أن أضع يدي على كتفك؟
وافقت كاتبا وقالت: بالتأكيد لا منع من هذا.
وضع يده على كتفها فأصبحت اقرب اليه، واسندت رأسها عليه، واغمضت عيناها وما هي لحظات حتى غطت كاتبا في نوم عميق بعد أن شعرت ببعض الدفء والامان في حضن ريان..
يتبع . .