25
وكانت الكسرة والخذلان في نفس ديمة كبيرة، ووقعها على قلبها قوي ولم تكن قادرة على التحمل.
في ذلك اليوم كانت قد كتبت بيت من شعر قرأته وأعجبها وقررت أن تهديه لرجل الذي تحب.
وهي تتحدث بلهفة وشوق وقالت له أريد أن ترى شيء، وهي تمسك الورقة بيدها.
قال لها يقاطعها: قبل ان تقولي عليك أن تسمعي ما لدي.
أدركت ديمة بأنه هناك سوء قد حدث، فقالت له: ما الذي حصل؟؟
أشاح بنظره عنها وقال: لم يحصل أي شيء، بل انتهى.
لم تفهم ديمة قصده من الكلام فقالت له: ماذا تعني؟ تكلم بطريقة واضحة لا داعي لهذه الشفرات المخفية بين الكلمات..
تنهد وقال محاول أن يرتب كلامته بطريقة لا يزعجها فيها: هذا لقائنا الاخير.
سألت ديمة: وما السبب وراء هذا؟
أحابها: لقد قامت والدتي بخطبة فتاة لي.
شعرت ديمة بأنها صفعت على وجهها من بشاعة تلك الكلمات ومرارتها.
بقيت صامتة لبرهة وهي تحاول تجميع أفكارها، هل تصدق ما قاله؟ أم أنها تنكر لربما كانت مزحة حتى يرى كم غيرتها، وتصرفاتها المجنونة.
قالت له وهي بين مصدقة ومكذبة للأمر: تمزح؟ صحيح؟؛
رد عليه: لو أنني استطيع لما بقيت الى الان.
ثم أكمل بالقول: انت تعرفين بأننا لن نكون معا ابدا، وما كان بيننا لن يدوم، لذا عليك تقبل الأمر الواقع فهو مكتوب.
كانت ديمة تمسك الورقة مستعدة لتقرأ له الشعر، لكنها بعد ما سمعت الكلام، جمعت الورقة وكأنها كرة وضغطت عليها لتفرغ غضبها.
لاحظ وجود شيء ما في يدها فقال لها: ما هذا؟
ردت عليه ديمة والدمعة ملئت عينها: لم يعد أمر مهم.
وأكملت: إن كان الأمر كذلك لماذا لم تحدث عائلتك بشأني، لربما يكون الأمر مغاير لما تتوقع.
رد عليها وقال: ديمة، لا يمكنني فعل هذا، عائلتي محافظة جدا وهذا النوع من القرارات لا يحق لي أن اتخذه.
طالعته بغرابة: وهل هو عن نوعية الطعام التي تحبها؟ أو عن لون القميص الذي تريده؟
رد قائلا: ليس هذا ولا ذاك، بل هو أكبر بكثير.
قالت له: اذا تعلم بأنها شراكة حياة، وأنه زواج لآخر العمر، ويجب أن تكون موافق وسعيد.
قال مبرره الذي يكرره: لا استطيع رفض ما يرضي عائلتب.
ابتسمت بسخرية وقالت له: الحب للشجعان الجبناء تزوجهم أمهاتهم.
جمع قبضته وقد استفزه كلامها، لكنه لا يجد ما يقوله فكل ما قالته حقيقي وحدث فعلا..
لذا كان مضطر أن يسمع كلامها ويصمت فهي لم تظلمه بل هو من خذلها، رغم يقينه بحبها له ورغبتها الشديدة بالحياة معا.
وهو يريد الحياة معها، ودائما كان يريد تلك العبارة: اتمنى لكن لا استطبع.
وهذا هو ما حدث فعلاً، وتحقق ما كان يقوله، فقالت ديمة: التمني لا يكفي يا عزيزي النوضوع يحتاج قوة وشجاعة، لا يمكن الحصول على شيء حتى دون أن تتحدث عنه.
ولم تكن ديمة تدري بأن هذا اللقاء هو الأخير بينها وبين من هوته نفسها.
لقد طلب منها أن تختفي من حياته إلى الأبد، ولا تعود للظهور أمامه مرة أخرى مهما كانت الأسباب.
لقد شعرت ديمة بالاشمئزاز منه، تركته وذهبت إلى حيث لا تدري لكن مهما كان فهو أفضل من البقاء معه بالنسبة لها.
لقد كان أسوء لقاء بينهما على الإطلاق، جرت نفسها وفي يدها تلك الورقة التي كتبت له فيها:
قلبي يحدثني بأنك متلفي..
روحي فداك عرفت أم لم تعرف..
لم أقضي حق هواك إن كنت الذي ..
لم أقضي فيه أسى ومثلي من يفي ..
لقد أتلف قلبها ومزقه كتلك الورقة، التي أصبحت بالية لا روح فيها ولا حياة، وقد انتهت بكلمة واحدة بعد أن كانت مليئة بفيض من المشاعر.
ولم تحاول ديمة بعد ذلك اللقاء أن تلتقي معه أو تظهر في حياته ابدا على الإطلاق، بل على العكس، كانت مصممة على أن لا تراه وهي في حالتها تلك.
لقد كانت مكسورة، وكأنها هوت من حافة جبل شاهق، إلى واد سحيق لا نهاية لها.
أصبحت رؤيتها للحياة سوداوية، وهي تغير طبعها وتقلب حالها أصبحت انسانة مزاجية ذات طبع حاد بأخلاق مكروهة، لا تحب أحد ولا تثق بأي أحد.
وقد كان زواجها من عاصم مجرد مصلحة لها، ولك تثبت لنفسها بأنها قادرة على إعجاب أشخاص مهمين وناجحين.
وهي تسعى لما تفعله الآن كي تعود له بعد أن تكون تغير ميزان القوى، فأصبحت هي صاحبة أموال وسيدة أعمال، لها ما تريد، وتأمر وتنهى في شؤون عملها.
كان حال عاصم يزداد سوء، دون أن تحسن يذكر على حالته، ميرا تراقب حاله بتوتر وخوف، لكن لا تستطيع فعل شيء عليها أن تنتظر بعض الوقت.
وفي تلك الاثناء، قامت بالاستعداد لأي طارء قد يحدث فجأة، ومرت ساعة، وربما أكثر وعاصم لا يزال مغشي عليه دون أي صد أو رد.
عندها تأكدت بأن أمر ما قد يحدث وعليها التحرك.بسرعة في حال فوات الاوان لن ينفع الندم.
عاودت الاتصال بطبيب، وأخبرته بمجريات ما حدث وأنا والدهم لم يحرك ساكن، قال الطبيب حينها سوف نرسل سيارة اسعاف على الفور.
وفي غضون دقائق وصلت السيارة، ميرا تنتظرهم عند الباب حينها سمعت ديمة تلك الضوضاء، طالعت من نافذة غرفتها وإذا بهم يضعون عاصم على نقالة المرضى ويرفعونه إلى السيارة.
نزلت مهرولة لترى حالها، ظنت بأنه قد مات وفارق الحياة بشكل نهائي.
بينما وصلت كانت ميرا قد ركبت في السيارة وغادروا، بسرعة البرق تبعتهم بسيارة زوجها إلى المستشفى كي ترى ما الذي حصل فهي لم تفهم أي شيء حتى الآن.
وفي المستشفى تم تقديم الإسعافات الضرورية مع مراعاة مرضه، ومن ثم وضع في غرفة تحت المراقبة.
قال الطبيب: حاله ليس الأفضل لكن يجب علينا أن نكون أكثر حذرا في الأوقات القادمة.
كانت ميرا غاضبة وقالت لديمة: هذا يكفي اخرجي من حياتنا، ألن تكفي عن افتعال المصائب حتى يموت أبي؟ هل هذا ما تريدين حدوثه؟
لم تجبه ديمة ابدا، بل ذهبت تنتظر زوجها حتى يستيقظ، وكان ذلك فعلاً بعد أن سرى الدواء في جسده بدا يستعيد عافيته ويتحسن حاله.
كانت ميرا لا تترك والدها، ولكنها تشتعل غضبا من وجود تلك المرأة التي كانت سبب في وصوله إلى هذا الحال.
وبعد أن استيقظ واستعاد وعيه بالكامل، قال : أين ديمة؟
اقتربت منه وقالت: انا هنا يا حبيبي.
فقال لها: انا آسف، لربما أساءت اليك اليوم.
ردت عليه وقالت: لا داعي أن تعتذر أنت زوجي ويحق لك ما لا يحق لغيرك.
وعندها دخل الطبيب يقول له: سيد عاصم كان من الواجب عليك الالتزام بالتعليمات اكثر، وأن تعتني بصحتك بشكل أفضل.
رد عليه وقال بصوت متعب: لن يتكرر هذا في الأيام القادمة.
قال الطبيب: اتمنى هذا من أجل سلامتك، وبالإضافة يجب علينا تجديد موعد الجرعة التي يجب عليك اخذها.
كتب الطبيب الموعد على ورقة واعطاها لبنته ميرا، وقال لهم: يجب أن يكون حاضراً بوعده المحدد.
قالت ديمة متدخلة: بالطبع سوف نحضر لن نتأخر أبدا بل على العكس، سوف اهتم بهذا الأمر بنفسي.
لم تلقي ميرا بالا، ولكن كانت مستغربة من تصرف والدها، بعد تلك المشادة التي حدثت صباحاً، كيف تغير الحال فجأة وبدون سابق إنذار؟
لم تكن لتشغل نفسها وما يعنيها الآن هو والدها وما يتوجب عليها فعله.
بعد أن تم كل شيء سمح لهم الطبيب بالمغادرة، على شريطة الحرص أكثر في المرات القادمة كي لا تكون العواقب وخيمة ولا تحمد عقباها.
خرج عاصم مع زوجته وابنته من المستشفى وقد تغير حاله بشكل كلي على ما يبدو .
في البيت تركت ميرا والدها وذهبت إلى غرفتها، فقال عاصم لزوجته: هل ما زلتي ترغبين بالذهاب إلى الشركة؟
قالت له: نعم بالطبع.
همهم ثم قال: جميل جداً لك ذلك، يمكنك الذهاب منذ الغد.
ثم صمت لبرهة وقبل أن تشق الفرحة طريقها إلى قلب ديمة قال لها: لكن يوجد شرط واحد.
سألته: وما هو؟
قال لها: أريد أن تقومي بالتوقيع على هذا الورقة، وأخرجها من الدرج، ووضعها أمامها تتأملها.
نظرت ديمة وهي تحرك عيناها فقط تقرأ تلك الشروط التي كتبت على الورقة دون أي عذر يذكر.
وقالت له: ما سبب هذه الآن؟
رد عليه وقال: بكل بساطة يا عزيزتي، انت تريدين عمل، وانا أريد أن اضمن حقوقي.
ابتلعت ديمة ريقها وقالت: لربما أنك نسيت بكونني زوجتك لا حاجة لكل هذا التعقيد والتكلف.
هز رأسه نافياً وقال: لا يا عزيزتي، زواجنا أمر أخر لا علاقة له بالعمل، كل منهما موضوع يختلف عن الاخر ولا علاقة لهما ببعض.
بعد أن وجد التململ في كلامها وأنها لا ترغب في التوقيع، قام بسحب الورقة من أمامها وقال: لستي مجبرة على التوقيع أصلا، يمكنك الرفض بسهولة يا حبيبتي.
ثم أضاف لكن في المقابل سوف تبقين في البيت، ولن يحق لك الذهاب إلى الشركة سوى من اجل الزيارة أو معي في أوقات عملي حين أكون.
فكرت ديمة مع نفسها لبرهة وهي تحدث نفسها، عن أي قرار هو الافضل في سبيل الاختيار.
لتجد أن الذهاب إلى الشركة سوف يحقق لها أفاق واسعة قد تجد من خلتلها حلول وتصل إلى ما تريد وتجد لربما من يساعدها.
أما البقاء في المنزل سيكون محدود بشكل كبير ولا يمكن لها أن تتحرك بحرية، وخيارتها محدودة وكل ما يحدث سوف يكون بعلم من ميرا ووالدها وهذا لا يناسبها ابدا.
لذا قالت له: سوف أوقع على أي ورقة تريدها، ولا أريد أن يبقى لديك أي شك أو ظن نحوي، فأنا لا املك شخص أهم منك في هذه الحياة، أنت حبي الأبدي الذي لا ينتهي.
أمسكت الورقة والقلم وقامت بالامضاء عليها، واعطتها إلى عاصم، وهنا بدت السعادة على وجهه، وكان قد استقر نفسياً لبعض الوقت.
ومن خلال هذا ضمن بظاهر الأمر أن لا تفعل ديمة ما يضره أو يؤذي ابنته قدر الإمكان.
وقام على الفور بمحادثة المحامي، وطلب منه الحضور حتى يتسلم تلك الورقة لتكون قانونية بشكل أو بأخر.
وهو يعد الأيام التي يعيشها لربما قد تكون الأخيرة، فهو لا يعلم متى ينتهي لأن المرض الذي يعشش في داخله خطير، وقد لا ينجو منه أبدا.
أما ميرا فكانت تعد قائمة بالاشياء التي ترغب أن تفعلها مع والدها ولم تستطيع إلى آلان فهي أيضاً تخشى رحيله لكنها تنكر هذا ولا تظهره ابدا..
يتبع .
في ذلك اليوم كانت قد كتبت بيت من شعر قرأته وأعجبها وقررت أن تهديه لرجل الذي تحب.
وهي تتحدث بلهفة وشوق وقالت له أريد أن ترى شيء، وهي تمسك الورقة بيدها.
قال لها يقاطعها: قبل ان تقولي عليك أن تسمعي ما لدي.
أدركت ديمة بأنه هناك سوء قد حدث، فقالت له: ما الذي حصل؟؟
أشاح بنظره عنها وقال: لم يحصل أي شيء، بل انتهى.
لم تفهم ديمة قصده من الكلام فقالت له: ماذا تعني؟ تكلم بطريقة واضحة لا داعي لهذه الشفرات المخفية بين الكلمات..
تنهد وقال محاول أن يرتب كلامته بطريقة لا يزعجها فيها: هذا لقائنا الاخير.
سألت ديمة: وما السبب وراء هذا؟
أحابها: لقد قامت والدتي بخطبة فتاة لي.
شعرت ديمة بأنها صفعت على وجهها من بشاعة تلك الكلمات ومرارتها.
بقيت صامتة لبرهة وهي تحاول تجميع أفكارها، هل تصدق ما قاله؟ أم أنها تنكر لربما كانت مزحة حتى يرى كم غيرتها، وتصرفاتها المجنونة.
قالت له وهي بين مصدقة ومكذبة للأمر: تمزح؟ صحيح؟؛
رد عليه: لو أنني استطيع لما بقيت الى الان.
ثم أكمل بالقول: انت تعرفين بأننا لن نكون معا ابدا، وما كان بيننا لن يدوم، لذا عليك تقبل الأمر الواقع فهو مكتوب.
كانت ديمة تمسك الورقة مستعدة لتقرأ له الشعر، لكنها بعد ما سمعت الكلام، جمعت الورقة وكأنها كرة وضغطت عليها لتفرغ غضبها.
لاحظ وجود شيء ما في يدها فقال لها: ما هذا؟
ردت عليه ديمة والدمعة ملئت عينها: لم يعد أمر مهم.
وأكملت: إن كان الأمر كذلك لماذا لم تحدث عائلتك بشأني، لربما يكون الأمر مغاير لما تتوقع.
رد عليها وقال: ديمة، لا يمكنني فعل هذا، عائلتي محافظة جدا وهذا النوع من القرارات لا يحق لي أن اتخذه.
طالعته بغرابة: وهل هو عن نوعية الطعام التي تحبها؟ أو عن لون القميص الذي تريده؟
رد قائلا: ليس هذا ولا ذاك، بل هو أكبر بكثير.
قالت له: اذا تعلم بأنها شراكة حياة، وأنه زواج لآخر العمر، ويجب أن تكون موافق وسعيد.
قال مبرره الذي يكرره: لا استطيع رفض ما يرضي عائلتب.
ابتسمت بسخرية وقالت له: الحب للشجعان الجبناء تزوجهم أمهاتهم.
جمع قبضته وقد استفزه كلامها، لكنه لا يجد ما يقوله فكل ما قالته حقيقي وحدث فعلا..
لذا كان مضطر أن يسمع كلامها ويصمت فهي لم تظلمه بل هو من خذلها، رغم يقينه بحبها له ورغبتها الشديدة بالحياة معا.
وهو يريد الحياة معها، ودائما كان يريد تلك العبارة: اتمنى لكن لا استطبع.
وهذا هو ما حدث فعلاً، وتحقق ما كان يقوله، فقالت ديمة: التمني لا يكفي يا عزيزي النوضوع يحتاج قوة وشجاعة، لا يمكن الحصول على شيء حتى دون أن تتحدث عنه.
ولم تكن ديمة تدري بأن هذا اللقاء هو الأخير بينها وبين من هوته نفسها.
لقد طلب منها أن تختفي من حياته إلى الأبد، ولا تعود للظهور أمامه مرة أخرى مهما كانت الأسباب.
لقد شعرت ديمة بالاشمئزاز منه، تركته وذهبت إلى حيث لا تدري لكن مهما كان فهو أفضل من البقاء معه بالنسبة لها.
لقد كان أسوء لقاء بينهما على الإطلاق، جرت نفسها وفي يدها تلك الورقة التي كتبت له فيها:
قلبي يحدثني بأنك متلفي..
روحي فداك عرفت أم لم تعرف..
لم أقضي حق هواك إن كنت الذي ..
لم أقضي فيه أسى ومثلي من يفي ..
لقد أتلف قلبها ومزقه كتلك الورقة، التي أصبحت بالية لا روح فيها ولا حياة، وقد انتهت بكلمة واحدة بعد أن كانت مليئة بفيض من المشاعر.
ولم تحاول ديمة بعد ذلك اللقاء أن تلتقي معه أو تظهر في حياته ابدا على الإطلاق، بل على العكس، كانت مصممة على أن لا تراه وهي في حالتها تلك.
لقد كانت مكسورة، وكأنها هوت من حافة جبل شاهق، إلى واد سحيق لا نهاية لها.
أصبحت رؤيتها للحياة سوداوية، وهي تغير طبعها وتقلب حالها أصبحت انسانة مزاجية ذات طبع حاد بأخلاق مكروهة، لا تحب أحد ولا تثق بأي أحد.
وقد كان زواجها من عاصم مجرد مصلحة لها، ولك تثبت لنفسها بأنها قادرة على إعجاب أشخاص مهمين وناجحين.
وهي تسعى لما تفعله الآن كي تعود له بعد أن تكون تغير ميزان القوى، فأصبحت هي صاحبة أموال وسيدة أعمال، لها ما تريد، وتأمر وتنهى في شؤون عملها.
كان حال عاصم يزداد سوء، دون أن تحسن يذكر على حالته، ميرا تراقب حاله بتوتر وخوف، لكن لا تستطيع فعل شيء عليها أن تنتظر بعض الوقت.
وفي تلك الاثناء، قامت بالاستعداد لأي طارء قد يحدث فجأة، ومرت ساعة، وربما أكثر وعاصم لا يزال مغشي عليه دون أي صد أو رد.
عندها تأكدت بأن أمر ما قد يحدث وعليها التحرك.بسرعة في حال فوات الاوان لن ينفع الندم.
عاودت الاتصال بطبيب، وأخبرته بمجريات ما حدث وأنا والدهم لم يحرك ساكن، قال الطبيب حينها سوف نرسل سيارة اسعاف على الفور.
وفي غضون دقائق وصلت السيارة، ميرا تنتظرهم عند الباب حينها سمعت ديمة تلك الضوضاء، طالعت من نافذة غرفتها وإذا بهم يضعون عاصم على نقالة المرضى ويرفعونه إلى السيارة.
نزلت مهرولة لترى حالها، ظنت بأنه قد مات وفارق الحياة بشكل نهائي.
بينما وصلت كانت ميرا قد ركبت في السيارة وغادروا، بسرعة البرق تبعتهم بسيارة زوجها إلى المستشفى كي ترى ما الذي حصل فهي لم تفهم أي شيء حتى الآن.
وفي المستشفى تم تقديم الإسعافات الضرورية مع مراعاة مرضه، ومن ثم وضع في غرفة تحت المراقبة.
قال الطبيب: حاله ليس الأفضل لكن يجب علينا أن نكون أكثر حذرا في الأوقات القادمة.
كانت ميرا غاضبة وقالت لديمة: هذا يكفي اخرجي من حياتنا، ألن تكفي عن افتعال المصائب حتى يموت أبي؟ هل هذا ما تريدين حدوثه؟
لم تجبه ديمة ابدا، بل ذهبت تنتظر زوجها حتى يستيقظ، وكان ذلك فعلاً بعد أن سرى الدواء في جسده بدا يستعيد عافيته ويتحسن حاله.
كانت ميرا لا تترك والدها، ولكنها تشتعل غضبا من وجود تلك المرأة التي كانت سبب في وصوله إلى هذا الحال.
وبعد أن استيقظ واستعاد وعيه بالكامل، قال : أين ديمة؟
اقتربت منه وقالت: انا هنا يا حبيبي.
فقال لها: انا آسف، لربما أساءت اليك اليوم.
ردت عليه وقالت: لا داعي أن تعتذر أنت زوجي ويحق لك ما لا يحق لغيرك.
وعندها دخل الطبيب يقول له: سيد عاصم كان من الواجب عليك الالتزام بالتعليمات اكثر، وأن تعتني بصحتك بشكل أفضل.
رد عليه وقال بصوت متعب: لن يتكرر هذا في الأيام القادمة.
قال الطبيب: اتمنى هذا من أجل سلامتك، وبالإضافة يجب علينا تجديد موعد الجرعة التي يجب عليك اخذها.
كتب الطبيب الموعد على ورقة واعطاها لبنته ميرا، وقال لهم: يجب أن يكون حاضراً بوعده المحدد.
قالت ديمة متدخلة: بالطبع سوف نحضر لن نتأخر أبدا بل على العكس، سوف اهتم بهذا الأمر بنفسي.
لم تلقي ميرا بالا، ولكن كانت مستغربة من تصرف والدها، بعد تلك المشادة التي حدثت صباحاً، كيف تغير الحال فجأة وبدون سابق إنذار؟
لم تكن لتشغل نفسها وما يعنيها الآن هو والدها وما يتوجب عليها فعله.
بعد أن تم كل شيء سمح لهم الطبيب بالمغادرة، على شريطة الحرص أكثر في المرات القادمة كي لا تكون العواقب وخيمة ولا تحمد عقباها.
خرج عاصم مع زوجته وابنته من المستشفى وقد تغير حاله بشكل كلي على ما يبدو .
في البيت تركت ميرا والدها وذهبت إلى غرفتها، فقال عاصم لزوجته: هل ما زلتي ترغبين بالذهاب إلى الشركة؟
قالت له: نعم بالطبع.
همهم ثم قال: جميل جداً لك ذلك، يمكنك الذهاب منذ الغد.
ثم صمت لبرهة وقبل أن تشق الفرحة طريقها إلى قلب ديمة قال لها: لكن يوجد شرط واحد.
سألته: وما هو؟
قال لها: أريد أن تقومي بالتوقيع على هذا الورقة، وأخرجها من الدرج، ووضعها أمامها تتأملها.
نظرت ديمة وهي تحرك عيناها فقط تقرأ تلك الشروط التي كتبت على الورقة دون أي عذر يذكر.
وقالت له: ما سبب هذه الآن؟
رد عليه وقال: بكل بساطة يا عزيزتي، انت تريدين عمل، وانا أريد أن اضمن حقوقي.
ابتلعت ديمة ريقها وقالت: لربما أنك نسيت بكونني زوجتك لا حاجة لكل هذا التعقيد والتكلف.
هز رأسه نافياً وقال: لا يا عزيزتي، زواجنا أمر أخر لا علاقة له بالعمل، كل منهما موضوع يختلف عن الاخر ولا علاقة لهما ببعض.
بعد أن وجد التململ في كلامها وأنها لا ترغب في التوقيع، قام بسحب الورقة من أمامها وقال: لستي مجبرة على التوقيع أصلا، يمكنك الرفض بسهولة يا حبيبتي.
ثم أضاف لكن في المقابل سوف تبقين في البيت، ولن يحق لك الذهاب إلى الشركة سوى من اجل الزيارة أو معي في أوقات عملي حين أكون.
فكرت ديمة مع نفسها لبرهة وهي تحدث نفسها، عن أي قرار هو الافضل في سبيل الاختيار.
لتجد أن الذهاب إلى الشركة سوف يحقق لها أفاق واسعة قد تجد من خلتلها حلول وتصل إلى ما تريد وتجد لربما من يساعدها.
أما البقاء في المنزل سيكون محدود بشكل كبير ولا يمكن لها أن تتحرك بحرية، وخيارتها محدودة وكل ما يحدث سوف يكون بعلم من ميرا ووالدها وهذا لا يناسبها ابدا.
لذا قالت له: سوف أوقع على أي ورقة تريدها، ولا أريد أن يبقى لديك أي شك أو ظن نحوي، فأنا لا املك شخص أهم منك في هذه الحياة، أنت حبي الأبدي الذي لا ينتهي.
أمسكت الورقة والقلم وقامت بالامضاء عليها، واعطتها إلى عاصم، وهنا بدت السعادة على وجهه، وكان قد استقر نفسياً لبعض الوقت.
ومن خلال هذا ضمن بظاهر الأمر أن لا تفعل ديمة ما يضره أو يؤذي ابنته قدر الإمكان.
وقام على الفور بمحادثة المحامي، وطلب منه الحضور حتى يتسلم تلك الورقة لتكون قانونية بشكل أو بأخر.
وهو يعد الأيام التي يعيشها لربما قد تكون الأخيرة، فهو لا يعلم متى ينتهي لأن المرض الذي يعشش في داخله خطير، وقد لا ينجو منه أبدا.
أما ميرا فكانت تعد قائمة بالاشياء التي ترغب أن تفعلها مع والدها ولم تستطيع إلى آلان فهي أيضاً تخشى رحيله لكنها تنكر هذا ولا تظهره ابدا..
يتبع .