الفصل السادس والعشرون حامل
نظرت بيلا إلى كارم وهي تشعر بالضيق الشديد:
-هل منار هنا؟
أومأ كارم لها وهو يبتعد عن الباب، اوشكت على الدخول وهي تحمل حقيبتها ولكن كارم قام بأخذها من يدها:
-يبدو أن الطريق كان مرهق كثيرًا بالنسبة لكِ يا بيلا أليس كذلك؟
اقتربت منار عندما سمعته ينطق باسمها وعلى الفور قامت بضمها:
-لقد اشتقت لكِ كثيرًا يا بيلا، اخبريني يا حبيبتي ما الذي حدث؟ هل أنتِ بخير؟!
وصل إليها صوت كارم في هذا الوقت وهو يجيبها بدلًا من بيلا:
-يبدو أنها تشاجرت مع زوجها وربما قام بتطليقها، اخبرتكِ يا منار هي لن تستطيع العيش في منزلهم، بالتأكيد شعرت بالكثير من الملل هناك.
نظرت منار له برجاء وهي لا تريد منه أن يتسبب في مضايقة إلى بيلا:
-لا تتحدثوا الآن، دعينا ندخل ونتحدث في الداخل هيا.
بالفعل دلفوا إلى غرفة منا وكانت بيلا تشعر بالكثير من الارهاق:
-إذا سمحتِ يا منار احضري لي كوب من الماء، لقد كانت المسافة طويلة، لا أعلم لماذا عانيت كثيرًا حتى أصل إلى هنا.
خرجت منار على الفور من الغرفة ورأت كارم يقف وهو يريد الدخول إلى بيلا، امسكت بذراعه وهي تتحدث إليه برجاء:
-لا تزعجها يا كارم، لقد ضاق بها كل شيء ومن الأكيد أنك تعرف أن عودتها إلى هنا ليست هينة على قلبها.
نظر كارم لها وقد شعر بالغضب الشديد من طريقة منار معه:
-لماذا تتحدثين بتلك الطريقة يا منار؟ أنا لم افعل شيء حتى تقولي هذا الكلام لي، توقفي عن التصرف بتلك الطريقة.
اومأت له وآخر شيء ترغب فيه هو شجار معه الآن، بالفعل ذهبت إلى المطبخ واحضرت الماء لتجده كما هو يقف ولم يحرك ساكنًا، قامت بإغلاق الباب من بعدها وأعطت بيلا المياه لتتفاجأ أنها شربتها كلها:
-لقد كنت أشعر بالعطش، شكرًا كثيرًا لكِ يا منار، أنا لا أعرف ما الذي كنت سأفعله لولاكِ، شكرّا لأنكِ في حياتي.
ابتسمت منار وهي تربت على يدها:
-اخبريني ما الذي حدث يا بيلا؟ ألم يكن كل شيء بخير؟ أتذكر أنكِ قولتِ لي أن بدر جيد ويعاملكِ بطريقة جيدة، حتى أنه كان أفضل من بدر بكثير!
اومأت بيلا لها وهي تحاول أن لا تبكي، لقد كرهت ضعفها كثيرًا في أيام مضت ولا يوجد لديها استعداد لتعيد الأمر:
-لقد كان زواجنا شكلي، أقصد أنه كان مجرد زواج على ورق، لكن تبدل كل شيء من بعدها لا أعرف كيف احببته بهذه الطريقة، لا أعرف كيف وثقت به؟ لقد كنت شخص ضعيف أمامه يا منار، شعرت أني سعيدة لأول مرة، لم أشعر بأي قلق أو خوف.
تساقطت دمعة تمردت على سيطرتها لتقوم بإزالتها على الفور وهي تتابع:
-لقد وجدت معه أمان لم أحظى به في حياتي كلها، لكنه كالمعتاد شخص مخادع، لم يفعل شيء مختلف عن أنس بل كان يغشني طوال الوقت، ربما رآني فتاة من السهل التلاعب بها كما قال أنس، ربما كان يراني فتاة رخيصة!
حركت منار رأسها بنفي ولم تكن تعلم أن شقيقها الذي يقف خلف الباب يستمع لكل شيء، قامت بضمها وهي تربت على شعرها:
-لا تحزني يا بيلا، أنتِ الفتاة الجيدة هنا وطبيعي الأشخاص الجيدين يحدث معهم الكثير من الأشياء السيئة، لا تفكري في أي شيء هو زوجكِ ومن الطبيعي أن تثقي به، أنا معكِ.
ابتعدت بيلا قليلًا وهي تنظر لها وقد ظهر الكثير من القلق على وجهها:
-أنا لا أريد المزيد من المشاكل مع بدر يا منار، هو سوف يعرف مكاني، يعرف أن لا مكان لي غير هنا، أريد الذهاب إلى شقة أخرى أو غرفة أختبأ بها حتى يرسل لي ورقة الطلاق.
اومأت منار لها بتفهم وهي تشعر بالكثير من الحيرة:
-لكن أين سوف نجد مكان غير هنا يا بيلا؟
تحدثت بيلا ببعض التردد:
-لقد فكرت جيدًا في هذا الأمر، أفكر في التحدث مع كارم، ربما يكون شخص جيد ويقوم بمساعدتنا.
اومأت منار لها وهي تعلم أن شقيقها لن يمانع، لكنها تخشى على بيلا منه، هي تعرف جيدًا أنه يرغب في الزواج بها منذ وقت طويل عندما كانوا خارج البلاد:
-معكِ حق، كارم قادر على تدبير هذا الأمر لنا.
ذهب كارم إلى غرفته في هذا الوقت، كان يشعر بالضيق الشديد من بيلا وطريقتها معه، لا يعلم كيف ذهبت إلى قرية أخرى وتزوجت منها ولم توافق على الزواج به وكأنها ترى الجميع أفضل منه!
كان الاختناق من نصيبه وهو لا يعلم ماذا يفعل حتى تميل له، لقد حاول مرارًا أن يتقرب منها ولكنها لا تعطيه الفرصة أبدًا!
تنهد وهو ينام على السرير ويفكر في الفترة لقادمة، إن بقيت أمامه سوف يكون أكثر الأشخاص معاناة في هذا العالم:
-لا أعلم ما الذي تنوي على فعله يا بيلا، لكنني أعلم جيدًا أن كل شيء سيء تفعليه يكون خارج عن ارادتكِ، لا تتعمدي أبدًا فعل أشياء سيئة.
ابتسم بخيبة أمل نالت منه:
-يبدو أن عشقي لها سيبقى عشق من طرف وحيد إلى الأبد.
في مكان آخر كان بدر على وشك الجنون، لم يتناول الطعام وقد كان يبحث عنها بمساعدة الحرس في القرية، كان يتمنى أن تكون ما زالت في القرية، اقتربت أسماء منه في هذا الوقت:
-لقد رحلت بإرادتها يا حبيبي، أفتح الظرف التي تركته لك ودعنا نرى ماذا به.
تذكر بدر الظرف ووقف حتى يأتي به من خزانه وهو يتمنى أن يدله على مكانها، لا يعلم كيف نسى أمر هذه الورقة؟ قام بفتحه وبدأ في القراءة ليجلس على السرير بعد أن فشلت قدميه على الصمود أكثر:
-عندما تقرأ هذه الورقة يا بدر سوف أكون بعيدة كل البعد عنك، ربما لن يعجبك هذا، لكن دعني أخبرك أنه في كثير من الأوقات يحدث أشياء لا تعجبنا، كالعادة نحن لسنا مخيرين بل يجب علينا تقبل الأمر وحسب، سوف أكون أكبر كاذبة إن قولت لك أني لست نادمة؛ لأني ببساطة أشد الأشخاص ندمًا.
ليتني لم ألتقي بك يا بدر، ليتني لم أحبك أبدًا، لقد فقدت الثقة في الجميع واجتمعت ثقتي بك و حدك، لكنك في الحقيقة لم تهتم وسحقتها أسفل حذائك، لقد سمعت حديثك مع أمل ليلة أمس، سمعت كيف كانت تقنعك بطردي ورتبت للأمر ومن بعدها أتيت تحاول اقناعي.
لا تعلم كم دعيت في هذا اليوم أن تغير رأيك ولا تأتي وتحاول التلاعب بي، لكن لم يحدث هذا، أنا بالنسبة لك فتاة دون كرامة، لكنني الآن أعدك سوف يتغير كل شيء، لن أكون هذه الفتاة الساذجة التي تعرفت عليها، انتهت بيلا القديمة ولم يعد يوجد شيء منها سوى الذكريات.
أعلم أنك ربما تبحث عني، لكنني لن أعود لك وإن انطبقت هذه السماء على الأرض، دعنا ننتهي من هذه اللعبة السخيفة، أنا لن أكون ضعيفة وأنت لن تكون استغلالي، سوف يصلني خبر عندما ترسل ورقة الطلاق الخاصة بي إلى منزل منار، إن كنت ترغب في فعل شيء من أجلي طلقني ووقتها ربما أسامحك.
كانت الكلمات باردة، سقطت على قلب بدر كالأشواك، لا يعلم أنها كتبت هذه الكلمات بدموعها، لا يعلم أنها مع كل كلمة كانت تشعر بتمزق قلبه، حاول أن يهدأ وهو يعلم أن كل شيء حدث هو خطأه، لم يكن عادل معها ولم يكن عادل مع زوجته.
لقد كان يظن أنه قادر على وزن الأمور ولكنه كان مخطأ، لقد فشل في تقدير كل شيء من حوله، اقتربت أسماء لتأخذ الورقة عندما سقطت من يده واستطاعت أن ترى حالته وكم هي سيئة، اجتمعت الدموع في عينيها وهي تحرك رأسها بحزن شديد:
-فتاة مسكينة، لكن ما ذنبي أنا لماذا لم تقم بتوديعي حتى؟
نظر بدر لها ولاحظ دموع والدته، لن يسأل كيف تعلقت والدته بها إلى هذا الحد؛ لأنه ببساطة يذوب فيها عشقًا، تحدث وقد اصابه الضيق الشديد:
-هي ليست بالسذاجة التي ستجعلها تذهب إلى منزل منار وتجلس مع شقيقها، مؤكد خططت للأمر جيدًا حتى لا أجدها.
حركت أسماء رأسها باستسلام:
-طلقها يا بدر، هي تحملت الكثير ويكفي ما حدث، هذه الفتاة في مقتبل عمرها، لقد عانت كثيرًا بسببنا، كنت أريدها أن تبقى معنا دائمًا، لقد اعتبرتها ابنتي عندما علمت أنها يتيمة، لكنها كانت أنانية مني، لم يكن من المفترض أن أجعلها تتزوج بك وأنت لديك زوجتك.
تحدث بدر برجاء وهو لا يستطيع تحمل ما يحدث، اصبحت الكلمات تشكل عبء شديد على قلبه:
-يكفي أرجوكِ يا أمي، لم أعد أحتمل المزيد من الكلمات والتوبيخ، أنا أريد تصفية ذهني حتى أفكر بهدوء ما الذي يمكنني أن أفعله.
مر شهر كامل وبيلا في شقة منار، كانت تشعر بالصدمة من عدم حضور بدر إلى هنا، حركت رأسها بعدم استيعاب:
-هل ما زلت متأملة فيه يا بيلا، أنتِ حقًا فتاة ساذجة وبعيدة كل البعد عن الواقعية.
كانت تستمر في توبيخها إلى نفسها، اقتربت منار في هذا الوقت وهي تتحدث إليها بحماس:
-لقد قومت بتحضير كعكة رائعة المذاق، سوف تنال اعجابكِ بالتأكيد يا بيلا، هيا تذوقيها واخبريني ماذا وجدتيها؟
حركت بيلا رأسها بنفي وقد شعرت أن معدتها ليست بخير:
-لا أظن أنني قادرة على تناول شيء الآن، سوف أكل منها في وقت آخر يا منار.
حركت منار رأسها بنفي وهي تحاول أن تخرجها من حالة البؤس التي دلفت إليها لتحولها من شخص مرح يحب الحياة إلى فتاة أخرى لا تريد فعل شيء:
-لا يا بيلا، عليكِ أن تتناولينها وهي ساخنة، أرجوكِ هيا أنا أريد معرفة رأيكِ، الساعة الآن الخامسة ونريد الجلوس معًا على راحتنا قبل مجيء كارم.
حركت بيلا رأسها بنفي وهي تشعر بالدوار:
-نحن نجلس هنا على راحتنا يا منار، ليس شرط تناول الطعام، لست في حالة جيدة.
قربت منار الكعكة من فمها بإصرار لتستسلم لها بيلا ولكن ما إن ابتلعتها حتى ركضت إلى الحمام وبدأت في الاستفراغ، شعرت منار بالقلق:
-ماذا بكِ يا بيلا؟ هل هي سيئة إلى هذا الحد؟!
غسلت بيلا وجهها وهي تحرك رأسها بنفي وتضع يدها على بطنها بألم:
-ليست سيئة يا منار، أنا لست بخير، أشعر بالدوار وبطني لا يمكنها تقبل شيء، لقد اخبرتكِ بهذا.
نظرت منار لها والقلق يسيطر عليها:
-أنا أسفة يا بيلا، ظننت أنكِ مكتئبة أو شيء كهذا، كنت أحاول أن أقوم بإخراجكِ من هذه الحالة وحسب، دعينا نجلس ربما تهدأ هذه الحالة.
سارت بيلا معها ولكنها لم تستطيع الوصول إلى الأريكة حيث ازداد الدوار وسقطت فاقدة للوعي، لم تعد تسمع أو تشعر بأي شيء من حولها،
فتحت عينيها لتجد نفسها في مكان مختلف كليًا عن منزل منار، اعتدلت على الفور ووجد يد كارم تمنعها من الوقوف:
-اهدئي يا بيلا، لا تخافي لم يحدث أي شيء، لقد كنتِ فاقدة للوعي وقومنا بنقلكِ إلى المستشفى، لا تقلقي، كل شيء بخير.
اقتربت منار منها لتمسك بيدها وهي تلاحظ القلق الشديد التي يظهر على وجهها:
-لا داعي للقلق يا بيلا أنا معكِ.
نظرت بيلا لها وهي تسألها بقلق:
-لماذا فقدت الوعي، ماذا قال الطبيب لكِ؟!
تبادلت منار النظرات مع كارم لتتحدث بقلق وهي تعلم أن هذا الخبر سوف يقوم بقلب الأمور رأس على عقب:
-أنتِ حامل يا بيلا.
-هل منار هنا؟
أومأ كارم لها وهو يبتعد عن الباب، اوشكت على الدخول وهي تحمل حقيبتها ولكن كارم قام بأخذها من يدها:
-يبدو أن الطريق كان مرهق كثيرًا بالنسبة لكِ يا بيلا أليس كذلك؟
اقتربت منار عندما سمعته ينطق باسمها وعلى الفور قامت بضمها:
-لقد اشتقت لكِ كثيرًا يا بيلا، اخبريني يا حبيبتي ما الذي حدث؟ هل أنتِ بخير؟!
وصل إليها صوت كارم في هذا الوقت وهو يجيبها بدلًا من بيلا:
-يبدو أنها تشاجرت مع زوجها وربما قام بتطليقها، اخبرتكِ يا منار هي لن تستطيع العيش في منزلهم، بالتأكيد شعرت بالكثير من الملل هناك.
نظرت منار له برجاء وهي لا تريد منه أن يتسبب في مضايقة إلى بيلا:
-لا تتحدثوا الآن، دعينا ندخل ونتحدث في الداخل هيا.
بالفعل دلفوا إلى غرفة منا وكانت بيلا تشعر بالكثير من الارهاق:
-إذا سمحتِ يا منار احضري لي كوب من الماء، لقد كانت المسافة طويلة، لا أعلم لماذا عانيت كثيرًا حتى أصل إلى هنا.
خرجت منار على الفور من الغرفة ورأت كارم يقف وهو يريد الدخول إلى بيلا، امسكت بذراعه وهي تتحدث إليه برجاء:
-لا تزعجها يا كارم، لقد ضاق بها كل شيء ومن الأكيد أنك تعرف أن عودتها إلى هنا ليست هينة على قلبها.
نظر كارم لها وقد شعر بالغضب الشديد من طريقة منار معه:
-لماذا تتحدثين بتلك الطريقة يا منار؟ أنا لم افعل شيء حتى تقولي هذا الكلام لي، توقفي عن التصرف بتلك الطريقة.
اومأت له وآخر شيء ترغب فيه هو شجار معه الآن، بالفعل ذهبت إلى المطبخ واحضرت الماء لتجده كما هو يقف ولم يحرك ساكنًا، قامت بإغلاق الباب من بعدها وأعطت بيلا المياه لتتفاجأ أنها شربتها كلها:
-لقد كنت أشعر بالعطش، شكرًا كثيرًا لكِ يا منار، أنا لا أعرف ما الذي كنت سأفعله لولاكِ، شكرّا لأنكِ في حياتي.
ابتسمت منار وهي تربت على يدها:
-اخبريني ما الذي حدث يا بيلا؟ ألم يكن كل شيء بخير؟ أتذكر أنكِ قولتِ لي أن بدر جيد ويعاملكِ بطريقة جيدة، حتى أنه كان أفضل من بدر بكثير!
اومأت بيلا لها وهي تحاول أن لا تبكي، لقد كرهت ضعفها كثيرًا في أيام مضت ولا يوجد لديها استعداد لتعيد الأمر:
-لقد كان زواجنا شكلي، أقصد أنه كان مجرد زواج على ورق، لكن تبدل كل شيء من بعدها لا أعرف كيف احببته بهذه الطريقة، لا أعرف كيف وثقت به؟ لقد كنت شخص ضعيف أمامه يا منار، شعرت أني سعيدة لأول مرة، لم أشعر بأي قلق أو خوف.
تساقطت دمعة تمردت على سيطرتها لتقوم بإزالتها على الفور وهي تتابع:
-لقد وجدت معه أمان لم أحظى به في حياتي كلها، لكنه كالمعتاد شخص مخادع، لم يفعل شيء مختلف عن أنس بل كان يغشني طوال الوقت، ربما رآني فتاة من السهل التلاعب بها كما قال أنس، ربما كان يراني فتاة رخيصة!
حركت منار رأسها بنفي ولم تكن تعلم أن شقيقها الذي يقف خلف الباب يستمع لكل شيء، قامت بضمها وهي تربت على شعرها:
-لا تحزني يا بيلا، أنتِ الفتاة الجيدة هنا وطبيعي الأشخاص الجيدين يحدث معهم الكثير من الأشياء السيئة، لا تفكري في أي شيء هو زوجكِ ومن الطبيعي أن تثقي به، أنا معكِ.
ابتعدت بيلا قليلًا وهي تنظر لها وقد ظهر الكثير من القلق على وجهها:
-أنا لا أريد المزيد من المشاكل مع بدر يا منار، هو سوف يعرف مكاني، يعرف أن لا مكان لي غير هنا، أريد الذهاب إلى شقة أخرى أو غرفة أختبأ بها حتى يرسل لي ورقة الطلاق.
اومأت منار لها بتفهم وهي تشعر بالكثير من الحيرة:
-لكن أين سوف نجد مكان غير هنا يا بيلا؟
تحدثت بيلا ببعض التردد:
-لقد فكرت جيدًا في هذا الأمر، أفكر في التحدث مع كارم، ربما يكون شخص جيد ويقوم بمساعدتنا.
اومأت منار لها وهي تعلم أن شقيقها لن يمانع، لكنها تخشى على بيلا منه، هي تعرف جيدًا أنه يرغب في الزواج بها منذ وقت طويل عندما كانوا خارج البلاد:
-معكِ حق، كارم قادر على تدبير هذا الأمر لنا.
ذهب كارم إلى غرفته في هذا الوقت، كان يشعر بالضيق الشديد من بيلا وطريقتها معه، لا يعلم كيف ذهبت إلى قرية أخرى وتزوجت منها ولم توافق على الزواج به وكأنها ترى الجميع أفضل منه!
كان الاختناق من نصيبه وهو لا يعلم ماذا يفعل حتى تميل له، لقد حاول مرارًا أن يتقرب منها ولكنها لا تعطيه الفرصة أبدًا!
تنهد وهو ينام على السرير ويفكر في الفترة لقادمة، إن بقيت أمامه سوف يكون أكثر الأشخاص معاناة في هذا العالم:
-لا أعلم ما الذي تنوي على فعله يا بيلا، لكنني أعلم جيدًا أن كل شيء سيء تفعليه يكون خارج عن ارادتكِ، لا تتعمدي أبدًا فعل أشياء سيئة.
ابتسم بخيبة أمل نالت منه:
-يبدو أن عشقي لها سيبقى عشق من طرف وحيد إلى الأبد.
في مكان آخر كان بدر على وشك الجنون، لم يتناول الطعام وقد كان يبحث عنها بمساعدة الحرس في القرية، كان يتمنى أن تكون ما زالت في القرية، اقتربت أسماء منه في هذا الوقت:
-لقد رحلت بإرادتها يا حبيبي، أفتح الظرف التي تركته لك ودعنا نرى ماذا به.
تذكر بدر الظرف ووقف حتى يأتي به من خزانه وهو يتمنى أن يدله على مكانها، لا يعلم كيف نسى أمر هذه الورقة؟ قام بفتحه وبدأ في القراءة ليجلس على السرير بعد أن فشلت قدميه على الصمود أكثر:
-عندما تقرأ هذه الورقة يا بدر سوف أكون بعيدة كل البعد عنك، ربما لن يعجبك هذا، لكن دعني أخبرك أنه في كثير من الأوقات يحدث أشياء لا تعجبنا، كالعادة نحن لسنا مخيرين بل يجب علينا تقبل الأمر وحسب، سوف أكون أكبر كاذبة إن قولت لك أني لست نادمة؛ لأني ببساطة أشد الأشخاص ندمًا.
ليتني لم ألتقي بك يا بدر، ليتني لم أحبك أبدًا، لقد فقدت الثقة في الجميع واجتمعت ثقتي بك و حدك، لكنك في الحقيقة لم تهتم وسحقتها أسفل حذائك، لقد سمعت حديثك مع أمل ليلة أمس، سمعت كيف كانت تقنعك بطردي ورتبت للأمر ومن بعدها أتيت تحاول اقناعي.
لا تعلم كم دعيت في هذا اليوم أن تغير رأيك ولا تأتي وتحاول التلاعب بي، لكن لم يحدث هذا، أنا بالنسبة لك فتاة دون كرامة، لكنني الآن أعدك سوف يتغير كل شيء، لن أكون هذه الفتاة الساذجة التي تعرفت عليها، انتهت بيلا القديمة ولم يعد يوجد شيء منها سوى الذكريات.
أعلم أنك ربما تبحث عني، لكنني لن أعود لك وإن انطبقت هذه السماء على الأرض، دعنا ننتهي من هذه اللعبة السخيفة، أنا لن أكون ضعيفة وأنت لن تكون استغلالي، سوف يصلني خبر عندما ترسل ورقة الطلاق الخاصة بي إلى منزل منار، إن كنت ترغب في فعل شيء من أجلي طلقني ووقتها ربما أسامحك.
كانت الكلمات باردة، سقطت على قلب بدر كالأشواك، لا يعلم أنها كتبت هذه الكلمات بدموعها، لا يعلم أنها مع كل كلمة كانت تشعر بتمزق قلبه، حاول أن يهدأ وهو يعلم أن كل شيء حدث هو خطأه، لم يكن عادل معها ولم يكن عادل مع زوجته.
لقد كان يظن أنه قادر على وزن الأمور ولكنه كان مخطأ، لقد فشل في تقدير كل شيء من حوله، اقتربت أسماء لتأخذ الورقة عندما سقطت من يده واستطاعت أن ترى حالته وكم هي سيئة، اجتمعت الدموع في عينيها وهي تحرك رأسها بحزن شديد:
-فتاة مسكينة، لكن ما ذنبي أنا لماذا لم تقم بتوديعي حتى؟
نظر بدر لها ولاحظ دموع والدته، لن يسأل كيف تعلقت والدته بها إلى هذا الحد؛ لأنه ببساطة يذوب فيها عشقًا، تحدث وقد اصابه الضيق الشديد:
-هي ليست بالسذاجة التي ستجعلها تذهب إلى منزل منار وتجلس مع شقيقها، مؤكد خططت للأمر جيدًا حتى لا أجدها.
حركت أسماء رأسها باستسلام:
-طلقها يا بدر، هي تحملت الكثير ويكفي ما حدث، هذه الفتاة في مقتبل عمرها، لقد عانت كثيرًا بسببنا، كنت أريدها أن تبقى معنا دائمًا، لقد اعتبرتها ابنتي عندما علمت أنها يتيمة، لكنها كانت أنانية مني، لم يكن من المفترض أن أجعلها تتزوج بك وأنت لديك زوجتك.
تحدث بدر برجاء وهو لا يستطيع تحمل ما يحدث، اصبحت الكلمات تشكل عبء شديد على قلبه:
-يكفي أرجوكِ يا أمي، لم أعد أحتمل المزيد من الكلمات والتوبيخ، أنا أريد تصفية ذهني حتى أفكر بهدوء ما الذي يمكنني أن أفعله.
مر شهر كامل وبيلا في شقة منار، كانت تشعر بالصدمة من عدم حضور بدر إلى هنا، حركت رأسها بعدم استيعاب:
-هل ما زلت متأملة فيه يا بيلا، أنتِ حقًا فتاة ساذجة وبعيدة كل البعد عن الواقعية.
كانت تستمر في توبيخها إلى نفسها، اقتربت منار في هذا الوقت وهي تتحدث إليها بحماس:
-لقد قومت بتحضير كعكة رائعة المذاق، سوف تنال اعجابكِ بالتأكيد يا بيلا، هيا تذوقيها واخبريني ماذا وجدتيها؟
حركت بيلا رأسها بنفي وقد شعرت أن معدتها ليست بخير:
-لا أظن أنني قادرة على تناول شيء الآن، سوف أكل منها في وقت آخر يا منار.
حركت منار رأسها بنفي وهي تحاول أن تخرجها من حالة البؤس التي دلفت إليها لتحولها من شخص مرح يحب الحياة إلى فتاة أخرى لا تريد فعل شيء:
-لا يا بيلا، عليكِ أن تتناولينها وهي ساخنة، أرجوكِ هيا أنا أريد معرفة رأيكِ، الساعة الآن الخامسة ونريد الجلوس معًا على راحتنا قبل مجيء كارم.
حركت بيلا رأسها بنفي وهي تشعر بالدوار:
-نحن نجلس هنا على راحتنا يا منار، ليس شرط تناول الطعام، لست في حالة جيدة.
قربت منار الكعكة من فمها بإصرار لتستسلم لها بيلا ولكن ما إن ابتلعتها حتى ركضت إلى الحمام وبدأت في الاستفراغ، شعرت منار بالقلق:
-ماذا بكِ يا بيلا؟ هل هي سيئة إلى هذا الحد؟!
غسلت بيلا وجهها وهي تحرك رأسها بنفي وتضع يدها على بطنها بألم:
-ليست سيئة يا منار، أنا لست بخير، أشعر بالدوار وبطني لا يمكنها تقبل شيء، لقد اخبرتكِ بهذا.
نظرت منار لها والقلق يسيطر عليها:
-أنا أسفة يا بيلا، ظننت أنكِ مكتئبة أو شيء كهذا، كنت أحاول أن أقوم بإخراجكِ من هذه الحالة وحسب، دعينا نجلس ربما تهدأ هذه الحالة.
سارت بيلا معها ولكنها لم تستطيع الوصول إلى الأريكة حيث ازداد الدوار وسقطت فاقدة للوعي، لم تعد تسمع أو تشعر بأي شيء من حولها،
فتحت عينيها لتجد نفسها في مكان مختلف كليًا عن منزل منار، اعتدلت على الفور ووجد يد كارم تمنعها من الوقوف:
-اهدئي يا بيلا، لا تخافي لم يحدث أي شيء، لقد كنتِ فاقدة للوعي وقومنا بنقلكِ إلى المستشفى، لا تقلقي، كل شيء بخير.
اقتربت منار منها لتمسك بيدها وهي تلاحظ القلق الشديد التي يظهر على وجهها:
-لا داعي للقلق يا بيلا أنا معكِ.
نظرت بيلا لها وهي تسألها بقلق:
-لماذا فقدت الوعي، ماذا قال الطبيب لكِ؟!
تبادلت منار النظرات مع كارم لتتحدث بقلق وهي تعلم أن هذا الخبر سوف يقوم بقلب الأمور رأس على عقب:
-أنتِ حامل يا بيلا.