الفصل الرابع والعشرون يبتعد عنها
وقف بدر في مكانه وهو يراها تنظر له، كررت سؤالها والضيق يحتل كيانها بأكمله:
-أنا أتحدث إليك اخبرني ما الذي تفعله أنت هنا يا بدر؟!
اجابها وهو يشير لها على السرير:
-اجلسي حتى نستطيع التحدث بهدوء كباقي الأشخاص يا بيلا، هل هذا ممكن؟
حركت بيلا رأسها بنفي وهي تشعر بالضيق الشديد:
-أنا لم يعد لدي المزيد من الحديث يا بدر، أنا أشعر بالكثير من القهر، لا تستطيع أن تفهمني حتى، أخرج وصدقني عدم الحديث معك هو الأفضل لي.
نظر لها للحظات قبل أن يتحدث بصدق نبع من أعماق قلبه:
-أنا أحبكِ يا بيلا.
شعرت أن العالم بأكمله قد توقف في هذا الوقت، تتساءل هل سمعت ما يقوله بشكل صحيح أم خانتها أذنها وجعلها عقلها تتخيل أشياء أخرى؟ قررت سؤاله وقد خرج سؤالها مرتجفًا:
-ما الذي قولته أنت؟!
ابتسم وهو يشعر أن قلبه يزداد في النبض:
-أنا أحبكِ يا بيلا، صدقيني في حياتي لم أتخيل أنني سوف أقول هذه الجملة بهذا الكم من المشاعر.
شعرت أن قدميها لن تقوى على حملها، جلست على السرير فورًا وقد تحول وجهها للون الأحمر، حركت رأسها بعدم استيعاب:
-أنا لا أصدق هذا، أنت لا تكذب صحيح؟ أنت لم تكذب من أجل أنس كما قال لي يا بدر؟
ابتسم بدر وهو يحرك رأسه بنفي:
-لا أكذب ولن أفعل شيء كهذا يا بيلا، أنا بالفعل أحبكِ، نعم شعرت بعدم استقرار مشاعري لبعض الوقت، لكن في النهاية أنا أمامكِ الآن وأعترف أنني أحبكِ.
وضعت يدها على فمها وهي تشعر أن العالم بأكمله لا يسعها من فرط سعادتها، لم تفكر في شيء، لقد نسيت من هو، لقد نسيت أنه شخص متزوج وليس فقط الشخص الذي سقطت في حبه دون تفكير.
اقترب بدر ليجلس على ركبتيه أمامها ويمسك بيدها وهو يتأمل عينيها:
-سوف تكونين بخير يا بيلا، سوف يكون كل شيء بخير وأنا لن أتخلى عنكِ مهما حدث.
تساقطت دموعها وهي تبتسم، نظرت إلى يده بعدم استيعاب:
-أنت تتحدث بجدية يا بدر، في حياتي كلها أنا لم أتخيل أن أسمع هذه الجملة بهذا الصدق، لا أنكر أنني حلمت كثيرًا بهذه اللحظات، لكنها كانت أحلام وظننت أنها ستظل أحلام كما هي.
حرك بدر رأسه بنفي وهو يتأمل عسليتيها، اقترب منها ليهمس أمام وجهها:
-أنا في حياتي بأكملها لم أتخيل أن أتزوج بفتاة مثلكِ يا بيلا، تبدين جميلة حقًا، أنا أرغب في البقاء بالقرب منكِ دائمًا.
لاحظت أنفاسه المتسارعة التي تضرب وجهها، ارادت الابتعاد ولكنه وضع يد خلف رأسها ليثبت وجهها أمامه وهو يحرك رأسه بنفي هامسًا:
-لا تبتعدي يا بيلا، يكفي بعادكِ عني، لقد سأمت من كل شيء، لا يمكنني الابتعاد عنكِ، لقد كدت أجن عندما قولتِ أنكِ ربما تتزوجي بشخص آخر، لم أستطيع أن أنام يومها يا بيلا، لقد كان هذا الأمر صعب للغاية صدقيني.
ابتلعت بيلا ما بحلقها بصعوبة وهي تشعر بالكثير من القلق والاحراج في هذا الوقت لتغمض عينيها، شعرت بيديه تحاوطها لتفتح عينيها، حاولت دفعه عندما شعرت بيده التي تفتح سحاب الفستان، وقفت وهي تشعر بالكثير من القلق:
-هل ستبقى هنا؟ لن تخرج!
لاحظ نظراتها التائهة وعينيها التي تتلاشى النظر إلى عينيه، قام بإغلاق الباب من الداخل واقترب وهو يبتسم:
-انظري لي يا بيلا هل أنتِ خائفة أم تريدي مني الخروج وتريدي الابتعاد عني؟
نظرت له ومن ثم نظرت إلى الأسفل، اقترب ليقوم بضمها ويشعر بأنها تقوم بدفن وجهها به، رفعت نفسها لتقوم بضمه وتدفن وجهها في عنقه وكأنها كالمغيبة لا تتذكر أمر زواجه.
همست له ولا تريد منه الذهاب:
-لا تتركني مهما حدث يا بدر، أنا أحبك أكثر مما تحبني صدقني.
شعرت به يحملها ولكنها لم تقلق هذه المرة، ابتسم وهو يعلم أنها تحبه ولن تبتعد عنه مهما حدث من بعد الآن.
مر الوقت وكانت منار داخل غرفتها ولا تعلم أن بدر قد أتى إلى المنزل ويجلس مع بيلا في الغرفة الخاصة بها، هبطت إلى الأسفل وكانت أسماء تجلس مع بيري التي صعدت إلى الأعلى ووجدت الباب مغلق فخمنت أن بيلا قد ذهبت إلى النوم:
-ألم يعود بدر بعد؟
حركت أسماء رأسها بنفي:
-بالتأكيد لم يأتي إن لم يصعد ولم يدخل لي عندما كنت في المطبخ.
جلست أمل وهي تلاحظ أن وجودها غير مرحب به بينهم، حركت رأسها بعدم استيعاب عندما قارنت معاملتهم معها بمعاملتهم مع بيلا، كانت تتساءل ما الذي فعلته الفتاة لتستحق هذا الحب منهم؟!
مر الوقت وكانت بيلا نائمة على ذراع بدر، فتح عينيه وتأمل وجهها عن قرب وهو يبتسم، مرر يده على وجنتها لتفتح عينيها وما إن التقت عينيها به حتى قامت بإغلاقها، همس لها بعشق:
-أنتِ أجمل فتاة وقعت عينيّ عليها يا بيلا هل تعلمين هذا؟!
ابتسمت بيلا ليعتدل ويطبع قبلة على جبينها:
-لا أريد منكِ ان تفكري في أي شيء، سوف تكون الأمور على ما يرام، أنتِ تثقين بي أليس كذلك؟
اومأت له وهي لا تصدق أنه ببعض الكلمات قد استطاع أن يغير تفكيرها بالكامل، هل من الممكن أن يكون غضبها الشديد لأنها لم تكن تشعر بمشاعره تجاهها؟
مر أسبوع ولا يعرف أحد أن علاقته بها قد تبدلت بل بيلا أصبحت زوجته بالفعل، كان يراعي مشاعرها أمام الجميع ولا يبالغ في التعامل مع أمل، حتى أتى هذا اليوم التي طلبت أمل منه الذهاب معها إلى الشرفة ليتحدثوا، لم يكونوا يعلموا أن بيلا تجلس في شرفة غرفتها وسوف تستمع إلى كل شيء سيقولونه.
تعجب بدر من ملامح أمل الغاضبة:
-ما الأمر يا أمل ما الذي ترغبين في قوله؟
نظرت له لبعض الوقت قبل أن تسأله وهي تنظر إلى عينيه مباشرة، كأنها تخبره أن لا مجال للكذب:
-سوف تعطيني موعد محدد لانتهاء كل هذا يا بدر، الآن سوف تخبرني إلى متى سوف تبقى بيلا زوجتك وإلا متى سوف تبقى جالسة هنا، هي تتحدث معك وكأنك من حقها؟!
حرك بدر رأسه باستنكار:
-هل سنعود إلى هذا الحديث من جديد يا أمل، هل ترغبين في القائها خارج المنزل ولا مكان لتذهب إليه؟!
حركت بيلا رأسها بنفي، تحاول أن تبقى هادئة بقدر المستطاع وهي تتحدث إليه:
-أنا لم أقول هذا يا بدر، سوف نستأجر شقة لها ويمكنها أن تبقى فيها الوقت الذي تريده حتى يمكنك أن تكتبها باسمها يا بدر وسوق تكون ساعدتها كثيرًا، أنا على استعداد عمل مصروف شهري لها.
سألها بدر بجدية وهو لا يعجبه حديثها:
-ماذا لو لم يسير الأمر كما تخططي له أنتِ؟ ما الذي سوف يحدث إن قامت بعمل الكثير من المشاكل مع الأشخاص من حولها؟ هي سوف تكون في المنزل بمفردها يا أمل ما الذي سوف يحدث إن صعد لها رجال وقتها سوف يكون كل شيء في وجهنا نحن.
اجابته أمل باقتناع تام وهي تحاول أن تجعل نفسها تطمئن بأن أنس لا يحب بيلا كما قال لها أنس وكما يقول بدر من خلال تعامله معها:
-بما أنك لا تثق بها يا بدر اجعلنا نشتري لها شقة في مكان بعيد عن القرية هنا، وقتها نكون اخلينا مسؤوليتنا خذ القرار واخبرها به، حتى وقتها يمكنها أن تبقى على ذمتك إن أردت.
لاحظ بدر نظرات أمل المترقبة، لا يريد منها أن تتسبب في ازعاج بيلا وهو يعلم أن الغيرة قادرة على فعل أي شيء، قرر التحدث بالطريقة التي تنتظرها هي منه:
-سوف أطلقها يا أمل، لا يوجد داعي لبقائها على ذمتي، كل شيء بيني وبينها سوف ينتهي، أنا سوف أدبر لها الشقة وأقنعها بالرحيل بدون مشاكل لا تفكري في الأمر، سوف أذهب للتحدث معها.
كانت الصدمة من نصيب بيلا التي استمعت إلى كل شيء، بالفعل ترك أمل وهو يشعر بالكثير من الضيق، لكنه قرر التحدث مع بيلا بالفعل من أجل انتقالها من هذا المنزل إلى منزل آخر يمكنه أن يكون معها على راحته، هو لا يهمه أحد، أراد أن يكون مرتاح وتكون هي بخير ولا يفرق معه شيء آخر.
قام بفتح الباب ووجدها تقف أمام الشرفة وقد التفتت ما إن شعرت به، دلف ومن ثم قام بإغلاق الباب:
-ما الأمر لماذا تقفين هكذا يا حبيبتي؟
نظرت له وهي تتمنى أن يكون الشيء الذي قاله فقط ليجعل أمل تبتعد عن طريق وليس من أجل شيء آخر:
-لا يوجد شيء، كنت أفكر في الهبوط قليلًا ولكنني تراجعت، لم يناموا بعد لماذا أتيت في هذا الوقت عكس عادتك يا بدر؟
اقترب بدر ليجلس على السرير ويشير لها أن تقترب:
-تعالي اجلسي هنا لنتحدث، أنا أريد أن أقول شيء ما لكِ.
اقتربت وهي تتمنى أن يقص عليها الشيء الذي حدث بينه وبين أمل وأن يبرر موقفه، تتمنى أن يكون الشيء التي استمعت له خاطئ ولا يشعر به، لا يمكنها أن تتغاضى عن اهانته لها بتلك الطريقة واظهارها كفتاة رخيصة بلا كرامة.
انتظرت حديثه وبدأ هو بالفعل يتحدث ولم يلاحظ كيف تبدلت ملامحها وتبدل لون وجهها كما لو كان شاحب:
-لقد فكرت جيدًا يا بيلا، رأت أنه من الجيد أن تبقي بعيدة عن هذا المنزل، أنس لا يفضل وجودكِ وأمل ربما تضايقكِ.
صمت للحظات ليقوم بمسك يدها ومن ثم تابع حديثه بابتسامة اعتادت عليها منه:
-أنا أرغب في شراء شقة لكِ في مكان بعيد عن هنا، سوف يكون هذا أنسب حل يا حبيبتي وسوف تبتعدي عن كل هذا الضغط.
نظرت له وهي تعلم أنه ينفذ حديث أمل، هذه فكرتها وسوف يطلقها من بعدها بسهولة، اومأت له ليقترب ويقوم بتقبيل وجنتها:
-كنت أعرف أنكِ سوف تستمعي لي يا بيلا، أنا حقًا سعيد للغاية.
ابتلعت بيلا ما بحلقها وهي ترغب في البكاء بشدة، شعرت بيديه تحاوطها لتقف على الفور، تعجب من نفورها الشديد ولكنها تحدثت إليه بارتباك:
-أخرج الآن يا بدر، لا تنسى أن أمل مستيقظة وسوف تشعر بتغيبك، لا تبقى هنا لوقت اضافي.
أومأ لها باستسلام وبالفعل خرج من الغرفة لتسمح إلى نفسها بالبكاء، من جديد عادت الحياة تعاندها ومن جديد ازدادت حياتها سوءً، حركت رأسها بضيق شديد وهي تخبر نفسها أن عليها التصرف بعيدًا عنه هذه المرة، لم يكن الأمر سهل وكل ما يدور داخل عقلها هي فكرة استغلاله لها.
حزمت حقيبتها حتى تكون جاهزة عندما تنوي الرحيل، وجدت أن الحل الأمثل الهرب من هذا المنزل، ربما سوف تكون تائهة ولكنها تعلم ما الذي يمكنها أن تفعله، ليست المرة الأولى التي ستكون فيها بمفردها، لقد مرت الكثير من الأحداث عليها واستطاعت أن تتعلم الدرس جيدًا:
-لن أجعل مخطتك ينجح يا بدر، لن تأخذني إلى مكان آخر لتستغلني ومن بعدها تقوم بتطليقي، لا أريد الانهيار الآن، لا يمكنني هذا الآن وإلا ستزداد الأسئلة.
شعرت برأسها على وشك الانفجار من فرط الصداع وهي لا تعلم ما الذي يجب عليها أن تفعله، همست وهي تضع يدها على قلبها بارتباك شديد:
-سوف يكون كل شيء على ما يرام، سوف أخرج من هنا ولن ينفذ مخططه، لا يوجد وقت للانهيار يا بيلا عليكِ أن تتذكري هذا دائمًا، عليكِ أن تفكري في نفسكِ هذه المرة، هو لا يمكنه الاعتراف بعلاقتكم، هو يخاف بشدة على مشاعر أمل، يكفي كل شيء حدث، يكفي كل شيء تحملته إياكِ ان تتنازلي أكثر.
تذكرت ضعفها أمامه لتشعر بالبغض الشديد إلى نفسها، لقد كانت ترفض كل شيء يقوم به، كانت تنفر من فكرة اقترابه منها وهي لا يمكنها أن تتشارك مع واحدة زوجها، لقد جعلها تكره نفسها في كل شيء يقوم به، تساقطت دموعها لتقوم بمسحها على الفور وهي تحذر نفسها من البكاء.
أما في غرفة أمل كانت تحضر كل شيء لليلة رومانسية مع بدر، لا تعلم لماذا يسهر هذه الفترة بالخارج ولا يمكنها انتظاره بسبب انتظام نومها، يكفي أنه استمع إلى رغبتها هذه المرة في ذهاب بيلا من المنزل، سوف تعود حياتهم كما كانت من جديد.
دلف بدر إلى الغرفة لينظر لها بتعجب واقتربت هي بابتسامتها التي تدل على تحسن مزاجها كثيرًا، سألها بحيرة:
-قالت بيري أنكِ طلبتِ أن يتم صعود الطعام إلى هنا، لم تكن هذه عادتكِ، أم أنني مخطأ؟
حركت أمل رأسها بنفي وهي تحيط عنقه بدلال:
-لم تكن مخطأ يومًا يا حبيبي، لقد أردت التغيير، قولت نتناول الطعام هنا ونستطيع التحدث معًا، لم نجلس بمفردنا منذ أن أتيت إلى هنا سوى لدقائق وأنت بعيد عني للغاية يا بدر ألا تلاحظ هذا الشيء؟
ابتلع بدر ما بحلقه وهو لا يرغب في الجلوس هنا:
-دعينا نهبط أو نخرج لتناول الغداء معًا يا أمل، لا أريد البقاء هنا، في الحقيقة مللت من المنزل كثيرًا.
نظرت أمل له لبعض الوقت وهي ترى الفور ظاهر على وجهه، ابتعدت عنه وهي تحرك رأسها بعدم استيعاب:
-لا أفهمك يا بدر لا ترغب في البقاء معي!
حرك بدر رأسه بنفي وابتسم وهو يشعر بالتعجب الشديد من مشاعره:
-أنا لم أقصد هذا الشيء يا أمل أكيد، كل ما قولته دعينا نخرج معًا، سوف انتظركِ بالأسفل لا تتأخري، سوف أخبر بيري ان لا تصعد بالطعام.
هبط على الفور وهو لا يعلم ما الذي حدث له ليجعله يريد الابتعاد بتلك الطريقة، كان يلوم نفسه وهو يعلم كل العلم أن هذا الخطأ هو خطأه وحده.
تحدثت بيلا وهي تقترب منه:
-ماذا بك يا بدر؟ هل هناك ما يشغل عقلك بعد الشيء الذي قولته لي؟!
لاحظ ابتسامتها وتعجب من طريقتها معه هذه المرة:
-لا أفهمكِ! هل تريدي قول شيء؟
-أنا أتحدث إليك اخبرني ما الذي تفعله أنت هنا يا بدر؟!
اجابها وهو يشير لها على السرير:
-اجلسي حتى نستطيع التحدث بهدوء كباقي الأشخاص يا بيلا، هل هذا ممكن؟
حركت بيلا رأسها بنفي وهي تشعر بالضيق الشديد:
-أنا لم يعد لدي المزيد من الحديث يا بدر، أنا أشعر بالكثير من القهر، لا تستطيع أن تفهمني حتى، أخرج وصدقني عدم الحديث معك هو الأفضل لي.
نظر لها للحظات قبل أن يتحدث بصدق نبع من أعماق قلبه:
-أنا أحبكِ يا بيلا.
شعرت أن العالم بأكمله قد توقف في هذا الوقت، تتساءل هل سمعت ما يقوله بشكل صحيح أم خانتها أذنها وجعلها عقلها تتخيل أشياء أخرى؟ قررت سؤاله وقد خرج سؤالها مرتجفًا:
-ما الذي قولته أنت؟!
ابتسم وهو يشعر أن قلبه يزداد في النبض:
-أنا أحبكِ يا بيلا، صدقيني في حياتي لم أتخيل أنني سوف أقول هذه الجملة بهذا الكم من المشاعر.
شعرت أن قدميها لن تقوى على حملها، جلست على السرير فورًا وقد تحول وجهها للون الأحمر، حركت رأسها بعدم استيعاب:
-أنا لا أصدق هذا، أنت لا تكذب صحيح؟ أنت لم تكذب من أجل أنس كما قال لي يا بدر؟
ابتسم بدر وهو يحرك رأسه بنفي:
-لا أكذب ولن أفعل شيء كهذا يا بيلا، أنا بالفعل أحبكِ، نعم شعرت بعدم استقرار مشاعري لبعض الوقت، لكن في النهاية أنا أمامكِ الآن وأعترف أنني أحبكِ.
وضعت يدها على فمها وهي تشعر أن العالم بأكمله لا يسعها من فرط سعادتها، لم تفكر في شيء، لقد نسيت من هو، لقد نسيت أنه شخص متزوج وليس فقط الشخص الذي سقطت في حبه دون تفكير.
اقترب بدر ليجلس على ركبتيه أمامها ويمسك بيدها وهو يتأمل عينيها:
-سوف تكونين بخير يا بيلا، سوف يكون كل شيء بخير وأنا لن أتخلى عنكِ مهما حدث.
تساقطت دموعها وهي تبتسم، نظرت إلى يده بعدم استيعاب:
-أنت تتحدث بجدية يا بدر، في حياتي كلها أنا لم أتخيل أن أسمع هذه الجملة بهذا الصدق، لا أنكر أنني حلمت كثيرًا بهذه اللحظات، لكنها كانت أحلام وظننت أنها ستظل أحلام كما هي.
حرك بدر رأسه بنفي وهو يتأمل عسليتيها، اقترب منها ليهمس أمام وجهها:
-أنا في حياتي بأكملها لم أتخيل أن أتزوج بفتاة مثلكِ يا بيلا، تبدين جميلة حقًا، أنا أرغب في البقاء بالقرب منكِ دائمًا.
لاحظت أنفاسه المتسارعة التي تضرب وجهها، ارادت الابتعاد ولكنه وضع يد خلف رأسها ليثبت وجهها أمامه وهو يحرك رأسه بنفي هامسًا:
-لا تبتعدي يا بيلا، يكفي بعادكِ عني، لقد سأمت من كل شيء، لا يمكنني الابتعاد عنكِ، لقد كدت أجن عندما قولتِ أنكِ ربما تتزوجي بشخص آخر، لم أستطيع أن أنام يومها يا بيلا، لقد كان هذا الأمر صعب للغاية صدقيني.
ابتلعت بيلا ما بحلقها بصعوبة وهي تشعر بالكثير من القلق والاحراج في هذا الوقت لتغمض عينيها، شعرت بيديه تحاوطها لتفتح عينيها، حاولت دفعه عندما شعرت بيده التي تفتح سحاب الفستان، وقفت وهي تشعر بالكثير من القلق:
-هل ستبقى هنا؟ لن تخرج!
لاحظ نظراتها التائهة وعينيها التي تتلاشى النظر إلى عينيه، قام بإغلاق الباب من الداخل واقترب وهو يبتسم:
-انظري لي يا بيلا هل أنتِ خائفة أم تريدي مني الخروج وتريدي الابتعاد عني؟
نظرت له ومن ثم نظرت إلى الأسفل، اقترب ليقوم بضمها ويشعر بأنها تقوم بدفن وجهها به، رفعت نفسها لتقوم بضمه وتدفن وجهها في عنقه وكأنها كالمغيبة لا تتذكر أمر زواجه.
همست له ولا تريد منه الذهاب:
-لا تتركني مهما حدث يا بدر، أنا أحبك أكثر مما تحبني صدقني.
شعرت به يحملها ولكنها لم تقلق هذه المرة، ابتسم وهو يعلم أنها تحبه ولن تبتعد عنه مهما حدث من بعد الآن.
مر الوقت وكانت منار داخل غرفتها ولا تعلم أن بدر قد أتى إلى المنزل ويجلس مع بيلا في الغرفة الخاصة بها، هبطت إلى الأسفل وكانت أسماء تجلس مع بيري التي صعدت إلى الأعلى ووجدت الباب مغلق فخمنت أن بيلا قد ذهبت إلى النوم:
-ألم يعود بدر بعد؟
حركت أسماء رأسها بنفي:
-بالتأكيد لم يأتي إن لم يصعد ولم يدخل لي عندما كنت في المطبخ.
جلست أمل وهي تلاحظ أن وجودها غير مرحب به بينهم، حركت رأسها بعدم استيعاب عندما قارنت معاملتهم معها بمعاملتهم مع بيلا، كانت تتساءل ما الذي فعلته الفتاة لتستحق هذا الحب منهم؟!
مر الوقت وكانت بيلا نائمة على ذراع بدر، فتح عينيه وتأمل وجهها عن قرب وهو يبتسم، مرر يده على وجنتها لتفتح عينيها وما إن التقت عينيها به حتى قامت بإغلاقها، همس لها بعشق:
-أنتِ أجمل فتاة وقعت عينيّ عليها يا بيلا هل تعلمين هذا؟!
ابتسمت بيلا ليعتدل ويطبع قبلة على جبينها:
-لا أريد منكِ ان تفكري في أي شيء، سوف تكون الأمور على ما يرام، أنتِ تثقين بي أليس كذلك؟
اومأت له وهي لا تصدق أنه ببعض الكلمات قد استطاع أن يغير تفكيرها بالكامل، هل من الممكن أن يكون غضبها الشديد لأنها لم تكن تشعر بمشاعره تجاهها؟
مر أسبوع ولا يعرف أحد أن علاقته بها قد تبدلت بل بيلا أصبحت زوجته بالفعل، كان يراعي مشاعرها أمام الجميع ولا يبالغ في التعامل مع أمل، حتى أتى هذا اليوم التي طلبت أمل منه الذهاب معها إلى الشرفة ليتحدثوا، لم يكونوا يعلموا أن بيلا تجلس في شرفة غرفتها وسوف تستمع إلى كل شيء سيقولونه.
تعجب بدر من ملامح أمل الغاضبة:
-ما الأمر يا أمل ما الذي ترغبين في قوله؟
نظرت له لبعض الوقت قبل أن تسأله وهي تنظر إلى عينيه مباشرة، كأنها تخبره أن لا مجال للكذب:
-سوف تعطيني موعد محدد لانتهاء كل هذا يا بدر، الآن سوف تخبرني إلى متى سوف تبقى بيلا زوجتك وإلا متى سوف تبقى جالسة هنا، هي تتحدث معك وكأنك من حقها؟!
حرك بدر رأسه باستنكار:
-هل سنعود إلى هذا الحديث من جديد يا أمل، هل ترغبين في القائها خارج المنزل ولا مكان لتذهب إليه؟!
حركت بيلا رأسها بنفي، تحاول أن تبقى هادئة بقدر المستطاع وهي تتحدث إليه:
-أنا لم أقول هذا يا بدر، سوف نستأجر شقة لها ويمكنها أن تبقى فيها الوقت الذي تريده حتى يمكنك أن تكتبها باسمها يا بدر وسوق تكون ساعدتها كثيرًا، أنا على استعداد عمل مصروف شهري لها.
سألها بدر بجدية وهو لا يعجبه حديثها:
-ماذا لو لم يسير الأمر كما تخططي له أنتِ؟ ما الذي سوف يحدث إن قامت بعمل الكثير من المشاكل مع الأشخاص من حولها؟ هي سوف تكون في المنزل بمفردها يا أمل ما الذي سوف يحدث إن صعد لها رجال وقتها سوف يكون كل شيء في وجهنا نحن.
اجابته أمل باقتناع تام وهي تحاول أن تجعل نفسها تطمئن بأن أنس لا يحب بيلا كما قال لها أنس وكما يقول بدر من خلال تعامله معها:
-بما أنك لا تثق بها يا بدر اجعلنا نشتري لها شقة في مكان بعيد عن القرية هنا، وقتها نكون اخلينا مسؤوليتنا خذ القرار واخبرها به، حتى وقتها يمكنها أن تبقى على ذمتك إن أردت.
لاحظ بدر نظرات أمل المترقبة، لا يريد منها أن تتسبب في ازعاج بيلا وهو يعلم أن الغيرة قادرة على فعل أي شيء، قرر التحدث بالطريقة التي تنتظرها هي منه:
-سوف أطلقها يا أمل، لا يوجد داعي لبقائها على ذمتي، كل شيء بيني وبينها سوف ينتهي، أنا سوف أدبر لها الشقة وأقنعها بالرحيل بدون مشاكل لا تفكري في الأمر، سوف أذهب للتحدث معها.
كانت الصدمة من نصيب بيلا التي استمعت إلى كل شيء، بالفعل ترك أمل وهو يشعر بالكثير من الضيق، لكنه قرر التحدث مع بيلا بالفعل من أجل انتقالها من هذا المنزل إلى منزل آخر يمكنه أن يكون معها على راحته، هو لا يهمه أحد، أراد أن يكون مرتاح وتكون هي بخير ولا يفرق معه شيء آخر.
قام بفتح الباب ووجدها تقف أمام الشرفة وقد التفتت ما إن شعرت به، دلف ومن ثم قام بإغلاق الباب:
-ما الأمر لماذا تقفين هكذا يا حبيبتي؟
نظرت له وهي تتمنى أن يكون الشيء الذي قاله فقط ليجعل أمل تبتعد عن طريق وليس من أجل شيء آخر:
-لا يوجد شيء، كنت أفكر في الهبوط قليلًا ولكنني تراجعت، لم يناموا بعد لماذا أتيت في هذا الوقت عكس عادتك يا بدر؟
اقترب بدر ليجلس على السرير ويشير لها أن تقترب:
-تعالي اجلسي هنا لنتحدث، أنا أريد أن أقول شيء ما لكِ.
اقتربت وهي تتمنى أن يقص عليها الشيء الذي حدث بينه وبين أمل وأن يبرر موقفه، تتمنى أن يكون الشيء التي استمعت له خاطئ ولا يشعر به، لا يمكنها أن تتغاضى عن اهانته لها بتلك الطريقة واظهارها كفتاة رخيصة بلا كرامة.
انتظرت حديثه وبدأ هو بالفعل يتحدث ولم يلاحظ كيف تبدلت ملامحها وتبدل لون وجهها كما لو كان شاحب:
-لقد فكرت جيدًا يا بيلا، رأت أنه من الجيد أن تبقي بعيدة عن هذا المنزل، أنس لا يفضل وجودكِ وأمل ربما تضايقكِ.
صمت للحظات ليقوم بمسك يدها ومن ثم تابع حديثه بابتسامة اعتادت عليها منه:
-أنا أرغب في شراء شقة لكِ في مكان بعيد عن هنا، سوف يكون هذا أنسب حل يا حبيبتي وسوف تبتعدي عن كل هذا الضغط.
نظرت له وهي تعلم أنه ينفذ حديث أمل، هذه فكرتها وسوف يطلقها من بعدها بسهولة، اومأت له ليقترب ويقوم بتقبيل وجنتها:
-كنت أعرف أنكِ سوف تستمعي لي يا بيلا، أنا حقًا سعيد للغاية.
ابتلعت بيلا ما بحلقها وهي ترغب في البكاء بشدة، شعرت بيديه تحاوطها لتقف على الفور، تعجب من نفورها الشديد ولكنها تحدثت إليه بارتباك:
-أخرج الآن يا بدر، لا تنسى أن أمل مستيقظة وسوف تشعر بتغيبك، لا تبقى هنا لوقت اضافي.
أومأ لها باستسلام وبالفعل خرج من الغرفة لتسمح إلى نفسها بالبكاء، من جديد عادت الحياة تعاندها ومن جديد ازدادت حياتها سوءً، حركت رأسها بضيق شديد وهي تخبر نفسها أن عليها التصرف بعيدًا عنه هذه المرة، لم يكن الأمر سهل وكل ما يدور داخل عقلها هي فكرة استغلاله لها.
حزمت حقيبتها حتى تكون جاهزة عندما تنوي الرحيل، وجدت أن الحل الأمثل الهرب من هذا المنزل، ربما سوف تكون تائهة ولكنها تعلم ما الذي يمكنها أن تفعله، ليست المرة الأولى التي ستكون فيها بمفردها، لقد مرت الكثير من الأحداث عليها واستطاعت أن تتعلم الدرس جيدًا:
-لن أجعل مخطتك ينجح يا بدر، لن تأخذني إلى مكان آخر لتستغلني ومن بعدها تقوم بتطليقي، لا أريد الانهيار الآن، لا يمكنني هذا الآن وإلا ستزداد الأسئلة.
شعرت برأسها على وشك الانفجار من فرط الصداع وهي لا تعلم ما الذي يجب عليها أن تفعله، همست وهي تضع يدها على قلبها بارتباك شديد:
-سوف يكون كل شيء على ما يرام، سوف أخرج من هنا ولن ينفذ مخططه، لا يوجد وقت للانهيار يا بيلا عليكِ أن تتذكري هذا دائمًا، عليكِ أن تفكري في نفسكِ هذه المرة، هو لا يمكنه الاعتراف بعلاقتكم، هو يخاف بشدة على مشاعر أمل، يكفي كل شيء حدث، يكفي كل شيء تحملته إياكِ ان تتنازلي أكثر.
تذكرت ضعفها أمامه لتشعر بالبغض الشديد إلى نفسها، لقد كانت ترفض كل شيء يقوم به، كانت تنفر من فكرة اقترابه منها وهي لا يمكنها أن تتشارك مع واحدة زوجها، لقد جعلها تكره نفسها في كل شيء يقوم به، تساقطت دموعها لتقوم بمسحها على الفور وهي تحذر نفسها من البكاء.
أما في غرفة أمل كانت تحضر كل شيء لليلة رومانسية مع بدر، لا تعلم لماذا يسهر هذه الفترة بالخارج ولا يمكنها انتظاره بسبب انتظام نومها، يكفي أنه استمع إلى رغبتها هذه المرة في ذهاب بيلا من المنزل، سوف تعود حياتهم كما كانت من جديد.
دلف بدر إلى الغرفة لينظر لها بتعجب واقتربت هي بابتسامتها التي تدل على تحسن مزاجها كثيرًا، سألها بحيرة:
-قالت بيري أنكِ طلبتِ أن يتم صعود الطعام إلى هنا، لم تكن هذه عادتكِ، أم أنني مخطأ؟
حركت أمل رأسها بنفي وهي تحيط عنقه بدلال:
-لم تكن مخطأ يومًا يا حبيبي، لقد أردت التغيير، قولت نتناول الطعام هنا ونستطيع التحدث معًا، لم نجلس بمفردنا منذ أن أتيت إلى هنا سوى لدقائق وأنت بعيد عني للغاية يا بدر ألا تلاحظ هذا الشيء؟
ابتلع بدر ما بحلقه وهو لا يرغب في الجلوس هنا:
-دعينا نهبط أو نخرج لتناول الغداء معًا يا أمل، لا أريد البقاء هنا، في الحقيقة مللت من المنزل كثيرًا.
نظرت أمل له لبعض الوقت وهي ترى الفور ظاهر على وجهه، ابتعدت عنه وهي تحرك رأسها بعدم استيعاب:
-لا أفهمك يا بدر لا ترغب في البقاء معي!
حرك بدر رأسه بنفي وابتسم وهو يشعر بالتعجب الشديد من مشاعره:
-أنا لم أقصد هذا الشيء يا أمل أكيد، كل ما قولته دعينا نخرج معًا، سوف انتظركِ بالأسفل لا تتأخري، سوف أخبر بيري ان لا تصعد بالطعام.
هبط على الفور وهو لا يعلم ما الذي حدث له ليجعله يريد الابتعاد بتلك الطريقة، كان يلوم نفسه وهو يعلم كل العلم أن هذا الخطأ هو خطأه وحده.
تحدثت بيلا وهي تقترب منه:
-ماذا بك يا بدر؟ هل هناك ما يشغل عقلك بعد الشيء الذي قولته لي؟!
لاحظ ابتسامتها وتعجب من طريقتها معه هذه المرة:
-لا أفهمكِ! هل تريدي قول شيء؟